< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/07/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة67؛ المطلب الثالث: الاستغناء المئونة التي تبقی عینه

 

المطلب الثالث: الاستغناء عن المؤونة التي تبقى عينها

النظریة الأولی: عدم وجوب الخمس

ذهب إلی القول بعدم وجوب الخمس مطلقا من دون أیّ تفصیل، بعض الأعلام مثل السید أبو الحسن الإصفهاني، المحقق الآملي، المحقق السيد محمود الحسيني الشاهرودي[1] ، و المحقق الخوئي، المحقق الگلپایگاني، و صاحب المباني، و المحقق التبریزي و بعض الأساطين.

قال السید أبوالحسن الإصفهاني: لكنّ‌ الأقوى عدم الوجوب فيها [في المؤونة التي استغني عنها] وفي حِليّ‌ النسوان.[2]

و قال بمثل عبارته السيد الگلپایگاني[3] .

و قال المحقق الخوئي في المنهاج: إذا زاد ما اشتراه للمؤونة من الحنطة، و الشعير، و السمن، و السكر، و غيرها وجب عليه إخراج خمسه، أما المؤن التي يحتاج إليها - مع بقاء عينها - إذا استغنى عنها فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها، سواء كان الاستغناء عنها بعد السنة، كما في حلي النساء الذي يُستغنى عنه في عصر الشيب، أم كان الاستغناء عنها في أثناء السنة، بلا فرق بين ما كانت مما يتعارف إعدادها للسنين الآتية، كالثياب الصيفية و الشتائية عند انتهاء الصيف أو الشتاء في أثناء السنة، و ما لم تكن كذلك.[4] و كذلك في رسالته الفارسية.[5]

ومثله المحقق التبریزي[6] و بعض الأساطين[7] ، و الشيخ السبحاني[8] ، و السيد محمود الهاشمي الشاهرودي[9] .

الدليل الأوّل: عدم صدق الغنم لعدم حدوث فائدة جدیدة بعد الاستغناء

قال المحقق الخوئي: انّ‌ موضوع الخمس و هو الفائدة و الغنيمة بالمعنى الأعمّ‌ ظاهر في الحدوث، بل لا بقاء لها و إنّما الباقي المال. و أمّا الإفادة فهي أمر حادث تقع في كلّ‌ ربح مرّة واحدة من غير تكرّر. فإذا بقيت العين بعد السنة و خرجت عن الحاجة و المؤنيّة كالحليّ‌ للنسوان أو بعض الكتب لأهل العلم فليست هناك إفادة جديدة و لم تحدث فائدة ثانية ليتعلّق بها الخمس، فحينما حدثت الإفادة لم يجب الخمس على الفرض، لأنّها كانت آن ذاك من المؤونة و لا خمس إلّا بعد المؤونة، و بعد زوال الحاجة و الخروج عن المؤونيّة لم تتحقّق فائدة ثانية ليتعلّق بها الخمس.[10]

الدليل الثاني: ظهور دلیل استثناء المؤونة في التخصیص الأفرادي

هنا بیانان للمحقق الحکیم و المحقق الخوئي:

أما البیان الأول:

قال المحقق الحکیم: إنّها [أي المؤونة التي استغني عنها] كانت من مؤونة السنة، و بعد خروجها عن أدلة وجوب الخمس لا دليل على دخولها فيها ... [و] دليل استثناء المؤونة ظاهر في استثنائها مطلقاً، لا ما دام كونها مؤونة فلاحظ قولهم(: «الخمس بعد المؤونة» فإنّه ظاهر في تخصيص عموم دليل الخمس الأفرادي، لا مقيد لإطلاقه الأحوالي. فإذا كان الشيء مؤونة كان مستثنىً من الدليل، و مقتضى إطلاقه نفي الخمس فيه و لو خرج عن كونه مؤونة السنة.[11]

توضیح کلام المحقق الحکیم: إنّ دلیل وجوب الخمس له عموم أفرادي و إطلاق أحوالي، و معنی الإطلاق الأحوالي هو أنّه یجب الخمس في کلّ فائدةٍ، سواء حال کونها مؤونةً أو حال عدم کونها مؤونة.

ثمّ إنّ دلیل استثناء المؤونة لیس مقیّداً للإطلاق الأحوالي لدلیل وجوب الخمس، بل مخصّصٌ لعمومه الأفرادي.

فإذا قلنا بأنّ دلیل استثناء المؤونة یقیّد الإطلاق الأحوالي لدلیل وجوب الخمس فینتج ذلک استثناءها فقط حال کونها مؤونةً، فإذا خرجت عن المؤونیة فیجب فیها الخمس.

و أما إذا قلنا بأنّه مخصّصٌ للعموم الأفرادي لدلیل وجوب الخمس في کلّ فائدةٍ فبعد خروج الفائدة عن المؤونیة فلا تدخل في نطاق دلیل وجوب الخمس.

أما البیان الثاني:

إنّه أشار إلی تقسیم التخصیص بالأزماني و الأفرادي و زاد علی ما أفاده المحقق الحکیم تفصیلاً في التخصیص الأزماني بین فرضین:

الصورة الأولی: التخصیص الأزماني

و فیه فرضان:

الفرض الأول: إذا کان الزمان ملحوظاً فيه بنحو المفردیة فیجب الخمس في المؤونة التي خرجت عن المؤونیة.

الفرض الثانی: إذا کان الزمان ملحوظاً بنحو الظرفیة فلا یجب الخمس فیها.

الصورة الثانیة: التخصیص الأفرادي

فعلیه إذا خرجت الفائدة عن عموم وجوب الخمس لکونها مؤونةً ثم استغني عنها، فلا تدخل في العام بعد خروجها عنه، فتجري حینئذٍ البرائة عن وجوب الخمس.

قال المحقق الخوئي: إنّا قد ذكرنا في محلّه في الأُصول[12] :

[التخصیص الأزماني:] أنّه إذا كان هناك عامّ أو مطلق و قد ورد عليه مخصّص زماني:

(1) فإن كان الزمان ملحوظاً فيه بنحو المفرديّة بحيث كان له عموم أو إطلاق أزماني و أفرادي فلوحظ كلّ زمان فرداً مستقلاً للعامّ في قبال الزمان الآخر كان المرجع فيما عدا المقدار المتيقّن من التخصيص هو عموم العامّ حتى إذا كان استصحاب المخصّص جارياً في نفسه مع أنّه لا يجري، لتعدّد الموضوع لتقدّم الأصل اللفظي أعني: أصالة العموم أو الإطلاق على الاستصحاب الذي هو أصل عملي.

(2) و إن كان ملحوظاً ظرفاً لا قيداً فكان الثابت على كلّ فرد من العامّ حكماً واحداً مستمرّاً لا أحكاماً عديدة انحلاليّة، فلا مجال حينئذٍ للتمسّك بالعامّ حتى إذا لم يكن الاستصحاب جارياً في نفسه، إذ لم يلزم من استدامة الخروج تخصيصٌ آخر زائداً على ما ثبت أوّلًا، و لا دليل على دخول الفرد بعد خروجه عن العامّ، بل مقتضى الأصل البراءة عنه.

و لكن هذا كلّه مخصوص بما إذا كان التخصيص أزمانيّاً بأن تكفّل دليل المخصّص للإخراج في زمان خاصّ.

[التخصیص الأفرادي:] و أمّا إذا كان أفراديّاً بأن أخرج فرداً عرضيّاً من أفراد العامّ، كخروج زيد عن عموم وجوب إكرام العلماء، فلا يجري فيه حينئذٍ ذاك الكلام، فإنّه خارج عن موضوع ذلك البحث، فإذا خرج زيد و لو في زمان واحد يؤخذ بإطلاق دليل المخصّص المقدّم على عموم العامّ، لعدم كون زيد فردين للعامّ كما لا يخفى. فسواء أ كان الزمان مفرداً أم لا، لا مجال للتمسّك فيه بأصالة العموم، بل المرجع أصالة البراءة عن تعلّق الحكم به ثانياً.

و عليه، فنقول: المستفاد من قوله: «الخمس بعد المؤونة » الذي هو بمثابة المخصّص لعموم ما دلّ على وجوب الخمس في كلّ غنيمة و فائدة من الكتاب و السنّة أنّ هذا الفرد من الربح و هو ما يحتاج إليه خلال السنة المعبّر عنه بالمؤونة خارجٌ عن عموم الدليل، و الظاهر منه أنّ الخروج لم يكن بلحاظ الزمان، بل هو متعلّق بنفس هذا الفرد من الربح بالذات كما عرفت، فهو من قبيل التخصيص الأفرادي لا الأزماني.

كما أنّه لم يكن مقيّداً بعدم كونه مؤونة في السنة الآتية و لا بعدم الاستغناء عنه في السنين القادمة فيشمل كلّ ذلك بمقتضى الإطلاق. فهذا الفرد بعد خروجه لم يكن مشمولًا لإطلاقات الخمس فيحتاج شمولها له ثانياً إلى الدليل و مقتضى‌الأصل البراءة، فلا موجب للاحتياط إلّا استحباباً.

و مع التنازل عن هذا البيان و تسليم كون الخروج بلحاظ الزمان فلا ينبغي التأمّل في عدم مفرديّة الزمان في عموم الخمس المتعلّق بالأرباح ليلزم الانحلال، بل هو ظرف محض، فلكلّ فرد من الربح حكم وحداني مستمرّ من الخمس تكليفاً و وضعاً، فإذا سقط الحكم عن فرد في زمان بدليل التخصيص احتاج عوده إلى دليل آخر، بعد وضوح أنّ أصالة العموم لا تقتضيه، لعدم استلزام التخصيص الزائد.

و بالجملة: فعلى التقديرين أي سواء أ كان التخصيص فرديّاً كما هو الظاهر أم زمانيّاً لم يجب الخمس بعد الاستغناء، إذ الموجب له كونه غنيمة، و المفروض أنّ هذا الفرد حال كونه غنيمة لم يجب خمسه، لكونه من المؤونة، فعروض الوجوب ثانياً و خروج الخمس عن الملك يحتاج إلى الدليل، و لا دليل.

بل المرجع حينئذٍ إطلاق دليل المخصّص أو استصحابه لا عموم العامّ، و تكفينا أصالة البراءة عن وجوب الخمس ثانياً، بعد وضوح عدم كون المؤونة في السنة اللّاحقة أو بعد الاستغناء مصداقاً جديداً للربح ليشمله عموم وجوب الخمس في كلّ فائدة.[13]

 


[1] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص148.
[5] و قال في رسالته الفارسية: اگر از منفعت كسب پيش از دادن خمس اثاثيه‌اى براى منزل بخرد، هر وقت احتياجش از آن برطرف شد، احتياط مستحب آن است كه خمس آن را بدهد. و همچنين است زيورآلات زنانه، درصورتى كه وقت زينت كردن زن با آنها گذشته باشد. توضيح المسائل، ص306، م1790.
[8] توضيح المسائل، ص346، م1477.
[9] منهاج الصالحين (الهاشمي الشاهرودي.)، ج1، ص362، م1223، توضيح المسائل، ص378، م1790
[10] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج25، ص255..؛ و راجع تعالیق مبسوطة، ج7، ص153-154؛ و الخمس في الشریعة الإسلامیة الغراء، ص342

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo