< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة67؛ المطلب الثالث؛ النظریة الثالثة

 

النظرية الثالثة: وجوب الخمس

و قال صاحب الجواهر في نجاة العباد: ... لو فرض الاستغناء على وجه لا يكون من المؤن فالأحوط إن لم يكن اقوى اخراج الخمس منها و اللّه العالم.[1]

و به قال بعض معلقي العروة مثل الشيخ علي الجواهري[2] و صاحب فقه الصادق.[3]

قال صاحب فقه الصادق في المنهاج: إذا زاد ما اشتراه للمؤونة من الحنطة والشعير والسَمن والسكر وغيرها وجب عليه اخراج خمسه، أما المؤن التي احتاج اليها - مع بقاء عينها - إذا استغنى عنها، فإن خرجت بالاستغناء عن المؤونة عرفاً وجب فيها الخمس، وإن لم تخرج عن المؤونة عرفاً فلا يجب فيها الخمس، سواء كان الاستغناء عنها بعد السنة كما في حلي النساء الذي يستغنى عنه في عصر الشيب أم كان الاستغناء عنها في أثناء السنة بلا فرق بين ما كانت مما يتعارف اعدادها للسنين الآتية كالثياب الصيفية والشتائية عند انتهاء الصيف أو الشتاء في أثناء السنة وما لم تكن كذلك.[4]

الدليل على هذه النظرية:

إن السید عبد الأعلی السبزواري ذکر هنا وجها لوجوب الخمس و إن لم یکن قائلا بوجوبه مطلقا بل ذکر تفصیلا نذکره آنفاً و إﻟﻴﻚ نص عبارته في هذا الوجه قال: استثناء المؤونة يحتمل وجوها:

الأول: أن يكون عنوان المؤونة من مجرّد الحكمة، فيكفي انطباق وجود المؤونة و لو آناًمّا [في] لابدية الاستثناء.

الثاني: أن يكون من العلة التامة فيدور الاستثناء مدار الانطباق حدوثا و بقاء.

الثالث: الشك في أنّه حكمة أو علّة‌؟

فعلى الأول لا أثر للاستغناء في تعلق الخمس، لأنّ‌ انطباق عنوان المؤونة عليه و لو في زمان يسير يخرجها عن أدلة وجوب الخمس أبداً،

و على الثاني يجب الخمس بعد الاستغناء، لأنّ‌ انطباق المؤونة علة للاستثناء حدوثاً و بقاءً.

و كذا على الأخير أيضاً، لأنّ‌ إجمال المخصص و تردده بين الأقلّ‌ و الأكثر لا يضرّ بحجية العام، فالمرجع حينئذ الأدلة الدالة على وجوب الخمس في الفوائد و الأرباح، لأنّ‌ عدم إحراز كون المؤونة من قبيل الحكمة يكفي في وجوب الخمس فيما إذا استغنى عن شيء في مئونته.[5]

ملاحظاتنا علی الاستدلال:

الملاحظة الأولی:

إنّ ما أفاده في الوجه الأول من «أن يكون عنوان المؤونة من مجرّد الحكمة» لیس کما ینبغي، فإنّ الحکمة هي جزء العلّة فإذا انتفی جزء العلة فبطبیعة الحال تنتفي العلة التامة، فلا فرق بین الحکمة و العلة التامة في الأثر.

الملاحظة الثانیة:

لابد هنا من التفریق بین الحکمة و العلة التامة حدوثاً و بین الحکمة و العلة التامة حدوثاً و بقاءً.

و توضیح ذلك: إنّ استدلاله إنّما یتمّ في ما لو قال إنّ صدق عنوان المؤونة على الفائدة مردّد بین وجهین -بالنسبة إلى دلیل استثنائها عن وجوب الخمس في الفوائد-فهي:

إمّا علةٌ حدوثاً بمعنی أنّ صدق المؤونة حدوثاً علةٌ لاستثنائها عن الحکم دائماً فلا خمس فيها و إن استغني عنها.

و إمّا علةٌ حدوثاً و بقاءً بمعنی أنّ صدق المؤونة حدوثاً و بقاءً علةٌ لاستثنائها عن الحکم بوجوب الخمس في فرض بقاء عنوان المؤونة عليها، فلا تستثنی عن الحکم بعدم الخمس إذا انسلخت عن عنوان المؤونة و استغني عنها، و لابدّ من أن تخمّس.

الملاحظة الثالثة:

و فرض الشك -من حیث إنّ عنوان المؤونة علةٌ حدوثاً فقط أو علةٌ حدوثاً و بقاءً- فالقدر المتیقّن هو عنوان المؤونة حدوثاً و بقاءً، لأنّ الاستثناء هنا أقل مصداقاً من الطرف الآخر، فیکون هو القدر المتیقّن في الاستثناء.

و هذا لایتمّ من جهة أنّ صدق عنوان المؤونة موجب للاستثناء حدوثاً في بدو الأمر و لکن بعد ذلک إذا استغني عن المؤونة فلا یُعلَم أنّه مستثنیً أم لا.

فالمستفاد من استدلاله هو أنّ هنا وجهین:

الوجه الأول: أن يقال: إنّ المؤونیة علةٌ للاستثناء حدوثاً فقط فنتيجته استثناء المؤونة دائماً استغني عنها أم لا.

الوجه الثاني: أن يقال: إنّ المؤونیة علةٌ للاستثناء حدوثاً و بقاءً فنتيجته استثناء المؤونة مادام يصدق عليها عنوان المؤونة و مع الاستغناء عنها فلیس عنوان المؤونة تخصیصاً للحکم.

هذا توضیح استدلاله في المقام.

و لکن لنا ملاحظة علیه، و تقریرها: أنّ المؤونة حدوثاً قد أخرجت عن عموم الحکم بوجوب الخمس، فمع الاستغناء عنها نشكّ في مقدار الاستثناء بین الأقلّ و الأکثر و القاعدة فاللازم الأخذ بالقدر المتیقّن من الاستثناء إلّا أنّه لا یمکن التمسّك بالعامّ بالنسبة إلى الأكثر في المقام، لأنّ موضوع العام هو صدق الفائدة و بعد مضي زمانٍ علی حدوث الفائدة و استعمالها في المؤونة، فلا يصدق عليها بعد الاستغناء عنها عنوان «فائدةٌ جدیدةٌ» لتشملها أدلّة وجوب الخمس في کلّ فائدةٍ فالإشكال لیس في إجمال المؤونة بین کونها مؤونةً حدوثاً فقط أو مؤونةً حدوثاً و بقاءً بل الإشکال في ناحیة عدم صدق عنوان الفائدة بعد مضي زمان من حصول الفائدة و استعمالها في معاشه، فإنّه لا يصدق حصول الفائدة بعد ذلک الزمان و بعد الاستغناء عنها.

 


[3] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص148-149.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo