< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/07/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة67؛ المطلب الثالث؛ النظریة السابعة

 

النظریة السابعة: التفصیل من حیث أن الاستغناء في اثناء السنة أو مقارنا لتمامها أو بعد السنة و من حیث أن الاستغناء دائمیا أو مؤقتا

قاله السید عبد الأعلی السبزواري في تعلیقته علی العروة: الاستغناء تارةً‌ يكون في أثناء السنة و اُخرىٰ‌ يكون مقارناً لتمامها عرفاً و ثالثةً‌ يكون في أثناء السنة اللاحقة وكلّ‌ منها تارةً‌ يكون مؤقّتاً و أخرىٰ‌ دائميّاً وأبديّاً و ثالثةً‌ يشكّ‌ في أنّه مؤقّت أو دائميّ‌.

فما كان في أثناء السنة مطلقاً وكان دائميّاً فالظاهر تعلّق الخمس به،

كما أنّ‌ الظاهر عدمه في المؤقّت مطلقاً،

و الأحوط تعلّقه بالمشكوك إن كان في أثناء السنة، ولم يُجر استصحاب المؤونيّة،

بل و كذا إن كان مقارناً لتمامها وكان دائميّاً علىٰ‌ الأحوط،

و يجري هذا التفصيل في ما يحتاج إليه في الصيف، أو الشتاء في بعض البلاد إذا انتقل إلىٰ‌ محلٍّ‌ لا يحتاج إليها.[1]

و قال في رسالته العملية: (مسألة 38): لو زاد ما اشتراه للمئونة من السكر و الشاي و الدقيق و التمر وجب عليه إخراج خمسه كما مرّ في (مسألة 25) و أما المؤن التي يحتاج إليها مع بقاء عينها فإن كان الاستغناء بعد السنة فالأحوط وجوباً الخمس فيها كما في حلية النساء التي يستغنى عنها في عصر الشيب أو مثل آلات التبريد مثلا لو هاجر من أرض يحتاج إليها إلى أرض لا يحتاج إليها أبدا أو غير ذلك.

و إن كان الاستغناء عنها في أثناء السنة فإن كانت مما يتعارف إعدادها للسنين الآتية كالثياب الموسمية فلا يجب إخراج خمسها و إن لم تكن كذلك وجب الإخراج.[2]

و أما في مهذب الأحکام ذکر تفصیلاً آخر غیر هذا: إنّ‌ الاستغناء تارة: يحصل في أثناء السنة، و أخرى: مقارنا لتمامها و ثالثة: في السنة اللاحقة. و يجب الخمس في الأولين، لصدق فاضل المؤونة. و أما الأخير، فيجب فيه الخمس عند تمام السنة اللاحقة كما هو واضح.[3]

ملاحظاتنا علی هذه النظریة:

الملاحظة الأولی:

قال: «ما كان في أثناء السنة مطلقاً وكان دائميّاً فالظاهر تعلّق الخمس به»

و لعلّ یرید من قوله أثناء السنة مطلقاً صورتين: أثناء هذه السنة و أثناء السنة اللاحقة، فحکم علی کلیهما بتعلّق الخمس.

أما تعلّق الخمس بما استغني عنه و خرج عن المؤونیة في أثناء هذه السنة فهو موافق لفتوی المحقق الحکیم في المستمسک و قد فصّلنا فیه فلا نعید.

أما تعلّق الخمس بما استغني عنه و خرج عن المؤونیة في أثناء السنة اللاحقة، فهو مخالف للمشهور و قد خالف ذلک السید أبو الحسن الإصفهاني و المحقق الخوئي و من تبعه و المحقق الحکیم و کثیر من الأعلام و یوافق في الجملة في هذه الصورة نظریة صاحب الجواهر و الشیخ الجواهري و صاحب فقه الصادق بوجوب الخمس مطلقاً، و قد استشکلنا علی هذا القول سابقاً و ملخّص ذلک هو أنّ ما أفاده مبني علی أنّه إذا استغنی عنه بعد السنة الخمسیة فتصدق علیه هنا فائدة جدیدة و لذا یخمّسه في آخر السنة الجدیدة و لکن قلنا بأنّه إذا استغنی عنه بعد السنة الخمسیة فلا تصدق علیه حدوث فائدة جدیدة مسلّماً.

الملاحظة الثانیة:

قال: «أنّ‌ الظاهر عدمه في المؤقّت مطلقاً، و الأحوط تعلّقه بالمشكوك إن كان في أثناء السنة، و لم يُجر استصحاب المؤونيّة»

و ما أفاده في الاستغناء الموقّت من «أنّ‌ الظاهر عدمه [تعلّق الخمس] في المؤقّت مطلقاً» صحیحٌ، و موافق لکلمات کثیر من الأعلام، مثل المحقق الحکیم و المحقق الخوئي و المحقق السیستاني، و دلیلنا علی ذلک: هو أنّ الاستغناء الموقّت لیس بمعنی الخروج.

و لکن ما أفاده من «أنّ الأحوط تعلّقه بالمشكوك إن كان في أثناء السنة، ولم يُجر استصحاب المؤونيّة» فلا نسلّمه، من جهتین:

الأولی: نحن فصّلنا في ما استغني عنه في أثناء السنة دائمیاً، خلافاً لما أفاده من الحکم بوجوب الخمس.

الثانیة: إذا شککنا أثناء السنة في مؤونیة شيء خاصّ بین الاستغناء الدائم أو الموقّت، و لم یجر استصحاب المؤونیة، فالمحکّم هو أصالة البراءة دون الاحتیاط، لأنّ تعلّق الخمس و وجوبه حینئذٍ مشکوکٌ، فالقاعدة هي البراءة.

الملاحظة الثالثة:

قال: «إن كان مقارناً لتمامها وكان دائميّاً علىٰ‌ الأحوط». فإنّ الخمس یتعلّق بفوائد داخل السنة فلو فرضنا صدق الفائدة علیها بعد خروجها عن المؤونیة مقارناً لتمام السنة، لا تصیر من فوائد السنة الأولی، فلا یتعلّق بها الخمس من جهة السنة الأولی، بل في السنة الأولی تعدّ من المؤن و أما بالنسبة إلی السنة الثانیة أیضاً لا یمکن تعلّق الخمس بها، لما قلنا تبعاً للمحقق الخوئي من أنّه لیست فائدةً ثانیة بل هي مال فقط فإنّ حدوث الفائدة کان في السنة الأولی و لکنّها استثنيت عن الخمس لکونها من مصادیق المؤونة و بعد ذلک لا تصدق أنّها إفادة جدیدة حتّی یتعلّق بها الخمس.

الملاحظة الرابعة:

إنّه قال ‌في مهذّب الأحکام في الاستغناء مقارناً لتمام السنة بأنّه يجب الخمس فيهما، مع أنّه قال في تعلیقة العروة بوجوب الخمس علىٰ‌ الأحوط.

و لکنّا قد استشکلنا علیه بعدم تعلّق الخمس في هذا الفرض.

النظرية الثامنة: إذا استغني عنها و احتمل الاحتياج إليها فلا خمس و إلا فيجب

قال المحقق السيد موسى الشبيري الزنجاني: مسألة 1789: إذا اشترى اثاثاً لمنزله من أرباح المكاسب قبل أداء الخمس، ثمّ‌ زالت الحاجة إليه، فإن احتمل احتياجه إليه مرّة اخرى خلال سنة واحدة من بعد زوال الحاجة إلى ذلك الأثاث، جاز له ابقاؤه إلى سنة واحدة، و لو لم يحتمل مثل هذا الاحتمال، فيجب عليه المبادرة إلى أداء خمسه. و على أيّ‌ حالٍ‌، إذا لم يصرف ما اشتراه في مئونة سنته بعد مرور سنة، وجب عليه أداء خمسه. و كذا الكلام فيما تتزين به المرأة، لو انقضى وقت تزينها بتلك الزينة.[4]

ملاحظتنا علیه:

أولاً: إنّه أفتی بوجوب الخمس في ما إذا خرج عن المؤونیة و لم یحتمل احتياجه إليه مرّة اخرى خلال سنة واحدة و قد فصلنا في ذلک من جهات ثلاث، کما سنشیر إلیه إن شاء الله تعالی.

ثانیاً: إنّ مسألة الاحتیاج إلیه فقد أشار إلیها بعبارتین: الأولی: قال في المسائل الشرعیة بالاحتیاج إلیه مرّةً أخری و هذه العبارة ظاهرة في الاحتیاج إلی نفس هذا الأثاث. و الثانیة قال في الرسالة الفارسیة بالاحتیاج إلیه لصرفه في معاشه و هذا التعبیر یناسب ما إذا احتاج إلیه فباعه و صرفه في معیشته.

النظریة التاسعة: و هي المختار

إن اشتری المکلّف شيئاً لمؤونته ثمّ استغنی عنه بعد تمام السنة فلا یجب فیه الخمس مطلقاً.

و أمّا إن استغني عنه أثناء السنة فهنا فرضان:

الأول: إذا استعمل بمقدار معتدٌّ به بحیث صار مستعملاً من جهة طول مدة استعماله بمقدار یقرب من مدّة صلاحیة استعماله، فلم تصدق علیه الفائدة فهنا لا یتعلّق الخمس.

الثاني: فإن کان استعمال ذلک الشيء بمقدار قلیل کما إذا استعمل ما یفرض لبقاء الانتفاع به مدة عشر سنوات و لکن استعمله لأسبوعین فبعد الاستغناء عنه یطلق علیه الفائدة و حینئذٍ فإن تعارف ادّخاره للسنین الآتیة أو کان من شأن المکلّف الاحتفاظ بها فلا یجب الخمس أیضاً و إلّا فیتعلّق به الخمس.

نحن نعتقد بالتفصیل من جهات:

التفصیل الأول: الاستغناء بعد السنة أو أثنائها

و هو بین ما استغني عنه بعد السنة فلا خمس فیه و بین ما استغني عنه أثناء السنة ففیه تفصیلان و الوجه فیهما هو أنّ وجوب الخمس هنا دائر مدار أمرین: صدق الفائدة علیه و عدم شأنیة الادّخار في المؤونة و عدم شأنیة المکلّف، نشیر إلیهما.

التفصیل الثاني: صدق الفائدة علیه أو عدم صدقها

إنّ المدار هنا علی صدق الفائدة، فهنا فرضان:

الفرض الأول: مورد صدق الفائدة بعد الاستغناء

إنّ ما فیه استعداد الاستعمال بقدر عشر سنوات مثلاً فاستعملناه في أثناء السنة بمقدار أسبوعین فصار مؤونةً حین الاستعمال و لکن استغنینا عنه بعد الأسبوعین، فهنا العرف یطلق علیه الفائدة الحاصلة في هذه السنة فإنّه إذا قلنا بملاحظة مجموع أرباح السنة لحاظاً واحداً کما هو مبنی کثیر من الأعلام، فلابد من لحاظ صدق الفائدة في نهایة السنة علی هذه الموارد، فما بقي من الفوائد في آخر السنة منها يصدق عليه عنوان الفائدة، و إن استعملها في أثناء السنة بعنوان المؤونة في معاشه و احتیاجاته بمقدار الأسبوعین.

الفرض الثاني: مورد عدم صدق الفائدة بعد الاستغناء

إنّ ما له استعداد الاستعمال بمقدار سنتین أو سنة و نصف أو سنة واحدة، فاستعمله بمقدار عشرة أشهر فاستغنی عنه، فهنا لا تصدق الفائدة الحاصلة علی هذا الشیء المستعمل و لا یعدّ هذا الشيء من فوائد سنته، بل یعدّ من المؤن المستعملة، فلا خمس فیه.

التفصیل الثالث: شأنیة الادّخار في المؤونة و شأنیة المکلّف

و قد أشرنا إلی ذلک مراراً، و هذا التفصیل یرجع إلی صدق المؤونة علی موردین:

المورد الأول: شأنیة الادّخار للشيء

و هذا المورد هو الذي أشار إلیه المحقق الحکیم و من تبعه في فتواه، فإنّ المؤونة التي لها شأنیة الادّخار، مثل الملابس الصیفیة التي استغني عنها في هذه السنة، تعدّ عندنا من المؤونة و لا تخرج عنها فلا خمس فیها.

المورد الثاني: شأنیة المکلّف لادّخار الشيء

من له شأنیة أن یحصّل علی شيء و أن یکون واجداً له و إن لم یحتج إلی صرفه في هذه السنة، فقد تقدّم عدم وجوب الخمس علیه، و من هذا القبیل ما اشتراه لمؤونته و استعمله و استغنی عنه و کان من شأنه أن یُبقیَه عنده، فهذا أیضاً لا خمس فیه.


[1] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص148.
[4] المسائل الشرعیة، ص387؛ و قال في رسالته الفارسیة: إذا اشترى أثاثاً للبيت من الربح قبل أداء الخمس، ثم زالت حاجته إليه، فإن احتمل أن يصرفه في نفقات معيشته لمدة سنة بعد زوال حاجته، فله الاحتفاظ به لمدة سنة، فإذا لم يحتمل ذلك وجب عليه خمسها إذا لم ينفقها في مؤنه بعد انقضاء الحول، وكذلك الحلي النسائية التي فات زمن تزينهنّ بها. (اگر از منفعت كسب پيش از دادن خمس اثاثيه‌اى براى منزل بخرد و سپس احتياجش از آن برطرف شود، چنانچه احتمال دهد كه تا يك سال بعد از برطرف شدن احتياج وى، صرف مخارج زندگى مى‌كند مى‌تواند آن را تا يك سال نگه دارد و اگر چنين احتمالى نمى‌دهد بايد بلافاصله خمس آن را بدهد، به هر حال اگر بعد از گذشت سال در مخارج صرف نكند بايد خمس آن را بدهد و همچنين است زيورآلات زنانه كه وقت زينت‌كردن زن به آنها گذشته باشد.) توضيح المسائل، ص368-369، م1790.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo