< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/07/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة70: المطلب الثالث؛ النظریة الثانیة

 

النظریة الثانية: وجوب الخمس

قال صاحب الجواهر في نجاة العباد: بل لو لم يسافر مع سير الرّفقة عصيانا فالأحوط إن لم يكن أقوى اخراج الخمس كسائر ما قتّر به على نفسه سيّما فيما لا يعدّ تركه نقصاً عليه.[1]

وقال الشیخ الأنصاري: و إن كان [فوات الحج ] عمدا عصيانا فهل هو بمنزلة التقتير، يحسب له أم لا؟ الأقوى: العدم، لما مرّ من اعتبار الفعليّة في الإنفاق دون الشأنية.[2]

قال المحقق الخوئي: إذا استطاع في أثناء السنة من الربح و لم يحج - و لو عصيانا - وجب خمس ذلك المقدار من الربح و لم يستثن له.[3]

و مثله عبارة المحقق التبريزي[4] ، و صاحب فقه الصادق[5] ، و المحقق الفيّاض[6] ، و السيد محمود الهاشمي الشاهرودي[7] .

قال السید عبد الأعلی السبزواري: و أما وجوب الخمس مع عدم التمكن، أو التمكن و العصيان، فلتحقق الفاضل عن المؤونة، فتشمله أدلة وجوب الخمس قهراً.[8]

الدليل على هذه النظرية:

و قال المحقق الفیّاض: لما مرّ من أن الناتج من ضمّ نصوص المؤونة إلى إطلاقات الأدلّة من الكتاب و السنة هو أنّ كلّ فائدة استفادها المرء و غنيمة غنمها‌ متعلقة للخمس شريطة أن لا يجعلها مؤونة عيناً أو منفعة، و لا فرق في ذلك بين أن يكون جعلها من المؤونة واجباً أو غير واجب، لأنّ مجرّد وجوب ذلك لا يجعلها منها، لما مرّ من أنّ المراد من المؤونة هو صرف الفائدة في سدّ حاجاته عيناً أو منفعة، و إلّا فلا تكون منها و إن كان صرفها فيها واجباً، إذ مجرّد ذلك لا يمنع عن شمول الإطلاقات لها و وجوب إخراج خمسها.[9]

یلاحظ علیه:

إنّ المال الذي جعله بإزاء حجّه و خصّه لذلک یعدّ من المؤونة بالمعنی الأعمّ التي هي ثقل الحیاة و عصیانه في تأخیر الاتیان بالحج لا یوجب خروجه عن المؤونیة إلا إذا عدل عن إتیان الحج، فحینئذٍ یتعلّق به الخمس.

النظرية الثالثة: الأحوط وجوب الخمس في ترك الحج عصياناً

قال المحقق السبزواري في كفاية الفقه: و إذا ترك الحجّ‌ اختياراً فهل يستثني مئونة الحجّ؟ فيه نظر، و اختار بعضهم الاستثناء.[10]

قال صاحب العروة بالاحتياط في متن العروة.

الدليل علی النظریة الثالثة:

إنّ التوقف و التأمل هنا لوجود وجهین: وجه عدم الخمس: ترك الحج عصياناً تقتير و ثبت عدم كونه مورداً للخمس. و وجه وجوبه: اعتبار الصرف في المؤونة.

إيراد على هذه النظرية:

قال المحقق الحكيم: يجب عليه الخمس، لعدم الصرف و البذل، اللذين قد عرفت اعتبارهما في الاستثناء من الربح. نعم بناء على أنه لو قتر حسب له لم يجب خمس مئونة الحج، لأن ترك الحج يكون من ذلك القبيل.

و من ذلك يظهر الإشكال في التوقف في الوجوب هنا [کما احتاط في ذلک صاحب العروة في المتن] مع الجزم بأنه لو قَتّر لم يحسب له [کما أفتی به في مسألة 65].[11]

قال صاحب المرتقى: و لم يظهر وجه توقف المصنف رحمه الله في هذا الحكم بعد ما تقدم منه من عدم احتساب مقدار المؤونة من الربح في صورتي التقتير و التبرع عنه بالمؤونة.[12]

قال الشیخ علي الصافي الگلبایگاني: العجب من المؤلف رحمه اللّه فإنّه مع قوله في المسألة 65 بأنّ المناط في المؤونة ما يصرفها فعلاً لا مقدارها فلو قتّر على نفسه لم يحسب له، كيف قال هنا: «و لو تمكّن و عصى حتى انقضى الحول فكذلك على الاحوط» بأنّ الأحوط وجوب خمس المقدار الملحوظ لمخارج الحج بل المناسب أن يقول كما قلنا بانّه لا يحتسب من المؤونة.[13]

توجیه لاحتیاط صاحب العروة: ذکره المحقق الخوئي

و قال المحقق الخوئي: و الظاهر أنّ نظره الشريف في الاحتياط المزبور -مع بنائه على عدم الاحتساب في فرض التقتير و وضوح كون ترك الحجّ في محلّ البحث من هذا القبيل- إلى اختصاص المقام بجهةٍ بها يمتاز عن سائر موارد التقتير، و هي تعلّق الوجوب بالصرف في المؤونة، للإلزام الشرعي بالذهاب إلى الحجّ، فيحتمل أنّ يكون هذا الإيجاب و الإلزام محقِّقاً لصدق المؤونة المانعة عن وجوب الخمس، ... و هذا الاحتمال و إن لم يكن بعيداً عند الماتن و لأجله احتاط و لم يجزم في المسألة.[14]

قال صاحب المرتقى: و لعله يوجه: بأنّ إيجاب صرف المال في الحج لا يتلاءم مع إيجاب الخمس فيه و إن عصى و لم يصرفه.[15]

مناقشات في هذا التوجیه:

المناقشة الأولی: الإلزام الشرعي لا یوجب صدق المؤونة

و قال المحقق الخوئي: إنّه ضعيف عندنا، لعدم صدق المؤونة عرفاً إلّا لدى الصرف الخارجي، و لا يكفي فيه مجرّد الإلزام الشرعي، و من ثمّ كان وجوب الخمس هو الأظهر لا مجرّد أنّه أحوط.[16]

و ناقش في هذه المناقشة صاحب مباني المنهاج[17] ، و السید الخلخالي[18] .

یلاحظ علیه:

إنّ مبناه مخدوش عندنا لما تقدم من أنّ الصرف لم یعتبر في المؤونة و لذا یمکن صدق المؤونة الفعلیة علی نفس المال الذي خصّه بإزاء الحج قبل صرفه فيه.

المناقشة الثانیة: وجوب الصرف في الحج لم یتعلّق بهذا المال بالخصوص

قال صاحب المرتقى: بأن وجوب الصرف لم يتعلق بخصوص ما فيه الخمس بل بكلي المال فقد يكون لديه غير الربح- كما هو الغالب فيمن عنده ربح-.[19]

یلاحظ علیه:

أولاً: إنّ الرجل قد یعیّن مالاً و یخصّصه للصرف في مؤونة الحج، فما جعله بإزاء حجّه لیس کلّي المال.

ثانیاً: إذا لم یعیّن من ماله الکلّي لمؤونة حجه، أیضاً یمکن القول بصدق المؤونة علی مقدار من المال الکلّي بنحو الکلّي في المعیّن، فلابدّ من أن یستثني مقدار مؤونة حجه من المال الکلي فلا یتعلّق الخمس بهذا المقدار.

 


[7] منهاج الصالحين (السيد الشاهرودي.)، ج1، ص363، م1227
[12] المرتقى إلى الفقه الأرقى (كتاب الخمس)، ص229.
[15] المرتقى إلى الفقه الأرقى (كتاب الخمس) ص229.
[17] قال.: من الواضح أنّ الوجه المذكور في غاية الضعف و لا يرتبط أحد المقامين بالآخر، فإنّ المانع عن التعلّق بحسب الدليل صرف الربح في المؤونة و المفروض عدمه، و على الجملة لا أرى وجهاً معقولاً للاحتمال المذكور الغاية القصوى (كتاب الخمس)، ص215
[18] الصحيح أن هذا الفرق أعني إيجاب الصرف في مؤونة الحج دون صرف المؤونة على النفس أو العيال مع أنه قد يجب ذلك أيضا- ليس بفارق لأن العبرة في صدق المؤونة إنما هي بالصرف الفعلي، دون مجرد الحاجة، أو الإيجاب الشرعي ما لم يؤدّ إلى الصرف الفعلي. فقه الشيعة‌ کتاب الخمس و الأنفال، الموسوي الخلخالي، السيد محمد مهدي، ج2، ص238.
[19] المرتقى إلى الفقه الأرقى (كتاب الخمس) ص229.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo