< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/08/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة71:أداء الدین من المئونة

 

المسألة71:أداء الدين من المؤونة:

قال صاحب العروة:

المسألة 71: أداء الدين من المؤونة إذا كان في عام حصول الربح أو كان سابقا و لكن لم يتمكن من أدائه إلى عام حصول الربح و إذا لم يؤد دينه حتى انقضى العام فالأحوط إخراج الخمس أوّلاً و أداء الدين مما بقي و كذا الكلام في النذور و الكفارات.

توضیح ذلك:

نبحث في هذه المسألة، عن أنّه إذا استقرّ في ذمة المکلف دینٌ و أراد أن یؤدّیه و یُفرغ ذمّته، هل یتعلق الخمس بما أدّى به الدين أم یحسب الأداء من مؤونته و و لا يُخرج خمسه؟

و مرادنا من الدین أعمُّ من الدیون العرفية، و الدیون الشرعية كأروش الجنایات، و الدیات، و النذور، و الکفارات، و غيرها؛ فهنا مطلبان:

المطلب الأول: الدیون العرفية

ینبغي أن یعلم أنّ في مؤونیة أداء الدیون العرفية في کلمات الأعلام، قیودٌ لابدّ من أن نذکرها کي یتضح فروض المسألة و تفصیلات التي ذکرها الأعلام في أقوالهم.

الفرض الأوّل: زمن أداء الدين وقع في عام الاستدانة أو في العام اللاحق؟

الفرض الثاني: الغرض من الاستدانة، كانت للمؤونة أو لغیرها؟

الفرض الثالث: بقاء عينه و تلفها حين الأداء.

الفرض الرابع: تمکّنُ المکلّف من أدائه في العام السابق أو عدم تمکنه إلی عام الأداء.

و نقسّم البحث بحسب الغرض من الاستدانة من حيث إنّها للمؤونة أم لغيرها، و بحسب زمن الاستدانة من حيث إنّها في عام الأداء أم قبله فتكون الصور أربع فتكون المباحث أربعة و نبحث عن باقي الفروض ضمن هذه المباحث:

المبحث الأول: الاستدانة للمؤونة و أداؤه من ربح عام الاستدانة

الظاهر أن أداء هذا الدین یحسب من المؤونة قطعاً و لا یوجد خلاف فيه.

قال المحقق الحكيم: لا إشكال في كونه من المؤونة، فيجوز وفاؤه من الربح قبل تخميسه.[1]

قال المحقق الخوئي: ... إن كان الأوّل [أي فيما لو استُدين للمؤونة] فلا ينبغي الشكّ‌ في جواز أدائه من الربح من غير تخميس، و الظاهر أنّه لم يستشكل فيه أحد، إذ كما يجوز أن يشتري ذلك بنفس الربح، فكذلك يجوز أن يشتريه بالذمّة و يؤدِّي الدين من الربح، ففي الحقيقة هذا صرف للربح في المئونة ديناً لا عيناً، و لا فرق بينهما قطعاً. كما لا فرق في ذلك بين ما إذا كانت المئونة المشتراة ديناً تالفة أم أنّها كانت باقية كالفرش و الدار و الفرس و نحو ذلك، فإنّه على التقديرين إذا أدّى الدين من الربح يعدّ ذلك من صرف الربح في المئونة حسبما عرفت. [2]

و الدلیل علی ذلک:

استدلّ المحقق الخوئي علی ذلک بقوله: العادة قاضية و سيرة العقلاء جارية على صرف المؤن المحتاج إليها من الأرباح، إمّا من عين الربح، أو من مماثله من دين أو مال مخمّس أو ما لا خمس فيه، بحيث يتحفّظ على رأس المال و يصرف من الأرباح عيناً أو مثلاً. و عليه، فلا ربح، و لو سلّمنا [صدق الربح] فلا فاضل [أي فلیس هذا الربح فاضلاً علی مؤونة السنة حتّی یتعلّق به الخمس].

ففي هذه الصورة لا حاجة إلى الأداء الخارجي، بل مجرّد اشتغال الذمّة بالدين كافٍ‌ في الاستثناء.[3]

نکتةٌ مهمّةٌ: أداء الدین من ربح عام الاستدانة بعد أن مضت السنة

النظریة الأولی: جواز الأداء من الربح من غير تخميس

قال المحقق الخوئي: الظاهر أنّ‌ الأمر كذلك و إن لم يؤدّ الدين إلى أن مضت السنة، فيجوز الأداء منه بعد ذلك من غير تخميس، لعدم صدق الربح عند العقلاء بعد أن كان واقعاً في قبال الدين، فإنّ‌ العبرة عندهم في إطلاق الربح أو الخسران بملاحظة مجموع السنة، فإن زاد في آخرها على رأس المال شيء لم يصرف في المئونة فهو الربح، و إلّا فلا. و عليه، فهم لا يعتبرون الربح الذي بإزائه دين استدانه للمئونة سواء أ كانت مئونة تحصيل الربح أم مئونة السنة ربحاً حقيقةً‌ و إن كان كذلك صورةً‌، بحيث لو سئل بعد انقضاء السنة هل ربحت في سنتك هذه‌؟ لكان الجواب منفيّاً، إذ لا يرى شيئاً يزيد على رأس ماله بعد اضطراره إلى الصرف في أداء الدين. و لو فرض صدق الربح بنحوٍ من العناية فلا ينبغي الإشكال في عدم صدق عنوان الفاضل على المئونة الذي هو الموضوع لوجوب الخمس، فلا يدخل في قوله: «فأمّا الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كلّ‌ عام» إلخ.[4]

النظرية الثانیة: لا یجوز الأداء من الربح إلا بعد تخمیسه

قال به بعض محشّي العروة، و الشیخ الفیاض.

... إن الأظهر عدم جواز استثناء ما يصرفه المالك في المؤونة من مال آخر عنده أو دين، من الفائدة في نهاية السنة و إن كان الصرف حين ظهورها، و عليه فالأظهر عدم الفرق بين أن يكون الصرف قبل ظهور الفائدة أو بعدها.[5]

نعم احتاط في منهاجه و قال: و قد تسأل: أن الدين إذا كان للمؤونة بعد ظهور الربح، فهل يستثنى من الفائدة في نهاية السنة أو لا؟ و الجواب: أن الاستثناء لا يخلو عن إشكال، و الأحوط إخراج الخمس منه.[6]

ملاحظتنا علیه:

لا یصدق الربح أو الفائدة لما یقابل الدین الذي صرف في المؤونة.

النظرية الثالثة: عدم جواز الاحتساب علی الأحوط

قال السید الگلبايگاني: هذا إذا أدّاه في سنة الربح، وإلّا فالأحوط عدم احتسابه.[7] و قال في حاشیته علی وسیلة النجاة: اما إذا لم يؤد فالأحوط عدم احتسابه.[8]

و قال الشیخ لطف الله الصافي الگلپایگاني: إذا لم يُؤدِّ فالأحوط عدم احتسابه.[9]

ملاحظتنا علیه:

لا وجه للاحتیاط بعد ما تقدم من الأدلّة الدالة علی جواز الأداء من غیر تخمیس الربح.


[7] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص147.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo