< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/10/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة71؛ المبحث الرابع؛ النظریة الثانیة

 

النظریة الثانیة: لا یجوز أداؤه من الربح قبل التخمیس إلا في صورة التلف

و قال المحقق الخوئي في منهاجه في فرض وجود ما استدان له: إذا اشترى ما ليس من المؤونة بالذمة أو استدان شيئاً لإضافته إلى رأس ماله و نحو ذلك، مما يكون بدل دينه موجودا و لم يكن من المؤونة لم يجز له أداء دينه من أرباح سنته، بل يجب عليه التخميس و أداء الدين من المال المخمس أو من مال آخر لم يتعلق به الخمس.[1] و هكذا في رسالته العملیة.[2]

و قال بعین كلامه المیرزا جواد التبریزي[3] و صاحب فقه الصادق[4] و بعض الأساطین[5] في منهاجهم، و هكذا المحقق الفیّاض مع اختلاف في عبارته، قال في تعالیق مبسوطة: أن الدين إذا كان لغير المؤونة فأداؤه إنما يكون منها شريطة أن لا يكون ما بازائه موجودا عنده و أما إذا كان موجوداً فحينئذ:

إن كان الدين مقارنا لظهور الفائدة أو متأخرا عنه و أدّاه من تلك الفائدة انتقل الخمس إلى ما بإزائه من الأعيان و يجب خمسه بالقيمة الفعلية في نهاية السنة، سواء أ زادت أم نقصت،

و إن كان [الدین] متقدما على ظهورها [الفائدة] وجب تخميس الفائدة قبل أداء الدين و لا ينتقل الخمس منها إلى ما بازائه، فإنه بحاجة إلى دليل.[6]

الدلیل علی النظرية الثانية:

قال المحقق الخوئي: فيما إذا كان الدين من السنين السابقة ... و هل يجوز أداء ذاك الدين من هذه الأرباح أو لا يجوز إلّا بعد التخميس؟ ... أنّ الأظهر أنّ أداء الدين السابق -سواء أ كان متمكّناً منه سابقاً أم لا- يعدّ أيضاً من المؤونة و إن لم يكن الدين بنفسه معدوداً منها [أي المؤونة]، فلا يستثني من أرباح هذه السنة من غير أداء ... هذا فيما إذا لم يكن بدل الدين موجوداً ...

و أمّا مع وجوده، كما لو اشترى بالدين السابق داراً أو بستاناً فإن كان ذلك لأمر خارجي غير المؤونة فلا ينبغي الشكّ في عدم جواز الأداء بلا تخميس، إذ بعد أن كان الدين مقابلًا بالمال فلو أدّاه من الربح غير المخمّس يبقى هذا المال خالصاً له بلا دين فيكون زيادة على المؤونة فلا بدّ من تخميسه، فليس له أن يؤدّي دينه بلا تخميس لا بالنسبة إلى الربح و لا الثمن، بل لا بدّ و أن يحاسب آخر السنة ...[7]

وجه عدم جواز أداء الدين من ربح السنة قبل تخميسه:

هو أن التأخیر للإرفاق عندهم هو لاحتمال حدوث مؤونة كمرض أو زواج و هنا هذا الاحتمال معدوم فلا وجه للتأخیر.

ملاحظاتنا علی النظریة الثانیة:

أولاً: ما قاله من عدم الجواز لا يمكن الالتزام به فإنّه لا وجه للقول بعدم الجواز مع ما قلناه من إمكان تأخير أداء الخمس إلى آخر السنة إرفاقاً، لا لاحتمال حدوث مؤونة فقط بل تسهیلاً علی المكلف في محاسبة الخمس – كما تقدّم في المسألة 60- فيجوز أداء الدين بالربح و تأخیر أداء خمس الربح و خمس ما یقابل الدین (مثل الفرس في المثال السابق) إلی نهاية السنة الخمسية.

و علی هذا فیكون الفرق بین نظریة المحقق الخوئي و نظریتنا في نكتةٍ مهمّة:

إنّ النظریة الثانیة التي التزم بها المحقق الخوئي و جمع من الأعلام تعتقد بتخمیس مبلغ واحد و هو الربح الذي یؤدّی به الدین و هو مثلاً میلیون و مأتان و خمسون ألفاً، و خمسه یصیر مأتین و خمسین. و حینئذٍ لا یتعلّق الخمس بالفرس بل بالربح، لأنّه اشتری الفرس بماله المخمّس.

و لكن علی النظریة الأولی التي نعتقد بها فلو قلنا بتعلّق الخمس بالربح الذي یؤدّي به الدین الشرعي، فلابدّ من تخمیس مبلغین:

الأول: تخمیس ما یقابل الدین و هو الفرس في المثال المتقدّم آخر السنة و قیمته علی الفرض میلیون، فلابدّ من إعطاء مأتین بعنوان خمس الفرس.

و من ثمرات ذلك هو أنّ الفرس إذا زادت قیمتها الفعلیة فلابدّ من تخمیس الزیادة أیضاً، خلافاً لمبنی النظریة الثانیة.

الثاني: تخمیس الربح الذي یؤدّي به الخمس و هو مأتان و خمسون، و خمسه یصیر خمسین، حیث إنّه لابدّ من أن یخمّس مأتین و خمسین، فیعطي خمس هذا الربح الذي هو خمسون فیؤدّی خمس الفرس من الربح المخمّس.

و هذا مبني علی القول بتعلّق الخمس في الربح الذي یؤدّي به الدین الشرعي و إلا فلا یتعلّق الخمس بالربح و نتیجة ذلك هو أداء مأتین بعنوان خمس الفرس فقط ، فیسقط خمس الربح الذي یؤدّي به الخمس و هو مبلغ الخمسین.

و نتیجة ذلك: أما في ما إذا لم تزد قیمة الفرس فالخمس هو مقدار مأتین و خمسین، مثل ما أفاده المحقق الخوئي في النظریة الثانیة. و أما إذا زادت قیمة الفرس فالخمس یصیر أكثر من ذلك.

ثانياً: ما قاله من «أنّه لو أدّاه من ربح غير مخمّس يكون المال الآخر خالصاً له» مدفوعٌ بأنّه مع ذلك لا يكون خالصاً له بل يشارك أصحاب الخمس و لكن يجوز له تأخير تخميسه إلى آخر السنة.

 


[4] منهاج الصالحین، ج1، ص436، م1420.
[6] تعاليق مبسوطة على العروة الوثقى، الفياض، الشيخ محمد إسحاق، ج7، ص155.. قال في المنهاج: ما النوع الثاني [و هو أن يكون للدين ما بإزاء] فإن كان الدين مقارنا لظهور الفائدة أو متأخرا عنه، و حينئذ فإن أداه من تلك الفائدة، انتقل خمسها إلى ما بإزائه من الأعيان الخارجية و تصبح تلك الأعيان من فائدة السنة، فيجب خمسها بقيمتها الفعلية في نهاية السنة، سواء زادت قيمتها أم نقصت، و إن كان متقدما على ظهورها لم يجز أن يؤديه من تلك الفائدة المتأخرة إلا بعد إخراج خمسها، على أساس أن نفس الأعيان المذكورة ليست من المئونة لكي يعتبر أداء ثمنها و لو من الربح المتأخر مئونة، و لا أداء قيمتها من ربح هذه السنة. منهاج الصالحين، الفياض، الشيخ محمد إسحاق، ج2، ص72.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo