< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/10/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة71؛ النظریة الخامسة: أداؤه لیس من المؤونة مطلقاٌ

 

قال المحقق الخوئي: أداء الدين من المؤونة سواء أ كانت الاستدانة في سنة الربح أم فيما قبلها، تمكن من أدائه قبل ذلك أم لا، نعم إذا لم يؤد دينه إلى أن انقضت السنة وجب الخمس، من دون استثناء مقدار وفاء الدين إلا أن يكون الدين لمؤونة السنة و بعد ظهور الربح، فاستثناء مقداره من ربحه لا يخلو من وجه، و لا فرق فيما ذكرنا بين الدين العرفي و الشرعي، كالخمس و الزكاة و النذر و الكفارات و كذا في مثل أروش الجنايات و قيم المتلفات و شروط المعاملات فإنه إن أداها من الربح في سنة الربح لم يجب الخمس فيه و إن كان حدوثها في السنة السابقة و إلا وجب الخمس، و إن كان عاصيا بعدم أدائها.[1]

إنّ المحقق الخوئي قال: إذا لم يؤد دينه إلى أن انقضت السنة وجب الخمس، من دون استثناء مقدار وفاء الدين ثمّ قیّده هنا بقیدین و قال: «إلا أن يكون الدين لمؤونة السنة و بعد ظهور الربح»، فاستثناء مقداره من ربحه لا يخلو من وجه.

و قال بمثل ذلك المحقق السیستاني[2] و لکنه قیّده بالقید الأول و هو أن یکون الدین لمؤونة السنة و حذف القید الثاني و هو أن یکون بعد ظهور الربح، و علی أي حال کلامهما في الدین الذي کان لمؤونة السنة دون الدین الذي یکون لغیر المؤونة، فیتعلّق الخمس به.

و قال السید عبدالأعلی السبزواري: ثمَّ‌ إنّه لا فرق في الدّين بين جميع أقسامه حتّى النذور و الكفارات، و الحقوق و مهر الزوجة و نحوها بعد الأداء و الوفاء، لأنّ‌ كل ذلك من المؤن العرفية و الشرعية.[3]

و قال: فإنّها [أي: النذور و الکفارات] من مؤونة عام الوفاء وإن اشتغلت الذمّة بها من الأعوام السابقة، وكذا سائر الحقوق من قيم المتلفات والخمس والزكاة ونحوها، ولو كانت أعيان ما تعلّق به الخمس و الزكاة في الأعوام السابقة موجودة لديه فالظاهر جواز الإعطاء من الربح أيضاً، وإن كان الأحوط خلافه.[4]

و قال المحقق زين الدين: فشأنها شأن الدَين، وتكون من المؤونة، ويجري فيها الكلام السابق بفروضه [أي أداؤه من المؤونة مطلقاً].[5]

قال السید محمود الهاشمي الشاهرودي: و أمّا أداء سائر الضمانات القهرية الشخصية أو الشرعية والكفارات والنذورات واُروش الجنايات فالأظهر أنّ‌ أدائها من المؤونة.[6]

فروع في المسائل التطبيقية

الفرع الأول: خمس الربح عند عدم أداء الدین الشرعي إلی انقضاء السنة

النظریة الأولی: الأحوط تخمیس الربح ثم أداء الدین

إن صاحب العروة بعد أن فرض عدم أداء الدین السابق إلی انقضاء السنة قال بعدم جواز الاحتساب من الربح و بوجوب الخمس علی الأحوط، عطف علی ذلك النذور و الکفارات، فیکون مراده أنه إذا لم یؤد النذور و الکفارات في السنة فعند انتهاء السنة یجب الخمس علی الأحوط و لا یوضع مقدارها من الربح.

ملاحظتنا علیها:

إنّه لا یصدق الربح و الفائدة، عند ما هو مدیون بدین شرعي

النظریة الثانیة: یجب خمس الربح ثم أداء الدین

إنّ الأعلام من المعلقین علی العروة أفتوا بوجوب الخمس و عدم الوضع.

قال المحقق النائیني: ... أمّا النذور والكفّارات وما يلزمه من الغرامات وغير ذلك من الديون: فإن أوفاها من ربح ذلك العام قبل انقضائه لم يجب الخمس فيه، وإلّا وجب على الأقوى.[7]

قال بعین کلامه السید جمال الدین الگلپایگاني.[8]

قال المحقق العراقي: بل الأقوىٰ‌ فيه وفي تاليه وجوب إخراج خمسه؛ لِما عرفت من أنّ‌ مجرّد الاحتياج إلىٰ‌ صرفه لا يحتسب من المؤونة المستثناة في المقام.[9]

قال المحقق الكوه‌كَمَري: في النذور والكفّارات ما لم يخرجها لا يُستثنىٰ‌ مقدارها من الربح.[10]

قال السید صدر الدین الصدر: الأقوىٰ‌ إن لم يؤدِّها في سنة تعلّقها وأراد الأداء من سنة الربح وجب عليه أداء الخمس أوّلاً، وكذا في كلّ‌ غرامة ترد عليه، سيّما إذا كان باختياره.[11]

قال صاحب فقه الصادق في التعلیقة علی العروة: حكم النذور والكفّارات حكم مؤونة الحجّ‌، فاذا لم يخرجها في عام وجوبها يأتي فيها التفصيل المتقدّم، وإن أخرجها في ذلك العام لا كلام في كونها من المؤونة.[12]

النظریة الثالثة: عدم خمس الربح و جواز أداء الدین به (المختار)

الظاهر جواز أداء الدين الشرعي بهذا الربح و إن مضت عليه سنة لكون أداء الخمس به مؤونةً و عند وصول السنة الخمسیة لا يصدق عليه أنّه ربح و استفاد فلا يجب أداء خمس الربح و يجوز أداء الخمس به.

الفرع الثاني: أروش الجنايات و قيم المتلفات العمدية و الخطأية

النظرية الأولى: أروش الجنايات و المتلفات من المؤونة مطلقاً (المختار)

قال صاحب جواهر: و كذا الإشكال في احتساب أروش جناياته و قيم متلفاته العمدية منها بخلاف الخطائية، و إن كان قد يدفع بأنه من الديون التي قد عرفت احتسابها من المئونة، بل هي مما يحتاجه الناس في كثير من الأوقات، بل هو من أعظم مؤنهم.[13] [14]

و تبعه صاحب العروة و جميع معلّقي العروة كما في المسألة 61.

قال المحقق الشيخ محمد تقي الآملي: أما أرش الجناية و غرامة ما أتلفه ففي كونه من المؤونة مطلقا سواء كان عمدا أو خطأ، أو اختصاصه في العمد منها - كما في الجواهر حيث قال: «و كذا لا إشكال في احتساب أروش جناياته و قيم متلفاته منها بخلاف الخطأية»- أو اختصاصه بالخطأية منها دون العمدية - كما في رسالة الخمس للشيخ الأكبر حيث قال: «و أما ما يتفق له من الغرامات الحاصلة بأسباب الضمان فإن لم يحصل ذلك بتعمد منه فالظاهر دخوله في المؤونة، و إن تعمد ففي التقييد بغير العمد و عدمه إشكال»- احتمالات أقواها الأول و هو كونه من المؤونة مطلقا كما في المتن [متن العروة]، و لم يظهر لي وجه الاختصاص بالعمد كما في الجواهر، و لعل وجه الاختصاص بالخطاء كما في رسالة الشيخ الأكبر هو كون العمد منها إسرافا فلا يعد من المؤنة بخلاف الخطاء فإنه يحسب من الديون، و له وجه بناء على اختصاص الديون في احتسابها من المؤنة بما لا يكون خارجا عن زيه، و سيأتي الكلام فيه.[15]

ملاحظتنا على كلام المحقق الآملي:

إنّ المحقق الآملي نسب إلى صاحب الجواهر قولاً ثالثاً و هو أنّه يقول بالنسبة إلى العمدية: إنّ أداءها من المؤونة و بالنسبة إلى الخطأية: إنّ أداءها ليس من المؤونة.

لكن عبارة صاحب الجواهر لا يظهر منها ذلك بل يرى الإشكال في عدّ أداء أروش الجنايات العمدية من المؤونة و أخرج الخطأية عن مورد الإشكال و بالآخر أجاب عن الإشكال في العمدیة فنظريته هي أنّ أداء أروش الجنايات و قيم المتلفات من المؤونة مطلقاً.

النظرية الثانية: احتياط الشيخ الأنصاري في إلحاق العمدية بالخطأية

قال الشیخ الأنصاري: و أمّا ما يتّفق له من الغرامات الحاصلة بأسباب الضمان، فإن لم يحصل ذلك بتعمّد منه، فالظاهر دخوله في المؤونة، و إن تعمّدها، ففي إلحاقها بغير العمد و عدمه إشكال.[16]

ملاحظتنا عليه:

لا مجال للإشكال بعد أن كان أداء هذه الديون حقّاً ثابتاً على ذمّته و هو مطالبٌ بأدائها.

أمّا الإشكال بأنّ ما ثبت عليه بالعمد يكون من الإسراف الذي لا يعدّ مورده من المؤونة.

فيرد عليه: أنّ ما ارتكبه عامداً فهو معصية لكن الضمان ثبت على ذمّته فهو حقّ ثابت عليه شرعاً فأداؤه واجب عليه و ليس أداء هذا الدین معصية و إسرافاً.

 


[2] أداء الدين من المئونة سواء أ كان حدوثه في سنة الربح أم فيما قبلها، تمكن من أدائه قبل ذلك أم لا إلا فيما سيأتي. نعم إذا لم يؤد دينه إلى أن انقضت السنة وجب الخمس، من دون استثناء مقدار وفاء الدين إلا أن يكون الدين لمئونة السنة فإن استثناء مقداره من ربحه لا يخلو من وجه، و لا يحسب حينئذ أداؤه في العام اللاحق من مئونة ذلك العام، و لا فرق فيما ذكرنا بين كون سبب الدين أمراً اختيارياً كالاقتراض و الشراء بثمن في الذمة أو قهرياً كأروش الجنايات و قيم المتلفات و نفقة الزوجة الدائمة، كما لا فرق فيه بين كونه من قبيل حقوق الناس كالأمثلة المتقدمة أو من الحقوق الشرعية كما إذا انتقل الخمس أو الزكاة إلى ذمته، و تلحق بالدين فيما تقدم الواجبات المالية كالنذور و الكفارات، ففي جميع ذلك إن أداه من الربح في سنة الربح لم يجب الخمس فيه و إن كان حدوثه في السنة السابقة و إلا وجب الخمس على التفصيل المتقدم و إن كان عاصياً بعدم أدائه. منهاج الصالحين، السيستاني، السيد علي، ج1، ص339.
[4] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص159.
[5] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص159.
[6] منهاج الصالحین (السید الشاهرودي.)، ج1، ص364، م1231
[8] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص157-158.
[9] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص157.
[10] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص159.
[11] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، جلد: ۱۲، صفحه: ۱۵۹.
[12] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص159.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo