< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/03/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /مقدمات؛ المناقشة الثانیة من السید المحقق الصدر

 

المناقشة الثانیة: من السیّد المحقّق الصدر[1]

إنّ هذه النظریة غیر معقولة في نفسها، لأنّ عدم تقیّد موضوع الجعل الظاهري الأماري بالشكّ یستلزم إطلاقه لحال العلم و هو غیر معقول.

إن قلت: إنّ الشكّ مورد للأمارة لأنّها مجعولة في ظرف الشكّ و إن لم‌یكن قد أُخذ في موضوعه الشكّ.

قلت: إنّ هذا مجرّد تغییر في العبارة، إذ المقصود أنّ الجعل إذا كان قد فرض فیه وجود الشكّ و فرغ عنه فهو معنی أخذه قیداً في موضوع الحكم و إلّا كان الحكم مطلقاً و شاملاً لحالات العلم و هو غیر معقول.

یلاحظ على هذه المناقشة

إنّ ظاهر ما أفاده هو أنّه یلتزم بتقیید موضوع الأمارة بالشكّ كما أنّ موضوع الأصل أیضاً مقیّد بالشكّ، و الظاهر أنّه لایری فرقاً بین الشكّ الذي هو قید لموضوع الأصل و الشكّ الذي هو قید لموضوع الأمارة.

و لذا یرد علیه بالتفاوت بین البابین، فإنّ حجّیة الأمارة مجعولة في ظرف الشكّ بمعنی عدم العلم الوجداني من دون أن یؤخذ الشكّ في موضوع دلیل الحجّیة بل الشكّ في الحكم الواقعي بمعنی عدم تحقّق العلم الوجداني في وعاء الجعل، و بالطبع مع حصول العلم الوجداني لا مجال لحجّیة الأمارة.

و أمّا موضوع الأصل فهو مقیّد بعدم مطلق العلم سواء كان علماً وجدانیاً أو علماً تعبّدیاً، و الشكّ مأخوذ في لسان دلیل حجّیته في ناحیة الموضوع و مقتضى التحقیق هو أنّ موضوع الأصل و مجری جریانه فقدان الطریق المعتبر و عدمه، كما تقدّم([2] ) عند بیان تقسیم المباحث بحسب حالات المكلف من القطع و الظنّ و الشكّ، و قلنا هناك: إنّ مجری الأُصول العملیة الذي هو فقدان الطریق المعتبر یشمل أموراً ثلاثة:

الأوّل: عدم الطریق.

الثاني: وجود الطریق لابشرط عن الاعتبار الذي لم‌یثبت اعتباره مثل الشهرة.

الثالث: وجود الطریق بشرط لا عن الاعتبار مثل الظنّ القیاسي المنهي عنه.

فإنّ هذه الأمور الثلاثة یجمعها عنوان الشكّ بمعنی عدم مطلق العلم سواء كان علماً وجدانیاً أم تعبّدیاً.

یشهد لذلك ما أفاده المحقّق العراقي

قال: إنّه لا شبهة في أنّ المراد من الشكّ المبحوث عنه في المقام لیس خصوص تساوي الطرفین المقابل للظنّ و الوهم كما ربما یوهمه ظاهر العنوان بل المراد منه هو مطلق خلاف الیقین و مطلق استتار الواقع و عدم انكشافه بعلم أو علمي، فإنّ الأحكام المذكورة في ما بعد مترتبة على الجهل بالواقع و عدم انكشافه علماً أو علمیاً كما هو الشأن في الوظائف العرفیة عند الجهل بالواقع. [3]

فتحصّل من ذلك: أنّ ما أفاده الشيخ من تقیید موضوع الحكم الظاهري المدلول للأصل العملي بالشكّ و عدم تقیید الموضوع في ناحیة الأمارة بهذا الشكّ في غایة المتانة، لأنّ الشكّ المبحوث عنه هنا عدم العلم و العلمي و بعبارة أُخری عدم مطلق العلم وجدانیاً كان أم تعبّدیاً.

كما أنّه یمكن التعبیر عن هذا الشكّ بعدم وجود طریق معتبر سواء كان طریقاً تامّاً كالقطع أم طریقاً ناقصاً مثل خبر الثقة.

 


[2] راجع المجلد السادس من كتابنا هذا (عيون الأنظار)، ص50.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo