< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/03/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /الأمر الخامس: اتجاهان آخران في تقسیم المباحث

 

الأمر الخامس: اتجاهان آخران في تقسیم المباحث

إنّ تقسیم المباحث الأُصولیة على أساس حالات المكلّف تارة لأجل تنظیم المباحث و أُخری لأجل تعیین موضوع الأمارة و مجری الأصل العملي، و كلٌّ منهما یقتضي بیاناً مستقلاً.

ثم إنّ بعض الأعلام أعرضوا عن بیان الشيخ و هو التقسیم بالقطع و الظن و الشك و قسّموا المباحث بما إذا كان الطریق في المقام تامّاً أو ناقصاً و هنا اتّجاهان:

الاتجاه الأوّل: ما أفاده صاحب الكفایة[1]

إنّ المكلّف إمّا أن یحصل له القطع و هو الطریق التامّ أو یقوم عنده طریق معتبر أو لایحصل له القطع و الطریق المعتبر.

إشكال المحقّق الإصفهاني و المحقّق العراقي على صاحب الكفاية

إنّ لازم ذلك هو أن یكون البحث عن حجّیة الظنّ بحثاً عن ثبوت الموضوع (و هو الطریق المعتبر) لا عن ثبوت شيء للموضوع، و البحث عن ثبوت الموضوع من مبادي العلم. [2] [3]

الاتجاه الثاني: ما أفاده المحقّق الإصفهاني [4]

إنّ المكلّف إمّا أن یحصل له طریق تامّ و هو مبحث القطع أو طریق ناقص لا بشرط عن الاعتبار و هو مباحث الأمارات الظنّیة الشرعیة أو لایكون عنده طریق تامّ و لا طریق ناقص لا بشرط عن الاعتبار، و هذه الصورة الثالثة لها مصداقان:

المصداق الأوّل عدم وجود الطریق أصلاً.

المصداق الثاني وجود الطریق بشرط عدم الاعتبار.

و التحقیق هو أنّ التقسیم إن كان لتنظیم المباحث الأُصولیة فلابدّ أن یبحث عن الطریق بشرط عدم الاعتبار في القسم الثاني من المباحث فیبحث فیه عن الطریق الناقص لابشرط عن الاعتبار أو بشرط لا عنه.

و إن كان لبیان موارد جریان الأُصول و الأمارات فلابدّ أن یجعل في القسم الثاني الطریق الناقص لابشرط عن الاعتبار في ما إذا ثبت اعتباره و یكون الموضوع في القسم الثالث هو الأعمّ من عدم وجود الطریق أو وجود الطریق الناقص لابشرط الذي لم‌یثبت اعتباره مثل الشهرة أو وجود الطریق الناقص بشرط لا عن الاعتبار مثل القیاس.

و حیث إنّ البحث هنا عن بیان موضوع الأُصول العملیة و مجراها فلابدّ أن نقول: إنّ موضوع الأصل العملي هو عدم الطریق التامّ و عدم الطریق المعتبر و قد عبّرنا عنه بعدم مطلق العلم وجدانیاً كان أم تعبّدیاً.


الأمر السادس: انحصار الأُصول العملیة و مجاریها في أربعة

إنّ الأُصول العملیة الجاریة عند عدم مطلق العلم و فقدان الطریق التامّ و الطریق المعتبر منحصرة في أربعة أُصول استقراءً و مجراها منحصر في أربعة موارد عقلاً.

انحصار الأُصول العملیة في أربعة

أمّا حصر الأُصول العملیة استقراءً فلأنّه یمكن ثبوتاً جعل أصل آخر مثل أصالة الاستصحاب في ما إذا احتملنا الوجوب و الإباحة أو إذا احتملنا الاستصحاب و الوجوب أو إذا احتملنا الاستصحاب و الإباحة.

و مثل أصالة الكراهة في ما إذا احتملنا الحرمة و الإباحة أو إذا احتملنا الكراهة و الحرمة أو إذا احتملنا الكراهة و الإباحة.

و هكذا أصالة الوجوب في ما إذا احتملناه و أصالة الحرمة أیضاً في ما إذا احتملناه و لكن لیس في مقام الإثبات ما یدلّ على ذلك.

انحصار مجاري الأُصول العملیة في أربعة موارد

أمّا حصر مجاري الأُصول العملیة عقلاً في أربعة موارد، فلأنّه إذا فُقد الطریق التامّ و الطریق المعتبر إمّا أن یعلم المكلّف حالة سابقة اعتبرها الشارع و هو مجری «الاستصحاب»، و إمّا أن لایعلم و حینئذ إمّا أن لایقوم عنده طریق تامّ و لا طریق ناقص معتبر على التكلیف و هو مجری «البراءة» و إمّا أن یقوم عنده طریق تامّ أو طریق ناقص معتبر على أصل التكلیف و لكن یشكّ في المكلّف به فإن أمكن الاحتیاط فهو مجری «الاشتغال»، و إن لم‌یمكن الاحتیاط فهو مجری «التخییر».

فالأُصول العملیة منحصرة في الاستصحاب و البراءة و الاحتیاط و التخییر، و هي تجري في الحكم الوضعي أیضاً كما تجري في الحكم التكلیفي.


الأمر السابع: إنّ قاعدة الطهارة من المسائل الأُصولیة أو لا؟

إنّ الأُصولیین لم‌یتعرّضوا للبحث عن أصالة الطهارة و اختلفوا في وجهه و فیه أوجه ثلاثة:

الوجه الأوّل

إنّ هذه القاعدة من القواعد الفقهیة و هي خارجة عن مسائل علم الأُصول و لذا لا مناسبة للتعرّض لها في علم الأُصول.

الجواب عن الوجه الأوّل

إنّ أصالة الطهارة لاتجري في الشبهات الموضوعیة فحسب بل هي جاریة في الشبهات الحكمیة و لذا تقع في قیاس استنباط الأحكام الشرعیة فهي من هذه الجهة مسألة أُصولیة، لابدّ من البحث عنها في علم الأُصول.

و وزان أصالة الطهارة عند الشكّ في النجاسة هو وزان أصالة الحلّ عند الشكّ في الحرمة فكلاهما أُصولیتان إلّا أنّ أصالة الحلّ تدلّ على الحكم التكلیفي و أصالة الطهارة تدلّ على الحكم الوضعي.

الوجه الثاني [5] [6]

إنّ هذه القاعدة من المسائل الأُصولیة و الوجه في عدم ذكرها في ضمن المسائل الأُصولیة اختصاصها بباب الطهارة و عدم جریانها في سائر الأبواب و هذا الوجه ذكره صاحب الكفایة و قال بعده: «فافهم»[7] .

و لعلّ وجه قوله: «فافهم»، یرجع إلى أنّ عدم الاطراد في جمیع أبواب الفقه لیس مسوّغاً للإهمال و إلّا یلزم خروج كثیر من المسائل الأُصولیة عن علم الأُصول لعدم اطّرادها في جمیع أبواب الفقه.[8]

الوجه الثالث: مختار صاحب الكفایة[9] و المحقّق الخوئي [10]

إنّ قاعدة الطهارة في ما اشتبه طهارته بالشبهة الحكمیة هي ممّا ینتهي إلیها في مقام العمل في ما لا حجّة على طهارته و لا على نجاسته فهي مسألة أُصولیة و الوجه في عدم تعرّض الأصحاب لها هو أنّ البحث عنها لیس بمهمّ حیث إنّها ثابتة بلا كلام.

نعم قاعدة الطهارة إذا جرت في الشبهات الموضوعیة فهي قاعدة فقهیة یفتي بها المجتهد و تطبیقها بید المقلّد، و أمّا إذا جرت في الشبهات الحكمیة فهي مسألة أُصولیة و المرجع فیها هو المجتهد و لیس أمرها بید المقلّد.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo