< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/03/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /أصالة البرائة؛ المقام الاول؛ مناقشات ثلاثة في الاستدلال بالآیة

 

مناقشات ثلاث في الاستدلال بالآیة

المناقشة الأُولى

إنّ الشيخ الأنصاري ناقش[1] في الاستدلال بالآیة بأنّها ظاهرة‌ في عدم وقوع العذاب على الأُمم السابقة إلّا بعد البعث و بیان الأحكام، فیختصّ بالعذاب الدنیوي الواقع في الأُمم السابقة، و لاتدلّ على نفي العذاب الأُخروي عند عدم بیان الأحكام.

أجوبة ثلاثة عن المناقشة الأُولى

الجواب الأوّل: ما أفاده المحقّق الخوئي[2]

«إنّ نفي العذاب الدنیوي عند عدم تمامیة البیان یدلّ بالأولویة القطعیة على نفي العذاب الأُخروي، إذ العذاب الدنیوي أهون من العذاب الأُخروي»

الإیراد على الجواب الأوّل

إنّ بعض الأُمم السابقة قد ارتفعت عنهم البلایا و العقاب الدنیوي من دون أن یرتفع عنهم العقاب الأُخروي، فعلى هذا نفي العذاب الدنیوي لیس دلیلاً على نفي العقاب الأُخروي.

الجواب الثاني: ما أفاده أیضاً المحقّق الخوئي[3]

إنّ جملة ما كان أو ما كنّا و ما شابههما تدلّ على أنّ الفعل لایلیق بالفاعل مثال ذلك قوله تعالى: ﴿ما كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنينَ﴾[4] و قوله تعالى: ﴿وَ ما كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فيهِمْ﴾[5] و قوله تعالى: ﴿وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً﴾[6] و في ما نحن فیه هذه الآیة تدلّ على أنّ التعذیب قبل البیان لایلیق به و لاینبغي صدوره منه تعالى.

و حیث إنّ الفعل الماضي في هذه الاستعمالات منسلخ عن الزمان فیعمّ جمیع الأزمنة و یدلّ على أنّ التعذیب قبل البیان لاینبغي صدوره عنه في جمیع الأزمنة فتشمل الآیة التعذیب الدنیوي و الأُخروي.

الجواب الثالث

إنّ إطلاق العذاب في الآیة الشریفة یشمل العذاب الدنیوي و الأُخروي و لم‌یقیّد بأحدهما فإطلاقه یقتضي التعمیم.

و هذا الجواب الثالث أولى ممّا أفاده المحقّق الخوئي في الجواب الثاني، لأنّه استدلّ بإطلاق ﴿ما كُنَّا﴾ بالنسبة إلى جمیع الأزمنة لیثبت منه إطلاق العذاب و لكن في الجواب الثالث استدلّ بإطلاق نفس كلمة ﴿مُعَذِّبينَ﴾.

المناقشة الثانیة

إنّ الآیة تدلّ على نفي فعلیة العذاب و نفي الفعلیة أعمّ من نفي الاستحقاق و الكلام هنا في نفي الاستحقاق و نفي فعلیة العذاب لایدلّ على نفي استحقاق العذاب.

جوابان عن المناقشة الثانیة

الجواب الأوّل: من المحقّق الخوئي [7]

إنّ كون التعذیب قبل البیان لایلیق به تعالى یدلّ على عدم كون العبد مستحقاً للعقاب، إذ مع فرض استحقاق العبد للعقاب، لا وجه لعدم كون العذاب لائقاً به تعالى بل كونه غیر لائق به تعالى إنما هو لعدم استحقاق العبد له.

و هذا الجواب یقرب ممّا ذكره صاحب الفصول[8] و ارتضاه الشيخ الأنصاري[9] من أنّ نفي الفعلیة في هذا المقام یكفي في نفي الاستحقاق.

الإیراد على الجواب الأوّل

إنّ نفي التعذیب قبل إتمام الحجّة ببعث الرسل لعلّه كان منّةً منه تعالى على عباده مع استحقاقهم ذلك. و هذا البیان مذكور في كلمات صاحب الكفاية.[10]

الجواب الثاني

إنّ نفي فعلیة العذاب یكفي في جریان البراءة و إن كان منّةً منه تعالى، و لانحتاج إلى إثبات عدم استحقاق العقاب، فإنّ المستفاد من نفي فعلیة العذاب قبل البیان بالنحو الكلّي هو عدم تنجّز الأحكام الإلزامیة الواقعیة لعدم وصولها و هذا هو معنی جریان البراءة.

المناقشة الثالثة

إنّ الآیة تدلّ على جریان أصالة البراءة في ما إذا لم‌یصدر بیان من الشارع و لاتدلّ على جریان البراءة في ما إذا صدر البیان و لكن لم‌یصل إلى المكلّف.[11]

الجواب عن المناقشة الثالثة

إنّ الغرض من بعث الرسول لیس هو البیان فقط بل الغرض هو إیصال الحجّة إلینا فالآیة تدلّ على نفي البراءة في ما لم‌یصل البیان إلینا و لذا رجّحنا في الاستدلال بالآیة التقریب الذي أفاده المحقّق الخوئي.

المناقشة الرابعة

و هي لبعض الأساطين حيث قال: العمدة في الإشكال على الاستدلال بها هو أنّها لا تدلّ على مدّعى الأصوليين، ثبوتَ البيان على البراءة عن التكليف المجهول في قبال دعوى الأخباريين ثبوتَ البيان على الاحتياط، والآية غیر متعرّضة لثبوت البيان و لا لعدمه بل تتعرّض لكبرى عدم استحقاق العذاب قبل البيان على ما هو الوظيفة، و هذه الكبرى متّفق عليها بين الفريقين و كأنّ وزان مدلول الآية وزان قاعدة قبح العقاب بلا بيان مع أدلّة الأصوليين على البراءة على فرض التمامية أو أدلّة الأخباريين على الاحتياط من عدم وصول النوبة إليها لكونها محكومة و أدلّة البراءة و الاحتیاط حاكمة عليها أو واردة.([12] )

ثمّ ذهب إلى أنّه لا موجب للإطالة مع جريان الإشكال في الآيات الأخر التي استدلّ بها.

یلاحظ علیه

إنّ الإشكال غیر وارد على التقریب الذي أفاده المحقّق الخوئي من أنّ الأیة تدلّ على عدم العذاب ما لم یصل التكلیف إلى المكلّف و ما لم تقم الحجّة على الحكم، فتنفي العقاب بمخالفة التكلیف غیر الواصل إلى المكلّف.


[12] تحف العقول في علم الأصول، ص51.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo