< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/03/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /المقام الأول؛ الوجه السادس

 

الوجه السادس

يروي المتقدّمون من علمائنا رضي الله عنهم عن جماعة من مشايخهم الذين يظهر من حالهم الاعتناء بشأنهم، و ليس لهم ذكر في كتب الرجال، و البناء على الظاهر يقتضي إدخالهم في قسم المجهولين، و يشكل بأنّ قرائن الأحوال شاهدة ببعد اتخاذ أولئك الأجلاء الرجل الضعيف أو المجهول شيخاً يكثرون الرواية عنه و يظهرون الاعتناء به، و رأيت لوالدي - رحمه الله - كلاماً في شأن بعض مشايخ الصدوق قريباً ممّا قلناه، و ربّما يتوهّم أنّ في ترك التعرّض لذكرهم.

في كتب الرجال إشعاراً بعدم الاعتماد عليهم، و ليس بشيء، فإنّ الأسباب في مثله كثيرة، و أظهرها أنّه لا تصنيف لهم، و أكثر الكتب المصنّفة في الرجال لمتقدّمي الأصحاب اقتصروا فيها على ذكر المصنّفين، و بيان الطرق إلى رواية كتبهم. هذا، و من الشواهد على ما قلناه، أنّك تراهم في كتب الرجال يذكرون عن جمع من الأعيان، أنّهم كانوا يروون عن الضعفاء، و ذلك على سبيل الإنكار عليهم وإن كانوا لا‌يعدّونه طعناً فيهم، فلو لم تكن الرواية عن الضعفاء من خصوصيات من ذكرت عنه لم يكن للإنكار وجه، و لولا وقوع الرواية من بعض الأجلاء عمّن هو مشهور بالضعف لكان الاعتبار يقتضي عدّ رواية من هو معروف بالثقة و الفضل و جلالة القدر عمّن هو مجهول الحال ظاهراً من جملة القرائن القوية على انتفاء الفسق عنه.[1]

الوجه السابع

و ذكر السيد الصدر وجهاً آخر لتوثيق أحمد بن محمد بن يحيى و هو أنّ الشيخ الطوسي نقل في الجزء الأوّل من الاستبصار و اقتصر في روايات كثيرة على هذا السند، (أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه)[2] .

و هذا يدلّ - مع امتلاكه لما لا شك في صحته من سند إلى محمد بن يحيى العطار - على اطمئنانه بالحسين بن عبيد الله الغضائري و أحمد بن محمد بن يحيى و أنّه يشهد بوثاقتهما عن حسّ، و هو سنده إلى الكليني، عن محمد بن يحيى العطار كما ورد في المشيخة. و لئن اختص هذا السند بكل ما رواه في التهذيبين عن كتب محمد بن يحيى العطار فإنّنا لا‌نشكّ أنّ أكثر هذه الروايات، أو جميعها قد أخذها من كتب محمد بن يحيى العطار، إذ لا‌يوجد قبله عدا الحسين بن عبيد الله الغضائري و أحمد بن محمد بن يحيى. و الأوّل قد نقل الشيخ عنه بعنوان (أخبرنا)، و هذا يعني أنّه لم يأخذها من كتابه على أنّ الحسين بن عبيد الله ليست له كتب روائية، و الثاني ليس له كتاب. و أمّا من بعد محمد بن يحيى فهو ليس شخصاً معيناً في جميع تلك الروايات، فإن السند من بعد - محمد بن يحيى العطار يختلف كثيراً باختلاف تلك الروايات، و إنما القاسم السندي المشترك فيما بينهما هو المقطع الأوّل من السند، و هو الحسين بن عبيد الله، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه محمد بن يحيى العطّار، و هذا يدلّ على أنّه أخذ كلّ تلك الروايات أو جلّها من كتاب محمد بن يحيى العطار لا ممن قبله و لا ممن بعده، و من البعيد أن يكون له سند واضح الصحة إلى كتاب محمد بن يحيى العطار ثمّ يترك ذكره صدفة في كل تلك الروايات المكثّف وجودها في الجزء الأول من الاستبصار، و يقتصر فيها جميعاً على ذكر سند يوجد فيه من ليست له شهادة حسّية بوثاقته، أفلا يعني هذا أنّ الشيخ الطوسي يشهد بوثاقة الحسين بن عبيد الله الغضائري و أحمد بن محمد بن يحيى؟! فلو لم يكن يشهد بوثاقتهما فلما ذا هذا الإصرار على ذكر سند غير صحيح و ترك السند الصحيح؟! و لو كان يشهد بوثاقتهما عن حدس فلما ذا هذا الإصرار على ذكر سند يكون صحيحاً عنده عن حدس و اجتهاد و ترك سند يكون صحيحاً عنده بالشهادة الحسية أو ما يقرب من الحس؟! على أنّه من البعيد جدّاً كون وثاقتهما ثابتة عند الشيخ بالحدس لا بالحسّ، فإنّ أحدهما شيخه، و الثاني قريب من زمانه لأنّه شيخ شيخه.

و يؤيّد المطلوب: أنّ السند الوحيد الذي ذكره الشيخ في مشيخته إلى كتاب علي بن جعفر هو الحسين بن عبيد الله، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه محمد بن يحيى العطار، عن العمركي بن علي النيسابوري البوفكي، عن علي بن جعفر مع أنّ له سنداً تامّاً إلى كل من محمد بن يحيى العطار و علي بن جعفر.[3]

الوجه الثامن

و هو لبعض الأساطين: و هو كثرة رواية النجاشي في رجاله في إسناد الكتب إلى مؤلّفيها عن أحمد بن محمد و إن كانت مع وساطة فرد واحد بينه و بينه، و ذلك بملاحظة ما صرّح به في مقدّمة الكتاب من كون السبب لتأليف كتاب الرجال هو تعیير العامة لعلماء الخاصّة بعدم التأليف و التصنيف لهم افتراء عليهم فأقدم على تألیف كتاب الرجال لقطع ألسنتهم عن هذه التهمة و إثبات كثرة كتب الخاصّة و تصانيفهم في العلوم المختلفة، و ذلك بأمر من علم الهدى السيد المرتضى له في تأليف كتاب لهذا الغرض كما أنّ الشيخ الطوسي ألّف الفهرست بأمر من الشيخ المفيد لهذا الغرض.

فحيث إنّ الغرض من تأليفه الرجال هو إتمام الحجّة على المخالفين بإثبات كثرة تصانيف الخاصّة و تآليفهم مع اعتراضه على المخاصمين بأنّ من لا علم و لا معرفة له لا حجّة له علينا لا معنى لدعواه وجود الكتب الكثيرة للخاصّة بسند ضعيف غير حجّة عنده مع الاعتراض بأنّ المخالف لا حجّة له إذ للمخالف أن يردّ عليه و يقابله بأنّه هو المدّعى بلا حجّة على مدّعاه. و بالجملة فالغرض من تأليف الكتاب من مثل النجاشي في الدقّة و التحقيق و المتانة یقضي بأنّ كلّ الكتب المنسوبة فيه إلى الأصحاب بأسناد معتبرة بحيث لا‌يمكن للمخالف المناقشة فيها سيّما بالنسبة إلى واسطة كثر وقوعها في أسناد الكتب مثل أحمد بن محمد و إلّا يلزم عليه نقض الغرض.([4] )

 


[4] تحف العقول في علم الأصول، ص111: «ثمّ قال بعد ذلك: فتحصّل أنّ ما هو العمدة من الوجوه الموجبة للاطمئنان بوثاقه أحمد بن محمد ثلاثة:الأوّل: توثيق العلاّمة في الخلاصة له و عدم تمامية المناقشات الّتي أوردت عليه. و أمّا توثيق الشهيد الثاني و تصحيح صاحب المعالم و تصحيح المحقّق الأردبیلي له بالنظر إلى مبانيهم في التوثيقات و التصحيح و إن ناقشنا فيه بكونه مستنداً إلى الحدس فيكون من المؤيّدات.و الثاني: وقوعه في طريق كتب ابن سعيد مع دعوى السيرافي باعتماد الأصحاب على ذلك الطريق.و الثالث: كثرة وقوعه في أسناد الكتب التي نسبها النجاشي في الرجال إلى الأصحاب بتلك الأسناد فبهذه الوجوه ترتفع الجهالة عن أحمد بن محمد و لا‌یبقی مجال لما عليه صاحب المدارك و السيد الخوئي من المناقشة في وثاقته».

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo