< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/03/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /المقام الأول؛ الأمر الأول هل یعم حدیث الرفع؛ الاحتمال الأول

 

الاحتمال الأوّل

قال الشيخ الأنصاري: معنی رفع أثر التحریم في «ما لایعلمون» عدم إیجاب الاحتیاط و التحفّظ فیه حتّی یلزمه ترتّب العقاب، إذا أفضى ترك التحفّظ إلى الوقوع في الحرام الواقعي ... [إلى أن قال:] و الحاصل: أنّ المرتفع في «ما لایعلمون» و أشباهه ممّا لایشمله أدلّة التكلیف هو إیجاب التحفّظ على وجه لایقع في مخالفة الحرام الواقعي و یلزمه ارتفاع العقاب و استحقاقه، فالمرتفع أوّلاً و بالذات أمر مجعول یترتّب علیه ارتفاع أمر غیر مجعول.

إیراد المحقّق الخوئي علیه[1]

إنّ ذلك خلاف ظاهر الحدیث، فإنّ ظاهره أنّ المرفوع هو نفس ما لایعلم و هو الحكم الواقعي لا وجوب الاحتیاط و بعد كون الحكم بنفسه قابلاً للرفع في مرحلة الظاهر ... [إلى أن قال:] لا وجه لارتكاب خلاف الظاهر.

الاحتمال الثاني

و هو أن یكون المرفوع نفس الحكم سواء كان حكماً كلّیاً أم جزئیاً، لأنّ منشأ الشكّ في الحكم إمّا عدم وصوله إلى المكلّف فهو حینئذٍ یشكّ في الحكم الكلّي، و إمّا الاشتباه في الأمور الخارجیة فالمكلّف حینئذ یشكّ في الحكم الجزئي.

فحدیث الرفع -على هذا الاحتمال- یشمل الشبهات الحكمیة و الشبهات الموضوعیة. [2]

الاحتمال الثالث

و هو أن یكون المرفوع ما هو الأعمّ من الحكم المجهول و الفعل الخارجي المجهول بحسب العنوان و هذا مثل فعل الشرب الذي لم‌یعلم عنوانه أ هو شرب الخمر أو شرب الخلّ؟

و حینئذٍ إن قلنا بإمكان شمول الموصول للحكم و الفعل الخارجي المجهول فلابدّ من الالتزام به و ترجیح هذا الاحتمال الثالث على الاحتمال الثاني و ذلك لإطلاق الموصول.

الاحتمال الرابع

و هو أن یكون المرفوع خصوص الفعل الخارجي المجهول بحسب العنوان دون الحكم و لو التزمنا بهذا القول لابدّ من أن نلتزم باختصاص حدیث الرفع بالشبهات الموضوعیة، فلا‌تجري البراءة حینئذ في الشبهات الحكمیة (لو كان الدلیل علیه حدیث الرفع فقط).

بیان الشيخ الأنصاري لهذا الاحتمال

قال الشيخ الأنصاري بعد تقریب الاستدلال بحدیث الرفع:

«یمكن أن یورد علیه بأنّ الظاهر من الموصول في "ما لایعلمون" بقرینة أخواتها هو الموضوع أعني فعل المكلّف غیر المعلوم كالفعل الذي لایعلم أنّه شرب الخمر أو شرب الخلّ و غیر ذلك من الشبهات الموضوعیة فلایشمل الحكم غیر المعلوم.» [3]

قد استدلّوا على الاحتمال الرابع بأوجه خمسة

الوجه الأوّل

إنّ وحدة السیاق تقتضي ذلك لأنّ المراد من الموصول هو الفعل لا الحكم كما نری ذلك في «مَا لَا يُطِيقُونَ» و «مَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْه» و «مَا اضْطُرُّوا إِلَيْهِ»، فإنّ المراد فیها هو الفعل الذي لایطیقونه و الفعل الذي یُكرهون علیه و الفعل الذي یُضطرّون إلیه و لا معنی لعدم الطاقة على الحكم بل عدمُ الطاقة على إجراء الحكم و امتثاله و لا إكراه على الحكم بل الإكراهُ على الفعل ولا اضطرار إلى الحكم بل الاضطرارُ إلى الفعل الخارجي.

إیراد المحقّق الخوئي علیه

إنّ وحدة السیاق محفوظة هنا، لأنّ الموصول استعمل في معنی واحد و هو المرادف لمعنی الشيء، مثال ذلك هو أن یقال: «إنّ ما تركه جابر أو عمّار فهو لمیثم» مع أنّ ما تركه جابر مثلاً فهو الدار و ما تركه عمّار مثلاً هو أساس البیت، و الاختلاف في مصادیق الموصول لایضرّ بوحدة السیاق في ناحیة الموصول.[4]

الوجه الثاني

إنّ الرفع في الحدیث أُسند إلى عنوان التسعة بإسناد واحد كلامي، و بعض مصادیق التسعة هو الفعل الخارجي قطعاً كما في «مَا اضْطُرُّوا إِلَيْهِ» و «مَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْه» و «مَا لَا يُطِيقُونَ» و إسناد الرفع إلى الفعل الخارجي مجازي بلا شبهة.

فإن كان الموصول في «مَا لَا يَعْلَمُونَ» أیضاً الفعل الخارجي فإسناد الرفع إلى «ما لایعلمون» یكون إسناداً مجازیاً و یكون إسناد الرفع إلى التسعة إسناداً مجازیاً.

و إن كان الموصول في «مَا لَا يَعْلَمُونَ» هو الحكم فإسناد الرفع إلى «مَا لَا يَعْلَمُونَ» حینئذٍ یكون إسناداً حقیقیاً فیلزم أن یكون الإسناد الواحد (و هو إسناد الرفع إلى عنوان التسعة) حقیقیاً و مجازیاً و هذا غیر جائز.[5] [6] [7]

أجوبة ثلاثة عن الوجه الثاني

الجواب الأوّل: ما أفاده المحقّق الخوئي[8] [9] [10] [11] [12]

إنّ المراد من الرفع هو الرفع التشریعي لا[13] التكویني و إسناد الرفع التشریعي إلى الفعل إسناد حقیقي، و یلزم حینئذٍ أن یكون إسناد الرفع إلى عنوان التسعة إسناداً حقیقیاً.[14]

الجواب الثاني: ما أفاده المحقّق الخوئي أیضاً [15]

لو قلنا بأنّ المراد من الرفع هو الرفع التكویني یلزم أن یكون إسناد الرفع إلى عنوان التسعة مجازیاً، إذ الإسناد إلى العنوان الجامع الواحد في ما إذا كان بعض مصادیقه قابلاً لهذا الإسناد حقیقة و بعض مصادیقه الآخر قابلاً له مجازاً، إسناد مجازي فلایلزم أن یكون إسناد واحد حقیقیاً و مجازیاً.[16] [17] ([18] )

الجواب الثالث

و یمكن الجواب عن ذلك ثالثاً بأن یقال: لا إشكال في كون الإسناد الواحد بالنسبة إلى بعض مصادیق المسند إلیه حقیقیاً و بالنسبة إلى بعضها الآخر مجازیاً، لما تقدّم من أنّ استعمال لفظ واحد في أكثر من معنی واحد جائز عند بعض المحقّقین و هذا هو المختار.

الوجه الثالث

إنّ حدیث الرفع وارد في مقام الامتنان على المكلّفین، فلابدّ أن یكون المرفوع أمراً ثقیلاً حتّی یكون رفعه امتناناً على المكلّف و الثقیل هو الفعل دون الحكم لأنّ الحكم اعتبار من المولى و لكن الفعل هو ما یصدر عن المكلّف.

أجاب عنه المحقّق الخوئي [19]

قال: «لا مانع من إسناد الرفع إلى الحكم باعتبار كونه سبباً لوقوع المكلّف في كلفة و ثقل».

الوجه الرابع

إنّ الرفع لابدّ و أن یتعلّق بالفعل، لتقابله مع الوضع فلابدّ أن یكون متعلّق الرفع و الوضع أمراً واحداً، و حیث إنّ الحكم هو اعتبار وضع الفعل على ذمّة المكلّف فلابدّ أن یكون الرفع هنا هو رفع الفعل عن ذمّته، فالرفع و الوضع كلاهما متعلّقان بالفعل.

الجواب عن الوجه الرابع

هو أنّ الحكم اعتبار الشارع و المراد من الوضع هو جعل الحكم و إیجاده في عالم الاعتبار و قرینة المقابلة تقتضي تعلّق الرفع بالحكم أیضاً.

فالرفع كما یتعلّق بالفعل یتعلّق بالحكم أیضاً، فالموصول في «مَا لَا يَعْلَمُونَ» یعمّ الفعل و الحكم.

الوجه الخامس

إنّ «مَا لَا يَعْلَمُونَ»‌ یشمل الفعل یقیناً فلو قلنا بشموله للحكم یلزم استعمال اللفظ في أكثر من معنی‌ واحد.

جوابان عن الوجه الخامس

الجواب الأوّل

إنّ الموصول لم‌یستعمل في المعنیین بل استعمل في معناه المبهم المرادف لمفهوم الشيء و غایة الأمر أنّه ینطبق على الفعل مرّة و على الحكم أُخری، و اختلاف المصادیق لایوجب تعدّد المعنی المستعمل فیه.

الجواب الثاني

إنّ استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنی واحد جائز عند بعض الأعلام و قد تقدّم بیان جوازه. ([20] )

 


[2] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج2، ص33. و في أصول الفقه للشیخ حسین الحلي، ج‌7، ص119: «إنّه ليس المراد بالرفع في هذا الحديث الشريف في جميع التسعة إلّا معنى واحداً و هو مجرّد عدم الجعل. غايته أنّه يكون واقعياً فيما عدا ما لايعلمون و في خصوص ما لايعلمون لايكون الرفع الذي هو عبارة عن عدم الجعل إلّا ظاهرياً، و ذلك الاختلاف لايوجب اختلافاً في معنى الرفع لغةً و استعمالًا، بل لايكون الرفع في الجميع إلّا بمعنى واحد، و هو عبارة عن عدم الجعل، و خصوصية كونه ظاهرياً أو واقعياً إنّما يكون في المنسوب إليه الرفع و هو المرفوع، فحيث كان موضوعه في ما لايعلمون هو عدم العلم بالحكم الواقعي، و كان الرفع وارداً في طريق ذلك الحكم الواقعي، لم يكن رفع ذلك الحكم الذي هو عبارة عن عدم جعله إلّا حكماً ظاهرياً، بخلاف باقي التسعة، و القرينة الموجبة لحمل التصرّف في ما لايعلمون على الحكم الظاهري هي ما أقمناه من الأدلّة القطعية العقلية و النقلية على مشاركة العالم و الجاهل في الأحكام الواقعية الشرعية، فإنّ تلك الأدلّة تكون من قبيل القرينة القطعية الموجبة لعدم حمل الرفع المسند إلى «ما لا يعلمون» على الرفع الحقيقي الواقعي، فلا بدّ حينئذ من التنزّل إلى حمله على الرفع الظاهري».
[13]  .
[18] و في آراؤنا في أصول الفقه: «و ثانياً: ... يكون الإسناد مجازياً لأنّ المفروض أنّ الإسناد الكلامي واحد و حيث أنّ المسند إليه مركب من الخارج و الداخل فلايكون الإسناد حقيقياً بل يكون الإسناد إسناداً واحداً مجازياً فلاحظ».أما الإیراد على الجواب الثاني ففي بحوث في علم الأصول: «فيه: أولاً- ما تقدم في مناقشة الكلام السابق من أنّ النسبتين متغايرتان سنخاً فلايكفي مجرد توسيع نطاق طرف النسبة للتعميم، فإنّ هذا إنّما يفيد في سنخ نسبة واحدة لا نسبتين متغايرتين بالهوية كالتغاير بين النسبة الابتدائية و الظرفية فأنّهما لايمكن جمعهما في واحد مهما وسعنا الطرف.و ثانياً: أنّ الصياغة المذكورة غير سليمة، لأنّ المركب مما يقبل الرفع و ما لايقبل لو أريد به العام المجموعي -كما هو ظاهر كلمة المركب- قابل للرفع حقيقة برفع الجزء القابل منه فإن المركب ينتفي حقيقة بانتفاء جزئه و لهذا لابد من تعديله و التعبير عنه بالجامع بين ما يقبل و ما لايقبل فإنّه لايقبل الرفع حقيقةً لأن رفع الجامع لايكون إلا برفع تمام مصاديقه فإذا كان فيها ما لايقبل الرفع فالجامع أيضاً لايقبله».
[20] هنا أجوبة أخر ترجع لبعض الوجوه و بعضها راجعة لوجهين و تقسّم إلى ثلاثة أقسام:القسم الأول: ما أجیب به عن الإشكال مع تسلیم كون استعمال الرفع في الموضوع مجازاً و في الحكم حقیقةً. الجواب الأول: في بحوث في علم الأصول، ج‌5، ص42: «قد أجيب على هذا الاعتراض بوجوه: الأول: ما ذكره المحقق الأصفهاني من أنّه لا بأس بأن يكون إسناد واحد من ناحية حقيقياً و من ناحية أخرى مجازياً لأنّ التقابل بين الحقيقة و المجاز ليس تقابلاً حقيقياً كالأضداد بل بالاعتبار فلا مانع من صدقهما معاً في إسناد واحد باعتبارين فإسناد الرفع في الحديث إلى الشي‌ء أي الموصول من حيث انطباقه على التكليف يكون حقيقياً و من حيث انطباقه على الموضوع الخارجي يكون عنائياً».و هو إشارة إلى قول المحقق الإصفهاني في نهاية الدراية، ج4، ص50: «مع أن اتصاف الاسناد الواحد بوصفين متقابلين- إذا كانا اعتباريين- معقول‌ ... ».الإیراد على الجواب الأول:في بحوث في علم الأصول: «هذا الجواب غير تام، إذ ليس المقصود- بحسب الظاهر- أنّ هذا الإسناد في عالم التطبيق و الانحلال بلحاظ مصداقه الذي هو التكليف يكون حقيقياً و بلحاظ الموضوع الخارجي يكون عنائياً ليتّجه ما ذكر بل الملحوظ مرحلة الاستعمال و الإسناد الكلامي التي هي مرتبة أسبق من مرحلة انحلال المعنى على مصاديقه خارجاً حيث يقال في هذه المرتبة بأنّ الهيئة المستعملة في النسبة الإسنادية إما أن تكون مستعملة فيما هو له فيكون حقيقةً أو في غير ما هو له فيكون إسناداً عنائياً و استعمالاً مجازياً لأن النسبة إلى ما هو له غير النسبة إلى غير ما هو له سنخاً فلايمكن الاستعمال فيهما معاً لأنه من الاستعمال في أكثر من معنى و الجامع بينها غير موجود لتباين النسبتين سنخاً فلا بد من الاستعمال في إحداهما و طرف النسبة إلى ما هو له يستحيل أن يكون له إطلاق لغير التكليف كما هو واضح».الجواب الثاني:و في وسيلة الوصول إلى حقائق الأصول: «ثانياً: لو سلّمنا أنّ إسناد الرفع إلى الحكم الشرعي بلا عناية و إسناد إلى ما هو له، و إسناده إلى الموضوع الخارجي إسناد إلى غير ما هو له و بالعناية، لكن كليهما مشتركان في أنّ إسناد الفعل إليهما إسناد إلى نائب فاعله، و هو سنخ واحد من الإسناد، و إن كان أحدهما يحتاج إلى المصحّح دون الآخر بخلاف تعلّق الفعل بالمفعول المطلق و تعلقه بالمفعول، فإنّهما سنخان من الإسناد و التعلّق، و لا جامع بينهما إلّا مفهوم التعلّق، فإسناد الفعل إلى ما هو له و غيره مثل استعمال صيغة الأمر في القدر المشترك بين الوجوب النفسي و الوجوب الغيري، حيث إنّ الصيغة لم‌تستعمل إلّا في إيقاع النسبة الطلبية الإنشائية، و إن كان الداعي بالنسبة إلى الواجب النفسي هو مطلوبيّته لنفسه، و بالنسبة إلى الواجب الغيري هو مطلوبيته لغيره، كما أنّ اختلاف الدواعي بالنسبة إلى متعلّق الأمر لايوجب استعمال الصيغة في أكثر من معنى فكذلك اختلاف متعلّق الرفع باحتياج بعض الأفراد إلى المصحّح و عدم احتياج بعضه إلى المصحّح لايوجب استعمال اللفظ في أكثر من معنى، إذ اللفظ لم‌يستعمل إلا في معنى واحد إيقاعي، و هو إسناد الفعل إلى نائب فاعله، و هما مشتركان فيه. و إن كان الإسناد إلى أحدهما حقيقي و بلا عناية و في الآخر إدعائي و بالعناية فإنّ هذا الاختلاف من قبيل اختلاف الدواعي، و إسناد الرفع إليهما كإسناد الإنبات إلى اللّه تعالى و إلى الربيع، فتأمّل هذا بناء على عدم التقدير ... ».و في أضواء و آراء، ج‌2، ص354: «إنّ المجازية بالنسبة إلى سائر الفقرات ليست في مدلول كلمة الرفع ليلزم استعماله في أكثر من معنى مثلاً، و إنّما المجازية في الإسناد و النسبة مع استعمال الرفع في معناه الحقيقي و حيث أنّ النسب متعددة بتعدّد الفقرات المعطوفة في الحديث فلا محذور أن يكون بعضها حقيقياً و بعضها عنائياً من قبيل ما إذا قيل: (أسأل زيداً و عمراً و القرية) أي: أهل القرية».الجواب الثالث: في أوثق الوسائل، ص259: «أوّلاً: أن دعوى ظهور الموصولة في إرادة الموضوع خاصة بقرينة السياق نظراً إلى اختصاص الخطإ و النسيان و الإكراه و عدم الطاقة و الاضطرار بالموضوع ممنوعة لصحّة إرادة الأعمّ منه و من الحكم في هذه الفقرات أيضاً... و ثانياً: منع لزوم استعمال الموصولة في معنيين على تقدير إرادة المعنى الأعمّ منها إذ المراد برفع الأمور التسعة... ليس رفع مؤاخذتها حتّى يلزم المحذور بل المراد هو عدم توجيه الخطاب على وجه يشمل صورة الخطاء و النسيان مثلاً أيضاً و حينئذٍ يقال: إنّ المراد برفع ما لايعلمون أيضاً هو عدم توجيه التكليف بحيث يشمل المجهولات حتّى يجب فيه الاحتياط و حينئذٍ يصحّ أن يقال: إنّ المراد بما لايعلمون أعمّ من الموضوع و الحكم المشتبهين و المراد برفعهما رفع حكمهما الظاهري بمعنى أنّه إذا اشتبه الخمر بالخلّ أو اشتبه حكم شرب التتن فالخبر يدل على عدم توجه الخطاب الواقعي بحيث يشمل صورة الجهل حتى يجب الاحتياط في الصورتين».و في زبدة الأصول، ج‌4، ص334: «لو أريد به الجامع بينهما المنطبق على الفعل تارة و على الحكم أخرى و كان الاختلاف في المصداق دون المفهوم لايلزم المحذور المذكور»الإیراد على الجواب الثالث: في الأصول، ج‌2، ص370: «لايتوهّم أن وحدة النسبة لاتنافي تعدد المراد من المنسوب إليه لإمكان فرض الجامع للمتعدد ضرورة أن ذلك موقوف على لفظ قابل لأن يكون المراد به الجامع و لا ريب أنّ التسعة ليست جامعة للمذكورات، بل إنّما هي لفظ موضوع لمجموع هذا العدد، لا كالمبهمات حتى تكون قابلة لأن تصير قالباً لكلّ معنى يراد، فيقال: أريد منها الجامع بين الموضوع و الحكم و تستفاد الخصوصيات من دالّ آخر، بل لفظ التسعة قالب لمجموع تلك المعدودات، و في المعنى و المراد تابع لها».القسم الثاني: الجواب بجعل الاستعمال فیهما حقیقیاًالجواب الرابع: في بحوث في علم الأصول: «الثالث: ما ذكره المحقق العراقي من إرادة التكليف الأعم من الحكم الكلي و الجزئي و يكون الإسناد إليه حقيقياً لا محالة».و في فوائد الاصول، ج‌3، ص345: «إنّ المرفوع في جميع الأشياء التسعة إنّما هو الحكم الشرعي، و إضافة الرفع في غير ما لايعلمون إلى الأفعال الخارجية إنّما هو لأجل أنّ الإكراه و الاضطرار و نحو ذلك إنّما يعرض الأفعال لا الأحكام- كما ذكر- و إلّا فالمرفوع فيها هو الحكم الشرعي، كما أنّ المرفوع في «ما لايعلمون» أيضاً هو الحكم الشرعي، و هو المراد من الموصول و الجامع بين الشبهات الحكمية و الموضوعية و مجرد اختلاف منشأ الجهل- و أنّه في الشبهات الحكمية إنّما يكون إجمال النص أو فقده أو تعارض النصين و في الشبهات الموضوعية يكون المنشأ اختلاط الأمور الخارجية- لايقتضي الاختلاف فيما أسند الرفع إليه، فإنّ الرفع قد أسند إلى عنوان ما لايعلم و لمكان أنّ الرفع التشريعي لابد و أن يرد على ما يكون قابلاً للوضع و الرفع الشرعي، فالمرفوع إنّما يكون هو الحكم الشرعي، سواء في ذلك الشبهات الحكمية و الموضوعية».و في منتهى الأصول (ط.ج): ج‌2، ص241: «ليس هناك إلّا إسناد الرفع إلى الحكم فقط في كلتا الشبهتين الحكمية و الموضوعية. غاية الأمر أنّ منشأ الجهل و الاشتباه في الشبهة الحكمية هو فقد النصّ أو إجماله، و منشأ الشكّ و الاشتباه في الشبهة الموضوعية الأمور الخارجية، و إلّا ففي كلاهما يكون الشكّ في الحكم، و هو الجامع بينهما. و اختلاف منشأ الشكّ في الشبهتين لايوجب اختلاف الإسناد، فليس الإسناد إلّا إلى ما هو له في كلتا الشبهتين» و راجع أیضاً زبدة الأصول، ج‌4، ص334.الإیراد على الجواب الرابع:في بحوث في علم الأصول: «هذا الجواب و إن كان يحلّ المشكلة بلحاظ فقرة ما لايعلمون و عمومها للشبهتين إلّا أنّه يبقى الإشكال بلحاظ الفقرات الثمان الأخرى، فإنّ المراد من الموصول فيها لايكون إلّا الفعل الخارجي لأنّ ما يضطر إليه أو ما لايطيقونه هو الفعل لا الحكم الشرعي فيبقى الإشكال في كيفية الجمع بين إسناد الرفع إليها الذي لايكون إلا مجازياً و إسناده إلى ما لايعلمون بمعنى الحكم الذي يكون حقيقياً».الجواب الخامس:في دررالفوائد (ط.ج): ص441: «أسند الرفع إلى نفس ما لايعلمون بنحو من المسامحة... و على الثاني [أي عدم الالتزام بأنّ الأحكام الواقعية في حال الجهل باقية على فعليتها] إن كان المجهول حكماً يمكن رفعه حقيقة، بمعنى رفع فعليته في حال الجهل، و إما إن كان موضوعاً فلايقبل الرفع، فالمتعين جعل ما لايقبل الرفع مما يقبل الرفع إدعاء ثم نسبة الرفع إلى الجميع حقيقة».و في تهذيب الأصول، ج‌3، ص28: «الحقّ في دفع المحذورين ما أفاده شيخنا العلّامة- أعلى اللَّه مقامه... فإنّ الأحكام الواقعية... إن كانت قابلة للرفع يكون الإسناد إلى‌ ما لايعلمون إسناداً إلى ما هو له، و إلى غيره إلى غير ما هو له، و لايلزم محذور؛ لأن المتكلم ادّعى قابلية رفع ما لايقبل الرفع تكويناً، ثمّ أسند الرفع إلى جميعها حقيقة. و بعبارة أخرى: جعل كلّ العناوين بحسب الادعاء في رتبة واحدة و صفّ واحد في قبولها الرفع، و أسند الرفع إليها حقيقة، فلايلزم منه محذور».و في أصول الفوائد الغروية لمیرزا محمدباقر كمره‌اى، ج‌2، ص81: «أنّ الموصول بمعنى الشي‌ء و إسناد الرفع إليه حقيقة فى الجميع و إن كان مصاديق الشي‌ء مختلفة و بعضها هو الحكم و بعضها الموضوع باعتبار أثره و مصاديق الرفع مختلفة بعضها حقيقي و بعضها مجازي و تنزيلي كالفعل المضطر إليه فهو مصداق الرفع تنزيلاً باعتبار رفع أثره او حكمه كما تقول: «جئني بتسعة أسود» و تريد: الرجل الشجاع و المفترس و غيرهما لكن لا مجازاً في الألفاظ بل تنزيلاً في المصاديق كما قال السكاكى و يدفع توهم الجمع بين الإسناد الحقيقي و المجازي».و في تسديد الأصول: «أولاً: أنّ الممتنع- على القول به- هو استعمال اللفظ و ما بحكمه في معنيين، و في المجاز العقلي و الإسناد إلى غير من هو له يستعمل لفظ المسند و المسند إليه و هيئة الجملة في نفس ما وضع كلّ منها له، و قوامه إنما هو بادّعاء عقلي تصوّر معه، مثلاً: أنّ الميزاب- في قولنا: جرى الميزاب- جار، و هذا الادّعاء تصرّف عقلي، و عليه فالجمع بين نوعين من الإسناد لايلزم منه استعمال الألفاظ إلا في معنى واحد، و وقوع ادّعاء عقلي في الإسناد إلى بعض المصاديق دون بعض مسألة لاتوجب تفاوتاً في نحو الاستعمال، و لا في المستعمل فيه، فإنها عمل و فعل عقلي لا بأس بتحققه بالنسبة إلى بعض المصاديق دون بعض آخر».الجواب السادس: في الأصول في علم الأصول، ج‌2، ص298: «إنّ الرفع و الوضع كما يسندان إلى الحكم كذلك يسندان إلى الموضوع ذي الحكم بلا عناية و تجوّز. نعم، مصحّح نسبتهما إلى الموضوع هو الرفع و الوضع لحكم ذلك الموضوع، بل مصحّح نسبتها إلى الحكم و الموضوع أمر واحد، و هو إلزام العقل بالإطاعة؛ فإن الثقل و المشقّة المصحّحة لصدقها هو من قبل إلزام العقل بالفعل. نعم، هذا المصحّح يكون في الموضوع بواسطتين، و في الحكم بواسطة واحدة و أمّا نفس النسبة ففي الكل على وجه الحقيقة، فقوله: «رفع ما لايعلمون» يعمّ كل حكم أو موضوع لايعلم، و يكون رفعه في الحكم برفع نفسه و في الموضوع برفع حكمه الآتي من قبله الثقل على المكلف. و نظيره في ذلك ثقل الدّين و ثقل العيال؛ فإنه باعتبار الإلزام العرفي الثابت في موضوعهما بالوفاء للدين و القيام بنفقة العيال، كذلك ثقل كل موضوع لحكم شرعي أو عرفي هو باعتبار ذلك الحكم الشاقّ الثابت فيه، فأشبهت بذلك الثقيل الحسي، و استحقت لإطلاق هذا الإسم، و كان رفعها و وضعها برفع ما به الثقل و وضعه»و في المختارات في الأصول، ج‌2، ص24: «أن للشارع رفع الموضوع كما أن له رفع الحكم. غاية الأمر إن ذلك أنّما كان بلحاظ الحكم فرفع الحكم إنّما له أولاً و بالذات و رفع الموضوع له ثانياً و بالعرض فإسناد الرفع إليهما على نحو واحد و لكن معنى رفع الحكم رفع نفسه و معنى رفع الموضوع رفع حكمه برفع موضوعه و إسناد الرفع إليهما على نحو واحد تشريعاً».الجواب السابع: في عمدة الأصول، ج‌5، ص418: «إن إسناد الرفع إلى ما لايعلمون و سائر الفقرات إسناد حقيقي و معه فلا حاجة إلى عناية و تقدير لأنّ المرفوع في جميع الفقرات هو الإلزام الشرعي في مرحلة الجهل و الإكراه و الاضطرار و النسيان و الخطأ و نحوها».الجواب الثامن:في منتقى الأصول: «كون إسناد الرفع إلى الموضوع حقيقة، ببيان أن الشوق و الإرادة من الصفات التعلقية التي لا‌تكاد تتحقق و تتصور بدون متعلق، و هكذا البعث، و كما أنّ للماهية وجوداً خارجياً و ذهنياً كذلك يكون للماهية بلحاظ عروض الشوق عليها وجود شوقي، فهي موجودة بوجود الشوق و عليه، فيصح إسناد الرفع إلى معروض الحكم حقيقة لانعدامه بما هو موضوع الحكم حقيقة بانعدام نفس الحكم، لأنّ له وجود بوجود الحكم نفسه».الإیراد على الجواب الثامن:في منتقى الأصول: «إن هذا الوجه مضافاً إلى دقته لايخلو عن إشكال فراجع مبحث تعلق الأحكام بالطبائع أو الأفراد لتعرف حقيقة الحال‌».القسم الثالث: الجواب بجعل الاستعمال فیهما مجازیاًالجواب التاسع:في بحوث في علم الأصول: «الرابع: إن الرفع في الحديث عنائي على كل حال، إذ ليس المقصود منه الرفع الحقيقي الواقعي بل الظاهري و هو رفع بالعناية و المجاز على كل حال سواء أسند إلى التكليف أو إلى الموضوع الخارجي فالهيئة مستعملة في إسناد مجازي و المعنى أنّ الكلفة و التبعة المترتبة على ما لايعلمونه أو لايطيقونه مرفوع سواء كان حكماً أو فعلاً و موضوعاً خارجياً».و في درر الفوائد (ط.ج): ص441: «أنّه تارة نلتزم بأن الأحكام الواقعية في حال الجهل لابد و أن تكون باقية على فعليتها، و أخرى لانلتزم بذلك، و على أى حال نقول: أسند الرفع إلى نفس ما لايعلمون بنحو من المسامحة، فعلى الأول المجهول سواء كان حكماً او موضوعاً ليس مرفوعاً حقيقة، أما الثاني فواضح، و أما الأول فلأن المفروض بقاء الأحكام الواقعية على فعليتها في حال الجهل، فلابد من إحدى المسامحتين: إمّا جعل المجهولات مما يقبل الرفع ادعاء، و إمّا حمل النسبة على التجوز».و في تهذيب الأصول، ج‌3، ص28: «الحقّ في دفع المحذورين ما أفاده شيخنا العلّامة- أعلى اللَّه مقامه... فإن الأحكام الواقعية إن لم‌تكن قابلة للرفع و تكون باقية بفعليتها في حال الجهل يكون الإسناد في كلّ العناوين إسناداً إلى غير ما هو له».و في وسيلة الوصول، ج‌1، ص579: «أوّلاً: أن نسبة الرفع إلى الحكم الشرعي- أيضاً- لابدّ أن تكون بالعناية، و ذلك لأن الحكم الشرعي و إن كان قابلاً للرفع و الوضع لأن رفعه و وضعه بيد الشارع إلا أن المرفوع في رتبة الجهل ليس هو الحكم الواقعي حقيقة، و إلا يلزم التصويب و اختصاص الحكم الواقعي بالعالم، و هو باطل، فلابد أن يكون المرفوع تبعات الحكم الواقعي أو فعليّته و آثاره».و في تسديد الأصول: «ثانياً: أنّ الحكم و إن كان أمراً قابلاً للرفع حقيقة إلا أن رفع الحكم المجهول ليس إلّا رفعاً ادّعائياً. كيف؟ و لو كان حقيقياً لزم التصويب المجمع على خلافه، مع أنّه خلاف ظاهر نفس أدلّة الأصول في الشبهات الحكمية و الموضوعية، و عليه فإسناد الرفع إلى الحكم في الشبهة الحكمية و الفعل في الموضوعية مجاز عقلي و إسناد إلى غير ما هو له، بل الأمر كذلك لو أريد الحكم الجزئي المجهول في الشبهة الموضوعية؛ لما عرفت من أن ظاهر الأدلّة مثل قولهم(.: «كلّ شي‌ء حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه» أن الحرمة الواقعية ثابتة عند الجهل بها أيضاً، فلا محالة رفع الحرمة الجزئيّة المجهولة ليس رفعاً لها بالحقيقة، بل هو من قبيل الإسناد إلى غير من هو له و مجاز عقلي».الجواب العاشر:في الأصول، ج‌2، ص371: «إن رفع ما لايعلمون ما لم‌يكن موجباً للاحتياط في الأحكام المجهولة لا امتنان فيه لأنّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان بنفسها ترفع التكليف، بل إنّما الامتنان إنّما يكون إذا ارتفع موضوع حكم العقل، و ارتفاعه إنّما يكون بالبيان و لو بإيجاب الاحتياط. و بعبارة أخرى: إن الامتنان إنّما يكون إذا كان مقتضياً للتكليف أو العقاب، و أمّا إذا لم‌يكن كذلك فلا امتنان، بل إنّما يكون رفع التكليف لعدم مقتضيه فحينئذٍ لا محيص أن يكون المراد من المرفوع هو إيجاب الاحتياط بالنسبة إلى الأحكام المجهولة حتى يتمّ الامتنان، فهذا أيضاً دليل آخر على أنّ الرفع إلى ما لايعلمون أيضاً يكون بالعناية، أي: أريد من ما لايعلمون الاحتياط فيه، فأطلق و استعمل فيه بلحاظ كون رفع ما لايعلمون منشأ لرفع الاحتياط حال الجهل. فانقدح ممّا ذكرنا أن إسناد الرفع إلى ما لايعلمون على كلّ حال يكون بالعناية، و لو أريد منه الحكم».الجواب الحادي عشر:في الأصول، ج‌2، ص371: «إن إسناد الرفع إلى ما لايعلمون أيضاً ليس حقيقياً. بيان ذلك إن الرفع أعمّ من أن يكون بمعنى نفسه، أو الأعمّ منه و من الدفع، لا إشكال في كونه بمعنى الإعدام، فهو نقيض للمعدوم، و الشيئان إنّما هما نقيضان في رتبة واحدة، و إلّا ففي رتبتين لا تناقض بينهما، بل قد يجتمعان فحينئذٍ نسبة الرفع إلى ما لايعلمون لايعقل أن تكون في رتبة نفس «ما لايعلمون» و هو الحكم الواقعي، بل يصير هو بمنزلة الموضوع للشكّ و الجهل، ثمّ هما يكونان موضوعين للرفع، فالرفع متأخّر عن ما لايعلمون بمرتبتين، فعلى هذا لايمكن أن يكون الرفع متعلّقاً بنفس ما لايعلمون و إلّا يلزم أن يكون الموضوع متأخّراً عن حكمه، فيبقى الحكم بلا موضوع، بل أن يكون المراد من الموصول و الفعل أي جملة ما لايعلمون هو الموضوع في الرتبة المتأخّرة عن ذاته، و هي رتبة الجهل به، فيكون إسناد الرفع إلى ما لايعلمون الظاهر في نفس الحكم الواقعي إسناداً تنزيليّاً بالعناية، فلايتوهّم أنّه لو كان المراد من ما لايعلمون هو الحكم يكون إسناد الرفع إليه حقيقيّاً، بخلاف سائر الفقرات».الجواب الثاني عشر:في أوثق الوسائل: «اللهمّ إلا أن يقال: إنّ المراد بها الموضوع خاصة إلا أن المراد به أعم من الموضوع المشتبه في نفسه كالمائع المردّد بين كونه خمراً و خلاً و من الموضوع المشتبه الحكم كشرب التتن».الإیراد على هذا الوجه: في أوثق الوسائل: «إنّه بعيد و منافر لسائر الفقرات»

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo