< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/04/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /النکتة الثامنة

 

النكتة الثامنة

تعلّق الاضطرار و الإكراه و نحوهما بمتعلّق التكلیف.

تفصیل المحقّق الخوئي[1]

إنّ المحقّق الخوئي فصّل في المسألة فقال: إنّ متعلّق التكلیف في التكالیف الاستقلالیة؛ إن كان هو الكلّي الساري كما في المحرّمات المنحلّة إلى أحكام عدیدة بتعدّد الأفراد فطروّ أحد هذه العناوین على فرد من الطبیعة لایوجب إلّا سقوط التكلیف المتعلّق بهذا الفرد، و إن كان هو الكلّي على نحو صرف الوجود كما في التكالیف الإیجابیة فطروّ الاضطرار و نحوه على فرد من ذلك الكلّي لا أثر له في ارتفاع الحكم أصلاً، إذ ما طرأ علیه العنوان و هو الفرد لا حكم له على الفرض و ما هو متعلّق التكلیف و هو الطبیعي لم‌یطرأ علیه عنوان الاضطرار و نحوه.

نعم لو اضطرّ إلى ترك الصلاة في تمام الوقت أو في خصوص آخره في ما إذا لم‌یأت بها قبل ذلك كان التكلیف ساقطاً لامحالة.

أمّا في التكالیف الضمنیة فلو اضطرّ المكلّف إلى ترك جزء أو شرط في فرد مع تمكّنه منه في فرد آخر لایرتفع به التكلیف الضمني المتعلّق بهذا الجزء أو الشرط، لأنّ متعلّق التكلیف و هو الكلّي لم‌یتعلّق به الاضطرار فالإتیان بالناقص مع التمكّن من الإتیان بفرد تامّ من حیث الأجزاء و الشرائط لایكون مجزیاً و لو اضطرّ المكلّف إلى ترك الجزء أو الشرط مستوعباً لتمام الوقت سقط التكلیف المتعلّق بالمركّب المشتمل على المضطرّ إلى تركه.

و في هذا الفرض هل یجب الإتیان بالتكليف في غیر ما اضطرّ إلى تركه، أو أكره على تركه من الأجزاء و الشرائط، أو من جهة النسيان؟

هنا قولان:

القول الأوّل: الوجوب، لأنّ المرفوع خصوص الأمر الضمني المتعلّق بالمضطرّ إلیه، فیبقی الأمر المتعلّق بغیره على حاله.[2]

القول الثاني: عدم الوجوب و هو مختار المحقّق الخوئي و هذا القول هو الصحیح، لأنّ التكلیف متعلّق بالمجموع و مع فقدان الجزء أو الشرط لایمكن تحقّق المجموع، فإذا ارتفع التكلیف بالمجموع للاضطرار إلى ترك جزئه أو شرطه، كان التكلیف ببقیة الأجزاء و الشرائط محتاجاً إلى دلیل آخر، فإن وجدنا دلیلاً آخر على وجوب التكلیف الفاقد لبعض الأجزاء و الشرائط یجب الإتیان به كما في باب الصلاة حیث یستفاد من الروایات أنّه «لاتترك الصلاة بحالٍ»[3] و إن لم‌نجد دلیلاً على ذلك فلایجب الإتیان به.

یلاحظ علیه

أوّلاً: ما أفاده من أنّ متعلّق التكلیف هو الكلّي على نحو صرف الوجود هو مصطلح المحقّق النائیني و قد تقدّم([4] ) سابقاً مناقشة المحقّق الإصفهاني فیه من أنّ صرف الوجود هو الوجود البحت و لاینبغي استعماله هنا.

ثانیاً: ما أفاده من أنّ الاضطرار عارض على الفرد لا على الطبیعي الذي هو متعلّق التكلیف یرد علیه أنّ التكلیف لایتعلّق بالطبیعة بل یتعلّق بالفرد و یعبّر عنه بوجود الطبیعة فالصحیح أن یقال: إنّ هذا الفرد من الطبیعة لیس بشخصه متعلّقاً للتكلیف بل انطباق المتعلّق علیه بالتخییر العقلي.

 

الدلیل الرابع: حدیث الحجب

الصدوق في توحیده عن أحمد بن محمّد بن یحیی عن أبیه (محمّد بن یحیی العطّار) عن أحمد بن محمّد بن عیسی عن داود بن فرقد عن أبي الحسن زكریا بن یحیی عن أبي ‌عبد الله: «مَا حَجَبَ‌ اللَّهُ‌ عِلْمَهُ‌ عَنِ‌ الْعِبَادِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ عَنْهُمْ»[5] [6] [7] [8] و رواه الكلیني عن محمّد بن یحیی أیضاً بغير لفظ «عِلْمَهُ‌»،‌ فإنّ سنده تامّ كما أنّ دلالته أیضاً ممّا لا خفاء علیها، كما قال السیّد الصدر: هذا خیر دلیل من السنّة على البراءة سنداً و دلالةً.[9]

إیراد الشيخ الأنصاري و صاحب الكفایة على دلالته [10] [11]

إنّ الظاهر من «مَا حَجَبَ‌ اللَّهُ‌ عِلْمَهُ» ما لم‌یبینه للعباد، لا ما بیّنه و اختفی علیهم من معصیة من عصى الله في كتمان الحق أو ستره فالروایة مساوقة لما ورد عن مولانا أمیر‌المؤمنین: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَدَّ حُدُوداً فَلَا تَعْتَدُوهَا وَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تَنْقُصُوهَا وَ سَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ لَمْ يَسْكُتْ عَنْهَا نِسْيَاناً لَهَا فَلَا تُكَلَّفُوهَا رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ لَكُمْ فَاقْبَلُوهَا». [12] [13] [14]

و أمّا ما بینه الله تعالى و لكن لم‌یصل إلینا لمنع الظالمین عن وصوله فلایصحّ فیه إطلاق «مَا حَجَبَ‌ اللَّهُ‌ عِلْمَهُ‌ عَنِ‌ الْعِبَادِ» و لایصحّ إسناد الحجب إلیه تعالى.

جواب المحقّق الخوئي عن هذا الإیراد [15]

إنّه تعالى قادر على بیانها بأن یأمر الإمام المهديقدس‌سرهما بالظهور و بیان تلك الأحكام فحیث لم‌یأمره بالبیان لحكمة لایعلمها إلّا هو صحّ إسناد الحجب إلیه تعالى هذا في الشبهات الحكمیة و كذا الحال في الشبهات الموضوعیة، فإنّ الله تعالى قادر على إعطاء مقدّمات العلم الوجداني لعباده فمع عدم الإعطاء صحّ إسناد الحجب إلیه تعالى.

 


[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج2، ص373، أبواب الاستحاضة، باب1، ح5، ط آل البيت. لا توجد رواية بهذا اللّفظ و لكن يوجد ما في معناها في عامّة أبواب الصلاة في كتاب الصلاة من الوسائل و ما ورد في صلاة المضطرّ و المتّقي و المسلوس و المبطون و ما ورد في المستحاضة، ج2، ص373، ح5 : (عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ: ... لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ عَلَى حَال‌).
[4] راجع المجلد الثاني من هذا الکتاب، ص355.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo