< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/04/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /الدلیل الخامس: روایات الحل

 

الدلیل الخامس: روایات الحلّ

و هي أربع:

الروایة الأُولى: موثقة مسعدة بن صدقة

رواها الكلیني عن علي بن إبراهیم عن هارون بن مسلم عن مَسعَدَة بن صَدَقَة عَنْ أَبِي عَبْدِ الله قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ:‌ «كُلُّ شَيْ‌ءٍ هُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ فَتَدَعَهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِكَ‌ وَ ذَلِكَ‌ مِثْلُ‌ الثَّوْبِ‌ يَكُونُ‌ عَلَيْكَ‌ قَدِ اشْتَرَيْتَهُ وَ هُوَ سَرِقَةٌ أَوِ الْمَمْلُوكِ عِنْدَكَ وَ لَعَلَّهُ حُرٌّ قَدْ بَاعَ نَفْسَهُ أَوْ خُدِعَ فَبِيعَ قَهْراً أَوِ امْرَأَةٍ تَحْتَكَ وَ هِيَ أُخْتُكَ أَوْ رَضِيعَتُكَ وَ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا عَلَى هَذَا حَتَّى يَسْتَبِينَ لَكَ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ تَقُومَ بِهِ الْبَيِّنَةُ»[1] [2] [3] .

وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ‌.[4]

هارون بن مسلم من أجلّائنا، و مسعدة بن صدقة قيل: عامّي، و مضى توثيقه في مبحث القطع فراجع.([5] )

الروایة الثانیة: صحیحة عبد الله بن سنان

محمّد بن علي بن الحسین بإسناده[6] عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان عَنْ أَبِي عَبْدِ الله قَالَ: «كُلُّ شَيْ‌ءٍ [يَكُونُ] فِيهِ‌ حَلَالٌ‌ وَ حَرَامٌ‌ فَهُوَ لَكَ‌ حَلَالٌ‌ أَبَداً حَتَّى تَعْرِفَ الْحَرَامَ مِنْهُ بِعَيْنِهِ فَتَدَعَهُ».[7] [8] [9] [10] [11] [12]

الروایة الثالثة: صحیحة عبد الله بن سلیمان

محمّد بن یعقوب عن محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد بن عیسی عن أبي أیّوب (الحسن بن محبوب) عن عبد الله بن سنان عن عبد الله بن سلیمان (من ثقات الإمامیة) قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَنِ الْجُبُنِّ، فَقَالَ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ طَعَامٍ يُعْجِبُنِي ثُمَّ أَعْطَى الْغُلَامَ دِرْهَماً فَقَالَ: يَا غُلَامُ ابْتَعْ لَنَا جُبُنّاً ثُمَّ دَعَا بِالْغَدَاءِ فَتَغَدَّيْنَا مَعَهُ فَأُتِيَ بِالْجُبُنِّ فَأَكَلَ وَ أَكَلْنَا فَلَمَّا فَرَغْنَا عَنِ الْغَدَاءِ، قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي الْجُبُنِّ؟ قَالَ: أَ وَ لَمْ تَرَنِي آكُلُهُ؟ قُلْتُ: بَلَى، وَ لَكِنِّي‌ أُحِبُّ‌ أَنْ‌ أَسْمَعَهُ‌ مِنْكَ،‌ فَقَالَ: سَأُخْبِرُكَ عَنِ الْجُبُنِّ وَ غَيْرِهِ؛ «كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ حَلَالٌ وَ حَرَامٌ فَهُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّى تَعْرِفَ الْحَرَامَ بِعَيْنِهِ فَتَدَعَهُ».[13] [14] [15]

الروایة الرابعة: روایة معاویة بن عمّار

أحمد بن أبي عبد الله البرقي في المحاسن عن الیقطیني (محمّد بن عیسی بن عبید) عن صفوان (أي صفوان بن یحیی) عن معاویة بن عمّار عن رجل من أصحابنا قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ‌ عَنِ الْجُبُنِّ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: إِنَّهُ لَطَعَامٌ يُعْجِبُنِي‌ فَسَأُخْبِرُكَ‌ عَنِ‌ الْجُبُنِ‌ وَ غَيْرِهِ، كُلُّ شَيْ‌ءٍ فِيهِ الْحَلَالُ وَ الْحَرَامُ فَهُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّى تَعْرِفَ الْحَرَامَ فَتَدَعَهُ بِعَيْنِهِ».[16] [17]

و المحقّق الخوئي احتمل كون «رجل من أصحابنا» عبد الله بن سلیمان لاحتمال اتّحاد هذه الروایة و الروایة السابقة.[18]

فقد استدلّ بهذه الروایات بعض الأعلام و احتجّ بها على جریان البراءة الشرعیة في الشبهات الحكمیة.

و بعضهم احتجّ فقط بصحیحة عبد الله بن سنان و صحیحة عبد الله بن سلیمان.

و بعضهم احتجّ فقط بروایة مسعدة بن صدقة مثل صاحب الكفایة.[19]

و بعضهم أنكر دلالتها على البراءة أو أصالة الإباحة في الشبهات الحكمیة مثل المحقّق النائیني و المحقّق الإصفهاني و المحقّق العراقي و المحقّق الخوئی.

فلابدّ من ملاحظة مناقشات الأعلام بالنسبة إلى هذه الروایات.


مناقشات في شمول هذه الروايات لشبهات الحكمية

و يمكن تصنیف تلك المناقشات في نقاط ثلاث:

النقطة الأُولى

من جهة قوله: «تَعْرِفَ الْحَرَامَ بِعَيْنِهِ»، فإنّ كلمة «بعينه» أوجبت انحصار دلالة الرواية في الشبهات الموضوعیة، و هذه الكلمة موجودة في جمیع روایات الباب.

بيان المحقّق النائیني لهذه المناقشة

قد أشكل المحقّق النائیني على تعمیم الروایات للشبهات الحكمیة بكلمة «بِعَيْنِهِ» فقال: إنّها ظاهرة في اختصاص الحكم المذكور بالشبهات الموضوعیة، و لو سلّمنا عدم الظهور لكون القید جيء به للاهتمام و هذا لاینافي كون الشبهة حكمیة أیضاً، فلا إشكال في احتمال قرینیته، لأنّ معنی المعرفة بعینه هو معرفة الشيء متمیّزاً عن غیره في مقابل المعرفة برؤیة الشبح مثلاً و هذا المعنی یناسب الشبهة الموضوعیة، فیكون من قبیل احتفاف الكلام بما یصلح للقرینیة، فلایكون له ظهور في العموم.[20]

یلاحظ علیه

أوّلاً: أنّ كلمة «بعینه» تستعمل كثیراً في مقام التأكید، لو لم‌نقل بغلبة استعمالها في ذلك.

ثانیاً: لو سلّمنا ذلك فهذه الكلمة تدلّ على لزوم معرفة الحرام بشخصه في قبال معرفة الحرام مطلقاً سواء عُرِف بشخصه و بعینه كما في العلم التفصیلي أم عُرف إجمالاً و بعبارة أُخری هذا القید احتراز عن معرفة الحرام لا بعینه، فإنّ الشارع اعتبر الحكم بالإباحة و الحلّیة و جعل غایته معرفة الحرام و حینئذٍ فلو لم‌تتقیّد معرفة الحرام بكلمة «بعینه» یؤخذ بإطلاقها و دلالتها على أنّ العلم بالحرمة - سواء كان تفصیلاً أم إجمالیاً - داخل في الغایة، فلاتجري أصالة الإباحة و الحلّ في أطراف العلم الإجمالي في الشبهات الحكمیة.

و تقييد معرفة الحرام بكلمة «بِعَيْنِهِ» موجب لأن تكون غایة الحكم بالحلیة و الإباحة هي معرفة الحرام بعینه أي العلم التفصیلي بالحرمة و حینئذٍ العلم الإجمالي بالحرمة باقٍ تحت عموم قوله: «كُلُّ شَيْ‌ءٍ لَكَ حَلَالٌ‌».

نعم إنّ أصالة الإباحة و أصالة الحلّ لاتجري في جمیع أطراف العلم الإجمالي لأنّه ینتهي إلى المخالفة القطعیة للحكم الشرعي بل تجري في بعض الأطراف ما لم‌یلزم مخالفة قطعیة، و قد تقدّم في مباحث العلم الإجمالي أنّه لیس علّة تامّة للموافقة القطعیة بل تكفي موافقته احتمالاً.

 


[5] عيون الأنظار، المجلد السادس، ص419.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo