< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/04/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /المقام الثاني: في استدلال الأخباریین علی وجوب الاحتیاط عند الشک في التکلیف؛ الدلیل الأول

 

الدلیل الأوّل

و هو قوله تعالى: ﴿وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾[1] ‌ و نظیره قوله تعالى: ﴿وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ﴾.[2] [3]

فإنّه یدلّ على النهي عن متابعة غیر العلم.

إیراد على الدلیل الأوّل

إنّ الأُصولیین یدّعون قیام الدلیل على الترخیص و البراءة شرعاً و عقلاً فالحكم الواقعي و ‌إن كان مجهولاً و لكن الحكم الظاهري معلوم فالعمل بالبراءة لیس متابعة لغیر العلم.

الدلیل الثاني

و هو قوله تعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ﴾[4] و نظیره قوله تعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾.[5]

فإنّها تدلّ على لزوم التقوی و الاحتیاط و الورع، و لا شكّ في أنّ ترك ما یحتمل تحریمه واقعاً من مصادیق التقوی، و استدلّ بهذه الآیة الشهید في الذكری على مشروعیة الاحتیاط في قضاء الصلوات المحتملة للفساد.

إیراد على الدلیل الثاني

إن التقوی من المحرمات لازم و التقوی من المكروهات غیر لازم بل هو راجح فقط و الكلام هو في أن التقوی من المشتبهات و الأفعال التي یحتمل تحریمها لازم أو راجح، فإذا ورد الدلیل على الترخیص الظاهري بالنسبة إلى المشتبهات یدلّ ذلك على أن التقوی من هذه الأفعال راجح غیر لازم.

الدلیل الثالث

و هو قوله تعالى: ﴿وَ لا تُلْقُوا بِأَيْديكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾.[6]

فإنّها تدلّ على النهي عن إلقاء النفس في التهلكة و ارتكاب ما یحتمل تحریمه هو من مصادیق إلقاء النفس في التهلكة.

إیراد على الدلیل الثالث

إن كان المراد من التهلكة الهلاكة الأُخرویة و العقاب فلایشمل ارتكاب ما یحتمل تحریمه لما ورد من أدلّة الترخیص و ثبوت المؤمّن من العقاب الأُخروي.

و إن كان المراد التهلكة الدنیویة فإنّا نقطع بعدم الهلاكة الدنیویة عند ارتكاب أكثر المحرّمات فضلاً عن ما یحتمل تحریمه.

الدلیل الرابع

و هو قوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنازَعْتُمْ في‌ شَيْ‌ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ﴾.[7]

فإنّها تدلّ على لزوم التوقّف و ردّ ما لم‌یعلم حكمه إلى الله تعالى.

إیراد على الدلیل الرابع

هذا في ما إذا لم‌یرد فیه حكم من الله و رسوله و قد ثبت ورود أدلّة الترخیص في المقام.

الدلیل الخامس: الروایات الدالّة على وجوب التوقّف عند الشبهات

قال الشيخ الأنصاري: هي لاتحصى كثرةً و ظاهر التوقّف المطلق السكونُ و عدم المضي فیكون كنایة عن عدم الحركة بارتكاب الفعل.[8]

و المحقّق النائیني ادّعی بلوغ هذه الطائفة من الروایات إلى حدّ التواتر.[9]

و من روایات هذه الطائفة موثقة مسعدة بن زياد:

عن الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ‌ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ( أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «لَاتُجَامِعُوا فِي النِّكَاحِ عَلَى الشُّبْهَةِ [وَ قِفُوا عِنْدَ الشُّبْهَةِ] يَقُولُ: إِذَا بَلَغَكَ‌ أَنَّكَ‌ قَدْ رَضَعْتَ‌ مِنْ‌ لَبَنِهَا وَ أَنَّهَا لَكَ مَحْرَمٌ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَ الشُّبْهَةِ خَيْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِي الْهَلَكَةِ».[10] [11]

و منها روایة الزهري: محمّد بن یعقوب عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: «الْوُقُوفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ خَيْرٌ مِنَ‌ الِاقْتِحَامِ‌ فِي‌ الْهَلَكَةِ وَ تَرْكُكَ حَدِيثاً لَمْ تُرْوَهُ خَيْرٌ مِنْ رِوَايَتِكَ حَدِيثاً لَمْ تُحْصِه».[12] [13] [14]

و منها ما ورد في نهج البلاغة: «لَا وَرَعَ‌ كَالْوُقُوفِ‌ عِنْدَ الشُّبْهَةِ».[15] [16]

أجوبة ثلاثة عن الدلیل الخامس

الجواب الأوّل: ما أفاده المحقّق النائیني [17]

إنّ الأمر بالتوقّف فیها لایصلح إلّا للإرشاد و لایمكن أن یكون أمراً مولویاً یستتبع الثواب و العقاب، فإنّ المراد من الهلكة في قوله: «الْوُقُوفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ خَيْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِي الْهَلَكَةِ» هي العقاب و لایمكن أن یكون المراد منه العقاب الجائي من قبل مخالفة الأمر بالتوقف، لأنّ الظاهر أن یكون قوله ذلك لبیان الملازمة بین الاقتحام و الوقوع في الهلكة، فلابدّ و أن تكون الهلكة مفروضة الوجود و التحقّق مع قطع النظر عن الأمر بالتوقّف، لتكون في البین ملازمة بین عدم التوقّف و الهلكة، و لایمكن فرض وجود الهلكة إلّا بعد فرض تنجّز التكلیف، و ذلك لایكون إلّا في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي، فیكون حاصل مفاد قوله: «الْوُقُوفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ خَيْرٌ مِنَ‌ الِاقْتِحَامِ‌ فِي‌ الْهَلَكَةِ» هو أنّ ترك التعرض للشبهة التي یحتمل انطباق التكلیف علیها خیر من الوقوع في عقاب مخالفة التكلیف إذا صادفت الشبهة متعلّق التكلیف، فعلى هذا یكون الأمر بالتوقّف للإرشاد و هو تابع للمرشد إلیه، فإن صادفت الشبهة متعلّق التكلیف یستحق المكلف العقوبة لفرض تنجز التكلیف، و إن خالفت الشبهة متعلّق التكلیف لم‌یكن في البین شيء إلا التجري.

الجواب الثاني: ما أفاده المحقّق النائیني أیضاً

و یحتمل قریباً أن تكون روایات التوقّف لإفادة معنی آخر و هو أنّ الاقتحام في الشبهات یوجب وقوع المكلّف في المحرّمات، لا أنّ نفس الاقتحام في الشبهة حرام إذا صادف الحرام المعلوم بالإجمال كما هو مفاد الوجه الأوّل، بل ترك الوقوف عندها و الاقتحام فیها مظنّة الوقوع في المحرّمات، فإنّ الشخص إذا لم‌یجتنب عن الشبهات و عوّد نفسه على الاقتحام فیها هانت علیه المعصیة، فالأمر بالتوقّف عند الشبهة یكون استحبابیاً.[18]

و هذا الجواب أصحّ و أمتن من الجواب الأوّل و علیه یكون الأمر مولویاً استحبابیاً لا إرشادیاً.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo