< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/04/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /الروایة الثانیة: صحیحة عبدالرحمن بن الحجاج

 

الرواية الثانیة: صحیحة عبدالرحمن بن الحجّاج

قال مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى جَمِيعاً عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَنْ رَجُلَيْنِ أَصَابَا صَيْداً وَ هُمَا مُحْرِمَانِ الْجَزَاءُ بَيْنَهُمَا أَوْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ؟ قَالَ: لَا، بَلْ عَلَيْهِمَا أَنْ يَجْزِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الصَّيْدَ، قُلْتُ: إِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا سَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ أَدْرِ مَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِذَا أَصَبْتُمْ مِثْلَ هَذَا فَلَمْ تَدْرُوا فَعَلَيْكُمْ‌ بِالاحْتِيَاطِ حَتَّى‌ تَسْأَلُوا عَنْهُ‌ فَتَعْلَمُوا».[1] [2] [3] [4]

الجواب عن دلالة صحیحة عبدالرحمن بن الحجّاج على وجوب الاحتیاط

أوّلاً: الشبهة في مورد السؤال إنّما تكون وجوبیة و لایجب الاحتیاط فیها باتّفاق الأخباریین، فالصحیحة في موردها لم‌یعمل بها.

ثانیاً: إنّ مورد البحث هو الشبهة البدویة التي لم‌یسبق العلم بالتكلیف في موردها بوجه من الوجوه، و مورد الصحیحة هو ما إذا علم بالتكلیف في الجملة و إن تردّد متعلّقه بین الأقل و الأكثر، فیمكن الالتزام بوجوب الاحتیاط في مورد الصحیحة و عدم وجوب الاحتیاط في مورد البحث.

ثالثاً: إنّ ظاهر الصحیحة هو كون المكلّف متمكّناً من الفحص و تحصیل العلم بحكم الواقعة و محلّ الكلام هو ما إذا لم‌یمكن تحصیل العلم بحكم الواقعة فلا‌یصحّ التمسّك بالصحیحة لمورد البحث.[5]


القسم الثاني: أخبار الاحتیاط التي لم ترد في مورد خاصّ

الروایة الأولى: روایة داود بن القاسم الجعفري

الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ فِي أَمَالِيهِ عَنْ أَبِيه‌ عَنِ المُفِیدِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ الْكَاتِبِ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى التَّمِيمِيِّ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ عَنِ الرِّضَا أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لِكُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ: «أَخُوكَ دِينُكَ‌ فَاحْتَطْ لِدِينِكَ‌ بِمَا شِئْتَ».[6] [7] [8]

و في سندها علي بن محمّد الكاتب من مشایخ الشيخ المفید إلّا أنّه لم يرد فيه مدح، و لذا جعلها الشيخ الأنصاري كالصحیح[9] و زكريّا بن يحيى التميمي ثقة و الجعفري من أجلّائنا.

الروایة الثانیة: روایة عنوان البصري

وَجَدْتُ بِخَطِّ الشَّهِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ مَكِّيٍّ حَدِيثاً طَوِيلًا عَنْ عُنْوَانَ الْبَصْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ يَقُولُ فِيهِ:‌ «سَلِ‌ الْعُلَمَاءَ مَا جَهِلْتَ‌ وَ إِيَّاكَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ تَعَنُّتاً وَ تَجْرِبَةً وَ إِيَّاكَ أَنْ تَعْمَلَ بِرَأْيِكَ شَيْئاً وَ خُذْ بِالاحْتِيَاطِ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ مَا تَجِدُ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ اهْرُبْ مِنَ الْفُتْيَا هَرَبَكَ مِنَ الْأَسَدِ وَ لَا تَجْعَلْ رَقَبَتَكَ عَتَبَةً لِلنَّاسِ».[10] [11]

و هناك أخبار أُخر تبلغ حدّ الاستفاضة كما ذكره المحقّق النائیني[12] .

الجواب عن هذه الأخبار

الجواب الأوّل: ما أفاده المحقّق الخوئي[13] تبعاً للمحقّق النائیني [14]

إنّ حسن الاحتیاط ممّا استقلّ به العقل و ظاهر هذه الأخبار هو الإرشاد إلى هذا الحكم العقلي، فیكون تابعاً لما یرشد إلیه و هو یختلف باختلاف الموارد؛ ففي بعضها كان الاحتیاط واجباً كما في الشبهة قبل الفحص و المقرونة بالعلم الإجمالي، و في بعضها كان مستحبّاً كما في الشبهة البدویة بعد الفحص و هي محلّ الكلام فعلاً.

و زاد على ذلك المحقّق النائیني فقال: و لا‌یمكن أن یكون الأمر بالاحتیاط فیها أمراً مولویاً و إلّا یلزم تخصیص الأكثر لعدم وجوب الاحتیاط في الشبهات الموضوعیة مطلقاً و في الشبهات الحكمیة الوجوبیة بالاتّفاق.

الملاحظة علیه

يمكن يقال بأنّ الأمر بالاحتیاط مثل البراءة قد یكون عقلیاً و قد یكون شرعیاً و نقلیاً، و لا مانع من كونه مولویاً، لأنّه یمكن أن یكون الأمر بالاحتیاط مولویاً من دون لزوم تخصیص الأكثر حیث إنّا نلتزم بتخصیص أخبار الاحتیاط بالنسبة إلى الشبهات الحكمیة الوجوبیة و الشبهات الموضوعیة بل نقول بشمولها لهذه الشبهات إلا أن الأمر بالاحتیاط بالنسبة إلى هذه الشبهات یحمل على الاستحباب كما سیأتي في الجواب الثالث.

الجواب الثاني: ما أفاده المحقّق الخوئي

إنّ هذه الأخبار بإطلاقها تعمّ الشبهة الموضوعیة و الشبهة الحكمیة الوجوبیة مع أنّ الاحتیاط فیها غیر واجب قطعاً، فلابدّ حینئذٍ من رفع الید عن ظهورها في الوجوب أو الالتزام فیها بالتخصیص، و حیث إنّ لسانها آبٍ عن التخصیص -كما تری- تعین حملها على الاستحباب أو على مطلق الرجحان الجامع بینه و بین الوجوب، فلایستفاد منها وجوب الاحتیاط في الشبهة البدویة بعد الفحص و هي محلّ الكلام.[15]

یلاحظ علیه

إنّ ما قاله من أنّ لسان أخبار الاحتیاط آبٍ عن التخصیص لایمكن المساعدة علیه فإنّ ذلك لایتمّ بالنسبة إلى أخبار الاحتیاط و لاتقاس هذه الأخبار بأخبار التوقف فإن لسانها هو التحذیر عن الوقوع في الهلكة و لا‌یمكن تخصیصها بالنسبة إلى بعض الموارد و القول بجواز الوقوع في الهلكة في هذه الموارد، و أمّا أخبار الاحتیاط فمطلقة و غیر معلّلة بالوقوع في الهلكة.

الجواب الثالث

إنّ لأخبار الاحتیاط ظهوراً إطلاقیاً بالنسبة إلى جمیع الشبهات فتعمّ الشبهات الموضوعیة و الشبهات الحكمیة الوجوبیة بعد الفحص، و لهذه الأخبار ظهور آخر في وجوب الاحتیاط فإنّ الأمر ظاهر في الوجوب.

و لایمكن التحفّظ على كلا الظهورین بالنسبة إلى الشبهات الموضوعیة و الشبهات الحكمیة الوجوبیة بعد الفحص لعدم وجوب الاحتیاط في هذه الشبهات، فیدور الأمر بین رفع الید عن أحد الظهورین؛ إمّا ظهور هذه الأخبار في تعمیمها بالنسبة إلى هذه الشبهات، و إمّا ظهورها في الوجوب.

و القاعدة تقتضي رفع الید عن ظهورها في الوجوب بالنسبة إلى هذه الشبهات لأنّ التعارض البدوي وقع بین هذا الظهور (أي ظهور الأمر في الوجوب) و أدلّة الترخیص (المذكورة في بحث البراءة) و مقتضى القاعدة حملها على الاستحباب.

أمّا الظهور الإطلاقي لأخبار الاحتیاط بالنسبة إلى هذه الشبهات فلا تعارض بینه و بین أدلّة الترخیص ما لم‌ینضمّ إلى أخبار الاحتیاط ظهورها في الوجوب.

فتحصّل من ذلك: أنّ أخبار الاحتیاط تدلّ على حسن الاحتیاط و استحبابه بالنسبة إلى موارد الشبهات الموضوعیة و الشبهات الحكمیة الوجوبیة بعد الفحص كما أنّها تدلّ على وجوب الاحتیاط في الشبهات المقرونة بالعلم لإجمالي و الشبهة الحكمیة قبل الفحص فلایمكن الاستدلال بها على وجوب الاحتیاط في الشبهة الحكمیة البدویة بعد الفحص.

 


[1] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج4، ص391. (و عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن عبد الرحمن بن الحجاج مثله).
[2] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج5، ص467. (رواه الشيخ بإسناده عن علي بن السندي عن صفوان مثله)؛.
[11] مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج17، ص322. مستدرك الوسائل: («سِبْطُ الشَّيْخِ الطَّبْرِسِيِّ فِي مِشْكَاةِ الْأَنْوَارِ، عَنْ عُنْوَانَ الْبَصْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثٍ: ...»، و عبارة «لِلنَّاسِ جِسْراً» بدل «عَتَبَةً لِلنَّاسِ»).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo