< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/05/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /الجواب الثاني

 

الجواب الثاني

لو بنینا على عدم العلم بمطابقة الأمارات المعتبرة بمقدار المعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الكبیر نقول بالانحلال أیضاً.

توضیح الجواب بناء على هذا:

إنّ العلم الإجمالي كالعلم التفصیلي في أنّ تنجیزه متوقّف على حدوثه و بقائه، فإنّ العلم الإجمالي متقوّم دائماً بقضیة منفصلة مانعة الخلوّ مثلاً إذا علمنا نجاسة أحد الإنائین یصدق قولنا: «إمّا هذا الإناء نجس و إمّا ذاك» و قد یحتمل نجاستهما معاً و لكن لایحتمل طهارتهما معاً و المدار في تنجیز العلم الإجمالي حدوثاً و بقاءً هو هذه القضیة المنفصلة مانعة الخلوّ. و بعبارة أُخری لابدّ من بقاء هذا التردید بعد حدوثه و لذا فرضنا انقلاب القضیة المنفصلة إلى قضیتین حملیتین إحداهما متیقّنة و لو بالیقین التعبّدي و الأُخری مشكوكة بنحو الشكّ الساري فلا‌محالة ینحلّ العلم الإجمالي، مثلاً لو علمنا بنجاسة أحد الإنائین بعینه، تتبدّل القضیة المنفصلة إلى قضیة متیقّنة و هي نجاسة هذا الإناء معیّناً و قضیة مشكوكة من قبیل الشكّ الساري، فیسقط عن التنجیز.

و السرّ في ذلك هو أنّ تنجیز العلم الإجمالي لیس أمراً تعبّدیاً و إنّما هو بحكم العقل لكاشفیته عن التكلیف، فإذا زالت كاشفیته بطروّ الشكّ الساري زال التنجیز لامحالة.

و لا‌ینتقض ذلك بما إذا علم بحدوث تكلیف جدید في أحد الأطراف معیّناً و لا بطروّ الاضطرار إلى بعض الأطراف أو تلفه أو امتثال التكلیف فیه، فإنّ العلم الإجمالي بالتكلیف الفعلي في جمیع هذه الفروض باقٍ على حاله. غایة الأمر أنّه بتحقّق أحد هذه الأمور یشكّ في سقوطه، فلابدّ من الاحتیاط و تحصیل العلم بسقوطه، فإنّ الاشتغال الیقیني یقتضي البراءة الیقینیة.

هذا على القول بأنّ المجعول في الأمارات الطریقیة و تتمیم الكشف واضح، لأنّ قیام الأمارة یوجب العلم بالواقع تعبّداً، و كما تنقلب القضیة المنفصلة إلى حملیتین بالعلم الوجداني، كذلك تنقلب إلیهما بالعلم التعبدي.

و هكذا على القول بالسببیة، لأنّ المجعول على القول بالسببیة الأحكام الفعلیة على طبق الأمارات، فیكشف عن ثبوت الأحكام في مواردها من أوّل الأمر.

و أمّا على القول بأنّ المجعول في الأمارات المنجزیة و المعذریة فانحلال العلم الإجمالي أو عدمه یبتني على أن یكون المنجّز هي الأمارات الواصلة إلى المكلّف أو الأمارات بوجودها الواقعي.

و حینئذٍ على القول بتنجّز الأمارات الواصلة إلى المكلّف لاینحلّ العلم الإجمالي لأنّ العلم الإجمالي الموجود في أوّل البلوغ أثّر في تنجیز التكالیف الواقعیة و قیام الأمارة بتنجیز الحكم في بعض الأطراف لایوجب سقوط المنجّز السابق.

و أمّا على القول بتنجیز الأمارات بوجودها الواقعي بمعنی أن مجرّد كون الأمارة في معرض الوصول (أي كونها بحیث لو تفحّص عنها المكلّف وصل إلیها) كافٍ في التنجیز فینحلّ العلم الإجمالي.

بیان ذلك: إنّ المكلّف في أوّل بلوغه حین یلتفت إلى التكالیف الشرعیة یحتمل وجود أمارت دالّة على تلك التكالیف و الأحكام فیتنجّز علیه مؤدّیات الأمارات بمجرّد ذلك الاحتمال، و حیث إنّ هذا الاحتمال مقارن لعلم المكلّف إجمالاً بالتكالیف فلایكون علمه الإجمالي منجّزاً لجمیع أطراف الشبهات، لتنجّز التكلیف في بعض أطرافه بمنجّز مقارن له، نظیر ما لو علمنا بوقوع النجاسة في أحد الإنائین و علمنا بنجاسة أحدهما المعیّن مقارناً لذلك العلم الإجمالي، فإنّ العلم الإجمالي لاینجّز حینئذٍ أصلاً.

و السرّ فیه أنّ تنجیز العلم الإجمالي إنّما هو بتساقط الأصول في أطرافه للمعارضة و في مفروض المثال یجري الأصل في الطرف المشكوك فیه بلا معارض.

هذا ما أفاده المحقّق الخوئي! و حیث إنّه یعتقد بأنّ كون الأمارة في معرض الوصول كافٍ في التنجیز یلتزم هنا بانحلال العلم الإجمالي على مسلك المنجّزیة و المعذّریة.

الجواب الثالث

إنّ صحّة ما أفاده تبتني على كون العلم الإجمالي علّة تامّة للتنجّز أو مقتضیاً له في جمیع الأطراف بحیث یجب موافقته القطعیة و أمّا على مبنی حرمة المخالفة القطعیة و وجوب الموافقة الاحتمالیة كما تقدّم فلایتمّ استدلالهم على وجوب الاحتیاط.


الوجه الثاني من الدلیل العقلي

إنّ الأصل في الأفعال غیر الضروریة و التي لایتوقّف علیها حفظ النظام الحظر، فلایجوز الاقتحام في كلّ أمر لم‌یعلم الإذن فیه.

جوابان عن الوجه الثاني

الجواب الأوّل[1] [2]

«المنع عن كون الأصل في الأشیاء الحظر بل الأصل فیها الإباحة لعموم قوله تعالى: ﴿خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَميعاً﴾[3] »

الجواب الثاني

إنّ ما ذكر لو تمّ فإنّما هو في ما إذا لم‌یثبت الترخیص عند الشكّ في التكلیف و قد عرفت ثبوته في ما تقدّم.[4] )

 

تنبیهات البراءة

و هي خمسة:

التنبیه الأوّل: في تقدّم الأصل الموضوعي علی أصالة البراءة

التنبیه الثاني: في حسن الاحتیاط و إمكان جریانه في العبادات و التوصلیات

التنبیه الثالث: أخبار «من بلغ»

التنبیه الرابع: جریان البراءة في الشبهات التحریمیة الموضوعیة

التنبیه الخامس: حسن الاحتياط عقلا و شرعا


 


[2] مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج1، ص308. مصباح الأُصول: «و فيه أولاً: أن أصالة الحظر ليست من الأصول المسلمة عند العقلاء، فإن جماعة منهم ذهبوا إلى أن الأصل في الأشياء هو الإباحة، فلا وجه للاستدلال بما هو محل الخلاف‌».

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo