< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/05/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /التنبیه الأول؛ المطلب الأول: هل تمنع أصالة عدم التذکیة عن جریان أصالة البرائة؛ الصورة الرابعة

 

الصورة الرابعة

و هي ما إذا علمنا بقبوله التذكیة من دون مانع عنه و علمنا بصحّة التذكیة مع شرائطها و شككنا في أنّه مأكول اللحم أو غیره.

و فیها قولان

القول الأوّل

قال صاحب العروة([1] ) و السیّد المحقّق الحكیم([2] [3] ) بحرمة اللّحم المذكور و عدم جواز الصلاة في جلده.

القول الثاني

في قبال القول الأوّل بعضهم قالوا بحلیة اللحم و جواز الصلاة في جلده مثل المحقّق النائیني و المحقّق العراقي و السیّد المحقّق الإصفهاني و السید المحقّق البروجردي و المحقّق الخوئی. ([4] )

و التحقیق هو القول بالحلیة لجریان أصالة الحل و الإباحة من دون لزوم الفحص، لأنّ الشبهة موضوعیة، بل الدلیل العمومات الواردة في حلیة كلّ حیوان مذكّی و نتمسك بالعام في الشبهة المصداقیة بعد جریان استصحاب العدم الأزلي بالنسبة إلى عنوان المخصّص.

استدلّ على القول الأوّل باستصحاب الحرمة الثابتة قبل ذبحه ([5] [6] )

إیرادات ثلاثة على هذا الاستدلال

الأوّل: إنّه لا دلیل على حرمة لحم الحیوان في حال حیاته و لذا یجوز أكل السمكة الصغیرة حیة كما هو شائع أمّا القطعة المبانة من الحي فهي حرام لأنّها میتة([7] [8] [9] [10] [11] [12] ).

الثاني:([13] ) لو فرضنا ثبوت الحرمة للحیوان قبل الذبح فهي إنّما تثبت للحیوان لكونه حیاً متّصفاً بعدم التذكیة، و أمّا بعد ذبحه و تذكیته فینقلب الموضوع و تنتفي هذه الحرمة فإنّه یشترط في جریان الاستصحاب اتّحاد موضوع القضیة المتیقّنة و موضوع القضیة المشكوكة و لكنهما لایتّحدان في المقام.

الثالث: إذا قلنا بتمامیة العمومات الواردة في حلّیة كلّ حیوان مذكّی – مثل قوله تعالى: ﴿قُلْ لا أَجِدُ في‌ ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى‌ طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزيرٍ﴾([14] ) - فلا مجال للاستصحاب.([15] )


أمّا الشبهة الحكمیة فلها أیضاً أربع صور

الصورة الأُولى ([16] )

و هي ما إذا شكّ في قبوله التذكیة للجهل بقابلیة الحیوان للتذكیة مثل الحیوان المتولّد من الشاة و الكلب من دون أن یصدق علیه عنوان الشاة و لا عنوان الكلب.

و التحقیق هو جواز أكله و الصلاة في جلده للعموم المستفاد من صحیحة عليّ بن یقطین الدالّ على قابلیة كلّ حیوان للتذكیة إلّا ما خرج بالدلیل.

و لا حاجة إلى جریان استصحاب العدم الأزلي، لأنّ هذه الصورة من مصادیق الشبهات الحكمیة و لا مانع من التمسك بالعام في الفرض المذكور بخلاف الفرض المتقدّم الذي هو من مصادیق الشبهات المصداقیة فإنّه لایجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقیة (أي في فرض الصورة الأُولى من الصور الأربع المذكورة في الشبهة الموضوعیة).

الصورة الثانیة

و هي ما إذا علمنا بقبوله التذكیة و شككنا في طروّ المانع، مثلاً شككنا في تعریف الجلل المانع عن التذكیة.

و التحقیق هنا أیضاً عدم جریان أصالة عدم التذكیة بل یجري أصل عدم تحقّق المانع.

الصورة الثالثة

و هي ما إذا علمنا بقبول هذا النوع من الحیوان للتذكیة و علمنا بعدم المانع عنها و لكن شككنا في ما یعتبر في التذكیة، كما إذا شككنا في اشتراط الذبح بآلة الحدید أو كفایة الذبح بسائر الفلزات.

و الأصل الجاري في المقام هو أصالة عدم التذكیة في ما إذا لم‌یكن للدلیل إطلاق لفظي أو مقامي.

و الحقّ هو الحلیة لتمامیة الإطلاق اللّفظي، فإنّه لو اعتبر في التذكیة شيء یلزم على الشارع بیانه.

إیراد المحقّق الخوئی على التمسك بالإطلاق

دعوی الرجوع إلى إطلاق دلیل التذكیة لنفي اعتبار الأمر المشكوك فیه غیر مسموعة إذ لیست التذكیة أمراً عرفیاً كي ینزّل الدلیل علیه و یدفع احتمال التقیید بالإطلاق، كما كان الأمر كذلك في مثل قوله تعالى: ﴿أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ ([17] ).([18] )

و الجواب: هو أنّ التذكیة و إن لم‌تكن أمراً عرفیاً و لكن بیان كیفیتها و ما اعتبر فیها شرعاً بعهدة الشارع، و مع عدم وصول بیان من الشارع على اعتبار شرط مخصوص في تحقّق التذكیة نتمسّك بالإطلاق اللّفظي أو المقامي.

و الإیراد الذي أفاده المحقّق الخوئي لو تمّ فإنّما هو بالنسبة إلى الإطلاق اللفظي لا الإطلاق المقامي.

الصورة الرابعة

و هي ما إذا علمنا بقبول هذا النوع من الحیوان للتذكیة و علمنا بوقوع التذكیة علیه مع جمیع ما اعتبر فیها و علمنا أیضاً بعدم وجود المانع عن تحقّق التذكیة و لكن نشكّ في حلّیة لحم هذا النوع من الحیوان لعدم الدلیل على حلّیته.

و التحقیق في هذه الصورة هو التمسك بالعمومات([19] ) الواردة في حلّیة كلّ حیوان مذكّی، مثل قوله تعالى: ﴿قُلْ لا أَجِدُ في‌ ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى‌ طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزيرٍ﴾([20] ) و مثل قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطيحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ﴾([21] ).

و لو قلنا بعدم جواز التمسك بالعمومات فلامحالة تجري أصالة الحلّ.(3)

و قیل: إنّه یجري استصحاب الحرمة الثابتة قبل ذبحه. [22]

و فیه أنّه قد تقدّم([23] ) في الصورة الرابعة من الشبهة الموضوعیة ثلاثة أجوبة عن جریان الاستصحاب([24] ).


[1] العروة الوثقى - جماعة المدرسین، الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، ج1، ص123. «إذا لم‌يعلم كون حيوان معين أنّه مأكول اللحم أو لا، لايحكم بنجاسة بوله و روثه و إن كان لايجوز أكل لحمه بمقتضى الأصل».و وافق المتن السید محمد الفیروزآبادي و الشیخ محمد حسین كاشف الغطاء و السید أحمد الخوانساري إذ لم‌یعلقوا علیه.
[3] مستمسك العروة الوثقى، الحكيم، السيد محسن، ج1، ص294.. «المسألة الثالثة: في حكم الحيوان المشكوك كونه محلل الأكل من جهة الشبهة الموضوعية، لتردده بين عنوانين أحدهما محلل و الآخر محرم، مع العلم بقبوله للتذكية على كل حال. و الكلام فيها هو الكلام في المسألة الأولى بعينها و ليس الفرق إلا من جهة عدم جواز التمسك هنا بعموم الحل لعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية و لأجل أنّك عرفت عدم وضوح المناقشات في استصحاب الحرمة فالرجوع إليه في محله فتأمل»
[4] كل من له تعلیقة على العروة غیر من ذكرنا في القول الأول [السید الفیروزآبادي و الشیخ كاشف الغطاء و السید الخوانساري و السید الحكیم] و هم أحد عشر من المراجع اختاروا القول الثاني.و هم فریقان:الفریق الأوّل: من قال بالحلیة في صورة العلم بقبوله للتذكیة فقط و هم ستة (عرفتهم في القول الأول).یقول المیرزا النائيني: أما إذا علم قبوله لها [أي للتذكیة] على كل تقدير فالظاهر جواز أكله بعد التذكية و إن كانت الشبهة حكمية.و آقا ضياء: و أمّا مع العلم بها [أي بقابليته للتذكية] فلا بأس بأكله لأصالة الحلّ.و السید الإصفهاني: أما في الصورة الأولى [أي إذا كانت الشبهة موضوعية] فيجوز أكله إذا علم أنّه قابل للتذكية.و الشیخ آل ياسين: بل مقتضى الأصل الجواز إذا كان مما يقبل التذكية و شكّ في حلية لحمه. و السید البروجردي: و إلا [یتردد بين ما يحل أكله و بين ما لايقبل التذكية من غير المأكول] فمقتضى الأصل هو جواز أكله أيضاً.و السید الگلپايگاني: و إلا [یشكّ في قبول تذكيته] فيحلّ لحمه أيضاً بالأصل.الفریق الثاني: من قال بالحلیة مطلقاً (أي في الصورة الأُولى و الرابعة أو قل: كانت قابلیته للتذكیة مشكوكة أو معلومة) و هم خمسة:یقول الشیخ الجواهري: الجواز أشبه و السید الشيرازي: بل يجوز أكل لحمه أيضاً، و الشیخ الحائري: لا مانع من أكل لحمه أيضاً، و بعض الأعاظم: الأقوى حلية الأكل مع العلم بقابليته للتذكية، و السید الخوئي: لا أصل في المقام يقتضي الحرمة أما مع العلم بقبول الحيوان للتذكية فالأمر ظاهر. و من الفریق الثاني السيد علي السيستاني إذ یقول: بل يجوز مطلقاً و لكن بعد الفحص في الشبهة الحكمية كما تقدّم و السيد مصطفى الخميني) إذ قال: الأصل غير أصيل و لكن مع ذلك لايترك الاحتياط، و السيد محمد صادق الروحاني إذ قال: بل لايبعد الجواز في الشبهة الموضوعية مطلقاً.و في منهاج الصالحين للسيد الخوئي)، ج2، ص348: «و لو اشتبه [اللحم] فلم‌يعلم أنّه من نوع الحلال أو الحرام حكم بحله».و كذا السيد محمد الروحاني)، ج2، ص381؛ السيد محمد صادق الروحاني، ج2، ص379؛ الشيخ محمد إسحاق الفياض، ج3، ص174؛ و بعض الأساطين، ج3، ص397و في منهاج الصالحين للسيد السيستاني.، ج3، ص299: «و أما لو اشتبه اللحم المحرز تذكيته – و لو بإحدى أماراتها - فلم‌يعلم أنّه من النوع الحلال أو الحرام حكم بحله»
[5] عوائد الايام، النراقي، المولى احمد، ج1، ص215.. «الأصل في القسم الأول- و هو مأكول اللحم- و إن كان ابتداء العدم، لحرمة أكل أجزائه حيّاً فيستصحب...»
[6] مستمسك العروة الوثقى، الحكيم، السيد محسن، ج1، ص288.. «مقتضى استصحاب الحرمة الثابتة قبل وقوع التذكية عليه إلى ما بعدها هي حرمة أكله و هو حاكم أو وارد على أصالة الإباحة»
[7] مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج1، ص311.. «و أما ما ذكره بعضهم من التمسك باستصحاب حرمة أكله الثابتة قبل زهاق الروح، فهو أيضاً غير وجيه؛ أما أولاً: فلأن حرمة أكل الحيوان الحيّ غير مسلمة...»
[8] دروس في مسائل علم الأصول، التبريزي، الميرزا جواد، ج4، ص315.. «إنّ حرمة أكل لحمه و شحمه لكون المقطوع من الحيوان حتى إذا كان محلل الأكل لكونه من الجزء المبان من الحي»
[9] التنقيح في شرح العروة الوثقى، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص486.. «و أما حرمة القطعة المبانة من الحي فهي مستندة إلى كون القطعة المبانة ميتة و كلامنا في حرمة أكل الحيوان دون الميتة»
[10] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج2، ص110.. «إنّ الحرمة [القطعة المأخوذة من الحي] قبل التذكية لأجل كونه من الميتة فإذا فرض إثبات جواز تذكيته خرج عن الميتة، فيحتاج حرمته إلى موضوع آخر»
[11] أصول الفقه، الحلي، الشيخ حسين، ج7، ص233. «الذي يظهر من الشيخ في الرسائل في هذا المقام أنّ الحرمة المستصحبة هي حرمة القطعة المأخوذة من الحي، لا حرمة نفس الحي، فإنّه قال ما هذا لفظه: و إن كان الوجه فيه أصالة حرمة لحمه قبل التذكية... إلخ‌ حيث إنّ ما يكون منه ميتة قبل التذكية إنّما هو القطعة المأخوذة منه لا الحيوان الحي، و من الواضح أنّ موضوع هذه الحرمة غير باقٍ بعد التذكية.إلّا أن يقال: لو أشرنا إلى قطعة لحم من هذا الحيوان أمكننا أن نقول: إنّ هذه كانت حراماً قبل الذبح فهي بعده حرام أيضاً، فتعود المسألة إلى النزاع في نظر العرف. و على كلّ حال لا‌يكون هذا الاستصحاب مبنياً على كون الحيوان الحي حراماً، نظير ما يقال في حرمة أكل السمك حياً.و لعلّ ما أفاده شيخنا من منع الاستصحاب المذكور لأجل عدم بقاء الموضوع، و ما أُفيد في الجواب عنه بدعوى الاتّحاد عرفاً، ناظر إلى هذا المستفاد من كلام الشيخ. من كون الحرمة المستصحبة هي حرمة القطعة، لا حرمة نفس الحيوان كي يتطرّق الجواب عنه بأنّه لا أصل لهذه الحرمة، فلاحظ و تدبّر»
[12] حاشية فرائد الأصول - تقريرات، اليزدي النجفي، السيد محمد إبراهيم، ج2، ص167.. «ليس المراد بحرمته قبل التذكية حرمة أكله حيا البتّة و إلّا لما كان لقوله لأجل كونه من الميتة معنى، بل لعل مراده حرمة كل جزء من أجزائه إذا أبين من الحيوان فإنه ميتة يعني غير مذكى، و حينئذٍ لايجري استصحاب حرمة كل جزء بعد التذكية لتبدل موضوع الميتة بالمذكى، فيحتاج حرمته إلى موضوع آخر»ثمّ أجاب عن هذا الإيراد: «يرد عليه أنّ الموضوع هذا اللحم الموجود و هو محفوظ في الحالتين، و هذا المقدار من تفاوت الموضوع يوجد في كل استصحاب و ليس الأمر مبنيا على مثل هذه المداقّة»ثمّ أورد عليه ببيان آخر: «التحقيق أن يقال: إنّه إن أريد استصحاب الحرمة الذاتية فليس لها في السابق حالة متيقنة، و إن أريد استصحاب الحرمة العرضية فهي متيقنة الزوال بعد التذكية»
[13] مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج1، ص311.. «و أما ثانياً: فلأن الحرمة الثابتة على تقدير تسليمها كانت ثابتة لعنوان الحيوان المتقوم بالحياة، و ما يشك في حليته إنما هو اللحم، و هو مغاير للحيوان فلا يمكن جريان الاستصحاب»
[15] . نكات ثلاث: النكتة الأُولى: بعض من ذكر الإیراد الأول على الاستصحاب:في كتاب الطهارة للسيد الخوئي: «إنّه مما لايمكن المساعدة عليه؛ أما أولاً فلتوقفه على حرمة لحم الحيوان حال حياته، و لم‌نعثر على دليل يدل عليها، فإنّ قوله تعالى: (إلا ما ذكّيتم) ناظر إلى الحيوان الذي طرأ عليه الموت، فإنه على قسمين: قسم تقع عليه التذكية و هو حلال، و قسم لاتقع عليه و هو حرام؛ و أما أكله من دون أن يطرأ عليه الموت قبل ذلك كابتلاع السمكة الصغيرة أو غيرها حية مما يحل أكل لحمه فلا دلالة للآية المباركة على حرمته»و في شرح العروة الوثقى للسيد محمد باقر الصدر، ج3، ص53: «الرابع: - ما ذكره السيد الأستاذ - دام ظله - من إنكار الحالة السابقة رأساً لعدم قيام الدليل على حرمة أكل الحيوان الحي، و إنّما الثابت حرمة أكل الميت إلا ما ذكي فالحرمة بملاك عدم التذكية موضوعها ليس مطلق الحيوان بل موضوعها الحيوان الميت غير المذكى فلا علم بالحرمة السابقة لكي تستصحب و هذا اعتراض متين، و معه يسقط الاستصحاب المذكور»و في بحوث في علم الأصول: «أولاً إنّ التذكية شرط للحلية بالنسبة للحيوان الميت لا مطلق الحيوان فإنّ هذا هو المستفاد من الروايات و هو المستثنى منه في الآية أيضاً»و في دروس في مسائل علم الأصول: «حرمة أكل الحيوان حياً فيما إذا أمكن كالسمك الصغار لم‌تثبت حرمته»و في آراؤنا في أصول الفقه، ج‌2، ص198: «إن قلت: الحيوان قبل موته يكون محرم الأكل و مقتضى الاستصحاب بقاؤه على الحرمة؛ قلت: يرد عليه أولاً: أنّ الأمر ليس كذلك و لذا جوزوا بلع السمك الحي و الحال أنّه لم‌يذك بعد»و في زبدة الأصول، ج‌4، ص426: «و دعوى أنّه يستصحب حرمة أكل لحمه الثابت في حال الحياة فيثبت به حرمة لحمه مندفعة بعدم ثبوت حرمة أكل الحيوان الحي، و في الجواهر دعوى الشهرة على جواز أكل السمك و بلعه حياً»و في اضواء و آراء، ج‌2، ص405: «أوّلًا: لا دليل على حرمة أكل الحيوان الحيّ من غير ناحية التذكية»و في أصول الفقه للشیخ حسین الحلي، ج‌7، ص231 و 232: «ما المراد من هذه الحرمة التي كانت في حال الحياة، فهل المراد... حرمة ابتلاعه حياً لو كان صغيراً كفرخ العصفور، فهذه يصعب إقامة الدليل عليها، حيث إنّ ما لم‌يذكّ و إن كان حراماً لكنّه من جهة كونه ميتة، فلا دخل لذلك بما إذا كان عدم التذكية مقروناً بالحياة، و هو و إن مات بعد وصوله إلى الجوف، إلّا أنّه حينئذٍ لاينطبق الأكل على بقائه فيه، و كذلك لو مات بعد إدخاله إلى الفم لكن قبل الابتلاع و الازدراد، فإنّه حينئذٍ ميتة لايجوز ابتلاعه، و نحن و إن ناقشنا في حرمة ابتلاع السمك حياً، إلّا أنّ تلك المناقشة إنّما نشأت من الدليل الدالّ على اعتبار الموت خارج الماء في تذكيته، و هذه المناقشة جارية في تذكية الذبح من جهة اعتبار موته بالذبح على وجه يكون خروج روحه مستنداً إلى الذبح، و هذه كلّها لا دخل لها بما نحن فعلًا بصدده من عدم الدليل على حرمة ابتلاعه حياً، إذ الحرمة مختصّة بالميتة، و هذا الحيوان الحي الذي نريد ابتلاعه ليس بميتة، فأيّ دليل يدلّ على حرمة ابتلاعه حياً، هذا كلّه فيما يمكن أكله حياً بابتلاعه كصغير الحيوان.أمّا الكبير الذي لايمكن ابتلاعه إلّا بعد تقطيعه و حين التقطيع يكون ميتة، فهو خارج عن هذه الدعوى، أعني حرمة أكله حياً، و إن شئت فقل: إنّه خارج عن قابلية الأكل، فلايتّصف أكله بحلّية و لا بحرمة، لعدم إمكان موضوع كلّ منهما فيه، فأين حرمة أكله في حال الحياة حتّى يجري استصحابها بعد الذبح؟»جواب عن هذا الإیراد:في أصول الفقه للشیخ حسین الحلي): «الذي يظهر منهم أنّ حرمة الحيوان الحي مفروغ عنه، و أنّه لايباح أكله إلّا بالموت بالتذكية. قال الشهيد في الدروس في السمك: و يباح أكله حياً لصدق الذكاة. و قيل: لايباح أكله حتّى يموت كباقي ما يذكّى. و قال في اللمعة و الروضة: و يجوز أكله حياً لكونه مذكّى بإخراجه، من غير اعتبار موته بعد ذلك، بخلاف غيره من الحيوان، فإنّ تذكيته مشروطة بموته بالذبح أو النحر أو ما في حكمهما. و قيل: لايباح أكله حتّى يموت كباقي ما يذكّى، و من ثمّ لو رجع إلى الماء بعد إخراجه فمات فيه لم‌يحل، فلو كان مجرّد إخراجه كافياً لما حرم بعده. و يمكن خروج هذا الفرد بالنصّ عليه، و قد علّل فيه بأنّه مات فيما فيه حياته فيبقى ما دلّ على أنّ ذكاته إخراجه خالياً عن المعارض»إشكال على هذا الجواب:في أصول الفقه للشیخ حسین الحلي: «الأولى أن يقال: إنّ اشتراط الموت خارج الماء إنّما هو في قبال موته فيه، لا في قبال بقائه حياً و ابتلاعه حياً فلاحظ»النكتة الثانیة: بعض من ذكر الإیراد الثاني على الاستصحاب:في كتاب الطهارة للسيد الخوئي)، ج1، ص486: «إنّه مما لايمكن المساعدة عليه... و أما ثانياً فلأن الحرمة على تقدير تسليمها حال الحياة إنّما تثبت على الحيوان بعنوان عدم التذكية، و بعد فرض وقوع التذكية عليه خارجاً و قابليته لها يتبدل عدم التذكية إلى التذكية، و مع زوال عنوان عدم التذكية تنتفي حرمته لا محالة»و في نتائج الأفكار في الأصول، ج‌4، ص165 قال: «محصل ما أفاده الميرزا النائيني في وجه عدم جريان استصحابي الطهارة و الحرمة هو أنّ للحياة دخلاً عرفاً في موضوع الحرمة و الطهارة، و مع هذا الدخل الموضوعي لايمكن الاستصحاب لارتفاع الموضوع قطعاً، و من المعلوم إناطة الاستصحاب ببقاء موضوعه في نظر العرف، و لا أقل من الشك في دخلها في الموضوع، فإنّ الاستصحاب لايجري مع القطع بارتفاع الموضوع، و كذا مع الشك في بقائه، و هذا بخلاف التغير فإنّه ليس دخيلاً في موضوع الحكم بالنجاسة في الماء المتغير، و لذا يجري فيه الاستصحاب بعد زوال تغيره بنفسه إذ لو كان دخيلاً في الموضوع لم‌يكن لجريان استصحاب نجاسته وجه، بل هو ملاك لنجاسة الماء و أنّ موضوع الانفعال في نظر العرف هو جسم الماء إذ لا معنى لعروض النجاسة على التغير، و الشك في بقاء النجاسة مع زوال التغير لأجل الشك في أنّ التغير علة حدوثاً و بقاءً بحيث يدور الحكم مدار التغير، أو علة حدوثاً فقط و لايكون بقاؤه شرطاً في بقاء النجاسة، و يعبر عن هذا السنخ من العلة بالحكمة التي يقال فيها بعدم الإطراد و الانعكاس، فالشك في بقاء النجاسة في الماء المتغير ناش عن الشك في كيفية ملاكية التغير».و في بحوث في علم الأصول، ج‌5، ص109: «إنّ حرمة أكل الحيوان الحي إن كان بملاك حياته و حرمته فمثل هذه الحرمة يقطع بزوالها و لا شك في بقائها و إن كان من جهة دعوى كونه غير مذكى في حال الحياة و لو تمسكاً بإطلاق المستثنى منه في آية: (إلا ما ذكيتم) للحيوان الحي أيضاً فيرد عليه... ثانياً: هذه الحرمة أيضاً يقطع بارتفاعها و إنّما يشك في حرمة أخرى ثابتة في الحيوان بعنوانه»و في أصول الفقه للشیخ حسین الحلي: «الذي يظهر من بعض المحشّين أنّهم حملوا كلام الشيخ على أنّ المستصحب هو الحرمة الثابتة للحيوان الحي لأنّه غير مذكّى، و كلّ ما هو غير مذكّى حرام قال المرحوم الميرزا موسى في أثناء كلامه: ... يرد عليه أوّلاً: ما أشار إليه المصنّف) من أنّ الطهارة و الحرمة قبل التذكية قائمتان بالميتة، يعني بغير المذكى، لأنّها عبارة عن غير المذكّى، و بعدها بالمذكّى، فانسحابهما إلى ما بعدها انسحاب لحكم موضوع إلى موضوع آخر. و قال المرحوم غلام رضا: ... و على ذلك يمكن أن يقال: إنّ حرمة القطعة المأخوذة من الحي إنّما هي باعتبار كونها جزءاً ممّا لم‌يذكّ، لا أنّها بنفسها ميتة. و فيه تأمّل، إذ لو كان الأمر كذلك لم‌يكن وجه للحكم بنجاستها، إذ أنّ مجرّد كونها جزءاً من الحي الذي لم‌يذكّ، لايوجب الحكم بنجاستها، فحيث قد حكموا مع حرمتها بنجاستها، دلّ ذلك على أنّها بنفسها ميتة، لا أنّها جزء ممّا لم‌يذكّ...».و في قلائد الفرائد، ج‌1، ص375 في التعلیقة على قول الشیخ: «و إن كان الوجه فیه أصالة حرمة أكل لحمه قبل التذكیة»: «و ذلك بأن يقال: إنّ الميتة بدليل الاستثناء أعني قوله تعالى: (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) عبارة عن كلّ ما لم‌يذكّ شرعاً و لو كان حيّاً».و في إيضاح الفرائد، ج‌2، ص114 و 115: «توضيحه انّ المستصحب إمّا الحرمة الذاتية و إمّا الحرمة العرضية و لا سبيل إلى إجراء الأصل في واحد منهما؛ أما الحرمة الذاتية فأنّها كانت مشكوكة في السّابق أيضاً فكيف تستصحب مع أنّ في الاستصحاب يعتبر وجود الحالة السّابقة المتيقّنة، و أمّا الحرمة العرضية فأنّها كانت مترتبة في السابق على موضوع الميتة يعني غير المذكى فإنّ الحيوان في حال حياته كان غير مذكّى فبعد إثبات جواز تذكيته و وقوعها جامعة للشرائط من فري الأوداج و ذكر إسم الله و غير ذلك خرج عن الميتة التي هي بمعنى غير المذكاة لصدق المذكّاة على جثة الحيوان المرقوم فقد تغير الموضوع».و یؤید هذا الوجه كلام الشیخ في كتاب الطهارة (ط.ق): للشيخ الأنصاري، ج2، ص348 قال: «إنّ حرمة الأكل حال الحياة لعدم التذكية فهي حرمة عرضية و يرتفع بالتذكية قطعاً و المقصود إثبات الحرمة الذاتية»الجواب عن هذا الإیراد:في مستمسك العروة بعد الجواب عن الإیراد الثالث المذكور هنا: «و بذلك يندفع الإشكال من الجهة الثانية [أي الإشكال من جهة أنّ الحرمة الثابتة قبل التذكیة موضوعها غیر المذكی و المشكوك ثبوتها بعد التذكیة موضوعها المذكی] أيضاً و لذا بني على استصحاب نجاسة الماء المتغير بالنجاسة بعد زوال تغيره، و استصحاب حكم الحاضر بعد سفره، و حكم المسافر بعد حضره، و أمثال ذلك».و في نتائج الأفكار في الأصول: «قد يرد عليه الاعتراض بأنّه لم‌يظهر وجه للفرق بين المقام و بين استصحاب نجاسة الماء المتغير، فإنّ التغير كما لايكون هناك معروضاً للنجاسة كذلك الحياة فإنّ المعروض للطهارة و الحرمة هو اللحم، و لا معنى لكون الحياة معروضاً للطهارة و الحرمة، و لا فرق بين التغير و الحياة من حيث القابلية للملاكية أصلاً، و دعوى حكم العرف بدخل الحياة في الموضوع خالية عن الشاهد. و أما ما أفاده [المحقق النائیني] في استصحاب نجاسة الماء المتغير من نشوء الشك في بقاء النجاسة عن الشك في كيفية ملاكية التغير للحكم بالنجاسة من كونه حكمة غير مطردة و لا منعكسة أو كونه علة مطردة و منعكسة... ففيه: ما تكرر هنا مراراً من تقوّم موضوعية الموضوع بالملاك و عدم إمكان خلوّ الموضوع عنه آناً ما، و إلّا يلزم بقاء الحكم بلا ملاك و صفة كما صرّح به في العدة، و استلزام الحكم بلا ملاك للترجيح من غير مرجح الذي هو قبيح عقلاً واضح لا سترة فيه...».و في مباحث الأصول للشیخ محمد تقي البهجت)، ج‌3، ص373: «و دعوى مغايرة الموضوع سابقاً و لاحقاً و لو احتمالاً، لأنّ النهي عن النقض لابدّ فيه من إحراز النقض و الإبقاء في المورد، فلابدّ من إحراز اتحاد الموضوع، مدفوعة بأنّ المناسبة بين الموضوع و الحكم، تقتضي موضوعيّة الجسم الجامع بين حالتي الحياة و الممات، بل حرمة الأكل تناسب الموت تقديراً و لو في حال حياة الحيوان»و في شرح العروة الوثقى للسيد محمد باقر الصدر)، ج3، ص51: «التحقيق أنّ حيثية عدم التذكية المأخوذة في موضوع الحرمة المجعولة على هذا العنوان إما أن تكون حيثية تعليلية عرفاً غير مكثرة للموضوع و إما أن تكون حيثية تقييدية و موجبة لتعدد الموضوع، فعلى الثاني يمتنع جريان الاستصحاب لأجل عدم وحدة الموضوع. و على الأول يكون الموضوع واحداً و بوحدته تعتبر الحرمة المشكوكة بقاء للحرمة المعلومة و إن كان كل منهما مجعولاً بجعل مغاير لجعل الآخر، لأنّ مناط الحدوث و البقاء في استصحاب المجعول إنّما هو الموضوع الذي له حدوث و بقاء و يكتسب المجعول بتبعه الحدوث و البقاء فالمجعول إذا لوحظ في عالم وجود الموضوع فلايتعدد بتعدد الجعل بل بتعدد الموضوع و الجعل يرى عرفاً كحيثية تعليلية لوجوده على موضوعه و المفروض وحدة الموضوع في المقام. و إذا لوحظ في عالم الجعل فليس له حدوث و بقاء أصلاً في هذا العالم و لا معنى لإجراء استصحابه بلحاظ هذا العالم. و بتعبير آخر: أنّ المجعول إذا لوحظ وجوده الحقيقي بالذات الثابت بنفس الجعل فلا محالة يتعدد و يتغاير بتعدد الجعل و تغايره و لكنّه بهذا اللحاظ لايتصور له حدوث و بقاء فلايمكن إجراء الاستصحاب في الشبهات الحكمية بهذا اللحاظ، و إذا لوحظ ما للمجعول من نحو ثبوت تابع لفعلية وجود موضوعه فهذا النحو من الثبوت يتصف بالحدوث و البقاء تبعاً لاتصاف الموضوع بذلك و هذا النحو من الثبوت يكون الجعل بالنسبة إليه بمثابة الحيثية التعليلية فلايتغاير و يتعدد بتعدد الجعل بل بتعدد الموضوع فمع تعدد الجعل تنحفظ الوحدة في الحرمة المجعولة و يجري استصحابها كما هو الحال فيما إذا كان بياض الجسم ثابتاً حدوثاً بعلّة و احتمل بقاؤه بعلّة أخرى فيجري استصحابه».الإشكال على هذا الجواب:في أصول الفقه للشیخ حسین الحلي، ج‌7، ص231: «يبنى الكلام في إجراء الاستصحاب على عدم اختلاف في الموضوع، و يدّعى الوحدة قياساً على نجاسة الكلب بعد موته، إذ لا مانع من استصحاب نجاسته في حياته، فكأنّ شاكّاً يشكّ في بقاء النجاسة الحياتية إذا انضمّ إليها نجاسة الموت، و قياساً على استصحاب جملة من أحكام الزوجية بعد موت الزوج أو الزوجة و لايخفى أنّ هذه الجملة إنّما تثبت بالنصّ، و إلّا لكان مقتضاه ثبوت جميع الأحكام إلّا ما أخرجه الدليل مثل جواز تزويج زوجة الميت بغيره، و لا أظنّ الالتزام به. و لايقاس على مسألة نجاسة الماء المتغيّر، لأنّ الظاهر أنّ العرف يرون التغيّر علّة».النكتة الثالثة: إیرادات أخر علي الاستدلال بالاستصحاب:الأول: في مستمسك العروة: «إنّ الحرمة الثابتة قبل التذكية معلولة لعدم التذكية و المشكوك ثبوتها بعد التذكية ناشئة من خصوصية في الحيوان، و تعدد العلّة يوجب تعدد المعلول عرفاً»الجواب عن هذا الإیراد: في مستمسك العروة: «فيه المنع من ذلك أيضاً فإنّ البقاء عين الحدوث وجوداً مع أنّه قد يختلف معه في العلّة كما في الأمور القارة التي يستند بقاؤها إلى استعداد ذاتها و حدوثها إلى علّة أخرى كالجدار المبني فإنّ حدوثه بفعل البناء و بقاءه باستعداد ذاته و صدق البقاء فيه من ضروريات العرف».الثاني: في آراؤنا في أصول الفقه: «ثانياً: أنّه على تقدير تمامية المدعى يكون موضوع الحرمة الحيوان الحي و الكلام في اللحم و يشترط في جريان الاستصحاب بقاء الموضوع».الجواب عن هذا الإیراد: في مستمسك العروة، ج1، ص289: «الإشكال على الاستصحاب المذكور من جهة عدم بقاء الموضوع تارة لأنّ موضوع الحرمة المعلومة الحيوان، و موضوع الحرمة المشكوكة اللحم و هما متغايران عرفاً... مندفع بأنّ المعيار في وحدة الموضوع المعتبرة في جريان الاستصحاب الوحدة في نظر العرف، بحيث يصدق الشك في البقاء عرفاً، و الاختلاف بين الحيوان و اللحم لايوجب التعدد في نظر العرف، و لاينتفي لأجله صدق الشك في بقاء الحرمة. و لأجل ذلك نقول: لا مانع من جريان استصحاب نجاسة الكلب بعد موته و لا من استصحاب جملة من أحكام الزوجية بعد موت الزوج أو الزوجة».الثالث: في مستمسك العروة، ج1، ص289 و 290: «يمكن أن يقال: إنّ الحرمة الناشئة من الخصوصية الذاتية لما لم‌تكن في رتبة الحرمة الناشئة من الجهة العرضية - أعني عدم التذكية- لترتب موضوعيهما امتنع أن تكون إحداهما مؤكدة للأخرى، و لا وجود إحداهما بقاء للأخرى، لأنّ البقاء عين الحدوث وجوداً، فلايكون بينهما اختلاف رتبة. و حينئذٍ فالمعلوم وجودها حال الحياة الحرمة التي موضوعها اللامذكى و هي زائلة قطعاً بعد التذكية و المحتمل وجودها بعد التذكية هي الحرمة الثابتة للذات نفسها، و هو وجود آخر يحتمل مقارنته لوجود الحرمة الزائلة و بقاؤه بعد زوالها. فيكون الاستصحاب من قبيل القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي، الذي ليس بحجّة على التحقيق».و في شرح العروة الوثقى للسيد محمد باقر الصدر، ج3، ص51 و 52: «الثاني: أنّ الاستصحاب المذكور من القسم الثالث من استصحاب الكلي و ذلك لأنّ الحرمة المحتملة التي يراد تنجيزها بالاستصحاب هي الحرمة الذاتية، و من الواضح أنّها على تقدير ثبوتها تكون موجودة من أول الأمر مع وجود الحرمة الأخرى التي كانت ثابتة بعنوان عدم التذكية و متى كان المشكوك على تقدير وجوده ثابتاً من أول الأمر على نحو يكون معاصراً للمتيقن السابق، فيمتنع إجراء استصحاب شخص الحرمة السابقة المتيقنة و يتعين إجراء استصحاب جامع الحرمة و هو من القسم الثالث من استصحاب الكلي لأنّه جامع بين فرد معلوم الارتفاع و فرد مشكوك الوجود من أول الأمر».و في أضواء و آراء: «و ثانياً... هو من استصحاب القسم الثالث للكلي».الجواب عن هذا الإیراد:في مستمسك العروة: «هذا التقريب يبتني على كون وصف اللا‌مذكّى مأخوذاً في موضوع الحرمة على نحو الجهة التقييدية عرفاً، و وصف التغير في مسألة نجاسة المتغير مأخوذاً في موضوع النجاسة على نحو الجهة التعليلية عرفاً. و لكنه غير واضح فالبناء على عدم جريان الاستصحاب لأجله غير ظاهر».و في شرح العروة الوثقى للسيد محمد باقر الصدر): «يرد عليه أنّ هذا مبني على أن يكون دليل الحرمة الثابتة بعنوان عدم التذكية شاملاً للحيوانات المحرمة ذاتاً أيضاً، و أما إذا قيل باختصاصه بالحيوان الذي يحل بالتذكية لوروده في ذلك المورد فلا تحتمل المعاصرة بين الحرمتين بل يعلم إجمالاً بثبوت إحدى حرمتين على الحيوان المشكوك قبل الذبح إما حرمة بملاك العنوان الذاتي و إما حرمة بملاك عدم التذكية، و هذا المعلوم الإجمالي يحتمل بقاؤه لأنّه على تقدير باقٍ و على تقدير مرتفع فيجري استصحابه. هذا مضافاً إلى أنّنا لو التزمنا بشمول دليل الحرمة الثابتة بعنوان عدم التذكية للحيوانات المحرمة ذاتاً فهذا لايقتضي ثبوت الحرمة المتيقنة و الحرمة المشكوكة في وقت واحد قبل الذبح على الحيوان المشكوك لو كان حراماً ذاتاً في الواقع لكي يمتنع أن يكون المشكوك بقاء للمتيقن بل يلتزم بثبوت حرمة واحدة مؤكدة بناء على التأكد عند اجتماع فردين من حكم واحد و هذا يوجب بطلان النكتة التي كانت تسبب عدم صدق عنوان البقاء على الحرمة المشكوكة إذ لايكون في الحيوان المشكوك قبل الذبح إلا حرمة واحدة و هي إما حرمة مؤكدة إذا كان الحيوان محرم الأكل ذاتاً و إما حرمة غير مؤكدة إذا لم‌يكن الحيوان كذلك و تعتبر الحرمة المشكوكة بعد الذبح بقاء لها و إن لم‌يكن لها ذلك التأكد المحتمل في الحرمة المتيقنة فيجري الاستصحاب. و دعوى استحالة التأكد بين الحرمتين في أمثال المقام لأنّ الحرمة الناشئة من الخصوصية الذاتية ليست في رتبة الحرمة الناشئة عن الجهة العرضية و هي عدم التذكية فلايمكن تأكدهما المساوق لوحدتهما مع تعدد الرتبة. مدفوعة، بأنّه لا موجب للطولية بين الحرمتين رتبة لمجرد الطولية بين الموضوعين فإنّ كلاً من الحرمتين في طول موضوعها و في طول ما يكون موضوعها متأخراً عنه رتبة و ليست في طول الحرمة الأخرى».الرابع: في منتهى الدراية في توضيح الكفاية، ج‌5، ص425: «... اللهم إلّا أن يدعى جريان أصالة الإباحة في الحيوان القابل للتذكية الموجبة لطهارته قطعاً المشكوك كونه حلالاً ذاتاً، فيحكم بأنّه مما يحل أكله، فإذا جرى هذا الأصل في الحيوان كان حاكماً على استصحاب حرمته، لتقدم رتبته على الاستصحاب، حيث أنّ مجرى أصالة الإباحة هو ذات الحيوان، فإذا ثبتت حليته بالأصل و أنّه من الحيوانات المحللة كانت التذكية لا محالة واقعة على الحيوان المحلل الأكل، و معه لا مجال لاستصحاب حرمته قبل التذكية، لعدم الشك في الحرمة لأجل عدم التذكية».و في مباحث الأصول للشیخ محمد تقي البهجت): «إنّه مع إحراز القابليّة و ما يجري مجرى ذلك و سائر قيود التذكية؛ فالشكّ في بقاء الحرمة الفعلية حال الحياة، مسبّب عن الشكّ في كونه حلال اللحم بعد التذكية المحرزة؛ و الأصل السببي مقدّم على الأصل المسبّبي و إن كان الثاني محرزاً في ما لم‌يكن أمارة، و مع قطع النظر عن ذلك أو عن جريان استصحاب عدم السبب للحلّ و الطهارة، إذا شكّ في تحقّقه بوجه كان الشكّ في الذبح أو في شروطه غير القابليّة أو في القابلية، فالمتعيّن جريان أصالة الحلّ».جواب عن هذا الإیراد:في مباحث الأصول للشیخ محمد تقي البهجت): «يمكن أن يقال إن الشكّ في بقاء الحرمة للكلّ و البعض على تقدير موت الكلّ أو قطع البعض مسبّب عن الشكّ في التذكية بعد زهاق الروح المشكوك كونه بالتذكية أو بالموت حتف الأنف مثلاً؛ كما أنّ الشكّ في الحلية الفعلية بعد زهاق الروح، مسبّب عن الشكّ في التذكية فالشكّان معلولان للثالث الذي لايجري فيه الأصل فرضاً من دون ترتّب بينهما، فالأصلان متعارضان بلا موضوعية و حكمية و بلا سببية و مسببية؛ إلا أنه لمكان وحدة المجرى، فأحدهما يحكم بعد زهاق الروح ببقاء الحرمة قبل الزهاق؛ و الآخر يحكم بالحلية الفعلية، لعدم معرفة أنّه حرام؛ و كلا الأصلين حكميان بلا ترتّب و مجراهما واحد؛ فيقدّم الاستصحاب على الأصل العمليّ مع اتحاد المجرى، لما بيّن في محله، كتقدّم الأمارة لو كان على الاستصحاب. و تقدّم زمان اليقين السابق لاينافي وحدة المجرى في زمان التعبّد الاستصحابيّ بالإبقاء و التعبّد بحلّ ما لم [يعلم‌] حرمته بالأصل العملي في نفس زمان الشكّ و هو ما بعد الزهاق...».إشكال على هذا الجواب:في مباحث الأصول: «يمكن أن يقال: زمان فعليّة الحرمة و الحليّة إنّما هو بعد الزهاق و يشكّ حينئذٍ في فعليّة الحرمة، لعدم التذكية و الحلّية للتذكية و لا حالة متيقّنة لفعلية إحداهما و استصحاب التكليفيّة في كلّ منهما متعارض بالآخر، فيحكم أصالة الحلّ حيث لا أصل موضوعي، لعدم التذكية؛ و كذا أصالة طهارة الجلد الملازمة لحلية اللحم بعد الزهاق؛ إلّا أنّ استصحاب طهارته الفعليّة حال الحياة إلى ما بعد الزهاق تقدّم على أصالة الطهارة في الجلد بلا إثبات للحلية بعد الزهاق، فنحتاج إلى أصالة الحلّ بعد الزهاق، فالمتعيّن استصحاب طهارة الجلد و إجراء أصالة حليّة اللحم».الخامس: في كتاب الطهارة للسيد الخوئي): «هذا كلّه على مسلك القوم و أما على مسلكنا من عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية الإلهية فعدم إمكان إثبات حرمة الأكل بالاستصحاب بعد ذبح الحيوان أظهر»و في دروس في مسائل علم الأصول: «على تقدير الإغماض و حرمة التسليم فالاستصحاب في بقاء الحرمة معارض بالاستصحاب في عدم جعل الحرمة لأكل لحمه بعد تذكيته».و في آراؤنا في أصول الفقه: «ثالثاً: قد ذكرنا مراراً أنّ الاستصحاب الجاري في الحكم الكلى معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد».بیان آخر لاستصحاب الحرمة: في بحوث في علم الأصول: «أنّ الثابت في حال الحياة حرمة واحدة لا حرمتان لعدم احتمال ذلك فقهياً فأمّا الحرمة بملاك عدم التذكية أو الحرمة النفسيّة فيكون من استصحاب الكلي القسم الثاني»و في أضواء و آراء: «إنّ حرمة أكل الحي مخصوص بغير الحرام ذاتاً، و أمّا الحرام ذاتاً فليس فيه في زمن الحياة أو بعد التذكية و الموت إلّا حرمة واحدة و هي الحرمة الذاتية. فيكون من القسم الثاني للكلي».و في حاشية فرائد الأصول للسید محمد كاظم الیزدي).: «اللهم إلّا أن يراد الاستصحاب الكلي فعلى القول بحجيته لا إشكال هنا لما عرفت من منع تبدّل الموضوع».الإیراد على هذا البیان: في بحوث في علم الأصول: «لا موجب له»، و في أضواء و آراء: «إنّ هذا أوّلًا: لا موجب له، و ثانياً: لا يكفي، لأنّ حرمة الحيّ بعنوان الحي تكون الحياة حيثية تقييدية فيه فتكون الحرمة الكلية المستصحبة غير ثابتة لذات الحيوان على كل تقدير، فيكون فيه إشكال تبدّل الموضوع. و ثالثاً: أنّ استصحاب الكلي من القسم الثاني لايجري في الأحكام بل في الموضوعات، لأنّه جامع بين الحكم غير القابل للتنجيز و القابل للتنجيز»
[16] ظاهر عبارات من علّق على العروة شمول الحكم للشبهة الموضوعیة و الحكمیة غیر السید البروجردي) حیث خصّ الحكم بالشبهة الموضوعیة فراجع حاشیتنا على الصورة الأُولى و الرابعة من الشبهة الموضوعیة تجد نظریاتهم و صرّح بعضهم بحكم الصورة الثانیة أي الشبهة الحكمیة و هم:السید الإصفهاني) إذ قال: إنّ عدم جواز أكله عليه مختص بالصورة الثانية [أي الشبهة الحكمیة].و المیرزا النائيني): أما إذا علم قبوله لها [أي للتذكیة] على كل تقدير فالظاهر جواز أكله بعد التذكية و إن كانت الشبهة حكمية.و السید الحكیم) إذ قال: أما الحكمية فاللازم فيها على العامي... و أما المجتهد فبعد استقرار الشك يفتي بالطهارة في الأول و بالحل في الثاني إذا علم قبوله للتذكية و بالحرمة إذا لم‌يعلم.و السید الخوئي) إذ قال: لا أصل في المقام يقتضي الحرمة أما مع العلم بقبول الحيوان للتذكية فالأمر ظاهر و أما مع الشك فيه فلأن المرجع حينئذٍ هو عموم ما دل على قبول كل حيوان للتذكية إذا كانت الشبهة حكمية ... .و السيد علي السيستاني إذ قال: بل يجوز مطلقاً و لكن بعد الفحص في الشبهة الحكمية.و السید محمد صادق الروحاني. إذ قال: فيما لو شك في قبوله التذكية من غير جهة احتمال عروض المانع و إلا فالأصل يقتضي جواز أكل لحمه (و هذا في الشبهة الحكمیة بقرینة ما بعد هذا الكلام فراجع)
[19] في مستمسك العروة، ج1، ص290: «لا بأس بالرجوع في إثبات الحل إلى عمومات الحل مثل قوله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ في‌ ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) و قوله تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) و قوله تعالى: (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) و نحوها الحاكم على الاستصحاب لو سلم جريانه».و في كتاب الطهارة للسيد الخوئي، ج1، ص486 - 487: «إنّ استصحاب حرمة الأكل على تقدير جريانه في نفسه محكوم بالعمومات الواردة في حلية كل حيوان وقعت عليه التذكية إلا ما خرج بالدليل كما دل على حلية ما يتصيد من الحيوانات البرية و البحرية و كقوله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ في‌ ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) فإنّ مقتضاهما حلية جميع الحيوانات بالتذكية إلا ما خرج بالدليل و بما أنّ الشبهة حكمية فلابد فيها من التمسك بالعام ما لم‌يقم دليل على خلافه و عليه فالأصل العملي و اللفظي يقتضيان حلية الحيوان المشكوك فيه عند العلم بقابليته للتذكية و هذا من غير فرق بين الشبهات الحكمية و الشبهات الموضوعية. نعم تمتاز الثانية عن الأولى في أنّ التمسك بالعمومات فيها إنّما هو ببركة الاستصحاب الجاري في العدم الأزلي لأنّ أصالة العدم الأزلي تقتضي عدم كونه من الحيوانات الخارجة عن تحتها كالكلب و الخنزير و أشباهما»و راجع شرح العروة الوثقى للسيد محمد باقر الصدر)، ج3، ص50، و في ص53، و في بحوث في علم الأصول، ج‌5، ص109: الإیراد على هذا البیان: في المحكم في أصول الفقه، ج‌4، ص104 و 105: «إنّ العمومات المذكورة لاتنهض بالاستدلال، لما هو المعلوم من كثرة التخصيص في الآية الأولى: (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى‌ طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً) بنحو قد يلزم بحملها على الحصر الإضافي و إن كان قد ينافيه صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر... لكن لابد من رفع اليد عنه، لمنافاته للنصوص الكثيرة المعول عليها عند الأصحاب الدالة على تحريم كثير من الأمور، بنحو يلزم كثرة التخصيص المستهجن، كما ذكرناه في الآية، فلابد من حمله على المحرمات المغلظة- كما عن الشيخ و ذكره الطبرسي في الآية- أو على التقية في الجواب و الاستدلال. نعم ربما يجمع بين الآية و أدلة المحرمات بالنسخ، لأنّ سورة الأنعام مكية- كما في مجمع البيان- و حينئذٍ فلا مانع من الاستدلال بها في غير مورد ثبوت النسخ لكنه لايخلو عن إشكال، لعدم كون ذلك جمعاً عرفياً و منه يظهر حال النصوص المشار إليها [إنّما الحرام ما حرّم اللّه في القرآن و...]و أما الآية الثانية فسيأتي الكلام فيها [في الوجه الرابع الذي ذكر للاستدلال بأصالة الحرمة في اللحوم].و أما الآية الثالثة: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) فالاستدلال بها موقوف على كون الطيب أمراً يدركه العرف، و أنّه عبارة عما لايستقذر و يستخبث عندهم. و حينئذٍ فيشكل الحل فيها بكثرة التخصيص أيضاً فلابد من حملها على الإشارة إلى طيبات معهودة، فتكون مجملة، أو على أن الطيب أمر لايدركه. إلّا الشارع، بحيث يكون تحريم شي‌ء كاشفاً عن عدم كونه طيباً، لا أنّه مخصص للعموم المذكور، أو على ما يأتي في الآية الثانية فتأمل جيداً... »
[22] في فرائد الأصول، ج‌2، ص109: «إنّ أصالة الإباحة في مشتبه الحكم إنّما هو مع عدم أصل موضوعي حاكم عليها فلو شكّ في حلّ أكل حيوان مع العلم بقبوله التذكية جرى أصالة الحلّ».و في كفاية الأصول، ص349: «لو علم بقبوله التذكية و شك في الحلية فأصالة الإباحة فيه محكمة فإنّه حينئذٍ إنّما يشك في أنّ هذا الحيوان المذكى حلال أو حرام و لا أصل فيه إلا أصالة الإباحة كسائر ما شك في أنّه من الحلال أو الحرام».و راجع كفاية الأصول مع حواشي مشكيني ج‌4، ص105 و 106، و وسيلة الوصول إلى حقائق الأصول، ج‌1، ص611، و شرح العروة الوثقى للسيد محمد باقر الصدر. ج3، ص50، و آراؤنا في أصول الفقه، ج‌2، ص198، و ص201، و دروس في مسائل علم الأصول، ج‌4، ص314، و المحكم في أصول الفقه، ج‌4، ص103، و ص125، و زبدة الأصول؛ ج‌4؛ ص426: و ص430.و استدل بعض الأعلام على الحل باستصحاب عدم جعل الحرمة:ففي بحوث في علم الأصول، ج‌5، ص109: «أما القسم الأول فإن كانت الشبهة حكمية فالمرجع عمومات الحلية... إن تمت و إلّا فأصالة الحل أو استصحابه الثابت قبل التشريع... و إن كانت الشبهة موضوعية فلايمكن التمسك بالعمومات إلّا إذا أمكن إحراز موضوعها بالاستصحاب و لو بنحو العدم الأزلي و إلّا فيرجع إلى أصالة الحل أو استصحاب عدم الحرمة بنحو العدم الأزلي» و كذا في أضواء و آراء، ج‌2، ص405.و في دروس في مسائل علم الأصول، ج‌4، ص314: «إذا أحرز كون حيوان قابل للتذكية و شك في كونه محلل الأكل أو محرم الأكل بالشبهة الحكمية فلا بأس بأكل لحمه و شحمه أخذاً في الاستصحاب في ناحية جعل عدم الحرمة له بعد ذبحه و تذكيته... و لا فرق... بين أن تكون الشبهة حكمية أو موضوعية»الإیراد الأول على هذا الاستصحاب: المعارضة باستصحاب عدم جعل الحلیةالجواب الأول عن هذا الإیراد:في دروس في مسائل علم الأصول: «دعوى أنّ هذا الاستصحاب معارض بالاستصحاب في عدم جعل الحلية لأكل لحمه فقد تقدم عدم المعارضة حيث لايلزم من الاستصحابين مخالفة عملية للتكليف المعلوم بالإجمال، و على تقدير المعارضة يرجع في احتمال حرمة أكل لحمه بحديث الرفع و نحوه مما يكون مقتضاه الترخيص في الارتكاب»الجواب الثاني عن الإیراد الأول:في آراؤنا في أصول الفقه، ج‌2، ص198: «بعد التعارض و التساقط تصل النوبة إلى استصحاب عدم تعلق النهي به و أصالة البراءة عن حرمته» الإیراد الثاني:في المحكم في أصول الفقه، ج‌4، ص125: «لا مجال لتوهم الرجوع لأصالة عدم كونه من النوع المحرّم، كالإرنب- كي يبقى تحت عموم الحل لو تمّ- أو أصالة عدم كونه من النوع المحلل، كالغنم- كي يبقى تحت عموم التحريم لو تم- لأنّ الخصوصية النوعية من شؤون الذات التي ليست لها حالة سابقة معلومة في الحيوان، فلا مجال لجريان الاستصحاب فيها و لو بنحو استصحاب العدم الأزلي»
[23] راجع ص277.
[24] قد استدل على القول بالحرمة في الصورة الرابعة بوجهین آخرین:الوجه الأول: أصالة عدم التذكیة في الأصول في علم الأصول، ج‌2، ص308 و 309: «الحيوان باعتبار قبول التذكية و عدمه ينقسم على أقسام ثلاثة: فبين ما هو غير قابل للتذكية أصلاً كالكلب و الخنزير و الحشرات؛ و بين ما هو قابل للتذكية في الجملة، بمعنى تأثير التذكية في طهارته؛ و بين ما هو قابل للتذكية، بمعنى تأثير التذكية في حلّه و طهارته جميعاً. و هذا الاختلاف لايكون إلّا لأجل خصوصيّة في الحيوان بها يمتاز كلّ قسم عن قسيميه... و إذا شكّ في حيوان أنّه من أيّ القسمين الأوّلين مع العلم بأنّه لیس حرام الأكل جرت أيضاً أصالة عدم‌ التذكية- بمعنى التذكية الموجبة للحلّ- و لايمنعها العلم بقبوله التذكية الموجبة للطهارة؛ فإنّ إحدى التذكيتين غير الأخرى. كما لايمنع الأصلين كون عدم التذكية في زمان اليقين في موضع الحيّ، و هذا قد ارتفع في زمان الشكّ؛ فإنّ الحياة و الممات من مقارنات العدم الواحد المستمرّ لا من مقوّماته... و قد ظهر ممّا ذكرنا عدم الفرق في جريان أصالة عدم التذكية بين الشكّ في قابليّة التذكية بمرتبتیها و بين الشكّ في قابليّة التذكية بمرتبة واحدة منها- أعني التذكية المحلّلة- مع القطع بالقابليّة بالمرتبة الأخرى- أعني التذكية المطهّرة- فلا وجه لإجراء أصالة الحلّ في الأخير؛ فإنّ أصالة عدم التذكية حاكمة على أصالة الحلّ في الأخير كحكومتها عليها في الأوّل هذا كلّه على مذاق القوم».و في نهاية النهاية في شرح الكفاية، ج‌2، ص111 في التعلیقة على قوله: «فأصالة الإباحة فيه محكمة»: «لا فرق في جريان أصالة عدم التذكية بين المقام و الفرض السابق، فإن صحّ جريانها هناك جرت هاهنا أيضاً، و العلم بقبول الحيوان للتذكية المؤثرة في الطهارة يجتمع مع الشك في قبوله للتذكية المؤثرة في الحل، فيجري أصالة عدم تلك التذكية الخاصة المؤثرة في الحلّ و الطهارة جميعاً، و إن علم بتحقق التذكية المؤثرة في الطهارة، فللتذكية مرتبتان: تذكية ذات أثر واحد، و أخرى ذات أثرين، و كلتاهما عبارتان عن أفعال مخصوصة مع خصوصية في المحل، و اختلاف الأثرين منشأه اختلاف الخصوصيّتين، و إلاّ فأصل الأفعال مشتركة بينهما، فكما إذا شككنا في اشتمال الحيوان على خصوصية، يوجب تأثير وقوع الأفعال عليها الحلّ و الطهارة، يرجع إلى أصالة عدم التذكية، كذلك إذا شككنا في اشتماله على خصوصية، توجب تأثير الأفعال فيه الحلّ، مع العلم باشتماله على خصوصية، توجب تأثيرها فيه الطهارة، يرجع إلى أصالة عدم التذكية، و العلم بوقوع التذكية عليه بالمعنى الأخير لايمنع من الرجوع إلى أصالة عدم التذكية بالمعنى الأوّل».و في كفاية الأصول مع حواشي مشكيني ج‌4، ص105 و 106: «و أمّا الصورة الثانية من صور الشبهة الحكمية فالحقّ فيها جريان أصالة الحلّ لو لم‌تكن الخصوصيّة الموجبة للحلّ مأخوذة في التذكية- كما هو الظاهر- و إلّا فأصالة عدم تحقّق التذكية محكّمة على ما تقدم تقريبه. و بيان تصوير الأخذ فيها بأن يكون للتذكية مرتبتان: الأولى: ما يؤثّر في الطهارة، الثانية: ما يؤثّر في الحلّيّة و قد أحرزت المرتبة الأولى دون الثانية، فيجري أصالة عدم الثانية».و في نهاية الدراية في شرح الكفاية، ج‌4، ص153 و 154: «لايخفى عليك أنّ التذكية الشرعية ربّما تؤثر في الحلية و الطهارة، كما في تذكية مأكول اللحم و ربّما تؤثر في الطهارة فقط، كما في تذكية غير المسوخ مما لايأكل لحمه و ربّما تؤثر في الحلية فقط، كما في الجراد و الحيتان حيث إنّه لا أثر لصيدها إلا حليتها لبقاء أمثالها على الطهارة حيّاً و ميّتاً، و عليه يحمل ما ورد من أنّ الجراد حيّه و ميّته ذكيّ‌ أي طاهر، لا أنّه لايحتاج إلى الذكاة من حيث الحلية، بل ورد أنّ صيد الجراد ذكاته‌ و أنّ السمك إخراجه من الماء ذكاته فيعلم من هذه القسمة- بلحاظ ما ورد في هذا الباب شرعاً- أنّ للتذكية في كل مورد بحسبه تأثيراً من حيث الحلية، و تأثيراً من حيث الطهارة. و أنّ الحيوان له جهتان من القابلية للحلية و الطهارة... و عليه فلا مجال لقاعدة الحل مع أصالة عدم التذكية المؤثرة في الحلية، كما لا مجال لأصالة الطهارة مع أصالة عدم التذكية المؤثرة في الطهارة».و ذكر في منتقى الأصول، ج‌4، ص511 إیراد المحقق الإصفهاني على صاحب الكفایة و قال في آخر كلامه: «إذن فأصالة عدم التذكية هو المحكّم في هذه الصورة».إیراد على أصالة عدم التذكیة:في بداية الوصول في شرح كفاية الأصول، ج‌7، ص9 و 10: «إنّ نفس الخصوصية و القابلية في الحيوان أمر بسيط، و البسيط لا تعدد فيه و إنّما تعدد الأثر للتذكية، فأنّ الشارع رتب عليها، تارة الطهارة و الحلية معاً، و أخرى رتب عليها الطهارة فقط، و لما كان نفس الخصوصية لا شك فيها مع بساطتها لفرض العلم بوجودها فلا مجرى للأصل الموضوعي فلا مانع من جريان أصالة الإباحة».الجواب عن هذا الإیراد:في نهاية الدراية: «و أما توهم أن قبول التذكية أمر بسيط لا تركب فيه، فهو إما متحقق أو لا، فإذا فرض أنّ الذبح مؤثر شرعاً في طهارته و في جواز جملة من الانتفاعات، فهو قابل للتذكية شرعاً، فلا مجال لأصالة عدم القبول أو عدم التذكية، و حينئذٍ لايبقى شك إلا من حيث الحلية فتجرى قاعدة الحل فهو مدفوع بأنّ بساطة القابلية و عدم تركبها معنى، و تعدد جهة القابلية و تكثرها معنى آخر فكما أنّ العلم بسيط و القدرة بسيطة مع أنّ العلم بشي‌ء ليس علماً بكل شي‌ء، و القدرة على شي‌ء ليست قدرة على كل شي‌ء، كذلك قابلية شي‌ء لشي‌ء ليست قابلية لكل شي‌ء».إیراد آخر على أصالة عدم التذكیة:في نهاية الدراية: «في إجراء أصالة عدم التذكية إشكال من حيث أنّ القابلية و إن كانت متعددة لكنها للمحاذير المتقدمة ليست بنفسها مجرى الأصل و نفس عنوان التذكية بناء على كونها من الاعتبارات الشرعية القابلة للتعبد بها وجوداً أو عدماً لاتكون مجرى الأصل هنا؛ لأنّ المذكى من حيث الحلية و الطهارة و إن تعددت الجهات الدخيلة في اعتباره و تعددت الآثار المترتبة على اعتباره لكنه اعتبار واحد لا متعدد، بمعنى أنّ الحيوان الذي له قابلية التذكية من حيث الحلية و قابلية التذكية، من حيث الطهارة له جهتان من القابلية، و له أثران من الطهارة و الحلية، لكنه لا‌يعنون بعنوان المذكى مرتين، و ليس له من اعتبار العنوان فردان».الجواب عن هذا الإیراد: في نهایة الدرایة: «يمكن أن يقال: إنّ التذكية، و إن لم‌تكن كالقابلية و العلم و القدرة، من المعاني التعلقية حتى تتعدد بتعدد متعلقها- فإنّ الطيب ليس له إلا موضوع يقوم به و ليس له متعلق- إلا أن تعددها بتعدد جهاتها و حيثياتها فكما أنّ الطهارة معنى واحد و الطهارة من الحدث الأكبر غير الطهارة من الحدث الأصغر، و لذا يرتفع حدث الحيض بالغسل، و لايرتفع الأصغر إلا بالوضوء فكذا التذكية، فإنّ طيب الأكل غير طيب الاستعمال، فالحيوان طيب الاستعمال و ليس بطيب الأكل و قد عرفت سابقاً: أنّ الحلية و الطهارة من آثار التذكية لا أنّها عين الحكم و من عناوينه، و حينئذٍ فلا مانع مع اليقين بكونه مذكى من حيث الاستعمال من عدم كونه مذكى من حيث الأكل».إیراد ثالث على هذا الأصل:في الأصول في علم الأصول، ج‌2، ص310: «و أمّا نحن فأصالة الحلّ و الطهارة غير محكومتين عندنا في شي‌ء من الصورتين. توضيحه: أنّ معنى حلّ لحم الحيوان هو حلّه إن ذكّي لا حلّه فعلاً و في حال الحياة، و لا حلّه إذا مات حتف أنفه، فهذا حكم تقديري. فإذا شكّ في حلّ لحم حيوان كان شكّنا ذلك شكّاً في حلّ تقديري و الحلّ حين وقوع شرائط التذكية، فكما أنّ الحلّ المطلق و على جميع التقادير إذا شكّ فيه يحكم به بأصالة الحلّ كذلك الحلّ المقيّد، و الحلّ على تقدير خاصّ إذا شكّ فيه يحكم به بحكم أصالة الحلّ. و كذا الكلام في جانب الطهارة.و أمّا حديث الخصوصية و قابلية الحيوان لأن يعرضه الحلّ إذا ذكّي، فذاك كخصوصية الشي‌ء لأن يعرضه الحلّ المطلق؛ فإنّ الحلّ المطلق أيضاً منبعث عن خصوصية في المحلّ، فكما أنّ تلك الخصوصيّة لاتمنع عن جريان أصالة الحلّ المطلق كذلك هذه الخصوصيّة؛ و سرّه أنّ هذه الخصوصيّة ليست مجرى أصل من الأصول؛ لعدم يقين سابق فيها، مع أنّها ليست موضوعاً لحكم شرعي و إن كانت منشأ و سبباً له، فبإجراء أصالة الحلّ يستكشف إنّاً تحقّق هذا المنشأ و المناط...».الوجه الثاني: أصالة الحرمة في اللحومفي فرائد الأصول، ج‌2، ص109: «يظهر من المحقّق و الشهيد الثانيين فيما إذا شكّ في حيوان متولّد من طاهر و نجس لايتبعهما في الإسم و ليس له مماثل أنّ الأصل فيه الطهارة و الحرمة... ذكر شارح الروضة هنا وجهاً آخر و نقله بعض محشّيها عن الشهيد في تمهيد القواعد قال شارح الروضة: إنّ كلّامن النجاسات و المحلّلات محصورة فإذا لم‌يدخل في المحصور منها كان الأصل طهارته و حرمة لحمه و هو ظاهر انتهى».و في مطارح الأنظار (ط.ج): ج‌3، ص391: «إنّ الشهيد الثاني‌ حكم بطهارة الحيوان المتولّد من الحيوانين في الروضة و حرمته معلّلاً فيهما بقوله: «عملاً بالأصلين فيهما» أمّا أصالة الطهارة، فظاهرة، و أمّا أصالة الحرمة، فالمراد بها غير ظاهر فإنّه على ما يظهر منه في عدّة موارد في كتبه ممّا يعوّل على الإطلاق في الدليل الدالّ على سببية التذكية كما يفصح عنه تمسّكه في الحيوانات المختلف فيها في كتاب الأطعمة و الأشربة بأصالة الحلّ، فلايصحّ حمل قوله: بالأصل فيهما على الأصل على‌ ما أصّلناه، فلابد له من توجيه‌.فنقول: حكي عن المحقّق الثاني و الفاضل الهندي و بعض المعلّقين على الروضة و الشهيد الثاني‌ أيضاً في بعض تعليقات الأوّل على الشرائع‌ و شرح الثاني على الروضة و بعض تعليقات الثالث عليها و تمهيد القواعد أنّ الأصل فيه هو انحصار المحلّل في عناوين مخصوصة و عدم انحصار المحرّم في عنوان».[و في الروضة البهية: أمّا المتولّد من أحدهما (أي الكلب و الخنزير) و طاهر فإنّه يتبع في الحكم الإسم و لو لغيرهما فإن انتفى المماثل فالأقوى طهارته و إن حرم لحمه للأصل فيهما.و في حاشية الشرائع المطبوعة في حياة المحقّق الكركي و آثاره، ج10، ص102 عند قول المحقّق «و لو نزأ كلب على حيوان فأولده روعي في إلحاقه بأحكامه إطلاق الإسم»: هذا إنّما يكون إذا نزأ الكلب على نحو الشاة، فإنّه يراعى في نجاسته أغلبية أوصاف الكلب على الولد بحيث يقع عليه إسم الكلب، فإن غلبت أوصاف الشاة عليه فهو طاهر حلال، و لو انتفى عنه أمران فهو طاهر حرام.و في جامع المقاصد، ج1، ص166 في ذيل قول العلّامة «و المتولّد من الكلب و الشاة يتبع الإسم»: تنقيحه أنّه إذا كان بصورة أحد النوعين بحيث استحقّ إطلاق إسم ذلك النوع عليه عرفاً لحقته أحكامه لأنّه إذا سمّي بأحدهما اقتراحاً تلحقه الأحكام، و لو لم‌تغلب عليه صورة أحد النوعين فهو طاهر غير حلال تمسّكاً بالأصل في الأمرين.و في حاشية الشيخ علي على الروضة كما في هامش الطبعة الحجرية من الروضة، ج1، ص21 عند قول الشهيد «للأصل فيهما» :... أمّا أصالة التحريم فلأنّ المحلّل محصور بشرط فما لم‌يتحقّق الشروط لم‌يحكم بحلّ لحمه.و لنقل: كل ما ذكرنا هنا اتخذناه من تعلیقات محققي كتاب مطارح الأنظار].و في كتاب الطهارة (ط.ق): للشيخ الأنصاري، ج2، ص347 – 348: «بقي الكلام فيما ذكره شيخنا في الروضة تبعاً للشيخ علي في حاشية الشرائع من أصالة حرمة اللحم عند الشك فإنّا لم‌نجد لهذا الأصل مستنداً عدا... أو ما ذكره شارح الروضة و حكى أيضاً عن بعض محشيها و نقله عن تمهيد القواعد، و محصله أنّ المحللات محصورة و المحرم غير محصور فإذا لم‌يدخل في المحصورات حكم بحرمته».و في تعليقة على معالم الأصول، ج‌6، ص87: «إعلم أنّ لثاني الشهيدين في الروضة كلاماً في مسألة الحيوان المتولّد من طاهر و نجس الذي لم‌يلحق بأحدهما في الإسم، و لم‌يكن له مماثل في الخارج، المختلف في طهارته و نجاسته حيث قال: و إن انتفى المماثل فالأقوى طهارته، و إن حرم لحمه للأصل فيهما... و أمّا الأصل في الثاني فقد يعترض عليه: بأنّ كلامه هاهنا لاستناده بذلك الأصل ينافي كلامه في باب الأطعمة و الأشربة، لبنائه ثمّة على حلية الأشياء استناداً إلى أصالة الحلّ في الأشياء و يمكن الذبّ عنه بالتزام خروج اللحوم عن هذا الأصل بانقلابه إلى أصل ثانوي مخصوص بها. و إنّما الكلام في معنى ذلك الأصل و مدركه، و لايخلو عن إشكال بل الإشكال فيه قويّ و إن كان قد يوجّه... و قد يوجّه أيضاً- كما عن شارح الروضة [المناهج السويّة مخطوط الورقة 84] بأنّ كلاً من النجاسات و المحلّلات محصورة فإذا لم‌يدخل في المحصور منها كان الأصل طهارته و حرمة لحمه و كأنّه مأخوذ عمّا ذكره في تمهيد القواعد [ص270] على ما حكي من أنّ المحرّم غير منحصر لكثرته على وجه لاينضبط، و لعلّ مرجعه إلى دعوى غلبة الطاهر و الحرام على وجه ليس شي‌ء منهما محصوراً في عدد و لا محدوداً بحدّ، و قاعدة إلحاق مورد الشكّ بمورد الغالب تقضي بطهارته و حرمة لحمه».أما الإیراد على هذا الاستدلال:ففي كتاب الطهارة للسيد الخوئي ج1، ص485: «أما إذا كان الشك من جهة الشبهة الحكمية أو الموضوعية مع العلم بقبول الحيوان للتذكية كما إذا شككنا في حرمة لحم الأرنب أو شككنا في أنّ الحيوان شاة أو ذئب لظلمة و نحوها، و كثيراً ما يتّفق ذلك في الطيور لأنّها قابلة للتذكية إلا أنّ بعضها محرم الأكل فقد ذهب جماعة من المحققين إلى حرمة كل لحم يشك في حلية حيوانه، و ذلك للأصل الثانوي إلا أنّا لم‌نقف على وجهه مع أنّ مقتضى أصالة الإباحة حليته كغيره مما يشك في حرمته».و في شرح العروة الوثقى للسيد محمد باقر الصدر، ج3، ص50: «لايوجد في مقابل الرجوع إلى أصالة الإباحة إلا دعوى تخصيص أدلتها بأصالة الحرمة في اللحوم... أما الدعوى الأولى فلا دليل عليها لعدم ثبوت أصالة الحرمة في اللحوم بدليل معتبر ليخصص به عموم أصالة الحل». و في آراؤنا في أصول الفقه، ج‌2، ص198: «إن قلت: إنّه نقل عن الشهيد أنّ الأصل الأولي في اللحوم الحرمة قلت: هذا الأصل لا أصل له».و قد ذكر لهذا الاستدلال من قبل بعض الأعلام أوجه و أجیب عنها:1) في مطارح الأنظار: «إن أرادوا من ذلك أنّ الشارع قد حصر المحلّل من الأشياء في أشياء مخصوصة و حكم بحرمة ما سواها في دليل دالّ على الحكمين ففيه أوّلاً: أنّه‌ لم‌يثبت ذلك، و ثانياً: لو سلّمنا ذلك فليس من الأصل في شي‌ء فإنّه دليل اجتهادي على حرمة ما وراء المحلّلات فلايصحّ التعبير بالأصل الظاهر منه عند أرباب الصناعة ما يعوّل عليه عند الشكّ في مقام العمل، اللهم إلا أن يراد به القاعدة في المقامين كما لايخفى».و في فرائد الأصول: «و يمكن منع حصر المحلّلات، بل المحرّمات محصورة، و العقل و النقل دلّ على إباحة ما لم‌يعلم حرمته؛ و لذا يتمسّكون كثيراً بأصالة الحلّ في باب الأطعمة و الأشربة».و في تعليقة على معالم الأصول: «و التحقيق أن يقال: إنّ حصر المحلّلات، إن أريد به المعنى المصطلح الأصولي المتضمّن للإثبات و النفي مع كونه مستفاداً من الأدلّة الشرعية، ففيه منع واضح، بل ظاهر بعض الأدلّة حصر المحرّمات، و من ذلك قوله تعالى: (وَ ما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ)‌ و قوله أيضاً: (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى‌ طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ)».و في المحكم في أصول الفقه، ج‌4، ص105: «إن أريد من عدم دخوله في المحصور العلم بعدم دخوله فيه بأن يفرض كون الحل محصوراً بعناوين خاصة، كالبقر، و الغنم و نحوهما، و يعلم بعدم دخول الحيوان الخاص فيها، فيعلم بحرمته، و يراد من الأصل حينئذٍ هو عموم الحرمة المستفاد من الحصر المذكور، لا الأصل المقابل للدليل الجاري مع الشك ففيه أنّه لا دليل على الحصر بالنحو المذكور، و أدلة تحليل الأمور المذكورة لا ظهور لها فيه، بل ظاهر أدلة تحريم كثير من الأمور أنّ تحريمها لجهة تخصّها- كالمسخ- لا لعدم دخولها في العناوين التي حصر بها التحليل».2) في مطارح الأنظار: «و إن أرادوا منه الغلبة بمعنى أنّ‌ الأغلب في اللحوم الحرمة و الشكّ يلحق الشي‌ء بالأعمّ الأغلب، ففيه أوّلاً: منع الغلبة إن أريد بها الغلبة الشخصية فإنّ الأفراد المحلّلة تزيد على المحرّمة بكثير كما لايخفى، و إن أريد بها الغلبة النوعية فعلى تقدير تسليمها على وجه يكفي في حمل المشكوك عليها، فلا جدوى فيها... و ثانياً: بعد الغضّ عن جميع ذلك لا دليل على اعتبار الغلبة مطلقاً و لا سيّما بعد تلك الإطلاقات على ما هو مذاقهم كما لايخفى».و في تعليقة على معالم الأصول: «و إن أريد به قلّة المحلّلات و غلبة المحرّمات على وجه الخروج عن حدّ الإحصاء، ففيه أوّلاً: منع الصغرى، بل الإنصاف عدم محصوريّة المحلّلات و لا سيّما في غير اللحوم، و ثانياً: منع الكبرى لأنّ الغلبة ليست من الأمور التعبّديّة الصرفة، بل إنّما يجوز التعويل عليها بناء على الظنون المطلقة حيث أفاد الظنّ باللحوق و هو مع عدم الملازمة محال، كما أنّ الملازمة مع العلم بوجود الفرد المخالف للأفراد الغالبة في الحكم بل و كثرته محال».3) في مطارح الأنظار: «و إن أرادوا أنّ الشارع إنّما حكم بانحصار المحلّل في عناوين خاصّة في أدلّة مخصوصة و سكت عن حال المحرّمات و مثل ذلك يعدّ في العرف من حصر المحرّمات فيما عدا المحرّم و إن لم‌يصرّح بالحصر كما أنّه حصر الحلال من الحيوانات البحرية في السمك، و منه فيما له فلس، و من الطيور فيما له حوصلة أو صيصیة و نحو ذلك، فلو سلّم استفادة الحصر من ذلك، فلايجدي فيما نحن بصدده من الحيوانات البرّية لفقدان مثله فيه».4) في تعليقة على معالم الأصول: «و قد يوجّه أيضاً بأنّ الحلّ في قوله تعالى: (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ‌) المفيد للحصر على الطيّب، فكلّ ما شكّ في كونه طيّباً فالأصل عدم إحلال الشارع له... أقول: الطيّب و الخبيث ليس فيهما حقيقة شرعيّة، فيحملان على ما ينساق منهما عرفاً، و الخبيث ما يستقذره الطبع و الطيّب مقابله، و قد يكون هذا الحيوان ممّا يستقذره الطبع، مع أنّ مبنى الإشكال في الحلية و الحرمة هاهنا ليس على كونه ممّا يستقذره الطبع أو لا، و إلّا عاد الشبهة إلى شبهة الموضوع و الأصل فيها الإباحة اتّفاقاً».و في فرائد الأصول: «و لو قيل: إنّ الحلّ إنّما علّق بالطيّبات‌... قلنا: إنّ التحريم محمول في القرآن على الخبائث و الفواحش فإذا شكّ فيه فالأصل عدم التحريم، و مع تعارض الأصلين يرجع إلى أصالة الإباحة، و عموم قوله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ‌) و قوله: «ليس الحرام إلّا ما حرّم الله» مع أنّه يمكن فرض كون الحيوان ممّا ثبت كونه طيّباً بل الطيّب ما لايستقذر، فهو أمر عدميّ يمكن إحرازه بالأصل عند الشكّ، فتدبّر».و في المحكم في أصول الفقه، ج‌4، ص106 و 107: «و إن أريد من عدم دخوله في المحصور الشك في دخوله فيه، فقد يوجه بأنّ ظاهر قوله تعالى اسمه: (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) حصر المحلل في الطيبات، فالشك في حلية الحيوان راجع إلى الشك في كونه طيباً، فيحرم ظاهراً.لكنّه يندفع أولاً: بأنّ عطف صيد الجوارح على الطيبات شاهد بعدم كون المراد بالطيب الطيب بذاته في مقابل الخبيث بذاته- كالخنزير- ليمكن الشك في صدقه على بعض الحيوانات-كالأرنب- بل الطيب العرضي، و هو المذكى بالذبح، كما يشهد به ما في مجمع البيان... و لا أقل من إجمال الطيبات على ذلك المانع من الاستدلال بالآية و لا سيما مع ما أشرنا إليه من الإشكال في عموم حل الطيبات.و ثانياً: بأنّ الشك في صدق الطيب- لو تمّ الحصر- لايقتضي البناء على التحريم ظاهراً، بل على الحل، لأنّه مقتضى الأصل و لا مجال للرجوع إلى أصالة عدم كون الحيوان طيباً، إذ لايبعد كون الطيب من لوازم الماهية، فلايحرز سبق عدمه في الحيوان و لو كان أزلياً، فتأمل. نعم، بناء على أنّ تعليق الحل على أمر وجودي يقتضي البناء على عدمه عند عدم إحرازه، كما تقدم في التنبيه الأول من بعض الأعاظم فقد يتجه البناء على الحرمة و إن استشكل فيه بعض الأعاظم على ذلك أيضاً بوجه لا‌يهمّ الكلام فيه بعد ما تقدم من ضعف المبنى المذكور.و ثالثاً: بأنّ ذلك لو تمّ اقتضى البناء على الحرمة في غير اللحوم، و لايظن من أحد الالتزام به و دعوى اختصاص الحصر في الآية باللحوم غير ظاهرة المأخذ».5) في مطارح الأنظار: «و قد يستند في ذلك إلى السيرة فإنّا نراهم لايعوّلون على أصالة الحلّ و البراءة في اللحوم و الحيوانات، و لذلك يبادرون بالسؤال عنها، و لايجوّزون من أنفسهم ارتكاب‌ أكلها إلّا بعد العلم بالحلّ و فيه: أنّ ذلك لعلّه إنّما بواسطة لزوم الفحص في مورد الأصل و لاينكره أحد فإنّه لا مناص منه».و في كتاب الطهارة: «و أما سؤال أصحاب الأئمة عن المحللات فلعدم جواز العمل بالأصول قبل التفحص كما لايخفى».و ذهب إلى القول بأصالة الحرمة في اللحوم في المحصول في علم الاصول، ج‌3، ص444 قال: «إنّ الرجوع إلى أصالة الحلّ في المورد الذي الغالب عليه الحرمة خلاف سيرة الفقهاء في الفقه. توضيحه أنّ الأُصول العملية ليست أُموراً تعبدية صرفة كالتعبد بكون صلاة الفجر ركعتين، بل هي مبنية على معايير واقعية و بما أنّ الغالب في الأشياء هو الطهارة، فالمرجع عند الشك فيها هو قوله: «كل شي‌ء طاهر». و أمّا الحلّية ففيما إذا كانت القاعدة الأوّلية هي الحرمة، و الحلّية لأجل دليل خاص كما في النفوس و الأعراض، فلاتجري و لأجل ذلك لايجوز قتل إنسان بشبهة أنّه مرتدّ أو التصرّف في الفروج باحتمال حلّيتها، و الأموال المطروحة باحتمال أنّها ممّا يجوز التصرّف فيه، و مثله اللحوم فإنّ المستفاد من الآيات و الروايات كون الأصل فيها الحرمة خرج ما خرج من الأنعام و بعض الطيور و السمك ففي مثل ذاك المورد المشكوك يكون الأصل المحكَّم هو الاحتياط.و قد نصّ الشيخ الأعظم عند البحث عن أصالة الصحة في فرائده و تنبيهات المعاطاة من مكاسبه أنّه إذا شك في صحّة تصرّف إنسان في مال اليتيم، أو الوقف فالأصل المحكَّم هو أصالة الفساد لا أصالة الصحّة في فعل المسلم، لأنّ طبع هذا العمل على الفساد خرج عنه ما خرج، أعني: تصرف الوليّ و المتولّي و لأجل ذلك فالحقّ التفصيل في الصورتين بين الطهارة و الحلّية، فتجري الطهارة دون الثانية...».و أما الإیراد على هذا البیان:ففي كتاب الطهارة للشيخ الأنصاري: «أما الثالث فلا‌يظهر له وجه عدا أنّ كثرة المحرمات و غلبتها على المحلل يمنع عن التمسك بأصالة الحل... و فيه ما لايخفى فإنّ أصالة الحل الثابتة بالكتاب في قوله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ في‌ ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) و قوله: (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَميعاً) و بالسنة في الثانية بأنّه: «لَيْسَ الْحَرَامُ إِلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ» و بتمسك الإمام من باب التعليم بقوله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ) في إباحة بعض الأشياء مضافاً إلى قولهم(.: «كُلُّ شَيْ‌ءٍ مُطْلَقٌ حَتَّى يَرِدَ فِيهِ نَهْيٌ» و غير ذلك مما هو معتضد بأصالة الحل المتفق عليها على الظاهر المستفاد من تتبع الموارد في باب الأطعمة و الأشربة لايندفع بمثل هذا الاستقراء الضعيف الغير الثابت أصله فضلاً عن اعتباره»

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo