< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /البحث الأول؛ تنبیهات البرائة؛ تنبیه الأول؛ في المطلب الثاني؛ النظریة الرابعة من المحقق الهمداني

 

النظریة الثالثة: من المحقّق الهمداني ([1] )

إنّ موضوع النجاسة هو عنوان غیر المذكّی و جریان أصالة عدم التذكیة یوجب حینئذٍ إحراز موضوع النجاسة فیحكم على اللحم المشكوك بالنجاسة أیضاً كما یحكم علیه بالحرمة.

الدلیل على ذلك: مكاتبة الصیقل

محمّد بن یعقوب عن الحسین بن محمّد (بن عامر) عن معلّى بن محمّد عن محمّد بن عبد الله الواسطي عن قاسم الصیقل قَالَ: «كَتَبْتُ إِلَى الرِّضَا أَنِّي أَعْمَلُ أَغْمَادَ السُّيُوفِ مِنْ جُلُودِ الْحُمُرِ الْمَيْتَةِ فَتُصِيبُ ثِيَابِي، فَأُصَلِّي فِيهَا؟ فَكَتَبَ إِلَيَّ: اتَّخِذْ ثَوْباً لِصَلَاتِكَ فَكَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي: أَنِّي كَتَبْتُ إِلَى أَبِيكَ بِكَذَا وَ كَذَا فَصَعُبَ عَلَيَّ ذَلِكَ، فَصِرْتُ أَعْمَلُهَا مِنْ جُلُودِ الْحُمُرِ الْوَحْشِيَّةِ الذَّكِيَّةِ فَكَتَبَ إِلَيَّ: كُلُّ أَعْمَالِ الْبِرِّ بِالصَّبْرِ، يَرْحَمُكَ اللهُ، فَإِنْ كَانَ مَا تَعْمَلُ‌ وَحْشِيّاً ذَكِيّاً فَلَا بَأْسَ.»([2] [3] [4] [5] )

و الحسین بن محمّد بن عامر من الثقات و معلّى بن محمّد البصري قد اختلف فیه فبعضهم قالوا بوثاقته و جلالته، و النجاشي ضعّفه.

فإنّ مقتضى تعلیق الطهارة على كونها ذكیة هو أنّ موضوع النجاسة ما لم‌یكن ذكّیاً فإنّ مفهوم الشرطیة هو أنّه إن لم‌یكن ما تعمل ذكّیاً ففیه بأس، و المراد به النجاسة لأنّ السؤال عن نجاسة الثوب فإذا أُجیب بعدم البأس فیكون المراد طهارة الثوب و أمّا إذا أُجیب بوجود البأس فمعناه النجاسة.

قد أشكل على ذلك سنداً و دلالةً

أمّا سنداً فلجهالة محمّد بن عبدالله الواسطي و القاسم بن أبي ‌القاسم الصیقل فإنّهما لم‌یوثّقا في كتب الرجال لا عموماً و لا خصوصاً، فالروایة - على هذا - ضعیفة إلّا على مبنی بعض أعلام المحقّقين من حجیة روایات الكافي في غیر متعارضاته.

و أمّا دلالةً فلأنّ الظاهر عدم دلالة المكاتبة على ذلك و إنّما تدلّ على نفي البأس عمّا كان یستعمله في عمله من جلود الحمر الوحشیة الذكیة في قبال المیتة المذكورة في صدرها فلا مفهوم لها [و بعبارة أُخری إنّ الروایة ناظرة إلى خصوص القضیة الخارجیة التي ابتلي بها السائل فلا‌یمكن استفادة المفهوم منها] و یدلّ على ما ذكرناه ذكر الوحشیة في الكلام لأنّ كون الحمار وحشیاً لا دخل له في طهارة جلده یقیناً ([6] ).

النظریة الرابعة: من المحقّق الإصفهاني ([7] )

و فیها ثلاث نكات:

النكتة الأُولى: هنا خمس طوائف من الروایات

إنّ الأدلّة في مقام الإثبات مختلفة، فهنا خمس طوائف من الروایات لابدّ من ملاحظة كلّ منها:

الطائفة الأُولى: ما یتضمّن المقابلة بین المیتة و المذكّی.

و هذه الطائفة مثل موثّقة سماعة ففي تهذيب الأحكام بإسناده([8] ) عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ [أَ] يُنْتَفَعُ‌ بِهَا؟ قَالَ: «إِذَا رَمَيْتَ وَ سَمَّيْتَ‌ فَانْتَفِعْ‌ بِجِلْدِهِ‌، وَ أَمَّا الْمَيْتَةُ فَلَا».([9] [10] [11] )

و مثل مكاتبة الصیقل بناء على ما تقدّم من أنّها تشتمل على المقابلة بین حكم المیتة و المذكّی.

الطائفة الثانیة: ما یتضمّن المقابلة بین المذكّی و غیر المذكّی.

مثل ما رواه شيخ الطائفة في التهذيب بطريق صحيح([12] ) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ: «سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي السُّوقَ فَيَشْتَرِي‌ جُبَّةَ فِرَاءٍ لَا يَدْرِي أَ ذَكِيَّةٌ هِيَ أَمْ غَيْرُ ذَكِيَّةٍ أَيُصَلِّي فِيهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، لَيْسَ عَلَيْكُمُ الْمَسْأَلَةُ؛ إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْخَوَارِجَ ضَيَّقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِجَهَالَتِهِمْ إِنَّ الدِّينَ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ».([13] [14] [15] )

الطائفة الثالثة: هي ما یتضمّن المقابلة بین المذكّی و عدم كونه مذكّی.

مثل ما رواه شيخ الطائفة في التهذيب بطريق صحيح عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنِ الرِّضَا قَالَ: «سَأَلْتُهُ عَنِ الْخَفَّافِ يَأْتِي السُّوقَ فَيَشْتَرِي الْخُفَّ لَا يَدْرِي أَ ذَكِيٌّ هُوَ أَمْ‌ لَا، مَا تَقُولُ‌ فِي‌ الصَّلَاةِ فِيهِ وَ هُوَ لَا يَدْرِي أَ يُصَلِّي فِيهِ؟ قَالَ نَعَمْ »([16] [17] [18] ).


[1] مصباح الفقيه، الهمداني، آقا رضا، ج8، ص376.. قال أولاً: «یعتبر في جواز استعمال الجلود و كذا في إباحة أكل اللحوم إحراز التذكیة ... و إلّا فیحكم بنجاستها و حرمة الانتفاع بها لأصالة عدم التذكیة و لا‌یعارضها أصالة عدم الموت حتف الأنف ... إنّ حرمة لحم الحیوان و نجاسته من آثار زهاق روحه بغیر الوجه الذي اعتبره الشارع سبباً للحلیة و الطهارة ... أنّ المیتة التي هي موضوع الحكمین [أي الحرمة و النجاسة] في عرف الشارع و المتشرّعة عبارة عمّا زهق روحه لا بشرائط التذكیة لا خصوص ما مات حتف أنفه».و لكن قال بعد ذلك: «لكن لقائل أن یقول: إنّه لایثبت بهذا الأصل كون اللحم غیر مذكی حتی یحكم بحرمته و نجاسته ... فمقتضی القاعدة هو التفكیك بین الآثار فما كان منها مرتّباً على عدم كون اللحم مذكی كعدم حلیته و عدم جواز الصلاة فیه و عدم طهارته و غیر ذلك من الأحكام العدمیة المنتزعة من الوجودیات التي تكون التذكیة شرطاً في ثبوتها ترتّب علیه ... و أمّا الآثار المترتّبة على كونه غیر مذكّی كالأحكام الوجودیة الملازمة لهذه العدمیات كحرمة أكله و نجاسته و تنجیس ملاقیه و حرمة الانتفاع به ... و غیر ذلك من الأحكام المعلّقة على عنوان المیتة أو غیر المذكی فلا».ثمّ ذكر عدّة مبان و عدم التزامه بها فقال أخیراً: «فالمتّجه هو التفصیل بین الأحكام المترتّبة على عدم كونه مذكی كالأحكام السلبیة التي تقدّمت الإشارة إلیها و بین الأحكام المترتبة على كونه غیر مذكی كالأحكام الثبوتیة الملازمة لهذه العدمیات مثل الحرمة و النجاسة»
[7] نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص144.. «أن الأدلة في مقام الإثبات مختلفة، فبعضها يتضمن المقابلة بين الميتة و المذكى‌، و بعضها يتضمن المقابلة بين المذكى و غير مذكى...»
[8] شرح مشيخة تهذيب الأحكام، الموسوي الخرسان، حسن، ج1، ص63.. «و ما ذكرته في هذا الكتاب عن الحسين بن سعيد فقد أخبرني به الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان و الحسين بن عبيد الله و أحمد بن عبدون، كلّهم عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد و أخبرني به أيضاً أبو الحسين أبي جيد القمي عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد، و رواه أيضاً محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد»
[12] شرح مشيخة تهذيب الأحكام، الموسوي الخرسان، حسن، ج1، ص72.. «و ما ذكرته في هذا الكتاب عن محمد بن علي بن محبوب فقد أخبرني به الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيه محمد بن يحيى عن محمد بن علي بن محبوب»
[14] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج1، ص257. (رواه بإسناده عن سليمان بن جعفر الجعفري عن العبد الصالح موسى بن جعفر. مثله)؛

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo