< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

44/06/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /التنبیه الثالث، فروع سبعة تتعلق بقاعدة التسامح في أدلة السنن، الفرع الأول

 

فروع سبعة تتعلّق بقاعدة التسامح في أدلّة السنن

الفرع الأوّل:
إنّ فتوی الفقیه هل تعدّ بلوغاً للثواب حتّی تشملها أخبار من بلغ؟

هنا قولان:

القول الأوّل

إنّ أخبار من بلغ تشمل بلوغ الثواب بفتوی المجتهد.[1] [2] [3] [4]

بیانه: إنّه یصدق بلوغ الثواب على العمل اللازم للاستحباب لأنّ مقام الإثبات غیر قاصر عن الشمول للبلوغ بالفتوی.[5]

أمّا بالنظر إلى قوله: «مَنْ بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ شَيْ‌ءٌ مِنَ الثَّوَابِ فَعَمِلَهُ»([6] ) فبملاحظة أنّ المراد من الثواب بقرینة قوله «فَعَمِلَهُ» هو نفس ما یثاب علیه بإطلاق المسبب على سببه.

و أمّا بالنظر إلى قوله: «مَنْ بَلَغَهُ شَيْ‌ءٌ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى شَيْ‌ءٍ مِنَ الْخَيْرِ فَعَمِلَ بِهِ»([7] ) فبملاحظة أنّ الفقیه و إن كان فتواه متعلّقاً بالاستحباب لا بالثواب لكنّه لمكان التلازم بین الاستحباب و الثواب یكون بلوغ الاستحباب بالمطابقة، بلوغ الثواب بالالتزام.

مناقشة المحقّق الإصفهاني([8] ) في القول الأوّل

إنّ إطلاق البلوغ منصرف إلى الخبر عن حسٍّ، لا الخبر عن حدس، لأنّ البلوغ في زمان صدور هذه الروایات إنّما كان بنقل الروایة عن المعصوم.([9] [10] )

إن قلت: إنّ البلوغ و إن كان منصرفاً إلى الخبر الحسّي و لكن إذا علمنا من مسلك الفقیه أنّه لایفتي إلّا بعد ورود الروایة في المسألة ففتواه تكشف بالالتزام عن ورود روایة بالاستحباب. ([11] [12] )

قلت: إنّ غایة ما یقتضیه مسلكه هو الاستناد إلى الروایة، و أمّا استفادة الاستحباب فموكولة إلى نظره و لعلها إذا وصلت إلینا لم‌نستظهر منها الاستحباب.([13] [14] )

یلاحظ علیها

إنّ المدار على الصدق العرفي لعنوان البلوغ و عدم كونه متعارفاً في زمان لایوجب الانصراف.([15] [16] [17] [18] )

القول الثاني

إنّ هذه الأخبار تختصّ ببلوغ الثواب بالخبر الحسّي و لاتعمّ الخبر الحدسي.([19] [20] [21] [22] [23] )

یلاحظ علیه

بعد تمامیة إطلاق بلوغ الثواب و عدم انصرافه إلى الفرد المتعارف لابدّ من القول بتعمیم هذه الروایات بحیث تشمل إفتاء الفقیه بالاستحباب و نتیجة ذلك هو ثبوت الاستحباب بالنسبة إلى المقلّد الذي بلغه الثواب من طریق إفتاء المجتهد له بالاستحباب.([24] )


الفرع الثاني:
جریان قاعدة التسامح في أدلّة السنن في المكروهات

قد اختلف في جریان هذه القاعدة في المكروهات و المشهور ألحقوا الكراهة بالاستحباب فإنّ صاحب الفصول قال في عنوان المسألة: فصل قد تداول بین أصحابنا التسامح في أدّلة السنن و المكروهات.([25] )

استدلّ على إلحاق الكراهة بالاستحباب بأوجه أربعة

الوجه الأوّل

و هو الإجماع الذي ادّعاه الشهید الأول على ما نسب إلیه.([26] )

الإیراد على الوجه الأوّل

إنّ الإجماع غیر ثابت و هو -مع فرض ثبوته- محتمل المدرك.

الوجه الثاني

إنّ ترك المكروه مستحب، و حینئذٍ إذا كان البالغ بالمطابقة كراهة الفعل فقد بلغ استحباب الترك بالالتزام.

إیراد المحقّق الإصفهاني علیه

هو خلاف التحقیق المحقّق في محلّه من أنّ كلّ حكم تكلیفي لاینحلّ إلى حكمین فعلاً و تركاً.([27] )

الوجه الثالث ([28] [29] )

و هو تنقیح المناط بدعوی أنّ الغرض هو أنّ الأحكام غیر الإلزامیة لیست كالإلزامیة المتوقّفة على ورود روایة صحیحة.

الإیراد على الوجه الثالث([30] )

إنّ تنقیح المناط لیس بحجّة إلّا إذا كان المناط یقینیاً و إثبات ذلك في المقام مشكل، بل المناط المذكور هنا ظنّي لایمكن إثبات الحكم الشرعي به.

الوجه الرابع: ما اعتمد علیه المحقّق الإصفهاني

قال: یمكن تنقیح المناط بوجه آخر و هو أنّ مورد الأخبار و إن اختصّ بالفعل، إلّا أنّ ظاهر الأخبار أنّها في مقام الترغیب في تحصیل الثواب البالغ من حیث إنّه ثواب بالغ لا لخصوصیة في ما یثاب علیه حتّی یقتصر على ثواب الفعل.([31] )

یلاحظ علیه

إنّ الإشكال لاینحلّ بتنقیح المناط بالنسبة إلى الفعل الذي یثاب علیه حتّی یعمّ الترك أیضاً، بل موضوع الخبر هو بلوغ الثواب و لم‌یثبت ثواب على ترك المكروهات في جمیع الموارد.

نعم في بعض الموارد من المكروهات و المحرّمات قد ورد الثواب العظیم على تركها مثل ما ورد في من ترك النظر إلى المحرّم إذا نظر إلى السماء فله كذا و كذا و إذا نظر إلى الأرض فله كذا و كذا و هكذا إذا غمض عینه مثلاً فله كذا و كذا من الثواب.

و لكنّه خارج عن محلّ الكلام، لأنّا نقول في هذه الموارد بوجود الحكمین و بعبارة أُخری نقول بحرمة النظر و استحباب غمض العین أو النظر إلى السماء أو إلى الأرض مثلاً في هذه الموارد أو نقول بوجوب ترك النظر شرعاً كما أنّه یحرم النظر أیضاً شرعاً.

فلا‌تعمّ الأخبار الكراهة لعدم وجود الثواب في تركها.


[1] مفاتيح الأصول، المجاهد، السيد محمد، ج1، ص351.. في مفاتيح الأصول، ص350: «التاسع: هل يلحق بالرواية الضعيفة في جواز التسامح جميع الظنون التي لاتكون حجة شرعية و لايصلح لإثبات الوجوب و الحرمة كالظن الحاصل من القياس أو من فتوى فقيه أو نحو ذلك أو لا؟ فيه إشكال من الأصل و اختصاص الروايات بالرواية و من إطلاق العبارات المتضمنة لدعوى الإجماع على جواز التسامح و قاعدة الاحتياط و عندي الاحتمال الأول في غاية القوة خصوصاً بالنسبة إلى فتوى الفقيه»
[2] عوائد الايام، النراقي، المولى احمد، ج1، ص271.. و في عوائد الأيام، ص798: «السادس: هل جواز التسامح مخصوص بالروايات الضعيفة أو يلحق بها سائر الظنون أيضاً، كالإجماع المنقول، و الشهرة، و فتوى الفقيه، و الظن الحاصل من القياس، و من إلحاق الشي‌ء بالأعم الأغلب؟ ظاهر المعالم الأول‌ و ظاهر بعضهم الثاني‌ و الحق التفصيل، فيجوز فيما يصدق عليه بلوغ الثواب، كالثلاثة الأول، دون غيره، كالأخيرين و نحوهما»
[3] الفصول الغروية في الأصول الفقهية، الحائري الاصفهاني، محمد حسين، ج1، ص306.. و في الفصول الغروية، ص306: «الثاني: سرى بعض الأصحاب أمر التسامح إلى الاكتفاء بفتوى الفقيه المعتبر؛ قال في المعتبر بعد أن نقل عن أبي الصّلاح كراهة الصّلاة إلى إنسان مواجه أو باب مفتوح ما لفظه: هو أحد الأعيان فلا بأس باتباع فتواه انتهى. و يمكن إدراجه في عموم الروايات المتقدّمة»
[4] دراسات في علم الاصول، الهاشمي الشاهرودي، السيد علي، ج3، ص309.. و في دراسات في علم الأصول، ج‌3، ص309: «الظاهر شمول الأخبار لفتوى الفقيه باستحباب العمل، لصدق عنوان بلوغ الثواب عليه، إما فيما علم كون فتوى الفقيه موافقاً لمتون الروايات فالأمر واضح... و إما في غير ذلك كالفتاوى المتعارفة في عصرنا فلايبعد أيضاً دعوى ثبوت الاستحباب بذلك، لأنّ الفقيه يخبر عن ترتب الثواب على العمل، غايته يكون إخباره عن حدس لا عن حس؛ اللهم إلّا أن يدعى انصراف أدلة التسامح عن الإخبار الحدسي، لكنها بعيدة جداً» و راجع ضوابط الأصول، ص320، و نتائج الأفكار، ص140، و تشريح الأصول، ص279
[5]  .
[6] و هي صحيحة هشام بن سالم تقدّمت في ص330.
[7] و هي رواية عدّة الداعي المذكورة في هامش الصفحة 333 بعنوان الثالثة.
[8] نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص188.. نهاية الدراية، ج‌4، ص188: «إنّ البلوغ في زمان صدور هذه الروايات حيث إنّه كان بنقل الرواية عن المعصوم فإطلاقه منصرف إلى الخبر عن حس، لا الخبر عن حدس خصوصاً إذا قلنا بأنّ الأخبار تتكفل حجية الخبر الضعيف في السنن، فإنّه يبعد كل البعد جعل فتوى مجتهد حجة على مجتهد آخر»
[9] بحر الفوائد في شرح الفرائد، الآشتياني، الميرزا محمد حسن، ج2، ص70. في بحر الفوائد (ط.ج): ج‌5، ص42: «إنّ الظاهر من البلوغ هو البلوغ بطريق الحسّ لا الحدس و الاجتهاد، بل قد يقال إنّه ليس إخباراً عن الواقع أصلاً، فإن مرجع إخبار الفقيه حقيقة عن الواقع إلى الإخبار عن الرأي و الترجيح النفساني و أين هذا من الإخبار عن النبيّ. و خلفائه. نعم لو استند في التسامح إلى حسن الاحتياط و رجحانه العقلي‌ تعين التعميم، لكنّه لايختصّ بما كان مستند احتمال الواقع فتوى الفقيه، بل يشمل احتمال الواقع مطلقاً على ما عرفت الإشارة إليه»
[10] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص213. و في أجود التقريرات، ج2، ص213: «الثاني: أنّ الظاهر من بلوغ الثواب هو أن يكون الإخبار عن الثواب بما أنّه مسند إلى النبي. فيكون ظاهراً في الأخبار المتعارفة المبنية على الحس و فتوى الفقيه ليست إخباراً عن الحس».و في قلائد الفرائد، ج‌1، ص397 و حاشية فرائد الأصول لصاحب العروة، ج‌2، ص203، و كفاية الأصول مع حواشي المشكيني ج‌4، ص125و القواعد الفقهية، البجنوردي، ج‌3، ص339، و ص334 و منتهى الأصول (ط.ج): ج‌2، ص289 و 294، و دروس في مسائل علم الأصول، ج‌4، ص337، و زبدة الأصول، ج‌4، ص450، و الكافي في أصول الفقه، ج‌2، ص226
[11] بحر الفوائد في شرح الفرائد، الآشتياني، الميرزا محمد حسن، ج2، ص70.. في بحر الفوائد: «نعم يلحق بالرواية فتوى من نزّلوا فتاويه منزلة رواياته من حيث كونها روايات منقولة بالمعنى حقيقة»
[12] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص212.. و في أجود التقريرات: «لا إشكال في الشمول فيما إذا كان الإفتاء بعين متن الرواية كفتاوى الشيخ في النهاية و علي بن بابويه».و أجاب بمثل ذلك في مجمع الأفكار و مطرح الأنظار، ج‌3، ص379، و دراسات في علم الأصول، ج‌3، ص309، و مباحث الأصول، ج‌3، ص401، و زبدة الأصول، ج‌4، ص450
[14] نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص188. «إذا علمنا من مسلك الفقيه أنّه لايفتي إلا عن ورود الرواية في المسألة، ففتواه بالالتزام يكشف عن ورود رواية بالاستحباب و لكنه مع ذلك يحتاج إلى التسامح في الدلالة؛ إذ غاية ما يقتضيه مسلكه هو الاستناد إلى الرواية، و أما استفادة الاستحباب فموكولة إلى نظره، و لعلها إذا وصلت إلينا لم‌نستظهر منها الاستحباب»و أورد علیه في عمدة الأصول فقال: «إنّه لايتم في المتون التي كانت عين الروايات كنهاية الشيخ الطوسي و هداية الصدوق و عليه فيمكن الاكتفاء بهذه المتون في شمول أخبار من بلغ لمن عمل بها في ترتب الثواب عليه و لو لم‌تكن صادرة في الواقع فلاتغفل».
[15] و ممّن ذهب إلى هذه المناقشة في ضوابط الأصول، ص320: «منع انصرافها إلى فتوى المفتي مكابرة على أنّ المعتبرة في الصحّاح من تلك الأخبار إنّما هو السّماع حيث عبر فيها بقوله من سمع شيئاً من الثواب اه و لا ريب في صدق السّماع على ذلك‌»و في تراث الشيعة الفقهي و الأصولي ص607: «الفقيه إذا قال: يستحبّ العمل الفلاني، فهو و إن كان إخباراً عن رأيه، إلّا أنّه حاك ذلك عن أنّه الدين، فهو حاك للحكم المستلزم للثواب، فوجود الفتوى من فقيه يوجب تحقّق موضوع أخبار التسامح»هنا مناقشة أخری:.
[16] الأصول، النجم آبادي، الميرزا أبو الفضل، ج2، ص503. و في الأصول لمیرزا أبوالفضل نجم آبادي، ج‌2، ص502: «لو أفتى بصورة الإخبار، بأن يخبر عن الواقع بصورة الإفتاء، فشمولها لمثل هذه الفتوى موقوف على أن يلتزم بتعميم لفظ البلوغ من حيث الحسّ و الحدس، و لا إشكال ظاهراً في إطلاق اللفظ و كونه قابلاً لأن يشملهما و أمّا ما بنوا على اختصاص أدلّة خبر الواحد بالأخبار الحسّية، فلمّا ادّعوا من ظهور لفظ الحديث و انصراف مرادفاته إلى الأخبار الحسيّة و هذا مفقود في المقام؛ إذ لا مجال في صدق بلوغ الثواب على العمل الّذي أخبر الفقيه باستحبابه اللازم ذلك للثواب، مع كون إخباره عن الثواب الواقعي بالملازمة».
[17] منتقى الأصول، الحكيم، السيد عبد الصاحب، ج4، ص531.. و في منتقى الأصول: «و أما ما ادعي من ظهورها في الأخبار عن حس لا عن حدس فهو مما لا نرى له وجهاً عرفياً، فلايمكننا الالتزام به فالتفت»
[18] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص212.. في أجود التقريرات، ج‌2، ص212: «و أما الفتاوي الناشئة عن حدس و نظر فيشكل شمولها لها من وجهين: الأول أنّ ظاهر بعض الأخبار هو أن يكون البالغ هو الثواب و من الضروري أنّ الفقيه لايخبر عنه و إنّما يخبر عن الاستحباب» و كذا في المحجة في تقريرات الحجة، ج‌2، ص242.الجواب عن هذه المناقشة:في أجود التقريرات: «هذا الإشكال ضعيف لايلتفت إليه فإنّ المراد من المذكور فيها هو العمل المترتب عليه الثواب أعني به مطلق العمل الراجح بقرينة إسناد العمل إليه في قوله: «فعمله» و لايعتبر في شمولها كون البالغ هو خصوص الثواب و لذا لا ريب في شمولها لموارد الأخبار الضعيفة الدالة على الاستحباب فيكون فتوى الفقيه مشاركة للخبر الضعيف من هذه الجهة»
[19] مفاتيح الأصول، المجاهد، السيد محمد، ج1، ص351.. في مفاتيح الأصول، ص350: «يظهر من المعالم اختصاص جواز التسامح بالرواية دون فتوى الفقيه»
[20] بحر الفوائد في شرح الفرائد، الآشتياني، الميرزا محمد حسن، ج2، ص70.. و في بحر الفوائد، : «كلام الأكثرين خال عن السراية و التعميم... و الإنصاف أنّ التعميم لايخلو عن إشكال»
[21] حاشية فرائد الأصول - تقريرات، اليزدي النجفي، السيد محمد إبراهيم، ج2، ص203.. و في حاشية فرائد الأصول لصاحب العروة، ج2، ص203: «الظاهر عدم شمولها لمثل فتوى الفقيه و إن كان المشهور شمولها»
[23] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص213. «التعدي من مواردها و الحكم بالاستحباب الشرعي بمجرد الفتوى مشكل جداً». و راجع كفاية الأصول مع حواشي المشكيني، ج4، ص125، و محجة العلماء، ج‌2، ص20، و قلائد الفرائد، ج‌1، ص397، و المحجة في تقريرات الحجة، ج2، ص242، و القواعد الفقهية، ج‌3، ص339، و مصادر الحكم الشرعي، ج‌1، ص75، و دروس في مسائل علم الأصول، ج4، ص337، و زبدة الأصول، ج4، 450.
[24] هنا تفصیلات أخر غیر التي ذكر في المتن و هي ثلاثة: التفصيل الأول:في رسائل فقهية للشیخ الأنصاري، ص159: «... فالتحقيق أن يقال: إن كان يحتمل استناده في ذلك إلى صدور ذلك من الشارع أخذ به، لصدق البلوغ بإخباره و أمّا إن علم خطأه في المستند بأن اطّلعنا أنّه استند في ذلك إلى رواية لا دلالة فيها فلايؤخذ به و إن احتمل مطابقته للواقع، لأنّ مجرّد احتمال الثواب غير كاف بمقتضى الأخبار، بل لابدّ من صدق البلوغ من الله تعالى أو النبيّ و أقلّ ذلك احتمال صدقه في حكايته، و المفروض أنّا نعلم بأنّ هذا الرجل مخطئ في حكايته...».و في مباحث الأصول، ج‌3، ص401: «و أمّا فتوى الفقيه الغير المفتي بغير الرواية- كما في كتب القدماء- فلا شبهة فيها في اندراجها في عموم هذه الأخبار؛ و غيره فحيث إنّه يخبر بالالتزام عن قول النبي. و لو بتخلّل حدسه في استنباطه، فلا مانع عن حجيّتها بهذه الأخبار، و لو لمجتهد آخر غير عالم بخطئه في حدسه».الإیراد على هذا القول: في بحر الفوائد: «إنّ مجرّد احتمال استناد الفقيه في فتواه إلى الرواية لايوجب العلم بصدق البلوغ و إنّما يوجب احتماله على احتمال و هو غير كاف للشكّ في صدق الموضوع»و في زبدة الأصول: «يرده أنّه مع هذا الاحتمال يحتمل البلوغ لا أنّه يصدق البلوغ»التفصيل الثاني:في مجمع الأفكار و مطرح الأنظار، ج‌3، ص379: «لو كان النقل عنه بنحو الرواية كفتاوى الصدوق التي تكون غالباً متون الروايات لا إشكال في الاعتماد عليه و شمول روايات من بلغ له و أما إذا لم‌يكن كذلك فلو كان السند للفتوى الرواية فهو أيضاً لا إشكال في شموله و لعل وجه القول به هو هذه الصورة و أما إذا لم‌يكن مستنداً إلى الرواية فلا دليل لنا على شمول الأحاديث لها لعدم سندية لقول الفقيه وحده».في منتقى الأصول، ج‌4، ص530: «التحقيق أنّ الفتوى تارة يقال: إنّها عبارة عن الرّأي و النّظر و الاعتقاد، و أخرى يقال: أنّها عبارة عن الأخبار عن الحكم الشرعي لكن بتوسط حدس المجتهد و استنباطه لا بطريق الحس أو ما يلازمه عادة فعلى الالتزام بالأول، لايصدق بلوغ الثواب على الفتوى إذ البلوغ يتحقق بالأخبار، و المفروض أنّ المجتهد لايخبر عن الواقع بل يقول: «رأيي كذا» و قد لايطابق رأيه الواقع، فلايصدق البلوغ على قوله المذكور و على الالتزام بالثاني، يصدق البلوغ لتحقق الأخبار، فيكون مشمولاً لأخبار من بلغ»التفصيل الثالث:في منتهى الدراية، ج‌5، ص531: «الحق أن يقال: إنّ المستفاد من أخبار من بلغ إن كان هو الإخبار عن إعطاء الثواب كان البلوغ عاماً لكل من الحسي و الحدسي، لأنّ مناط البلوغ حينئذٍ هو الاحتمال المقوم للانقياد، و لايعتد بالانصراف المزبور. و إن كان المستفاد منها حجية الخبر الضعيف اختص بالرواية، و لايشمل الفتوى التي هي خبر حدسي»
[26] نقل عن الشهیدالأوّل الإجماع على التسامح في أخبار السنن في كلام بعض الأصولیین ففي بحر الفوائد (ط.ج): ج‌5 ؛ ص27 : «إن المشهور بين الأصحاب، بل العامة ثبوت التسامح في أخبار السنن ... بل عن غير واحد نقل الإجماع على ذلك فعن الذكرى أن أخبار الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم، و عن عدة الداعي ... ما هذا لفظه: فصار هذا المعنى مجمعاً عليه بين الفريقين، و عن الشيخ البهائي قدس سره في أربعينه نسبته إلى فقهائنا، و عن الوسائل نسبته إلى الأصحاب مصرّحاً بشمول المسألة لأدلة المكروهات أيضاً، و عن بعض الأصحاب نسبته إلى العلماء المحققين، إلى غير ذلك من كلماتهم الظاهرة في دعوى الإجماع».و في ص41: «و ينبغي التنبيه على أمور: الأوّل: أنّ عنوان المسألة في كلمات الأكثرين يقتضي اختصاص الكلام بالتسامح في أدلة السنن بظاهره، فلا يتسامح في أدلة المكروهات، و صرح غير واحد بالتعميم بحيث يظهر منه كونه من المسلمات عندهم، و قد عرفت الإشارة إلى بعض الكلمات المقتضي له سيما ما عرفته عن ذكرى الشهيد، و صرح شيخنا في الرسالة بأن المشهور إلحاق الكراهة بالاستحباب»‌.قال الشهید في ذكری الشیعة، ج2، ص34، المقام الخامس في أحكام المیت، الحكم الخامس: الدفن، المطلب الأوّل المدفن: «تنبیه: نقل الشیخ المحقّق عن الفقهاء الأربعة إنكار التلقین ... و قال صاحب الروضة: هذا التلقین استحبه جماعة من أصحابنا منهم القاضي حسین ... و الحدیث الوارد فیه ضعیف لكن أحادیث الفضائل یتسامح فیها عند أهل العلم...».و ذكر هذا الكلام النووي (676) في روضة الطالبین، ج1، ص655 (من طبعة في ثمانیة مجلدات)، كتاب الجنائز، باب الدفن.فالإجماع وارد في كلام النووي لا الشهید الأول.
[28] نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص189.. «یتوقّف الإلحاق على أحد أمور إما تنقیح المناط بدعوی...»

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo