< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/07/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /خاتمة؛ الوجه الثالث: حکم العقل من باب العلم الاجمالی؛ جواب المحقق النائیني عن المناقشة الثانیة

 

جواب المحقّق النائیني عن المناقشة الثانیة

«إنّ الظفر بمقدار المعلوم بالإجمال إنّما یوجب انحلال العلم الإجمالي في ما إذا لم‌یكن المعلوم بالإجمال ذا علامة بحیث لایكون المعلوم بالإجمال إلّا مقداراً معیّناً من العدد.

و أمّا إذا كان ذا علامة، فكلّ ما كان بهذه العلّامة قلیلاً كان أو كثیراً فلامحالة یكون منجّزاً بهذا العلم حتّی بعد الظفر بمقدار المعلوم بالإجمال.

مثلاً: إذا علم التاجر بدَین له على صاحبه مردّد بین الأقلّ و الأكثر و لكن یعلم بأنّ تمام دینه موجود في دفتره، فهل یحتمل أنّه إذا راجع دفتره و ظفر بمقدار المعلوم بالإجمال فله أن لایراجع بقیّة الدفتر و یقتصر على هذا المقدار المتیقّن مع علمه بأنّ كل ما هو دَین له موجود في الدفتر و مكتوب فیه، أو أنّه بعلمه الإجمالي بوجود تمام دَینه في الدفتر یتنجّز علیه كلُّ ما كان علیه، و لابدّ من الفحص حتّی بعد الظفر بمقدار المعلوم بالإجمال ...

و حیث إنّ المعلوم بالإجمال في محلّ الكلام هي الأحكام الموجودة في هذه الكتب بحیث لو تفحّص عنها لظفر بها و العلم الإجمالي بمطلق الأحكام في الشریعة قد عرفت انحلالها بهذا العلم، فلامحالة یكون كلّ ما في هذه الكتب من الأحكام منجّزاً بهذا العلم، فلایكون الظفر بمقدار المعلوم بالإجمال موجباً لانحلاله».[1] [2]

إیرادات أربعة من المحقّق الخوئي على جواب المحقّق النائیني

الإیراد الأوّل: و هو نقضي

و هو النقض على جواب المحقّق النائیني حیث إنّه مثّل بأنّ شخص التاجر یعلم إجمالاً بأنّ له على صاحبه دیناً مردّداً بین الأقلّ و الأكثر مع أنّ هذا المثال من موارد الشبهات الموضوعیة التي یجوز الرجوع فیها إلى البراءة و لو قبل الفحص و انحلال العلم الإجمالي بعد الظفر بالمعلوم بالإجمال بالقدر المتیقّن أمر قهري وجداني، فإنّ الشخص بعد الظفر بالمعلوم بالإجمال بالقدر المتیقّن منه، لایبقی له علم إجمالي وجداناً حتّی یبحث عن تنجیزه و لذلك قال المحقّق الخوئي:

«و أمّا ما ذكره من عدم جواز الرجوع إلى البراءة بعد الظفر بالقدر المتیقّن من الدین المضبوط في الدفتر فهو -على تقدیر صحّته- لابدّ من أن یكون مستنداً إلى أمر آخر غیر العلم الإجمالي، كما ادّعي ذلك في موارد من الشبهات الموضوعیة التي لا كلام في عدم جواز الرجوع إلى البراءة فیها قبل الفحص منها ما لو شكّ في بلوغ المال حدّ النصاب و منها ما لو شكّ في حصول الاستطاعة للحجّ و غیرهما من الموارد.

و ذكروا الوجه في ذلك أنّا علمنا من الخارج أنّ الشارع لایرضى بالرجوع إلى الأصل في هذه الموارد قبل الفحص، للزوم المخالفة الكثیرة، فلو صحّ هذا الادّعاء لقلنا بمثله في مثال الدین، فإنّه أیضاً شبهة موضوعیة، و إلّا التزمنا بجواز الرجوع إلى البراءة قبل الفحص فیه.

و من الشواهد على أنّ عدم جواز الرجوع إلى الأصل في المقدار الزائد على القدر المتیقّن على تقدیر تسلیمه لیس من جهة العلم الإجمالي أنّه لو فرض عدم التمكّن من الرجوع إلى الدفتر لضیاعه مثلاً لم‌یكن مانع من الرجوع إلى الأصل في الزائد على القدر المتیقّن.

مع أنّه لو كان المانع هو العلم الإجمالي لم‌یكن فرق بین التمكّن من الفحص و عدمه كما هو ظاهر».[3]

الإیراد الثاني: و هو حلّي

بیانه: «إنّ كون المعلوم بالإجمال ذا علامة و تمیّز إنّما یمنع عن انحلال العلم الإجمالي على تقدیر التسلیم في ما إذا لم‌یكن بنفسه مردّداً بین الأقلّ و الأكثر كما إذا علمنا إجمالاً بوجود إناء نجس بین أواني محصورة مردّدة بین الأقلّ و الأكثر و علمنا أیضاً بنجاسة إناء زید المعلوم وجوده بینها.

فلو علم بعد ذلك تفصیلاً بنجاسة إناء معیّن منها وجداناً أو تعبّداً، كما إذا قامت البیّنة على نجاسته من دون إحراز أنّه إناء زید، أمكن القول بعدم كونه موجباً لانحلال العلم الثاني الذي یكون لمتعلّقه علامة و تمیّز، لعدم كون المعلوم بالتفصیل معنوناً بذلك العنوان أي عنوان أنّه إناء زید.

و أمّا إن كان ما له العلامة و التمیّز أیضاً مردّداً بین الأقلّ و الأكثر، كما إذا كان إناء زید المعلوم نجاسته في مفروض المثال أیضاً مردّداً بین الأقلّ و الأكثر، ثمّ علمنا بعد ذلك بكون إناء معیّن إناء زید، فینحلّ العلم الإجمالي الثاني أیضاً و یكون الشكّ في نجاسة غیره من الأواني شكّاً بدویاً لامحالة.

و المقام من هذا القبیل، لأنّ التكالیف المعلومة بالإجمال بعنوان أنّها مذكورة في الكتب المعتبرة بنفسها مردّدة بین الأقلّ و الأكثر، فإذا ظفرنا بالمقدار المتیقّن، ینحلّ العلم الإجمالي لامحالة».[4]

الإیراد الثالث

«إنّه لانسلم عدم الانحلال حتّی في ما إذا كان المعلوم بالإجمال ذا علامة و تمیّز و لم‌یكن مردّداً بین الأقلّ و الأكثر.

إذ بعد العلم التفصیلي بنجاسة إناء بعینه یحتمل أن یكون هو إناء زید المعلوم كونه نجساً و معه لایبقی علم بوجود نجاسة في غیره من الأواني، إذ العلم لایجتمع مع احتمال الخلاف بالضرورة، فینحلّ العلم الإجمالي بالوجدان.

و لیس لنا علمان إجمالیان: علم بوجود نجس مردّد بین الأقلّ و الأكثر و علم بنجاسة إناء زید حتّی یقال -بعد العلم بنجاسة إناء بخصوصه-: إنّ العلم الأوّل قد انحلّ دون العلم الثاني، بل مرجع العلم بوجود نجاسة مردّدة بین الأقلّ و الأكثر و العلم بنجاسة إناء زید إلى العلم بوجود نجس واحد بعنوانین، فإذا علمنا تفصیلاً بنجاسة إناء معیّن من الأواني ینحل العلم الإجمالي لامحالة».[5]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo