< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/07/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة البراءة /خاتمة؛ بیان تفصیل الأقوال؛ الاستدلال علی أن الوجوب طریقی

 

الاستدلال على أنّ الوجوب طریقی

إنّ المحقّق الخوئي قد ذهب إلى نظریة المشهور من أنّ وجوب الفحص وجوب طریقي و استدلّ على ذلك بالخصوصیة الداخلیة و القرینة الخارجیة، فقال: إنّ في المقام خصوصیة داخلیة و قرینة خارجیة توجب ظهور الأوامر المتعلّقة بالتعلّم في الوجوب الطریقي مقدّمة للعمل.

أمّا الخصوصیة الداخلیة فهي أنّ نفس السؤال عن شيء و تعلّمه طریق إلى العمل بهذا الشيء، فالأمر بالسؤال بنفسه ظاهر في الوجوب الطریقي بحسب الارتكاز العرفي، فإنّ السؤال عن الطریق إلى كربلاء مثلاً إنّما هو للمشي من هذا الطریق، فالأمر بالسؤال عن طریق كربلاء ظاهر في الوجوب الطریقي، لا الوجوب النفسي بأن یكون مجرّد السؤال عن الطریق مطلوباً نفسیاً، فكذا الحال في قوله تعالى: ﴿فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾[1] [2] ، فإنّ الأمر بالسؤال فیه ظاهر في الوجوب الطریقي و إنّ السؤال من أهل الذكر إنّما هو للعمل، لا لكونه مطلوباً بنفسه و لعل ظهور الأمر بالسؤال في الوجوب الطریقي غیر قابل للإنكار.

و أمّا القرینة الخارجیة فروایتان:

إحداهما: ما ورد في تفسیر قوله تعالى: ﴿فَلِلهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ﴾[3] ... فإنّ قوله «فهلا تعلّمت حتّی تعمل»[4] [5] صریح في أنّ وجوب التعلّم إنّما هو للعمل.

الثانیة: ما ورد في مجدور صار جنباً فغسلوه فمات

روى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُكَيْنٍ (و هو من ثقات الإمامیة) وَ غَيْرِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِقَالَ: قِيلَ لَهُ: «إِنَّ فُلَاناً أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ وَ هُوَ مَجْدُورٌ فَغَسَّلُوهُ فَمَاتَ فَقَالَ: قَتَلُوهُ أَلا سَأَلُوا أَلا يَمَّمُوهُ‌ إِنَّ شِفَاءَ الْعِيِّ‌ السُّؤَالُ‌».[6] [7]

فإنّ عتاب الإمام و دعاءه علیهم لم‌یكن لمجرّد ترك السؤال، بل لترك التیمّم أیضاً، إذ من الواضح أنّ مجرد السؤال و التعلّم لم‌یكن موجباً لنجاته من القتل الذي نسبه الإمام إلیهم و عَیَّرهم به، و إنّما الموجب لنجاته العمل بالتیمّم، فكان الأمر بالسؤال و التعلّم إنّما هو للعمل لامحالة. [8]

هذا بیانه بالنسبة إلى إثبات أنّ الوجوب طریقي.

اتّجاهات ثلاثة للقائلین بالوجوب الطریقي

الاتّجاه الأوّل

إنّ العقاب على ترك الواقع و مخالفته لا على ترك التعلّم و الفحص.

التزم المحقّق الخوئي بالاتّجاه الأوّل و قال: إنّه مختار المشهور.

دلیل الاتّجاه الأوّل ببیان المحقّق الخوئي

إنّه على تقدیر ترك التعلّم و الفحص لو صادف خلاف الواقع بارتكاب الحرام أو ترك الواجب فالقول باستحقاق العقاب لأجل ترك التعلّم دون مخالفة الواقع بعید لأنّ وجوب الفحص و التعلّم إنّما هو لتنجّز الواقع قبله فكیف یمكن الالتزام بعدم استحقاق العقاب على مخالفة الواقع و استحقاقه على ترك الفحص عنه فإنّه خلف و الالتزام باستحقاق عقابین أبعد و لم‌یقل به أحد.

فتعیّن القول باستحقاق عقاب واحد لأجل مخالفة الواقع، دون ترك الفحص و التعلّم و هذا هو معنی الوجوب الطریقي.

و أمّا لو ترك الفحص و لكنّه صادف الواقع من باب الاتّفاق، فلایستحقّ العقاب إلّا على القول باستحقاق المتجرّي للعقاب.[9]

الاتّجاه الثاني: إنّ العقاب على مخالفة الخطاب الطریقي

إنّ المحقّق النائیني قد نسب الاتّجاه الثاني إلى المشهور أو الأشهر.

دلیلان على الاتّجاه الثاني

الدلیل الأوّل

و هو ما تقدّم في كلام المحقّق الخوئي من القرینة الخارجیة، حیث إنّ عقابه تعالى في قوله: «فهلا تعلّمت» لیس إلا لترك التعلّم كما هو الظاهر من العبارة و أیضاً إنّ عتاب الإمام في قوله: «قتلهم الله([10] ) أَلا سَأَلُوا» في ظاهر العبارة على ترك السؤال. [11]

الإیراد على الدلیل الأوّل

تقدّم([12] ) بطلان، هذا الاستدلال، حیث إنّ العقاب في قوله: «فهلا تعلّمت» مقیّد بقوله: «حتّی تعمل» كما أنّ العتاب في قوله: «قتلهم الله أَلا سَأَلُوا» مقیّد بقوله: «أَلا يَمَّمُوهُ‌».

الدلیل الثاني

هو أنّ مخالفة الأمارات و الأُصول المحرزة على القول بالسببیة و الموضوعیة توجب العقاب من دون استلزامها لمخالفة الواقع.

جواب عن الدلیل الثاني

أجاب عنه المحقّق النائیني[13] بعدم الدلیل على السببیة و الموضوعیة مع بُعد الالتزام بها في نفسه و على تقدیر الالتزام بها في موارد الطرق المحرزة فالالتزام بها في موارد إیجاب الاحتیاط أو التعلّم أبعد.

 


[7] ما في الفقیه قریب من هذا المعنی. من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج1، ص107.
[10] هكذا ورد في ألسنة أصوليين لكن الصحيح: «قَتَلُوهُ أَلا سَأَلُوا». راجع ص448.
[12] راجع ص434.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo