< قائمة الدروس

درس خارج اصول استاد محمدعلی پسران‌بهبهانی

44/08/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة التخيير /المقام الاول، المناقشة الرابعة ما افاده المحقق النائیني

المناقشة الرابعة: ما أفاده المحقّق النائیني

أمّا أصالة الإباحة فمضافاً إلى عدم شمول دلیلها لصورة دوران الأمر بین المحذورین، فإنّه یختصّ بما إذا كان طرف الحرمة الإباحة و الحلّ، كما هو الظاهر من قوله: «كُلُّ شَيْ‌ءٍ فِيهِ حَلَالٌ وَ حَرَامٌ فَهُوَ لَكَ حَلَالٌ»[1] [2] و لیس في باب دوران الأمر بین المحذورین احتمال الإباحة و الحلّ [بل الأمر فیه دائر بین الوجوب و الحرمة].[3]

المناقشة الخامسة: ما أفاده أیضاً المحقّق النائیني

إنّ جعل الإباحة الظاهریة مع العلم بجنس الإلزام لایمكن، فإنّ أصالة الإباحة بمدلولها المطابقي تنافي المعلوم بالإجمال، لأنّ مفاد أصالة الإباحة الرخصة في الفعل و الترك و ذلك یناقض العلم بالإلزام ... و هذا العلم لایجتمع مع جعل الإباحة و لو ظاهراً، فإنّ الحكم الظاهري إنّما یكون في مورد الجهل بالحكم الواقعي فمع العلم به وجداناً لایمكن جعل حكم ظاهري یناقض بمدلوله المطابقي نفس ما تعلّق العلم به.[4]

النظریة الثالثة: التخییر العقلي بدون الحكم الظاهري بالإباحة

نبحث فيها ضمن أمرين:

الأمر الأول: إثبات التخيير العقلي

قال المحقّق النائیني:

إنّ في موارد دوران الأمر بین المحذورین لایمكن جعل التخییر الشرعي الواقعي و لا‌ جعل التخییر الظاهري -كالتخییر في باب تعارض الطرق و الأمارات- فإنّ التخییر بین فعل الشيء و تركه حاصل بنفسه تكویناً، فلایمكن جعل ما هو الحاصل بنفسه سواء كان جعلاً واقعیاً أو جعلاً ظاهریاً.

فما قیل من أنّ الأصل في دوران الأمر بین المحذورین هو التخییر لیس على ما ینبغي إن كان المراد منه الأصل العملي المجعول وظیفة في حال الشكّ، لما عرفت من أنّه لایمكن جعل الوظیفة في باب دوران الأمر بین المحذورین، من غیر فرق بین الوظیفة الشرعیة و العقلیة.

أمّا الوظیفة الشرعیة فواضح بالبیان المتقدّم و أمّا الوظیفة العقلیة فلأنّ التخییر العقلي إنّما هو في ما إذا كان في طرفي التخییر ملاك یلزم استیفاؤه و لم‌یتمكّن المكلّف من الجمع بین الطرفین كالتخییر الذي یحكم به في باب التزاحم و في دوران الأمر بین المحذورین لیس كذلك، لعدم ثبوت الملاك في كلّ من طرفي الفعل و الترك، فالتخییر العقلي في باب دوران الأمر بین المحذورین إنّما هو من التخییر التكویني، حیث إنّ الشخص لایخلو بحسب الخلقة من الأكوان الأربعة، لا التخییر الناشئ عن ملاك یقتضیه فأصالة التخییر عند دوران الأمر بین وجوب الفعل و تركه ساقطة. [5]

فالمتحصّل هو أنّ التخییر العقلي هنا لیس أصلاً عملیاً عقلیاً، لأنّ الأصل العملي هو بناء العقلاء و لكن هذا التخییر العقلي هو أمر تكویني سواء فیه العقلاء و غیرهم.

الأمر الثاني: عدم جریان سائر الأُصول

بعد المناقشة في جریان أصالة الإباحة في المقام، لابدّ أیضاً من إثبات عدم جریان سائر الأُصول، حتّی ینحصر الأمر في القول بالتخییر بهذا المعنی الذي تقدّم بیانه.

أمّا الأصل التنزیلي في المقام فهو استصحاب عدم الوجوب و استصحاب عدم الحرمة.

أوجه ثلاثة لعدم جریان الاستصحاب

الوجه الأوّل

لایمكن الجمع بین مؤداه [أي الاستصحاب] و العلم الإجمالي فإنّ البناء على عدم وجوب الفعل و عدم حرمته واقعاً كما هو مفاد الاستصحابین لایجتمع مع العلم بوجوب الفعل أو حرمته ... و إن شئت قلت: إنّ البناء على مؤدّی الاستصحابین ینافي الموافقة الالتزامیة، فإنّ التدیّن و التصدیق بأنّ لله تعالى في هذه الواقعة حكماً إلزامیاً إمّا الوجوب أو الحرمة لایجتمع مع البناء على عدم الوجوب و الحرمة واقعاً.[6] [7]

إنّ هنا إشكالین:

الأوّل العلم الإجمالي ببطلان أحد الاستصحابین.

و الثاني العلم التفصیلي بأنّ نتیجة كلا الاستصحابین مخالف للواقع.

الوجه الثاني [8]

لایترتّب أثر عملي على جریان استصحاب عدم الوجوب و استصحاب عدم الحرمة، بالنسبة إلى ما هو محطّ الكلام.

الوجه الثالث [9]

عدم جریانهما [أي استصحاب عدم الوجوب و استصحاب عدم الحرمة] في الشبهات الحكمیة في حدّ ذاتهما، لما ذكرناه سابقاً من أنّ ما له حالة سابقة في الشبهات الحكمیة هو عدم الجعل أزلاً، لكن استصحابه لإثبات عدم المجعول من أوضح أنحاء المثبت و أمّا عدم المجعول فلیس له حالة سابقة حتّی یستصحب.

أوجه ستة لعدم جریان البراءة الشرعیة

إنّ الأصل العملي الشرعي غیر التنزیلي ینحصر في أصل البراءة الشرعیة و استدلّ على عدم جریانه بأوجه:

الوجه الأوّل

قال المحقّق النائيني: إنّ مدركها [البراءة الشرعیة] قوله: «رفع ما لا یعلمون» و الرفع فرع إمكان الوضع و في موارد دوران الأمر بین المحذورین، لایمكن وضع الوجوب و الحرمة كلیهما لا على سبیل التعیین و لا على سبیل التخییر كما تقدّم وجهه، و مع عدم إمكان الوضع لایعقل تعلّق الرفع، فأدلّة البراءة الشرعیة لاتعمّ المقام أیضاً فتأمّل جیداً.[10]

و قال في أجود التقریرات[11] : إنّ وجه عدم إمكان وضع التكلیف هو عدم إمكان الاحتیاط، حیث إنّ مفاد البراءة رفع التكلیف في مورد یمكن فیه الوضع بإیجاب الاحتیاط.

الوجه الثاني[12]

إنّه لایترتّب أثر عملي على جریان البراءة الشرعیة، لأنّ المكلّف لایخلو من الفعل أو تركه كما تقدّم ذلك عند بیان التخییر التكویني.

الوجه الثالث

إنّ جریان البراءة الشرعیة بالنسبة إلى جمیع أطراف العلم الإجمالي منافٍ للعلم الإجمالي لأنّا نعلم إجمالاً بأنّ أحد الأصلین مخالف للواقع، كما أنّ نتیجة جریان البراءة في جمیع الأطراف أیضاً مخالفة للعلم التفصیلي بأنّ هذا الفعل لیس محكوماً بالجوا

الوجه الرابع [13]

إنّ البراءة الشرعیة تجري عند الشكّ في أصل التكلیف، و أمّا إذا علمنا تفصیلاً بجعل تكلیف إلزامي، فالشكّ لیس في التكلیف بل هو في المكلّف به.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo