< قائمة الدروس

درس خارج اصول استاد محمدعلی ‌بهبهانی

44/10/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /المقدمة؛ النظریة الثانیة: من المحقق الإصفهاني

النظریة الثانیة: من المحقّق الإصفهاني و هو المختار[1]

إنّ البحث عن العلم الإجمالي من وجهین:

الوجه الأوّل: من حیث شؤون العلم و مقتضیاته و هو كونه مقتضیاً للتنجّز من حیث المخالفة القطعیة و الموافقة القطعیة، و حیثیة الاقتضاء محفوظة و لو مع عدم فعلیة مقتضاه، لفقد شرط أو وجود مانع.

الوجه الثاني: من حیث شؤون الشكّ و الجهل و هو أنّ الجهل التفصیلي هل هو مانع عقلاً أو شرعاً عن فعلیة مقتضى العلم الإجمالي و هو المناسب للمقام.

فعلى هذا یتكفّل مبحث القطع لبیان شؤون العلم الإجمالي من حیث تأثیره في التنجیز بالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعیة و حرمة المخالفة القطعیة، فلا‌یختصّ مبحث القطع بالبحث عن حرمة المخالفة القطعیة.

كما أنّ مبحث أصالة الاحتیاط یتكفّل لبیان مقتضیات الجهل و الشكّ الذي العلم الإجمالي مشوب بهما، فإنّ هذا الجهل أو الشك یمكن أن یمنع عن فعلیة تنجیز العلم الإجمالي بالنسبة إلى الموافقة القطعیة، كما أنّه یمكن أن یمنع عن فعلیّته بالنسبة إلى المخالفة القطعیة.([2] )

المطلب الخامس: في شمول النزاع للأصول الجاریة في مقام الامتثال

إنّ النزاع لایختصّ بالأصول الجاریة عند الشكّ في أصل التكلیف بل یعمّ الأصول الجاریة في مرحلة الامتثال مثل قاعدة الفراغ.

و الدلیل على ذلك هو أنّ العلم الإجمالي:

1- قد یتعلّق بأصل التكلیف إمّا مع إمكان موافقته القطعیة مثل العلم الإجمالي بوجوب هذا الأمر أو حرمة أمر آخر و إمّا مع عدم إمكان موافقته القطعیة مثل العلم الإجمالي بوجوب هذا الأمر أو حرمته (و هذا القسم لایبحث عنه في أصالة الاحتیاط).

2- و قد یكون مورد العلم الإجمالي مردّداً في ناحیة المتعلّق لا في ناحیة أصل الحكم مثل العلم الإجمالي بوجوب فعل هذا الأمر أو تركه و مثل العلم الإجمالي بحرمة شرب هذا الماء أو أكل هذا الشيء.

3- و قد یكون مورده مردّداً في ناحیة متعلّق المتعلّق لا في ناحیة أصل الحكم و لا في ناحیة المتعلّق مثل العلم الإجمالي بحرمة شرب هذا المائع أو ذاك المائع.

4- و قد یكون مورده مردّداً في مرحلة الامتثال لا في مرحلة أصل الحكم و متعلّقه و متعلّق متعلّقه و هذا مثل ما إذا علمنا بوجوب صلاة الظهر و وجوب صلاة العصر من غیر شك في مرحلة جعل أصل الحكم و لا في مرحلة المتعلّق و لكن في مرحلة الامتثال علمنا إجمالاً ببطلان إحدی الصلاتین بعد إتیانهما.

و حینئذٍ یقع الكلام في جریان قاعدة الفراغ في مرحلة الامتثال بالنسبة إلى كلتا الصلاتین أو إحداهما، فإن قلنا بجریان الأصول النافیة في جمیع الأطراف فتجري قاعدة الفراغ أیضاً بالنسبة إلى كلتا الصلاتین و إن قلنا بجریانها في بعض الأطراف فقط فتجري هذه القاعدة بالنسبة إلى إحدی الصلاتین فقط فالنزاع یعمّ الأصول الجاریة في مقام الامتثال مثل قاعدة الفراغ.

هذا تمام الكلام في مقدمات البحث.

ثمّ إنّ المعلوم بالإجمال على قسمین:

الأوّل: أن یكون مردّداً بین المتباینین.

و الثاني أن یكون مردّداً بین الأقل و الأكثر.

و لذا یقع الكلام في مقامین:

الأوّل: دوران الأمر بین المتباینین.

و الثاني: دوران الأمر بین الأقل و الأکثر ارتباطیین

الفصل الأول: دوران الأمر بین المتباینین

فیه أربع جهات و اثنا عشر تنبیهاً

الجهة الأولی: في إمكان جعل الحكم الظاهري في جمیع أطراف العلم الإجمالي ثبوتاً

الجهة الثانیة: في إمكان جعل الحكم الظاهري في بعض أطراف العلم الإجمالي ثبوتاً

الجهة الثالثة: في شمول دلیل الحكم الظاهري لجمیع أطراف العلم الإجمالي

الجهة الرابعة: في شمول دلیل الحكم الظاهري لبعض أطراف العلم الإجمالي

و التنبیهات الاثنا عشر

دوران الأمر بین المتباینین

و لنبحث هنا عن الجهات الأربع، و ذلك لأنّ البحث قد یكون في مقام الثبوت و قد یكون في مقام الإثبات، كما أنّ البحث تارة في جعل الحكم الظاهري في جمیع الأطراف و أخری في جعله في بعض الأطراف.

الجهة الأولی:
في إمكان جعل الحكم الظاهري في جمیع أطراف العلم الإجمالي ثبوتاً

مقتضى التحقیق هو عدم إمكانه ثبوتاً:

بیان ذلك: إنّ العلم الإجمالي هنا على قسمین:

تارة یكون نوع التكلیف فیه معلوماً و التردید في المتعلّق أو متعلّق المتعلّق و أخری یكون نوع التكلیف فیه مردّداً، كما أنّ متعلّق التكلیف أیضاً مردّد، مثل العلم الإجمالي بوجوب دفع الصدقة للنذر أو بحرمة وطي زوجته للحلف.

القسم الأوّل: ما یكون نوع التكلیف فیه معلوماً

الحكم الواقعي فیه معلوم تفصیلاً و هو واصل إلى المكلّف بل طرف العلم أیضاً معلوم تفصیلاً و التردید هو في متعلّق طرف العلم أو متعلّق المتعلّق فإنّ حقیقة العلم الإجمالي هنا لاتفارق العلم التفصیلي في حدّ العلمیة و هما طور واحد من العلم، فإنّ طرف العلم لایمكن أن یكون مردّداً بما هو طرف العلم لأنّ المردّد بما هو مردّد لا ثبوت له هویةً و لا ماهیةً([3] ) مع أنّ طرف العلم وجود شخصي و عین التشخّص فلا مجال للتردّد فیه كما أنّ ماهیته ممتازة عن سائر الماهیات لما فیها من التعیّن الماهوي حیث أنّها منتزعة عن الوجود.

فهنا علم تفصیلي بالوجوب و علم تفصیلي بأنّ طرفه ما لایخرج عن الطرفین و لیس طرفه أحد الأمرین حتّی یكون مردّداً.[4] [5]

نعم متعلّق طرف العلم مجهول و لذلك یكون العلم علماً إجمالیاً لا علماً تفصیلیاً.

فعلى هذا العلم الإجمالي بالنسبة إلى طرفه و هو عنوان ما لایخرج عن الطرفین علم تفصیلي و تنجیزه مثل تنجیز العلم التفصیلي فلایمكن مخالفته.

و حیث أنّ جریان الأصل و جعل الحكم الظاهري في جمیع الأطراف یؤدّي إلى مخالفة هذا العلم التفصیلي فهو حرام شرعاً و قبیح عقلاً، فلایمكن جعله بالنسبة إلى جمیع الأطراف ثبوتاً.

القسم الثاني: ما یكون نوع التكلیف فیه مردداً

أمّا القسم الثاني فالحكم الواقعي فیه و إن لم‌یكن معلوماً تفصیلاً إلّا أنّه معلوم بالعلم الإجمالي و قد تقدّم أنّ العلم الإجمالي موجب لوصول الحكم إلى المكلّف، و على هذا فالوجوب و الحرمة في المثال المذكور كلاهما واصلان إلى المكلّف مع أنّه متمكّن من امتثالهما جمیعاً، و نحن نعلم أنّ الحكم الواقعي الواصل هو ما لایخرج عنهما و حینئذٍ جریان الحكم الظاهري في كلا الطرفین موجب للعلم بمخالفة الحكم الواقعي الواصل الذي لایخرج عن الطرفین، و المخالفة القطعیة للحكم الواقعي الواصل حرام شرعاً و قبیحة عقلاً فالقسم الأوّل و الثاني كلاهما مشتركان في أنّ جریان الحكم الظاهري في كلا الطرفین من العلم الإجمالي موجب لمخالفة الحكم الواقعي المتعلّق بعنوان ما لایخرج عن الطرفین.

بیان المحقّق النائیني في فوائد الأصول

إنّه یعتبر في جریان أيّ أمارة أو أصل تنزیلي أو غیر تنزیلي أن تكون مرتبة الحكم الظاهري محفوظة و إلّا فلا مورد لشيء منها.([6] )

توضیح ذلك یبتني على بیان مقدّمة أفادها في فوائد الأصول و هي قوله: إنّ الأحكام الظاهریة المجعولة في باب الطرق و الأمارات و الأصول بعد اشتراكها في أخذ الشكّ في مؤدّیاتها إمّا موضوعاً كما في الأصول و إمّا مورداً كما في الأمارات، تمتاز بعضها عن بعض باعتبار اختلاف ما هو المجعول فیها، فإنّ المجعول في باب الأمارات هو نفس الطریقیة و الوسطیة في الإثبات، و المجعول في باب الأُصول التنزیلیة هو البناء العملي على أحد طرفي الشكّ على أنّه هو الواقع و إلغاء الطرف الآخر و المجعول في باب الأُصول غیر التنزیلیة هو مجرّد الجري العملي و تطبیق العمل على أحد طرفي الشكّ لا على أنّه هو الواقع.

ثم إنّ العلم الإجمالي عبارة عن خلط علم بجهل، و تنحلّ القضیّة المعلومة بالإجمال إلى قضیّة معلومة بالتفصیل على سبیل منع الخلوّ في ضمن جمیع الأطراف و قضیّتین مشكوكتین في كلّ طرف بالخصوص، فلو علم بوجوب أحد الشیئین أو الأشیاء، فهنا قضیة معلومة تفصیلاً و هي وجوب أحدهما على سبیل منع الخلوّ، و قضیّتان مشكوكتان أحدهما وجوب هذا الطرف بالخصوص و الأُخری وجوب الطرف الآخر كذلك.[7]


[2] هنا نظریة ثالثة ذكرناها في الجزء السادس من هذا الكتاب ص375، و هي لصاحب الكفایة في كفاية الأصول، ص273 في باب القطع: «لايخفى أنّ المناسب‌ للمقام‌ هو البحث عن ذلك [أي عن تنجیز العلم الإجمالي بنحو العلیة أو الاقتضاء كما في منتهی الدرایة] كما أنّ المناسب في باب البراءة و الاشتغال بعد الفراغ هاهنا عن أنّ تأثيره في التنجز بنحو الاقتضاء لا العلية هو البحث عن ثبوت المانع شرعاً أو عقلاً و عدم ثبوته كما لا مجال بعد البناء على أنّه بنحو العلية للبحث عنه هناك أصلاً كما لايخفى».و فیه تعریض بكلام الشیخ الأنصاري، و أما بیان التعریض:حواشي المشكيني علی الكفاية، مشکیني، الميرزا ابوالحسن، ج3، ص129.«قد أشار الماتن إلى أنّ المناسب في المقام ليس ذلك [أي الذي قال به الشیخ] بل المناسب البحث في أنّه هل تأثيره بنحو الاقتضاء، أو العلّيّة، أو ليس له أحد النحوين بالنسبة إلى كلتا المرتبتين؟و حينئذٍ إن قلنا بالأخير بالنسبة إلى كلتيهما فلا مجال للبحث عنه فيهما في باب الاشتغال، بل مورده داخل في مبحث البراءة، و إن قلنا بالأوّل بالنسبة إلى كلتيهما فيبحث في باب الاشتغال عن وجود المانع و عدمه، و إن قلنا بالثاني فلا مجال للبحث عنه فيه أيضاً، لعدم تعقّل المانع حينئذٍ، و إن قلنا بالاقتضاء بالنسبة إلى وجوب الموافقة، و العلّيّة بالنسبة إلى حرمة المخالفة، فلا‌يبقى مجال للبحث عنه بالنسبة إلى الثانية فيه، و يبقى له مجال بالنسبة إلى الأولى، فالتعرّض لحرمة المخالفة في باب القطع و لوجوب الموافقة في باب الاشتغال- كما ذكره الشيخ- لا وجه له».حقائق الأصول، الحكيم، السيد محسن، ج2، ص55. «هذا تعريض بشيخنا الأعظم) في رسائله حيث جعل البحث عن علية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية من مباحث البراءة و الاشتغال التي يبحث فيها عن الشك و خصّ البحث عن عليته لحرمة المخالفة القطعية بكونه من مباحث العلم، و حاصل إيراد المصنف )عليه أنّ مباحث العلم هي التي يكون الموضوع فيها العلم، و من المعلوم أنّ المقامات الثلاثة كلها إنّما يبحث فيها عن العلم و لا وجه للفرق بين البحث عن علية العلم لوجوب الموافقة القطعية و البحث عن عليته لحرمة المخالفة القطعية بأنّ الأول من مباحث الشك و الثاني من مباحث العلم ... و ما هو من مباحث الشك هو خصوص البحث عن ثبوت الترخيص الشرعي أو العقلي في أحد الأطراف أو كليهما بعد البناء على كون العلم مقتضياً لوجوب الموافقة القطعية أو لحرمة المخالفة القطعية لا علة».منتهى الدراية، المروج الجزائري، السيد محمد جعفر، ج4، ص184. «المتحصّل أنّه بناء على تأثير العلم الإجمالي بنحو الاقتضاء مطلقاً يبحث في الاشتغال عن وجود المانع و عدمه، و بناء على عدم تأثيره مطلقاً يبحث في البراءة عن جريان الأصل في أطراف العلم الإجمالي، و كيف كان فغرض المصنّف التعريض بشيخنا الأعظم بوجهين:الأول: أنّه تكلم في العلم الإجمالي من مباحث القطع عن حرمة المخالفة القطعية و أوكل البحث عن وجوب الموافقة القطعية أو كفاية الاحتمالية إلى مباحث الاشتغال ... و حاصل تعريض المصنف به أنّ المناسب هو البحث عن كل من حرمة المخالفة و وجوب الموافقة في مباحث القطع، لرجوعهما إلى تنجيزه، فلا وجه لتأخير البحث عن وجوب الموافقة القطعية و عدمه إلى البراءة و الاشتغال اللذين موضوعهما الشك.الثاني: أنّ الشيخ الأعظم تعرّض لعلية العلم الإجمالي لكل من حرمة المخالفة و وجوب الموفقة القطعيتين في بحث الاشتغال، حيث عقد للشبهة المحصورة مقامين ... و حاصل التعريض به أنّهما من آثار العلم لا الشك، فالمناسب هو البحث عنهما هنا، و ما يناسب البحث عنه في الاشتغال هو التعرّض لثبوت الترخيص عقلاً أو شرعاً في بعض الأطراف أو جميعها بعد البناء على أنّ العلم الإجمالي مقتضٍ لكلتا المرتبتين، كما أنّه لا وجه للبحث عن الترخيص بعد البناء على عليته التامة للتنجيز مطلقاً كما لايخفى».عناية الأصول في شرح كفاية الأصول، الفيروز آبادي، السيد مرتضى، ج3، ص69. «إذا تدبّرت في المقام كما هو حقّه تعرف أنّ فرق المصنف بين المقامين هو أنسب و أصحّ فلا‌تغفل».و أما المحقق الإصفهاني فهو في بدو الأمر یؤید كلام أستاذه نهاية الدراية في شرح الکفاية - ط قديم، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج2، ص103. عند التعلیقة على قوله: «أنّ المناسب للمقام هو البحث عن ذلك»: «لايخفى عليك أنّ كلّ ما كان من شئون العلم و مقتضياته، فهو المناسب للمقام، و كلّ ما كان من شئون الجهل، فهو من مقاصد المقصد الآتي في البراءة و الاشتغال، و هذا ينطبق على ما أفاده إذ الاقتضاء لاستحقاق العقاب من شئون العلم و المانعيّة من شئون الجهل، و على ما ذكرنا سابقاً من عدم التفاوت بين العلمين التفصيلي و الإجمالي في حد العلميّة و أنّهما ليسا طورين من العلم يتمحض البحث في إمكان جعل الجهل التفصيلي عذراً عقلاً و شرعاً، فلا مجال للبحث عنه إلا في المبحث الآتي».و لكن بعد ذلك یذكر إیراداً علیه قائلاً: «لكنك قد عرفت سابقاً أنّ الاقتضاء بمعنى السببية القابل لمنع المانع غير معقول هنا، لأنّ نسبة الموضوع إلى حكمه العقلائي أو حكمه الشرعي ليست نسبة السبب إلى مسبّبه حتى يتصور المانعيّة و الاشتراط، و قد عرفت أيضاً أنّ مخالفة الحكم المعلوم بالإجمال من دون انحلاله موضوع تامّ للقبح عقلاً، أو لجعل العقاب شرعاً، و أنّها ليست لو خلّيت و نفسها كذلك حتى يمكن عدم لحوق حكمها لها بعروض عارض، بل القابل لارتفاع الحكم المزبور عنه موضوع آخر، و هي مخالفة المعلوم بالإجمال المنحلّ و لو حكماً.و حينئذٍ فالبحث هنا ليس راجعاً إلى البحث عن الاقتضاء بوجه أصلاً، بل المبحوث عنه استحقاق العقوبة على مخالفة الحكم المعلوم إما عقلاً أو شرعاً و المبحوث عنه في باب البراءة و الاشتغال هو أنّ المجهول تفصيلاً غير محكوم بالجواز فعلاً أو بنفي المؤاخذة عنه لرجوعه إلى رفع العقاب المجعول على مخالفة المعلوم، و هو ينافي بقاء التكليف الفعلي على حاله، و قد حقّق في محله أنّ مجرد ترتب المسألة على مسألة لايوجب وحدة المسألة، بل تعدد المسائل بتعدد القضايا موضوعاً أو محمولاً أو هما معاً و تعددهما هنا واضح بالبيان المزبور».
[3] قال ذلك المحقق الإصفهاني في مواضع متعددة من نهاية الدراية ففي ج2، ص271، الهامش الخامس، و ج3، ص90، و ص280، و ص400، و ج4، ص236، و في غيرها من المواضع تلميحاً و تصريحاً.
[4] نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج3، ص97. قال في نهایة الدرایة ج3، ص97: «قد بيّنّا أنّ العلم الإجمالي في حدّ العلمية كالعلم التفصيلي، و لا فرق في الوصول المقوّم للباعثية الفعلية و الزاجرية الفعلية بين الوصول التفصيلي و الإجمالي.و مع كفاية هذا المقدار من الوصول عقلاً في تحقّق البعث و الزجر، فلا‌يعقل بعث آخر أو زجر آخر أو ترخيص على خلاف الحكم الواصل»‌.
[5] نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص236. و في نهایة الدرایة ج4 ص236: «العلم الإجمالي المصطلح عليه في هذا الفنّ لا‌يفارق العلم التفصيلي في حدّ العلمية، و ليسا سنخين من العلم، نظراً إلى تعلّق الإجمالي بالمردّد، لما مرّ مراراً أنّ المردّد بما هو مردّد لا ثبوت له ذاتاً و وجوداً، ماهية، و هوية، فلا‌يعقل تقوّم العلم الإجمالي به.مع بداهة أن العلم المطلق لا‌يوجد كما أنّ وجوده في أفق النفس و تعلّقه بالخارج عن أفق النفس غير معقول، بل المقوّم لهذه الصفة الجزئية لابدّ من أن يكون في أفقها، فهو المعلوم بالذات، و ما في الخارج معلوم بالعرض.و عليه فمتعلّق العلم حاضر بنفس هذا الحضور في النفس، غاية الأمر أنّ طرف متعلّقه مجهول أي غير معلوم بخصوصيته، فلم يلزم تعلّق صفة حقيقية بالمردّد حتى يكون أصلاً يبتنى عليه إمكان تعلّق سائر الصفات الحقيقية، و جملة الصفات الاعتبارية بالمردّد.و حيث عرفت أنّ تعلّق الإجمالي بالمردّد غير معقول، و بالواقع بخصوصه غير معقول؛ إذ لا معنى لتعلّقه به إلّا كونه معلوماً به، و هو خلف، فلا محالة ليس المعلوم إلّا الجامع بين الخاصّين المحتملين، فهو مركّب من علم و احتمالين، بل من علم تفصيلي بالوجوب و من علم آخر، بأنّ طرفه ما لا‌يخرج عن الطرفين.فالوجوب الواقعي، و إن كان في الواقع متعيّناً بتعلّقه بالظهر مثلاً، إلّا أنّه بما هو معلوم متعيّن علماً بما لا‌يخرج عن الظهر و الجمعة، و إلّا فلا‌يعقل تعلّق العلم أيضاً بأنّ طرف الوجوب أحد الأمرين، لرجوعه إلى العلم بطرفية أحد الأمرين، و هو من تعلّق العلم بالمردد».
[6] أجود التقريرات، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج2، ص239. و في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج3، ص96. «لا‌يخفى عليك أن انحفاظ المرتبة: إن كان بلحاظ تعليقيّة حكم العقل بالاستحقاق على عدم المؤمّن من الشارع مطلقاً أو في بعض الأطراف كما توهّم؛ففيه أولاً: أن هذا المعنى لا ربط له بانحفاظ المرتبة، لأنه إنما يلتزم به دفعاً للتنافي بين نفس الحكمين الواقعي و الظاهري، لا دفعاً للتنافي بين آثارهما، و حكم العقل و ورود المؤمّن شرعاً مربوط بالثاني دون الأول.نعم من لا‌يرى منافاة بين نفس الحكمين مطلقاً بل يرى المنافاة بينهما من قبل آثارهما، فله أن يقول بانحفاظ المرتبة بهذا المعنى، إلا أنه أجنبي عن مسلك شيخنا الأستاذ.و ثانياً: قد عرفت أن مخالفة التكليف المعلوم بل عدم المبالاة به بالانبعاث عنه و الانزجار به ظلم عليه، و هو قبيح بالذات، و تخلّف الذاتي عن ذي الذاتي محال، فلا حكم من العقل هنا بنحو الاقتضاء و التعليق، بل بنحو العليّة و التنجيز كما فصّلناه آنفاً.و إن كان انحفاظ المرتبة بلحاظ إناطة الإنشاء الواقعي بوصوله تفصيلاً في صيرورته بعثاً و زجراً شرعاً.ففيه: أنّ الكلام في العلم الطريقي المحض لا في العلم المأخوذ في الموضوع، و إلا فالعلم التفصيلي أيضا يمكن أن لا‌يكون منجّزاً، لإناطة الإنشاء في الباعثيّة و الزاجرية بعلم تفصيلي حاصل من سبب خاص أو في مورد مخصوص».

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo