< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/03/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /التنبیه السادس؛ القسم الثالث: أن یکون الزمان دخیلا في الخطاب دون الملاک

 

القسم الثالث: أن يكون الزمان دخیلاً في الخطاب دون الملاك

و منه المثال الثالث الذي ذكره العلّامة الأنصاري، و هو ما إذا نذر أو حلف على ترك فعل معیّن في لیلة خاصّة و بعد ذلك اشتبهت تلك اللیلة بین لیلتین أو أكثر و هنا قال الشیخ بوجوب الاحتیاط لتنجیز العلم الإجمالي و هكذا المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي و بعض الأعلام اتّبعوا مسلك الشیخ العلّامة الأنصاري؛ و لكن صاحب الكفایة([1] ) قال بعدم تنجیز العلم الإجمالي في هذا القسم.

الوجه لتنجيز العلم الإجمالي

هو أنّ العلم بالملاك التامّ الفعلي یوجب عدم جواز الترخیص في تفویته فعلاً، لأنّ الترخیص في تفویت الملاك التامّ الفعلي بمنزلة الترخیص في مخالفة التكلیف الفعلي، فإنّ عدم دخالة الزمان المتأخر في الملاك و العلم بكون الملاك تامّاً فعلیّاً بمنزلة العلم بالتكلیف الفعلي، فالعلم الإجمالي منجّز للتكلیف و إن كان الخطاب استقبالیاً و التكلیف غیر فعلي.

بیان المحقّق النائیني

إنّ التكلیف فیهما (أي في مثال النذر و الحلف) المجعول بنحو القضایا الحقیقیة یتبع ما أخذه الناذر و الحالف في الموضوع، فإذا فرض أخذه اللیلة المتأخّرة فیه، فلا‌محالة تكون فعلیة الخطاب متوقّفةً على تحقّقها «على ما هو المختار عندنا من استحالة الخطاب التعلیقي» و لكنّه لایمنع من تمامیة الملاك فعلاً من جهة انعقاد النذر و الحلف بحیث لو كان التكلیف بالأمر المتأخر ممكناً لكان التكلیف في موردهما فعلیاً لا‌محالة فالظاهر إلحاقه بالقسم الأوّل، فإنّ فعلیة الملاك الملزم على كلّ تقدیر تمنع من الرجوع إلى الأصل في الأطراف، ضرورة أنّ الشك حینئذٍ یكون في الخروج عن عهدة الامتثال بعد العلم بتحقّق ما هو الملاك التامّ للتكلیف فعلاً و إن احتمل عدم فعلیة التكلیف لمانع عنها. هذا على المختار من استحالة الخطاب التعلیقي.

و أمّا على القول بجوازه و إمكانه فوجوب الاجتناب عن الأطراف بمكان من الوضوح، فإنّه علیه یكون الخطاب كالملاك التامّ فعلیاً فیجب الخروج عن عهدته كما في القسم الأوّل. ([2] )

توضیح المحقّق الإصفهاني:

ربما یقال بمنجزیة العلم الإجمالي في جمیع الأمثلة نظراً إلى أنّ الواجب المشروط مع العلم بتحقّق شرطه في ظرفه كالواجب المطلق في وجوب مقدّماته الوجودیة و العلمیة و إن كان الوجوب المشروط باقیاً على عدم فعلیته بالفعل.

مناقشة المحقّق الإصفهاني علیه

أورد المحقّق الإصفهاني على هذه النظریة بأنّه إن أُرید وجوب المقدّمة شرعاً بحكم العقل في المقدّمات التي لایمكن تحصیلها في وقت ذیها فهو غیر معقول، لأنّ وجوب المقدّمة شرعاً وجوب معلولي منبعث عن وجوب ذیها فیتبعه في الفعلیة و مع الالتزام بعدم فعلیة وجوب ذیها كیف یعقل فعلیة وجوبها؟

و العلم بتحقّق الشرط في ظرفه لایؤثر في المعلوم بإخراجه إلى الفعلیة و العقل یستحیل أن یحكم بمثل هذا الوجوب المعلولي.

و إن أرید حكم العقل بمجرد اللزوم و اللا‌بدّیة نظراً إلى حكمه باستحقاق العقاب على ترك الواجب في وقته بترك هذه المقدّمة التي لایمكن تحصیلها في وقته، فعلى فرض تسلیمه لایجدي في وجوب الغسل قبل الفجر حتّی یؤتی به بقصد الأمر. ([3] )

نظریة المحقّق الإصفهاني في الفرق بین المقدّمة الوجودیة و العلمیة

التحقیق إمكان الفرق بین المقدّمة الوجودیة و المقدّمة العلمیة بعدم وجوب المقدّمة الوجودیة، لترشحه من وجوب ذیها و لا وجوب لذیها فعلاً و لزوم المقدّمة العلمیة عقلاً، لأنّه أثر العلم بالتكلیف، لا أثر التكلیف بنفسه.

بیانه: إنّ مقتضى علمه الإجمالي بالتكلیف إمّا في الحال أو في الاستقبال مع بقائه على شرائط الفعلیة و التنجّز في ظرفه، هو وصول كلّ من التكلیفین المحتملین وصولاً إجمالیاً و هو كاف في فعلیة الواصل في موطنه.

فيعلم إجمالاً أنّ مخالفة هذا التكليف الحالي في الحال، أو مخالفة ذلك التكليف الاستقبالي في الاستقبال موجبة لاستحقاق العقاب، إما على هذه المخالفة في الحال، أو على تلك المخالفة في الاستقبال، فكل من المخالفتين في موطنها مما يحتمل ترتب العقاب عليها، و هو الحامل على دفع العقاب المحتمل بترك المخالفة في موطنها.

و لايتوقف فعلية التكليف في موطنه على أزيد من الوصول، كما لايتوقف استحقاق العقاب على أزيد من مخالفة التكليف في موطن المخالفة و في ظرف ترتب استحقاق العقاب.

كما لايتوقف لزوم المقدمة العلمية و دفع العقاب المحتمل على أزيد من احتمال العقاب بالإضافة إلى المخالفة الواقعية للتكليف الحقيقي في ظرفه. ([4] )


[1] درر الفوائد في الحاشية على الفرائد، الآخوند الخراساني، ج1، ص245.. «لعلّ الفرق هو انّ وجوب الاعتزال و ترك الوطء في مثل ... »

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo