< قائمة الدروس

درس خارج اصول استاد محمدعلی ‌بهبهانی

45/03/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /الفصل الأول؛ التنبیه الثاني؛ الموضع الأول؛ الصورة الثالثة؛ مناقشة ثانیة المحقق النائینی علی التظریة سابقته

 

المناقشة الثانیة

إنّ تنجیز العلم الإجمالي یتوقف على تعارض الأصول و تساقطها لا ‌محالة و لما كان الطرف المضطرّ إلیه لم‌ینجّز التكلیف فیه في زمان لعدم العلم به قبل الاضطرار و حصول الاضطرار فیه بعد تحقّقه (تحقّق التكلیف)، فلا مانع عن الرجوع إلى الأصل في الطرف الآخر من غیر معارض فلا‌یبقی أثر للعلم الإجمالي.

یلاحظ علیها

أوّلاً: إنّ توقّف تنجیز العلم الإجمالي على تعارض الأصول و تساقطها مخدوش عندنا بل تنجیز العلم الإجمالي یمنع عن جریان الأصول إلّا أنّ تنجیز العلم إن كان تنجیزاً تامّاً فهو یمنع عن جریان الأصول في جمیع الأطراف (كما أنّ العلم التفصیلي بالحكم یمنع عن جریان الأصل النافي بالنسبة إلى متعلّقه) و إن كان تنجیزاً ناقصاً فهو یمنع عن جریان الأصول في بعض أطرافه بنحو العلّیة التامّة، و أمّا مانعیته عن جمیع الأطراف فهي بنحو الاقتضاء، فحینئذٍ لو ورد الترخیص من الشارع فیجري الأصل النافي بالنسبة إلى بعض الأطراف و لاینافي ذلك تنجیز العلم في ما إذا كان التنجیز ناقصاً و بنحو الاقتضاء.

و ثانیاً: ما أفاده من أنّ الطرف المضطرّ إلیه لم‌یتنجّز التكلیف فیه في زمان لعدم العلم به قبل الاضطرار و حصول الاضطرار فیه بعد تحقّقه یرد علیه: أنّ الطرف المضطرّ إلیه قبل حصول الاضطرار متعلّق للتكلیف الفعلي و هذا التكلیف قبل تحقّق الاضطرار حكم غیر تنجیزي لعدم حصول العلم به و لكن بعد تحقّق الاضطرار قد حصل العلم بهذا الحكم الفعلي المحدود بأمد الاضطرار و هذا العلم الإجمالي موجب لتنجّز هذا الحكم الفعلي المردّد بین كونه محدوداً في الطرف المضطرّ إلیه و مطلقاً في الطرف الآخر.

المناقشة الثالثة

إنّ التقریب المتقدّم على تقدیر تمامیته إنّما یجري في الاضطرار العقلي المستحیل معه التكلیف، و أمّا في الاضطرار العادي العرفي الذي هو الموضوع في حدیث الرفع فلا‌محالة یكون التكلیف على تقدیر وجوده فیه مرفوعاً شرعاً في الواقع، لأنّ حكومة حدیث الرفع على الأدلّة الواقعیّة حكومة واقعیّة في غیر ما لایعلمون و علیه یكون الاضطرار رافعاً لأصل التكلیف واقعاً لا مسقطاً له، فلا‌یرجع الشك إلى الشك في المسقط الذي هو مورد لقاعدة الاشتغال.

فتحصّل أنّ حال الاضطرار إلى المعیّن قبل العلم كحال تلف بعض الأطراف أو خروجه عن محلّ الابتلاء قبله، فكما لا ریب في عدم تنجیز العلم الإجمالي في موردهما، كذلك في المقام.

یلاحظ علیها

إنّ طرف العلم الإجمالي في ناحیة الفعل المضطرّ إلیه هو التكلیف الفعلي المحتمل الذي تعلّق بهذا الطرف قبل تحقّق الاضطرار سواء كان الاضطرار رافعاً واقعیاً أم مسقطاً للتكلیف، فإنّ الاضطرار لایوجب سقوط الحكم أو رفعه قبل تحقّق الاضطرار.

و على هذا المناقشات الثلاث التي أوردها المحقّق النائیني على نظریته السابقة كلّها مخدوشة و لایمكن الالتزام بها.

النظریة الرابعة: من المحقّق الخوئي ([1] )

إنّ المحقّق الخوئي التزم بما أفاده المحقّق النائیني في الدورة الأخیرة من درسه إلّا أنّه أجاب عن شبهة في هذا المقام.

أمّا الشبهة: فهي أنّ التكلیف الواقعي و إن لم‌یكن مانعاً عن جریان الأصل إلّا أنّه بعد العلم به تترتّب آثاره من حین حدوثه لا من حین العلم به، فإنّه لو علمنا بأنّ الماء الذي اغتسلنا به للجنابة قبل أُسبوع مثلاً كان نجساً یجب ترتیب آثار النجاسة من حین نجاسة الماء لا من حین العلم بها، فیجب الإتیان بقضاء الصلوات التي أتینا بها مع هذا الغسل و كذا سائر الآثار المترتّبة شرعاً على نجاسة الماء المذكور، ففي المقام أیضاً لا مناص من ترتیب آثار التكلیف من حین حدوثه لا من حین انكشافه و بعد طروّ الاضطرار نشك في سقوط هذا التكلیف الثابت قبل الاضطرار لأجل الاضطرار، لأنّه لو كان في الطرف المضطرّ إلیه فقد سقط بالاضطرار و لو كان في الطرف الآخر كان باقیاً لا ‌محالة فیرجع إلى استصحاب بقاء التكلیف أو قاعدة الاشتغال.

أمّا الجواب عن هذه الشبهة: فهو أنّ المقام لیس مجری للاستصحاب و لا لقاعدة الاشتغال فإنّ الاستصحاب أو الاشتغال إنّما یجریان في ما إذا كانت الأصول في أطراف العلم الإجمالي ساقطة بالمعارضة، بخلاف ما إذا كان الأصل جاریاً في بعض الأطراف بلا معارض كما في المقام، فإنّ التكلیف في الطرف المضطرّ إلیه معلوم الانتفاء بالوجدان فلا معنی لجریان الأصل فیه و التكلیف في الطرف الآخر مشكوك الحدوث فلا مانع من الرجوع إلى الأصل فیه.

یلاحظ علیها

إنّ ما أفاده المحقّق الخوئي في مقام الجواب عن هذه الشبهة مخدوش لأنّ ما أفاده من أنّ التكلیف في الطرف المضطرّ إلیه معلوم الانتفاء وجداناً إنّما یصحّ في ظرف عروض الاضطرار و لكن متعلّق العلم الإجمالي هو التكلیف الفعلي قبل ظرف عروض الاضطرار.

مضافاً إلى ما تقدّم([2] ) من أنّ التنجیز لایتوقّف على تساقط الأصول بعد تعارضها بل یمكن القول بتنجیز العلم الإجمالي مع جریان الأصل العملي في بعض أطرافه و ذلك لأنّ التنجیز في العلم الإجمالي تنجیز ناقص.

و من ذلك ظهر حكم المسألة في الصورة الثانیة حیث أنّ الاضطرار تحقّق بعد حدوث التكلیف مقارناً لتحقّق العلم الإجمالي و قد عرفت أنّ ذلك لایمنع عن تنجیز العلم الإجمالي.

فجمیع الصور الثلاث المذكورة متّفقة في أنّ العلم الإجمالي موجب للتنجیز فیها، لأنّ الاضطرار قد تحقّق بعد حدوث التكلیف فیها.

نعم إنّ تنجیز العلم الإجمالي على مسلك جمع من الأعلام یقتضي الاجتناب عن الطرف الآخر الذي هو غیر مضطرّ إلیه و لكن على ما سلكناه في مبحث العلم الإجمالي([3] ) إذا كانت الشبهة تحریمیة یمكن جریان الأصل النافي بالنسبة إلى الطرف غیر المضطرّ إلیه لأنّ التنجیز في العلم الإجمالي تنجیز ناقص و قد ورد الترخیص بالنسبة إلى بعض الأطراف.

و نتیجة ذلك عدم لزوم الاجتناب عن الطرف غیر المضطرّ إلیه و إن كان العلم الإجمالي موجباً للتنجیز.

الصورة الرابعة: الاضطرار قبل حدوث التكلیف و العلم به

الحقّ عدم تنجیز العلم الإجمالي في هذه الصورة كما أفاده المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي.

قال المحقّق النائیني:([4] ) لا ریب في عدم وجوب الاجتناب عن شيء منهما، لعدم كون العلم علماً بالتكلیف مع احتمال انطباق المعلوم على الطرف المضطرّ إلیه، فیبقی احتمال حدوث التكلیف في الطرف الآخر فیرجع فیه إلى الأصل.

هذا تمام الكلام في الموضع الأوّل من هذا التنبیه.


[2] تقدّم في ص109، و راجع ص69.
[3] راجع ص127 و ص198.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo