< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/04/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /الفصل الثاني؛ المقام الأول؛ الجهة الثالثة: مقتضی الاستصحاب

 

إیراد المحقّق الخوئي
علی إثبات أصالة الاشتغال بالاستصحاب(1)

أولاً: إنّ القسم الثاني من استصحاب الكلّي متوقّف على كون الحادث مردّداً بین ما هو مقطوع الارتفاع و ما هو مقطوع البقاء لأجل تعارض الأصل في كلّ منهما، كما إذا تردّد الحدث بین الأصغر و الأكبر و تعارضت أصالة عدم تحقّق الأكبر و أصالة عدم تحقّق الأصغر و بعد الوضوء یشك في ارتفاع الحدث فیستصحب بقاء الحدث الكلّي.[1]

بخلاف ما نحن فیه لعدم تعارض الأصول بل وجوب الأقلّ متیقّن بالوجدان و هو العلم التفصیلي و بضمیمة أصالة عدم وجوب الأكثر یحرز حال الفرد الحادث فلم‌یبق مجال للرجوع إلى استصحاب الكلّي و هذا مثل ما إذا كان المكلّف محدثاً بالأصغر، ثم احتمل عروض الجنابة له بخروج بلل یحتمل كونه منیّاً، ففي مثل ذلك لا معنی للرجوع إلى استصحاب الكلّي بعد الوضوء، لأنّ الحدث الأصغر كان متیقّناً و إنّما الشك في انقلابه إلى الأكبر، فتجري أصالة عدم حدوث الأكبر.

و بالجملة الرجوع إلى القسم الثاني من استصحاب الكلّي إنّما هو في ما إذا كان الفرد الحادث مردّداً بین المرتفع و الباقي، و أمّا لو كان أحد الفردین متیقّناً و الآخر مشكوكاً فیه فیجري الأصل فیه بلا‌معارض فلا‌تصل النوبة إلى استصحاب الكلّي.

ثانیاً: إنّ استصحاب بقاء التكلیف معارض باستصحاب عدم تعلّق الجعل بالأكثر.([2] )

الموضع الثاني: إثبات أصالة البراءة بالاستصحاب

و له تقریبات ثلاثة:

التقریب الأوّل

و هو استصحاب عدم لحاظ الأكثر حین جعل التكلیف.

إیرادان من المحقّق الخوئي
([3]
)

أوّلاً: إنّ عدم اللحاظ لیس حكماً شرعیاً و لا موضوعاً لحكم شرعي.

ثانیاً: هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم لحاظ الأقلّ حین جعل التكلیف.

التقریب الثاني

و هو استصحاب عدم تعلّق الأمر بالمركب المشتمل على الجزء المشكوك.

إیراد المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي
([4]
)

إنّ هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم تعلّق الأمر بالأقلّ على نحو الإطلاق اللا‌بشرط القسمي.

التقریب الثالث

و هو استصحاب عدم جزئیة ما هو مشكوك الجزئیة.

إیراد المحقّق الخوئي
([5]
)

إنّ الجزئیة أمر انتزاعي ینتزع عن الأمر بالمركب، فاستصحاب عدم الجزئیة یرجع إلى استصحاب عدم تعلّق الأمر بالمركب من هذا الجزء المشكوك فیه و هو التقریب المتقدّم.

یلاحظ علیه

إنّ انتزاع الجزئیة عن الأمر بالمركب لایوجب إرجاع استصحاب عدم الجزئیة إلى استصحاب عدم تعلّق الأمر بالمركب، فإنّ الجزئیة أمر وضعي و وجوب المركب حكم تكلیفي فكیف یمكن إرجاع أحدهما إلى الآخر؟

نتیجة ذلك أنّ مقتضى التحقیق عند دوران الأمر بین الأقلّ و الأكثر الارتباطیین في الأجزاء الخارجیة هو جریان البراءة العقلیة و البراءة الشرعیة و أیضاً جریان استصحاب عدم جزئیة ما هو مشكوك الجزئیة.

 

المقام الثاني: دوران الأمر بین الأقلّ و الأكثر في الأجزاء التحلیلیة([6]
)

نتكلم عنه في مطلبین:

المطلب الأول: أقسام ما يحتمل شرطیته

إنّ ما یحتمل شرطیّته على ثلاثة أقسام: ([7] )

القسم الأوّل: ما إذا كان موجوداً مستقلا مغايرا للمأمور به

و هو أن یكون ما یحتمل شرطیته موجوداً مستقلاً مغایراً للمأمور به في الوجود، كما إذا شك في اشتراط صحّة عمل المستحاضة باغتسالها لیلاً و كما إذا شك في اعتبار التستّر في طواف الحج أو الصلاة مثلاً.

قال المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي ([8] ) بالبراءةإلا أنّ المحقّق النائیني ذهب إلى جریان البراءة الشرعیة فقط، و أمّا المحقّق الخوئي قال بجریان البراءة العقلیة و الشرعیة لأنّ الأقلّ یدور أمره بین الإطلاق اللا‌بشرط القسمي و التقیید بالشرط المشكوك، و الإطلاق لیس فیه ضیقاً و لایشتمل على تكلیف زائد فلا معنی لجریان البراءة العقلیة أو الشرعیة بالنسبة إلیه و أمّا التقیید فهو مشتمل على الضیق و الكلفة و مع عدم بیان الضیق في كلام الشارع تجري قاعدة قبح العقاب بلا‌بیان، و أیضاً التقیید غیر معلوم فیشمله حدیث الرفع فتجري فیه البراءة الشرعیة.([9] )

القسم الثاني: ما إذا كانت نسبته إلى المأمور به نسبة الصفة إلى موصوفها

و هو أن یكون ما یحتمل شرطیته موجوداً غیر مستقل و لم‌یكن من قبیل الأمور المقوّمة للمأمور به بل كانت نسبته إلى المأمور به نسبة الصفة إلى الموصوف و یكون اعتبار هذا الشرط محتاجاً إلى مؤونة زائدة في عالم الثبوت و الإثبات، كما إذا شك في أنّ المأمور به هل هو عتق مطلق الرقبة أو خصوص المؤمنة منها؟ فإنّ اعتبار قید الإیمان في المأمور به محتاج في عالم الثبوت إلى لحاظ زائد مغایر للحاظ نفس الرقبة، و في عالم الإثبات إلى دلیلٍ دالّ على اعتباره بالخصوص.

و قید الإیمان و إن لم‌یكن تكلیفاً زائداً بل هو تضییق لدائرة المأمور به و تقیید له، إلا أنّ اعتباره تضییق على المكلّف و كلفة علیه فیصحّ جریان البراءة العقلیة و الشرعیة بالنسبة إلیه.

إیراد صاحب الكفایة
علی جریان البراءة العقلیة ‌([10]
)

إنّ صاحب الكفایة أنكر جریان البراءة العقلیة في الأجزاء التحلیلیة في قسمین منها: دوران الأمر بین المشروط بشيء و مطلقه و دوران الأمر بین الخاصّ كالإنسان و عامّه كالحیوان كما سیأتي، لأنّ الأجزاء التحلیلية لاتتصف باللزوم من باب المقدمة عقلاً (حتّی تتّصف بالوجوب الغیري كما هو مختار الشیخ الأنصاري) بل الطبیعي موجود بوجود فرده فالصلاة في ضمن الصلاة المشروطة أو الصلاة الخاصّة موجودة بعین وجودها، و أمّا وجود الطبیعي في ضمن المقیّد فمباین لوجوده في ضمن غیره فالصلاة (أي طبیعي الصلاة) في ضمن صلاة أخری فاقدة لشرطها و خصوصیتها تكون مباینةً للمأمور بها فلا‌یكون هناك علم تفصیلي بوجوب الأقلّ الجامع، لعدم وجود الأقلّ الجامع، لانّ الطبیعي الموجود في كلّ من الفردین مباین للطبیعي الموجود في الآخر فلا‌یكون جامع بینهما حتّی یكون هو المتیقّن و الزائد علیه هو المشكوك.([11] )


[1] ‌. مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج1، ص443.أورد على الاستدلال به الشیخ الأنصاري في فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج2، ص325.: «فإن الأول (استصحاب الاشتغال بعد الإتیان بالأقل) مندفع مضافاً إلى منع جريانه حتى في مورد وجوب الاحتياط كما تقدّم في المتباينين بأن بقاء وجوب الأمر المردّد بين الأقل و الأكثر بالاستصحاب لا‌يجدي بعد فرض كون وجود المتيقن قبل الشك غير مجدٍ في الاحتياط. نعم لو قلنا بالأصل المثبت و أن استصحاب الاشتغال بعد الإتيان بالأقل يثبت كون الواجب هو الأكثر فيجب الإتيان به أمكن الاستدلال بالاستصحاب لكن يمكن أن يقال إنا نفينا في الزمان السابق وجوب الأكثر لقبح المؤاخذة من دون بيان فتعيّن الاشتغال بالأقلّ فهو منفي في الزمان السابق فكيف يثبت في الزمان اللاحق».و هكذا قال في ص467: «و مما ذكرنا يظهر حكومة هذه الأخبار على استصحاب الاشتغال على تقدير القول بالأصل المثبت أيضاً كما أشرنا إليه سابقاً لأنه إذا أخبر الشارع بعدم المؤاخذة على ترك الأكثر الذي حجب العلم بوجوبه كان المستصحب و هو الاشتغال المعلوم سابقاً غير متيقن إلا بالنسبة إلى الأقل و قد ارتفع بإتيانه و احتمال بقاء الاشتغال حينئذ من جهة الأكثر ملغى بحكم هذه الأخبار». و ردّ المحقّق الخراساني كلام الشیخ في درر الفوائد في الحاشية على الفرائد، الآخوند الخراساني، ج1، ص256.. فقال: «لا‌يخفى أنّ استصحاب الاشتغال على تقدير صحّته حسب ما عرفت، كما هو وارد على حكم العقل بالبراءة لو سلّم على ما بيّنّاه، فكذلك هو وارد على هذه الأخبار، فإنّ الأكثر حيث يتعيّن به الخروج عن عهدة التّكليف الثّابت بالاستصحاب على تقدير الإتيان بالأقلّ، فوجوب الإتيان به عقلاً تفريعاً للذّمّة و خروجاً عن العهدة معلوم، فكيف يكون داخلاً فيما حجب هذا لو لم‌نقل بالأصل المثبت. و أمّا على القول به فالأكثر معلوم الوجوب شرعاً، فليس ممّا أخبر الشّارع بعدم المؤاخذة على تركه، لأجل حجب العلم بوجوبه، و هذا أوضح من أن يحتاج إلى مزيد بيان»
[2] أحال المحقّق النائیني عدم جریان استصحاب الاشتغال في ما نحن فیه إلى ما قاله في المتباینین من أنّه لایجري في شيء من موارد العلم الإجمالي. فوائد الاُصول، الغروي النّائيني، الميرزا محمد حسين، ج4، ص127. و بعد أن ذكر أموراً أربعة من باب المقدّمه لردّ استصحاب الاشتغال في باب المتباینین استنتج ردّ الاستصحاب و قال بعد ذلك في حاصل كلامه:«و حاصل الكلام: أنّه عند العلم بوجوب أحد الشيئين مع حصول امتثال أحدهما لا‌يجري استصحاب بقاء التكليف، لا الشخصي، و لا الكلّي. أمّا الشخصي: فللشكّ في حدوث الفرد الباقي بالبيان المتقدّم. و أمّا الكلّي: فلأنّه لا‌يثبت به تعلّق التكليف بالمحتمل الآخر، و أثر وجوب تحصيل اليقين بالفراغ و العلم بالخروج عن عهدة التكليف ممّا يقتضيه نفس حدوث التكليف و الشكّ في امتثاله، و ليس من الآثار المترتّبة على بقاء التكليف واقعاً ليجري فيه الاستصحاب.و لو فرض أنّه من الآثار المترتّبة على الأعمّ من الحدوث و البقاء، فالاستصحاب أيضا لا‌يجري، لسبق الحدوث على البقاء، و الشي‌ء إنّما يستند إلى أسبق علله».و في منتقى الأصول، الحكيم، السيد عبد الصاحب، ج5، ص223. قال: «و لابدّ من البحث في جهات عديدة في كلامه (المحقّق النائیني): الأولى:- و هي أهمّها- في ما أفاده من عدم جريان استصحاب عدم الجعل‌ لعدم الأثر المترتب عليه... .ما أفاده المحقّق النائیني من أنّ استصحاب عدم الجعل لا أثر له الّا بناء على القول بالأصل المثبت مما لا محیص عنه و لا‌یرد علیه إشكال المحقّق العراقي بأنّ الأثر غير الشرعي إنما لا‌يترتب على المستصحب الثابت بالاستصحاب إذا كان أثراً لخصوص الوجود الواقعي للمستصحب. أما إذا كان لازماً و أثراً للمستصحب بوجوده المطلق أعمّ من الواقعي و الظاهري، ترتب على الاستصحاب قهراً.. و لو‌لا ذلك لما صحّ استصحاب بقاء الجعل و عدم النسخ لإثبات المجعول، مع أن جريانه و ترتّب المجعول عليه عند تحقق الموضوع من المسلمات‌.و هكذا لایرد علیه إشكال بعض بأنّ الجعل و المجعول متّحدان وجوداً مختلفان اعتباراً، كالإيجاد و الوجود، فليس أحدهما غير الآخر. و عليه فاستصحاب الجعل بنفسه إثبات للمجعول، كما أن استصحاب عدم الجعل بنفسه إثبات لعدم المجعول، و لا ملازمة و لا ترتّب بينهما.و لولا ذلك لما صحّ استصحاب بقاء الجعل و عدم النسخ لغرض إثبات المجعول في ظرفه، مع أنه من المسلّمات غير القابلة للإنكار، بل عليه يبتني بقاء الشريعة.الثانية: فيما أفاده من عدم جريان أصالة عدم لحاظ الجزء بنحو العدم المحمولي ... و الّذي يتحصل مما ذكرناه أن ما أفاده المحقق النائيني يوافق مختار الشيخ. أخيراً، فلا اختلاف بينهما.الثالثة: في ما أفاده من معارضة استصحاب عدم جعل وجوب الأكثر باستصحاب عدم جعل وجوب الأقل، مع التزامه سابقاً بعدم معارضة أصالة البراءة في الأكثر بأصالة البراءة في الأقل، فلا‌بدّ من معرفة أنه هل هناك فرق بين الاستصحاب و البراءة أولا؟.... و الصحيح في الجواب عن هذا السؤال: أنك عرفت أخيراً أن محطّ نظره في إجراء البراءة ليس هو نفي وجوب الأكثر، بحيث يكون وجوب المجموع مجرى البراءة، بل مجرى البراءة هو نفي اعتبار الجزء المشكوك في المركب المأمور به الّذي يحاول به تعيين كون الواجب هو الأقل.و من الواضح أن جريان البراءة في الجزء المشكوك لا‌يعارض جريان‌ البراءة في الأقل، لأنه معلوم الجعل على كلّ حال، و إنما الشك في أخذه لا‌بشرط و بنحو الإطلاق، أو أخذه بنحو التقييد و بشرط شي‌ء.و هذا بخلاف فرض الاستصحاب، إذ المفروض أن مجراه عدم وجوب الأكثر بنحو المجموع، و نفي احتمال وجوب الأكثر بنحو الاستقلال يقابله احتمال وجوب الأقل بنحو الاستقلال و هو مشكوك، فيكون مجرى لأصالة العدم أيضاً، و لا فرق في هذه الجهة بين أصالة البراءة أو الاستصحاب»‌
[6] ‌. و المراد من الأجزاء التحلیلیة هي الشروط و الموانع.
[7] ‌. على ما أفاده المحقّق النائیني و المحقّق الخوئي.
[8] و قال المحقّق النائیني في فوائد الاُصول، الغروي النّائيني، الميرزا محمد حسين، ج4، ص190.: «و الكلام فیه عین الكلام في الإجزاء في جریان البراءة الشرعیة و عدم جریان البراءة العقلیه سواء كان منشأ انتزاع الشرطیة أمراً متحداً مع المشروط في الوجود كالإیمان في الرّقبة أو مبایناً له في الوجود كالطهارة في الصلاة». قال المحقّق الخوئي في مصباح الأصول( مباحث حجج و امارات- مكتبة الداوري)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج1، ص445..: «و الحكم في هذا القسم هو ما ذكرناه في دروان الأمر بین الأقل و الأكثر في الأجزاء الخارجیة من جریان البراءة عقلاً و نقلاً ...»
[9] و في تهذيب الاصول - ط جماعة المدرسين، السبحاني، الشيخ جعفر؛ تقرير بحث السيد روح الله الخميني، ج2، ص345. في وجه جریان البراءة العقلیة و الشرعية: «أما الكلام في الأول (أي صورة تباین منشأ انتزاع الشرطیة للمشروط في الوجود) فواضح جدّاً لأن داعوية الأمر إلى ذات الصلاة معلوم سواء تعلّق الأمر بها بلا اشتراط شي‌ء أو مع اشتراطه، و التقييد و الاشتراط، أو القيد و الشرط مشكوك فيه، فيجري أدلة البراءة عقلية كانت أو شرعية».و في بحوث في علم الأصول، الهاشمي الشاهرودي، السيد محمود، ج5، ص352.. في وجه جریان البراءة: «و التحقيق فيها على ضوء ما تقدّم في الدوران بين الأقل و الأكثر بلحاظ الاجزاء هو جريان البراءة عن وجوب الشرط سواء كان شرطاً لمتعلق التكليف كالطهارة في الصلاة أو شرطاً لمتعلق المتعلق كاشتراط الإيمان في عتق الرقبة، لأنّ مرجع الشرطية إلى تقيد الواجب بقيد زائد و انبساط الأمر على التقيّد كما تقدم في محلّه، فالشك فيها شك في الأمر بالتقيد المذكور زائداً على الأمر بذات المقيد و هو من الدوران بين الأقل و الأكثر بلحاظ ما يدخل في العهدة و إن لم‌يكن كذلك بلحاظ حدّ الواجب أو الوجوب، و هذا يعني انحلال العلم الإجمالي انحلالاً حقيقياً إلى علم تفصيلي بالأقل و شك بدوي بالزائد بلحاظ ما يدخل في العهدة فتجري البراءة عنه»
[10] ‌. كفاية الأصول - ط آل البيت، الآخوند الخراساني، ج1، ص367..: «أنه ظهر مما مرّ حال دوران الأمر بين المشروط بشي‌ء و مطلقه و بين الخاصّ كالإنسان و عامّه كالحيوان و أنه لا مجال هاهنا للبراءة عقلاً ...»
[11] قد أورد في تهذيب الاصول - ط جماعة المدرسين، السبحاني، الشيخ جعفر؛ تقرير بحث السيد روح الله الخميني، ج2، ص347. على كلام المحقّق الخراساني إیرادین فقال: «و ممّا ذكرنا يظهر ضعف ما أفاده المحقّق الخراساني رحمه الله: من‌ أنّ‌ الصلاة- مثلاً- في‌ ضمن‌ الصلاة المشروطة، موجودة بعين وجودها، و في ضمن صلاة أخرى فاقدة لشرطها تكون مباينة للمأمور بها.وجه ضعفه: فإنّ فيه خلطاً واضحاً؛ فإنّ التحقيق: أنّ الكلّي الطبيعي موجود في الخارج بنعت الكثرة لا بنعت التباين؛ فإنّ الطبيعي لمّا لم يكن في حدّ ذاته واحداً و لا كثيراً فلا محالة يكون مع الواحد واحداً و مع الكثير كثيراً.فيكون الطبيعي موجوداً مع كلّ فرد بتمام ذاته، و يكون متكثّراً بتكثّر الأفراد، فزيد إنسان و عمرو إنسان و بكر إنسان، لا أنّهم متباينات في الإنسانية، بل متكثّرات فيها، و إنّما التباين من لحوق عوارض مصنّفة و مشخّصة، كما لا‌يخفى.و التباين في الخصوصيات لا‌يجعل الماهية المتّحدة مع كلّ فرد و خصوصية متباينة مع الأخرى؛ فإنّ الإنسان بحكم كونه ماهية بلا شرط شي‌ء غير مرهون بالوحدة و الكثرة، و هو مع الكثير كثير؛ فهو بتمام حقيقته متّحد مع كلّ خصوصية.فالإنسان متكثّر غير متباين في الكثرة. هذا، و لتوضيحه مقام آخر، فليطلب من أهله و محلّه.أضف إلى ذلك: أنّ كون الفردين متباينين غير مفيد أصلًا؛ لأنّ الميزان إنّما هو ما وقع تحت دائرة الطلب، و قد عرفت أنّ متعلّقه إنّما هو العناوين و الماهيات، و من الواضح أنّ مطلق الصلاة أو الصلاة المشروطة بشي‌ء من الطهارة من قبيل الأقلّ و الأكثر، فتدبّر».

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo