< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاحتياط /الفصل الثاني؛ التنبیه الثالث؛ الوجه الثالث: ما أفاده الشیخ الأنصاري

 

الوجه الثالث: ما أفاده الشیخ الأنصاري أیضاً ([1] )

و هو استصحاب الوجوب النفسي المردّد بین كونه متعلّقاً سابقاً بالواجد للجزء المتعذّر مطلقاً حتی مع تعذره لیسقط التكلیف عن الفاقد للجزء المتعذّر، و بین كونه متعلقاً بالواجد له مقیّداً بحال التمكن منه لیبقی التكلیف بالفاقد، فیستحب بقاء التكلیف و یثبت به اختصاص جزئیة الجزء المتعذّر بحال التمكن منه.

إیراد المحقّق النائیني علی الوجه الثالث

إنّ هذا من أردأ أنحاء الأصل المثبت. ([2] )

الوجه الرابع: ما أفاده المحقق الخوئي

و هو أن یستصحب الوجوب الاستقلالي بنحو مفاد كان التامّة، بأن یقال: إنّ أصل الوجوب قبل تعذّر بعض الأجزاء كان ثابتاً، فیشك في ارتفاعه بعد طروّ التعذّر فیحكم ببقائه للاستصحاب.([3] )

إیرادان من المحقّق الخوئي علی الوجه الرابع([4] )

الأوّل: إنّ الوجوب عرض لایتحقّق إلا متعلّقاً بشيء فالوجوب المتیقّن كان متعلّقاً بالمركب من المتعذّر و غیره و هو مرتفع قطعاً، و أمّا الوجوب المتعلّق بسائر الأجزاء و الشرائط فلا علم لنا بحدوثه و أمّا الوجوب الجامع بینهما فلا‌تجري فیه الاستصحاب، لأنّه من قبیل استصحاب القسم الثالث من الكلّي و لانقول به.

الثاني: استصحاب نفس الوجوب مع قطع النظر عن متعلّقه بالنسبة إلى وجوب سائر الأجزاء و الشرائط أصل مثبت.

الوجه الخامس: ما أفاده العلامة الأنصاري أیضاً

و هو استصحاب شخص الوجوب النفسي الذي كان متعلّقاً بالأجزاء المتمكن منها، بدعوی أنّ الجزء المتعذّر یعدّ عرفاً من حالات متعلّق الوجوب النفسي لا من أركانه و مقوّماته، فلا‌یضرّ تعذّره و فقدانه ببقاء متعلّق الوجوب النفسي و أیضاً لایضرّ باتّحاد القضیة المشكوكة و القضیة المتیقّنة، لأنّ معروض الوجوب النفسي بنظر العرف كان هو بقیّة الأجزاء المتمكن منها و یحمل علیها بالحمل الشائع الصناعي و یقال: إنّها هي التي كانت متعلّق الوجوب النفسي، و یكون تعذّر الجزء منشأ الشك في بقائه، نظیر الماء الذي نقص عنه مقدار بحیث یشك في بقائه على الكرّیة، فإنّه لا إشكال في استصحاب بقاء الكرّیة، لاتّحاد القضیة المشكوكة و القضیة المتیقّنة، فتعذّر الجزء في ما نحن فیه كنقصان مقدار من الماء في مثال الكرّ لایوجب اختلاف القضیتین.([5] )

إیراد المحقّق النائیني علی الوجه الخامس([6] )

إنّ هذا البیان إنّما یتمّ في الموضوعات العرفیة و المركبات الخارجیة، فإنّه یمكن فیها تمیّز ما یكون من حالات الموضوع عمّا یكون من مقوماته.

أمّا المركبات الشرعیة فلا‌یكاد یمكن معرفة الركن فیها و تمییز المقوّم عن غیره إلا من طریق الأدلّة و لیس للعرف إلى ذلك سبیل، بداهة أنّ تشخیص كون السورة لیست من أركان الصلاة و مقوّماته دون الركوع و السجود لایمكن إلا بقیام الدلیل على ذلك فإن دلّ الدلیل على كون السورة جزءاً للصلاة مطلقاً حتّی في حال عدم التمكّن منها كانت السورة ركناً في الصلاة و مقوّمة لها، فیسقط الأمر بالصلاة عند عدم التمكن منها و إن قام الدلیل على عدم كونها جزءً في حال عدم التمكن منها، فلا‌تكون ركناً في الصلاة و لایسقط الطلب إلى بقیّة الأجزاء عند تعذّر السورة.

و إن لم‌یقم الدلیل على أحد الوجهین یبقی الشك في سقوط الطلب عن بقیّة الأجزاء و عدمه على حاله، للشك في ركنیة السورة.

و لا مجال للرجوع إلى العرف في معرفة كونها ركناً أو غیر ركن، فإنّ تشخیص ذلك لیس بید العرف، ففي المركبات الشرعیة لایمكن العلم بما یكون من حالات المركب أو مقوّماته إلا من طریق السمع.

مناقشتان في إیراد المحقّق النائیني

المناقشة الأولی: من المحقّق الخوئي([7] )

إنّه إذا ثبت من الشرع كون جزء أو شرط مقوّماً للمركب فلا إشكال في عدم جریان الاستصحاب عند تعذّره.

و أمّا إذا لم‌یصدر من الشارع بیان في ذلك فالظاهر إیكال الأمر إلى العرف، فإن كانت نسبة المتعذّر إلى البقیّة غیر معتدّ بها في نظرهم كنسبة الواحد إلى العشرین مثلاً فیجري الاستصحاب، و أمّا إن كانت النسبة معتداً بها بنظرهم كنسبة النصف أو الثلث إلى المجموع مثلاً، فلا‌یجري الاستصحاب.

یلاحظ علیها

أوّلاً: إنّ الكلام في مقام الإثبات، بمعنی أنّه إذا لم‌یصل بیان من الشارع بالنسبة إلى مقوّمیة الجزء للمركب الشرعي فهل للعرف مجال في تشخیص ذلك أو لا؟ و ما أفاده المحقّق الخوئي «من أنّه إذا لم‌یصدر من الشارع بیان في ذلك فالظاهر إیكال الأمر إلى العرف» خروج من مورد البحث، فإنّ الكلام في ما إذا لم‌یصل البیان لا ما إذا لم‌یصدر بیان من الشارع، فإنّ عدم الوصول أعمّ من عدم الصدور، كما أنّ عدم الصدور أخصّ من عدم الوصول.

ثانیاً: إنّ تعیین مقوّمات المركبات الشرعیة في ما إذا لم‌یصل بیان علیه من الشارع لیس موكولاً إلى العرف و إلا یلزم خلف الفرض، لأنّ المفروض هو أنّ المركب مركب شرعي لا عرفي.

المناقشة الثانیة: ملاحظتنا علی إیراد المحقّق النائیني

إنّ الكلام في جریان الاستصحاب بالنسبة إلى شخص الوجوب الاستقلالي النفسي من دون النظر إلى إثبات ركنیة الجزء المتعذّر أو عدمه بل جریان الاستصحاب المذكور بالنسبة إلى إحراز عدم ركنیته أصل مثبت.

ملاحظتنا علی الوجه الخامس

إنّ ما أفاده العلامة الأنصاري في الوجه الخامس أخصّ من مدّعاه، حیث أنّ الجزء المتعذّر بفقدانه قد یوجب عدم بقاء متعلّق الوجوب النفسي، و إن لم‌یكن ذلك الجزء من الأجزاء الركنیة المقوّمة و ذلك مثل الصلاة التي یتعذّر فیها قراءة الحمد و السورة و ذكر الركوع و السجود للمكلّف، فإنّ العرف لایری بقاء متعلّق الوجوب النفسي، لأنّه لایری اتّحاد القضیة المتیقنة -التي هی وجوب الصلاة الكاملة بجمیع أجزائها «و القضیة المشكوكة» التي هی وجوب الصلاة التي یتعذّر فیها القراءة و ذكر الركوع و السجود للمصلّي مع أنّه یدّعي أنّ العرف یری اتّحاد القضیة المتیقنة و المشكوكة عند تعذّر الجزء الذي لیس بمقوّم و یرید من الجزء المقوّم الجزء الركني.

 


[1] فرائد الأصول، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج3، ص279..: «و يمكن توجيهه بناء على ما عرفت من جواز إبقاء القدر المشترك في بعض الموارد و لو علم بانتفاء الفرد المشخص له سابقاً بأن المستصحب هو مطلق المطلوبية المتحققة سابقا لهذا الجزء و لو في ضمن مطلوبية الكل إلا أن العرف لا‌يرونها مغايرة في الخارج لمطلوبية الجزء في نفسه»
[2] فوائد الاُصول، الغروي النّائيني، الميرزا محمد حسين، ج4، ص559.قال المحقق العراقي في نهاية الافكار، العراقي، آقا ضياء الدين، ج3، ص248..: «و أما التقريب الثالث: فقد أورد عليه بأنه من أردأ أنحاء المثبت، و لعلّه من جهة اقتضائه لإثبات كون متعلق التكليف عند تعذر الجزء، ما عدى الجزء المتعذر، و إلّا فلا‌نفهم وجهاً لمثبتيّته»
[4] المصدر السابق.
[5] و في نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج4، ص384..: «رابعها: استصحاب الوجوب النفسي الشخصي، مع قطع النظر عن متعلقه، نظير استصحاب وجود الكرّ ... و الجواب: أن مجرد التعبد ببقاء الوجوب النفسي لا‌يجدي ما لم‌يكن الباقي واجباً نفسياً، و التعبد بوجوبه النفسي بعد التعبد ببقائه الملازم عقلاً لتعلّقه بالباقي من الأصول المثبتة»

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo