< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/07/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /الفصل الثاني؛ الدلیل الرابع؛ الاحتمال الرابع للروایة الأولی من القسم الأول

 

تقریر المحقّق الإصفهاني للاحتمال الرابع

التحقیق أنّ المفروض في صدر الصحیحة حیث أنّه النوم على الوضوء فمنزلة الیقین بالنوم من الیقین بالوضوء منزلة الرافع له بقاء و ترتّب الشيء حدوثاً على عدم مانعه و ترتّب الشيء بقاءً على عدم رافعه مصحّح للشرط و الجزاء.

و المفروض صحّة إسناد نقض الیقین إلى الیقین بخلافه، أو إلى الشك فیه بلحاظ تجرید متعلّق الیقین و الشك عن الحدوث و البقاء و إلا [أي لو لم‌نقل بتجرید متعلّق الیقین و الشك عن الحدوث و البقاء] فلا‌یكون الیقین بعدم بقاء الشيء ناقضاً للیقین بحدوثه، و لا الشك في بقائه ناقضاً للیقین بحدوثه [لأنّه لا مانع من الجمع بین الیقین بحدوث الشيء یوم الخمیس و الیقین بعدم بقائه یوم الجمعة فإنّ كلا الیقینین موجودان في النفس و الیقین بعدم بقائه یوم الجمعة لایوجب نقض الیقین السابق، إلا بملاحظة تجریدهما عن الحدوث و البقاء].

و علیه فمفاد قوله: «وَ إِلَّا فَإِنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ وُضُوئِهِ» هو أنّه إن لم‌یستیقن بالنوم الناقض، فهو باقٍ على یقینه بوضوئه، و لا موجب لانحلاله و اضمحلاله إلا الشك و لاینقض الیقین بالشك.

فقوله: «وَ إلَّا فإِنَّه» إلخ بمنزلة الصغری، و قوله: «وَ لَا‌يَنْقُضُ الْيَقِينَ» بمنزلة الكبری.

و هذا أوجه الوجوه الأربعة، لأنّ ظاهر الجملة الشرطیة كون الواقع بعد الشرط جزاءً لا علّة له، و ظاهر الجملة الخبریة كونها بعنوان الحكایة جدّاً، لا بعنوان البعث و الزجر، فالتوطئة [و هو الاحتمال الثالث] و العلّیة [و هو الاحتمال الأوّل] و الإنشائیة [و هو الاحتمال الثاني] خلاف الظاهر. ([1] )

فتحصّل أنّ‌ الأظهر من هذه المحتملات الأربعة هو الاحتمال الرابع الذي ذهب إلیه المحقّق الإصفهاني، كما أنّ الأضعف هو الاحتمال الثالث. هذا تمام الكلام في ظهور الروایة.

الموضع الثالث: توقف الاستدلال بالصحیحة على القول بإلغاء الخصوصیة

إنّ دلالة الصحیحة على حجّیة الاستصحاب متوقّفة على القول بإلغاء الخصوصیة عن الوضوء و إلا فبناء على القول باعتبار خصوصیة الوضوء، لایمكن القول بدلالة الصحیحة على حجّیة الاستصحاب، فلا‌بدّ من الكلام حول هذه الاحتمالات إلا الاحتمال الثالث لظهور بطلانه.

فعلى الاحتمال الأوّل:

إن قلنا بإلغاء الخصوصیة عن الوضوء، فتكون العلّة المقتضیة للحكم هي نفس عنوان الیقین، و أمّا إن قلنا باعتبار خصوصیة الوضوء، فتكون العلّة المقتضیة للحكم هي عنوان الیقین بالوضوء.

و على الاحتمال الثاني:

إن قلنا بإلغاء الخصوصیة عن الوضوء فیكون موضوع الأمر بالمضيّ هو نفس عنوان الیقین، و أمّا إن قلنا باعتبار خصوصیة الوضوء فالموضوع للأمر بالمضيّ هو عنوان الیقین بالوضوء.

و على الاحتمال الرابع:

إن قلنا بإلغاء الخصوصیة عن الوضوء، فیكون الحدّ الوسط في الجزاء المتشكّل من الصغری و الكبری في جملة: «فَإِنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ وُضُوئِهِ وَ لَا‌يَنْقُضُ الْيَقِينَ أَبَداً بِالشَّكِّ» هو عنوان الیقین، و إن قلنا باعتبار خصوصیة الوضوء فیكون الحدّ الوسط هو عنوان الیقین بالوضوء.

و هنا مطلبان من اللازم الإشارة إليهما لتكميل هذا الموضع:

المطلب الأول: الاستدلال على إلغاء الخصوصیة بوجوه ستة

إنّه قد تقدّم بعض ما دلّ على إلغاء الخصوصیة في كلام المحقّق النائیني ([2] ) و لابدّ من الإشارة إلى هذه الوجوه و لابدّ أيضاً من بیان مقتضى القاعدة عند الشك في تمامیّتها:

الوجه الأوّل: القرینة الخارجیة في سائر الروایات

و هي من جهة ذكر هذه الجملة بمضمونها بل بعبارتها في سائر الروایات الواردة في الأبواب المختلفة، بل بعضها لایختصّ بباب دون باب كما سیأتي، فهذه قرینة خارجیة على أنّ قاعدة لاتنقض الیقین بالشك من القواعد الكلّیة التي تجري في جمیع أبواب الفقه، فیكون المراد من الیقین و الشك فیها مطلق الیقین و الشك لا الیقین المختصّ بالوضوء كما توهّم، و نتیجة ذلك هو إلغاء الخصوصیة عن تقیید الیقین بالوضوء و تقیید الشك بالنوم.

و هذا الوجه تامّ و لا نقاش فیه، بل هو أحسن الوجوه لإلغاء الخصوصیة.

 


[2] قد مضى ذكر الاحتمالات الأربعة في جواب الإمام عن السؤال الثاني: (و إلا فإنه على یقین من وضوئه) الأوّل منها مختار الشیخ الأنصاري و هو أن یكون الجزاء محذوفاً و یكون ما بعد الفاء علة للجزاء المحذوف، و الوجه في اختیار الشیخ هذا الاحتمال إفادة العلة للتعلیل، و قد مرّ ذلك في ص165، و قد مضى أيضاً إشكال المحقق النائیني عليه بأنّ غاية ما هنالك هو التعمیم لغیر النوم، و التعميم لغير باب الوضوء یحتاج إلى إلغاءخصوصیة المورد ثمّ استدلّ على تعمیم الیقین و الشك في الرواية الذي يعارض ما بنى عليه الشيخ. بجهات ثلاث في الروایة موجبة لظهورها في إتیان لفظ من وضوئه لأجل بیان المورد، و تلك الجهات هي التي تقدّمت في ص170، نقلاً عن فوائد الأصول، ج4، ص337؛ و أجود التقریرات، ج4، ص33

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo