< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/10/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الأصول العملية/أصالة الاستصحاب /الفصل الثاني؛ التفصیل الرابع؛ مناقشات ست في النظریة المحقق النراقي

 

لایقال: فاستصحاب كلّ واحد من الثبوت و العدم یجري لثبوت كلا النظرین و یقع التعارض بین الاستصحابین كما قیل.

فإنّه یقال: إنّما یكون ذلك لو كان في الدلیل ما بمفهومه یعمّ النظرین، و إلا فلا‌یكاد یصحّ إلا إذا سبق بأحدهما، لعدم إمكان الجمع بینهما لكمال المنافاة بینهما، و لایكون في أخبار الباب ما بمفهومه یعمّهما، فلا‌یكون هناك إلا استصحاب واحد و هو استصحاب الثبوت في ما إذا أخذ الزمان ظرفاً و استصحاب العدم في ما إذا أخذ قیداً، لما عرفت من أنّ العبرة في هذا الباب بالنظر العرفي، و لا شبهة في أنّ الفعل في ما بعد ذاك الوقت مع ما قبله متّحد في الأوّل و متعدّد في الثاني بحسبه، ضرورة أنّ الفعل المقیّد بزمان خاص غیر الفعل في زمان آخر و لو بالنظر المسامحي العرفي».([1] )

جواب المحقّق الخوئي عن هذه المناقشة

إنّ المعارضة المذكورة لاتتوقّف على لحاظ الموضوع بالنظر الدقّي، بل بعد البناء على المسامحة و القول بوحدة الموضوع یجري استصحاب بقاء النجاسة و استصحاب عدم جعل النجاسة بالنسبة إلى حال الكثرة، لكون المتیقّن هو جعل النجاسة لما لم‌یتمّم، فتقع المعارضة بین الاستصحابین مع أخذ الموضوع أمراً عرفیاً.([2] )

یلاحظ علیه

إنّ المعارضة بین استصحاب وجود المجعول و استصحاب عدم الجعل إنّما تتصوّر في موضعین:

أحدهما: الموضع الذي ادّعاه المحقّق النراقي و المحقّق الخوئي، و قد تقدّم إیراد العلامة الأنصاري علیه، لأنّ استصحاب عدم الجعل لایجري في المقام لانقلاب العدم بوجود الحكم المجعول و لو في قطعة محدودة من الزمان.

ثانیهما: الموضع الذي أشار إلىه صاحب الكفایة و هو فیما إذا كان الدلیل بمفهومه یعمّ النظرین النظر التسامحي و النظر الدقّي، و لكن لم‌نجد دلیلاً كذلك بحیث یعمّ النظرین، و المتّبع في هذا الباب نظر العرف، و العرف لایلاحظ الزمان فیما إذا كان ظرفاً و نتیجة عدم لحاظ الزمان هو أنّ العرف سیری وحدة الموضوع قبل الزمان المذكور و بعده، لأنّ ما یوجب اختلاف الموضوع و عدم وحدته هو ملاحظة الزمان قیداً في القضیة المتیقّنة كما هو مقتضى النظر الدقّي، و لكن النظر التسامحي العرفي یقتضي عدم لحاظ الزمان المذكور.

إیراد آخر على مناقشة صاحب الكفایة

إنّ صاحب الكفایة أشار إلى كلام المحقّق النراقي في «لایقال» حیث قال: «إنّ استصحاب كلّ واحد من الثبوت و العدم یجري لثبوت كلا النظرین و یقع التعارض بین الاستصحابین» و أجاب عنه بقوله: «إنّما یكون ذلك لو كان في الدلیل ما بمفهومه یعمّ النظرین».

و لكن الحقّ في الجواب هو أن یقال: إنّ البناء على النظر الدقّي یقتضي عدم جریان استصحاب الحكم المجعول، لا جریان استصحاب عدم الجعل.

و بعبارة أخری: النظر العرفي یقتضي جریان استصحاب المجعول و النظر الدقّي یقتضي عدم جریان استصحاب المجعول و لا ارتباط بین النظر الدقّي و جریان استصحاب عدم الجعل حتّی یقال بناء على شمول الدلیل بمفهومه لكلا النظرین یجري كلا الاستصحابین بل الحقّ أنّه بناء على شمول الدلیل بمفهومه لكلا النظرین یقع التناقض حیث أنّ النظر العرفي یقتضي جریان استصحاب المجعول و النظر الدقّي یقتضي عدم جریانه.

المناقشة الثالثة: من المحقّق النائیني

إنّ المحقّق النراقي یعتقد باتصال زمان الشك بزمان الیقین في استصحاب عدم التكلیف فیقول:

«إنّ الشك في تكلیف ما بعد الزوال حاصل قبل مجيء یوم الجمعة وقت ملاحظة أمر الشارع، فشك في یوم الخمیس مثلاً حال ورود الأمر، في أنّ الجلوس غداً هل هو مكلّف به بعد الزوال أیضاً أو لا؟ [حیث أنّ الأمر ورد في مفروض كلامه بوجوب الجلوس یوم الجمعة إلى الزوال و لكن سعة الأمر و شموليّته لما بعد الزوال مشكوك] و الیقین المتّصل به هو عدم التكلیف، فیستصحب و یستمرّ ذلك إلى وقت الزوال».([3] )

و المحقّق النائیني ناقش فیه و قال:

«و أمّا ما ذكره من حدیث اتّصال زمان الشك بزمان الیقین بفرض الشك یوم الخمیس، فیرد علیه أنّ المعتبر هو اتّصال زمان المشكوك بزمان المتیقّن، لا نفس صفة الیقین و الشك، ففرض الشك یوم الخمیس لتصحیح الاتّصال من الغرائب». ([4] )

و هذه المناقشة قریبة من المناقشة الأولى التي ذكرها الشیخ الأنصاري إلا أنّ الشیخ ناقش من جهة انتقاض عدم الجعل أو عدم التكلیف بوجود الجعل أو التكلیف، حیث عبّر بانقلاب العدم إلى الوجود و هذا مصداق قوله: «بل انقضه بیقین آخر». و أمّا المحقّق النائیني ناقش من جهة عدم تمامیة أركان استصحاب عدم الجعل أو عدم التكلیف من جهة لزوم اتّصال زمان المشكوك بزمان المتیقّن.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo