< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الأخلاق

45/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: جلسة16.الفصل العاشر في الورع في التعلم

 

النقطة الثالثة والخمسون من كتاب آداب المتعلمين للخواجة نصير الدين الطوسي التزام الورع فعلاً وتركاً.

سؤال: يطرح نفسه ما الفرق بين التقوى والورع؟

الجواب: التقوى اجتناب الذنوب، الورع اجتناب الشبهات.

أمثلة على التقوي و الورع

هذا لحم خنزير تجتنب أكله هذا تقوى، هذا لحم لا أدري هل هو لحم بقر أو لحم خنزير؟ مشتبه عليّ هذا اللحم اجتنب أكله هذا ورع، هذا السائل خمر اجتنب شربه هذا تقوى من الوقاية، هذا مائع لا أدري هل هو خل فيحل شربه أو هو خمر فيحرم شربه فاجتنبه هذا ورع.

في الدرس والتدريس ايضا يوجد تقوى وورع كيف تكون التقوى في الدرس والتدريس؟

الصورة الأولى هذه الفكرة أو هذه المعلومة خاطئة اعلم أنها تحلل حراماً أو تحرم حلالاً، تحلل الحرام وتحرم الحلال اعلم هنا إذا اجتنب طرح الفكرة هذا تقوى أو ورع أفتونا مأجورين هذا تقوى لأنه حرام ما يجوز تحلل الحلال تحلل الحرام وتحرم الحلال فإذا اجتنبت هذا الحرام فهذا منك تقوى.

الصورة الثانية ارفع لا أدري هل هذه الفكرة تحليل للحرام أو تحريم للحلال الموضوع ملتبس عليّ مشتبه فاجتنبه هذا ورع.

الورع في الفعل و الترك

الورع قد يكون في الفعل وقد يكون في الترك إذا اشتبه بالحرام فتركته فهذا ورعه، وإذا اشتبه بالوجوب فأتيت فهذا ورع في الفعل، يعني ربما واحد طرح فكرة خاطئة وصار عندي شبهة هل يجب عليّ إرشاد متعلم وتوجيه المشتبه أو لا؟ فوضحت الأمر وأجبت هذا ورع في الفعل.

إذاً الورع هو عبارة عن اجتناب الشبهة ومتعلق الورع قد يكون فعلاً وقد يكون تركاً، يقول الإمام أبو محمد الحسن العسكري ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ : <أورع من وقف عند الشبهة>[1] المؤمن المتدين الدين بمجرد أن يجد شبهة يتوقف لا يقتحم، لذلك ورد في الرواية <الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات>.[2]

مثال للورع

الأخلاقيون يمثلون الذنوب ببئر هذا البئر له سور وله حمى تحمي الإنسان من الوقوع داخل البئر أو الجبّ فيقولون هذا البئر بئر المحرمات وهذه المحرمات لها سور هو المكروهات يقول الأخلاقيون: من حام حول الحمى أوشك أن يقع يعني الذي يحوم ويدور حول السور يدور يدور يدور يمكن يدور رأسه ويقع داخل البئر.

البعض يتساهل مثلاً تقول له لماذا تلبس الخاتم في اليسار وهذا مكروه ما تلبسه في اليمين من علامات المؤمنين التختم في اليمين هذا بالعكس ما يلبس خاتم في اليمين يلبس في اليسار يستنى بسنة معاوية ابن أبي سفيان لماذا تلبس الخاتم في اليسار؟

قال هذا مكروه وكل مكروه جائز بعض هذا لسانه كل ما قلت له هذا مكروه قال مكروه وكل مكروه جائز هذا مستحب وكل مستحب يجوز تركه.

يقول الأخلاقيون: من حام الحمى الحمى شنو؟ فعل المستحبات وترك المكروهات أوشك أن يقع يعني يقع في المحرمات وهو فعل المحرمات أو ترك الواجبات.

الورع في التعلم

إذاً الفصل العاشر في الورع في التعلم لذلك يذكرون الفقهاء في العروة الوثقى في بحث الأعلمية يقولون لو تساوى اثنان في العلم فما هو المرجح بعض الفقهاء في تعليقته على العروة الوثقى يقول: يقدم الأورع في الفتوى لا الأورع مطلقاً أورع مطلقاً يعني اجتنب الشبهات مطلقاً لكن هذا واحد في خصوص الفتوى يتورع يعني ما يفتي يحتاط ديدنه اجتناب الشبهة.

النقطة الثالثة والخمسون التزام الورع فعلاً وتركاً

روي حديث في هذا الباب عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ قال: <من لم يتورع في تعلمه ابتلاه الله بأحد ثلاثة أشياء إما يميته في شبابه أو يوقعه في الرساتيق أو يبتليه بخدمة السلطان>[3] هذه آفات ثلاث تعتري من لا يتورع في درسه وعلمه.

الآفة الأولى يموت في شبابه هذا أحسن له لا يكثر من الذنوب الله عزّ وجل يلطف به يموت في شبابه حتى لا تكثر ذنوبه واقتحامه للشبهات.

الابتلاء الثاني أو يوقعه في الرساتيق، الرساتيق جمع روستا بالفارسية يعني قرية تقول: روستايى شهر قم يعني قرية مدينة قم روستا بالفارسي بمعنى قرية أو ده ده جمعها دهات دهات قم ده قم يعني قرى قم قرية قم، الرساتيق بمعنى القرى رساتيق جمع روستا رساتيق بمعنى قرى، وما يحيط بالقرى بالأراضي الزراعية فرق بين المدينة وبين القرية، في البحرين قد يكون قرى البحرين بمثابة مدن لكن هنا في إيران وغيرها من البلدان الكبيرة المدينة فيها شوارع فيها مباني وزارات مرتبة، القرى كلا طرق وحلية ورملية ومزارع وغنم وبقر وحمير وحديقة حيوان.

ابتلاه الله بالرساتيق يعني بمثابة ماذا عدنا التعرب بعد الهجرة، مجتمع الهجرة مثل مجتمع المدينة مجتمع الوعي مجتمع الفهم التعرب يعني يكون من الأعراب والأعراب غير العرب الأعراب يعني أهل البادية البدوي.

الآن بعض إذا يذهب إلى الغرب قد يقول البعض أنه قد يصدق عليك التعرب بعد الهجرة إذا أنت الآن في قم المقدسة أنت في البحرين أنت في دولة إسلامية وتذهب إلى دولة غربية ما فيها مسلمين بعض الدول فيها مسلمين مثل فرنسا بريطانيا بلجيكا لا فيها مجتمع مسلم أحياناً تذهب إلى بلدة ما فيها مسلمين تكون بعيد عن مجتمع الإسلام هذا من الذنوب الكبيرة يقولون التعرب بعد الهجرة يعني ترك مجتمع الهجرة المجتمع الواعي والذهاب إلى مجتمع فيه جهل.

المراد هنا من الرساتيق

هنا ابتلاه الله بالرساتيق ليس المراد أنه يذهب إلى قرية نائية ويكون بعيد عن المدينة المراد يعيش في مجتمع جاهلي بعيد عن مجتمع الوعي والبصيرة.

الابتلاء الثالث أو يبتليه بخدمة السلطان يصير من وعاظ السلاطين ومن أتباع السلاطين.

 

في يوم من الأيام كنت مشاركاً في مؤتمر من المؤتمرات كان من ضمن المشاركين عالم لكن من أتباع السلطة تأملت في نفسي هذا عنده مؤلفات عنده كتب ما الذي دعاه إلى أن يذهب في ركاب السلطان ونحن نتجاذب أطراف الحديث اكتشفت أنه لا ورع له لا يقف عند الشبهة يقتحم في الشبهة خصوصاً الشبهات المالية كثير من الناس ما يتورع في الشبهة المالية اقتحام الشبهة يقوده إلى أن يكون في ركب السلطان وبئس المصير.

يقول الخواجة نصير الدين الطوسي فمهما كان طالب العلم أورع كان علمه أنفع لماذا؟ لأنه ما خرج من القلب وقع في القلب وما خرج من اللسان لا يتجاوز الأذان بعضهم لما يلقي كلام من الإيقاعية الموسيقية ومن الناحية المهنية محترف في حركات يده في نبرات صوته في هندامه.

الآن تدرس الخطابة في الولايات المتحدة الأمريكية تدرس الخطابة ويعطون شهادة بعضهم مثلاً يرسل فيديوات كليبات ما شاء الله عليه من ناحية إعلامية فنان في التصوير في الكلام لكن ولا كلمة تدخل قلبك يعني كأنه ممثل أو مهرج يتكلم.

ويمكن واحد يتكلم كلمتين بسيطتين يخترق القلوب بلا استئذان كأبي الفتوح السيد روح الله الموسوي الخميني سيد الإمام كان كلامه بسيط ولكن إذا يتكلم سبحان الله يجذب، لا بأس ما دام ذكرنا روح الله الخميني نجيب لكم قصة.

قصة لقاء مفتي استراليا مع الامام الخميني

في يوم من الأيام كنت في مؤتمر في بغداد على طاولة الغداء كان معي الشيخ تاج الدين الهلالي المصري مفتي استراليا.

قلت له: يا شيخ تاج الدين أنا سمعت حكاية عنك وأريد أن اسمعها على لسانك، قلت: سمعت أنك التقيت الإمام الخميني مع الشيخ الغزالي وأريد أن تقص لي هذه القصة.

يقول: أوائل انتصار الثورة الإسلامية في إيران جئنا إلى طهران سكنا في هتل استقلال في ذلك اليوم قالوا عندكم لقاء مع الإمام الخميني، الشيخ الغزالي شيخ الأزهر في مصر.

يقول: أنا اعرف الشيخ الغزالي طويل القامة وأنا قصير القامة، واعرف الشيخ الغزالي جامد العين وقليل الدمعة، يقول: ذهبنا إلى بيت الإمام الخميني في جمران، يقول: لما دخلنا على الإمام الخميني انكب الشيخ الغزالي على الإمام الخميني وحضنه وألقى بثقله على صدره واجهش بالبكاء في حضن الإمام الخميني والإمام الخميني يربط على كتفه والشيخ الغزالي يبكي ويشفي البكاء.

يقول: نظرت فكأني أرى الإمام الخميني طويل القامة والشيخ الغزالي قصير القامة لكثرة احدبابه وانحنائه.

يقول: لما خرجنا قلت للشيخ الغزالي، من الذي يقول؟ الشيخ تاج الدين الهلالي، كنا معه أيضاً في بيروت ليلة سقوط نظام مرسي في مصر ومجموعة من المصريين، عموماً يقول الشيخ تاج الدين الهلالي للشيخ الغزالي: إني وجدت من أمرك شيئاً عجباً إنني اعرفك جامد العين فكيف أجهشت بالبكاء في حضن الخميني؟

فقال: لا تلمني إن الخميني قد أطاع الله في كل شيء فسخر الله له كل شيء.

يقول: أنا بمجرد رأيت الإمام الخميني لم أتمالك نفسي.

هكذا أولياء الله وتأثيرهم.

يقول: <فلما كان طالب العلم أورع كان علمه أنفع والتعلم له أيسر وفوائده أكثر> الذهن يصير صافي يتلقى المعلومات من دون أي عوائق.

يقول: <ومن الورع أن يحترز عن الشبع وكثرة النوم وكثرة الكلام فيما لا ينفع> أولم تسمعوا بالكثرات الثلاث والقلائل الثلاث هذه معروفة عند الأخلاقيين ثلاثٌ موبقات وثلاثٌ منجيات وهي متعاكسة.

مقولة مشهورة بين علماء الأخلاق

الثلاث المنجيات: قلة الطعام وقلة الكلام وقلة المنام.

والثلاث الموبقات، ثلاث كثرات: كثرة الطعام وكثرة الكلام وكثرة المنام، وسبحان الله هذه الكثرات بينها طولية.

وترتب رواية عن الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ : <من كثر طعامه كثر عطشه، ومن كثر عطشه وارتوى كثر منامه>[4] تشوف الذي يأكل كثير ينام كثير كثرة الأكل توجب العطش إذا ارتوى بالماء أصيب بالغثيان ونام، بعد إذا أكل كثير صار عنده طاقة على الكلام يتكلم كثير ستجد ملازمة تشوف واحد كثير الكلام كثير الطعام كثير المنام.

والعكس بالعكس الذي أكله قليل ما عنده جلد على الكلام والذي أكله قليل قد لا يأتيه النوم، فهناك ملازمة.

أهل الطاعة ألفوا القلائل الثلاث قلة الطعام وقلة الكلام وقلة المنام.

سؤال لما أهل العرفان وأهل الطريقة والحقيقة دائما صامتون؟

أنت شفت عارف ثرثار دائماً كله يتكلم العارف تشوفوا صامت ساكت، لماذا؟

العارف لشدة ورعه يصمت، يقول: لعلي أتكلم بكلمة وأؤذي مؤمن من حيث لا أشعر ترى إيذاء المؤمن ليس فقط بالكلمة حتى بالنظرة والنغزة يصير إيذاء مؤمن حتى لو مزحة يصير إيذاء مؤمن، لا تأذي مؤمن.

أنا أقول لكم ثلاثة أشياء خذوها من المجربات الذي يحوزها الثلاث يرتفع مقامه:

الأول أداء الصلاة في أول وقتها، يقول: السيد علي القاضي من واظب على أداء الصلاة في أول وقتها ولم يصل إلى مقامات فليلعني، وليس المراد أداء الصلاة بخشوع الصلاة تامة الأجزاء والشرائط.

الثاني خدمة الحسين خصوصاً نعي الحسين ـ عليه السلام ـ من بكى وابكى، لا تفرط في خدمة الحسين.

الله يرحمه أستاذنا الميرزا جواد التبريزي مرة في مجلس الدرس واحد طرح إشكال، الشيخ أجاب، ذاك قال: شيخنا أنا طارح مطلب علمي مو جايب مطلب خطابي.

قال له الشيخ الميرزا جواد تستهزئ بالخطباء، قال له: أنا في صغر سني كنت أتمنى وأتشرف أن أكون خطيباً من سوء توفيقي لم أوفق للخطابة لا تستهزئ بخدمة الحسين ولا تستهزئ ولا تستقل وتستحقر خدمة الحسين ـ عليه السلام ـ احنا غير الحسين ما عندنا وسيلة هذا الشي الثاني.

الشيء الثالث أن لا تكسر قلباً هذا خطير حتى بمزحة لا تكسر قلب أحد الذي يكسر قلب أحد ما يتوفق عن قصد أو عن غير قصد لا تكسر قلب أحد.

الذي يواظب على الثلاث: الصلاة في أول وقتها وأنتم من أهلها، وخدمة الحسين أنتم من أهلها، وبعد حفظ القلوب وعدم كسرها وأنتم أهل القلوب الحلوة يا حلوين إن شاء الله ما يجي من الحلو إلا حلو يا حلو.

قال: <ومن الورع أن يحترز عن الشبع> هذا واحد الذي هو كثرة الطعام، <وكثرة النوم> هذا كثرة المنام الثالث <وكثرة الكلام فيما لا ينفع> كان واحد ثرثار أيام ما كنا عزوبية ذاك اليوم ساكت يوم سكت نطق بحكمه فلان تكلم مو من عادتك يومياً أنت راديو منونيتكارلو واليوم ما في كلام؟!

قال: هذا الكلام كله إذا تنخلى وتغربله يطلع القليل منه مفيد والباقي كله بلا فايدة.

قلنا: له جيد يومياً التزم بهذه الحكمة.

قال: ما أقدر.

قال: <وأن يحترز عن أكل طعام السوق إن أمكن لأن طعام السوق أقرب إلى النجاسة والخباثة وأبعد عن ذكر الله تعالى وأقرب إلى الغفلة> طعام السوق البائع يهمه بضاعته تمشي قد لا يراعي حلالاً ولا حراماً فيقع في الشبهة.

لأن أبصار الفقراء تقع عليه ولا يقدرون على الشراء فيتأذون بذلك فتذهب بركته> لاحظ دقة العلماء.

<وينبغي أن يحترز عن الغيبة وعن مجالسة المكثار> مكثار على وزن مفعال صيغة مبالغة من يكثر كلامه، الرواية تقول: <إذا رأيت المغتاب فاجهد جهدك أن لا يعرفك فإن أشقى الناس به معارفه>[5] المغتاب لما بيتكلم يغتابه واحد يعرفه ما يغتاب واحد ما يعرفه.

يقول عن مجالسة المكثار: <فإن من يكثر الكلام يسرق عمرك> عمرك يضيع وياه وهو من سالفة لسالفة ويضيع أوقاتك.

قال: <ومن الورع أن يجتنب من أهل الفساد والتعطيل> واحد فاسد فاسق واحد لا لكن يعطل كثير كله يغيب ينام يغيب يومياً يطلع له حجة ما يحضر الدرس يحب التعطيل.

يقول: <فإن المجاورة مؤثرةٌ لا محالة> عن المرء لا تسأل وسأل عن خليله، لا تمشي واحد كسلان وكسول وكله يعطل يأثر عليك.

<وأن يجلس مستقبل القبلة في حال التكرار والمطالعة> تكرار المطالب والمطالعة المطالب <ويكون مستناً بسنة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ويغتنم دعوة أهل الخير> إذا عالم واحد من أهل الخير من أهل الطاعة دعاه تبادر إلى دعوته نحن نلبي دعوتكم حاضرين.

<ويحترز عن دعوة المظلوم> لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً فالظلم آخره يأتيك بالندم تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم، لذلك لا تكسر قلب أحد لا أحد يشعر بظلامه يدعو عليك تتورط بعد.

<ويطلب الهمة والاستدعاء من الصالحين> يعني يطلب علو الهمة والاستدعاء الهمزة والسين والتاء تدل على الطلب يعني طلب الدعاء من الصالحين.

هذا تمام الكلام في الأمر الثالث والخمسين التزام الورع فعلاً وتركاً.

الرابع والخمسون رعاية الآداب والسن.

إن شاء الله يأتي عليه الكلام.

سامحونا إن شاء الله نراعي وإياكم الآداب والسنن أنتم أحباب الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo