الموضوع: شرح مصطلحات العرفان

الدرس الحادي عشر مصطلحات علم العرفان

المصطلحات التي استخدمها العرفاء كثيرة جدا بل يمكن القول إن من الصعب إحصائها وبعض العرفاء والمتخصصين في ذلك كتبوا كتبا في شرحها من أهمها كتاب اصطلاحات الصوفية لكمال الدين عبد الرزاق القاشاني، هذه المصطلحات من أين جاء بها الصوفية توجد مصادر ثلاثة:

المصدر الأول مصطلحات أستخرجها العرفاء بالتأمل في الآيات والروايات فمثلا من قوله تعالى ﴿فتمثل لها بشرا سويا﴾[1] تمثل قالوا عالم المثال في قوله "عز وجل" ﴿عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا﴾[2] استخدموا مصطلح المقام هذا المصدر الأول التأمل في الآيات والروايات.

المصدر الثاني مصطلحات استخرجها العرفاء بواسطة الكشف والشهود وتأويل الآيات الشريفة.

المصدر الثالث مصطلحات عبارة عن حالات كان السالك إلى الله يعيشها أثناء عملية السير والسلوك، والمصطلحات كثيرة أهمها ما سنذكره.

وحدة الوجود

المصطلح الأول وحدة الوجود وأكثر هذه المصطلحات قد أخذناها في أثناء الدروس العشرة المتقدمة فلا نطيل وحدة الوجود أي وحدة الموجود أي أنه لا يوجد إلا موجود واحد وهو الله "عز وجل" وكلما سوى الله ليس بموجود حقيقة وإنما هي ضلال وتجليات لوجود الله تبارك وتعالى فالإنسان تجلي لقدرة الله "عز وجل"، إذاً لا يؤثر في الوجود إلا الله لأنه لا وجود إلا الله ولا موجود إلا الله "عز وجل" فليس ثمة في الوجود إلا الله فهم يقولون بوحدة الشخصية للوجود في مقابل الوحدة التشكيكية للوجود وأما باقي فهي تجليات ومظاهر للذات الإلهية باختلاف مراتبها وليس في العالم والعوالم كلها إلا موجود واحد وهو الوجود الحق المطلق ويؤكد العرفاء هذا المصطلح الأول وحدة الوجود المصطلح الثاني نتكلم عن التوحيد يؤكد العرفاء على أن للتوحيد ثلاث مراتب

المرتبة الأولى توحيد العامة ويسمى التوحيد الفعلي وتوحيد أهل الشريعة.

المرتبة الثانية توحيد الخاصة ويسمى التوحيد الوصفي وتوحيد أهل الطريقة.

المرتبة الثالثة توحيد خاصة الخاصة ويسمى التوحيد الذاتي وتوحيد أهل الحقيقة.

توحيد العامة

أما المرتبة الأولى التوحيد العامة هو التوحيد الظاهر الجلي لعامة الناس وعامة المسلمين من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله "صلى الله عليه وآله" وبالشهادة بوحدانية الله تحقن الدماء والأموال وتصان الفروج، توحيد العامة على نوعين:

الطائفة الأولى طائفة عامة الناس التي لا تقوم بالاستدلال النظري والعقلي.

الطائفة الثانية التي تعتقد بالتوحيد من خلال الأدلة العقلية والنظرية.

توحيد الخاصة

المرتبة الثانية توحيد الخاصة ويسمى التوحيد الوصفي وتوحيد أهل الطريقة، المرتبة الثانية توحيد الخاصة يكون توحيد بإسقاط الأسباب الظاهرة أي أن السالك من خلال مشاهدة الحق يسقط التعلق بالأسباب الظاهرية فينقطع السالك عن الأسباب والمسببات فلا يرى سببا ولا يرى وسيلة إلا الحق تبارك وتعالى فيسلم الأمر إلى الله بالكلية ويتكل على الله ومن آثار توحيد الخاصة أن يصل السالك إلى مقام التوكل والتسليم والرضا هذا يسمى توحيد إسقاط الأسباب الظاهرة يعني هناك أسباب ظاهرة أن فلان سبب في الرزق أن فلان سبب في الصحة الطبيب فلان سبب في التجارة إلى آخره هذا التوحيد يقوم على إسقاط الأسباب الظاهرة والتوجه إلى مسبب الأسباب (يا مسبب الأسباب من غير سبب سبب لنا سببا لن نستطيع له طلبا)، إذاً المرتبة الأولى توحيد العامة توحيد أهل الشريعة المرتبة الثانية توحيد الخاصة توحيد أهل الطريقة توحيد الوصفي.

توحيد خاصة الخاصة

المرتبة الثالثة توحيد خاصة الخاصة ويسمى التوحيد الذاتي وتوحيد أهل الحقيقة وهذا التوحيد يكون فيه إسقاط الإضافات ففي هذه المرتبة يفنى السالك بربه فيكون هذا التوحيد مبني على الفناء المحض بحيث يكون هناك المحض والطمس والمحق ويعبر من جميع المقامات والمراتب والاعتبارات حتى الوجود وتوابع الوجود ويصل إلى الله "عز وجل" ولا يرى إلا الله وحده ويغيب كل ما سوى الله عنه بالكامل وهذا السالك لا يفنى عن غيره فقط حتى يفنى عن نفسه ويتوجه إلى الله بالكامل يعني يستغرق يكون وجوده مستغرق في مشاهدة الحق تعالى فيسقط جميع الإضافات نفسه وغيره من الخلق يسقطهم هذه الإضافات التي تضاف إلى الله "عز وجل" لا يراها.

عند العرفاء التوحيد الحقيقي الذي ينادون به والذي يحكي عن حقيقة العبودية لله تعالى هو توحيد خاصة الخاصة بإسقاط الإضافات لا بإسقاط الأسباب الظاهرة فقط هذا تمام الكلام في المصطلح الثاني توحيد بمراتبه الثلاثة المصطلح الأول وحدة الوجود المصطلح الثاني التوحيد.

الأعيان الثابتة

المصطلح الثالث الأعيان الثابتة قلنا فيما سبق تارة نتكلم عن الوجود الخارجي والثبوت الخارجي خارج الذهن وتارة نتكلم عن الثبوت العلمي الأعيان الثابتة يراد بالثبوت فيها الثبوت العلمي لا الثبوت الخارجي أي أن هناك صور علمية في علم الله تعالى فإذا قلت الله محي الله مميت فهناك صورة للإحياء والإماتة موجودة في علم الله تعالى فيقال لها الأعيان الثابتة.

هذه الصور من شؤون الله "عز وجل" ومن شؤون العلم الإلهي أنه جبار أنه محي أنه منتقم أنه مميت يعتقد العرفاء أن لله شؤونا باعتبار أنه ﴿كل يوم هو في شأن﴾[3] وأن لله "عز وجل" بحسب تلك الشؤون أسماء وصفات هذه الأسماء والصفات هي أعيان المظاهر في المراتب على اختلافها وهذه الأسماء والصفات موجودة في علم الله "عز وجل" قبل أن تظهر في المراتب فحقيقة هذه الأسماء والصفات تعود إلى علم الله "عز وجل" لذلك أطلق العرفاء الأعيان الثابتة على صور المظاهر يعني صورة ظاهرة الأحياء صورة ظاهرة الإماتة عند وجودها في العلم إذاً المراد بالأعيان الثابتة الصور العلمية للمظاهر والشؤون في العلم الإلهي.

يقول القيصري أعلم أن للأسماء الإلهية صورا معقولة في علمه تعالى لأنه تعالى عالم بذاته لذاته وأسمائه وصفاته وتلك الصور العلمية من حيث أنها عين الذات المتجلية بتعين خاص ونسبة معينة هي المسماة بالأعيان الثابتة هذه الأعيان الثابتة قد تكون صور كلية وقد تكون صور جزئية يعني الصور التي يمكن أن تثبت لله "عز وجل" يطلق الفلاسفة على الصور الكلية عنوان الماهيات والحقائق ويطلق الفلاسفة على الصور الجزئية عنوان الهويات لكن كيف تحصل هذه الأعيان يعتقد العرفاء أن الفيض الإلهي الأول هو الفيض الأقدس والفيض الإلهي الثاني هو الفيض المقدس ما الفرق بين الفيض الأقدس والفيض المقدس؟ الفيض الأقدس هو الذي يفيض الاستعداد والقابلية والفيض المقدس هو الذي يفيض التحقق الخارجي يخرجها إلى الخارج أيهما يفاض أولا الاستعداد أو الفعلية؟ الاستعداد فإفاضة الاستعداد والقابلية يقال له الفيض الأقدس إفاضة الفعلية خارجا يقال له الفيض المقدس هنا نأتي هذه الأعيان الثابتة صور العلمية في علم الله تعالى هذه من الفيض الأقدس أو الفيض المقدس الجواب هي من الفيض الأقدس فهي نتيجة للفيض الأول الفيض الأقدس يعني إفاضة الاستعداد.

ويمكن مراجعة اصطلاحات الصوفية لكمال الدين عبد الرزاق القاشاني لمعرفة تعريفه للأعيان الثابتة يقول صفحة 31 الأعيان الثابتة هي حقائق أعيان الممكنات الثابتة في علم الحق تعالى يعني الصور العلمية الممكن ثبوتها في علم الله تعالى وقال أيضا صفحة 134 العين الثابتة هي حقيقة الشيء في الحضرة العلمية ليست بموجودة بل معدومة ثابتة في علم الله وهي المرتبة الثانية من الوجود الحقيقي، هذا تمام الكلام في المصطلح الثالث الأعيان الثالثة.

العوالم والحضرات

تكلمنا فيما سبق العالم من العلامة فهو كل ما يشار به إلى الله تعالى وبما أنه ما يدل على الله غير متناهي فالعوالم غير متناهية أما الحضرات فهي المراتب الكلية للتجليات ما المراد بالتجلي؟ يقول عبد الرزاق القاشاني في اصطلاحات الصوفية صفحة 155 الباب الثاني والعشرون باب التاء التجلي ما يظهر للقلوب من أنوار الغيوب.

قلنا فيما سبق العوالم خمسة العالم الأول عالم المادة وهو عالم الناسوت العالم الثاني عالم المثال وهو عالم الملكوت العالم الثالث هو عالم المجردات من العقول والنفوس وهو عالم الجبروت العالم الرابع هو عالم الأعيان الثابتة العالم الخامس هو عالم الإنسان الكامل.

وأما الحضرات فهي المراتب الكلية للتجليات وهي مظاهر الحقائق المنسوبة إلى الله تعالى يعتقد القيصري أن الحضرات متناهية وهي خمس يعني مراتب التجليات خمسة وبما أن لكل حضرة عالم لابد وأن تنتهي العوالم أيضا من هذه الناحية فتكون الحضرات خمسة عندنا خمسة عوالم الناسوت الملكوت الجبروت الأعيان الثابتة الإنسان الكامل عندنا أيضا حضرات خمسة

إذاً العوالم خمسة تبعا للحضرات الخمسة وهي:

أول الحضرات حضرة الغيب المطلق وعالمها عالم الأعيان الثابتة ويقابلها حضرة الشهادة، إذاً نحن عالم الغيب وعالم الشهادة نحن الآن في عالم الشهادة في مقابل عالم الغيب الآخرة ونعيمها وجحيمها

الحضرة الثانية حضرة الشهادة المطلقة وعالمها عالم الملك نحن نعيش عالم الملك والملكوت.

الحضرة الثالثة حضرة الغيب المضاف إلى الغيب وعالمها عالم الجبروت

الحضرة الرابعة حضرة الغيب المضاف إلى الشهادة وعالمها عالم المثال لأن عالم المثال برزخ بين الغيب والشهادة.

الحضرة الخامسة هي الحضرة الجامعة وعالمها العالم الإنساني الجامع لجميع العوالم وما فيها عالم الإنسان الكامل.

الاحدية والواحدية

تكلمنا عنها فيما سبق تارة تلحظ الذات مجردة عن الأسماء والصفات فتكون الذات الاحدية وتارة تلحظ الذات بالإضافة إلى الأسماء والصفات وتكون الذات الواحدية فالذات الاحدية لا تقبل الكثرة بخلاف الذات الواحدية فإنها تقبل التكثر تسعة وتسعين اسم من أسماء الله تعالى تقبل التكثر في الأسماء والصفات.

الاحدية عبارة عن الذات الإلهية التي ليست للأسماء ولا الصفات فيها ظهور فهي أسم لصرف الذات صرافة الذات يعني صرف الذات المجردة عن الاعتبارات الحقية والخلقية وهي مرتبة لا يمكن لأحد إدراكها ولا الوصول إليها لأنها تعبر عن كنه الذات ولا يمكن الوصول إلى كنه ذات الله "عز وجل" فإنها ذات لا متناهية وغير محدودة فكيف يدرك الإنسان المحدود والمتناهي الذات الإلهية التي هي ليست متناهية ولا محدودة.

الواحدية عبارة عن الذات الإلهية التي تظهر فيها الأسماء والصفات فهي مرتبة يمكن معرفتها بما تمتلك من صفات وأسماء ظاهرة في المراتب الاحدية فهي اسم لصرافة الذات يعني ذات اله الصرفة المجردة عن الاعتبارات الحقية يعني الاعتبارات الإلهية الله "عز وجل" له اعتبارات حقية من أسماء وصفات وله اعتبارات خلقية كأفعاله أنه رازق أنه منتقم فإدراك الذات بمعزل عن الاعتبارات الحقية والخلقية مستحيل هذا تمام الكلام في المصطلح الخامس.

الشريعة والطريقة والحقيقة

والشهيد مطهري معرفنها بشكل جيد يمكن مراجعتها، يقولون الشريعة أن تعبد الله والطريقة أن تحضره والحقيقة أن تقوم به ويقال أيضا إن الشريعة تصديق أفعال الأنبياء قلبا والعمل بموجبها والطريقة هي تحقيق أفعالهم وأخلاقهم فعلا والقيام بحقوقها والحقيقة هي مشاهدة أحوالهم ذوقا والاتصاف بها والعبارة سلسة وسهلة عندنا المرتبة الأولى أحكام شرعية أول مرتبة من البداية أن يكون السالك متشرعا يعني أن يكون متقيدا بالأحكام الشرعية ومتقيدا بمقتضيات الشرع هذه مرتبة الشريعة

المرتبة الثانية ثم تأتي مرتبة الطريقة هو لكي يتبع الأحكام الشرعية فإنه يتبع طريقة خاصة ومسلكا خاصا هذه مرتبة الطريقة يقولون شيخ الطريقة شيخ المسلك.

المرتبة الثالثة هي الحقيقة فإنه إذا أتبع طريقة معينة ذاق حلاوة هذه الطريقة وعاين وشاهد الأحوال وتذوقها واتصف بها إذاً عندنا شريعة وطريقة وحقيقة، الشريعة أحكام شرعية ينبغي الالتزام بها طريقة يعني مسلك ينبغي السير عليه الحقيقة إذا وصل السالك وذاق حلاوة أثر تلك الطريقة.

الفيض الأقدس والفيض المقدس

تكلمنا الفيض المقدس إفاضة الاستعداد الفيض المقدس الإفاضة الخارجية يعني التحقق الفعلي بالتالي أيهما اسبق الفيض الأقدس أو الفيض المقدس؟ الفيض الأقدس الفيض في اللغة يدل على جريان الشيء بسهولة فيقال فاض الماء يفيض استخدم العلماء الفيض للدلالة على فيضان التجليات المجودات من الله يعني الله يفيض الوجود فيفيض أولا الاستعداد وهذا الفيض الأقدس ثم يفيض الوجود خارجا فيكون الفيض المقدس والله "عز وجل" هو العلة التامة للموجودات وهو خالقها.

والفيض في اصطلاح العرفاء قسمان أقدس ومقدس والأول الفيض الأقدس سابق على الفيض الثاني وهو المقدس بالفيض الأقدس يفيض الله الاستعدادات والقابليات للأشياء وبالفيض المقدس يعطي ما يترتب على هذه الاستعدادات كما يقول القيصري فإن الفيض الأقدس يعطي الاستعداد للعين والفيض المقدس يعطي ما يترتب على الاستعداد يعني خارجا الفيض المقدس هو تجلي الذات الإلهية الأحدية لنفسها وما يستتبع هذا التجلي من ظهور استعدادات الأشياء ولكن في الحضرة الإلهية أما الفيض المقدس فهو تجلي الذات الإلهية الواحدة ولكن ليس لنفسها بل في صور الموجودات الخارجية يعني في عالم الشهادة.

ولكن على نحو ما هي عليه في ثبوتها في الحضرة الإلهية يقول القيصري الفيض الأقدس وهو عبارة عن التجلي الحبي الذاتي الموجب لوجوب الأشياء واستعداداتها للحضرة العلمية عند الله "عز وجل" الحضرة العلمية هي الحضرة الغيبية الإلهية ثم الحضرة العينية هي عالم الشهادة والحضرة الخارجية كما قال (كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف) والفيض المقدس عبارة عن التجليات الاسمائية الموجبة لظهور ما يقتضيه استعدادات تلك الأعيان في الخارج فالفيض المقدس مترتب على الفيض الأقدس لأن الفيض الأقدس يفيض الاستعداد خلاف الفيض المقدس يفيض الوجود خارجا.

هذا تمام الكلام في هذه الاصطلاحات.

قوس الصعود قوس النزول

هناك اصطلاحات أخرى قوس الصعود قوس النزول قوس الصعود يعني حركة السالك من الأسفل إلى الأعلى إلى الله "عز وجل" قوس الصعود يعني الحركة من الأعلى إلى الأسفل بما يفيضه الله على عباده.

للمطالعة

ابن تركه

بقيت ترجمة ابن تركة ابن سينا في الدرس السابق قرأنا ترجمة الإمام الخميني موجودة في نهاية هذا الدرس للمطالعة صفحة 139 قراناها في الدرس السابق ونسينا ترجمة الدرس العاشر وهي ترجمة أبن تركة صفحة 127.

طبعا ابن تركة كتابه تمهيد القواعد هو أول كتاب يدرس في العرفان أول كتاب يدرس تمهيد القواعد يعني تمهيد قواعد التوحيد ثم يدرس كتاب شرح فصوص الحكم وهو شرح القيصري على خصوص حكم ابن العربي ثم يدرس كتاب مصباح الأنس مصباح الأنس هو شرح الفناري على كتاب مفتاح الغيب ومفتاح الغيب كتاب لقونوي وقونوي هو ابن زوجة ابن العربي في هذه الدورة يلم بمطالب ابن تركة في تمهيد القواعد ومطالب القيصري في شرح الخصوص ومطالب أبن العربي في فصوص الحكم ومطالب الفناري في مصباح الأنس ومطالب قونوي في مفتاح الغيب هذه خمسة كتب وخمسة شخصيات عرفانية كبيرة.

تكمن قوة ابن تركة في أنه استطاع التوفيق بين ثلاث مدارس وهي المدرسة الفلسفة المشائية بزعامة الشيخ الرئيس أبي علي بن سينا والمدرس الاشراقية بزعامة شيخ الإشراق السهروردي والمدرسة العرفانية بزعامة ابن العربي فابن تركة استطاع التوفيق بين هذه النظريات الثلاث والآراء الثلاثة والمذاهب الثلاثة وهذا ما عمله صدر المتألهين صدر المتألهين في حكمته المتعالية وفق بين أربعة أشياء فلسفة المشاء وفلسفة الإشراق والعرفان النظري وعلم الكلام ابن تركة هنا لم اذكر علم الكلام علم الكلام نقلي ولكن العرفان قلبي والفلسفة عقلي فتعتبر كتب ابن تركة من أهم الكتب التي استطاعت التوفيق بين المدرسة المشائية والاشراقية والعرفانية فهو قد وفق في التأليف بينها قبل كتب صدر المتألهين صدر المتألهين جاء بعد ذلك.

صائن الدين ابن تركة هو صائن الدين علي بن تركة الأصفهاني حكيم وعارف وشاعر وأديب ولد في أصفهان عام 770 جده أبو حامد صدر الدين تركة الأصفهاني من أشهر عرفاء ذلك الزمان درس العلوم الدينية عند أخيه الأكبر ودرس العلوم العقلية عند أساتذة ذلك الزمان وتبحر في الجفر والإعداد عندما احتل تيمور أصفهان غادر مع أخيه إلى سمرقند ومن هناك قصد الحج وعاد إلى مصر والشام حيث تعرف خلال أسفاره على مشايخ العرفاء والصوفية عاد إلى أصفهان عام 807 بعد وفاة تيمور وسافر من أصفهان إلى شيراز واشتغل بالتبليغ والتدريس توفي سنة 830 بعد تعرضه للسجن والتعذيب تتلمذ في العرفان على أيدي أساتذة من أبرزهم شمس الدين الفناري هذا من كتابه مصباح الأنس من أعمق الكتب العرفانية مؤلف مصباح الأنس تبرز أهمية صائن الدين بما يمثله من حلقة اتصال فكرية بين ابن سينا والسهروردي وابن العربي لان ابن سينا مدرسة مشائية يركز على العقل فقط السهروردي يركز على اشراقات الروح وابن العربي يركز على الكشوفات القلبية والروحانية.

صائن الدين بن تركة له العديد من الكتابات باللغتين العربية والفارسية من أبرزها تمهيد القواعد المناهج في المنطق الأربعينية شرح فصوص الحكم كتاب أسرار الصلاة رسالة ضوء اللمعة المصدور الأطوار الثلاثة وغيرها هذا تمام الكلام في الدرس الحادي والأخير من كتاب مبادئ علم العرفان وبه مسك الختام في هذا الكتاب الذي هو بمثابة المقدمة والتمهيد لمن أراد أن يدرس العرفان أو لمن أراد أن يطلع وله ثقافة عن معنى علم العرفان وما يدرس في علم العرفان من مباحث، ننهي هذا البحث وهذا الكتاب اليوم الاثنين 28 محرم الحرام لعام 1440 هجرية الموافق 8 أكتوبر 2018 ميلادية المصادف 16 مهر شهر 7 لسنة 1397 هجرية شمسية أسألكم الدعاء كثيرا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.