< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفلسفة

41/10/04

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الوجود والماهية

 

الدرس الثالث الوجود والماهية[1] ويتطرق فيه المصنف إلى أمور مهمة

الأول بداهة مفهوم الوجود

الثاني مفهوم الماهية

الثالث إصالة الوجود واعتبارية الماهية

الرابع تشكك الوجود وتعدد الماهية

هذا المبحث بحث أساسي في بداية الفلسفة يعني الإساس التي تقوم عليه الفلسفة فالفلسفة المشائية وفلسفة الحكمة المتعالية تقومان على أصالة الوجود فمبنى شيخ الرئيس إبن سينا ومبنى ملا صدرا الشيخ محمد ابراهيم صدر المتألهين في حكمة المتعالية يقوم على أساس أصالة الوجود بخلاف حكمة الأشراف فإن شيخ الإشراق شهاب الدين الشهروردي تقوم فلسفة المشائية على أساس أصالة الماهية ملاصدرا صدر المتألهين هو تلميذ الميرداماد والميرداماد كان يبني على أصالة الماهية ومن هنا ذهب صدر المتألهين في أوائل حياته العلمية إلى أصالة الماهية ثم عدل عن القول بأصالة الماهية وقال بإصالة الوجود وأسس فلسفته وهي الفلسلفة الحكمة المتعالية على أساس أصالة الماهية فما هو معنى الوجود والماهية أولاً وما هو معنى أصالة الوجود أو الماهية ثانياً وهل يتعدد الوجود أو الماهية ثالثاً هذه أبحاث ثلاثة لابد من بحثها تباعاً.

المبحث الأول: بداهة مفهوم الوجود

حاول بعضهم أن يعرف الوجود مع ان الوجود من المفاهيم البدهية وتوضيح الواضحات من أصعب المشكلات فيكون تعريفها من باب شرح الأسم أي استبدال أسم مكان أسم فتقول مالغنضفر فيقال أسد مالإسامة فيقال أسد هنا أنت لم تعرف حقيقة الأسد وأنما جئيت بالفاظ مترادفة فإن لفظ الأسد والغنضفر وأسامة يوجد بينها ترادف لفظي وهكذا تقول مالبشر فيقال انسان فهنا أنت لم تعرف البشر وإنما استبدل لفظة مكان لفظة لإن لفظة بشر أو لفظة غنضفر لم تكن واضحة لدى السامع فجئت بلفظة مكان لفظة فهنا نقول فمن هنا نقول أن من أبده المفاهيم مفهوم الوجود أن يفهم الإنسان أنه موجود وأن الحجر موجود والكون موجود والسماء موجودة والأرض موجودة إذن ما ورد في تفسير الوجود من أنه الثابت العين أو الذي يمكن أن يخبر عنه هذه تعريفات لفظية يعني عبارة عن أستبدال لفظة مكان لفظة والفائدة من أستبدال لفظة مكان لفظة تنبيه الذهن عن ما غفل عن أن تنبيه الذهن إلى ما جهله أو ما يعرفه وليس بمعنى أنها جائت بتعريف أوضح من المعرف لإنه لا يوجد شيء أجلى وأوضح من الوجود ومن هنا قال ديكارت أبتدءا فلسفة هكذا أن أفكر إذن أنا موجود يعني أولاً أثبت وجود الفكر وأنتقل إلى أثبات وجود الفكر إلى إثبات وجود النفس الإنسانية لإن من أبده البديهات مفهوم الوجود هذا تمام الكلام في بيان مفهوم الوجود وأتضح أن مفهوم الوجود أجلى مفهوم وهو مفهوم بديهي لا يحتاج إلى توضيح وبما أن بديهي وضروري فإنه توضيح الواضحات من أصعب المشكلات وما ذكر في تعريفيه فإنما هو من باب شرح الإسم هذا تمام الكلام في بيان المفردة الأولى الوجود.

النقطة الثانية بيان المفردة الثانية وهي مصطلح الماهية لفظ الماهية مصدر الصناعي ومصدر الصناعي في علم الصرف في اللغة هو المصدر الذي ينتهي بياء مشددة وتاء مربوطة فلفظ ما هو أضيفت إليه الياء المشددة والتاء المربوطة ثقيل ماهية وإلا هو أصل ما هو ما هي ثم أضيفت ياء ماهية وأضيفت ياء فتشددت الياء ثم أَضيفت التاء المربوطة فأصبحت ماهية والمراد بالماهية ما يقال في جواب ما هو ما هو الإنسان حيوان ناطق، ما هو الأسد حيوان زائر، ما هو الكلب حيوان عاوي، ما هو الحمار حيوان ناهق، ما هو الحصان حيوان صاهل هذا التعريف من جنس وهو حيوان وفصل ناطق ناهق ناعق عاوي هذا التعريف من جنس ومن فصل يقال له ماهية ومن الواضح أن موقع موجود الماهية هي ذهن الإنسان للخارج فإن مفهوم الحيوان موجود في الذهن وفي الخارج مصداق الحيوان ومفهوم الناطق والناعق والناهق والعاوي موجود في ذهن الأنسان للخارج إذن الماهية من سنخ المفاهيم الذهنية الموجودة في ذهن الإنسان للخارج وبالتالي نقول هكذا لو أشرت إلى جبل أبي قبيس وهو مجاور لبيت الله الحرام قرب الصفى والمروى آلان عليه قصر ما هذا جبل أبي قبيس، جبل أبي قبيس موجود إذن وقعت الماهية في رتبة الموضوع ووقع الوجود في رتبة المحمول فهكذا تقول الحيوان الناطق هذا موضوع موجود هذا محمول الحيوان الناهق موجود هذا محمول الحيوان العاوي هذا موضوع موجود هذا محمود إذن تألفت لدينا قضية حملية مؤلفة من موضوع ومحمول مبتدأ وخبر المبتدأ وهو الموضوع يشكل الماهية الخبر الذي هو المحمول يشكل الوجود إذن حيوان ناطق موجود الإنسان موجوداً إذن وردا إلى الذهن يردا متبانيين قاعدة كلية الذهن ترد إليه المفاهيم بشكل متباين دائماً المفاهيم الذهنية ترد إلى الذهن بشكل متباين الإنسان ما له الإنسانية والبشر ما له البشرية الأسد ما له الأسدية والغضنفر ما له الغضنفرية التساوي يكون في الخارج في الخارج غضنفر يساوي أسد أنسان يساوي بشر دائماً ترد المفاهيم إلى الذهن بشكل متباين ولكن بلحاظ الخارج تحقق النسب الأربع يعني بلحاظ المصاديق الخارجية أما يوجد تساوي كالأنسان والبشر أما يوجد تباين كالأنسان والحجر أما يوجد عموم وخصوص من الوجه كالأنسان والأبيض أما يوجد عموم وخصوص مطلق كالإنسان والحيوان فالنسب الأربع وهي التساوي والتباين والعموم والخصوص من وجه والعموم والخصوص المطلق هي نسب للمفاهيم لكن لا بما هي مفاهيم ذهنية محظة بل بما هي مفاهيم تنطبق على مصاديق في الخارج وإلا فالمفاهيم الذهنية بما هي ذهنية محضة بينها تباين فلا فرق بين الإنسان والحجر والبشر والمدار كلها متباية في ذهن الإنسان إلى هنا أتضحت النقطة الأولى وهي أن مفهوم الوجود بديهي وأتضحت النقطة الثانية وهي أن الماهية ما يقال في جواب ما هو نقرا هاذان النقطتان نطبق العبارة ثم نقرر النقطة الثالثة أصالة الوجود واعتبارية الماهية بداية مفهوم الوجود.

تطبيق المتن

تقدم في الدرس الثاني أن موضوع الفلسفة هو الموجود بما هو موجود والموجود هو الشيء الذي ثبت له الوجود سواء كان ذلك الشي نفس الوجود يعني كان الوجود قائماً بنفسه أو شيئا آخر متصفاً به يعني بالوجود يعني ماهية ثبت لها الوجود هذا أشارة إلى مطلب مهم يقولون الأشياء مؤلفة كل الممكنات مؤلفة من وجود وماهية والماهية هي حد الوجود قيد الوجود يعني يوجد وجود مطلق تقيدة أنه حيوان ناطق أنه هذا الوجود حيوان ناهق ان هذا الوجود حيوان عاوي فيصير الحيوان العاوي قيد وحد للوجود ولكن الله عزوجل ليس له ماهية هو وجود مطلق غير مقيد أذا قلت هو وجود مقيد يعني يحتاج إلى ماهية والله غني ليس بمحتاج لذلك يقولون واجب الوجود ماهية أنيته والمراد بالأنية نفس الوجود يعني واجب الموجود ماهية عين وجودة لذلك أشار في المطلب الأول واجب الوجود ماهية أنيته يعني نفس وجودة وأحياناً ماهية يثبت له الوجود حيوان ناطق يثبت له الوجود حيوان ناهق يثبت له الوجود هذا الحيوان الناهق حد وقيد للوجود لاحظ العبارة بدقة يقول والموجود هو الشيء الذي ثبت له الوجود سواءاً كان ذلك الشيء وهو الله واجب والوجود ماهية أنيته هو وجود مطلق غير مقيد ومحدد بما هية سواءاً كان ذلك الشيء نفس الوجود يعني الوجود المطلق وهو واجب الوجود الله عزوجل أو كان ذلك الشيء شيئا آخرا يعني ماهية متصفاً بالوجود يعني متصفاً بالوجود وهذا في سائر الممكنات ماهية يثبت له الوجود مثل الأنسان ثبت لها الوجود يعني ماهية الحيوان ناطق ثبت لها الوجود

وأما الوجود الآن نتكلم في معنى الوجود وأما الوجود فمفهومه بديهي ضروري يعني يضطر العقل الأذعان به مستغني عن التعريف وما قد يقال في تعريفه الوجود أنه الثابت العين أو الذي يمكن أن يخبر عنه الذي يمكن يخبرعنه هذا تعريف للازم ليس ببيان حقيقة الوجود فهي تعاريف لفظية.

الحاشية: التعريف اللفظي ليس تعريف حيقيقة يعني لا يبين وكنهة الشيء تبين حقيقة الشيء ببيان الجنس والفصل القرينين لإن المعنى الدال عليه اللفظ واضح ولم يؤدي اللفظ المعرف من دور سواء دور الإيضاح لفظ آخر استعمل في ذلك المعنى كما لو قبل الغنضفر ما هو فيقال الأسد الإسامة ما هو الأسد فمعنى الأسد لا يحتاج السامع إلى تعريفة لإن بديهي واضح عنده بل يحتاج السامع إلى معرفة لفظ الغضنفر ألذي دلّ على لفظ الأسد فالتعريف اللفظي تبديل لفظ مكان لفظ آخر. جيد المتن فهي تعاريف لفظية تستخدم للتنبيه والإشارة إلى ما في الذهن من المفهوم البديهي وليست بتعاريف حقيقة تكشف عن كنه الذات والشيء إذ ليست بأعرف من الوجود بل لا شيء أجلى من الوجود.

معنى الماهية النقطة الثانية: وأما الماهية فقد قيل في تعريفها بإنها الواقعة في جواب ما هي أو ما هو مصدر صناعي ماهية فإذا قلت ما هو زيد وجائك الجواب بأنه أنسان أو قلت ما هو الأنسان وجائك الجواب بأنه انسان ناطق كان الجواب على هذا السؤال بذاته ماهية الإنسان وبعبارة أخرى إن الماهية بيان لحقيقة الشيء وذاته التي تميزة عن ما سواه وأنت حين تواجه موجوداً ما كجبل أبي قبيس موجود معين فتقول جبل أبي قبيس موجود فقد أشرت بالموضوع جبل أبي قبيس إلى ماهية الشيء الذي واجهته كما أنك أشرت بالمحمول موجودا إلى وجوده شيء وبالموضوع جبل أبي قبيس إلى الماهية وهكذا بقية الأِشياء التي تواجهنا الأنسان موجود، البشر موجود، الزرافة موجود فإن لها ماهية ثمثل الموضوع كما أن لها وجوداً يمثل المحمول.

النقطة الثالثة

أصالة الوجود وأعتبارية الماهية

قال ملا هادي السبزواري رحمة الله أن الوجود عندنا أصيل دليل من خالفنا عليل الملا هادي أبن المهدي السبزواري فقيه عالم فيلسوف كتب منظومة في المنطقة ومنظومة في الفلسفة أرجوزة نظم نظماً في المنطق والفلسفة وكانت فلسفة على الحكمة المتعالية للصدر المتألهين أن الوجود عندنا في فلسفة الحكمة المتعالية أًصيل دليل من خالفنا عليل

مالمراد بالإصالة المرادة بالأصالة منشأ ترتب الأثر مثال الأنسان يأكل ويشرب وينام ويدرس وبنام ويسافر من يقوم بمثل هذه الأمور هل هي وجود أو ماهية الأنسان حينما يأكل الذي يأكل وجود الإنسان أو الحيوانية الناطقية للإنسان أذا ينام الإنسان الذي ينام وجود الإنسان أو الحيوانية الناطقية للإنسان أّذا يسافر أّذا يدرس أذا يعمل الذي يعمل وجود الإنسان أو الحيوانية الناطقية للغنسان الجواب هذه الآثار الخارجية هي عبارة عن آثار وجود الشيء ففتراس الأسد أثر لوجود الأسد وقتل القاتل الحربي أثر لنفس القاتل الحربي ودراسة وعمل الأنسان أثر لوجود الإنسان وأما الماهية وهي الحيوانية الناطقية هذه مفهوم ذهني يعرض ويطرح على وجود الإنسان

من هنا يقول الملا هادي السبزواري أن الوجود عارض ما هي تصور واتحدنا هوية أن الوجود عارض مهية أن الوجود يعرض على الماهية يعني ماذا أن الوجود يعرض على الماهية يعني مفهوم الوجود مغاير لمفهوم الماهية ففي عالم التصور الذهني يوجد مفهومان مفهوم الوجود ومفهوم الماهية ولكن في عالم الصدق الخارجي لا يوجد مصداقان يعني في الخارج هل يصح أن تقول هذا زيد مصداق للوجود ومصداق للماهية يعني يوجد مصداقان مصداق للماهية زيد الأول ومصداق في الوجود الزيد الثاني في الخارج يوجد فقط زيد واحد ففي الخارج مصداق الوجود هو نفس مصداق الماهية يعني في عالم الهوية الحقيقية أي المصداق الخارجي يوجد عندنا مصداق واحد ولكن في عالم المفاهيم توجد عندنا أثنيية

سؤال فلو سئلك سائل سؤال هل يوجد اتحاد أو تباين بين الوجود والماهية الجواب نسئل منكم هل السؤال عن عالم الذهن أو عالم الخارج، عالم الذهن توجد أثنينة ومغايرة لإن مفهوم الوجود في الذهن مغاير لمفهوم الماهية في الذهن ولكن في عالم الخارج الوجود يعرض على الماهية يتحدا سوية فتكون هوية واحدة هذا زيد هذا وجود هذا زيد هذا حيوان ناطق وآثار زيد تبعاً لوجود من أكلة وشرية وتدريسة وتعلمه وعملة وليس من آُثار الماهية

من هنا يقولون الوجود الأصيل يعني هو منشأ وجود الآثر والماهية اعتبارية وليست أصلية فمن هنا ذهبت مدرسة المشائين يعني كمدرسية كشيخ الرئيس أبو علي سينا ومدرسة الحكمة المتعالية للصدر المتألهين إلى أصالة الوجود واعتبارية الماهية في مقابل فلسفة الأشراق شيخ الأشراق السهره وردي قال أن الإشراق هي الأصيلة والوجود هو الأعتباري فقالوا هكذا نظماً على لسانهم أن الأصيل عندنا ماهية دليل من خالفنا واهية

المصنف يضرب مثال يقول هكذا في المثال لو أردنا أن نلون صفحة بيضاء هي صفحة بيضاء جئنا بلون أخضر هذا اللون الأخضر لؤنا الصفحة البيضاء رسمنا شكل مربع أو مثلث أو مستطيل أو متوازي المتسطيلات الجواب هنا عندنا مادة وعندنا صورة عندنا مادة وهو اللون الأخصر وعندنا شكل وصورة شكل الدائرة شكل المربع المستطيل، متوازي المستطيلات، مثلث، نجمة،

سؤال هل هناك وجود لهذا الشكل الجواب لا يوجد وجود لهذا الشكل الشكل الدائرة أو المربع عبارة أن انتهاء والألتقاء حد اللون الأخضر مع حد اللون الأبيض أذن منشأ الأثر وجود اللون الأخضر وليس منشأ الأثر شكل الدائرة أو شكل المربع أو شكل المستطيل أو شكل متوازي المستطيلات أو شكل المثلث أو شكل النجمة فمنشأ الأثر اللون الأخضر، اللون الأحمر، اللون الأبيض يعني وجود اللون الأبيض وجود اللون الأخضر، وجود اللون الأحمر. هذا تمام الكلام في النقطة الثالثة أصالة الوجود واعتبارية الماهية.

النقطة الرابعة والاخيرة تشكك الوجود وتعدد الماهية

سؤال: الماهيات واحدة أو متعددة الجواب من الواضح أنها متعددة حيوان ناطق مغاير ناهق وحيوان ناهق مغاير لحيوان عاوي وحيوان عاوي مغاير لحيوان زائر وهكذا.

سؤال آخر هل الوجود متعدد أو واحد مثلاً الله موجود وأنت موجود هل معنى وجود الله مثل معنى وجودك أو لا هل معنى وجودك مثل وجود الأرض أو لا هذا؟

السؤال قد يحير الكثيرين أن قلت معنى الوجود واحد أستغفرالله يعني أنت تشرك بربك اذا قلت متعدد لا بالبداهة معنى الوجود واحد بديهي

الجواب: يوجد اشتراك لفظي ويوجد أشتراك معنوي الأشتراك اللفظي اللفظ الذي له معاني متعدد مثل لفظ العين الذي له سبعين معنى فلفظ العين يطلق على العين الباصرة والعين الجارية والركبة وذات الشيء والذهب والفضة والجاسوس كلها يطلق عليها عين ففي الأشتراك اللفظي يكون اللفظ واحداً والمعنى متعدداً وأما في الاشتراك المعنوي يكون اللفظ واحداً والمعنى أيضا واحداً لكن المصاديق متفاوتة مثل ماذا؟ مثل النور مفهوم النور واحد أو متعدد لفظ النور واحد ومعنى النور واحد ولكن مصاديق النور متفاوتة فنور الشمعة أضعف من نور المصباح ونور المصباح أضعف من نور الشمس أذن مفهوم النور ولكن مفهوم مشكك والمشكك في مقابل المتواطئ المفهوم المتواطئ هو المفهوم الذي ينقسم على مصاديقه بالتساوي والتواطئ مثل مفهوم الإنسان يصدق علي وعليك وعلى فلان وعلى علان بالتساوي من دون تفاوت هذا مفهوم متواطئ وهناك مفهوم مشكك مثل مفهوم النور ينطبق على الشعلة وينطبق على النار وينطبق الشمعة وينطبق على الشمس بالتفاوت كذلك مفهوم الوجود معنى الوجود واحد معنى وجود الله ووجود الإنسان ووجود الكون واحد لكن يوجد تفاوت في مصاديق الوجود فوجود الله لا يقاس به الوجود أرقى وجود ولا تصل إليه العقول بخلاف وجود الممكن ولا يقياس وجود الممكن بوجود الواجب لكن معنى مفهوم الوجود واحد لكن هذا مفهوم الوجود الواحد ينطبق على مصاديقة بالتفاوت النتيجة النهائية النطقة الرابعة الوجود مفهوم واحد لكنه مشكك أي ينطبق على مصاديقه بالتفاوت بخلاف الماهية فأن مفاهيمها متعددة فإن مفهوم واحد لكن مصاديق متعددة واضح أن شاء الله.

تطبيق المتن

نقرءأ هذا المقادر أصالة الوجود وأعتبارية الماهية

وبما تقدم يظهر أن الماهية تختلف عن الوجود مفهوماً يعني الماهية ما يقال في جواب ما هي بين الوجود مفهوم بديهي أي أن ما يفهم من معنى الوجود غير ما يفهم من معنى الماهية لذلك ماذا يقول أن الوجود أن الوجود عارض المهية تصوراً يعني تصور الوجود غير تصور الماهية أن الوجود عارض المهية تصوراً واتحداً هوية يعني أتحدا في الهوية والمصداق واختفلا في التصور والمفاهيم الذهنية فكل منهما يختلف عن الآخر في الذهن وأما في الخارج أي خارج حدود الذهن فلا يوجد اختلاف فهما متحدان في شيء خارجي واحد فنستطيع أن نشير إلى زيد الخارج بالقول هذا انسان وموجود هذا إنسان ماهية موجود وجوداً

ولنا أن نسأل عن الشيء المتحقق في الخارج والذي سميناه زيداً هل هو مصداق لمفهوم الوجود أو أنه مصداق لمفهوم الماهية وبعبارة أخرى هل أن الوجود أصيل في الخارج يعني منشأ الآثر في الخارج آثار الإنسان وأفعالة يعني الكلام، الفعل من آثار الوجود أو الماهية هل أن الوجود أصيل في الخارج أم الماهية فلو كان لكل منهما مصداق لكان في الخارج مصداقان أثنان لا مصداق واحد وبما ان الواقع الخارجي لا يوجد فيه إلا مصداق واحد فلابد أن يكون هذا المصداق لأحدهما دون الآخر وهو يعني الوجود دون الماهية وأن انطبقا عليه يعني الوجود والماهية إلا أن أحدهما وهو الوجود واقعي أصيل والآخر اعتباري وهو الماهية أي أن المصداق الخارجي المتمثل بزيد يكون لأحدهما بالذات وهو الوجود ومصداق للآخر بالعرض وهو الماهية وبعبارة أخرى أنه الإنسان مصداق للوجود دون الماهية وإليك مثالاً يوضح المراد لو كان لديك ورقة بيضاء وشرعت بتلوين مساحة منها بلون الأخضر فأن حاصل هذا التلوين سوف يكون شكلاً معيناً دائرة، مثلث نجمة، مربع، مستطيل، ولنفرضة شكل مربعاً فانك وبعد النظر إلى ذلك سينعكس في ذهنك مفهومان أحدهما اللون الأخضر يعني وجود اللون الأخضر والآخر عبارة عن الشكل المربع يعني الصورة والشكل الذي يعد حداً للون الأخضر يعني هو شكل وليس هو وليس مادة ووجود فمفهوم اللون له مصداق حقيقي وهو وجود اللون الذي ارتسم على اللوحة وأما مفهوم الشكل المربع فليس له مصداق حقيقي في الخارج نعم اللون الأخضر حيث ينتهي عند حدود خاصة فلابد وأن يكون له شكل معين وقد أتخذ هنا شكلاً مربعاً وهو ليس إلا حداً فاصلاً يفصل وجود اللون يفصل وجود اللون الأخضر عن الأبيض للوحة وأما الشكل المربع فلا عينية له في الخارج بمعنى أنه لا يوجد في الخارج إلا اللون الأخضر لإن الحد نهاية الشيء التي تميزه عن غيره ونهاية الشيء لا تمثل شيئا يعني لا تمثل وجوده وأما الشكل فلا مصداق له يمثله يعني لا وجود له لا يعبرعن وجوداً بل أن الذهن قد انتزعه من الوجود الخارجي للون الأخضر

وهكذا يتضح حال الوجود والماهية فإن الواقع الخارجي للأشياء ليس سوا مصاديق لمفهوم الوجود إلا أن ذهن الإنسان يرسم لهذا الوجود حداً يمزه عن غيره من المصاديق العينية الخارجية التي تشترك معه في الوجود فالإنسان مثلاً من أجل تشخيصه عن غيرة من المصاديق الخارجية التي تشترك معه في الحيوانية يوضع له حد مائز يميزه عنها وذلك المائز هو كونه ناطقاً يريد أن يقول أن الماهية هو حد الوجود هي المائز الوجود يعني عندنا وجود هذا الوجود يقيد بالماهية وجود هو حيوان ناطق وجودٌ هو حيوان ناهق بخلاف الله عزوجل وجود مطلق لا يقيد بمائز وماهية ولا يقيد بحدٍ فهو وجود مطلق ماهية أنيته أي ماهية عين وجوده وذلك المائز هو كونه ناطقاً فيقال بأنه حيوان ناطق أي أن هذا الإنسان يمتاز عن غيره من الحيوانات بإن له قدرة على التفكير وإدراك الكليات

حصيلة ما تقدم هي أن العينية الخارجية ليس فيها سوى الوجود يعني في الخارج لا يوجد إلا الوجود اليمشي في الخارج الوجود وليس الماهيات، الماهيات مفاهيم ذهنية ولا سهم للماهية فيه يعني للأعيان الخارجية سوى أنها الماهية تنطبق عليه يعني تنطبق على الوجود الخارجي وينسب اليها اعتباراً يعني وينسب الوجود الخارجي اعتباراً إليها إلى الماهية اعتباراً وهو ما يعبر عنه بإصالة الوجود وأعتبارية الماهية

وإلى ما تقدم أشار المرحوم الملا هادي السبزواري في منظومة الفلسفية

إن الوجود عندنا أصيل // دليل من خالفنا عليل

الملا هادي السبزواري ولد سنة 1212 هجرية توفي 1298 هجرية وهو شيخ هادي إبن مهدي السبزواري حكيم وفيلسوف عارف وفقيه ورع شاعر بالعربية والفارسية له كتب كثيرة عده تسعه عشرين كتاباً منها الكتاب المعروف المنظومة الذي تناول فيه بيان الفلسفة وأدلتنا وردودها بأسلوب شعري بارز وجميل.

وعلى خلاف هذا الرأي ذهب آخرون إلى أصالة الماهية واعبتارية الوجود أنشأ لهم

أن الأًصيل عندنا ماهية // دليل من خالفنا واهية

ولا نجد لزاماً بعد توضيح الفرق بين الماهية والوجود لذكر الأدلة على أصالة الوجود، والأدلة على أصالة الماهية، الأدلة أصالة الوجود واعتبارية الماهية ومن هنا ذهب البعض إلى بداهة المسألة وعدم الحاجة إلى أقامة البرهان عليها من أجل مزيد توضيح راجع الكتب المفصلة بداية الحكمة ونهاية الحكمة للعلامة طباطبائي حيث استعرض فيهما آراء الفريقين القائلين بإصالة الوجود والقائلين بإصالة الماهية وأدلتهما وردودهما.

وإذا أتضح ما تقدم يظهر بجلاء أن الذي تحقق خارج حدود الذهن ليس إلا الوجود يعني الي له أثر هو الوجود وأما الماهية فلا تحقق خارجي لها لذلك. وبعبارة أخرى أن منشأ الآثار للإنسان مثلا هو الوجود لا الماهية فالإنسان حينما يأكل ويشرب ويتحرك وإنما يقوم بكل ذلك بوجوده الخارجي لا بماهيته.

تجدر الإشارة إلى أن الفلاسفة المشائين ذهبوا إلى أصالة الوجود واعتبارية الماهية وفي طليعتهم أبو علي أبن سينا وقد تبلور رأيهم وتعززت أركانه بقوة في عهد الملا صدرا حيث أقام عليه على أصالة الوجود حجج الساطعة وبراهينه القاطعة بعد أن كان يرى أصالة الماهية تبعاً لإستاده الميرداماد ثم عبث لإصالة الوجود وعلى خلافهم المشائين ذهب الإشراقيون إلى القول بإصالة الماهية واعتبارية الوجود وكان في طليعة هؤلاء شيخ الإشراق شهاب الدين السهروردي

تشكك الوجود وتعدد الماهية

أن أحدى الفروق التي يمكن الوقوف عليها في مجال تمييز الماهية عن الوجود هي أن الماهية تختلف وتعدد باختلاف الأِشياء فماهية الإنسان تختلف عن ماهية الشجر و هما يختلفان عن ماهية الحجر وهكذا بينما الوجود في كل الأِشياء واحدة مهما تكاثرت وتعددت يعني معناه ومفهومه واحداٌ إلا أنه قد يختلف هذا الوجود شدة وضعفاً من موجود إلى آخر يعني مفهوم مشكك وليس بتمواطئ فنور الشمعة أضعف من نور المصباح ونور المصباح أضعف من نور الشمس وهكذا فإن الوجود يبدأ بأضعف موجود وينتهي بأكمل موجود وهو الله جل أسمه وعلا مكانه إلا أن الوجود واحد

وبما أسلفنا يظهر أن الماهية تحدد حقائق الأشياء وتميز بعضها عن البعض الآخر بعد اتحادها في الوجود فلولا الماهية لم يتحقق التحديد والتشخيص في الموجودات ولم تتضح حقائقها الماهية حد الوجود مائز الوجود ومن أجل معرفة الفارق بين الوجود والماهية تصور أن الوجود عجينة وضعناها في قوالب مختلفة فأنها تتشخص بحسب القوالب التي صبت فيها فتكون أسطوانية أو مكعبة أو مخروطية فالعجينة بمثابة الوجود المتحد في الجميع والقوالب بماثبة الماهيات المختلفة فيما بينها بحسب الأختلافها مواردها ومشخصتها وهي حد الطين مائز الطين هذا تمام الكلام في الدرس الثالث.

الدرس الرابع تقسيمات الوجود إلى وجود ذهني وخارجي يأتي عليه الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo