< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفلسفة

41/10/18

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدور والتسلسل - الثابت والمتغير

 

الدرس الثالث عشر

الدور والتسلسل [1]

 

توضيح الدرس

الدور

الدور في اللغة هو عبارة عن حركة الشيء من نقطة بطريقة منحنية دائرية بحيث ينتهي إلى النقطة التي بدء منها فتتصل حلقات ونقاط الدائرة فيقال حركة دائرية يقولون دار حول الدوار

واما في الاصطلاح فالمراد بالدور توقف الشيء على نفسه كما لو أراد شخص أن يسافر وقال أنا أسافر إذا سافر فلان وحينما سئل فلان قال أنا أسافر إذا سافر فلتان الذي قال هذه المقولة فصار سفر فلان متوقف على سفر فلتان وسفر فلتان متوقف على سفر فلان اذن يتوقف سفر فلان على سفر فلان الف يتوقف على باء وباء يتوقف على ألف اذن ألف ستوقف على ألف وباء يتوقف على باء توقيع الموظف الأول يتوقف على توقيع الموظف الثاني وتوقيع الموظف الثاني يتوقف على توقيع الموظف الاول فهذا في الواقع عبارة عن ماذا؟ توقف توقيع الأول على الأول والثاني على الثاني هذا الدور محال توقف الشيء على نفسه.

ويقسم الدور الى قسمين:

دور مصرح

دور مضمر

الدور المصرح الذي يتألف من مقدمة واحدة يعني مقدمتان فقط قضيتان فقط كأن تقول الشمس كوكب يطلع في النهار والنهار زمان تطلع فيه الشمس فصارت الشمس تتوقف على الشمس والنهار يتوقف على النهار لان الشمس ما هي تقول جرم أو نجم يخرج في النهار وما هو النهار زمان تطلع فيه الشمس ما هي الشمس نجم يطلع في النهار وما هو النهار زمان تطلع فيه الشمس إذن توقفت معرفة النهار على معرفة النهار وتوقف معرفة الشمس على معرفة الشمس هذا دور مصرح صرح فيه بكلتا المقدمتين الأول يتوقف على الثاني والثاني يتوقف على الأول صار الأول يتوقف على الأول والثاني يتوقف على الثاني صار الأول هو علة ومعلول والثاني علة ومعلول وهذا محال اجتماع العلة والمعلول في آن معين.

وهناك دور مضمر يعني هناك مقدمات مضمرة مطوية تقول الأول يتوقف على الثاني والثاني يتوقف على الثالث والثالث يتوقف على الرابع والرابع يتوقف على الخامس والخامس يتوقف على الأول صار الأول يتوقف على الخامس والخامس يتوقف على الأول باضمار الثاني والثالث والرابع هذه مقدمات مضمرة ما نذكرها بعد الأول يتوقف على الثاني والثاني على الثالث والثالث على الرابع والرابع على الخامس نضمر الثاني والثالث والرابع نقول الأول يتوقف على الخامس والخامس يتوقف على الأول.

مثاله نقول الاثنان زوج هذه المقدمة الأولى المقدمة الثانية الزوج يقسم إلى قسمين متساويين المقدمة الثالثة والمتساويان يعرفان بأنهما شيئان يطابق أحدهما الآخر المقدمة الرابعة والشيئان يعرفان بأنهما الإثنان وما هنا الإثنان ترجع إلى المقدمة الأولى زوج فتوقف الإثنان على الاثنين يعني توقفت المقدمة الأولى على الرابعة والرابعة على الأولى.

عندنا مقدمتان الأولى الاثنان زوج الرابعة الشيئان إثنان ولكن هناك مقدمتان مضمرتان المقدمة المضمرة الأولى هي المقدمة الثانية الزوج ينقسم إلى متساويين المقدمة الثانية الاثنان شيئان أحدهما يطابق الآخر هذا بالنسبة إلى الدور.

 

التسلسل

الأمر الثاني التسلسل يعني توقف الشيء على غيره إلى ما لا نهاية يعني الأول يتوقف على الثاني والثاني على الثالث والثالث على الرابع والرابع على الخامس والخامس على السادس الى ما لا نهاية من الأرقام لو وصل إلى مئة والمئة توقف على الأول صار دور اذا السلسلة انفاحت ما انتهت يصير.

تسلسل يعني هناك تسلسل في سلسلة العلل والمعلولات فالثاني معلول للأول وعلة للثالث والثالث معلول للثاني وعلة للرابع والرابع معلول للثالث وعلة للخامس وهكذا هذا محال لماذا؟

علة محالية التسلسل

لأن فرض المسألة أن سلسلة الدور وسلسلة التسلسل عبارة عن أمور ممكنة والممكن معناه الفقر الذاتي يحتاج الى من يخرجه من حيز العدم الى حيز الوجود فاذا الذي نقل الأول من حيز الوجود الى العدم هو الثاني نسأل ما الذي نقل الثاني الي حيز الوجود نقول الثالث وما الذي نقل الثالث الرابع لا بد أن تنتهي في النهاية إلى واسطة غنية وهي واجب الوجود فجميع اطراف السلسة وجميع الحلقات عبارة عن موجودات ممكنة والامكان عين الفقر الذاتي فلا بد من وجود موجد وعلة غنية وهي الله عز وجل وبالتالي هذا حتى في الدور الأول أوجد الثاني والثاني الأول يعني كل منهما موجد معلول فقير وفاقد الشيء لا يعطيه اذا هو فقير فكيف يعطي الغنى فبالتالي يقولون الدور وهو توقف الشيء على نفسه محال لأنه يلزم أن يكون الشيء معلول هذا غير صحيح يعني ان توقف الشيء على نفسه نعم ممكن أن يكون الشيء علة بلحاظ ومعلول بلحاظ آخر مثل الولد هو معلول لأبيه وعلة لولده يصير هذا علة بلحاظ شيء ومعلول بلحاظ شيء آخر اما أن يكون للشيء الواحد هو علة وهو معلول هذا ما يصير. يصير هو علة لولده وهو معلول لولده هو علة لأبيه وهو معلول لأبيه هذا لا يمكن.

نقرأ هذا المقدار هذا الدرس بسيط لا داعي لاطالة الكلام فيه.

تطبيق المتن

الدرس الثالث عشر

الدور والتسلسل

الدور لغة حركة الشيء من نقطة حركة منحنية دائرية بحيث ينتهي إلى نفس النقطة التي انطلاق منها

وأما في الاصطلاح فان الدور يعني توقف الشيء على ما يتوقف عليه يعني هو يتوقف يعني على الشيء الذي يتوقف على نفس هذا الشيء أي أن يكون الشيء علة لنفسه لعلة نفسه وعلة لعلة نفسه كما لو قيل أن ألف أوجد باء وباء أوجد ألف فان معناه أن ألف أوجد ألف وهذا يعني أن ألف الذي لم يكن موجودا صار علة لوجود نفسه وبعبارة أخرى أن ألف معلول وعلة لباء فيكون ألف متأخرا عن باء لأنه معلول لباء كما إنه متقدم على باء لأنه علة له وواضح البطلان لأنه محال كما ترى يعني أن يكون علة ومعلول لشيء واحد.

التوضيح بالمثال لو فرض وجود شخص وبحاجة إلى توقيع أحد شخصين كانا يعملان موظفين في دائرة رسمية فامتنع الموظف الأول عن التوقيع وعلق توقيعه على توقيع الثاني وحينما ذهب صاحب الوثيقة إلى الموظف الثاني ليوقع له وثيقته رفض التوقيع وعلق الثاني توقيعه على الأول فهكذا كل ما ذهب إلى أحدهما يحوله الى الآخر والنتيجة أن هذا المسكين سوف يخرج بوثيقته من دون توقيع.

وقد أوضح أحدهم فكرة الدور في بيتين من الشعر بقوله

مسألة الدور جرت // بيني وبين من أحب

لو لا مشيبي ما جفا // لو لا جفاه لم أشب

اذن جفاه علة مشيبه ومشيبه علة جفائه يعني صار مشيبي علة مشيبي وجفاه علة جفاه ويقول ان حبيبه جفاه لشيبه وان الشيب حصل أولا ما عقبه الجفاء ثم ناقض نفسه وقال إن الشيب كان من جفاء الحبيب أي إن الجفاء حصل أولا ثم أعقبه المشيب فيكون كل من الجفاء والشيب متقدما ومتأخرا في آن واحد وبالتالي يكون الشيء متقدما على نفسه.

التسلسل

التسلسل فهو توقف موجود كالف في وجوده على موجود آخر كباء وتوقف باء في وجوده على جيم وتوقف جيم على دال إلى ما لا نهاية مع فرض أن سلسلة الموجودات المتوقف بعضها على البعض الآخر في الفرض المتقدم فقيرة بذاتها فلا تمتلك الغنى.

واليك بيان الفكرة بمثال توضیحي. لو فرض وجود مجموعة لا متناهية من العدائين طبعا لا توجد مجموعة لا متناهية لكن هذا فرض وفرض المحال ليس بمحال العدائين يركضون يريدون الاشتراك في مسابقة وحين اطلقت اشارة البدء لم يركض أحد منهم وحينما توجه السؤال إلى اولهم أجاب بأني لا أشرع بالعدو ما لم يشرع الثاني وحينما توجهوا إلى الثاني بالسؤال أكد أنه لا يشرع بالعدو الا بشروع الثالث وهكذا كل واحد منهم يعلق تحركه على تحرك الذي بعده والنتيجة المعررفة من هذا كله هي أن المسابقة سوف لا تجري بين المتسابقين أصلا لوجود حالة التعليق كل واحد علق حركته على الآخر وعدم الحسم في الموقف لان السلسلة غير متناهية حسب الفرض وان كان متناهية بحسب ؟؟؟ وحالة التواكل أحدهم على الآخر مستمرة وغير متوقفة حسب الفرض.

وهذا التسلسل واضح البطلان ويدل على بطلانه أن الموجودات التي فرض وجودها في السلسلة اللا متناهية فقيرة بذاتها يعني كلها ممكنات فاذا كانت كذلك فمن أين حصلت على غنى الوجود يعني الغني الذي يفيض عليها الوجود بذاته والمفروض أنها لا تمتلكه من ذاتها فلا بد من فرض موجود آخر منحها الغنى والتحقق وهو بذاته واجب في وجوده وغني عن كل علة توجده حتى يمكن أن تحصل سلسلة الموجودات الفقيرة على الوجود والتحقق. اذن تنقطع السلسلة عند واجب الوجود الغني المفيض للوجود.

وبهذا الدليل يمكن إبطال فكرة الدور أيضا أن الدور كل منهما هذه الحلقات سواءا في الدور المصرح حركتين أو في الدور المضمر عدة حلقات كلها ممكنة وبهذا الدليل يمكن إبطال فكرة الدور أيضا وذلك لأن الدور سواءا كان مضمرا أو مصرحا فان الموجودات المفترضة فيه فقيرة ومحتاجة إلى جهة تغنيها وتمنحها الوجود اذ لا يمكن لكل موجود مفتقر إلى الوجود منح غيره أو نفسه الغنى في الوجود لأن فاقد الشيء لا يعطيه بحكم العقل يقولون العقل لا يحكم و انما يدرك فاذا قال الفلاسفة والاصوليون حكم العقل مقصودهم أدرك العقل لأن الحكومة من شأن الحاكم والعقل ليس بحاكم العقل مدرك أكثر الناس يتبعون شهواتهم لا يتبعون عقولهم، عقولهم تدرك وتحكم لكن ما يفاهمونهم.

ويمكن تشبيه نسبة الموجودات الفقيرة في فرض الدور والتسلسل بمجموعة أصفار أو مجموعة جهال فكما أن إضافة الصفر إلى صفر آخر لا يوجد عدد وكما أن استعانة جاهل بجاهل لا يحقق العلم كذلك الحال بالنسبة إلى الموجودات الفقيرة فهي لا يمكن أن تمنح نفسها أو تمنح بعضها البعض الغنى والتحقق والوجود لأنها فقيرة بذاتها وفاقدة لكل غنى فاقد الشيء لا يعطيه.

حاشية رقم واحد (ألف): الدور المصرح مثل تعریف الشمس بأنها كوكب يطلع في النهار والنهار لا يعرف بالشمس اذ يقال في تعريف النهار زمان تطلع فيه الشمس وتتوقف الشمس على الشمس والنهار على النهار فينتهي الأمر في النهاية إلى أن تكون معرفة الشمس متوقفة على معرفة الشمس.

حاشية رقم اثنان (باء): الدور المضمر مثل تعریف الاثنين بانها زوج اول والزوج يعرف بانه منقسم بمتساويين المقدمة الثانية، الثالثة والمتساويان يعرفان بأنهما شيئان أحدهما يطابق الآخر المقدمة الرابعة والشيئان يعرفان بأنهما اثنان فرجع الأمر بالاخير إلى تعريف الاثنين بالاثنين يعني المقدمة الرابعة تتوقف على المقدمة الأولى محمد رضا المظفر كتاب المنطق صفحة ١٠٤ و١٠٥ [2]

هذا تمام الكلام في الدرس الثالث عشر.

الدرس الرابع عشر

الثابث والمتغير

عندنا موجودات ثابتة كالله عز وجل والموجودات المجردة التامة التي لا علاقة لها بالماديات مثل الملائكة وجودها ثابت وعندنا موجودات متغيرة مثل ماذا؟ الموجودات المادية تتغير والنفوس المتعلقة بالمادة أيضا تتغير تارة تكون موجودة في البدن تارة تكون خارج البدن التغير على نحوين وعلى قسمين:

تغير دفعي

تغير تدريجي

التغير الدفعي مثل تغير البيضة إلى فرخة فانها دفعة واحدة تتغير تجلس الحمامة أو الدجاجة على البيضة فتتغير صورتها النوعية وشكلها من صورة البيضية إلى صورة الفرخية هذا يقال له تغير دفعي يحصل دفعة واحدة وإن في الواقع هو ليس دفعيا لكن في الظاهر والا هناك نطفة الديك يلقح الدجاجة تتعقد النطفة في البيضة وتحتضنها ويتناوبون عليها الذكر والأنثى الديك والدجاجة أيضا ذكر الحمام وأنثى الحمام يتناوبون عموما ثمانية عشر يوم الحمام إلى أن تفقس البيضة والدجاج إلى آخره التغير

الثاني التغير التدريجي مثل النطفة هذه النطفة تصبح مضغة هذه المضغة تصبح علقة هذه العلقة مخلقة أو غير مخلقة المضغة المخلقة تصير جنين هذا الجنين ينتقل من عالم الارحام إلى عالم الدنيا طفل رضيع طفل الرضيع يصير شاب الشاب يصير كهل فهناك تغير تدريجي يحصل من النطفة إلى المشيب والكهولة هذا التغير التدريجي في الماديات يقال له حركة يعنى حركة من عالم القوة الى عالم الفعل والمراد بالقوة الاستعداد والقابلية والمراد بالفعل التحقق والوجود الحقيقي مثلا تقول النطفة نطفة بالفعل يعني حقيقتا هي نطفة وعلقة بالقوة يعني فيها قابلية أن تكون علقة ثم تقول العلقة علقة بالفعل ومضغة بالقوة والمضغة مضغة بالفعل وحنين بالقوة والجنين جنين بالفعل وطفل بالقوة والطفل طفل بالفعل وشاب بالقوة والشاب شاب بالفعل وكهل بالقوة والكهل كهل بالفعل وميت بالقوة واضحة أو لا؟

اذن يصير الموجود الواحد في زمن واحد جامع للقوة والفعل الشاب جامع للقوة والفعل هو شاب بالفعل وشيخ كهل بالقوة الجنين جنين بالفعل وطفل بالقوة هذه الحركة التي فيها تبدل يقال لها ماذا هذه الحركة التدريجية يقال لها حركة فالمراد بالحركة الانتقال من القوة إلى الفعل.

نقرأ هذا المقدار نلاحظ الانتقال في ما من شأنه الانتقال يعني هو من قبيل الملكة وعدمها لذلك لا تقول الله ساكن لأنه ما يصح أن تقول متحرك لان الحركة والسكون من شأن الماديات والله عز وجل موجود مجرد فلا تقول الله ليس بمتحرك ولا ساكن أو متحرك وساكن مثل ما يصير أن تقول هذا الخشب شجاع أو جبان ما فيها قابلية يشترط القابلية مثال آخر هذا الماء سائل اذا سلطنا عليه الحرارة صار بخار اذا سلطنا عليه البرودة صار جليد فالسائل وهو الماء يتحرك حركة تدريجية من القوة إلى الفعل فيقال له له حركة لكن يشترط أن يكون الماء له قابلية الجمود والغيان فنقول الماء متحرك والماء ساكن اذا كان له قابلية الحركة والسكون اما اذا الشيء ليس فيه ملكة وقابلية الحركة والسكون لا يقال ساكن ومتحرك فالله عز وجل لا تقول هو متحرك واذا قلت ليس بمتحرك اذن ساكن لا ان الحركة والسكون من مقولة الملكة والعدم التقابل بينهما تقابل الملكة وعدمه نقرأ هذا المقدار.

تطبيق المتن

الدرس الرابع عشر

الثابث والمتغير

ينقسم الموجود فيما ينقسم إلى ثابت ومتغير فيطلق الثابث على وجود الله جل جلاله وسائر الموجودات المجردة التامة كالملائكة العقل المحض بينما يطلق المتغير على الموجودات المادية والنفوس المتعلقة بها بالموجودات المادية لماذا؟ لأنها تقبل الحركة التدريجية.

التغير والحركة

ان حالة التغير الحاصلة للاشياء إما أن تكون دفعية أو تدريجية والتغير الدفعي قد يحصل في جواهر الأشياء وذلك بزوال صورة عن مادة وحدوث صورة أخرى محلها زوال صورة البيضية ومجيء صورة الفرخية هذا ما يقال له الكون والفساد فسدت صورة البيضية وكانت وتحثثت صورة الفرخية زالت وفسدت صورة الفرخية وحصلت صورة الديكية أو الدجاجية يقول ذلك بزوال صورة عن مادة صورة البيضية وحدوث صورة أخرى محلها صورة الفرخية كما هو الحال للتغير الحاصل في البيضة التي تتحول إلى فرخ فان البيضة كانت على صورة وحقيقة وفسدت تبدلت إلى صورة وحقيقة ثانية تبدلا دفعيا وهي صورة الفرخة ومن دون تدريج وسمي هذا التحول بالكون والفساد كون الفرخة وفساد البيضة لان الموجود البيضة في المثال كان على حقيقية معينة وهي البيضية وبعد التحول الدفعي الحاصل فيه حدثت وتكونت حقيقية جديدة وهي الفرخية بعد أن انحلت وفسدت الحقيقية السابقة وهي البيضة وأما التغير التدريجي الذي يحدث في الأشياء ليوجد فيها تغير فيسمى بالحركة كتحول الشمع حين اشتعال فتيله من حالة جامدة إلى حالة لينة ثم حالة سائلة. وهكذا تحول الماء الى جامد عند التبريد وغاز وبخار عند تسليط الحرارة.

وتقابل الحركة عرفنا أن الحركة الحركة تدريجية التغير التدريجي وتقابل الحركة السكون تقابل الملكة وعدمها يعني أي أن تقابل بين الحركة والسكون من قبيل تقابل الملكة وعدمها كالشجاعة والجبن ممن شأنه الشجاعة والجبن أي أن السكون لا يطلق على موجود ليس من شأنه الحركة فالله عز وجل ليس من شأنه الحركة ولهذا لا يسمى ساكنا بل يسمى ثابتا.

القوة والفعل

القوة عبارة عن امكان الشيء يعني استعداد الشيء قابلية الشيء والفعل عبارة عن وجوده حقيقتا يعني التحقق الفعلي فالموجود المتطور يتمثل بقوة وامكانات والحركة تستنفد تلك الامكانات ويستبدل في كل درجة من درجات الحركة يستبدل الامكان بالواقع الامكان يعني الاستعداد بالواقع يعني بالتحقق والقوة بالفعلية القوة يعني الاستعداد والقابلية بالفعل يعني التحقق الفعلي فالكائن الحي يتطور في حركة تدريجية فهو بويضة فنطفة فجنين فطفل فمراهق فراشد فكهل ان هذا الكائن في مرحلة محدودة من حركته نطفة ولكنه في نفس الوقت شيء آخر مقابل للنطفة وارقى منها فهو جنين بالقوة وهذا معناه أن الحركة في هذا الكائن قد ازدوجت فيه القوة والفعلية معا الفعلية بلحاظ الوجود الفعلي والقوة بلحاظ الوجود اللاحق يقول الشهيد الصدر في كتابه فلسفتنا صفحة ٢٠١ [3] "فلو لم يكن في الكائن الحي قوة درجة جديدة وامكاناتهالما وجدت الحركة ولو لم يكن شيئا من الشياء بالفعل لكان عدما محضا فلا توجد حركة أيضا فالتطور يأتلف دائما من شيء بالفعل وشيء بالقوة وهكذا تستمر الحركة ما دام الشيء يحتوي على الفعلية والقوة معا على الوجود والامكان معا الوجود فعلي والامكان القابلية فاذا نفد الامكان يعني القابلية زالت ولم يبق في شيء طاقة على درجة جديدة انتهى عمر الحركة" [4]

وجدير بالملاحظة أن الحركة والتبدل من شيء إلى شيء آخر لا تحدث جزافا وانما تكون في الموجود الذي له استعداد للتحول إلى موجود آخر يعني لا بد من القابلية الملكة فالحجر ليس فيه استعداد للتحول إلى حيوان نعم انه وبعد عدة وسائط يمكن أن يتحول إلى حيوان كيف؟ هذا الحجر اذا تحول إلى تراب هذا التراب اذا أكله الديك تحول إلى نطفة ثم هذه النطفة تحولت إلى بيضة ثم تحولت إلى فرخة ثم الفرخة تحولت إلى ديك فان الديك الثاني أو الدجاجة الخارجة من عنق الزجاجة أي من البيضة أصلها الحجر الذي تحول إلى تراب فيمكن أن يحصل بعدة وسائط اذ الحركة العرضية لا تقل الحركة العرضية.

الحركة العرضية

قلنا عندنا مقولات عرضية مثل مقولة الوضع الآن أنا بوضع الجالس انتقل الى وضع الواقف انتقل الى وضع النائم الآن أنا هنا أذهب إلى هناك هذه حركة في الأين الآن فلان أسمر يسوي عملية تجميل يصير أبيض هذا تحرك في ماذا في الكيف هذه التفاحة خضرة تصير صفرة أو حمرة هذا تحول في الكيف المحسوس الآن الساعة عشر بعد ذلك تصير احدى عشر هذا تحول في متى فهذه حركات عرضية تغيرات في الأعراض.

الحركة العرضية

قد يتحرك الشيء حول نفسه فتسمى حركته حركة موضعية كدوران المروحة حول نفسها اذا هنا تغير في مقولة الوضع كان جالسا فاستوى قائما أو نائما وقد يتحرك الشيء من نقطة إلى أخرى فتسمى حركته حركة انتقالية (أينية) كان هنا وذهب إلى هناك أين. وقد تكون الحركة والتغيير في مقولة الكيف كالتغير الحاصل في لون التفاحة من الأخضر الى الأصفر أو الى الأحمر وكتغير الحاصل في النفس من زيادة الحب أو البغض هذا كيف نفساني وقد تكون الحركة والتغير في كم الأشياء كما في النمو الحاصل في النبات والحيوان على مرور الزمان وتسمى تلك التغيرات بالحركات العرضية. اذن اثبتنا وجود حركة في الأعراض يعني المقولات التسع العرضية فيها قابلية الحركة.

الحركة الجوهرية

سؤال هل الجوهر أيضا فيه حركة أو لا؟ جواب نعم جاء صدر المتألهين صدر الدين الشيرازي ملا صدرا وأثبت الحركة الجوهرية يعني الجواهر أيضا تتحرك واستدل بعدة ادلة منها أن الحركات ثابتة في الأعراض والأعراض عبارة عن موجود في موضوع فالعرض ليس قائما في نفسه وإنما قائم بالجوهر ما دام العرض ليس قائما بنفسه اذن ليس هو منشأ الحركة فاذا كانت الاعراض قائمة بالجواهر واذا كانت الاعراض متحركة فان الجواهر هي أساس هذه الحركة هذا دليله. نقرأ:

الحركة الجوهرية

ويوجد مضافا إلى ما تقدم من تغيرات وحركات في أعراض الأشياء الحركة العرضية حركة وتغير في جواهرها جواهر الاعراض أيضا وتسمى بالحركة الجوهرية استدل صدر المتألهين الشيرازي على وجود هذا النمط من الحركة في الجوهر بادلة نقتصر على ذكر واحد منها.

دليل: ان كل ما تقدم من حالات التغيير والحركة تحول التفاحة إلى صفرة وحمرة وحضرة كانت في مقولة الكم والكيف والأين وهي مقولات عرضية يعني غير قائمة بنفسها تعرض على الجواهر قائمة بالجواهر فلا بد لها هذه التغييرات في الأعراض من سبب انبثقت عنه وحيث انها الاعراض تابعة للجوهر الذي عرضت عليه فلا بد وان يكون الجوهر علة لها علة لحركة الاعراض وعلة المتغير المتحرك متغيرة ومتحركة وعليه فلا بد وان يكون جوهر الشيء متغیرا ومتحركا أيضا لان الاعراض قائمة في موضوع وهو الجوهر والأعراض متحركة ولا بد لهذا التحرك من سبب وليس السبب هو نفس الاعراض اذن السبب ما قامت به الاعراض وهو الجوهر.

هذا تمام الكلام في الدرس الرابع عشر.

الدرس الخامس عشر الثابث والمتغير يأتي عليه الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo