< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/04/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الدليل الثاني عشر على ولاية الفقيه المطلقة ما جاء في ذيل الخطبة الشقشقية

الدليل الثاني عشر على ولاية الفقيه المطلقة ما جاء في ذيل الخطبة الشقشقية ، وقبل أن نبين الدليل الثاني عشر وما يتلوه لا بأس بالتطرق إلى عشرة كتب من كتب الأعلام قد تطرقت إلى مباحث ولاية الفقيه وناقشت الروايات وأثبتت ولاية الفقيه من خلال الروايات التي أوردتها أو رفضت ولاية الفقيه من خلال الروايات التي ناقشتها، نذكر فهرست بالمصادر عشرة مصادر وعدد الروايات التي أوردوها وهي:

المصدر الأوّل وهو الأساس في مبحث ولاية الفقيه، العائدة الرابعة والخمسين من كتاب عوائد الأيام للمحقق الشيخ أحمد النراقي+ وهذه العائدة قد ذكرت كأوّل رسالة من رسائل الاثني عشر التي طبعتها حديقة الكتاب مكتب الإعلام الإسلامي في قم تحت عنوان رسائل في ولاية الفقيه [1] ذكر تسعة عشر رواية.

المصدر الثاني كتاب الشيخ عبد الله جوادي آملي~ بالفارسي [2] [3] ذكر نفس التسعة عشر رواية بالترتيب بنفس النص نقلاً عن المحقق النراقي+.

المصدر الثالث للسيد محسن الطباطبائي الحكيم+[4] ، ذكر عشر روايات ورد دلالة الروايات العشر.

المصدر الرابع التنقيح في شرح المكاسب السيد أبو القاسم الخوئي+ [5] ، تطرق إلى عشر روايات والسيد الخوئي& دائماً ينظر إلى كلمات السيد الحكيمî، في الفقه، السيد الخوئي في موسوعته دائماً ينظر إلى كلمات المحقق آقا رضا الهمداني والسيد الحكيم في المستمسك، هنا في بحث ولاية الفقيه ناظر إلى كلمات السيد الحكيم والروايات العشر التي أوردها السيد الحكيم وناقشها أيضاً هو يناقشها ويرفض ولاية الفقيه المطلقة.

المصدر الخامس كتاب البيع الإمام الخميني+[6] ذكر السيد الإمام أحد عشر رواية ذكر سبع روايات بالتفصيل وبعد ذكره للروايات السبع قال وهناك روايات أخر ضعيفة سنداً ولكن تصلح كمؤيد وذكر أربع روايات، المجموع أربع زائد سبعة احد عشر رواية.

المصدر السادس كتاب دراسات في ولاية الفقيه للشيخ حسين علي المنتظري& [7] ذكر ثلاثة عشر رواية، ذكر ثمان روايات تدل على ولاية الفقيه ثم ذكر خمس روايات يقول لا تدل على ولاية الفقيه.

هناك كتاب طبع مؤخراً في أواخر حياة الشيخ المنتظريî تحت عنوان نظام الحكم في الإسلام مجلد واحد، هذا تلخيص إلى كتابه دراسات في ولاية الفقيه الأربعة أجزاء وفيه آخر آراء الشيخ المنتظري&، في هذا الكتاب[8] ، ذكر تسع روايات استدل بها على ولاية الفقيه.

المصدر السابع كتاب نظرية الحكم في الإسلام للشيخ محسن الآراكيx[9] ، ذكر أربعة عشر رواية.

المصدر الثامن كتاب الحاكمية في الإسلام، ذكر سبع روايات [10] ، كلام مفصل في الروايات السبع التي من خلالها يثبت ولاية الفقيه المطلقة، للسيد محمد مهدي الخلخالي صاحب تقرير فقه الشيعة أبحاث السيد الخوئي+ في اجتهاد والتقليد والطهارة وهو من أفضل تقريرات بحث السيد الخوئي طبع قديماً.

المصدر التاسع كتاب الولاية الإلهية الإسلامية، للشيخ محمد المؤمن القميî[11] ، ذكر ثمان روايات يقول أربع روايات من الثمان تامة الدلالة ومعتبرة السند وأربع روايات غير تامة الدلالة وهو يثبت ولاية الفقيه العامة من خلال أربع روايات، من هذه الروايات ذيل الخطبة الشقشقية، من هذه الروايات مرسلة تحف العقول، ومن هذه الروايات اما أخذناه من الفقهاء حصون الإسلام، ومن هذه الروايات التوقيع الشريف وأما الحوادث الواقعة هذه الروايات الأربعة التوقيع والفقهاء حصون السلام وذيل الخطبة الشقشقية وهذه الأدلة الاثنان والتوقيع اسُتدل بها الشيخ المؤمن على ولاية الفقيه المطلقة.

المصدر العاشر رسالة للسيد محمد رضا الگلبايگاني+ الهداية إلى من له الولاية تقرير الشيخ أحمد الصابري الهمدانيî وهي مطبوعة أيضاً في كتاب رسائل في ولاية الفقيه هي الرسالة الاثني عشر، أوّل رسالة عوائد الأيام للمحقق النراقي+ وآخر رسالة الهداية إلى من له الولاية للسيد الگلبايگاني+[12] ، يذكر أربعة عشر رواية، يثبت من خلالها ولاية الفقيه العامة، هذه مصادر مهمة في البحث.

الشيخ نوري حاتم~ في كتابه أحكام ولي الأمر في الدولة الإسلامية اقتصر على احد عشر رواية ذكرناها في البحوث السابقة،

نحن نتم هذه احد عشر رواية نوصلها إلى ما يزيد عن الثلاثين قرابة ثلاثة وثلاثين رواية.

نأخذ ثمان روايات من كتاب سماحة الشيخ محسن الآراكي~، ونأخذ احدى عشر رواية من رسالة المحقق الشيخ أحمد النراقي+، ونأخذ ثلاث روايات من رسالة السيد محمد رضا الگلبايگاني+، احدى عشر من كتاب الشيخ نوري حاتم وثمان روايات من كتاب الشيخ محسن الآراكي يصير تسعة عشر رواية ونضيف لها احدى عشر رواية من رسالة المحقّق النراقي+ ثلاثين وثلاث روايات ربما نتطرق إليها لأنها بعيدة عن بحثنا من رسالة السيد الگلبايگاني+ ثلاثة وثلاثين رواية.

ويقول المحقق النراقيî الروايات التي الدالة على ولاية الفقيه كثيرة نقتصر على بعضها وأورد تسعة عشر رواية، نأخذ الدليل الثاني عشر وهو الحديث الخامس من كتاب الشيخ محسن الآراكي نظرية الحكم في الإسلام الحديث الخامس، قبل أن نتطرق إلى الحديث الخامس نتطرق إلى الروايات الأربعة الأول الذي ذكرها الشيخ محسن الآراكي وقد تطرقنا إليها ولكن الحق والأنصاف أن هذه الروايات الأربعة الأول إذا نضيف لها رواية خامسة هي أهم الروايات التي تقام على ولاية الفقيه المطلقة.

الرواية الأوّلى التي ذكرها [13] ، هي مقبولة عمر بن حنظلة وقد اتضح من خلال أبحاثنا أنها تامة الدلالة على ولاية الفقيه العامة.

الحديث الثاني فهو التوقيع الشريف وأما الحوادث الواقعة رواية إسحاق بن يعقوب وقد اتضح إنها تامة الدلالة على ولاية الفقيه العامة ولكن قد يناقش في سندها من جهة إسحاق بن يعقوب وإن كان الوثوق بهذه الرواية ليس ببعيد فهذه الرواية إما أن تكون مؤيداً لمقبولة عمر بن حنظلة وإما أن تكون دليلاً على ولاية الفقيه العامة.

الحديث الثالث مرسلة الصدوق، اللهم ارحم خلفائي وقد ناقشنا في هذه الرواية سنداً ودلالةً ولكن هذه الرواية يمكن تصحيحها من ناحية السند لأنها وردت بعدة أسانيد غير الإرسال الموجود في كتاب الصدوق، فالرواية مستفيضة بكثرة أسانيدها فيمكن الوثوق بصدورها هذا من جهة، ومن جهة أخرى اللهم ارحم خلفائي وإن استظهرنا أنها ليست ظاهرة في ولاية الفقيه العامة ولكن مع التمسك بلفظ خلفائي يمكن استظهار أنها دالة على ولاية الفقيه العامة أو مؤيدة، إذاً الحديث الثاني والثالث إما مؤيد أو لا.

الحديث الرابع هو صحيحة القداح، صحيحة القداح العلماء ورثة الأنبياء هذه الرواية من ناحية السند تامة من ناحية الدلالة قد ناقشنا فيها وقلنا إنها دالة على وراثة العلم ولكن هذه الرواية تصلح أن تكون مؤيداً لولاية الفقيه المطلقة فضلاً عن العامة وربما تشكل دليلاً، إذاً الحديث الثاني والثالث والرابع إما مؤيد أو يرقى إلى الدلالة.

الدليل الخامس الذي لم يذكره هنا والذي هو الأساس في بنائنا على ولاية الفقيه المطلقة فضلاً عن العامة هو حديث الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا فإنه دال على ولاية الفقيه المطلقة، مقتضى الأمانة أن يكونوا مؤتمنين في جميع مال المعصوم× من مناصب، إذاً هذه الروايات الخمس من أهم الروايات التي يستدل بها على ولاية الفقيه المطلقة، مقبولة عمر بن حنظلة والتوقيع الشريف وأما الحوادث الواقعة وصحيحة القداح العلماء ورثة الأنبياء ومرسلة الشيخ الصدوق اللهم ارحم خلفائي والفقهاء أمناء الرسل، هذه من أهم الأدلة التي تقام على ولاية الفقيه المطلقة.

الدليل الثاني عشر وهو الحديث الخامس من كتاب نظرية الحكم في الإسلام [14] ، الحديث الخامس أو الدليل الثاني عشر ما جاء في ذيل الخطبة المعروفة بالشقشقية وهي من مشهورات خطب أمير المؤمنين× في نهج البلاغة.

قال× في خاتمة كلامه في هذه الخطبة، (أما والذي فلق الْحَبَّةَ وبرأَ النَّسمةَ لو لا حضور الحاضر وقيام الحُجَّة بوجود النَّاصر وما أَخذ الله على العُلماء ألا يُقَاروا على كِظَّةِ ظالمٍ ولا سغبِ مظلوم لألقَيتُ حبلَها على غاربها ولسقيتُ آخرها بكَأس أوّلها ولأَلْفيتم دُنياكم هذه أزهد عندي من عفطةِ عنز) [15] [16]

يقع الكلام أوّلاً في سند الرواية وثانياً في دلالة الرواية، أما سند الرواية فهذه الرواية مما رواها السيد الشريف الرضيî في نهج البلاغة مرسلاً عن أمير المؤمنين¤ وقد يقال لا يضر الإرسال بصحتها لأن هذه الخطبة من خطب أمير المؤمنين× المشهورة التي أدلى بها في زمان خلافته فلا حاجة في إثباتها إلى وجود إسناد صحيح، وهكذا حكم سائر خطب أمير المؤمنينj المشهورة والمعروفة فلا حاجة في إثباتها إلى إسناد صحيح.

يقول الشيخ المفيد& في كتاب الجمل[17] ، يقول بشأن الخطبة الشقشقية، هي أشهر من أن ندل عليها لشهرتها، وقال السيد عبد الزهراء الخطيبî[18] عند ذكره لهذه الخطبة، طبعاً هناك عدة كتب خرجت أسانيد ومصادر نهج البلاغة لأنه الرأي الفقهي السائد يلزم التعامل مع روايات نهج البلاغة معاملة المراسيل لأن الشريف الرضي+ قد حذف الأسانيد أصلاً شريف الرضي& كان بصدد كتابة كتاب بلاغي وليس كتاب فقهي يعني كتاب أدبي، ولكن السيد شريف الرضيî لم يذكر الأسانيد لأنه لم يكن في مقام الاستدلال.

يقول السيد الخطيب& قال وقد روتها العامة والخاصة وشرحوها وضبطوا الفاظها من دون غمز في متنها ولا طعن في أسانيدها، قد ذكر السيد الخطيب في كتابه سبعة عشر مصدراً غير نهج البلاغة، من مشاهير المصادر التاريخية والروائية التي أثبتت هذه الخطبة وروتها عن أمير المؤمنين×، يمكن مراجعة كتاب مصادر نهج البلاغة[19]

هذه القرائن وهذه الأمور التي ذكرناها قد تفيد بناء على مسلك الوثوق، فإن هذه القرائن والأمارات قد تفيد الوثوق بصدور الرواية، لكنها قد لا تفيد بناء على مسلك حجية خبر الثقة فتبقى الرواية مرسلة فتسقط عن الاعتبار، هذا تمام الكلام في سند الرواية.وأما الكلام ثانياً في دلالة الرواية فإن أمير المؤمنين× كان في مقام التعليم وتوضيح السبب الذي دعاه إلى تحمل أعباء الخلافة، فقال إن السبب في تحمله لأعباء الخلافة رغم هناتها أمران، الأمر الأوّل حضور الحاضر ووجود الناصر من الناس، والأمر الثاني مسؤولية العلماء أمام الله سبحانه وتعالى في إقرار العدل بين الناس وعهده إليهم أن لا يقاروا على كضة ظالم ولا سغب مظلوم، يقول لولا هذين الأمرين لألقيت حبلها على غاربها، لتركت الخلافة ولوجدتم دنياكم عندي أهون من عفطة عنز، لكن لهذين السببين تبوأت موقع الخلافة، الأمر الأوّل حضور الحاضر وقيام الحجة لوجود الناصر من الناس والأمر الثاني ما اخذ الله على العلماء وهذا هو موطن الشاهد، ما اخذ الله على العلماء.ما المراد بعدم المقارة على كظة ظالم وسغب مظلوم؟ لا شك ولا ريب ليس المراد مجرد القول فليس المراد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على مستوى الإنكار القلبي أو على مستوى البيان اللساني، بل المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مقام العمل هذا هو المناسب للتعليل لأن الإمام× يذكر سبب فعله وهو تصديه للخلافة فلابد أن يكون هناك نحو تناسب بين العلة والمعلول، المعلول تصديه للخلافة وهو فعل إذاً العلة لابد أن تكون فعل من الأفعال فمناسبة العلة والمعلول تقتضي وتحتّم أن يكون المراد بعدم المقارة على الظلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مقام العمل الفعل، والقيام بالعدل وإنصاف الرعية والتصدي للمسؤولية على مستوى قيادة الأمة والإمرة.

هكذا يقول الشيخ الآراكي [20] فيكون المعنى الحاصل من كلامه× أن من الواجب على العلماء عندما يجدون من الناس أنصاراً وأعواناً أن يتحملوا مسؤوليتهم في قيادة الناس من أجل إقرار العدل وحسم مادة الفساد والظلم فالعلماء إذاً مسئولون عن إقرار العدل بين الناس وعليهم القيام بواجبهم في التصدي للولاية العامة والقيادة السياسية التي بها يتم إقرار العدل ونفي الفساد والظلم عن المجتمع ولهذا السبب أقدم الإمام× على التصدي للولاية الظاهرية وتحمله لأعباء الخلافة الرسمية، هذا تمام كلام للشيخ الآراكي~ في تقريب الاستدلال بذيل الخطبة الشقشقية، إلا أن الأنصار لو غضضنا النظر عن إرسال الرواية والتزمنا بصحتها والوثوق بصدورها ركوناً إلى شهرتها كما ذهب إلى ذلك الشيخ محسن الآراكي~ فإن دلالتها على ولاية الفقيه العامة ليس بتام فضلاً عن دلالتها على ولاية الفقيه المطلقة، والسر في ذلك أن الاستدلال على الولاية العامة أو المطلقة إما أن يكون بدليل لفظي وإما أن يكون بالتمسك بفعل أمير المؤمنين× فإن تمسكنا بفعل أمير المؤمنين وتصديه للخلافة فمن الواضح أن الفعل صامت لا إطلاق له فلا نتعدى من أمير المؤمنينj إلى الفقيه الجامع لشرائط الفتوى وإن تمسكنا بالدليل اللفظي الخاص فإن ألفاظ الخطبة الشقشقية لا تدل على أن جميع مناصب الإمام المعصوم× ثابتة للفقيه الجامع لشرائط الفتوى حتى نثبت ولاية الفقيه المطلقة، إن قلت غاية ما يمكن أن يستدل بهذه الرواية هو إثبات ولاية الفقيه العامة لا ولاية الفقيه المطلقة، قلنا لا يوجد في ألفاظ الرواية ما يدل على إثبات الولاية العامة للفقيه الجامع للشرائط هذه الرواية مفادها أمير المؤمنين× في مقام الاحتجاج على الناس قال لهم لولا وجود سبب لما تصديت للخلافة ولما قبلت الخلافة لأن الدنيا فضلاً عن الخلافة عندي أهون من عفطة عنز.

السبب الأوّل قيام الحجة بوجود الناصر من الناس حتى وطئ الحسنان وشق عطفاي كما يقول أمير المؤمنين بعد مقتل عثمان هكذا تداعى الناس إلى أمير المؤمنين هذا السبب الأوّل.

السبب الثاني ما اخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، يعني هناك عهد أخذه الله من العلماء أن لا يقروا الظلم وأن يواجهوا الظالمين فهل مواجهة الظالمين ورفض ظلم المستكبرين يثبت الولاية للعلماء وللفقيه الجامع للشرائط، قد يتولى الحكومة رجل صالح عادل إلا انه ليس بفقيه ويرجع في الأمور الفقهية إلى الفقهاء الجامعيين للشرائط فهنا يكونوا الفقهاء والعلماء قد قاموا بوظيفتهم في رفض الظلم وإقرار العدل من دون أن يعملوا ولايتهم، كما فعل المحقق الكركي+ في الدولة الصفوية وغيرهم من علمائنا.

الحق والأنصاف أن هذه الرواية غير تامة سنداً ودلالة فلا يتم التقريب المذكور، النتيجة النهائية الدليل الثاني عشر وهو ذيل الخطبة الشقشقية ليس بتام.

الدليل الثالث عشر ما ذكره الشيخ محسن الآراكي[21] وما رواه السيد الشريف الرضيî أيضاً في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين× ورواه آخرون منهم أبو جعفر الاسكافي في نقض العثمانية قال أمير المؤمنين× (أيها الناس إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله فيه وأعملهم به فإن شغب شاغب استعتب وإن أباه قوتل والعمري لأن كانت الإمامة لا تنعقد حتى تحضرها عامة الناس فما إلى ذلك سبيل ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها ثم ليس للشاهد أن يرجع ولا للغائب أن يختار)[22] [23] [24]

أما الكلام في سند الرواية فهو ما ذكرناه في الدليل الحادي عشر، فقد يقال أن هذه الرواية من الروايات المشهورة أيام أمير المؤمنين × في خلافته فشهرتها تغني عن وجود سندها ولا داعي إلى البحث عن سندها ولكن نقول إن هذه الرواية مرسلة من مراسيل نهج البلاغة فلا يتم الاستدلال بها، وأما الكلام في دلالتها فقد يقال إنها واضحة الدلالة على أن الذي يستحق الخلافة يشترط فيه أمران:

الأمر الأوّل العلم والأمر الثاني الكفاءة والمقدرة.

قال أمير المؤمنين× (أيها الناس إن أحق الناس بهذا الأمر [يعني الخلافة الرئاسة أقواهم عليه] [يعني أكفئهم أقدرهم على هذا الأمر أقدرهم على الرئاسة]، أكفئهم في القيادة هذا الأمر الأوّل، وأعلمهم بأمر الله فيه يعني الأعلم) [25] وهذه الرواية قد تدل على اشتراط الأعلمية في ولاية الأمر وأن يكون ولي أمر المسلمين يشترط فيه بالإضافة إلى الفقاهة أن يكون اعلماً وأعملهم به، طبعاً هذه الرواية من الواضح أن أمير المؤمنين× ناظر إلى أيام خلافته وفي هذه الرواية ناظر إلى نفسه لماذا؟ لأنه يتطرق إلى طلحة والزبير من جهة لأنهم بايعوه ونكثوا ويتطرق إلى معاوية من جهة أخرى لأنه كان بعيداً في الشام ولم يبايع وحينما تصدى أمير المؤمنين× للخلافة هاج بنوا أمية فقال بعضهم نحن لن نبايعه فمعاوية بن أبي سفيان كان في الشام وقال أنا ليس في عنقي بيعة لعلي بن أبي طالب، وبعضهم نكث بيعته وهما طلحة والزبير وقاموا بمعركة الجمل، أمير المؤمنينj يوضح هذه الحقيقة يقول الملاك في فعلية الخلافة ليس هو اختيار الناس، الملاك في الأحقية بالخلافة توفر عنصرين، العنصر الأوّل العلم والعنصر الثاني الكفاءة وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب× من ناحية العلم والكفاءة لا يقاس به معاوية من جهة ولا طلحة والزبير من جهة أخرى، ولو تنزلنا وسلمنا جدلاً أن المدار على بيعة الناس واختيار الناس فمن قال أن الشرط هو حضور كل الناس هذا ما يتم ما يصير، في أي بلد كل الناس فيه تأتي وتبايع وكل الناس تختار وإنما غالبية الناس تأتي وتنتخب وتبايع وتختار، بل غالبية الحاضرين الذين كانوا في المدينة، فإذا غالبية الحاضرين بايعوا، هذه البيعة تكون ملزمة للغائب كمعاوية بن أبي سفيان في الشام فلا يحق له أن يرفض الخلافة وتكون ملزمة لمن بايع كطلحة والزبير فلا يحق لهما أن ينكثا البيعة، طبعاً هذه الرواية تفيد في إشكالية معاصرة يقولون الولي الفقيه في إيران اختاره مجلس الخبراء المؤلف من ستة وثمانين فقيهاً، الستة وثمانين فقيه هؤلاء إيرانيون انتخبهم الشعب الإيراني إذاً لا تقول ولي أمر المسلمين قل ولي أمر مسلمي إيران لأن الذين انتخبوه إيرانيين وليس عامة المسلمين، أمير المؤمنين من الذي اختاره وانتخبه؟ من كان حاضراً في المدينة ولأن جمهور المدينة كان الجمهور العام للدولة الإسلامية أمير المؤمنين حجهم بهذا الأمر قال لو التزمتم أن المدار على الانتخاب والاختيار وحضور الناس فإن حضور غالبية أهل المدينة ملزم لمعاوية بن أبي سفيان في الشام فلا يصح له رفض البيعة وملزم لطلحة والزبير فلا يحق لهما الرفض.

كذلك يقال بالنسبة إلى إيران مجلس الخبراء هذا مجلس فيه غالبية فقهاء العالم الإسلامي، فغالبية فقهاء العالم الإسلامي أهل الحل والعقد اختاروا هذا الولي، يكفي هذا في تعيينه ولياً لأمر المسلمين، لاحظ هذه الرواية طبعاً ليس كلامنا في هذه الإشكالية وهذه الإشكالية بعد ذلك نتطرق إليها إن شاء الله.

أيها الناس إن أحق الناس بهذا الأمر يعني الخلافة ليس الأحق طلحة والزبير وليس الأحق معاوية أمير المؤمنين في مقام إثبات خلافته، (أيها الناس إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله فيه وأعملهم به) [26] يعمل بمقتضى علمه فإن شغب شاغب استعتل، يعني إذا قام ضدي واحد هذا يعاتب لأنه مارس الشغب يعني إذا لم يتحول إلى فعل، >وإذ ولا عمري لان كانت الإمامة لا تنعقد حتى تحضرها عامة الناس(، أمير المؤمنين× ما يسلم ان الإمامة تنعقد بحضور عامة الناس يقول الإمامة تنعقد ثلاثة أمور، أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله وأعملهم به، العلم والعمل والأقوى عليه كفاءة يعني، يقول والعمري لان كانت الإمامة لا تنعقد حتى تحضرها عامة الناس فما إلى ذلك سبيل، ما السبيل والطريق إلى حضور عامة الناس لا يصير )ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها،(يعني عامة أهل البلد الحاضرين يحكمون على من غاب عن هذه الحاضرة، )ثم ليس للشاهد أن يرجع الشاهد( أن يرجع الطلحة والزبير شهدوا البيعة وبايعوا ليس لهم أن يرجعوا وان ينكثوا عن البيعة، ولا للغائب أن يختار)، معاوية يقول أنا غائب أنا في الشام وأنا ما بايعت أنا اختار أبايع من.

إذاً هذه الرواية يرى الشيخ محسن الآراكي~ دلالتها على ولاية الفقيه العامة لأنها ذكرت أن الذي يستحق الخلافة والإمامة هو الأعلم بأمر الله وأقواهم عليه وهاتان الخصلتان كما توفرتا في أمير المؤمنين× فإن أفضل من تتوفر فيه بعد الأئمة^ هم الفقهاء الجامعون للشرائط، فهذه الرواية بنظره تدل على ولاية الفقيه العامة. إلا أن الحق والأنصاف أن هذه الرواية من ناحية ملاحظة مقام البيان نلحظ فيها أن أمير المؤمنين× لم يكن في مقام جعل الولاية للفقيه الجامع للشرائط وإنما كان في مقام بيان أحقيته في الخلافة في مقام الناكثين كطلحة والزبير وفي مقام المنكرين كمعاوية وعمر بن العاص وبالتالي هذه الرواية لا تدل على ولاية الفقيه المطلقة، لو تمسكنا بالعموم اللفظي لأن الرواية تقول هكذا الإمام× ذكر ضابطة عامة كلية إن أحق الناس بهذا الأمر يعني بالخلافة الرئاسة أقواهم عليه يعني الكفاءة وأعلمهم بأمر الله فيه، العلم وأعملهم به فلا شك ولا ريب أن أفضل مصداق بهذه الضابطة بعد الأئمة^ هم الفقهاء الجامعون لشرائط الفتوى، وبالتالي قد يخدش في الدلالة من ناحية أن أمير المؤمنينj لم يكن في مقام بيان جعل الولاية للفقيه الجامع للشرائط وإنما كان في مقام بيان أحقيته في الخلافة في مقابل مناوئيه إلا أن التمسك بالعموم اللفظي فإن كلمات أمير المؤمنين تدل على أن الفقيه الجامع للشرائط أحق من غيره في تبوء هذا المقعد وبالتالي تدل هذه الرواية أقصى ما تدل على ولاية الفقيه العامة ولا تدل على ولاية الفقيه المطلقة.

إذاً هذه الرواية إما أن تكون دليلاً وإما أن تكون مؤيداً إن غلبنا النظر عن سندها، تكون دليلاً لو استظهرنا دلالتها في جعل الولاية للفقيه الجامع للشرائط من العلم والكفاءة والعمل، وتكون مؤيداً لو قلنا إن أمير المؤمنين× كان في مقام إثبات أحقيته في الخلافة وهذه الضوابط والشروط التي ذكرها تنطبق من بعده على الفقيه الجامع للشرائط إلا أننا لا نرى أن هذا الدليل الثالث عشر تاماً من ناحية السند فيكون الدليل الثالث عشر يصبح مؤيداً للروايات الدالة على ولاية الفقيه العامة ولا يصلح أن يكون مؤيداً للروايات الدالة على ولاية الفقيه المطلقة، هذا تمام الكلام في الدليل الثالث عشر، الدليل الرابع عشر هو أيضاً الحديث السابع ما رواه السيد الرضي+ في نهج البلاغة وقد علمتم انه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والنظام والأحكام إلى آخر الرواية.


[2] ولاية فقيه ولاية الفقاهة والعدالة، ج1، ص178.
[3] وهذا الكتاب أيضا مطبوع في لبنان ولاية الفقيه ولاية الفقاهة والعدالة مطبوع باللغة العربية هناك.
[5] التنقيح في شرح المكاسب، السيد أبو القاسم الخوئي، . ج37، ص164
[9] نظرية الحكم في الإسلام، الشيخ محسن الآراكي، ج1، . ص239
[10] الحاكمية في الإسلام، ج1، ص553 إلى ص619.
[11] الولاية الإلهية الإسلامية، للشيخ محمد المؤمن القمي، . ج3، ص370
[12] رسالة الهداية إلى من له الولاية، للسيد الگلبايگاني، ج1، . ص794
[13] نظرية الحكم في الإسلام، الشيخ محسن الآراكي، ج1، . ص239
[14] نظرية الحكم في الإسلام، الشيخ محسن الآراكي، ج1، . ص250
[15] نهج البلاغة، ص50، طبعة الأولى، تحقيق صبحي الصالح.
[18] مصادر نهج البلاغة وأسانيده، ج1، ص309.
[19] مصادر نهج البلاغة وأسانيده، ج1، ص309 الي 322.
[20] نظرية الحكم في الإسلام، الشيخ محسن الآراكي، ج1، . ص252
[21] ولاية الفقيه المطلقة، ج1، ص252، الدليل 13، الحديث 6.
[22] نهج البلاغة، الخطبة 171، ص348، طبعة مؤسسة الأعلمي، شرح الشيخ محمد عبدة.
[24] تمام نهج البلاغة، ص414، خطبة برقع 173، للسيد صادق الموسوي الشيرازي بن السيد محمد باقر بن السيد عبد الله الشيرازي.
[25] تمام نهج البلاغة، ص414، خطبة برقع 173، للسيد صادق الموسوي الشيرازي بن السيد محمد باقر بن السيد عبد الله الشيرازي.
[26] تمام نهج البلاغة، ج1، ص414.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo