< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

محتويات

1- الخلاصة

الموضوع: التقريب العقلي الثاني عشر

التقريب العقلي الثاني عشر: على ولاية الفقيه العامة وهو يقوم على أساس الحسبة وهو التقريب السادس[1] الذي ذكره الشيخ نوري حاتم، وقد نقل هذا الدليل[2] ، ومن الملاحظ أن هذا الدليل قائم على أساس الحسبة فإذا تأملنا ربما يتضح أنه ليس بتقريب عقلي وإنما هو تقريب شرعي، هذا التقريب الثاني عشر مؤلف من مقدمتين ونذكر نص كلتا المقدمتين[3] ، ولنبدأ ببحث هذه الأسس التي أشرنا إليها لولاية الفقيه، الأوّل على أساس مبدأ الأمور الحسبية، الأساس الأوّل لمبدأ ولاية الفقيه هو مبدأ الأمور الحسبية وهذا الوجه مركب من مقدمتين، إحداهما إحراز عدم رضا الشارع بفوات المصالح واضمحلال الأحكام التي تبطل وتضمحل بفقدان السلطة والحكومة الإسلامية هذا الشق الأوّل، الشق الثاني أو قل عدم رضاه بترك حكم البلاد وإدارة أمور المسلمين بيد الكفار أو الفسقة أو الفجرة رغم فرض إمكان الاستيلاء عليها من قبل المؤمنين الذين لا يسرهم إلا إعلاء كلمة الله ولا يحكمون لو حكموا إلا بما أنزل الله وهذه المقدمة ضرورية واضحة لا ينبغي لأحد التشكيك فيها فقهياً.والمقدمة الثانية تعين الفقيه لهذه المهمة لأحد سببين، إما لورود الدليل على اشتراط الفقاهة في قائد الأمة الإسلامية وإما لأنه القدر المتيقن في الأمور الحسبية ولابد من الاقتصار عليه في مقام الخروج عن أصالة عدم الولاية، هذا تمام الاستدلال الذي ذكره أستاذنا السيد كاظم الحائري~.ومن الواضح أنه عنوان هذا الدليل بالاستدلال على ولاية الفقيه بالأمور الحسبية فهو يرى أن هذا الدليل دليل شرعي يستند إلى الولاية على الحسبة وليس دليلاً عقلياً كما أدرجه الشيخ نوري حاتم~ في كتابه، وأما المناقشة، بالنسبة إلى المقدمة الأولى ففيها شقان:

الشق الأوّل: إحراز عدم رضا الشارع بفوات المصالح واضمحلال الأحكام.

الشق الثاني: إحراز عدم رضا الشارع بترك حكم البلاد وإدارة أمور المسلمين.

أما بالنسبة إلى الشق الثاني من المقدمة الأولى فيرد عليه كما ذكر الشيخ نوري حاتم أنه لا يمكن تطبيق دليل الحسبة على عنوان الحكومة إذ لا يقطع فعلاً بعدم رضا الشارع بتركها لتدخل في باب الحسبة إذ لو أمكن القيام بالأعمال المطلوبة والتي يقوم بها المجتمع لا تكون حاجة إلى الحكومة ونطبق دليل الحسبة على الأفعال مباشرة من دون حاجة إلى تطبيقها على الحكومة، نعم إنما صارت الحكومة مطلوبة لأنها واسطة للقيام بتلك الأعمال، إذاً من غير المعلوم أن الشارع لا يرضى بترك الحكومة، نعم الشق الأوّل من المقدمة الأولى تام وهو إحراز عدم رضا الشارع بفوات المصالح واضمحلال الأحكام التي تبطل بفقدان السلطة الإسلامية فهذا صحيح ويمكن تطبيق دليل الحسبة عليه، إذاً خلاصة المناقشة الأولى إن المقدمة الأولى تتألف من شقين:

الشق الأوّل: عدم رضا الشارع بتفويت المصالح الإسلامية، هذا تام.

الشق الثاني: عدم رضا الشارع بترك الحكومة، هذا غير تام، القدر المتيقن من عدم رضا الشارع هو تفويت الأحكام الإسلامية تفويت المصالح الإسلامية، نعم نحن نلتزم بعدم رضا الشارع بتفويت الحكومة الإسلامية إذا كانت الحكومة الإسلامية وسيلة لتحقيق المصالح والأحكام الإسلامية فإذا التزمنا بإمكانية تحقيق الأغراض الإسلامية والمصالح الإسلامية من دون حكومة ففي هذه الحالة

قد نقول إن الشارع قد يرضى بفوات الحكومة لأن المهم هو بقاء المصالح والأغراض الإسلامية والأحكام الإسلامية، وبعبارة أخرى الحكومة بعنوانها لا موضوعية لها، الحكومة طريق لتحقيق المصالح الإسلامية وإقامة الأحكام الإسلامية فإذا أمكن إقامة المصالح والأحكام الشرعية من دون إقامة الحكومة الإسلامية فإن دليل الحسبة لا يشمل الحكومة الإسلامية فلا يتم الاستدلال بالمطلوب لأن الاستدلال قائم على أساس دليل الحسبة والمقدمة الأولى الشق الأوّل فيها ناظر إلى عدم جواز تفويت الأحكام الشرعية والمصالح الإسلامية وهذا الذي سلمنا به والشق الثاني ناظر إلى عدم جواز تفويت الحكومة الإسلامية وناقشنا فيه وقلنا قد يقال بالجواز إذا أمكن تحقيق المصالح والأحكام الإسلامية مباشرة من دون حاجة إلى إقامة الدولة الإسلامية، هذا تمام الكلام في مناقشة المقدمة الأولى.

وأما المقدمة الثانية وهي تعين الفقيه لهذه المهمة إما لورود الدليل الخاص على اشتراط الفقاهة في ولي الأمر وإما لأن ولي الأمر هو القدر المتيقن في الأمور الحسبية ولابد من الاقتصار عليه في مقام الخروج عن أصالة عدم الولاية فقد ناقش في المقدمة الثانية السيد الحائري~ وذكر الأدلة التي تدل على ولاية الفقيه كرواية (اللهم ارحم خلفائي) [4] ورواية (إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله فيه) [5] قائلاً بعد الاعتراض بعدم دلالة هذه الروايات على مبدأ ولاية الفقيه العامة فهي إنما تدل على أن الفقهاء هم منار الطريق في فهم الشريعة وهم مشعل الهداية والنور وهذا كما ينسجم مع افتراض إعطاء السلطة والحكم بيد أحدهم أيضاً ينسجم مع افتراض وجود السلطة في يد إنسان عادل أمين غير فقيه، فهنا كما يوجد احتمال أن يكون الولي هو خصوص الفقيه الجامع للشرائط يوجد احتمال آخر أن يكون الولي هو أحد عموم المؤمنين إلا أن هذا الإشكال ليس بتام لأمرين:

أوّلاً: قد ثبت لدينا قيام الدليل اللفظي الخاص على ولاية الفقيه العامة بل ولاية الفقيه المطلقة كموثقة السكوني (الفقهاء أمناء الرسل)[6] التي دلت على ثبوت الولاية المطلقة للفقيه، وكمقبولة عمر بن حنظلة وتوقيع إسحاق ابن يعقوب الدالين على ثبوت الولاية العامة للفقيه فمع قيام الدليل الخاص على ثبوت ولاية الفقيه المطلقة أو العامة يثبت المطلوب ولو تنزلنا وقلنا إن الدليل الشرعي اللفظي الروائي لم يدل على ولاية الفقيه العامة أو المطلقة فربما يناقش في التوقيع بعدم توثيق إسحاق بن يعقوب وربما يناقش في المقبولة بعدم وثاقة عمر بن حنظلة وأن قبول الأصحاب للمقبولة حجة عليهم وليس بحجة علينا وقد يناقش في موثقة السكوني بوجود النوفلي الذي لم يرد في حقه توثيق فتسقط الأدلة الروائية الشرعية اللفظية الدالة على ولاية الفقيه فحينئذ تصل النوبة إلى ولاية عموم المؤمنين في هذه الحالة يدور الأمر بين خصوص المؤمن الفقيه الجامع للشرائط وبين غيره من المؤمنين الذين لم يصلوا إلى درجة الفقاهة فنقتصر على القدر المتيقن وهو خصوص الفقيه الجامع لشرائط الفتوى، هذا أوّلاً.

وثانياً: إن عملية اتخاذ القرار معقدة إذ يراد لها شخص خبير وبصير بالشؤون العامة للمسلمين من جهة ومن جهة أخرى تحتاج إلى فقيه عميق ودقيق قادر على استنباط الأحكام الشرعية الدقيقة المتعلقة بمصالح المسلمين المختلفة وهذا ما لا يتأتى لعامة المؤمنين فيتعين أن يكون المراد هو خصوص الفقيه البصير بمصالح العباد والبلاد لأن عامة المؤمنين وإن حازوا الخبرة في تدبير شؤون المسلمين العامة إلا أن تطبيق الأحكام الفقهية الدقيقة على موضوعاتها تحتاج إلى فقيه بصير بالعموم، قد يقال قد يكتفى بعموم المؤمنين إن كانوا أخبر ويرجع في أمورهم الفقهية إلى الفقهاء الجامعين للشرائط كما يرجع في أمورهم الفردية إلى مراجعهم في رسائلهم العملية كذلك يرجعوا في شؤونهم الاجتماعية والسياسية إلى مرجع تقليدهم.

وفيه: إن تشخيص الموضوعات الخارجية المتعلقة بالشؤون الاجتماعية والسياسية العامة يحتاج إلى شخص خبير في أمرين:

أولاً: معرفة المصالح والمفاسد العامة والدقة والخبرة في تشخيص الأصلح لشؤون المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية.

ثانياً معرفة الحكم الشرعي الدقيق المتعلق بهذه المصالح والمفاسد والتشخيص الدقيق لا يتأتى إلا للفقيه الجامع لشرائط الفتوى،

إذاً النتيجة النهائية: المقدمة الثانية تامة فيكون التقريب الثاني عشر قابلاً للخدشة من جهة المقدمة الأولى إلا أنه يمكن قبوله وتقويمه إذ أن الشق الثاني من المقدمة الأولى غير مقبول إلا أن الشق الأوّل من المقدمة الأولى يكون مقبولاً ويمكن من خلاله أن نثبت ولاية الفقيه العامة بطريق الحسبة ونثبت أيضاً وجوب إقامة الدولة الإسلامية بطريق الحسبة بهذا التقريب.

المقدمة الأولى: إن الشارع المقدس لا يرضى بفوات مصالح العباد والبلاد وضياع الأحكام الشرعية ولا نقول إن الشارع لا يرضى بتفويت الحكومة بما هي هي، إلا أن الحكومة تشكل مقدمة لحفظ مصالح العباد والبلاد ولذلك نقول إن الشارع لا يرضى بتفويت الحكم والحكومة إذا أمكن تحقيقهما لأنهما مقدمة للحفاظ على الكثير من الأحكام والمصالح الإسلامية.

والمقدمة الثانية: فيدور أمر الحاكم بين الفقيه وغيره فيتعين الفقيه الجامع للشرائط لأحد سببين:

السبب الأوّل: قيام الدليل الخاص على إثبات ولاية الفقيه العامة أو المطلقة.

السبب الثاني: لو تنزلنا وقلنا لم يثبت الدليل الخاص لقلنا إن الأمر يدور بين الفقيه الجامع للشرائط وبين غيره من عموم المؤمنين فنقتصر على القدر المتيقن فتكون النتيجة ثبوت ولاية الفقيه العامة لا المطلقة بدليل الحسبة وبالتالي التقريب الثاني عشر تام لا غبار عليه، صارت

النتيجة النهائية من التقريبات الاثني عشر العقلية أمكن قبول التقريب الحادي عشر والتقريب الثاني عشر مع تعديل، أما بالنسبة إلى التقريب الثاني عشر فناقشنا في المقدمة الأولى وعدلناها فلم نقل إن الشارع لم يرضى بضياع الحكومة وتفويت الحكم وإنما قلنا إن الشارع لا يرضى بتفويت المصالح والأحكام الإسلامية ولأن الحكومة الإسلامية مقدمة للحفاظ على المصالح والأحكام الإسلامية نقول إن الشارع لا يرضى بفواتها لأنه لا يرضى بفوات المصالح الإسلامية وأما بالنسبة إلى التقريب الحادي عشر فإن المقدمة الأولى كانت تقول بضرورة الحكومة الإسلامية شرعاً وعقلاً وقلنا إن الثابت هو وجوب الحكومة الإسلامية شرعاً وعقلاً وأما إثبات ضرورتها فيحتاج إلى قلب قوي يجزم بالمسألة.

ولا بأس أن نشير إلى الفارق بين دليل الحسبة والذي هو ليس بدليل عقلي ولكن يمكن إدخاله ضمن الدليل العقلي وبين دليل ضرورة إقامة الحكومة عقلاً وشرعاً فنذكر ستة فوارق مهمة ذكرها الشيخ نوري حاتم [7]

الفرق الأوّل إن دليل ضرورة الولاية ناظر إلى الإسلام بوصفه عقيدة إلهية ونظام سياسي واجتماعي واقتصادي متكامل يجب تحكيمه في حياة المجتمع بينما دليل الحسبة ناظر إلى مجموعة أفعال خارجية نقطع بعدم رضا الشارع بإهمالها نظير حفظ مال الغائب والولاية على اليتيم وغسل الميت والدفاع عن المجتمع وتعليم الناس وما شاكل من أعمال لا مناص من وقوعها خارجاً، إذاً خلاصة الفرق الأوّل دليل ضرورة الحكومة الإسلامية عقلاً وشرعاً ناظر إلى ضرورة قيام نظام حكم متكامل بينما دليل الحسبة ناظر إلى خصوص الأفعال الخارجية التي نقطع أن الشارع لا يرضى بإهمالها، هذا هو القدر المتيقن من دليل الحسبة.

الفرق الثاني: إن نطاق عمل دليل الضرورة أوسع من نطاق عمل دليل الحسبة لأن دليل الضرورة يتناول جميع الأمور الدخيلة في إدارة المجتمع كالالتزام بنظام صحي ونظام تعليمي ونظام قضائي وكل الأمور التي تدل على نظام كامل متكامل بخلاف دليل الحسبة فهو لا يتناول إلا الأمور الضرورية جداً من الأعمال الفردية أو الاجتماعية التي يجب وقوعها وإلا أدى تركها إلى فوضى في الأوضاع العامة للمجتمع.

الفرق الثالث إن دليل الضرورة يقتضي وجوب وجود حاكم إسلامي يباشر إعمال الولاية وتجب طاعته امتثالاً لقوله تعالى ﴿أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [8] أما دليل الحسبة فهو لا يقتضي وجود حاكم ولا يقتضي وجوب طاعته بل لو لم يكن الشخص الواحد وافياً بالغرض فإنه يتوجه على الآخرين تكليف مستقل بوجوب المشاركة أي أنه يجب على عموم المؤمنين القيام بما تقتضيه الضرورة.

الفرق الرابع إن دليل ضرورة الولاية وضرورة الحكومة يقتضي ولاية الفقيه العامة لأن دليل الولاية ناظر إلى ضرورة تطبيق جميع الأحكام الإسلامية في المجتمع ومن الواضح أن القدر المتيقن من الولاية هو ولاية الفقيه العارف بتلك الأحكام ومن غير المعقول تولية موقع الرئاسة بيد شخص لا يعرف إلا النسب اليسير من الفقه الإسلامي، بخلاف دليل الحسبة فهو لا يقتضي ولاية الفقيه بل يكفي أن يسد الفراغ المؤمن العادل القادر على تولي العمل والقيام به.

الفرق الخامس إن كل عمل تراه الحكومة لازماً ومن شأن الحكومة القيام به يكون التصدي له مشروعاً بناءً على ضرورة الحكومة وإن كان تركه لا يؤدي إلى الفوضى في أوضاع المجتمع، بخلاف دليل الحسبة فلا يشمل العمل ما لم يبلغ مرتبة بحيث يؤدي تركه إلى الفوضى وسخط الشارع وعدم رضاه بذلك الترك ـ هذا يشير إلى بعض المباني ـ هناك مبنى وجوب حفظ النظام وهناك مبنى حرمة الإخلال بالنظام، مثلاً تعبر الشارع في الليل وتمشي بالسيارة الساعة الثانية ليلاً الشارع خالي والإشارة حمراء، هل يجوز اجتياز الإشارة الحمراء أم يجب التوقف، بناءً على مبنى وجوب حفظ النظام لا يجوز أن تعبر الإشارة الحمراء يجب أن تحفظ النظام لكن بناء على مبنى حرمة الإخلال بالنظام العام وحرمة نشر الفوضى وعدم النظم، هنا إذا عبرت في الليل إشارة الحمراء والشوارع كلها خالية هذا لا يؤدي إلى نشر الفوضى فلا يحرم العبور، إذاً فرق كبير بين وجوب حفظ النظام وبين القدر المتيقن وهو حرمة الإتيان بالأفعال الموجبة للإخلال بالنظام إما أن نقول بوجوب حفظ النظام العام وإما أن نقول بحرمة إشاعة الفوضى والإخلال بالنظام، دليل الحسبة القدر المتيقن منه هو الثاني يعني الأمور التي إن تركت شاعت الفوضى، هذه الأمور لا يرضى الشارع بتركها، أما مبنى ضرورة الحكومة عقلاً وشرعاً ينسجم مع وجوب حفظ النظام.

الفرق السادس في الموارد التي نشك في دخولها تحت دليل الولاية أو عدم دخولها فإن رأي الحاكم الشرعي ينقح مورداً لإطلاق أدلة الولاية العامة، فإذا شَخَّصَ الولي الفقيه دخول الأمر المشكوك تحت الأمور الواجبة لحفظ النظام الإسلامي فهذا يكفي، بخلاف دليل الحسبة فإنه لابد من القطع بأن الشارع لا يرضى بتركه فإذا شككنا في مورد هل يرضى الشارع بتركه أو لا فالأصل عدم الولاية وهذه نتيجة مهمة تترتب على دليل ضرورة الولاية ولا تترتب على دليل الحسبة، إلى هنا انتهينا بحمد اللهQ من الباب الأوّل الذي أعددناه لإقامة الأدلة على إثبات ولاية الفقيه العامة أو المطلقة، الفصل الأوّل الأدلة من القرآن الكريم وقد ذكرنا أثني عشر آية واتضح عدم دلالة أي آية من آيات الكتاب الكريم على ولاية الفقيه العامة فضلاً عن الولاية المطلقة.

الفصل الأوّل الأدلة اللفظية القسم الأول الأدلة اللفظية من القرآن الكريم، القسم الثاني الأدلة اللفظية من السنة الشريفة وقد ذكرنا خمسة وثلاثين رواية واتضح أن ثلاثة منها تدل على ولاية الفقيه العامة وواحدة من هذه الثلاثة تدل على ولاية الفقيه المطلقة وهي موثقة السكوني (الفقهاء أمناء الرسل) [9] واثنتان منها تدلان على ولاية الفقيه العامة وهما مقبولة عمر ابن حنظلة والتوقيع الشريف رواية إسحاق بن يعقوب (وأما الحوادث الواقعة)[10] وقد اتضح أن عشرين رواية من الروايات الخمسة وثلاثين مؤيدة لولاية الفقيه العامة وبعضها مؤيد لولاية الفقيه المطلقة كرواية إسماعيل بن جابر (الفقهاء أمناء)، و(الفقهاء ورثة الأنبياء)[11] [12] ، و(فقهاء أمتي كأنبياء بني إسرائيل) تدل على ولاية الفقيه، تؤيد ولاية الفقيه المطلقة، واتضح أيضاً أن اثني عشر من الروايات الخمسة وثلاثين لا تدل على ولاية الفقيه العامة أو المطلقة ولا تؤيدها، هذه خلاصة الكلام في الفصل الأوّل.

الفصل الثاني الاستدلال على ولاية الفقيه العامة أو المطلقة بسيرة المتشرعة أو العقلاء وقد اتضح عدم دلالة كلتا السيرتين على ولاية الفقيه العامة فضلا عن المطلقة.

الفصل الثالث الاستدلال على ولاية الفقيه العامة أو المطلقة بالإجماع وقد اتضح عدم حجية الإجماع على ولاية الفقيه العامة أو المطلقة.

الفصل الرابع والأخير الاستدلال على ولاية الفقيه العامة أو المطلقة بالدليل العقلي وقد ذكرنا اثني عشر تقريباً واتضح تمامية التقريب الحادي عشر والثاني عشر مع تعديل وعدم تمامية التقريبات العشر الأوّل وقد اتضح أيضاً أن التقريب الثاني عشر هو تقريب دليل الحسبة وليس دليلاً عقلياً كما اتضح أن التقريب الحادي عشر والذي مقدمته الأولى ضرورة إقامة الحكومة الإسلامية عقلاً وشرعاً اتضح أن الصحيح هو وجوب إقامة الحكومة الإسلامية عقلاً وشرعاً وليس دعوى الضرورة، فإذا قلنا إن المقدمة الأولى هي وجوب إقامة الحكومة الإسلامية عقلاً أصبح هذا الدليل الحادي عشر دليلاً عقلياً لأنه يتألف من مقدمتين، الأولى عقلية ضرورة إقامة الحكومة الإسلامية عقلاً.

والمقدمة الثانية يدور الأمر بين الفقيه وبين غير الفقيه فنقتصر على القدر المتيقن وهو الفقيه الجامع للشرائط فيصح أن التقريب الحادي عشر هو من أقسام الدليل العقلي وتارةً نقول إن المقدمة الأولى هي وجوب إقامة الدولة الإسلامية شرعاً أو ضرورة إقامة الحكومة الإسلامية شرعاً فيدخل هذا الدليل ضمن الدليل الشرعي فما هو الدليل الشرعي على وجوب إقامة الحكومة الإسلامية، أو ما هو الدليل الشرعي على ضرورة إقامة الحكومة الإسلامية؟ هذا ما يحتاج إلى بحث طويل سنتطرق له إن شاء الله تعالى في الباب الثاني الذي سنخصصه لأمرين:

الأمر الأوّل الأدلة الدالة على وجوب أو ضرورة إقامة الحكومة الإسلامية.

القسم الثاني هي دراسة الروايات التي يتصور أنها رادعة عن إقامة الحكم الإسلامي في عصر الغيبة الكبرى.

أما بالنسبة إلى الأمر الأوّل الأدلة الدالة على لزوم إقامة الحكومة الإسلامية فقد يتمسك بالروايات التي تشير إلى صفات الحاكم وصفات الرعية وبمجموعة هذه الروايات التي ذكرها السيد الإمام+[13] ، يفهم منها ضرورة إقامة الحكومة الإسلامية.

وأما الأمر الثاني الذي يستدل به على وجوب إقامة الحكومة الإسلامية فهو حقيقة القوانين الإسلامية وكيفيتها والسيد الإمام° يذكر ثلاثة أمور، الأمر الأوّل الأحكام المالية من زكاة وخمس وكفارات، الأمر الثاني أحكام الدفاع الوطني وأحكام الجهاد وسد ثغور المسلمين، الأمر الثالث أحكام إحقاق الحقوق والأحكام الجزائية فالسيد الإمام الخمينيî ذهب إلى ضرورة تشكيل الحكومة الإسلامية استناداً إلى أمرين:

الأمر الأوّل أدلة لزوم إقامة الحكومة في عصر الغيبة.

والأمر الثاني الاستناد إلى طبيعة الأحكام الشرعية خصوصاً الأحكام المالية وأحكام الدفاع والأحكام الجزائية وبهذا يتم الكلام في الاستدلال على ولاية الفقيه العامة بل ولاية الفقيه المطلقة واتضح أن الأدلة التامة على ولاية الفقيه العامة تتلخص في ثلاثة أسس أشار لها أستاذنا السيد كاظم الحائري [14]

ذكر ثلاثة أسس ويمكن أن نقول إن الأسس أربعة:

الأساس الأوّل على أساس مبدأ الأمور الحسبية وهو التقريب الثاني عشر الذي ذكرناه في الأدلة العقلية.

الأساس الثاني على أساس الأدلة اللفظية لوجوب إقامة الحكم، وقد أشرنا إليها في كلمات السيد الإمام وهي الأدلة الدالة على وجوب إقامة الحكم التي تذكر صفات الوالي وما شاكل ذلك.

الأساس الثالث على أساس النص على ولاية الفقيه وقد تطرقنا إليها في الأدلة اللفظية الروائية واتضح دلالة ثلاث روايات.

الأساس الرابع على أساس الدليل العقلي، هناك كتاب بالفارسي وهذا الكتاب لعله من أقوى الكتب التي كتبت إلى الآن في ولاية الفقيه المطلقة، هذا الكتاب اسمه بالفارسي (نظام معقول ولاية فقيه)، هذا الكتاب يشير إلى ثلاثة أشياء (معقوليت، مشروعيت، مقبوليت)، فهو يشير إلى ثلاثة عناصر تتوفر عليها ولاية الفقيه، الأمر الأوّل كونها معقولة، الأمر الثاني كونها مشروعة، الأمر الثالث كونها مقبولة، وقد كتبت الكثير من الكتب مؤخراً في معقولية ومشروعية ومقبولية ولاية الفقيه العامة وهناك أبحاث كثيرة سنتطرق إليها في الباب الرابع وهو أنه هل يشترط قبول الأمة للولي الفقيه أو لا، هل الولي الفقيه منصوب أو منتخب، كل هذه الأمور إن شاء الله سنتطرق إليها.

1- الخلاصة

ثبوت ولاية الفقيه العامة بل ولاية الفقيه المطلقة كما يراها الإمام الخميني+ لثلاث روايات وهي موثقة السكوني (الفقهاء أمناء الرسل) وهي العمدة

بنظرنا ومقبولة عمر بن حنظة وتوقيع إسحاق بن يعقوب الدالين على الولاية العامة، ويضاف إلى الأدلة اللفظية الدليل العقلي، وإذا تنزلنا وناقشنا في الأدلة اللفظية من جهة السند والدليل العقلي من ناحية الدلالة وتنزلنا فإن دليل الحسبة يثبت ولاية الفقيه العامة على أننا لا نلتزم بدليل الحسبة مع قيام الدليل اللفظي الخاص على ولاية الفقيه فضلاً عن دلالة الدليل اللفظي العام الدال على وجوب إقامة الحكومة الإسلامية في عصر الغيبة وبهذا ننتهي من الباب الأوّل ويصبح عندنا أصل موضوعي وهو ثبوت ولاية الفقيه العامة أو المطلقة في عصر الغيبة الكبرى، ويأتي هذا السؤال لو فُقد الفقيه هل تصل النوبة إلى عموم المؤمنين أو لا؟ هذا ما يأتي الكلام عليه في خاتمة الباب الأوّل، البحث في ولاية عدول المؤمنين وإنما جعلناه في الخاتمة لأنه ليس من مباحث ولاية الفقيه العامة ولكن نحتاج إلى هذا البحث لأنه يأتي على فرض عدم وجود الفقيه الجامع للشرائط فهل تثبت الولاية العامة لعموم المؤمنين أو لا؟ تبعاً للشيخ الأنصاريâ فبعد أن ذكر الولاية على الأب والجد ذكر الولاية للفقيه ثم ولاية عدول المؤمنين وعليه جرى أعلام العصر كالإمام الخمينيî في كتاب البيع والسيد الخوئي& في مصباح الفقاهة والتنقيح في شرح المكاسب والسيد الحكيم+ في نهج الفقاهة وغيرهم من محشي المكاسب كالمحقق الميزرا النائيني والأصفهاني والسيد اليزدي وغيرهم

وبعد الانتهاء من خاتمة الباب الأوّل البحث في ولاية عدول المؤمنين يقع الكلام في الباب الثاني الأدلة الدالة على وجوب الحكومة الإسلامية والأدلة الدالة على صفات الحاكم في الإسلام وشروطه والأدلة التي قد يتوهم أنها تردع عن إقامة الدولة الإسلامية في عصر الغيبة الكبرى، هذه ثلاثة مباحث مهمة لابد أن نتناولها في الباب الثاني بعد الفراغ من الخاتمة، خاتمة الباب الأوّل ولاية عدول المؤمنين.


[1] أحكام ولي الأمر في الدولة الإسلامية، ص79.
[7] أحكام ولي الأمر في الدولة الإسلامية، ج1، ص76.
[10] البراهين الوضحات (دراسات في القضاء)، ج1، ص53، 123.
[13] الحكومة الإسلامية، ج1، إص45.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo