< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدليل الثامن على وجوب إقامة الدولة الإسلامية في عصر الغيبة الكبرى

 

الدليل الثامن مؤلف من صغرا وكبرا وتستفاد هذه الصغرى والكبرى من نصوص كثيرة فنتيجة الصغرى والكبرى هي وجوب إقامة الدولة الإسلامية في مختلف العصور هذا الدليل اشار إليه الشيخ حسين علي المنتظري صفحة 182 الجزء الأول من كتابه دراسات في ولاية الفقيه[1] .

أما الصغرى فمفادها إن الإسلام يدعو المسلمين إلى التجمع والمرابطة والتشكل وتوحيد الكلمة وينهى عن الرهبنة والعزلة وعن التشتت والفرقة.

وأما الكبرى فمفادها إن الإمامة هي نظام الأمة وجامعة شتاتها وحافظة وحدتها

فتكون النتيجة لابد من وجود إمام ووال يحفظ وحدة الأمة ويجمع شمل الأمة

وقد أقام الشيخ المنتظري رحمه الله عدة أدلة من الآيات والروايات على الصغرى والكبرى:

أما الصغرى فقد استدل عليها بأربع آيات وسبع روايات فيكون المجموع أحد عشر دليلا وأما الكبرى فقد استدل عليها بثمان آيات وادعى وجود التواتر الإجمالي على دلالة هذه الروايات على الكبرى ثم ذكر رأيه النهائي صفحة 187 قائلا وبالجملة حفظ النظام من أوجب الواجبات والهرج والمرج واختلال أمور المسلمين من أبغض الأشياء لله تعالى ولا يتم حفظ النظام إلا بالحكومة ألا ترى أن بني اسرائيل لما كتب عليهم القتال وعلموا أن القتال لا يتيسر إلا بالتجمع والتكتل قالوا لنبي لهم أبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله فكان مرتكزا في أذهانهم أن التشكل لا يحصل إلا بملك حافظ للنظام والتشكل[2]

وفي نهاية هذا الدليل الذي عده دليلا سابعا قال صفحة 188 من الجزء الأول من الدراسات فانظر كيف اهتم الإسلام بتجمع المسلمين وتشكلهم وأراد كونهم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا فجعل الإمامة في الجماعة والجمعة والأعياد والحج والإمامة الكبرى سببا لنظامهم ووحدتهم [3]

اشكال الشيخ المؤمن على ادلة الشيخ المنتظري

إلا أن الشيخ المؤمن القمي حفظه الله قد تطرق إلى جميع الآيات والروايات التي استدل بها الشيخ المنتظري على الصغرى وناقشها بأجمعها وفندها بأجمعها ومن الملاحظ أن الشيخ المنتظري رحمه الله لم يذكر تقريب الاستدلال بالآيات والروايات فكأنما قد فرغ عن بداهة معناها فهي لا تحتاج إلى تقريب الإستدلال إلا أن الشيخ المؤمن القمي حفظه الله قد ذكر تقريب الاستدلال لكل آية ورواية وردت في الاستدلال على الصغرى ثم ناقشها في مقامين، المقام الأول في بيان المعنى اللغوي للآية والرواية والمقام الثاني في بيان المعنى الاصطلاحي وما قاله المفسرون وما دلت عليه الروايات الشريفة وخرج بهذه النتيجة وهي أن الصغرى ليست تامة فلا يتم الاستدلال حتى لو سلمنا بصحة الكبرى على أنه في نهاية بحثه حفظه الله قال إن الصغرى والكبرى ليسا تامين أي أن الآيات الأربع والروايات السبع التي استدل بها الشيخ المنتظري على الصغرى ليست تامة ثم الروايات الثمان التي استدل بها الشيخ المنتظري على الكبرى أيضا ليست تامة فتكون النتيجة عدم تمامية الاستدلال بالدليل الثامن حسب ترتيبنا وهو الدليل السابع حسب ترتيب الشيخ المنتظري وهو الدليل الخامس حسب ترتيب الشيخ المؤمن القمي يراجع كتابه الولاية الإلهية الإسلامية الجزء الثالث صفحة 63 وقد تناول هذا البحث من صفحة 63 إلى صفحة 80 يعني حوالي 17 صفحة في مناقشة هذه الآيات والروايات، صفحة 63 يقول الخامس منها ما ذكره فيها بقوله الدليل السابع نتيجة صغرى وكبرى كلية يستفاد كل منهما من نصوص كثيرة.

ثم بعد أن ناقش الصغرى وجميع الأدلة التي استدل بها على الصغرى ؟؟؟ إلى هذه النتيجة طبعا نتيجته النهائية صفحة 80 من الجزء الثالث قال فالحاصل أن الأدلة المذكورة لإثبات الصغرى والكبرى المذكورتين غير تامة والسند ما مر هذا بالنسبة إلى تلك النتيجتين أما بالنسبة إلى الصغرى، الصغرى بعد أن ناقش الآيات الأربع ثم ناقش بعد ذلك الروايات السبع قال ما لفظه صفحة 79 فحاصل الكلام إنه لا دلالة لشيء من الآيات والأخبار المذكورة على وجوب اجتماع المسلمين وتوحيد كلمتهم بالمعنى الذي ذكره فلا تتم صغرى هذا الدليل أصلا ومع عدم تمامها لا أثر للكبرى أصلا.

إلى هنا بينا أصل الكبرى والصغرى التين طرحهما الشيخ المنتظري في دليله السابق هذا أولا، وثانيا بينا نتيجة مناقشة الشيخ محمد المؤمن القمي لصغرى وكبرى الشيخ المنتظري رحمه الله ولو أردنا أن نتطرق إلى كل آية وكل رواية فإن البحث سيطول كثيرا ولا حاجة إلى إطالة البحث في ذلك بل سنقتصر على إيراد جميع الآيات والروايات التي استدل بها الشيخ المنتظري على الصغرى والكبرى مع مناقشة طفيفة تكفي للتشكيك في دلالة هذه الآيات والروايات على الصغرى أو الكبرى المدعى فنكتفي بالتلويح بنحو الإشارة ومن أراد التفصيل فعليه بمراجعة كتاب الشيخ محمد المؤمن القمي الولاية الإلهية الإسلامية الجزء الثالث من صفحة 63 إلى صفحة 80.

الاشكال على الأيات و الروايات التي استدل بها الشيخ المنتظري في الدليل الثامن (حسب ترتيبنا)

أما الصغرى فهي أن الإسلام يدعو المسلمين إلى التجمع والمرابطة وتوحيد الكلمة يقول الشيخ المنتظري الجزء الأول من الدراسات صفحة 183 أما الصغرى فيدل عليها آيات وأخبار كثيرة بل متواترة اجمالا ثم يذكر أربع آيات وسبع روايات الآية الأولى قوله تعالى ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إن كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا﴾[4] ولم يذكر تقريب الاستدلال رحمه الله ولكن قد يقال في تقريب الاستدلال إن الآية تدل على وجوب وحدة المسلمين في مقابل أعداءهم وهذا يكفي لاثبات الصغرى.

وفيه إن هذه الآية الكريمة مسبوقة بآيات تدل على تنازع المسلمين فيما بينهم فبقرينة السياق يفهم من هذه الآية أمور أخرى ومن أهم ما يفهم من هذه الآية أنها تنص على وجوب الاعتصام بحبل الله إذ وردت فيها سيرة ؟؟؟ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فهي تدل على وجوب الاعتصام بحبل الله فيقع الكلام ما هو حبل الله؟ ولو رجعنا إلى الروايات الشريفة لوجدنا أن بعض الروايات تشير إلى أن حبل الله هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وبالتالي هذه الآية لا تدل على وحدة المسلمين جميعا وإنما تدل على وحدة المسلمين حول ولاية علي بن أبي طالب وهذا ما يقول به الشيعة الإمامية فلا تدل الآية على المدعى.

الآية الثانية قوله عز من قائل ﴿إنما المؤمنون أخوة﴾[5] ، طبعا الشيخ المنتظري كل الآيات والروايات لم يذكر تقريب الاستدلال لها نحن نذكر تقريب الاستدلال بشكل يسير وبسيط ونناقش بنحو الإشارة الخاطفة والتفصيل يمكن الرجوع إلى كتاب الشيخ المؤمن القمي وغيره.

تقريب الاستدلال بهذه الآية إن الآية حصرت الاخوة بين المؤمنين في مقابل الكفار والفاسقين وفيه لو رجعنا إلى الآية التي تسبق هذه الآية في سورة الحجرات نجد أنها تقول ﴿وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما﴾[6] فالآيات السابقة ناظرة إلى اقتتال المسلمين داخليا ثم في نهاية هذه الآيات تقول الآية الكريمة ﴿إنما المؤمنون اخوة﴾[7] فيفهم من هذه الآية الكريمة أنها تشير إلى ضرورة التلاحم النفسي والتقارب الروحي بين المسلمين لا أنها تشير إلى وحدة المسلمين في مقابل الكفار فهي تقول أنتم اخوة فعلام تقتتلوا فلابد أن يحصل التقارب النفسي والتمازج الروحي ولا ينبغي لكم أن تقتتلوا فالآية اجنبية عن المدعى.

الآية الثالثة قوله عز من قائل ﴿يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا﴾[8] تقريب الاستدلال إن الآية الكريمة تأمر الذين آمنوا بالصبر والمرابطة والاتحاد في مقابل الأعداء وفيه إن مصطلح المرابطة في اللغة والاصطلاح يراد به التناوب لحفظ ثغور المسلمين وحفظ ثغور الدولة وهذا معنى آخر يختلف عن الوحدة في مقابل الأعداء وإذا رجعنا إلى بعض الروايات الشريفة سنجد أنها تشير إلى أن المرابطة هي عبارة عن الالتفاف حول ولاية أمير المؤمنين عليه افضل صلوات المصلين لأن إمامة أمير المؤمنين وإمامة الأئمة هي ثغر الإسلام والالتفاف حول ولاية الأئمة عليهم السلام عبارة عن المرابطة لحفظ ثغور الإسلام تفصيل الكلام في الآيات والروايات والاستدلال ومناقشته موجود في كتاب الشيخ المؤمن القمي فليراجع الجزء الثالث صفحة 63 وما بعدها.

الآية الرابعة قوله تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان﴾.[9]

تقريب الاستدلال إن السلم أو السَلم يطلق في اللغة على عدة معان ومنها الصلح فالآية الكريمة تقول إدخلوا في السلم كافة أي أدخلوا في الصلح كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان فإذا دخل المسلمون جميعا في الصلح كافة تمت الوحدة بينهم وهذا هو المطلوب وفيه إن السلم أو السَلم كما يطلق على الصلح يطلق أيضا على الاسلام وعلى الانقياد لمبادئه ويطلق أيضا على الطاعة وإذا لاحظنا سياق الآية سنجد أن المراد بالسلم لعله أقرب إلى معنى الطاعة والإنقياد للإسلام ومبادئه من الصلح فالآية الكريمة تقول ﴿يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان﴾[10] أي يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في الإسلام وادخلوا في الطاعة وانقادوا لله ولا تتبعوا خطوات الشيطان فهذا المعنى لعله أقرب إلى معنى السلم من معنى الصلح.

إلى هنا أتضح أن الآيات الأربع الأول التي استدل بها الشيخ المنتظري على الصغرى قابلة للمناقشة

وأما الروايات، الرواية الأولى ما رواه أبن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ثلاث لا يول عليهن قلب امرء مسلم اخلاص العمل لله والنصيحة للأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم فإن دعوتهم محيطة من وراءهم المسلمون أخوة تتكافئ دمائهم ويسعى بذمتهم أدناهم[11] ، الكافي الجزء الأول صفحة 403 كتاب الحجة باب ما أمر النبي صلى الله عليه وآله بالنصيحة الحديث الأول.

هذه الرواية من ناحية السند تامة السند سندها صحيح وأما من ناحية الدلالة فقد يقرب الاستدلال بقوله عليه السلام (واللزوم لجماعتهم) أي لجماعة المسلمين فهي تدل على لزوم الجماعة ولزوم الوحدة

وفيه إن الضمير في قوله عليه السلام واللزوم لجماعتهم كما يحتمل أن يعود إلى المسلمين وهو أقرب المراجع لأن العبارة السابقة لأئمة المسلمين يحتمل أيضا أن يعود إلى أئمة المسلمين وليس إلى كل المسلمين فتكون الرواية هكذا ثلاث لا يضل عليهن قلب امرء مسلم اخلاص العمل لله والنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ـ لجماعة أئمة المسلمين ـ خصوصا إذا رجعنا إلى هذه الرواية والروايات المشابهة لها نجد أن هذا الكلام قد صدر عن النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع وقد ذكره في خطبته في مناء بمسجد الخيف وهذه الرواية مشهورة عند السنة والشيعة التي يقول في مفتتحها صلى الله عليه وآله نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم نقلها إلى من لم يسمعها ورب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم[12] فتكون هذه الرواية بمثابة التمهيد لتبشير النبي صلى الله عليه وآله بإمامة أمير المؤمنين بعد ذلك في واقعة الغدير وهذا المعنى ينسجم مع الشواهد التاريخية من جهة ومع مبنى الشيعة الإمامية الذين يرون ضرورة الوحدة والالتفاف حول ولاية أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلين نعم رجوع الضمير إلى المسلمين هو الأوفق بحسب اللغة إذ أنه أقرب المراجع ولكن كما يحتمل رجوع ضمير هم في وقف جماعتهم إلى كل المسلمين كذلك يحتمل أن يعود إلى أئمة المسلمين وهو الأوفق بمقررات المذهب وإذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال.

الرواية الثانية ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال من فارق جماعة المسلمين قيد شبر فقد خلع رفقة الإسلام من عنقه[13] الكافي الجزء الأول صفحة 404 كتاب الحجة باب ما أمر النبي صلى الله عليه وآله بالنصيحة الحديث الرابع والكلام في هذه الرواية هو الكلام في الرواية السابقة فقول الصادق عليه السلام جماعة المسلمين هل المراد به مطلق جماعة المسلمين أو خصوص جماعة المسلمين الخاصة التي التفت حول ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فقد يستظهر أن المراد بها خصوص الشيعة الإمامية التي يعبر عنها في بعض الروايات من يعرف هذا الأمر يعني مبدأ الإمامة، هذه الرواية ضعيفة من ناحية السند ساقطة الرواية الأولى رواية أبن أبي يعفور صحيحة السند هذه الرواية رواية الحلبي ضعيفة بوجود المفضل بن صالح الذي ورد فيه أنه أكذب أهل البرية أبو جميلة فتسقط عن الإستدلال.

الرواية الثالثة عن أبي عبد الله عليه السلام قال من فارق جماعة المسلمين ونكث صفقة الإمام جاء إلى الله اجذم[14] الكافي الجزء الأول صفحة 405 كتاب الحجة باب ما أمر النبي صلى الله عليه وآله بالنصيحة الحديث الخامس.

تقريب الاستدلال الرواية تدل بوضوح على أهمية وحدة المسلمين بحيث أن من يفارق جماعة المسلمين ياتي إلى الله عز وجل ويحشر اجذم

وفيه إن هذه الرواية غير تامة سندا ودلالة أما من ناحية السند ففيها أبو جميلة المفضل بن صالح وهو ليس بثقة معروف بالكذب والوضع وأما الدلالة فهناك قرينة تدل على أن المراد بجماعة المسلمين هم خصوص من يؤمن بولاية أمير المؤمنين وهذه القرينة هي قول الصادق عليه السلام ونكث صفقة الإمام من فارق جماعة المسلمين ونكث صفقة الإمام فمن الواضح أن الصادق عليه السلام لا يقصد بالإمام الإمام الذي اغتصب الخلافة واصبح إماما ظاهريا وإنما المراد الإمام الواقعي وهو أمير المؤمنين ومن جاء بعده من الائمة الطاهرين عليهم أفضل صلوات المصلين إذن هذه الرواية الثالثة قرينة على أن المراد بالرواية الأولى من جماعة المسلمين هم خصوص الشيعة الذين التفوا حول أمير المؤمنين وآمنوا بولاية الأئمة عليهم السلام.

الرواية الرابعة في نهج البلاغة قال أمير المؤمنين عليه السلام والزموا السواد الأعظم فإن يد الله على الجماعة وإياكم والفرقة فإن الشاذ من الناس للشيطان كما أن الشاذ من الغنم للذئب ألا من دعا إلى هذا الشعار فاقتلوه ولو كان تحت عماتي هذه[15] ، نهج البلاغة صفحة 392 الفيض الكاشاني نسخة الشيخ محمد عبدة الجزء الثاني صفحة 11 وفي نسخة أخرى صفحة 184 الخطبة 127

وفيه أما من ناحية السند فالرواية مرسلة ويسقط الاستدلال بها وأما من ناحية الدلالة فأمير المؤمنين ناظر إلى إمامته وإلى التفاف الجماعة حول ولايته وإمامته فيحث المسلمين على أن من يخرج عليه ويخرج على الجماعة التي التفت حوله وآمنت بإمامته وخلافته وبايعته يحث المسلمين على مقاطعتهم وعلى قتل من ينكث هذه البيعة ولو كان تحت عمامته صلوات الله وسلامه عليه فالرواية اجنبية عن المدعى.

الرواية الخامسة في نهج البلاغة أيضا إن هؤلاء قد تمالئوا على سخطة إمارتي، قد تمالئوا يعني قد اجتمعوا واتفقوا، وسأصبر ما لم أخف على جماعتكم فإنهم إن تمموا يعني واصلوا على فيالة هذا الرأي، فيالة هذا الرأي يعني ضعف هذا الرأي، فإنهم إن تمموا على فيالة هذا الرأي إنقطع نظام المسلمين،[16] نهج البلاغة نسخة الفيض صفحة 549 نسخة الشيخ محمد عبدو الجزء الثاني صفحة 100 في نسخة أخرى صفحة 244 الخطبة 169.

وفيه إن هذه الرواية مرسلة من ناحية السند وأما من ناحية الدلالة فمن الواضح أن امير المؤمنين كان ناظرا إلى خصوص من خرجوا عليه إذ قال إن هؤلاء قد تمالئوا على صفقة إمارتي يعني اتفقوا على الخروج على الإمارة وإظهار السخط والغضب وعدم القبول فالرواية اجنبية عن المدعى.

الرواية السادسة وفي مسند أحمد بن حنبل عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا،[17] مسند أحمد بن حنبل الجزء الرابع صفحة 405

وفيه إن هذه الرواية عامية فهي غير معتبرة من ناحية السند وأما من ناحية الدلالة فهي تدل على شد البنيان الداخلي والتقارب النفسي والأخوي بين المسلمين ولا تدل على وجوب توحدهم في مقابل الأعداء والكفار.

الرواية السابعة وفي صحيح مسلم بإسناده عن عرفجة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه[18] ، صحيح مسلم الجزء الثالث صفحة 1430 في طبعة أخرى الجزء السادس صفحة 23 كتاب الإمارة باب حكم ؟؟؟ أي مسلمين وهم مجتمعون.

تقريب الاستدلال من هذه الرواية إن النبي صلى الله عليه وآله يقرر قاعدة كلية وهي إذا اجتمع جميع المسلمين على رجل واحد وجاءهم من يريد أن يشق عصاهم أو يفرق جماعتهم فلابد من أن يقتل

وفيه أما من ناحية السند فالرواية عامية فهي ساقطة عن الاعتبار وأما من ناحية الدلالة فهل يعقل أن رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إن كل من اجتمع عليه المسلمون ولو كان فاسقا ولو كان فاجرا فلابد أن ينفذ أمره ويقتل من يقوم عليه هذا غير موافق للمبادئ التي ذكرتها آيات كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله

إذن لابد أن يكون الرجل الذي اجتمع عليه المسلمون هو الرجل المتوفر على صفات الإمام الحقيقي والواقعي ولابد أن تتوفر صفات الخليفة الشرعي لرسول الله صلى الله عليه وآله فإذا ما اجتمع المسلمون على رجل توفرت فيه الصفات التي يراها رسول الله صلى الله عليه وآله وهو علي بن أبي طالب فإن من يخرج عليه يقتل ولا يعقل أن يقول النبي لو اجتمع المسلمون على رجل كما يدعى في حق يزيد بن معاوية إذ أخذ معاوية البيعة من المسلمين ولو بالقوة لولده يزيد في ولاية العهد من بعده فهل يكون الحسين صلوات الله وسلامه عليه يقتل بسيف جده كما قال شريح القاضي الحسين تجاوز حده فيقتل بسيف جده هذا غير مقبول.

هذا تمام الكلام في الآيات الأربع والروايات السبع التي استدل بها الشيخ المنتظري رحمه الله على الصغرى فالدليل لا يدل على المدعى أو لا اقل هذه الأدلة قابلة للمناقشة أو تحتمل عدة احتمالات إن لم نقبل هذه الاستظهارات وإذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال.

وأما الروايات التي استدل بها الشيخ المنتظري على الكبرى فنقرأها مع مناقشة خاطفة وسريعة، قال رحمه الله صفحة 184 الجزء الأول من دراسات في ولاية الفقيه الرواية الأولى قال وأما ما يدل على الكبرى ففي نهج البلاغة فرض الله الإيمان تطهيرا من الشرك والإمامة نظاما للأمة والطاعة تعظيما للإمامة، نهج البلاغة نسخة فيض صفحة 1197 نسخة الشيخ محمد عبدة الجزء الثالث صفحة 280 وفي نسخة أخرى صفحة 512 ؟؟؟ 258 يقول الشيخ المنتظري وأعلم أن نسخ نهج البلاغة هنا مختلفة ففي بعضها والإمامة وفي بعضها ؟؟؟ ولكن في النهج المكتوب في سند 494 والإمامة نظاما على الأمة وفي موضع من الغرر والدرر للآمدي والإمامة نظاما للأمة الغرر والدرر الجزء الرابع صفحة 457 الحديث 6680 وفي موضع آخر منه الإمامة نظام الامة الغرر والدرر الجزء الأول صفحة 274 الحديث 1095 وفي خطبة الزهراء سلام الله عليها وطاعتنا نظام للملة وإمامتنا لما للفرقة وفي نسخة وإمامتنا أمان من الفرقة كشف الغمة الأربلي الجزء الثاني صفحة 109.

وفيه إن روايات نهج البلاغة مرسلة ولو غضضنا النظر عن ارسال هذه الروايات فإنها تشير إلى خصوص إمامة الأئمة المعصومين عليهم السلام ولا تشمل إمامة نوابهم وهم الفقهاء الجامعين لشرائط الفتوى في عصر الغيبة الكبرى فالدليل أخص من المدعى، الدليل يثبت كون إمامة الأئمة أمانا من الفرقة في عصر حضورهم ولا تشير إلى إمامة نوابهم من الفقهاء في عصر الغيبة الكبرى.

الرواية الثانية وروى المفيد في الآمالي بسنده عن أبن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله اسمعوا واطيعوا لمن ولاه الله الأمر فإنه نظام الإسلام[19] ، الآمالي للمفيد الجزء الأول صفحة 14 المجلسي 2 الحديث 2.

وفيه إن المراد لمن ولاه الأمر هم الأئمة المعصومون عليهم أفضل صلوات المصلين ولا يشمل الفقيه الجامع للشرائط فالدليل أخص من المدعى فلا يدل على المدعى.

الرواية الثالثة في الكافي في كلام طويل للإمام الرضا عليه السلام في الإمامة قال إن الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين إن الإمامة أس الإسلام النامي وفاءه السامي بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفيء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والأطراف، الإمام يحل حلال الله ويحرم حرام الله ويقيم حدود الله ويذب عن دين الله.[20]

وفيه إن هذه الرواية من الواضح أنها ناظرة إلى خصوص إمامة الائمة المعصومين عليهم أفضل صلوات المصلين فلا تشمل إمامة الفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة الكبرى.

الرواية الرابعة في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه السلام ومكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه ويضمه فإذا انقطع النظام تفرق الخرز والذهب ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا[21] ، نهج البلاغة نسخة الفيض صفحة 442 نسخة الشيخ محمد عبدو الجزء الثاني صفحة 39 في نسخة أخرى صفحة 203 الخطبة 146.

وفيه إن كلام أمير المؤمنين ناظر إلى خصوص إمامة الأئمة المعصومين عليهم السلام فلما يقول ومكان القيم بالأمر والمراد بالقيم بالأمر الإمام الذي جعله الله تبارك وتعالى قيما ونائبا عن النبي صلى الله عليه وآله فلا تشمل الفقيه الجامع للشرائط.

الرواية الخامسة أيضا ما في نهج البلاغة قال عليه السلام وَأَعْظَمُ مَا افْتَرَضَ ـ سُبْحانَهُ ـ مِنْ تِلكَ الْحُقُوقِ حَقُّ الْوَالِي عَلَى الرَّعِيَّةِ، وَحَقُّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْوَالِي، فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اللهُ ـ سُبْحانَهُ ـ لِكُلٍّ عَلَى كُلٍّ، فَجَعَلَهَا نِظَاماً لاُِلْفَتِهِمْ، وَعِزّاً لِدِينِهِمْ. فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِيَّةُ إِلاَّ بِصَلاَحِ الْوُلاَةِ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ إِلاَّ بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِيَّةِ، فَإِذَا أَدَّتِ الرَّعِيَّةُ إِلَى الْوَالِي حَقَّهُ، وَأَدَّى الْوَالِي إِلَيْهَا حَقَّهَا عَزَّ الْحَقُّ بَيْنَهُمْ، وَقَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّينِ، وَاعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ، وَجَرَتْ عَلَى أَذْلاَلِهَا السُّنَنُ، فَصَلَحَ بِذلِكَ الزَّمَانُ، وَطُمِعَ فِي بَقَاءِ الدَّوْلَةِ، وَيَئِسَتْ مَطَامِعُ الاْعْدَاءِ. وَإِذَا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا، أَوْ أَجْحَفَ الْوَالِي بِرَعِيَّتِهِ، اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ الْكَلِمَةُ، وَظَهَرَتْ مَعَالِمُ الْجَوْرِ، وَكَثُرَ الاْدْغَالُ فِي الدِّينِ، وَتُرِكَتْ مَحَاجُّ السُّنَنِ، فَعُمِلَ بِالْهَوَى، وَعُطِّلَتِ الاْحْكَامُ، وَكَثُرَتْ عِلَلُ النُّفُوسِ، فَلاَ يُسْتَوْحَشُ لِعَظِيمِ حَقٍّ عُطِّلَ، وَلاَ لِعَظِيمِ بَاطِل فُعِلَ! فَهُنَالِكَ تَذِلُّ الاْبْرَارُ، وَتَعِزُّ الاْشْرَارُ، وَتَعْظُمُ تَبِعَاتُ اللهِ سُبْحانَهُ عِنْدَ الْعِبَادِ[22] ، نهج البلاغة نسخة الفيض صفحة 683 ونسخة عبدو الجزء الثاني صفحة 224 وفي نسخة أخرى من نهج البلاغة صفحة 333 الخطبة 216، روضة الكافي الجزء الثاني صفحة 354.

وفيه إن هذه الرواية ناظرة إلى الوالي الحق وهو الإمام المعصوم عليه السلام إذ كان يشير إلى ذلك في أيام ولايته، ولكن قد يقال إن الإمام عليه السلام استخدم لفظ الوالي ولم يستخدم لفظ الإمام فنتمسك بالإطلاق الوارد في الرواية لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فبقرينة أ، هذه الخطبة كانت بصفين فأمير المؤمنين ناظر إلى الوالي الحق في مقابل الوالي الباطل وهو معاوية في ذلك الوقت فمن الواضح أن القدر المتيقن من هذه الرواية هو خصوص الوالي الحق الوالي المعصوم الإمام المعصوم، فالرواية خارجة عن المطلب تدل على خصوص ولاية أمير المؤمنين.

الرواية السادسة عامية وفي سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم[23] ، ونقلوا عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله سنن أبي داود الجزء الثاني صفحة 34 كتاب الجهاد باب في القوم يسافرون ويؤمرون أحدهم.

وفيه أما من ناحية السند فالرواية عامية وأما من ناحية الدلالة فهي تدل على لزوم تقديم إمام وهذا المطلب موجود في الروايات من أن إمام الحق أولى من إمام الباطل وإمام الباطل أولى بالفوضى فهذا لا يدل على المدعى.

الرواية السابعة وفي مسند أحمد بن حنبل عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمّروا أحدهم مسند[24] أحمد الجزء الثاني صفحة 177 والكلام في الرواية السابعة كالكلام في الرواية السادسة هذا أمر قهري من أنه لابد من وجود رئيس.

الرواية الثامنة يقول الشيخ المنتظري صفحة 180 ويدل أيضا على أهمية الحكومة في صلاح الأمة وحفظ نظامها ما رواه في الخصال عن الشيخ الصدوق عن السكوني عن جعفر عن أبيه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي وإذا فسدا فسدت أمتي قيل يا رسول الله ومن هما قال الفقهاء والأمراء[25] ، الخصال الجزء الأول صفحة 36 باب الأثنين الحديث 12.

وفيه إن هذه الرواية اجنبية عن المدعى فهي تشير إلى حقيقة خارجية وهي وجود صنفين مؤثرين في حياة الأمم وهما الفقهاء والأمراء ولا تدل على لزوم وجود أمير أو لزوم وجود فقيه، هذا تمام الكلام في مناقشة الروايات الثمانية التي استدل بها الشيخ المنتظري على الكبرى ومناقشة الروايات السبع والآيات الأربع التي استدل بها الشيخ المنتظري على الصغرى فتكون النتيجة إما الصغرى والكبرى مخدوشة فلا يتم الاستدلال بالدليل السابع الذي استدل به الشيخ المنتظري وهو الدليل الثامن حسب ترتيبنا، النتيجة النهائية الدليل الثامن غير تام الدلالة على وجود إقامة الدولة الإسلامية في عصر الغيبة الكبرى.

الدليل التاسع الرواية المعروفة بني الإسلام على خمس إلى أن يقول والولاية ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية[26] ، الدليل التاسع يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo