< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/05/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرواية التاسعة والعشرون: وهي أيضاً حرمة القيام قبل قيام القائم

من الروايات التي اسُتدل بها على حرمة القيام قبل قيام القائم× هي الرواية الثانية عشر التي ذكرها المحدث الشيخ حسين النوري الطبرسي([1] )، ذكرنا الروايات الأحد عشر الذي ذكرها صاحب المستدرك ونقلها عن كتاب الغيبة للنعماني.

الرواية الثانية عشر ما نقلها عن تفسير العياشي، قال العياشي في تفسيره عن بريد عن أبي جعفر×([2] )، إذا رجعنا إلى الطبعة الحجرية عن يزيد وليس بريد ولكن إذا نراجع البرهان والبحار وغيرهما نجد أنها عن بريد([3] )، سند الرواية هكذا العياشي يقول عن بريد عن أبي جعفر¤ في قوله تعالى >اصبروا ـ يعني بذلك عن المعاصي ـ وصابروا ـ يعني التقية ـ ورابطوا ـ يعني على الأئمة^ ـ ثم قال أتدري ما معنى اِلْبِدُوا ما لَبَدْنَا فإذا تحركنا فتحركوا< إلى آخر الخبر ([4] ).

والتحقيق: أن هذه الرواية لا تدل على حرمة القيام قبل قيام القائم$ وإنما تأمر بالسكينة والمكث والسكون إذا سكن الأئمة^ وتأمر بالتحرك إذا تحرك الأئمة^ فالرواية تحث على لزوم الطاعة للأئمة¥ فقد جاء في الرواية ناء الفاعلين >البدوا ما لبدنا فإذا تحركنا فتحركوا<([5] ) والضمير في ناء الفاعلِ يعود إلى الأئمة^ لأن القائل في الرواية هو أبو جعفر الباقر×، إذاً الرواية التاسعة والعشرون لا تدل على حرمة القيام قبل قيام القائم# وإنما تأمر بلزوم الطاعة للأئمة^ إن قاموا أو قعدوا.

الرواية الثلاثون: علامات المهدي× من آل محمد^

وهي الرواية الثالثة عشر من الباب الثاني عشر([6] )، كتاب جعفر بن محمد أبن شريح الحضرمي عن إبراهيم بن جبير عن جابر قال: قال لي محمد بن علي‘ ـ الإمام الباقرـ : >يا جابر إنَّ لبني العباس راية ولغيرهم رايات فإياك ثم إياك ثم إياك ثلاثاً حتى ترى رجلاً من ولد الحسينj يبايع له بين الركن والمقام معه سلاح رسول الله| ومظفر رسول الله| ودرع رسول الله| وسيف رسول الله|<([7] ).

والتحقيق: إن هذه الرواية ناظرة إلى علامات من يخرج باسم المهدوية، فالرواية الشريفة تشير إلى أن الذي يخرج على أنه المهدي من آل محمد^ أوّلاً هو من ولد الحسين× وثانياً يبايع له بين الركن والمقام وثالثاً معه سلاح رسول الله ورابعاً معه مظفر رسول الله والمظفر هو ما يوضع تحت الترس يعني بين الترس الذي يلبس على الرأس بين الرأس والترس يوضع المظفر وخامساً معه درع رسول الله وسادساً معه سيف رسول الله| فإذاً الرواية ناظرة إلى الرايات التي تدعي المهدوية خصوصا أن الرواية استهلت الحديث برايات بني العباس ومن المعلوم أن رايات بني العباس رفعت شعار الرضا من آل محمد فقد يفهم منها أنها خرجت لنصرة المهدي من آل محمد| فالإمام الباقرj يحذر يا جابر إن لبني العباس راية ولغيرهم رايات يعني هناك عدة رايات تدعي المهدوية ثم يحذره ثلاث مرات >فإياك ثم إياك ثم إياك حتى ترى رجلاً من ولد الحسين×<، إذاً الرواية الثلاثون ناظرة إلى علامات المهدي من آل محمد الذي يخرج في آخر الزمان وليست ناظرة إلى مطلق الخروج بل هي ناظرة إلى خصوص من يخرج تحت عنوان المهدوية، إذاً الرواية الثلاثون غير تامة سنداً ودلالة فهي ضعيفة السند كما أن الرواية التاسعة والعشرون ضعيفة السند أيضاً فهي من مرسلات تفسير العياشي، إذاً الرواية الثلاثون لا تدل على حرمة القيام قبل قيام القائم# فهي مخدوشة سنداً ودلالة.

الرواية الحادية والثلاثون: علامة نزول الروم الرميلة

هي الرواية الرابعة عشر من الباب الثاني عشر من أبواب جهاد العدو وما يناسبه من مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، يقول صاحب المستدرك وبهذا الإسناد عن جابر يعني كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي عن إبراهيم أبن جبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال محمد بن علي الباقر×: >ضع خدك على الأرض ـ طبعاً في نسخة المستدرك ضع خدك الأرض ولكن إذا نرجع إلى كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي([8] )، موجود لفظ على ضع خدك على الأرض ـ ولا تحرك رجليك حتى ينزل الروم الرميلة والترك الجزيرة وينادي مناد من دمشق<([9] ).

والتحقيق: إن هذه الرواية لا تنهى عن القيام قبل قيام القائم× وإنما تذكر بعض العلامات غير الحتمية لخروج القائم× فمن تلك العلامات نزول الروم الرميلة، هنا في الحاشية الظاهر الرملة وهي مدينة عظيمة بفلسطين لعلها هي المقصودة([10] ).

إذا رجعنا إلى الروايات المذكورة في كتاب الغيبة للشيخ الطوسي+ والغيبة للنعماني وكتاب كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوقî نجد العجب العجاب فإن الكثير من الروايات التي نصت على علامات ظهور الإمام الحجة× تكاد تقترب هذه العلامات يومنا هذا، فمن تلك العلامات معركة قرقيسيا وقرقيسيا هي منطقة على الحدود السورية التركية، وتشير الروايات إلى وقوع معركة بين ثلاثة وهي الأتراك والأكراد والروم وتشير الروايات إلى أن المعركة تطول ولا يغلب أحد منهم وهذا ما نراه اليوم في معركة عفرين، الآن في منطقة عفرين على الحدود السورية التركية فإن تركية قد أدخلت جيشها لقتال الأكراد في عفرين وهناك يتواجد الروم القوات الأمريكية والقوات الروسية ولا تزال المعركة قائمة إلى هذه اللحظة بين الأكراد والأتراك، وتشير الروايات إلى معركتين في قرقيسيا المعركة الأولى قبل ظهور السفياني والمعركة الثانية بعد خروج السفياني، والسفياني يشترك في معركة قرقيسيا الثانية وتكون أيضاً بين الأكراد والأتراك والروم والسفياني يخرج لستة شهور قبل انتصاره، وإذا انتصر فإنه يحكم حمل امرأة يعني تسعة شهور فالمدة الكاملة للسفياني منذ خروجه إلى انتصاره وحكمه إلى موته خمسة عشر شهراً، ستة شهور ما قبل انتصاره وتسعة شهور بعد انتصاره ويقتله الإمام الحجة عند بحيرة طبريا بفلسطين، والسفياني هو من نسل أبي سفيان ويقال إنه من نسل خالد بن أبي سفيان أخ معاوية بن أبي سفيان، وفي الروايات في الشام يخرج وتخرج ثلاث رايات، راية السفياني وراية الأصهب وراية الأشهب فيقتل السفياني الأشهب ثم يقتل السفياني الأصهب والأصهب اسم من أسماء الأسد فإذا قتل السفياني الأصهب سيطر على الشام ثم يسمع بظهور الإمام الحجة في المدينة فيحرك جيشه نحو المدينة فينطلق جيش السفياني إلى الإمام الحجة في المدينة المنورة فيخرج الإمام الحجة من المدينة خائفاً يترقب ميمماً وجهه نحو مكة فيخسف بجيش السفياني في البيداء وهي الصحراء التي تلي الخارج من المدينة باتجاه مكة ولا يبقى من جيشه إلا ثلاثة يرجعون إلى السفياني لإعلامه بما جرى للجيش السفياني، كما أن السفياني يحرك جيشه نحو العراق ويعيث في الأرض فساداً ويقتل من يقتل في الكوفة ولا يقف نزيف الدم بالعراق حتى يدخل الإمام الحجة العراق يتحرك جيش الإمام المهدي ويتحرك اليماني لنصرة الإمام المهدي ويدخلون العراق، فراية اليماني أهدى الرايات لأنها راية مناصرة أي أنها تدخل مع الإمام الحجة في المعركة وتنصره ويتلقى اليماني الأوامر من الإمام الحجة مباشرة والروايات تثني على اليماني ولا تتوجه إلى جماعة اليماني، تشير إلى أنه رجل صالح >فإذا خرج فأتوه ولو حبواً على الثلج<.

من العلامات غير الحتمية أيضاً دخول الترك الجزيرة أي أن الأتراك يدخلون جزيرة العرب، هنا في الحاشية يقول الجزيرة عدة أماكن منها جزيرة عقور وهي بين دجلة والفرات تحت الموصل وجزيرة ابن عمر فوق الموصل ولعل المراد إحداهما([11] )، والأتراك الآن موجودون في العراق عند الموصل قرب الموصل موجود الجيش التركي، فهل المراد بالجزيرة جزيرة عقور وهي التي بين دجلة والفرات أو جزيرة ابن عمر فوق الموصل أو المراد الجزيرة العربية، الرواية تشير إلى أن الأتراك يدخلون الجزيرة.

ومن العلامات أيضاً غير الحتمية خسف حرستا وحرستا هي قرية من قرى الشام يحصل بها خسف وفي هذه اللحظة حرستا محاصرة وهي في الغوطة الشرقية، عدة كيلومترات عن دمشق، وجيش الإسلام الآن بقيادة محمد علوش الذي تدعمه المملكة العربية السعودية عاصمته منطقة دوما والغوطة الشرقية من دمشق وتمتد إلى الحدود الأردنية والبساتين، الآن هذه المنطقة محاصرة يحاصرها العميد النمر هذا لقب بالنمر العميد سهيل الحسن، هذا سياسته إذا يذهب إلى منطقة يغلق جميع تلفوناته عن أهله وعن العالم ولا يفتح التلفونات إلا إذا أنهى المهمة وعادة ينسف المكان الذي يذهب إليه وموكبه ستة كيلومتر، هذا الآن سهيل الحسن العميد النمر حاصر الغوطة الشرقية بالكامل وهم توهموا أنهم سيأتيهم من دمشق يعني من دوما وجاءهم من الخلف جاءهم من البساتين وحاصرهم لأن المنطقة أنفاق، والله العالم هل سيتحقق خسف حرستا على يديه أو لا والروايات تشير إلى خسف حرستا وأن حرستا قرية من قرى الشام وتشير الروايات إلى زلزلة تحصل بالشام يموت فيها خلق كثير مئة ألف أو أكثر ويسقط سور جامع دمشق يعني قسم من سور الجامع الأموي يسقط، لكن ليس بحثنا هو في علامات الظهور فهناك علامات حتمية خمس وهي الصيحة في السماء وخروج السفياني واليماني والخسف بالبيداء وقتل النفس الزكية بين الركن والمقام، هذه العلامات حتمية وبعضهم يرى أن العلامات الحتمية هم الأوليتان فقط الصيحة وخروج السفياني وأما البقية قابل للوح المحو والإثبات، يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.

وأما العلامات الغير الحتمية كثيرة منها أن آخر ملوك العرب أو الجزيرة عبد الله فإذا مات يذهب ملك السنين ويأتي ملك الشهور والأيام والآن بعد رحيل وموت الملك عبد الله آل سعود ومجيء الملك سلمان وجدنا أن ابنه المتهور محمد بن سلمان كيف اعتقل الأمراء وكيف أنه هناك نزاع الآن بين الأمراء وتشير الروايات إلى أن الحاكم يقتل خمسة عشر أميراً، هذا موجود في كتاب الغيبة للنعماني، هذه الرواية تقول الإمام الباقر× يخاطب جابر >ضع خدك على الأرض ولا تحرك رجليك ـ يعني اسكن ـ حتى ينزل الروم الرميلة ـ والآن الروم متواجدين الأمريكان متواجدين في العراق ومتواجدين في سوريا وكذلك الروس ـ والترك في الجزيرة وينادي مناد من دمشق< إذاً هذه الرواية تأمر بالسكون وعدم الخروج مع من يدعي المهدوية إلا إذا انطبقت عليه الشروط والعلامات التي ذكرت بخروج الإمام المهدي×.

إلى هنا ذكرنا واحد وثلاثين رواية إذاً الرواية الواحد والثلاثون غير تامة سنداً ودلالة وقد اتضح أن جميع الروايات التي ذكرها المحدث النوري وهي أربعة عشر رواية ضعيفة السند، يمكن تصحيح أحدى الروايات بناء على بعض المباني وهو مبنى الثلاثة الذين لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة، أحدى الروايات وإلا وهي هذه الرواية رواية الحادي عشر المروية عن غيبة النعماني عن الكليني يمكن تصحيح عمر بن أبي المقدام وجابر بن يزيد الجعفي برواية ثلاثة عنه وأما جميع الروايات من الرواية الأولى إلى الأربعة عشر مخدوشة سنداً، نعم الرواية الحادية عشر يمكن تصحيحها على بعض المباني لذلك بعضهم يقول إن صاحب المستدرك الميرزا حسين النوري قد جمع ما تركه صاحب الوسائل، يعني صاحب الوسائل ترك الروايات الضعيفة.

ونحن آثرنا أن نذكر جميع روايات المستدرك رواية رواية لأن بعض فقهائنا الأصوليين كصاحب الكفاية الآخوند الملا الشيخ محمد كاظم الخراساني+ كان لا يفتي بمجرد النظر إلى روايات الوسائل ولا يفتي إلا إذا اطلع على روايات المستدرك أيضاً.

إلى هنا تطرقنا إلى سبعة عشر رواية ذكرها صاحب الوسائل في الجزء الخامس عشر، وتطرقنا إلى سبعة عشر رواية ذكرها صاحب المستدرك في مستدركه فيصبح المجموع واحد وثلاثين رواية، إذا حذفنا الروايات الثلاث الأول من المستدرك لأنها مكررة وقد أخذناها في الوسائل يصبح المجموع ثمانية وعشرين رواية، سبعة عشر رواية في الوسائل وأحد عشر رواية في المستدرك المجموع ثمانية وعشرين رواية.

نحن نعمل بالترتيب الذي أخذناه، سبعة عشر رواية من الوسائل وأربعة عشر رواية من المستدرك يصبح المجموع واحد وثلاثين رواية، إلى هنا ذكرنا احدى وثلاثين رواية غير تامة الدلالة على حرمة القيام قبل قيام القائم×.

الرواية الثانية والثلاثون: باب وجوب التقية

ما ذكرها صاحب الوسائل في الباب أربعة وعشرين من كتاب الأمر والنهي باب وجوب التقية الحديث عشرين([12] )، طبعاً روايات التقية كثيرة ذكر صاحب الوسائل باب 24 باب وجوب التقية ذكر 36 رواية، لكن كلها تتكلم عن التقية بشكل عام ولكن هذه الرواية رواية عشرين ورواية ستة وعشرين قد يقال إنها تفيد في المقام، سند الرواية هكذا وهي مروية في علل الشرائع([13] )، قال الشيخ الصدوق عن أحمد بن الحسن القطان عن الحسن بن علي السكري ـ هذا في الوسائل وفي علل الشرائع الحسن بن علي السكوني ـ عن محمد بن زكريا الجوهري عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد× يقول: >المؤمن علوي إلى أن قال والمؤمن مجاهد لأنه يجاهد أعداء اللهP في دولة الباطل بالتقية وفي دولة الحق بالسيف<([14] ).

تقريب الاستدلال تشير هذه الرواية إلى أن المؤمن مجاهد وتشير إلى أن طريقة الجهاد في دولة الباطل هي التقية وإلى أن طريقة الجهاد في دولة الحق هي بالسيف.

إذاً ونحن نعيش في دولة الباطل لابد أن يكون الجهاد بالتقية ولا يكون بالسيف، إذاً يُحرم القيام قبل قيام القائم× لأنه قيام غير مشروع ولا تشرع إلا التقية.

والتحقيق: إن هذه الرواية لا تدل على المدعى فهي تشير إلى أن المؤمن سيبقى يعيش ظروف التقية منذ زمن الإمام أمير المؤمنين× إلى دولة الحجة بن الحسن$ وأنه مهما أوتي المؤمن من قوة فإنه لا يستطيع أن يؤسس دولة الحق في جميع أرجاء المعمورة وقد دلت الروايات على أنه لن يوفق لإقامة دولة الحق في جميع الأرض إلا الإمام الحجة#، وبالتالي في زمن الحجة قيامه بالسيف ولا يوجد تقية ولكن في زمن غير الحجة يوجد تقية حتى لو صارت فرصة للقيام بالسيف كما في دولة أمير المؤمنين× فأمير المؤمنين لم يستطع أن يلغي صلاة التراويح.

إذاً الرواية تشير إلى أن المؤمن يجاهد أعداء الله في دولة الباطل بالتقية فإذا استطاع ووفق لإقامة دولة الحق فإنه يجاهد بالسيف هذا إن حملنا دولة الحق على خصوص دولة الإمام القائم# وإلا فالرواية مطلقة تقول والمؤمن مجاهد لأنه يجاهد أعداء اللهP في دولة الباطل بالتقية وفي دولة الحق بالسيف يعني المؤمن إن وفق لإقامة دولة الحق كما هو الحال بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية في إيران في يومنا هذا فإنه يجاهد بالسيف كما يجاهد اللواء قاسم سليماني ([15] )، وإن لم يوفق لإقامة دولة الحق وبقيت دولة الباطل فإنه سيحتاج إلى ممارسة التقية، إذاً العشرون من الوسائل وهي الرواية الثانية والثلاثون حسب ترتيبنا لا تدل على حرمة القيام قبل قيام القائم×.

الرواية الثالثة والثلاثون: لا دين لمن لا ورع له

هي الرواية السادسة والعشرون من الباب أربعة وعشرين من أبواب الأمر والنهي باب وجوب التقية([16] )، علي بن محمد الخزاز في كتاب الكفاية الأثر عن محمد بن علي بن الحسين عن أحمد بن زياد بن جعفر عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن نعبد عن الحسين بن خالد، إذا نرجع إلى كتاب إعلام الورى يقول عن علي بن الحسين بن خالد([17] ) عن الرضا× قال: >لا دين لمن لا ورع له ولا إيمان لمن لا تقية له وإن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية قيل يا ابن رسول الله إلى متى؟ قال إلى قيام القائم فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منّا<، هذه الرواية أيضاً رواها الطبرسي([18] ) عن علي بن إبراهيم ورواها الشيخ الصدوق عن أحمد بن زياد بن جعفر([19] )، تقريب الاستدلال هذه الرواية تنهى عن ترك التقية قبل خروج القائم× والقيام قبل قيام القائم# مناف للتقية فيحرم.

والتحقيق: إن هذه الرواية لا تنهى عن القيام قبل قيام القائم$ وإنما تشير إلى أن التقية ستبقى إلى قيام القائم× ولا ينتهي العمل بالتقية إلا إذا ظهر القائمj وثنيت له الوسادة وأصبح مبسوط اليد، إذاً الرواية الثالثة والثلاثون لا تدل على حرمة القيام قبل قيام القائم¤.

الرواية الخامسة والثلاثون: هي ما رواها الصدوق+

هي ما رواها الشيخ الصدوق([20] ) بسندٍ فيه المغيرة عن المفضل بن صالح عن جابر عن أبي جعفر الباقر× أنه قال: >يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم فيا طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان إلى أن يقول فقلت يا بن رسول الله فما أفضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟ قال حفظ اللسان ولزوم البيت<.

تقريب الاستدلال هذه الرواية تثني على الثابتين على أمر أهل البيت^ وهم الشيعة المتمسكون بالولاية وتشير الرواية إلى أفضل ما يستعمله المؤمن المتمسك بولاية أهل البيت وهو حفظ اللسان ولزوم البيت، إذاً هذه الرواية يستفاد منها مرجوحية القيام والخروج من البيت قبل قيام القائم# والتحقيق أن هذه الرواية مخدوشة سنداً ودلالة.

أما من ناحية السند ففيها المفضل بن صالح قال: عنه ابن الغضائري ضعيف كذاب يضع الحديث وروي عنه أنه قال: أنا وضعت رسالة معاوية إلى محمد بن أبي بكر، ولكن المفضل بن صالح روى عنه بعض الثلاثة الذين لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة فيتعارض الجرح والتعديل فيمكن توثيقه من جهة رواية أحد الثلاثة عنه ولكنه مخدوش بتضعيف الغضائري وغيره فضل بن صالح أبو جميلة أكذب أهل البرية ـ على مبنى المامقاني كن صالح غير صالح ـ لكن هذا المفضل بن صالح، هذا بالنسبة إلى المفضل بن صالح.

وأما المغيرة فيمكن مراجعة البحث السندي في كتاب السيد كاظم الحائري~([21] )، المغيرة مردد بين أفراد وأشخاص عديدين لم يوثق واحد منهم إذاً هذه الرواية غير تامة من ناحية السند وأما من ناحية الدلالة فهذه الرواية لا تنهى عن القيام والخروج من البيت وإنما تشير إلى أفضلية لزوم البيت ولا تشير إلى الخروج من البيت الحرام هذا أوّلاً.

وثانياً هي ناظرة إلى الزمن الذي يغيب فيه الإمام الحجة× وما يتطلبه الأمر من الثبات على ولاية أهل البيت^ وأن المؤمن يعيش في ذلك الوقت أقصى ظروف التقية ومن أفضل الأعمال ممارسة التقية وهي لزوم البيت وحفظ اللسان وليس المراد بلزوم البيت بعنوانه الموضوعي وإنما هو كناية عن عدم الحركة التي توجب الوقوف في أيدي السلاطين وحكام الجور، إذاً هذه الرواية لا تدل على المدعى، النتيجة النهائية الرواية الخامسة والثلاثون لا تدل على حرمة القيام قبل قيام القائم×.

الرواية السادسة والثلاثون: ما رواه الشيخ الطوسي+

ما رواه الشيخ الطوسي ([22] )، نقلها أستاذاً السيد كاظم الحائري([23] )، والشيخ الطوسي في الغيبة عن أحمد بن إدريس عن علي بن محمد عن الفضل بن شاذان عن محمد بن أبي عمير عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي بصير عن أبي عبد الله× قال: >لما دخل سلمانa الكوفة ونظر إليها ذكر ما يكون من بلاءها حتى ذكر مُلك بني أمية والذين من بعدهم ثم قال فإذا كان ذلك فالزموا أحلاس بيوتكم حتى يظهر الطاهر ابن الطاهر المطهر ذو الغيبة الشريد الطريد<.

تقريب الاستدلال هذه الرواية تأمر بلزوم أحلاس البيوت حتى يظهر الإمام الحجة فيكون الخروج قبل قيام الحجة× غير مشروع.

والتحقيق: إن هذه الرواية لا تنتهي إلى المعصوم× وإنما هي مروية عن سلمان الفارسيJ ولكن نكاد نجزم أن سلمان المحمدي قد أخذ مفهوم ومفاد هذه الرواية من المعصوم× كما أن نقل المعصوم وهو الإمام الصادق× في الرواية عن سلمان لهذا الكلام لا يخلوا من دلالة على إمضاء هذا الكلام بالكامل أو في الجملة، لكن هناك كلام في سند الرواية فعلي أبن محمد بن قتيبة لم يثبت توثيقه وإذا رجعنا إلى مشيخة التهذيبين نجد سند الشيخ الطوسي إلى أحمد بن إدريس سنداً تاماً لكن هذه الرواية غير موجودة في التهذيبين حتى يصح الرجوع في سندها إلى مشيخة التهذيبين وإذا رجعنا إلى سند الشيخ الطوسي في الفهرسة إلى أحمد بن إدريس نجد فيه أحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري فيكون السند غير تام، إذاً هذه الرواية غير تامة من ناحية السند.

وأما من ناحية الدلالة فقد يقال إن ظاهرها فيها عموم، >... فإذا كان ذلك فالزموا أحلاس بيوتكم حتى يظهر الطاهر ابن الطاهر< إلى أن يظهر الطاهر ابن الطاهر فقد يقال إن هذا العموم يدل على وجوب وقف التحرك ووجوب السكون وعدم القيام قبل قيام القائم×، ولكن هذه الرواية إذا جمعناها مع الروايات الواردة بمضمونها نجد أنها لا تنهى عن مطلق التحرك وإنما تشير إلى أن التحرك المطلوب المراد به هو التحرك لنصرة الحجة وأن هذه الرواية لا تنهى عن أي تحرك وإنما تنهى عن التحرك مع من يدعي المهدوية فهي لا تنهى عن مطلق الخروج وإنما تنهى عن خصوص الخروج بدعوى المهدوية، إذاً الرواية السادسة والثلاثون والأخيرة لا تدل على حرمة القيام قبل قيام القائم×، إلى هنا ذكرنا ستة وثلاثين رواية اتضح أن أكثرها مخدوش سنداً خصوصاً روايات المستدرك وما تلاها من رواية الغيبة وأن جميعها غير تام من ناحية الدلالة فهي لا تدل على حرمة القيام قبل قيام القائم× وإنما بعضها ناظر إلى مصاديق خارجية، والبعض الآخر ناظر إلى خصوص الخروج بدعوى المهدوية، وبعضها ناظر إلى حرمة الخروج إذا كان الخارج يدعو لنفسه ولا يسلم الراية إلى الإمام الحق، إذاً هذه الروايات الستة والثلاثون التي ذكرناها في الفصل الثاني لا تدل على حرمة القيام قبل قيام القائم#.

في ختام الفصل الثاني نذكر خاتمة من ثلاث نقاط:

النقطة الأولى: قد يقال إن كثرة هذه الروايات الضعيفة يشكل تواتراً أو اطمئناناً لصدقها أو صحتها، والجواب إن كثرة هذه الروايات لا يوجب حصول الاطمئنان بسرعة ولا يوجب تحقق التواتر بسرعة نظراً لتوفر دواعي الكذب فالسلطة الظالمة من شأنها أن تبث هكذا روايات وهكذا أكاذيب، وبالتالي ما دام دواعي الكذب قد توفرت فإن التواتر والاطمئنان لا يحصل بسرعة.

يقول السيد كاظم الحائري~ ([24] )، ولا بأس هنا بالإشارة إلى نكتة وهي أن أمثال هذه الروايات لو كثرت لم تحقق فائدة التواتر أو الاستفاضة إلا إذا وصلت الكثرة إلى حد واسع جداً وذلك لثبوت احتمال داء مشترك للكذب وهو الدفاع عن السلطة وهذا مما يضر بسرعة حصول القطع بتكثرها.

النقطة الثانية: من الخاتمة وهي ملاحظة عامة لهذه الروايات وهي أن أكثر هذه الروايات وردت قبل واقعة فخ وهي الواقعة التي استشهد فيها الحسين بن علي شهيد فخ الذي استشار الإمام الكاظم× فنلاحظ أن أكثر هذه الروايات قد رويت عن أمير المؤمنين والإمام السجاد والإمام الباقر والإمام الصادق، روايتين ثلاث تقريباً رويا عن الإمام الرضا×.

إذاً لو كانت هذه الروايات رادعة وهي كثرة من ستة وثلاثين رواية على الأقل أكثر من ثلاثين رواية وردت قبل واقعة فخ وشكلت رادعاً عن قيام فخ، هذه النكتة أشرنا إليها في بداية البحث وذكرها السيد كاظم الحائري([25] )، حيث يقول هذا ولنا تعليق على كل هذه الأحاديث لا يبدو منها عدى الحديث الثاني من القسم الثاني من روايات التقية أعني ما يدل على استمرار التقية إلى زمان الظهور وهو أنها جميعاً وردت قبل قصة حسين بن علي في واقعة فخ الذي لم يرد بشأنه أي ذمٍ بل ورد المدح الكثير على نقل صاحب كتاب مقاتل الطالبيين وإن كان متهماً في نقله المديح بكونه زيدي المذهب في حين أن وصول الذنب في مثل هذه المسألة ولو كان خروجه مقبولاً واقعاً عن الإمام× أمر طبيعي ومترقب جداً وقلة وصول المدح أيضاً أمر طبيعي ولو كان واقعا ممدوح وذلك بسبب جو الاختناق الطاغي وقت إذن على الوضع الاجتماعي من قبل الطغاة المتحكمين فمن المترقب أن يردنا الذم الكثير إما كذبا بدس أعوان الظلمة لأكاذيب في صالح السلطة أو تقية من قبل الإمامj فلو لم يصلنا ولا ذم واحد ووصلنا المدح كان ذلك قرينة قطعية على مشروعية الخروج قبل الظهور في الجملة.

النقطة الثالثة: لو تنزلنا ـ نحن إلى هنا قلنا لا توجد رواية واحدة من الروايات التسعة والثلاثين تدل على حرمة القيام قبل قيام القائم× ـ لو تنزلنا وقلنا بتمامية دلالة بعضها كما ادعى الشيخ محمد المؤمن القميî ([26] ) ادعى تمامية دلالة تسع روايات وهذه الروايات التسع بعضها تام السند وبعضها ضعيف لكن يصح كمؤيد للروايات التامة سنداً لو تنزلنا على أننا لا نتنزل ولا نقول بدلالة رواية واحدة على حرمة الخروج قبل قيام القائم لكن لو تنزلنا وقلنا بتمامية بعضها فإننا نقول إن هذه الروايات لو سُلم تمامية ظهورها على حرمة القيام قبل قيام القائم# فهي إنما تدل على الحرمة بالإطلاق وهذا الإطلاق يمكن أن يتصرف فيه إذا جمعنا بين الروايات التسع وبين روايات العيس بن قاسم التي تفصل وتقول إن الخروج على نحوين، خروج حق وخروج باطل وأما خروج الحق فهو الخروج دعوى إلى الإمام الحق وأما الخروج الباطل فهو الخروج دعوة إلى النفس لا لغرض تسليم الراية إلى إمام العصر، فتحمل الروايات التسع المطلقة على الخروج الباطل لا على خروج الحق فتكون رواية العيس بن قاسم وغيرها مقيدة وأمارة على هذا التفصيل.

يقول الشيخ المؤمن القمي+([27] ) بعد أن ذكر ستة عشر رواية من الطائفة الثانية، هذا كل ما وفقني الله تعالى للعثور على هذه الأخبار وقد عرفت دلالة تسعة منها على وجوب السكون وأن لا يتحرك الإنسان حتى في زمن غيبة صاحب الأمر× ويلزم منه أن لا يجوز تأسيس الدولة الإسلامية زمن الغيبة وسند بعض منها إن لم يكن تاماً إلا أن فيها أخبار عديدة معتبرة السند مضافاً إلى أن كثرتها توجب الاطمئنان بصدور بعضها فلا حاجة إلى ثبوت اعتبار بعضها بخصوصه وحينئذ فهذه الطائفة من الأخبار تدل على عدم جواز تأسيس الدولة الإسلامية زمن الغيبة وتكون معارضة للأدلة الماضية التي دلت على جواز بل على وجوب تأسيسها ذلك الزمان.

والتحقيق: أن يقال إن دلالة هذه الأخبار على عدم جواز أي مصداق من التحرك قبال ولاة الجور إنما هو بالإطلاق فإنه ليس شيء منها دالاً بالخصوص وبالصراحة على المنع عن التحرك لم يكن الداعي إليه إلا إقامة الدولة الإسلامية، إلى أن يقول وحينئذ فإذا ضمت إلى هذه الأخبار صحيحة عيس بن القاسم ورواية أبي عبدون المذكورتين في الطائفة الأولى فلا محال يقيد إطلاقها بالتحرك الذي ليس له هذه الغاية كما هو الشأن في التحركات الخارجية.

إلى هنا انتهينا من الفصل الثاني وقد اتضح أن الفصل الأوّل وهو في الأدلة الدالة على وجوب إقامة الدولة الإسلامية تام وقد اتضح أن الأدلة الثلاثة الأول وهي خصوص الأدلة العقلية دون الأدلة النقلية تامة الدلالة من بين الأدلة الخمسة عشر فالمقتضي موجود وقد اتضح من الفصل الثاني أن المانع مفقود وهو الأدلة الدالة على حرمة القيام قبل قيام القائم×، إذاً المقتضي موجود والمانع مفقود فيقع الكلام في تحقق الشرط، ما هي شروط إقامة الدولة الإسلامية؟ وما هي شروط الولي الفقيه؟ وما هي شروط المعتبرة في الوالي.

 


[1] () مستدرك الوسائل، ج11، ص38 الباب12 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه عنوان الباب هو باب حكم الخروج بالسيف قبل قيام القائم×.
[2] () تفسير العياشي، ج1، ص213، حديث 184.
[3] () تفسير البحار، ج1، ص335؛ وبحار الأنوار، ج24، ص218، الحديث 13، نقلاً عن تفسير العياشي وأيضاً يؤيده ما في البحار ج24 ص219 حديث 14 عن غيبة النعماني نجد أنها تذكر عن بريد يمكن مراجعة معجم رجال الحديث ج3، ص209.
[4] () تفسير العياشي، ج1، ص213، حديث 184.
[5] () نفس المصدر.
[6] () مستدرك الوسائل، ج11، ص38.
[7] () كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي، ص79.
[8] () كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي، ص79.
[9] () مستدرك الوسائل، ج11، ص38.
[10] () معجم البلدان، ج3، ص69؛ مستدرك الوسائل، ج11، ص39.
[11] () معجم البلدان، ج2، ص134 و139.
[12] () وسائل الشيعة، ج11، ص209.
[13] () علل الشرائع، ص467، حديث 22.
[14] () نفس المصدر.
[15] () كان هذا الكلام قبل شهادتهJ.
[16] () مستدرك الوسائل، ج16؛ وسائل الشيعة، ص211.
[17] () إعلام الورى، ص434؛ وكفاية الأثر، ص270.
[18] () نفس المصدر.
[19] () إكمال الدين وتمام النعمة، ص571، الحديث 5.
[20] () إكمال الدين وتمام النعمة، ص330.
[21] () ولاية الأمر في عصر الغيبة، ص83.
[22] () الغيبة، ص103، حسب طبعة مطبعة النعمان في النجف الاشرف.
[23] () ولاية الأمر في عصر الغيبة، ص83.
[24] () ولاية الأمر في عصر الغيبة، ص78.
[25] () ولاية الأمر في عصر الغيبة، ص86.
[26] () الولاية الإلهية الإسلامية، ج1، ص111.
[27] () الولاية الإلهية الإسلامية، ج3، ص111.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo