< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/03/19

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الثالث ديباجه (الفرائض)

 

نشرع في دراسة كتاب الخمس من كتاب العروة الوثقى للمرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد محمد كاظم اليزدي ـ قدس الله نفسه الزكية ـ وقبل أن نشرع في مطالب بحث خارج خمس الفقه، لا بأس بقراءة نصّ كلام صاحب العروة فإن فيه روايات شريفة، لذلك نقرأ نصّ كلام صاحب العروة تيمناً وهذه سيرة جرى عليها بعض أساتذتنا العظام، أذكر منهم أستاذنا المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ محمد فاضل اللنكراني ـ رحمه الله ـ فكان يقول بعض الإخوة درسه أشبه بالرسالة العملية فقلت له نحن نتبرك بالرسالة العملية فكان الشيخ فاضل اللنكراني ـ رحمه الله ـ يقرأ نصّ المسألة بالكامل من كتاب تحرير الوسيلة للإمام الخميني ـ رضوان الله تعالى عليه ـ ثم يشرع بالشرح، وقد كتب كتابه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة وبالمناسبة كتاب الخمس من تفصيل الشريعة لشيخنا الأستاذ الفاضل اللنكراني شرح فيه كتاب الخمس من تحرير الوسيلة للإمام الخميني ثم في الختام ذكر تقرير لبحث الخمس والأنفال الذي كتبه بما ألقاه المرجع الديني الأعلى سماحة آية الله العظمى السيد حسين البروجردي أستاذ الإمام الخميني والشيخ فاضل اللنكراني فمن أراد أن يطلع على آراء السيد البروجردي يمكنه أن يراجع تقرير بحث الخمس الذي كتبه الشيخ الفاضل اللنكراني ـ رحمه الله ـ وأدرجه في نهاية كتاب من تفصيل الشريعة.

قال السيد محمد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ وهو من الفرائض وقد جعلها الله تعالى لمحمد وصلى الله عليه وآله وذريته عوضا عن الزكاة إكراماً لهم ومن منع منه درهماً أو أقل كان مندرجاً في الظالمين لهم والغاصبين لحقهم بل من كان مستحلاً لذلك كان من الكافرين، ففي الخبر عن أبي بصير قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال من أكل من مال اليتيم درهماً ونحن اليتيم.[1]

الوسائل أبواب ما يجب فيه الخمس الباب الأول الحديث الأول ج 9 ص 483.

وعن الصادق عليه السلام: (إن الله لا إله إلا هو لما حرم علينا الصدق أنزل لنا الخمس فالصدق علينا حرام والخمس لنا فريضة والكرامة لنا حلال)[2] الوسائل الجزء التاسع صفحة أربعمئة وثلاثة وثمانين أبواب ما يجب فيه الخمس الباب الأول الحديث الثاني.

وعن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ (لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئاً حتى يصل إلينا حقنا)[3] الوسائل ج 9 ص 484 الباب الأول الحديث الرابع.

وعن أبي عبد الله عليه السلام ـ (لا يعذر عبدٌ اشترى من الخمس شيئاً أي يقول يا رب اشتريته بمالي حتى يأذن له أهل الخمس)[4] مستدرك الوسائل ج 7 ص 278 أبواب ما يجب فيه الخمس الباب الأول الحديث الرابع.

علق بعض أساتذتنا على قول صاحب العروة ـ رحمه الله ـ وهو من الفرائض وتطرق في مجلس الدرس إلى الواجب شرعاً وتطرق إلى آراء ثلاثة:

الرأي الأول الواجب هو ما أوجبه الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم والسنة هي ما أوجبه النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ولم يذكر في القرآن الكريم، وهذا الرأي قد يفهم من كلمات السيد الإمام الخميني والسيد أبو القاسم الخوئي ـ قدس الله نفسيمها الزكية ـ .

الرأي الثاني ما أوجبه الله تعالى ولو لم يذكر في القرآن الكريم والسنة ما أوجبه النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وهذا الرأي قد يفهم من صحيحة زرارة قال ـ عليه السلام ـ (التشهد سنة والقراءة سنة ولا تنقض السنة الفريضة)[5] .

ومن الواضح أن التشهد والقراءة من واجبات الصلاة، لكنهما لم يذكرا في القرآن الكريم أولاً فقد يقال حينئذٍ أن المراد بالفريضة ما فرضه الله في كتاب الله أو ما فرضه الله سواء ورد في كتاب الله أو لم يرد، بينما السنة ما فرضه النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ .

وقد يفهم هذا أيضاً من روايات القصر والتمام التي يفهم منها أن الله عزّ وجل قد أوجب الركعتين الأولتين من كل صلاة فما أوجبه الله عشر ركعات فقط إلا أن النبي صلى الله عليه وآله قد أضاف الركعة الثالثة إلى صلاة المغرب وأضاف الركعتين الثالث والرابعة إلى صلاة الظهر والعصر والعشاء، فالواجب والفريضة الركعتان الأولتان من جميع الصلوات الخمس والسنة الركعة الثالثة من صلاة المغرب والركعة الثالثة والرابعة من صلاة الظهرين والعشاء.

فالفريضة عشر ركعات والسنة سبع ركعات لذلك في السفر تجب الفريضة وتسقط السنة التي أوجبها النبي صلى الله عليه وآله بولايته التشريعية وقد أوجبها الله علينا كرامة لرسول الله صلى الله عليه وآله.

إذا الرأي الأول يرى أن الواجب والفريضة هو خصوص ما أوجبه الله في القرآن الكريم دون ما وجب في غير القرآن الكريم، الرأي الثاني يرى أن الواجب والفريضة ما فرضه الله سواء في القرآن أو في غير القرآن كالركعتين الأولتين إذ لم يردا في القرآن، والسنة ما فرضه النبي صلى الله عليه وآله كالركعة الثالثة أو الرابعة من الفريضة.

الرأي الثالث الواجب والفريضة هو ما فرضه الله في كتابه الكريم أو جاء في السنة تفصيلاً لما أجمله الكتاب الكريم وإن لم يرد له ذكرٌ في القرآن الكريم، والسنة ما حدده النبي صلى الله عليه وآله، وهذا الرأي قد يتراءى من كلمات المرجع الديني سماحة السيد علي الحسيني السيستاني ـ حفظه الله ـ إذ قد يفهم من بعد أبحائه أن الفريضة إما أن ينص عليها في القرآن الكريم أو لا ينص عليها إلا أن الروايات الشريفة تفصل ما لم يذكر في القرآن الكريم أو تفصل ما أجمل في القرآن الكريم فإذا كانت الروايات الشريفة أوجبت شيئاً وهي ناظرة إلى القرآن الكريم فما أوجبته فريضة وأما إذا حدد النبي شيء ولم يذكر في القرآن الكريم ولم يكن ناظر وشارح للقرآن الكريم فهو سنة.

ثم أخذ أستاذنا بمناقشة الأقوال الثلاثة والإيراد عليها.

أقول لا معنى لذكر هذا البحث هنا:

أولا فالتفرقة بين الفريضة والسنة محله قاعدة التجاوز التي تدرس في علم الأصول وتدرس أيضاً في القواعد الفقهية ففي بحث قاعدة التجاوز إذا تم التطرق لصحيحة زرارة التشهد سنة والقراءة سنة ولا تنقض السنة الفريضة يتم التطرق لهذا البحث لأن عنوان الفريضة وعنوان السنة قد وردا على لسان المعصوم ـ عليه السلام ـ ومن هنا ينبثق البحث ما هو مراد المعصوم عليه السلام من الفريضة والسنة؟ وأما إذا ورد عنوان من العناوين على لسان فقيه خصوصاً من المعاصرين فلا معنى لإطالة البحث فيه، هذا أولاً.

وثانياً نشير إلى هذه النكته العامة ينبغي بيان المصطلح ومعناه وتتبع الأقوال بالنسبة إلى النصّ الوارد في القرآن الكريم والسنة المطهرة ثم بعد ذلك كلمات القدماء من الأصحاب كالشيخ الكليني والصدوقين والمفيد والشيخ الطوسي ـ رضوان الله عليهم ـ فهؤلاء كانوا قريبين من عصر النصّ فبعضهم من أعلام الغيبة الصغرى كثقة الإسلام الكليني والصدوق الأب، وبعضهم جاء في بدايات الغيبة الكبرى كالصدوق الابن والشيخ المفيد فتتبع كلماتهم وبيان المراد منها يفيد في الاستنباط لأنهم كانوا قريبين من عصر النص، بل كانت بعض مصنفاتهم عبارة عن نصوص روايات كـ كتاب المقنع للشيخ الصدوق وكتاب النهاية للشيخ محمد بن الحسن الطوسي شيخ الطائفة فهذان الكتابان رسالتان عمليتان عبارة عن نصوص روايات، وهكذا كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ولذلك ينبغي إتعاب النفس في معرفة المصطلح الوارد في روايات القدماء وينبغي تتبع الأقوال.

وأما إتعاب النفس كلمات المتأخرين كالعلامة الحلي ـ رضوان الله عليه ـ ومن جاء بعده خصوصاً كلمات المعاصرين من علمائنا ومراجع الدين فهذا جيدٌ إلا أننا لسنا بحاجة إليه لأنه خصوصاً أن أعلام العصر جاؤوا متأخرين نعم ينبغي معرفة آرائهم أما إتعاب النفس في معرفة المصطلح وماذا يقصدون به؟ فهذا جيد لمعرفة الرسالة العملية والآراء الفقهية ولكنه ليس نصّ رواية حتى نتعب النفس فيه.

وهذا ما استفدناه هذه النكته من محضر أستاذنا سماحة آية الله الشيخ باقر الإيرواني ـ حفظه الله ـ فكانت ملاحظته على الشيخ الأعظم الأنصاري في المكاسب وغيره أنه يكثر التتبع في كلمات العلامة الحلي في كتبه المختلفة ومن تأخر عنه وهذا جيدٌ ولكن لا يكشف عن النصّ والمصطلح الوارد في النصوص الشريفة، نعم لربما أكثر الشيخ الأنصاري ـ رحمه الله ـ من كلمات العلامة الحلي لأن النصوص الواردة في المعاملات أقل من النصوص الواردة في العبادات وينبغي تتبع الأقوال لإعمال الصناعة الفقهية.

إذا لا معنى لذكر هذه الأقوال الثلاثة والمجيء بروايات والاستشهاد عليها على أن كلام صاحب العروة واضح، قال كتاب الخمس وهو من الفرائض والمراد من الفراض جمع فريضة والمراد من الفريضة الواجب، يعني ما أوجبه الله تعالى، هذه التعليقة الأولى على عبارة الفرائض والمراد بالفرائض الواجبات التي أوجبها الله فكما أن الصلاة والصوم والحج والزكاة من الواجبات كذلك الخمس أيضاً من الواجبات التي أوجبها الله تبارك وتعالى، خصوصاً أن صاحب العروة عبر بالفرائض فلا معنى لإيراد ما يقابل الفريضة من السنة لأنه الفريضة لها عدة اصطلاحات:

للفريضة عدة اصطلاحات

المصطلح الأول الفريضة في مقابل المستحب وهذا هو مراد صاحب العروة

المصطلح الثاني الفريضة في مقابل السنة والمعنى المشهور أن الفريضة ما فرضه الله والسنة ما فرضه النبي صلى الله عليه وآله،

بناءً على المعنى الثاني تكون السنة بمعنى الواجب بينما بناءً على المعنى الأول تكون السنة بمعنى المستحب،

المصطلح الثالث وهناك مصطلح ثالث للسنة وهو أن المراد بالسنن يعني الأخلاق، الأمور الأخلاقية سنن النبي يعني الأخلاق التي كان يتخلق بها النبي صلى الله عليه وآله وهي تلتقي مع المستحبات.

التعليقة الثانية قول صاحب العروة ـ رحمه الله ـ ومن منع منه درهماً أو أقل كان مندرجاً في الظالمين لهم والغاصبين لحقهم بل من كان مستحل لذلك كان من الكافرين.

بيان معنى الكفر موكول إلى كتاب الطهارة حيث يبحث عن النجاسات ومن النجاسات الكافر، فيبحث من هو الكافر؟ فيقال الكافر من أنكر وجود الله أو النبوة أو أنكر شيئاً يستلزم إنكار وجود الله أو النبوة وكان ملتفتاً إلى الملازمة فقد ينكر شيئاً يلزم منه إنكار النبوة أو إنكار الألوهية ولكنه ليس بملتفت إلى إنكار الملازمة فمثل هذا لا يعد كافراً لذلك قال بل من كان مستحلاً لذلك، أحياناً قد يأكل الخمس ويرى أنه قد خالف مخالفة شرعية فهذا فاسق وأحياناً يستحل ويرى أن الخمس حلال له أي أنه ينكر هذه الفريضة وينكر هذا الواجب فيكون من الكافرين.

هذا تمام الكلام في بيان الديباجة، بحث اليوم بحث خفيف مقدمة وتوطئة وإن شاء الله من الدروس القادمة يكون الدرس من خمسة وعشرين دقيقة إلى ثلاثين دقيقة لا نطيل على الإخوة حتى يتم الأنس بالمطالب العلمية، الدرس القادم دقيق وعميق تحضرون له جيداً لأنه مثار خلاف بين صاحب الجواهر وصاحب الحدائق بالنسبة إلى الأراضي هل الأراضي التي غنمت أراضي دار الحرب هل يجب فيه الخمس أم لا؟ هنا معترك الآراء،

فصلٌ فيما يجب فيه الخمس يأتي عليه الكلام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo