< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: كتاب الخمس/التفصيلات الثلاث التي صدرت من المتأخرين حول الغنيمة في الحرب/

 

انتهينا من البحث الأول وقد ثبت أن أصل تفصيل المشهور بين الغنيمة في الحرب التي إذن فيها الإمام ـ عليه السلام ـ فتكون للمقاتلين ويثبت فيها الخمس وبين الغنيمة التي لم يإذن في حربها الإمام فهي تكون خالصة للإمام ـ عليه السلام ـ .

وقد اتضح أن هذا التفصيل الذي ذهب اليه المشهور متسالم عليه أولاً وهو مقتضى القاعدة ثانياً.

البحث الثاني في التفصيلات الثلاث التي صدرت من المتأخرين.

التفصيل الأول ما أفاده الماتن صاحب العروة ـ قدس الله نفسه الزكية ـ وتبعه جملة من الأعلام كالسيد الخوئي ـ قدس نفسه الزكية ـم ن التفصيل بين زمن الحضور وزمن الغيبة فتفصيل المشهور يأتي في زمن الحضور وأما في زمن الغيبة فيشمله عموم قوله تعالى ﴿واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن خمسة﴾[1] بدعوى أن ظاهر الأدلة هو خصوص زمن حضور الإمام ـ عليه السلام ـ .

فقد ورد في صحيحة معاوية بن وهب[2] أن الإمام قد بعث سرية طبعاً هذه الرواية صحيحة وليست مصححة بالأمس حصل اشتباه مني الصحيحة والمصححة هي للحلبي وليست لمعاوية بن وهب فظاهرها زمن الحضور إذ أن الإمام ـ عليه السلام ـ بعث سرية فيفهم من ظاهر الأدلة الظاهرة في التفصيل أنها ناظرة إلى خصوص زمن الحضور دون زمن غيبة المعصوم ـ عليه السلام ـ فنشك في ثبوت الخمس في الغنيمة الغير مأذون فيها في زمن الغيبة فنتمسك بإطلاق قوله تعالى ﴿واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسة﴾.

والصحيح أننا نلتزم بتفصيل المشهور مطلقاً في زمن الحضور والغيبة معاً لنكات ثلاث أشار إليها سيدنا الأستاذ المرحوم السيد محمود الهاشمي الشهرودي ـ رحمه الله ـ في كتاب بحوث في الفقه كتاب الخمس الجزء الأول صفحة اثنين وستين إلى صفحة أربعة وستين. [3]

الأمر الأول إن عنوان الإمام الوارد في الروايات الشريفة لا يراد به خصوص الإمام المعصوم بل يراد به مطلق الإمام العادل أي الولي الشرعي سواء كان نفس الإمام المعصوم ـ عليه السلام ـ أو مأذونه الخاص أو مأذونه العام.

ويدل على ذلك جملة من الروايات الواردة في باب الأنفال والخمس فقد عبر في صدر بعضها بالإمام وفي ذيلها بالوالي وفي بعض الروايات عبر بالقائم بأمور المسلمين وهذا يعني أن أصل التفصيل بحسب الفهم العرفي تفصيل بين كون الحرب مشروعه وبين كون الحرب غير مشروعة فالحرب المشروعة هي ما كانت بإذن الولي الشرعي سواء كان هو الإمام المعصوم أو نائبه الخاص أو نائبه العام والحرب غير المشروعة هي ما لم تكن تمتلك الشرعية إما من الإمام المعصوم أو نائبه الخاص أو نائبه العام أو من الشارع بشكل عام كالحرب الدفاعية فالحرب الدفاعية أن يدافع الإنسان عن نفسه عن عرضه ماله دمه أو إذا هجم الكفار على المسلمين وجب على المسلمين الدفاع ولا يحتاجون إلى إذن لا من الإمام المعصوم ولا من نائبه الخاص ولا من نائبه العام فالحرب الدفاعية حرب مشروعة بإذن من الشارع المقدس.

فإذا كانت الحرب مشروعة جرى التفصيل المتقدم إذا كانت الحرب مشروعة فهي الغنيمة للمقاتلين بعد إخراج الخمس وإن لم تكن مشروعة فهي للإمام أو نائبه المشروع بناء على هذا لا يوجد تفصيل بين زمن الحضور.

إذا على ضوء هذا الفهم لا يبقى وجه لتوهم اختصاص دليل التفصيل أو انصرافه إلى زمن الحضور دون زمن الغيبة فإن دعوى الانصراف أو الاختصاص تبتني على حمل عنوان الإمام الوارد في الرواية الشريفة على خصوص الإمام المعصوم وهذا لا وجه له بل يظهر من تتبع الروايات خصوصاً في مثل هذه الأبواب كباب الجهاد والأنفال والأحكام التي ترتبط بالحكومة والجماعة يطمئن بأن عنوان الإمام الوارد في هذه الكتب الجهاد الخمس الأنفال وما يرتبط بالحكومة يطمئن بأن عنوان الإمام مستعمل في معناه العام وأن إرادة خصوص الإمام المعصوم بعيد غاية البعد بل نلحظ في الروايات أن التعبير عن أشخاص المعصومين ـ عليهم السلام ـ في الغالب كان رمزياً وكنائياً ولا يأتي بمثل هذه التعابير.

وهذا الاستظهار مبني على التتبع والاطمئنان فإن تم فهو وإن لم يتم انتفى الأمر.

ولكن هذا الاستظهار ليس ببعيد ومنه نخرج ما ورد في سؤال معاوية بن وهب إذ أن معاوية بن وهب ـ رضوان عليه ـ سأل الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ هذا السؤال قلت لأبي عبد الله السرية يبعثها الإمام فيصيبون غنائم كيف يقسم؟[4] هنا بعضهم أورد قال كيف الإمام يبعث السرية؟ والحال أن الأئمة ـ عليهم السلام ـ لم تكن لديهم سلطنة

الحمل الأول فالبعض حمل الإمام هنا على الإمام الجائر مطلق الإمام كالشيخ جعفر السبحاني ـ حفظه الله ـ هذا حمل.

الحمل الثاني نحملها على خصوص الإمام المعصوم.

وحمل ثالث نحملها على الإمام الشرعي، بحملها على الإمام الشرعي يكون السؤال افتراضي يعني لو افترضنا أن الولي الشرعي والإمام الشرعي قد بعث بسرية.

هذا تمام الكلام في الأمر الأول.

الأمر الثاني لو تنزلنا وأنكرنا أن المراد الإمام هو الإمام الشرعي بل المراد بالإمام هو خصوص الإمام المعصوم نقول لا وجه لدعوى الانصراف أو الاختصاص بخصوص عصر حضور الإمام المعصوم دون عصر غيبته، وهذا مبني على ضوء مناقشتنا لصحيحة معاوية بن وهب إذ أن صحيحة معاوية بن وهب لم يرد فيها عنوان الإذن بل ورد فيها أمره الإمام وقد استظهرنا أن صحيحة معاوية بن وهب ظاهرة في التفصيل بين الغنيمة بالقتال والغنيمة من دون قتال وليست ظاهرة في التفصيل بين الغنيمة مع الإذن والغنيمة بدون إذن.

لاحظ صحيحة معاوية بن وهب قال قلت لأبي عبدالله ـ عليه السلام ـ السرية يبعثها الإمام فيصيبون غنائم كيف يقسم؟ قال إن قاتلوا عليها مع أمير أمره الإمام عليهم أخرج منها الخمس لله وللرسول وقسم بينهم أربعة أخماس وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كل ما غنموا للإمام يجعله حيث أحب[5] فالرواية ظاهرة في التفصيل بين الغنيمة بقتال والغنيمة بدون قتال.

بل حتى لو استظهرنا الإذن قلنا أن هذا القيد أمره الإمام قيد توضيحي وليس احترازياً فلا يثبت له المفهوم.

إذا المناقشة الثانية حتى لو حملناه عنوان الإمام الوارد في الصحيحة على خصوص الإمام المعصوم دون مطلق إمام الشرعي فإنها لا تدل على الاختصاص بخصوص زمن الغيبة زمن الحضور دون الغيبة.

الامر الثالث المناقشة الثالثة لو فرض الإجمال أو الانصراف إلى زمن الحضور أي أننا أولا سلمنا أن المراد بالإمام هو خصوص الإمام المعصوم، وثانيا سلمنا أن الرواية ناظرة إلى خصوص زمن الحضور والمعصوم وليست ناظرة زمن الغياب ورغم ذلك لا يثبت الخمس في الغنيمة.

والسر في ذلك أن الحكم لا يثبت موضوعه فأولاً ثبت العرش وهو الموضوع وثانياً ثبت النقش وهو الخمس.

ومن الواضح أن المقاتلين لا يخمسون الغنيمة إلا إذا ملكوها فتخميس الغنيمة فرع ملكيتهم لها فإذا لم تثبت ملكية المقاتل للغنيمة في الرتبة الأولى لا يمكن إثبات الخمس في المرتبة الثانية ودليل الخمس لا يثبت موضوعه لا يثبت الملكية ثبت العرش ثم النقش أولا أثبت الملكية وثانيا أثبت وجوب الخمس في ملكية المقاتل للغنيمة التي أغتنمها.

إذا بينا أن الخمس في غنائم عاصر الغيبة فرع ملكية المقاتلين واستحقاقهم للغنائم خصوصاً الغنائم في الحرب التي للدعوة إلى الإسلام ولا دليل على المقاتلين لهذه الغنائم إذ أن الأدلة السابقة لم تثبت ودليل الخمس لا يثبت موضوعا أن تمسكت بعموم الآية واعلموا أنما غنمتم من شيء قلنا هذه الآية إطلاقها لا يثبت الموضوع وهو ملكية المقاتل للغنيمة فلا يمكن التمسك به في المقام.

ورواية أبي بصير ليست في مقام البيان إلا من ناحية الخمس على أن المراد بالقتال على الشهادتين رواية هكذا كل قوتل عليه شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله[6] هذه الرواية ناظرة إلى قتال الكفار في مقابل قتال البغاة من المسلمين وليست في مقام تقييد القتال بالقتال للإسلام ومن أجل الإسلام الرواية ناظرة إلى قتال الكفار مسلمين في مقابل كفار في مقابل مسلمين في مقابل المسلمين قتال البغاة.

وبناء على ذلك يكون مقتضى القاعدة أن لا يملك المقاتلون شيئاً من الغنيمة في زمن الغيبة بل مقتضى القاعدة كون الغنيمة كلها للإمام ـ عليه السلام ـ وتكون الغنيمة من الأنفال وبالتالي الأحوط هو الغنيمة للإمام وليس الأحوط هو تخميس الغنيمة[7] إذا أن تخميس الغنيمة يحتاج إلى إثبات ملكية المقاتلين للغنيمة.

نعم لو قلنا بروايات التحليل وأن الإمام ـ عليه السلام ـ أباح الأنفال لشيعته مالنا لشيعتنا في عصر الغيبة كانت التخميس هو الأحوط لأنه دلّ الدليل على ملكية المقاتلين للغنيمة أان هذه الغنيمة من الأنفال والإمام ـ عليه السلام ـ أباح الأنفال لشيعته فثبتت ملكيته ففي هذه الحالة قد يقال أن الأحواط هو التخميس إن قلنا أن الأنفال مباحة للشيعة في عصر الغيبة.

النتيجة النهائية مذهب المشهور هو المنصور ولا دليل على التفصيل بين زمن الحضور وزمن الغيبة بل تفصيل المشهور ثابت مطلقاً في عصر الغيبة والحضور معاً فإن كانت الحرب مشروعة وبإذن الولي الشرعي كالإمام المعصوم أو نائبه الخاص أو العام كانت الغنيمة للمقاتلين وثبت فيها الخمس وإن كانت الحرب غير مشروعة كما لو كان القتال بغير إذن الإمام ـ عليه السلام ـ أو نائبه الخاص أو العام ففي في هذه الحالة تكون الغنيمة للإمام ـ عليه السلام ـ خالصة له.

هذا تمام الكلام في التفصيل الأول بين زمن الحضور والغيبة واتضح أنه ليس بتام.

التفصيل الثاني ما فصله الشيخ يوسف البحراني في الحدائق الناضرة الجزء الثاني عشر صفحة ثلاثمئة واثنين وعشرين[8] من دعوة اختصاص المشهور بخصوص الحرب التي تكون من أجل الدعاء للإسلام بخلاف الحرب التي تكون من أجل السلطة وزيادة التملك فيثبت فيها خمس لأن عموم الآية يشملها.

وقد استند صاحب الحدائق ـ رحمه الله ـ في إثبات ذلك إلى دعوى انصراف مرسلة الوراق ولعل وجهه أن التعبير الوارد فيها إذا غزا قومٌ والغزو كناية عرفة ومتشرعية عن الجهاد يعني الجهاد المشروع لاحظ مرسلة الوراق عن رجل سماه عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ قال إذا غزا قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلها للإمام وإذا غزوا بأمر الإمام فغنموه كان للإمام الخمس.[9]

وهذا الاستناد غريب عجيب إذ أن الإمام ـ عليه السلام ـ يقول إذا غزا قوم بغير إذن الإمام يستخدم مفردة الغزو في مورد عدم الإذن ولعل هذه المفردة ظاهرة في ماذا؟ في الابتداء بالحرب.

ولعل الصحيح في الاستناد إلى هذا الوجه وهو التقييد الدعاء للإسلام ما ذكره السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ لهذا جزء خمسة وعشرين كتاب الخمس صفحة سبعة عشر قال السيد الخوئي ـ قدس سره وجه التخصيص التنصيص عليه في رواية أبي بصير المتقدمة كل شيء قوتل عليه على شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله إلى آخره أي الدعوة إلى الإسلام. [10]

وفيه أولاً أن هذه الرواية ضعيفة السند فهي مرسلة وثانياً قد يقال أنها ناظرة إلى قتال المسلمين في مقابل الكفار لكي تفرق بين قتال الكافرين وقتال البغاة وليست ناظرة إلى القتال بأنه من أجل الإسلام هذا لو كان المدرك هو هذه الرواية.

وقد ذكر سيدنا الأستاذ نكتتين في ردّ كلام صاحب الحدائق ـ قدس الله نفسه الزكية ـ النكتة الأولى لو سلمنا انصراف مرسلة الوراق إلى الحرب من أجل الدفاع عن الإسلام لا التملك وزيادة السلطنة نقول مع ذلك يثبت الحكم في الحرب التي للدعاء للإسلام والتي ليست للدعاء للإسلام تمسكا بالفحوى العرفية. [11]

لاحظ كيف الفحمة العرفية.

إذ لا يحتمل أن تكون حرب المسلمين مع الكفار بغير إذن الامام إذا كانت للدعاء للإسلام في هذه الحالة لا يغنم المقاتلون شيء من الغنائم وتكون للإمام هو إذا كانت الحرب لطلب الملك والسلطنة كانت الغنائم للمقاتلين؟!!

فيلزم من هذا التفصيل أن تكون الحرب إذا كانت من أجل السلطنة تكون الغنيمة للمقاتلين واذا كانت الحرب للدعاء الإسلام فهي للإمام ـ عليه السلام ـ ، وهذا بعيد يعني الفحوى العرفي يعني الأولوية العرفية.

هذا بعيد لأنه هذا هو مقتضى التفصيل له مقتضى التفصيل بين إذا كانت للدعاء للإسلام يجري فيها التفصيل المتقدم ما هو التفصيل المتقدم؟ لاحظ إذا كانت للدعاء للإسلام إذا كانت بغير إذن الإمام فتكون للإمام ـ عليه السلام ـ جيد وإذا كانت من أجل السلطنة وبدون إذن الإمام مقتضى هذا التفصيل تكون للمقاتلين في هذه الحالة صارت إذا كانت الحرب لسلطنة ومن دون الدعاء للإسلام تكون الغنيمة للمقاتلين هذا أفضل من إذا كانت للدعاء للإسلام تكون الغنيمة للإمام ـ عليه السلام ـ واضح هنا لاحظ فقاهة السيد محمود ـ رضوان الله عليه ـ يقول هذه الفحوى العرفية الأولوية العرفية.

نعم لو كان الأخذ فردياً وبنحو الإغارة والسلب والنهب يمكن أن يكون المال للسالب بلا تقسيم المقاتلين لكن هذا أجنبي عن بحثنا نحن بحثنا فيما أخذ بالحرب لا ما أخذ بالغيلة.

النكتة الثانية لو تنزلنا ورفضنا الأولوية والفحوى العرفية نقول مع ذلك لا دليل على تملك المقاتلين للغنائم في حرب غير مأذونة. [12]

وبالتالي نقول الحكم لا يثبت موضوعه ثبت العرش ثم الناقش ثبت أولاً أن الحرب إذا كانت لا للدعاء للإسلام ثبت أن الغنيمة يملكها المقاتلين أولاً ثم بعد ذلك أثبت ماذا؟ الخمس فيها وقد اتضح فيما سبق أن مقتضى القاعدة أن المال يكون للإمام ـ عليه السلام ـ خروجهم من يدّ الإمام يعني من ملكية الإمام إلى ملكية المقاتلين يحتاج إلى دليل إذاً الحق والإنصاف ما ذكره سيدنا الأستاذ متين جداً إذا التفصيل الثاني المنصوب لصاحب الحدائق من بين كون الحرب للدعاء الحرب للدعاء للإسلام أو للتملك والسلطنة هذا التفصيل ليس بتام فتفصيل المشهور هو المحق.

التفصيل الثالث ما ذكره السيد محسن الحكيم في مستمسك العروة الوثقى الجزء التاسع صفحة أربعمئة وثمانية وأربعين[13] من التفصيل بين الحرب الجهادية والحرب الدفاعية فالتفصيل بين إذن الإمام وعدمه مختص بخصوص الحرب الجهادية الابتدائية بخلاف الحرب الدفاعية لأن الواردة في مرسلة الوراق الغزو بغير إذن الإمام وهو لا يشمل الحرب الدفاعية فيثبت الخمس في الحرب الدفاعية مطلقاً تمسكاً بعموم الآية وغيرها من الأدلة.

وفيه ثلاثة أمور:

أولاً ما تقدم من أن الظاهر عرفاً هو التفصيل بين الحرب المشروعة والحرب غير المشروعة ومن الواضح أن الحرب الدفاعية حرب مشروعة لا تحتاج إلى إذن فهي خارجة عن موطن بحثنا ومن الواضح أن الحرب بإذن الإمام ـ عليه السلام ـ حرب مشروعة ومأذون فيها إذا لا دخل لخصوصية الغزو والدفاع ولا دخل لخصوصية زمن الحضور وزمن الغيبة ولا دخل لخصوصية الدفاع لأجل الإسلام أو لأجل التملك المدار كل المدار على هذه النكتة هل هذه الحرب مشروعة؟ كما لو أذن فيها الإمام أو نائبه الخاص أو العام أو أذن الشارع بشكل مطلق كالحرب الدفاعي أو هذه الحرب ليست مشروعة.

النكتة الثانية أن عنوان الغزو وإن كان ظاهراً في الحرب الهجومية فلا يشمل الدفاع إلا أن أخذ قيد الغزو ليس للاحتراز عن الحرب الدفاعية عرفاً بل باعتبار أن الحرب الهجومية هي التي تكون بحاجة إلى الإمام وأما الدفاعية فتكون مأذونة منه دائماً أو عادة.

وبعبارة أخرى أن هذا القيد الوارد في الرواية ليس قيداً احترازياً وإنما هو قيد توضيح فلاحظ الرواية الشريفة مرسلة الوراق قال إذا غزا قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلها للإمام وإذا غزوا بأمر الإمام فغنموا كان للإمام الخمس على أن هذه الرواية أيضاً ضعيفة السنة رواية مرسلة ومقطوعة عن رجل سماه فلا يصح الاستناد إليها.

النكتة الثالثة ما تقدم من أنه لا يصح التمسك بالآية من دون إثبات الموضوع ما هو موضوع الآية آية الخمس؟ تملك المقاتلين للغنائم فالخمس في طول ملك الغنيمة من قبل أشخاص المقاتلين ودليل الحكم لا يثبت موضوعه فإذا لم نبرز دليل على تملك المقاتلين للغنيمة الشخصية بالحرب الدفاعية كانت كلها للإمام ـ عليه السلام ـ بناء على القاعدة.

إذا التفصيل الثالث لا دليل عليه.

النتيجة النهائية اتضح مما تقدم أن رأي المشهور هو المنصور وأن تفصيل المشهور صحيح ويمكن تخريجه على مقتضى القاعدة ولا نلتزم بالخصوصيات الثلاث التي ذكرها علماؤنا المتأخرون كالتفصيل بين الحضور والغيبة وبين الحرب من أجل الدعاء للإسلام أو من أجل التملك وبين كون الحرب هجومية ابتدائية أو دفاعية.

إذا التسالم ومقتضى والقاعدة يدلان على تفصيل المشهور والله العالم.

قال صاحب العروة فيجب إخراج الخمس من جميع ذلك قليلاً كان أو كثيراً[14] ... يأتي عليه الكلام، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo