< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: كتاب الخمس/الأقسام الأربعة الأول من الأموال التي تؤخذ من الكفار/

 

قال السيد محمد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ في كتاب العروة الوثقى ومن الغنائم التي يجب فيها الخمس الفداء الذي يؤخذ من أهل الحرب بل الجزية المبذولة لتلك السرية بخلاف سائر أفراد الجزية ومنها أيضاً صولحوا عليه وكذا ما يؤخذ منهم عند الدفاع معهم إذا هجموا على المسلمين في أمكنتهم ولو في زمن الغيبة فيجب إخراج الخمس من جميع ذلك قليلاً كان أو كثيراً من غير ملاحظة خروج مؤونة السنة على ما يأتي في أرباح المكاسب وسائر الفوائد[1] انتهى كلامه رفع مقامه.

في هذا المقطع يتحدث الماتن عن أحكام سائر أموال الكفار ويتطرق إلى ثمانية أمور تطرق إلى أربعة منها في هذا المقطع وهي:

الفداء والجزية وما يؤخذ عند الدفاع وما صولحوا عليه.

وتطرق إلى الأربع الأخر في المسألة الأولى إذا غار المسلمون على الكفار.

تفصيل هذه الأمور الثمانية أولا ثم بيان حكمها ثانيا ثم يأتي الكلام في النقطة الثالثة وهي هل يجب التخميس من دون إخراج المؤونة أم يجب الخمس فيها بعد استثناء المؤونة؟ فهذه نقاط ثلاث:

النقطة الأولى في توضيح هذه الأمور الثمانية:

الأمر الأول الفداء

الأمر الثاني ما صولحوا عليه.

والمراد بالفداء

ما يدفعه الكفار مقابل إطلاق سراح الأسير فلاسيروا غنيمة وما في مقابله من فداء إنما يدفع في مقابل هذه الغنيمة وهو الأسير.

ما صولحوا عليه

فهو الشيء الذي يحصل اتفاق عليه بين المسلمين والكفار إما للهدنة وإيقاف الحرب بعد شروعها وإما للاتفاق على عدم البدء بالحرب فمبلغ المصالحة إما لإيقاف الحرب وإيجاد هدنة بعد شروعها وإما لمنع شروع هذه الحرب.

إذا الفداء وما صولحوا عليه على قسمين:

القسم الأول يؤخذ بعد الحرب وغلبة المسلمين وهذا داخل في الغنائم بلا إشكال ويترتب عليه حكمها.

القسم الثاني ما يؤخذ قبل الحرب والقتال ولم يوجب عليه بخيل ولا ركاب كأرض البحرين فالظاهر أنه داخل في الأنفال ويكون من مختصات الإمام ـ عليه السلام ـ وإن كان الاحتياط في إخراج خمسه قبل التصرف.

طبعاً تراجع هذه الأمور الثمانية ذكرها شيخنا الأستاذ سماحة آية الله الشيخ مسلم الداوري كتاب الخمس في فقه أهل البيت الجزء الأول صفحة مئة وخمسة وثمانين إلى صفحة مئة واثنين وتسعين.

نعم لو وقع الأسير قبل حلول الحرب إلى الآن ما شرعت المعركة وتم أسر بعض الجنود قبل المعركة مثلاً تسلل بعض جنود الكفار إلى معسكر المسلمين واعتقلوهم فطالب الكفار به وطالب المسلمون بالفدية.

ولو رجعنا إلى مستمسك العروة الوثقى للسيد محسن الحكيم ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ الجزء التاسع صفحة أربعمئة وخمسين وما بعدها[2] لوجدنا أنه قد تأمل واستشكل في ثبوت الخمس في الغنيمة من دون قتال لأن الغنيمة قد أخذ فيها عنوان الغلبة بعد القتال وأما إذا حصلت الغلبة لكن دون قتال فقد يتأمل في صدق عنوان الغنيمة.

لكن الصحيح كما سيأتي أن عنوان الغنيمة صادق عليها والمراد بالغنيمة ما يتم الحصول عليه في المعركة المشروعة سواء قبل المعركة أو بعد المعركة، المعركة التي يتم فيها القتال فلو حصل بعد ذلك على غنائم من دون قتال كما لو هربوا تمت المعركة وانسحب الكفار وهربوا وتم الحصول على الغنيمة من دون قتال فهل يتأمل في صدق عنوان الغنيمة عليها؟! مع أنه تم الحصول على هذه بالغلبة من دون قتال فإذا لا شك ولا ريب أن مقتضى الفهم العرفي صدق عنوان الغنيمة عليها من دون قتال.

لذلك لم يشر السيد الخوئي في المستند إلى تأمل واستشكال السيد الحكيم.

إذا الأمر الأول الفداء الثاني ما صولحوا عليه.

الجزية

الثالث الجزية وليس المراد بالجزية الجزية التي يأخذها ولي أمر المسلمين على أهل الذمة الذين يسكنون في البلاد الإسلامية إذا التزموا بشروط الذمة فتلك الجزية مرجعها إلى ولي الأمر وبيت مال المسلمين والدولة الإسلامية.

والمراد بالجزية هي الجزية التي تدفعها السرية مقابل الرؤوس والفرق بينها وبين الفداء أن الفداء لتخليص شخص أو أشخاص يعني لتخليص أسير وأما الجزية فقد تكون لتخليص رأس خاص وإيقاف.

فإذا ليس المراد بالجزية هنا الجزية المعروفة وهي ما تؤخذ على أهل الذمة مقابل توفير الأمن لهم في الدولة الإسلامية بل المراد بالجزية ما يؤخذ على رؤوس وتختلف هذه الرؤوس قد يكون هذا زعيم وقد يكون هذا مرؤوس وفي هذه الجزية قد يصلون إلى هدنة أو إيقاف الحرب أو عدم الشروع في الحرب.

لذلك قال صاحب العروة ـ رحمه الله ـ بل الجزية المبذولة لتلك السرية بخلاف سائر أفراد الجزية.

إذا الثالث هو الجزية وحكمها حكم الفداء إذا بذلها المشركون للسرية والعسكر.

وأما إذا بذلوها للوالي كما هو المتعارف في أهل الذمة فلا تدخل في الغنيمة بل تدخل في بيت مال المسلمين.

ما يؤخذ من الكفار عند الدفاع

الرابع ما يؤخذ من الكفار عند الدفاع والظاهر أن حكمها حكم الغانم لأن الدفاع مشروع ومجاز من قبل الشارع المقدس فهو مأذون فيه بإذن عام وفيه كفاية عن الإذن الخاص إذ لا موضوعية للإذن الخاص.

ادعاء الشيخ الداوري

ثم يدعي شيخنا الأستاذ الداوري دعوة يقول ما نصه؟ مع أنه يمكن دعوى إذن الإمام الخاص قطعاً فإن الإمام ـ عليه السلام ـ لا يرضى بترك الدفاع عن النفس أو الغير من المؤمنين وعليه يترتب عليها أحكام الغنيمة بلا حاجة إلى الاستدلالات إلى الاستدلال بإطلاقات الأدلة.

وفيه دعوى الإذن الخاص غير ممكنة إذ ليس المراد بالإذن الخاص إحراز رضا المعصوم ـ عليه السلام ـ بل المراد بالإذن الخاص صدور الإذن من الإمام ـ عليه السلام ـ .

فالإذن إما أن تقصد به المشروعية وهذا يلتقي مع الإذن العام من دون حاجة إلى إذن خاص من الإمام ـ عليه السلام ـ وإما يراد بالإذن خصوص الإذن الخاص يعني صدور التصريح الخاص أو الإجازة الخاصة من الإمام ـ عليه السلام ـ .

الأمر الخامس ما يؤخذ عند المرابطة المرابطة المداومة لحراسة ثغور المسلمين فقد يحصل على غنيمة هذا سيأتي في المسألة الأولى.

السادس ما يؤخذ بإغارة المسلمين على الكفار.

السابع ما يؤخذ من الكفار بالسرقة والغيلة.

الثامن ما يؤخذ من الكفار بالمعاملة الربوية والدعوة الباطلة.

هذه ثمانية أقسام للأموال التي تؤخذ من الكفار نحن اليوم نتكلم عن الأقسام الأربعة الأول الواردة في عبارة صاحب العروة وهي الفداء وما صولحوا عليه وما أخذ عند الدفاع والجزية.

النقطة الثانية تقريب الاستدلال على ثبوت الخمس فيها.

هذه الموارد الأربعة يشملها إطلاق الآية الكريمة وهي قوله تعالى ﴿واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسة﴾[3] فالفداء مأخوذ بدلاً عن الأسير وكذا الجزية المبذولة في تلك السرية فإنها مأخوذة عن الرؤوس وكذا ما صولحوا عليه فإنها كلها تعد من غنائم أهل الحرب.

يقول السيد الخوئي جزئ خمسة وعشرين من المستند في شرح العروة كتاب الخمس صفحة ثمانية عشر[4] ما نصّه كلها تعد من غنائم أهل الحرب الشاملة لما يؤخذ منهم بالغلبة أم بدونها هذا أم بدونها ردّ على السيد محسن الحكيم في المستمسك دائماً كلمات السيد الخوئي برقيات ناظرة إلى مستمسك العروة الوثقى للسيد الحكيم يعني المستند في كثير من كلماته بمثابة الحاشية على مستمسك العروة الوثقى للسيد الحكيم.

يقول الآن نقح الصغرى عنوان الغنيمة صادق عليها يعني عنوان الغنيمة صادق على ما أخذ بالغلبة أم بدون الغلبة؟ فتكون مشمولة لإطلاق الآية المباركة بعد صدق الغنيمة عليها.

وبتقريب آخر أو وببيان آخر وأوضح إطلاق الآية المباركة شامل للموارد الأربع أو الأقسام الأربعة بلا إشكال فصدق وعنوان الغنيمة على الفداء والجزية وما صولح عليه وما أخذ عند الدفاع يصدق عنوان الغنيمة على الكل بمناط واحد هذا من جهة.

ومن جهة أخرى لا دليل على التقييد بخروج المؤونة يعني لا يوجد دليل يقيد أن الخمس يثبت بعد إخراج المؤونة في زمن الحضور أو زمن الغياب فنتمسك بإطلاق الآية الكريمة.

وبذلك يثبت الخمس في الأقسام الأربعة من دون حاجة إلى استثناء المؤونة استثناء المؤونة سنبحثه بشكل مفصل.

ولعل أدق تقريب وجدته لإثبات الخمس في الأقسام الأربعة هو التقريب الذي ذكره سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشهرودي ـ رحمه الله ـ كتاب الخمس الجزء الأول صفحة سبعة وستين[5] لاحظ التقريب الدقيق قال ـ قدس سره ـ قد عرفت أن موضوع خمس الغنيمة مركب من جزئين أن يكون المال غنيمة أي مأخوذا بالقهر والقتال وأن يكون ملكاً عائداً إلى الغانم الشخصي، ولا إشكال في صدق ذلك فيما إذا كان الأخذ بالحرب سواء كان حين المقاتلة أم بعدها هذا رد على السيد الحكيم كالفداء الذي كان يؤخذ من أسرى الكفار قبال إطلاق سراحهم وكانت تقسم عادة بين المقاتلين ومن غير فرق بين الدفاع والهجوم وكذلك ذلك الجزية وما للصلح إذا أعطيت للسرية في قبال دفع خطرهم فإنها أيضاً غنيمة إذ لا يشترط في صدقها اأي يكون أخذها بعد إراقة الدم بل مطلق الأخذ بالقهر والغلبة بالإقدام على المقاتلة غنيمة ولهذا لو هرب العدو تاركاً كانت غنيمة أيضاً انتهى كلامه زيد في علو مقامه.

الحق والإنصاف هذا استظهار عرفي الغنيمة ما يؤخذ بالقهر والغلبة عند القتال وليس المراد عند القتال يعني عند فعلية القتال بل المراد عند القتال مطلقاً فعلاً أو شأناً كما لو هرب الكفار ولم يثبتوا عند القتال فما يؤخذ منهم حينئذ يصدق عليه أنه من غنائم دار الحرب.

نعم قد يعترف بالأرض التي لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب كأرض البحرين التي اسلم أهلها طوعاً وقد دلت الروايات على أن أرضها لأهلها بخلاف الأراضي المفتوحة عنوة وبالقوة فإن أرضها للمسلمين.

ومن خلال هذا الاعتراض تم الجواب إذ أن هذا الاعتراض خارج تخصصاً لأن مورد بحثنا الأراضي المفتوحة لا الأراضي التي اسلم أهلها طوعاً فما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب أولا خاص بالأراضي ولا يشمل الغنائم المنقولة.

وقد يقال إنه خاص بما يجعل للإمام أو الدولة صلحاً فتعود إلى الإمام أو الدولة الإسلامية بمقتضى المصالحة فلا تكون من الغنائم العائدة إلى المقاتلين بل تكون من الغنائم الراجعة إلى ولي أمر مسلمين والإمام الشرعي.

هذا تمام الكلام في تقريب الاستدلال بالأمور الأربعة.

يبقى الكلام في استثناء مؤونة السنة أو لا؟

إلى هنا قلنا أن إطلاق الاية الكريم يشمل هذه الأقسام الأربعة بل الأقسام الثمانية، الأربعة التي ستأتي إن شاء الله هذا أولا وثانياً لا دليل على التقيد لا دليل على تقييد إطلاق الآية الكريمة بما دل على استثناء المؤونة فإذا لم يثبت الدليل على الخاص وهو استخراج المؤونة بقي العام على عمومه وبقي الإطلاق على إطلاقه، وهذا فيه بحث صناعي دقيق وعميق نرجعه إلى الدرس القادم.

ولكن سنطرح المبنى الذي نبني عليه ثم نتعرف في الدرس القادم إلى المباني التي طرحت وطريقة ردها.

ما نبني عليه هو أن الروايات الدالة على استثناء المؤونة مختصة بخصوص خمس أرباح المكاسب ومطلق الفوائد اأي القسم الخامس من أقسام الخمس المورد السابع من موارد التخميس ونحن في المورد الأول غنائم دار الحرب فلا يشمل دليل استثنائي المؤونة الموارد الخاص القائمة بنفسها كخمس غنائم دار الحرب وخمس الكنز وتخميس المعدن.

فإن الموارد الستة قد دلّ الدليل الخاص على تخميسها ولم يذكر الدليل الخاص استثناء المؤونة فالأدلة الدالة على وجوب تخميس الغنيمة أو المعدن أو الكنز أو المال المختلط بالحرام أو الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم لم يرد فيها استثناء المؤونة فنتمسك بإطلاق هذه الأدلة الخاصة لإثبات الخمس فيها مطلقاً قليلة كانت أو كثيرة.

ولو اعترض علينا بأدلة استثناء المؤونة وقيل إنها مطلقة تشمل الموارد السبعة بأجمعها.

قلنا إن دليل استثناء المؤونة ليس مطلقاً وإنما هو مطلق في خصوص المورد السابع وهو أرباح المكاسب والفوائد.

لذلك قال صاحب العروة ـ قدس الله نفسه الزكية ـ قال فيجب إخراج الخمس من جميع ذلك[6] الموارد الأربعة قليلاً كان أو كثيراً، يعني هذا الفداء أو كانت قليلة أو كثيرة من غير ملاحظة خروج مؤونة السنة على ما يأتي في أرباح المكاسب وسائر الفوائد إذ سيتضح هناك أن دليل استثنائي المؤونة خاص بخصوص المورد السابع وهو خمس أرباح المكاسب وسائر الفوائد إلى هنا ذكرنا المبنى الذي نلتزم به.

قد تذكر أقوال أخر أو موارد دقيقة حاولوا تراجعونها حتى لا نتعب في شرحها راجعوا كتاب الخمس للسيد محمود الهاشمي الجزء الأول صفحة ثمانية وستين الحاشية الأولى استثناء المؤونة أو عدم استثنائها يأتي عليه الكلام وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo