< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: كتاب الخمس/تنقيح معنى الغنيمة/

 

مسألة واحد من العروة الوثقى كتاب الخمس للسيد كاظم اليزدي:

إذا أغار المسلمون على الكفار فأخذوا أموالهم فالأحوط بل الأقوى إخراج خمسها من حيث كونها غنيمة ولا يلحق فيها مؤونة السنة.[1]

تعرض السيد محمد كاظم اليزدي في المسألة إلى ثلاثة فروع:

الفرع الأول إذا أغار المسلمون على الكفار فنهبوا أموالهم.

الفرع الثاني إذا أخذ المسلمون مال الكافر بالسرقة والغيلة.

الفرع الثالث إذا أخذ المسلمون مال الكافر بمثل الربا أو الدعوة الباطلة.

وقبل الشروع في هذه الفروع الثلاثة لابد من تنقيح معنى الغنيمة، فما هو المقصود بالغنيمة؟

إذا نقحنا معنى الغنيمة فسنستطيع تشخيص أنما أخذ بالإغارات أو بالسرقة أو بالربا هل يصدق عليه عنوان الغنيمة أم لا؟

يمكن أن يذكر للغنيمة معنيان رئيسيان:

المعنى الأول الغنيمة بالمعنى الأعم ويراد بها مطلق الفائدة فمطلق ما يستفيده الإنسان من أرباح مكاسبه بل مطلق الفائدة التي تصل إليه كالهدية قد يطلق عليها أنها غنيمة هذا هو المعنى الأول للغنيمة، الغنيمة بالمعنى الأعم أي ما يعم جميع الفوائد

المعنى الثاني الغنيمة بالمعنى الأخص وهو خصوص غنيمة دار الحرب، وفي هذا المعنى الثاني الغنيمة بالمعنى الأخص أي غنيمة دار الحرب يمكن تصوير ثلاثة معاني:

المعنى الأول الغنيمة هي ما يؤخذ بالقهر والغلبة.

تقول اغتنم الفرصة فإنها تمر مرّ السحاب أي أقهر الظروف والوقت واستثمر الفرصة.

فيراد بالغنيمة ليس مطلق الفائدة بل خصوص الفائدة التي يتم الحصول عليها بالقهر والغلبة وإن لم تكن في المعركة بهذا يصدق على ما أخذ بالسرقة أو بالغيلة أنه غنيمة بالمعنى الأخص، لأنه قد أخذ بالقهر والغلبة وإن لم يؤخذ في دار الحرب.

نعم وان لم يكن في المعركة في دار الحرب.

المعنى الثاني للغنيم بالمعنى الأخص ما أخذ بالقهر والغلبة عند القتال سواء كان القتال فعلياً أو لم يكن فعلياً ولكن في أجواء قتال المعركة فالمراد بالغنيمة ما يؤخذ بالقهر والغلبة في المعركة تماماً.

وهذا المعنى نميل إليه وليس ببعيد كما سيأتي إن شاء الله.

المعنى الثالث ما أخذ بالقهر والغلبة في المعركة عند الدفاع عن الإسلام، فقد أخذ في المعنى الثالث ثلاثة قيود:

القيد الأول أن تكون الفائدة مأخوذة بالقهر والغلبة.

القيد الثاني أن تكون في المعركة.

القيد الثاني أن تكون المعركة من أجل الدفاع عن الإسلام أو فتح الأراضي للمسلمين بخلاف المعنى الثاني فقد أخذ فيه قيدان فقط:

أولا أن تكون الغنيمة مأخوذة بالقهوة والغلبة.

وثانياً في المعركة، الأعم من المعركة الفعلية أو أجواء ما قبل المعركة أو ما بعدها.

وأما المعنى الأول من الغنيمة بالمعنى الأخص فهو ما أخذ بالقهر والغلبة وقد ذكرنا قيداً واحدة ولم نذكر أنه في المعركة ولم نذكر أنها من أجل الإسلام.

وتشترك المعاني الثلاثة من بالمعنى الأخص مع الغنيمة بالمعنى الأعم في كونها فائدة.

والفرق بين تخميس الغنيمة بمعنى مطلق الفائدة وبين تخميس الغنيمة بالمعنى الأخص هو أن تخميس غنيمة دار الحرب أو الغنيمة بالمعنى الأخص يجب فوراً ومن دون استثناء المؤونة بخلاف تخميس غنيمة مطلق الفائدة فإن التخميس لا يجب إلا بعد حلول الحول هذا أولا.

كما أنه تستثنى المؤونة ثانياً.

إذا الفارق بين تخميس الغنيمة بالمعنى الأعم والغنيمة بالمعنى الأخص هو أن تخميس الغنيمة بالمعنى الأخص فوري أولاً ومن دون استثناء المؤونة ثانياً.

بخلاف تخميس الغنيمة بالمعنى الأعم أي مطلق الفائدة فإنه لا يجب إلا بعد حلول الحول أولاً وبعد استثناء المؤونة ثانياً.

تطرق صاحب العروة ـ رحمه الله ـ إلى فروع ثلاث ومن الواضح أن هذه الفروع الثلاثة يثبت فيها الخمس أو لا يثبت فيها الخمس وفقاً للمعاني التي ذكرناها، وبعد بيان هذه المعاني نذكر الفروع الثلاثة بشكل موجز لنرى أن ضابطة خمس الغنيمة ينطبق عليها أو لا؟

الفرع الأول إذا غار المسلمون على الكفار فأخذوا أموالهم، والمراد بهذا الفرع فيما لو أغار المسلمون بغرض الإغارة فحصلوا على الغنيمة من أجل الإغارة لا أنهم دخلوا في معركة من أجل الإسلام أو من أجل فتح أراضي جديدة.

ما تقدم ناظر إلى معركة المسلمين معركة بين الإسلام والكهف للدعوة إلى الإسلام أو لفتح أراضي جديدة سلطنة جديدة.

أما الفرع الأول في المسألة الأولى ليس ناظراً إلى هذه الحرب بل ناظر إلى القتال من أجل الإغارة والسلب والحصول على الغنيمة.

بناء على المعنى الأول يجب تخميس هذه الغنيمة لأنها مطلق فائدة ما حصل عليها بالإغارة لكن بعد حلول السنة واستثناء المؤونة.

وأما بناء على المعنى الأول للغنيمة بالمعنى الأخص فإنه يثبت عنوان الغنيمة بالمعنى الأخص على ما أخذ بالإغارة لأنها فائدة حصل عليها بالقوة والغلبة والإغارة وإن لم تكن ضمن الحرب وإن لم تكن من أجل الإسلام بل كانت من أجل الإغارة فيثبت الخمس فوراً من دون استثناء المؤونة بناء على المعنى الأول.

وأما بناء على المعنى الثاني وهو أن الغنيمة هي ما أخذ بالقهر والغلبة عند القتال فيثبت الخمس في هذه الغنيمة وإن لم تكن معركة من أجل الدفاع عن الإسلام أو انتزاع أراضي لأنها غنيمة أخذت عند القتال الخمس فوراً بناء على المعنى الثاني.

وأما بناء على المعنى الثالث وهو أن الغنيمة ما أخذ بالقهر والغلب عند القتال من أجل الإسلام فلا يثبت عنوان الغنيمة بالمعنى الأخص لأن ما أخذ بالإغارة لم يؤخذ في القتال بالمعركة ولم يؤخذ من أجل الإسلام.

أخذ بالإغارة المراد ليس بالقتال يعني القتال في معركة من أجل الدعوة إلى الإسلام أو انتزاع أراضي جديدة وسلطنة جديدة.

يعني لازم نفرق بين لقتال وبين المعركة ما أخذ بالإغارة هذا أخذ بالقتال ولكن ليس معركة بين الإسلام والكفر من أجل فتح مثلاً الدولة الإسلامية.

الفرع الثاني وكذا إذا أخذوا بالسرقة والغيلة ـ هذا بعد واضح ـ

الفرع الثالث لو أخذوا منهم بالربا أو بالدعوة الباطلة.

هذان العنوانان بناء على الغنيمة بالمعنى الأعم يثبت الخمس بمعنى مطلق الفائدة لكن يثبت الخمس ويجب بعد حلول الحول وبعد استثناء مؤونة السنة.

وأما الغنيمة بالمعنى الأخص ما أخذ بالقهر والغلبة يصدق على المورد الأول ما اخذ بالسرقة والغيبة.

وأما المعنى الثاني ما أخذ بالربا أو بالدعوة الباطلة يصدق عليها أيضاً أنه أخذ بالقهر والغلبة.

لكن المعنى الثاني للغنيمة بالمعنى الأخص لا يصدق وهو ما أخذ بالقهر والغلبة عند القتال فما أخذ بالسرقة والغيلة أو بالربا أو الدعوة الباطلة لا يصدق عليه ذلك ما حصلت معركة.

وكذلك المعنى الثالث ما أخذ بالقهر والغلبة في المعركة من أجل الإسلام فلا يصدق على ما أخذ بالسرقة والغيلة أو الربا أو الدعوة الباطلة.

لو رجعنا إلى كلمات الأعلام خصوصاً المعاصرين كالسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ وسيدنا الأستاذ سيد محمود الهاشمي الشاهرودي فإنه قد يستظهر من كلامهم بل قد يكون صريحان في أنهم يرون صدق عنوان الغنيمة بالمعنى الأخص وأن عنوان الغنيمة قد أخذ فيه ما أخذ بالقهر والغلبان في المعركة فهو يصدق والآية الكريمة ﴿واعلموا أنّما غنمتم من شيء﴾[2] ناظر إلى ما أخذ بالقهر والغلبة في المعركة.

قال السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ في كتابه الخمس تقرير السيد مجتبى الردباري صفحة ستة وعشرين لأن هذا نصّ كلام السيد الخوئي في الدرس وهذا أوضح من نصّ تقرير البروجردي نقرأ الاثنين.

يقول السيد الخوئي في تعليقه على المسألة الأولى تعرض الماتن لحكم ما إذا هاجم المسلمون الكفار وأخذوا أموالهم لا أجل الدفاع عن البلاد الإسلامية أو لتوسعة أراضي المسلمين بل لمجرد أخذ المال ففي هذا أيضاً ذكر ـ قدس سره ـ وجوب الخمس بل الأفضل والأقوى أن يكون الخمس فيه من باب الغنيمة لا من باب مطلق الفائدة والظاهر أنه لا بأس بما ذكره عملاً بإطلاق الآية.

إذ يصح أن يقال إن المسلمين غنموا أموالاً ولو كان القتال والحرب لمجرد الاستيلاء على المال.

إذا أولا أخذ فيه عنوان ما أخذ بالقهر والغلبة.

ثانياً عند القتال.

أما القيد الثالث لمجرد من أجل الدفاع عن الإسلام هذا لم يؤخذ.

يقول ولو ولو كان القتال والحرب لمجرد الاستيلاء على المال إذ الآية مطلقة ولم تقيد بعنواني الدعوة الإسلامية أو توسعة أراضي المسلمين فالمال المأخوذ يدخل تحت الغنائم فيجب إخراج خمسة وبعد ذلك يقسم الباقي بين المقاتلين انتهى كلامه زيد في علو مقامه.

وقال في تقريره الآخر المستند في شرح العروة الوثقى تقرير الشهيد مرتضى البروجردي جزء خمسة وعشرين من موسوعة السيد الخوئي صفحة تسعة عشر [3] علق على قول صاحب العروة الأحوط بل الأقوى إخراج خمسها.

قال إذ لا فرق بمقتضى إطلاق الآية وغيرها بين الغنائم المأخوذة منهم في قتال مبني على الدعاء إلى الإسلام وتوسعة أراضي المسلمين أو على مجرد أخذ الأموال والاستيلاء عليها كما تقدم.

إذا المهم أن يكون في قتال اسمها غنيمة دار الحرب يعني غنيمة عند القتال يعني ما يؤخذ بالقهر والغلبة عند القتال.

وأما أستاذنا السيد محمود الهاشمي وعنده معنى أوسع سيأتي نحن نقبل بهذا المقدار لا المقدار الأوسع قال السيد محمود في كتابه الخمس الجزء الأول صفحة تسعة وستين. [4]

الفرع الأول إذا أغار المسلمون على الكفار فنهبوا أموالهم وقد قوى ـ قدس سره ـ إخراج خمسة من حيث كونها غنيمة.

والظاهر أن المقصود من هذا الفرد ما إذا كانت الغارة من أجل السلب والنهب لا من جهة الحرب بين دولة الإسلام والكفر ولا شك في صدق الغنيمة على ما يؤخذ منهم كذلك بناء على هدر حرمة أموالهم وجواز أخذها وتملكها بالحيازة في مثل هذه الموارد، فإنه لم يؤخذ في صدق الغنيمة أكثر من أخذ المال بالقتال شيئين: أخذ المال بالقتال. وكونه مهدوراً يمكن تملكه من قبل الغانم، ما هو الأكثر؟ الأكثر أن يكون من أجل الإسلام أو من أجل افتتاح أراضي وسلطنة وورود آية خمس الغنيمة في مورد الحرب لا يجعل عنوان ما غنمتم خاصاً بذلك يعني بالحرب فهذه هي الحيثية التي من أجلها عقد السيد الماتن ـ قدس سره ـ هذه المسألة.

ولهذا أيضاً قوى وجوب الخمس فيها من حيث الغنيمة مع أنه كان قد حكم سابقاً بالخمس فيما يؤخذ عنهم بالحرب في عصر الغيبة من باب الاحتياط.

وقد تصور بعض المحشين أنه تغير عن فتواه هناك حيث ترقى من الاحتياط إلى التقوية ولكنه خلط بين الحيثيتين فإن البحث هناك فيما يؤخذ عنهم من خلال الحرب مع المسلمين أو دولة الإسلام وهنا فيما يؤخذ عنه من خلال الإغارة من أجل السلب والنهي بناء على ما هو المشهور من جواز تملك مال الكافر الحربي بالحيازة والاستيلاء عليه.

قد تشكل تقول وما دلّ على أنه الغنيمة كلها للإمام. نقول هذا ناظر إلى ـ غير المأذونة يعني كلها للإمام ـ هذا نظر إلى خصوص غنيمة في دار الحرب. ولذلك يقول وما دلّ على أن الغنيمة كلها للإمام على تقدير عمومها عمومها لزمن الغيبة مخصوص بالغنائم المأخوذة بالحروب لا الأموال المأخوذة على وجه السلب والنهب بعد فرض منذوريتها كما أشارنا إلى ذلك في البحث السابق. [5]

طيب إن أردنا أن ننقح المسألة أكثر ينبغي بسط القول في الدليل الذي يقام على أن المراد بالغنيمة هل هو الغنيمة بالمعنى الأعم أو الغنيمة بالمعنى أخص؟ ويمكن أن يستدل على ذلك بثلاثة أدلة:

يمكنكم مراجعتها في تقرير المرتقى إلى الفقه الأرقى كتاب الخمس تقرير الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم للمرحوم السيد محمد الحسيني الروحاني ـ رحمه الله ـ صفحة ثلاثين.

ولأيضا تلميذ السيد محمد الروحاني السيد محمد اليثربي الكاشاني في كتابه الخمس المدارج الفقهية دورة المدارج الفقهية الجزء السادس صفحة اثنين وثلاثين قرر كلام أستاذه الروحاني ولخصه.

اختلفت الأقوال في مفهوم الغنيمة إلى قولين:

القول الأول الغنيمة بالمعنى الأعم.

القول الثاني الغنيمة بالمعنى الأخص.

يمكن أن يستدل على الغنيمة بالمعنى الأعم بثلاثة أدلة.

أن المراد بالغنيمة مطلق الفائدة، طبعاً الثمرة تظهر في أنه إذا قلنا أن المراد للغنيمة هو مطلق الفائدة لا يجب تخميس الغنيمة فوراً بل يجب تخميسها بعد حلول الحول إن بقيت وثانياً بعد استثناء الموؤنة.

الدليل الأول على أن المراد بالغنيمة مطلق الفائدة أنه الظاهر من كلمات أهل اللغة كما يلوح من كلمات الشيخ فخر الدين الطريحي في مجمع البحرين مادة غنيمة قال:

الغنيمة في الأصل هي الفائدة المكتسبة ولكن اصطلح جماعة على أنما أخذ عن الكفار فإن كان على غير قتال فهو خير وإن كان مع القتال فهو غنيمة وإليه ذهب الإماميين وهو مرويٌ.

هذا الدليل الأول الاستدلال بكلمات اللغويين على معنى الغنيمة.

الدليل الثاني أنه الظاهر من كلام جمع من الأعلام ـ قدس الله أسرارهم ـ ثم نقل كلام الفقيه الهمداني في مصباح الفقيه، قال الفقيه المحقق الهمداني ـ قدس سره ـ :

فكأن ما اصطلحوا عليه عرف خاص ربما ينزل عليه إطلاق الآية وإلا فكثير من الأصحاب يستدلون بإطلاق الآية لإثبات الخمس في سائر الأنواع الآتية بل ربما نسب الاستدلال به إلى الأصحاب، وهذا شاذ منهم بل عن الرياض دعوة الإجماع على عموم الآية.[6]

رياض المسائل للسيد علي الجزء الخامس صفحة مئتين وثمانية وثلاثين فقط مؤسسة النشر الإسلامي جماعة المدرسين.[7]

وعن المفيد في المقنعة للمفيد صفحة مئتين وستة وسبعين مؤسسة النشر الإسلامي جماعة المدرسين قال:

الغنائم كل ما استفيد بالحرب من الأموال وما استفيد من المعادن والغوص والكنوز والعنبر وكل ما فضل من أرباح التجارات والزراعات والصناعات من المونة والكفاية طول السنة على الاقتصاد. [8]

ونحوه فسرها الشهيد في الدروس الشهيد الأول الدروس الشرعية الجزء الأول صفحة مئتين وثمانية وخمسين مؤسسة النشر الإسلامي ومحكي البيان للشهيد الأول صفحة مئتين وثلاثة عشر طبعة في مجموع الذخائر الإسلامية.

وعن الطبرسي في مجمع البيان نحوه بل ادعى أن اسم الغنيمة في عرف اللغة يطلق على جميع ذلك. مجمع البيان للطبرسي الجزء الرابع صفحة خمسمئة وأربعة وأربعين طبعة المكتبة الإسلامية.

هذا الدليل الثاني.

الدليل الثالث الرواية أهمها ثلاث روايات:

الرواية الأولى خبر حكيم مؤذن بني عبس المروية في وسائل الشيعة الباب الرابع من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام الحديث الثامن قال قلت له عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ قال قلت له واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله وللرسول قال هي والله الإفادة يوما بيوم إلا أن أبي جعل شيعتنا في ذلك في حل ليزكوه.[9]

طبعا العمدة في الأدلة هو الدليل الثالث الرواية، أما الدليل الأول هو قبل اللغويين والدليل الثاني كلام بعض الأعلام فلا حجة له علينا فكلام صاحب مجمع البحرين فخر الدين الطريحي بمفرده لا يثبت المفهوم اللغوي لمثل هذه الكلمة التي وقعت محل البحث والنزاع.

كما أنه أيضا لا اعتداد بكلمات الأصحاب بعد العلم بأن الأصحاب كانوا بصدد بيان ما هو الموضوع للحكم دون ما هو معنى اللفظ لفظ الغنيمة لغة وعرفاً.

فمن الواضح أن الغنيمة في اللغة بمعنى مطلق معا يغنم يعني مطلق الفائدة هذا واضح في اللغة إنما الكلام في موضوع الغنيمة والمراد بالغنيمة بالمعنى الأخص هذا يحتاج إلى تنقيح وهذا يثبت بالأدلة.

إذا المهم هو الثالث الأدلة الخاصة.

الرواية الأولى رواية حكيم مؤذن بني عبس عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ هذه الرواية ضعيفة السند فلا يمكن الاستدلال بها.

الرواية الثانية والدليل الثاني هو مكاتبة علي بن مهزيار مع أبي جعفر ـ عليه السلام ـ الإمام الجواد ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وفيها والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها.[10]

ففسر الغنائم بمعنى ماذا؟ الفائدة يفيدها.

الدليل الثالث أو المؤيد يؤيد رواية حكيم مؤذن بني عبس ومكاتبة علي بن مهزيار، صحيح عبدالله بن سنان قال سمعت أبا عبدالله ـ عليه السلام ـ يقول ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة.[11]

فهذا يعني أن الغنائم مطلق الموارد السبعة يعني مطلق الفائدة.

صحيحة عبد الله بن سنان الحاصرة لما ثبت فيه الخمس بالغنائم هي من ناحية السند تامة لابد من تأويلها بما يتلائم مع النصوص الدالة على ثبوت الخمس في غير الغنائم.

هناك الإمام يقول ماذا في الصحيحة؟ ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة فهنا نأول الغنائم بمعنى نطلق الفائدة، فهنا الإمام ـ عليه السلام ـ استخدم الغنيمة في الغنيمة بالمعنى الأعم لا الغنيمة بالمعنى الأخص.

يبقى الكلام في مكاتبة علي بن مهزيار وهي صحيحة السند ولكن يمكن التأمل في متنها فهي مضطربة المتن، وذكر السيد محمد الروحاني ـ رحمه الله ـ عدة موارد للاضطراب في هذه الرواية ذكر أربعة موارد من صفحة ثلاثة وثلاثين إلى صفحة سبعة وثلاثين نذكر مورد واحد من موارد الاضطراب التي ذكرها:

المورد الثاني صفحة أربعة وثلاثين قال ـ عليه السلام ـ في المكاتبة ولم أوجب عليهم ذلك في كل عام ولا أوجب عليهم إلا الزكاة التي فرضها الله عليهم وإنما أوجبت عليهم الخمس في سنة هذه كالذهب والفضة التي قد حال عليهما الحول ولم أوجب ذلك عليهم في متاعهم ولا آنية ولا دواء ولا خدم ولا ربح ربحه في تجارة ولا ضيعة إلا في ضيعة سأفسر لك أمرها.

في هذه الفقرة عدة يصعب فهمها:

الجهة الأولى قوله ـ عليه السلام ـ ولم أوجب عليهم ذلك في كل عام[12] وهذا ينافي ما سيأتي منه ـ عليه السلام ـ في نفس المكاتبة فأما الغنائم والفوائد فهي واجب عليهم في كل عام.[13]

الجهة الثانية قوله ـ عليه السلام ـ وإنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة يعني أوجب الخمس في الذهب والفضة. [14]

ومن الواضح أن الذهب والفضة إذا كانوا مصكوكين يثبت فيهما الزكاة دون الخمس.

الجهة الثالثة أنه على فرض ثبوت الخمس في الذهب والفضة فما هو الوجه في قوله ـ عليه السلام ـ وإنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه؟

وهل الخمس على تقدير ثبوته مما يتقيد بحسب التشريع بسنة خاصة كما هو ظاهر الجملة؟ وهل أمر تقييده بذلك بيد الإمام كما هو ظاهر الجملة؟

أسئلة تثار ويصعب الإجابة عليها موارد كثيرة، إن شاء الله تراجعونها .

السيد الروحاني ـ رحمه الله ـ قاده الاطمئنان الشخصي إلى أن هذه الرواية مضطربة ولا يمكن الاستدلال بها.

ولكن قد أنه بعض الموارد ما دام الرواية صحيحة السند الموارد المضطربة يرجع أمر علمها إليهم ـ صلوات الله عليهم ـ وأما المورد الظاهر الدلالة فإنه لا تسقط حجيته فإن حجية خبر ثقة تنحل إلى جميع موارد الرواية وبالتالي تسقط حجية الدلالة في الموارد المبهمة والمجملة التي يجيها اضطراب، وأما الموارد الواضحة فلا تسقط.

يقول السيد ـ رحمه الله ـ يقول صفحة ستة وثلاثين:

والمتحصل من ذلك كله أنه لما ذكرناه كله أو بعضه وما لم نذكره أيضاً من بعض وجوه الإشكال يحصل الجزم عادة بعدم صدور المتن المذكور عن المعصوم ولا أقل من الاطمئنان وبذلك يسقط الاستدلال بها للمقام فلاحظ وتأمل.

أقول الجزم أو الاطمئنان باضطراب بعض موارد المتن لا يعني الجزم أو الاطمئنان بعدم صدور المتن بأجمعه من الامام ـ عليه السلام ـ فإن حجية خبر الثقة حجية السند تنحل إلى حجج بجميع الموارد الواردة في المتن نرفع اليد مقدار الذي فيه اضطراب وأما المقدار الذي ليس فيه اضطراب تشمله كبرى حجية السنة فنلتزم بحجيته.

هذا تمام الكلام في الأدلة التي أوردها السيد الروحاني ـ رحمه الله ـ على أن المراد بالغنيمة هي ما أخذ بالقهر والغلبة وليس مطلق الفائدة.

والعمدة في ذلك هو الظهور العرفي يعني رجعنا إلى كلمات أهل اللغة ولاحظنا الظهور العرفي والاستعمالات العرفية فمن الواضح أن عنوان الغنيمة:

أولاً قد أخذ فيه ما يؤخذ بالقهر والغلبة.

وثانيا ما يكون عند القتال فلا يقال لما اأخذ بسرقة أو غيلة أنه غنيمة إلا بالمعنى المجازي.

نعم لم يؤخذ في عنوان الغنيمة أن يكون القتال من أجل الدفاع عن الإسلام أو من أجل افتتاح أراضي جديدة فمن الواضح عرفاً أنه إذا وقعت معركة كما هو الحال اليوم في الحرب الروسية الأوكرانية وقالوا هذا غنيمة ماذا تفهم؟

تفهم أولاً أخذ بالقهر والغلبة وثانيا في المعركة، وليس المراد بخصوص المعركة الفعلية فقد يؤخذ من دون انقطاع كما لو انسحب الجند وهربوا المهم ما بقي في المعركة عند القتال ولو شأناً.

هذا تمام الكلام في الفرع الاول وبعد تنقيح معنى الغنيمة سيتضح المطلب في الفرض الثاني والثاني.

الفرع الثاني يأتي عليه كلامه صلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo