< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: العروة الوثقى/كتاب الخمس/المسألة الثانية،ذكر الأدلة والردود التي ذكرها السيد الهاشمي ومناقشتها

 

المسألة الثانية من العروة الوثقى يجوز أخذ مال النصاب أينما وجد لكن الأحوط إخراج خمسة مطلقاً. [1]

قلنا يوجد في هذا الفرع جهتان:

الجهة الأولى في جواز أخذ مال الناصب.

الجهة الثانية في ثبوت الخمس فيه وأنه بملاك خمس الغنيمة أو خمس الفائدة.

شرعنا في الجهة الأولى في جواز أخذ مال الناصب وطرحنا الأدلة التي يمكن أن يستدل بها على ذلك والأدلة المعارضة واتضح بشكل موجز تمامية الأدلة التي أقيمت على جواز أخذ مال الناصب لكن سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشهرودي ـ رحمه الله ـ قد تطرق إلى ما يمكن أن يستدل به على جواز أخذ مال الناصب وردها بأجمعها.

نحن اليوم إن شاء الله نتطرق إلى جميع الأدلة التي تطرق إليها سيدنا الأستاذ الهاشمي ـ رحمه الله ـ وسيتضح أن بعض ردوده تامة لكن البعض الآخر ليس بتام فتكون النتيجة قيام الدليل على جواز أخذ مال الناصب والعمدة في ذلك الروايتان الصحيحتان.

قال سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي في كتابه بحوث في الفقه كتاب الخمس الجزء الأول صفحة ثلاثة وسبعين[2] :

ويمكن أن يستدل على جواز أخذ مال ناصب بوجوه عديدة لا يخلو جميع عن الإشكال:

الوجه الأول إن المستفادة من جملة من الروايات كفر الناصب فإذا ضمّ إلى ذلك ما دلّ على أن عصمة المال والدم يكون بالإسلام ثبت بذلك عدم الحرمة لأموالهم.

والحأصل قد يستفاد عدم حرمة أموال الناصب من إطلاق عنوان الكفر على الناصب في الروايات الشريفة.

وفيه إن إطلاق الكافر على الناصب

سؤال هل هذا الكافر في مقابل انتحال الإسلام والإقرار بالشهادتين الذي هو المناط في عصمة المال والنفس أو هو في مقابل المعنى الاعتقادي والواقعي للإسلام؟؟ [3]

فإذا قلت الناصبي كافر، فهل تقصد أنه خرج عن نحلة الإسلام وأنه لا يقر بالشهادتين؟ أو تقصد إن الناصب كافر واقعاً لا يعتقد بالإسلام واقعاً؟

والجواب من الواضح أن إطلاق الكفر على الناصبي بمعنى أنه كافر واقعاً، فهو بالمعنى الاعتقادي والواقعي للإسلام، ومن الواضح أن الكفر الذي يوجب عدم حرمة الدم والمال هو الكفر بمعنى عدم انتحال الإسلام والخروج عن نحلة الدين.

ويدل على ذلك أي أن المراد بكفر الناصبي هو الكفر الاعتقادي الواقعي لا الخروج من نحلة الدين روايتان:

الرواية الأولى صحيح عد ابن سنان قال (سألت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ بما يكون الرجل مسلماً تحل مناكحته وموارثته ولم يحرم دمه، قال يحرم دمه بالإسلام إذا ظهر وتحل مناكحته وموارثته)[4] وسائل الشيعة الباب العاشر من أبواب بالكفر ونحواه الحديث سبعة عشر.

الرواية الثانية معتبرة قاسم الصيرفي شريك المفضل قال (سمعت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ يقول الإسلام يحقن به الدا وتؤدى به الأمانة وتستحل به الفروج والثواب على الإيمان)[5] وسائل الشيعة الحرة العاملة الباب الحادي عشر من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه الحديث الرابع.

ومن الواضح من هاتين الروايتين أن الإسلام الذي يوجب حرمة الدم والمال والعرض هو الإقرار بالشهادتين ويقابله الكفر بمعنى الخروج من نحلة الدين والإسلام وربقته ومن الواضح أن الناصبي يقر بالشهادتين ولا يدعي الخروج من الدين، إذاً أطلق الكفر على الناصبي بمعنى الكفر الواقعي عدم الاعتقاد بالإسلام الحقيقي والواقعي.

إنصافاً مناقشة سيدنا الأستاذ تامة إذا الوجه الأول مردودٌ وفقاً لإفاضات سيدنا الأستاذ ـ رحمه الله ـ .

الوجه الثاني إن المستفاد من جملة من الرواية جواز قتل الناصب لولا الخوف على النفس وهو يدل على عدم عصمة دمه فيثبت عدم حرمة ماله بالأولويات.

وفيه أولاً منع الملازمة، فإن المرتدة والمحدود قد يجوز أو يجب قتله مع بقاء ماله محترماً بين ورثته لكنه معصوم بإسلامه السابق فكذلك انتحال الإسلام.

وثانياً إن الثابت في تلك الروايات جواز قتل الناصب بإذن الإمام ـ عليه السلام ـ لا لكل أحد على ما صرح به في بعض الروايات فلو فرضت الملازمة المذكورة فتثبت في حق الإمام لا غير. [6]

الحق والإنصاف كلا المناقشتين تامتان لا ملازمة بين حرمة الدم وحرمة المال ولا توجد أولوية قطعية هذا أولاً.

وثانياً دلت الروايات أن ذلك إلى الإمام ـ عليه السلام ـ .

يقول الإمام في الرواية حديث إسحاق بن عمار ولكن ذلك إلى الإمام يعني قتله إلى الإمام كما سيأتي.

إذا الدليل الوجه الأول والوجه الثاني غير تامين.

الوجه الثالث تام عندنا وليس بتام عند سيدنا الأستاذ.

الوجه الثالث التمسك بالروايات الخاصة وهي ثلاثة:

الأولى معتبرة حفص عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ (قال خذّ مال الناصب حيثما وجدته وادفع إلينا الخمس)[7] الباب الثاني من أبواب ما يجب فيه الخمسة الحديث السادس.

الثانية معتبرة معلا بن خنيس عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ كلتا الروايتين صحيح السند (خذّ مال الناصب حيثما وجدت الفرق الهاء الأولى وجدته الثانية وجدت وادفع إلينا خمسه[8] في معتبرة حفص وادفع إلينا الخمس في معتبرة المعلى وادفع إلينا خمسه) وسائل الشيعة للحر العاملي خمسة وتسعين من أبواب ما يكتسب به الحديث الأول.

الرواية الثالثة مرسلة أحمد بن محمد بن عيسى عن بعض أصحابه عن محمد بن عبدالله عن يحيى بن المبارة عن عبدالله بن جبلة عن إسحاق بن عمار قال (قال أبو عبدالله ـ عليه السلام ـ مال الناصب وكل شيء يملكه حلال لك إلا إمرأته فإن نكاح أهل الشرك جائز يعني مو مضاف صحيح جائز بمعنى صحيح).

لاحظوا في هذه الرواية قرن الناصبي بالمشرك في التعليل بعدم نكاء جواز نكاح زوجة الناصبي قال أهل الشرك لا يجوز النكاح زوجاتهم الناصبي فأدرج الناصبي تحت عنوان المشرك.

(فإن نكاح أهل الشرك جائز وذلك أن رسول الله صلى الله عليه واله قال لا تسبوا أهل الشرك فإن لكل قوم نكاحاً ولولا أنا نخاف عليكم أن يقتل رجل منكم برجل منهم ورجل منكم خير من ألف رجل منهم ألف منهم لأمرناكم بالقتل لهم ولكن ذلك إلى الإمام)[9] أي أن جواز قتل الناصبي يحتاج إلى إذن إمام ـ عليه السلام ـ الإمام المعصوم أو نائبه. وسائل الشيعة باب خمسة وتسعين من أبواب ما يكتسب به الحديث الثاني.

يقول سيدنا الأستاذ ـ رحمه الله ـ في مقام التعليق على هذه الرواية وكأن المشهور قد عملوا بهذه الرواية وقد علق ابن إدريس عليها بقوله الناصب المعني في من الخبرين أهل الحرب لأنهم ينصبون الحرب للمسلمين وإلا فلا يجوز أخذ مال مسلم ولا ذمي على وجه من الوجوه.

وقد استغرب من ذلك صاحب الحدائق ـ رضوان الله عليه ـ مدعياً أن الطائفة خلفاً عن سلف تطابقت على الحكم بكفر الناصب بل المشهور هو الحكم بكفر المخالف أيضاً كما اختاره ابن إدريس أيضاً في موضوع آخر فكيف أطلق على الناصب هنا عنوان المسلم؟!

طبعاً صاحب الحدائق يبني على أن الناصبي هو من قدم أو آخر على أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ وفقاً لبعض الروايات سيأتي بعضها.

السيد الهاشمي ـ رحمه الله ـ يناقش ابن إدريس يقول:

ولا يخفى ما في هذا الإيراد... [10]

خلاصة المناقشة هذا خلط بين الكفر بمعنى الخروج من نحلة الإسلام وبين الكفر الواقعي يعني أنه في الواقع لا يعتقد بالإسلام الصحيح فهو كافر لذلك نفرق بين الإسلام ظاهراً والإسلام واقعاً من يتشهد الشهادتين فهو مسلم ظاهراً لكنه قد يكون كافراً واقعاً إذا لم يعتقد بالمذهب الشيعي الاثنا عشري الحق يقول السيد الهاشمي ـ رحمه الله ـ :

ولا يخفى ما في هذا الإيراد فإنه خلط بين إطلاق الكفر على الناصبي والخارجي والمغالي وبين الحكم بخروجهم عن نحلة الإسلام وإجراء أحكام الكفار عليهم.

وما ذكره في حق المخالفين بنفسه دليل على أن إطلاق الكفر في هذه المقامات ليس إلا في قبال صحة العقيدة والإسلام في الاعتقاد لا في قبال انتحال الإسلام فإنه يحصل بمجرد إظهار الشهادتين والإقرار بهما بلا إشكال.

وقد دلّ عليه الكتاب والسند والاجماع أن من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فهو مسلم.

ولكن يرد على كلام ابن إدريس أن حمل هذه الروايات على الكفار المحاربين خلاف الظاهر جداً فإنه لم يعهد إطلاقه بهذا المعنى أصلاً مع إطلاقه في لسان الروايات المستفيضة والمفسرة لعنوان الناصب على من ينصب العداء لأهل البيت ـ عليهم السلام ـ .

ثم يأتي بقرينة مهمة يقول بل التعبير بقوله ـ عليه السلام ـ (حيثما وجدت) بنفسه قرينة على أن النظر ليس إلى غنائم دار الحق فمثل هذا الحمل مما لا يمكن المساعدة عليه لو كان النظر إلى الناصبي بمعنى من نصب الحرب لما قال حيثما وجدته واضح أن المراد بالناصبي من نصب العداوة لأهل البيت ـ عليهم السلام ـ .

ثم يقول السيد الهاشمي كتاب الخمس الجزء الأول صفحة ستة وسبعين والصحيح أن يقال بعدم صحة الاستدلال بهذه الروايات وذلك أولاً ثانياً ثالثا وجميع هذه المناقشات ليست تامة سنذكر هذه المناقشات ونرد عليها:

المناقشة الأولى قال ـ قدس سره ـ أولاً لقوة احتمال أن يكون المراد بأخذ مال الناصب في الروايتين المعتبرتين أخذ مال الحكام الغاصبين لولاية أهل البيت والتي هي أموال مختلطة بالحرام ويكون دفع الخمس لذلك كما ورد ذلك في معتبرة عمار عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ (سئل عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل قال لا إلا أن لا يقدر على شيء ولا يأكل ولا يشرب ولا يشرب ولا يقدر على حيلة فإن فعل فصار في يده شيء فليبعث بخمسه إلى أهل البيت)[11] التهذيب الجزء السادس ثلاث مئة وثلاثين.

هذا بالنسبة إلى الصحيحتين المرسلة الأمر فيها مشكل يقول السيد الهاشمي ـ رحمه الله ـ نعم المرسلة بالخصوص تكون ظاهرة في حلية مال كل ناصبي من باب كونه مشركاً إلا أنها مرسلة لا يمكن الاعتماد عليها.

هذا تمام كلامه في الأمر الأول.

وخلاصة هذه المناقشة هو حمل الروايات على القضية الخارجية لا القضية الحقيقية فالمراد بالناصبي هم حكام الجور آنذاك من بني أمية وبني العباس والسرّ في وجوب إخراج الخمس لأن مالهم مختلط بالحرام فيجب إخراج الخمس من باب وجوب تخميس المال المختلط بالحرام.

وفيه

أولاً أن الأصل هو حمل الرواية على القضية الحقيقية لا القضية الخارجية وحمل الرواية على القضية الخارجية وهي خصوص الحكام يحتاج إلى قرينة والقرينة مفقودة في المقام إذا لا يمكن حمل الرواية على مثل هذا الحمل فنتمسك بـ الـ الجنسية ولا نحمل الـ على الـ العهدية إما العهد الخارجي أو العهد الذهني أو العهد الذكري فلا يوجد ما يدل على ارتكاز ذهني حتى نحمل الرواية على الـ العهدية الذهنية ولا يوجد شيء مذكور قبلها أو بعدها حتى نحمل الألف واللام على الـ العهدية الذكرية ولا توجد قرينة خارج حتى نحمل الـ العهدية على أمر خارجي.

لم يذكر أنها قضية خارجية وقال ماذا؟ قوله كان يحمل النصابة أي حكام؟ حكام في زمنه كان قضية حقيقية في زمنه.

ثانياً ولو تنزلنا لو تنزلنا وأنكرنا هذا الحامل حمل الناصبي على الحكام الظلمة لا يراد به الـ العهديةة بل يراد به الـ الجنسية فعبر عن الناصبي فعبر عن الحاكم الظالم بالناصب فنقول:

أولاً لا قرين على أن المراد بالناصبي هو الحكام.

وثانياً مفردة الناصبي ليست ظاهرة في الحكام إلا إذا وجدت قرينة والقرينة مفقودة.

وثالثاً هذا التأويل لا ينسجم مع مجموع الروايات وأقوال العلماء فإننا على حجية الوثوق لا خصوص حجية خبر الثقة كما سيتضح إن شاء الله في بحث الأصول نعم نلتزم بحجية خبر الثقة للأدلة الدالة عليه ولكونه من أبرز مصاديق الوثوق الشخصي.

إذا مرسلة إسحاق بن عمار وإن كانت مرسلة لكنها تشكل قرينة إثبات ناقصة فيمكن من تلمس القرائن الناقصة ومجموع القرائن الناقصة أن يحصل عندنا ظهور واطمئنان ومن الواضح عند مراجعة كلمات القوم ومنهم السيد محمود الهاشمي الشهرودي ـ رحمه الله ـ أن إطلاق الكفر على الناصبي وأن الناصبي نجس لا لخصوصية عنوان الناصبي وإنما لإلحاق الناصبي بالمشرك هذا ما سيلتزم به نفس السيد محمود ـ رحمه الله ـ قال ـ قدس سره ـ صفحة ثمانية من نفس هذا المجلد الأول يقول هكذا صفحة ثمانية وسبعين:

إن المستفاد منها هل هو حلية مال الناصب بكونه بعنوان كونه ناصباً؟ أو من باب كونه مصداقاً للكافر وهو مهدور المال والدم؟

الظاهر الأولي للروايتين وإن كان دخالت عنوان بما هو في الحكم بالحلية إلا أن صريح مرسلة إسحاق أن الحلية إنما هي بملاك الكفر والشرك لأنه استشهد فيها بكلام النبي في نكاح الكفار ثم قال:

قد تقول هو لا يؤمن الرواية ضعيفة قال:

ويشهد على ذلك الارتكاز العرفي والمتشرعين على أن موضوع هدر المال والدم هو الكفر كما أن عصمتهما بالإسلام، ويشهد لذلك ما ورد في روايات أخرى من الحكم بكفر الناصب والخارجي وتعداده في سياق الكفار من إليهود والنصارى.

جيد هذا تمام الكلام في مناقشة المناقشة الأولى.

المناقشة الثانية ولاحظ مناقشات السيد فيها ترتب منطقي إن كنا لا نلتزم بهذه المناقشات الثلاث لكن الإنصاف أتعب نفسه وأظهرها بوجه صناعي.

وثانياً لو فرض ظهورها في ذلك يعني في الناصبي بمعنى الناصب لأهل البيت عليهم من نصب العداوة لأهل البيت لا الحكام الغاصبين لولاية أهل البيت.

فهي ساقطة عن الحجي بإعراض مشهور القدماء عنها فإنا لم نجد من عمل بمضمونها بل قد عرفت صراحة كلام ابن إدريس في استنكار حلية مال الناصب إذا لم يكن من أهل الحرب للمسلمين مما يكشف عن شبه تسالم في ذلك بين قدماء الأصحاب فبناء على كبرى مسقطية إعراض المشهور للرواية عن الحجية كما هو الصحيح المحقق في محله تسقط الروايتان عن الحجية.

وفيه إنكار الصغرى والكبرى فقد لا نسلم بكبرى مسقطية إعراض المشهور للرواية عن الحجية كما هو مسلك سيد أساتذتنا السيد أبو القاسم الخوئي ـ رضوان الله عليه ـ وهذا بحثه في علم الأصول.

ولكن لو تنزلنا وسلمنا بما ذهب إليه المشهور من أن الشهرة العملية جابرة لضعف السند وإعراض المشهور كاسر لقوة السند أو سلمنا بما ذهب إليه السيد الشهيد ـ رضوان الله عليه ـ من التفرقة بين الإعراض والشهرة العملية فعمل المشهور ليس بجابر لضعف السند لكن إعراض المشهور كاسر بضعف السند كاسر لقوة السند وهذا مسلك السيد الشهيد الصدر ـ رضوان الله عليه ـ .

وهو ينسجم مع مسلكنا مسلك حجية الوثوق والاطمئنان الشخصي فإن عمل الأصحاب الرواية الضعيفة لا يزيدها قوة لأنه من باب ضم لا حجة إلى اللا حجة إذ أن الرواية ضعيفة وليست حجة وعمل المشهور ليس بحجة فضم عمل المشهور اللا حجة إلى الرواية الضعيفة اللا حجة من باب ضم اللا حجة إلى اللا حجة كما أفاده سيد أساتذتنا السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ .

إذا الشهرة ليست جابرة لضعف السند لكن إعراض المشهور كاسر لقوة السند إذ أننا لو بنينا على كبرى حجية خبر الثقة فقط كما عليه السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ فإن إعراض المشهور ليس بحجة وهو لا يكسر قوة وصحة الرواية الصحيحة والمعتبرة هذا لو كان مسلكنا حجية خبر الثقة.

وأما لو كان مسلكنا حجية الوثوق والاطمئنان الشخصي كما عليه الشيخ الأعظم الانصاري ـ رضوان الله عليه ـ وسيدنا السيد علي السيستاني ـ حفظه الله وأيده ـ فإن إعراض المشهور عن الرواية الصحيحة السند يسلب الوثوق بها فيكون الإعراض كاسراً لقوة السند.

إذا إعراض المشهور يوجب سقوط الرواية عن الحجية ينسجم مع مسلك حجية الوثوق والاطمئنان.

وبالتالي لو تنزلنا في الكبرى وقلنا إننا نسلم أن إعراض المشهور يوجب وهن الرواية وسقوطها عن الحجية وإن كانت صحيحة السند إلا أننا لا نسلم الصغرى فنحن لا نسلم أن المشهور قد أعرضوا عن هذه الروايات.

فعدم التعرض لهذه المسألة في كلمات لا يعني أنهم أعرضوا عنها.

وبعبارة أخرى فرق كبير بين عقد الإيجاب وعقد السلب فرق كبير بين الأمر لوجودي والأمر العدمي الإعراض أمر وجودي إيجابي إثباتي وإثباته يحتاج إلى دليل وهذا الأمر الإيجابي لا يثبت من الأمر العدمي، فهل يصح أن نثبت إعراض المشهور عن روايات جواز أخذ مال الناصبي ويكون دليلنا عدم تطرق المشهور إلى هذه المسألة؟! هذا لا يصح.

إذا لم تثبت الصغرى فضلاً عن التسالم.

والغريب العجيب في دعوى سيدنا الأستاذ إذ قال ما نصه: (مما يكشف عن شبه تسالم في ذلك بين قدماء الأصحاب) وأنى لنا أن نحرز التسالم (من عدم تطرقهم إلى هذه المسألة).

إذا المناقشة الثانية ليست تامة.

المناقشة الثالثة لو بني على عدم قدح إعراض المشهور بالسند قلنا بأن هذه الروايات معارضة بروايات دلت على حرمة أموال الخارجين عن أمير المؤمنين والناصبين له الحرب في الجمال وصفين والنهروان وهي بمجموعها ربما تكون متواترة وفيها المعتبرة كروايات مسعد ابن زياد عن جعفر بن محمد الصادق ـ عليه السلام ـ عن أبيه قال (قال مروان بن الحكم لما هزمنا علي ـ عليه السلام ـ بالبصرة ردّ على الناس أموالهم من أقام بينه أعطاه ومن لم يقم بينة أحلفه)[12] وسائل الشيعة الحر العاملين باب خمسة وعشرين من أبواب جهاد العدو الحديث الخامس.

فإنها تدل على عدم حلية أموالهم في نفسه حتى إذا فرضنا جواز أخذ الإمام وهدره لها، وقد كان بعض أولئك المصداق البارز للنصاب والخارج على الإمام بالحق وحملها على أنهم كانوا مهدوري المال وإنما عاملهم الإمام بالمن والعطف فكأنه منع عن إباحتها بحكم ولايتي خاص خلاف ظاهر التصريح في بعضها بأن دار الإسلام يختلف عن دار الشرك[13] هذا تمام الكلام في مناقشة المناقشة الثالثة لسيدنا الأستاذ لهذه الروايات الشريفة.

وفيه

أولاً ما هو معنى الناصبي؟ والجواب الناصبي من نصب العداوة للأئمة ـ عليهم السلام ـ كدين يدين الله به فليس مجرد العداوة والبغضاء لأهل البيت توجب ثبوت حكم الناصبي.

فمن عارض الأئمة ـ عليهم السلام ـ لمصلحة سياسية لا يعد ناصبياً الناصبي من نصب العداوة لأهل البيت كدين يعتقد به بينه وبين الله.

ومن هنا ذهب سيدنا الخوئي ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ إلى أن الأول والثاني ليسا ناصبيين لأن أبا بكر وعمر لم يعاديا علي بن أبي طالب كدين يعتقدون به بينهم وبين الله بل نازعوه السلطة السياسية فإن الأول والثاني قد أقرا بأحقية علي في الخلافة ولكنهما قد تقمصا السلطة السياسية رغبة في الدنيا.

ومن هنا ذهب السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ إلى أن عنوان الناصبي لا يصدق على الأول والثاني لأنهما لم يعاديا علي بن أبي طالب كدين واعتقاد ديني ومذهبي بل اختلفا معه على الدنيا والمنصب السياسي هذا أولاً.

وثانيا لو تنزلنا وقلناه بناء على المعنى الأول بعد ما يمكن الاستدلال بهذه الروايات إلا في خصوص أصحاب الجمل في خصوص أصحاب النهروان الخوارج هؤلاء حاربوا علي بن أبي طالب كدين ولكن أصحاب الجمال وصفين يعني معاوية اختلف مع الإمام علي على الخلافة وفي معركة الجمال طلحة والزبير اختلفوا مع الإمام علي على منصب على ولاية البصرة والكوفة يصير هذا فقط في بالنسبة إلى الخوارج يصير هؤلاء نواصب في زماننا هذا داعش يصيرون نواصب.

وثانيا لو تنزلنا وقلنا إن الناصبي هو نصب العداوة لأهل البيت ـ عليهم السلام ـ مطلقاً سواء بدافع اعتقادي أو بدافع سياسي قلنا إن هذه الروايات الواردة عن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ليست محمولة على الحكم الحقيقي بل هي ناظرة إلى أمر خارجي.

والسر في ذلك أن هذه الرواية تحكي عن فعل المعصوم ـ عليه السلام ـ وليست دلالتها لفظية وفعل المعصوم صامت ليس فيه إطلاق فنقتصر فيه على القدر المتيقن والقدر المتيقن أن الإمام أمير المؤمنين ـ عليه أفضل صلوات المصلين ـ عمل بما يراه صلاحاً هذا هو القدر المتيقن.

أما أن هذا العمل هل هو الحكم الشرعي مطلقاً في جميع الموارد؟ هذا يحتاج إلى دليل.

ولا يمكن التمسك بإطلاق الرواية الرواية هنا مروان بن الحكم ينقل فعل المعصوم، ماذا يقول مروان؟ لما هزمنا علي ـ عليه السلام ـ بالبصرة ردّ على الناس أموالهم من أقام بينة أعطى ومن لم يقم بينة أحلفه، يعني هل الحجة كلام مروان بن الحكم؟! هذه الرواية ناظرة إلى فعل فعل الإمام علي ـ عليه السلام ـ .

ومن الواضح أن الفعل أو التقرير صامت لا إطلاق له فلا يمكن التمسك بإطلاقه ولا أقل من الشك هل له إطلاق أو لا؟ فنقتصر على القدر المتيقن.

فلا يتم الاستدلال بهذه الرواية الشريفة.

وثالثاً على أنه يمكن حمل هذه الرواية على أمر خارجي ومصلحة وجدها الإمام المعصوم ـ عليه السلام ـ فقام بذلك.

ورابعاً لو شككنا في جميع ما أعتقدنا وأنكرنا أن الناصبي ظاهر في خصوص من نصب العداوة اعتقاداً وأثبتنا الإطلاق وقلنا هنا لا توجد دلالة للفعل صامتة وأيضاً أنكرنا الأمر الثالث أن الإمام ـ عليه السلام ـ قام بهذا العمل لخصوصية رأها ـ صلوات الله وسلامهم ـ نقول:

لا أقل من الشك وهذا الشك يوجب الإجمال ومع الإجمال تسقط الرواية عن الاعتبار فلا تصلح لمعارضة ومناطحة الروايات الدالة على جواز أخذ مال الناصبي.

نعم قد يستظهر سيدنا الأستاذ أو غيره ذلك إذا استظهر أن هذه الروايات دالة على ذلك تقع المعارضة بين الطائفتين من الروايات فكيف يتم العلاج؟؟

هذا ما سيأتي عليه الكلام في الدرس القادم إن شاء الله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo