< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: العروة الوثقى/كتاب الخمس/المسألة الخامسة،الأصل العملي في حالة الشك بالمعدنية

 

قال السيد محمد كاظم اليزدي ـ رحمه الله ـ في العروة الوثقى والمدار على صدق كونه معدناً عرفاً وإذا شك في الصدق لم يلحقه حكمها فلا يجب خمسه من هذه الحيثية بل يدخل في أرباح المكاسب ويجب خمسه إذا زادت عن مؤونة السنة من غير اعتبار بلوغ النصاب فيه. [1]

كان الكلام في وجوب تخميس المعدن قلنا أن المدار على الصدق العرفي أو التعبد الشرعي فإذا ثبتت المعدنية لشيء وحازه المكلف وجب تخميس إذا بلغ النصاب وهو عشرون ديناراً من دون استثناء مؤونة السنة.

سؤال ولكن لو شككنا في صدق المعدنية على شيء، فما هو الحكم الشرعي؟

الجواب مقتضى الأصل العملي أصالة البراءة إذا المورد من موارد الشك في التكليف

سؤال فهل يجب تخميس هذا الشيء الذي شككنا في معدنيته أو لا؟

الجواب رفع عن أمتي ما لا يعلمون فتجري البراءة الشرعية كما يجري استصحاب أصالة عدم وجوب الخمس هذا هو مقتضى القاعدة الأولية.

إلا أن الأصل العملي محكوم بعموم فوقاني وهو ما دلّ عليه قوله ـ عليه السلام ـ (كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير ففيه الخمس بعد المؤونة)[2] .

الوسائل الجزء التاسع صفحة خمس مئة وثلاثة الباب الثامن من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث السادس.

إذاً عندنا عموم فوقاني يدل على وجوب تخميس مطلق الفائدة، ومن الواضح أنما يشك في معدنيته يصدق عليه أنه فائدة إذا يجب تخميسه إذا حلّ الحول بعد استثناء المؤونة بلحاظ هذا العموم الفوقاني.

إلا أن هذا العموم الفوقاني مقيدٌ ومخصص بما دلّ على وجوب تخميس المعدن وبقية العناوين الخاصة كالغوص والكنز والغنيمة ففي صحيح زرارة (كل ما كان ركازاً ففيه الخمس)[3] .

الوسائل الجزء التاسع صفحة أربعمئة واثنين وتسعين أبواب ما يجب فيه الخمس الباب الثالث الحديث الثالث.

إذا عندنا قاعدة عملية أولية وهي أصالة البراءة أو استصحاب عدم ثبوت الخمس وهذا الأصل العملي محكوم بعموم فوقاني وهو عموم ما دل على وجوب تخميس مطلق الغنيمة وهذا العموم الفوقاني قد خصص بالأدلة التي دلت على وجوب تخميس بعض العناوين الخاصة فوراً من دون استثناء مؤونة السنة كعنوان الغوص والكنز والغنيمة، فتكون النتيجة هكذا:

إذا جزمنا بصدق عنوان كعنوان الغوص أو عنوان الكنز أو عنوان المعدن على شيء فإننا نلتزم بالتخصيص فنخصص الدليل الدال على وجوب الخمس في مطلق الغنيمة بخصوص ما دلّ على وجوب تخميس خصوص هذا المعدن أو الغوص أو الكنز.

ولكن لو شككنا في وضيق المخصص أي أننا شككنا في سعة المفهوم فهل هذا الشيء كالقير، هل هو معدن؟ فنخصص به العام الفوقاني أو ليس بمعدن فيشمله العام الفوقاني هذا يكون من موارد ما إذا جاءنا عام ثم جاء مخصص منفصل مجمل يدور بين الأقل والأكثر فحينئذ نلتزم بالقدر المتيقن وهو الأقل فيكون التخصيص بمقدار الأقل وأما الأكثر فيشمله العموم الفوقاني،

فتكون النتيجة هكذا:

الأشياء التي نجزم بمعدنيتها فإننا نلتزم بوجوب تخميسها فوراً من دون استثناء مؤونة السنة ولكن يلحظ فيها النصاب وهو عشرون دينار كمعدن الذهب والفضة والملح.

وأما الأشياء التي نشك في ثبوت عنوان المعدن عليها كالجص والنور والطين الأحمر وطين الرأس فهذه الأشياء التي يصدق عليها أيضاً عنوان الأرض ولم تغاير الأرض وشككنا في صدق عنوان المعدن عليها عرفاً ولا يوجد دليل شرعي يعبدنا بمعدنيتها كما ثبتت في الملح فحينئذ يكون هذا المورد من موارد المخصص المنفصل الذي يدور بين الأقل والأكثر فنقتصر على القدر المتيقن وهو الأقل وهو عنوان الذهب والفضة والحديد والنحاس والملح هذه العناوين التي وردت في الروايات أو نجزم بصدق المعدن عليها عرفاً.

وأما الموارد المشكوكة كالنورة والجص وطين الرأس والطين الأحمر ونحوها فلا يصدق عليها عنوان المخصص إذ نشك في صدق عنوان المخصص وهو المعدن عليها فيشملها العام الفوقاني وهو الخمس في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير ففيه الخمس بعد المؤونة، فتكون النتيجة النهائية:

هكذا ما نجزم بصدق عنوان المعدن عليه عرفاً أو شرعاً فيجب فيه الخمس فوراً إذا بلغ النصاب من دون استثناء مؤونة السنة ومن دون تأخير إلى حلول الحول.

وأما الموارد التي لا نجزم فيها بصدق عنوان المعدن فحينئذ يجب تخميسها بعد استثناء مؤونة السنة عند حلول الحول ولا نشترط بلوغ النصاب إذ أن اشتراط بلوغ النصاب ثابت في الخمس بعنوان المعدنية ولا نشترط في بلوغ النصاب ولا نشترط بلوغ النصاب في الخمس بعنوان أرباح المكاسب.

هذا تمام الكلام فيما أفاده الماتن بالنسبة إلى الشك في صدق عنوان المعدنية على شيء.

ثم قال الماتن ـ قدس سره ـ ولا فرق في وجوب إخراج خمس المعدن بين أن يكون في أرض مباحة أو مملوكه والوجه في ذلك إطلاق الأدلة فأدلة وجوب تخميس المعدن مطلقاً تشمل الأرض المملوكة والمغصوبة معاً.

ثم قال ـ قدس سره ـ وبين أن يكون تحت الأرض أو على ظهرها والمدرك في ذلك مقتضى إطلاق الأدلة عدم الفرق بينما هو تحت الأرض وما هو على ظهرها بل بعض الأدلة صريحة في وجوب تخميس الملح الذي هو على ظهر الأرض كما في محمد بن مسلم.

ثم قال السيد الماتن ـ رحمه الله ـ ولا بين أن يكون المخرج مسلماً أو كافراً، ذمياً بل ولو حربياً. [4]

هذا الحكم بناء على تكليف الكفار بالفروع، وهناك مسألة مهمة وهي هل الكافر مكلف بأصول الدين وفروع الدين معاً؟ أم أن الكافر مكلف بخصوص أصول الدين والاعتقاد وليس بمكلف بفروع الدين؟

تكليف الكفار بالفروع

ذهب مشهور بل ادعي عليه الإجماع إلى أن الكفار مكلفون بالفروع كما هم مكلفون بالأصول غاية ما في الأمر لو امتثلوا لا يقبل منهم لعدم تأتي قصد القرب منهم، فلو صلى الكافر أو صام أو زكى أو خمس لا يقبل من لأنها من العبادات ويشترط في العبادة قصد القربة والكافر لا يتأتى منه قصد القربى.

إذا ذهب المشهور إلى أن الكفار مكلفون بالفروع.

وخالفهم بعض علمائنا الإخباريين كصاحب الحدائق الناضرة الشيخ يوسف البحراني وصاحب الفوائد المدنية الملا أمين الآستر آبادي وصاحب الوافي الفيض الكاشاني فذهبوا إلى أن الكفار ليسوا مكلفين ليسوا مكلفين بالفروع ووافقهم السيد الخوئي وخالف المشهور، وقال السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ بأن الكفار ليسوا مكلفين بالفروع.

مسألتنا صغرى من صغريات هذه الكبرى هل الكفار مكلفون بالفروع أو لا؟

إن قلنا بما ذهب إليه المشهور من أن الكفار مكلفين إذا يجب التخميس على الكافر والذمي بل حتى الكافر الحربي لأنه مكلف بالفروع، وإن قلنا أن الكفار ليسوا مكلفين بالفروع كما ذهب إليه السيد الخوئي فحينئذ لا نلتزم بوجوب إخراج الكافر لخمس المعدن.

ثم قال السيد الماتن ـ رحمه الله ـ ولا بين أن يكون بالغاً أو صبياً وعاقلاً أو مجنوناً فيجب على وليهما إخراج الخمس ويجوز للحاكم الشرعي إجبار الكافر على دفع الخمس مما أخرجه وإن كان لو أسلم سقط عنه مع عدم بقاء عينه. [5]

الكلام في إجبار الحاكم الشرعي للكافر على إخراج الخمس

فرع المسألة السابقة من ذهاب المشهور إلى أن الكفار مكلفين بالفروض وأما لو التزمنا بأن الكفار غير مكلفين بالفروع فلا يجب على الحاكم الشرعي أن يجبر الكافر على التخميس.

وأما وجوب الخمس على غير البالغ كالصبي أو المجنون فهذا مبني على قول المشهور من عدم سقوط الخمس عن الصغير والمجنون فيجب على ولي الصبي أو المجنون إخراج الخمس من مال الصبي أو المجنون.

والسر في ذلك:

أن ثبوت الخمس في المعدن حكمٌ وضعي وليس حكماً تكليفياً فهناك أثر وضعي يترتب على ملكية المعدن فبالسلطنة على المعدن وتملك المعدن يثبت الخمس فتكون ملكية الخمس للإمام ـ عليه السلام ـ وهذه الملكية حكم وضعي وليست حكماً تكليفياً وحديث رفع القلم رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق ناظر إلى رفع خصوص الأحكام التكليفية ولا يشمل الأحكام الوضعية.

وبالتالي لا يمكن أن نتمسك بحديث رفع القلم لنفي الخمس عن مال الصبي والمجنون فيجب على ولي الصغير والمجنون أن يخرج الخمس إلا أن السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ استظهر من حديث الرفع الرفع مطلق فحديث الرفع كما يرفع الحكم التكليفي يرفع أيضاً الحكم الوضعي فحديث الرفع مفاده أن الصبي والمجنون ممن رفع عنه قلم التشريع ولم يكتب عليهما في دفتر القانون شيء كما يقول السيد الخوئي في كتاب الخمس جزء خمسة وعشرين صفحة ستة وثلاثين.

إذا بناء على استظهار السيد الخوئي لحديث الرفع وأن حديث الرفع ناظر إلى رفع الحكم مطلقاً تكليفياً كان أو وضعياً فحينئذ لا يثبت الخمس في معدن الصبي أو المجنون فلا يجب على ولي الصبي أو المجنون أن يخرج الخمس من معدن الصبي أو المجنون.

إذا عندنا مسألتان مهمتان:

المسألة الأولى: هل الكفار مكلفون بالفروع أو لا؟

المسألة الثانية: هل الصبي والمجنون تثبت عليهما الآثار الوضعية كإخراج الزكاة أو الخمس فيجب على وليهما إخراجهما أو لا؟

هاتان مسألتان مهمتان وعادة تبحثان في موضعين:

الموضع الأول كتاب الطهارة عند البحث عن الأغسال هذا الصبي أو المجنون لو قام بما يوجب غسل الجنابة، هل يثبت عليه غسل الجنابة أو لا وهو غير مكلف؟

وأيضاً في كتاب الزكاة حينما يبحث هل الزكاة تجب على أهل العامة وتجب على الناصب وتجب على الكافر أو لا؟

عادة الفقهاء في كتاب الأغسال وكتاب الزكاة يتطرقون إلى هاتين المسألتين وقد ذكرنا التفريعات بناء على تكليف الكفار بالفروع يجب الخمس بناء كما عليه المشهود وبناء على عدم تكليف الكفار بالفروع لا يجب الخمس.

إذا من الواضح أن صاحب العروة مع المشهور من وجوب من أن الكفار مكلفون بالفروع، ومن الواضح أيضاً أن المسألة الثانية وهي يجب على الولي أن يخرج من مال الصبي أو المجنون ناظرة إلى هذه المسألة أنه هل يرتفع خصوص الحكم التكليفي عن الصبي والمجنون؟ أو يرتفع مطلق التكليف عن الصبي والمجنون؟ سواء كان تكليفياً أو وضعياً كما عليه السيد الخوئي.

إذا يقع البحث في مقامين المقام الأول فيما إذا كان المخرج كافراً وسنبحث فيه قاعدة تكليف الكفار بالفروع هذه تبحث في القواعد الفقهية.

الموضع الثاني إذا كان المخرج صغيراً أو مجنوناً.

إن شاء الله الدرس المقبل نبحث فيه قاعد أن الكفار مكلفون بالفروع المقام الأول البحث في قاعدة تكليف الكفار بالفروع يأتي عليه الكلام وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo