< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/05/11

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: العروة الوثقى/كتاب الخمس/المسألة الخامسة، مناقشة كلا الطرفين (2) التحقيق في أدلة النافين لقاعدة تكليف الكفار بالفروع

 

التحقيق في دفع أدلة النافين لقاعدة تكليف الكفار بالفروع

فقد استدل النافون كالسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ بعدة أدلة ووجوه كلها قابلة للبحث والمناقشة والتأمل

أما الوجه الأول

وهو أن المقتضي موجود فقد اتضح خلافه وأن مقتضي مقتضى تكليف الكفار بالفروع موجود والمانع مفقود وبالتالي لا وجه لحمل العمومات والإطلاقات على خصوص المؤمنين دون مطلق.

وأما ما ذكره السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ في كتاب الزكاة الجزء الأول من المستند في شرح العروة الوثقى صفحة مئة وثلاثة وعشرين من التمسك بقوله تعالى ﴿الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة﴾[1] إلى قوله تعالى ﴿وحرم ذلك على المؤمنين﴾[2] فهو منه عجيب.

إذ أن السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ حمل الآية على الوطء الخارجي لا على عقد النكاح والحال إن المفسرين والفقهاء بحثوا حرمة العقد وأن حرمة العقد على المشركة أو المشهورة بالزنا، هل هي حرمة تكليفية أو هي حرمة تشريفية؟

فكأنما هناك أصل موضوعي مسلم بينهم وهو أن الآية ناظرة إلى حرمة العقد على المشركة أو الزانية وقد حملوا النكاح على العقد للوطء الخارجي.

ثم وقع الكلام بينهم أن هذه الاية هل هي منسوخة أو ليست منسوخة؟ والأمر سهل إذا أن السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ فقيه الفقهاء وقد التزم كما التزم الكثير من علمائنا بأن النسخ لم يقع في القرآن الكريم إلا في آية واحدة وهي خصوص آية النجوى ولم يثبت النسخ في غيرها وقد استظهر من النكاح أنه محمول على الوطء الخارجي لا العقد لكن أكثر المفسرين والفقهاء فهموا من لفظ النكاح هو العقد خصوصاً إذا قلنا بالحقيقة الشرعية.

كما أن لفظ النكاح في الفقه والاصطلاح يحمل على العقد لا على الوطء الروايات التي تقول يكره النكاح والقمر في برج العقرب حملها الفقهاء على العقد لا على الوطء وغير ذلك هذا بالنسبة إلى الوجه الأول إذا هو قابل للمناقشة والتأمل.

وأما الوجه الثاني

وهو عمدة ما استدل به السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ للمستند في شرح الوثقى الجزء الأول صفحة مئة وثلاثة وعشرين الآيات تمسك بها صفحة مئة وعشرين هذا الوجه تمسك به صفحة مئة وثلاثة وعشرين[3] ومثله صاحب الناضرة الشيخ يوسف البحراني الحدائق الناضر الجزء الثالث صفحة تسعة وثلاثين إلى اثنين وأربعين. [4]

ومفاد الوجه الثاني قد تقدم من أن سيرة النبي والمعصومين بل المسلمين قاطبة قائمة خلفاً عن سلف على عدم مؤاخذة الكفار حتى الذمي منهم وعدم نهيهم عن شرب الخمر أو القمار أو الإفطار في شهر رمضان فهذا غير مسلم بل المفروض منع الكافر عن التجاهر بالمحرمات.

وأما العبادات فحيث أنها مشروطة بقصد القربة فلا أثر للأمر بها إلا إذا اسلم الكافر وبقي وقت الفريضة وهنا يترتب الأثر وهو وجوب الأداء على الكافر إذا اسلم في أثناء هذا بالنسبة إلى العبادة وأما المعاملات وسائر الأحكام فهي كما تجري على المسلم تجري على الكافر أيضاً.

ويؤيد ذلك مفاد روايات تدل على أن هذه الأحكام كما تجري على الكافر تجري أيضاً على المسلم بل هذه الروايات تكشف عن سيرة وهو ما فعله النبي صلى الله عليه وآله بأهل خيبر ومن المعروف أن خيبر كانت لليهود.

فقد ورد في معتبرة صفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال ذكرنا له الكوفة وما وضع عليها من الخراب وما سار فيها أهل بيته، فقال: (من اسلم طوعاً تركت أرضه في يده وأخذ منه العشر مما سقت السماء والأنهار ونصف العشر مما كان بالرشا فيما عمروه منها وما لم يعمروه منها أخذه الإمام فقبله من يعمره وكان للمسلمين وعلى المتقبلين في حصصهم العسر ونصف العشر وليس في أقل من خمسة أوساق شيء من الزكاة وما أخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يقبله بالذي يرى كما صنع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ بخيبر قبل سوادها وبياضها)[5] يعني أرضها ونخلها.

(والناس يقولون لا تصلح قبالة الأرض والنخل وقد قبل رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ خيبر وعلى المتقبلين سوى قبالة الأرض العشر ونصف العشر في حصصهم)[6] .

الكافي الجزء الثالث صفحة خمسمئة وخمسة كتاب الزكاة الباب مئتين وستة وسبعين الحديث اثنين تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي الجزء الرابع صفحة ستة وثلاثين الحديث ستة وتسعين مع اختلاف يسير، وسائل الشيعة للحر العاملي الجزء التاسع صفحة مئة واثنين وثمانين الباب الرابع من أبواب زكاة الغلات الحديث الأول فهذه الرواية تثبت الزكاة وقسمت الأرض إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول ما عمر.

والقسم الثاني ما لم يعمر.

وما عمر قسم إلى قسمين:

الأول ما عمر بما جاء من السماء من مطر وغير ذلك

الثاني وما عمر بالسقي والعناية

وأثبتت الرواية العشر ونصف العشر، وأما ما لم يعمر فهو للإمام ـ عليه السلام ـ

فالرواية قسمت خيبر وغيرها من أراض الخراج ثلاثة أقسام وأثبتت الزكاة على أهل خيبر وهم يهود هذه الرواية الأولى.

بمضمون هذه الرواية الأولى رواية ثانية وهي صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال ذكرت لأبي الحسن الرضا ـ عليه السلام ـ الخراج وما سار به أهل بيته، فقال (العشر ونصف العشر على من اسلم طوعاً تركت أرضه في يده وأخذ منه العشر ونصف العشر فيما عمر منها)[7] إلى آخر الحديث.

تهذيب الأحكام الجزء الرابع صفحة مئة وتسعة عشر الحديث ثلاثمئة واثنين وأربعين ورواه الحر العاملي في وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة مئة وأربعة وثمانين الباب الرابع من أبواب زكاة الحديث الرابع مع اختلاف يسير.

وهاتان معتبرتان من جهة السند وواضحتان من حيث الدلالة فإن المستفاد من الرواية الأولى أن الزكاة كانت واجبة على أهل خيبر وهم اليهود الذين كانوا يقطنون أرض خيبر، يراجع معجم البلدان الجزء الثاني صفحة أربعمئة وتسعة وأربعمئة وعشرة.

ولم يكن أحد من المسلمين في خيبر آنذاك وإلى الآن حصن اليهود موجود حصن خيبر إلى الآن موجود على مشارف المدينة.

هذا من باب الجزية؟ نعم يمكن من باب الجزية يعني من باب الجزء.

الرواية فيها وليس في أقل من خمسة أوساق شيء من الزكاة رواية الرواية الأولى تنص على الزكاة يعني لا يثبت الزكاة في من خمسة أوساق.

وقد أشكل سيد أساتذتنا السيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ على الرواية الأولى من كلتا الجهتين السند والدلالة.

أما من جهة السند

فهي ضعيفة لوقوع علي بن أحمد بن أشيم في طريقها وهو ممن لم يرد فيه توثيق.

وفيه أن الرواية الأولى ورد في سندها علي بن أحمد بن أشيم وهو مجهول لكن يمكن القول باعتبارها لأن ابن أشيم معطوف على أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي كما استظهر صاحب الوسائل ذلك فهما في عرض واحد في وثاقة أحدهما.

وهذا ليس ببعيد لكثرة رواية أحمد بن محمد بن عيسى عن البزنطي كما أن أحمد بن محمد بن عيسى راوي لكتاب البزنطي وواقع في طريق الصدوق إلى كتاب البزنطي بل يمكن دعوى أن الرواية الأولى والرواية الثانية رواية واحدة.

فعلى فرض اتحاد كلتا الروايتين وسقوط علي بن أحمد بن أشيم من سند الرواية الثانية إذا يوجد احتمالان:

إما هما رواية واحدة في الرواية الثانية سقط علي بن أحمد بن أشيم من السند وأما في الأولى عطف أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي على علي بن أحمد بن أشيم وعلى الرغم من ذلك أيضاً يمكن تصحيح سند الرواية من جهة أخرى وهي أن الشيخ الطوسي ـ رحمه الله ـ له عدة طرق معتبرة إلى جميع روايات صفوان بن يحيى بياع السابوري.

يمكن مراجعة الفهرس لشيخ الطوسي صفحة مئتين وواحد وأربعين صفحة ثلاثمئة وستة وخمسين فيمكن بنظرية تعويض الأسانيد فحينما يقول الشيخ الطوسي أخبرنا بجميع كتبه ورواياته ويذكر السند الصحيح ومن جملة روايات صفوان بن يحيى هذه الرواية.

إذا هناك طريق لي تصحيح السند فالمناقشة في السند ليست تامة.

أما من ناحية الدلالية

وأما المناقشة الثانية وهي المناقشة الدلالية فقد ناقش السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ بأمور:

الأمر الأول أنه لم يظهر منها كفر المتقبل يعني من تقبل الأرض يعني عمر الأرض ولعل القبال مع من اسلم منهم لعل تقبيل الأرض ليس المراد بتقبيل الأرض بوس الأرض تقبيل الأرض أي تعمير الأرض مع من اسلم من أهل خيبر.

وفيه أنه من الواضع أن أرض كان يقطنها اليهود فإطلاق اهل فإطلاق لفظ خيبر ينصرف إلى خصوص اليهود لا من اسلم منهم خصوصاً مع جعله ـ عليه السلام ـ ذلك في مقابل القسمين الآخرين من قبالة الأرض للمسلمين.

المناقشة الدلالية للسيد الخوئي لو سلمنا أن أرض خيبر كانت لليهود وأن القبال كانت مع الكافر ولكن مفادها وجوب العشر عليهم بمقتضى الشرط الواقع في ضمن العقد الواقع على قبالة الأرض، فالقول بالعشر أو نصف العشر كشرط ضمن العقد الواقع على قبالة الأرض وهذا أجنبي عن تعلق الزكاة عليهم ابتداءً الذي هو محل الكلام فالرواية أجنبية ولا مساس لها بتكليف الكفار بالفروع بوجهه.

ويراجع المستند في شرح العروة كتاب الزكاة الجزء الأول صفحة مئة اثنين وعشرين.

وفيه إن ظاهر الرواية يدل على العشر أو نصف العشر ليس من جهة الشرط بل هو مقتضى القاعدة ظاهر الرواية أن الإمام ـ عليه السلام ـ في مقام بيان حكم شرعي ثابت في الشريعة لا في مقام بيان إذا اشترط شرط في ضمن عقد قبالة الأرض، فقد ذكر الإمام ـ عليه السلام ـ هذا المقدار في القسمين الآخرين أيضاً من دون أن يكون هناك شرطٌ.

وكذلك قوله ـ عليه السلام ـ وعلى المتقبلين سوى قبالة قبالته الأرض العشر ونصف العشر في حصصهم[8] فإن ظاهره أن الحكم هو وجوب العشر أو نصفه من دون شرط موجود في البين.

والحاصل الرواية تامةٌ سنداً ودلالة ويمكن أن بها على أن الكفار مكلفون بالفروع والزكاة.

وهناك روايات تصلح للتأييد روى أكثرها العامة من أن الكفار مأمورون بأحكام الإسلام فقد روى أبو داوود عن قيس بن عاصم قال أتيت النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ أريد الإسلام فأمرني أن اغتسل[9] سنن أبي داود صفحة واحد وثمانين كتاب الطهارة الحديث ثلاثمئة وخمسة وخمسين وهي واضحة الدلالة.

قد تقول غسل التوبة هو غير مكلف أصلاً إذا تقول كافر غير مكلف.

وفي بعض الروايات ما يشعر بأن الغسل كان معروفاً عندهم فقد روي عن سعد معاذ وأسيد بن حضير حين أرادا الإسلام أنهما سألا مصعب بن عمير وأسعد بن زرارة، كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الأمر؟

فقال نغتسل ونشهد شهادة الحق. [10]

المغني لابن قدامى الجزء الأول صفحة مئتين وسبعة.

وهذه الروايات وإن كانت ضعيفة من ناحية السند وقد وردت من طرق العامة إلا أنها مؤيدة لما ذكرناه ومن هنا قد يدعى قيام سيرة على العكس أنت تدعي قيام السيرة على عدم تكليف الكفار بالفروع وعدم مطالبتهم بل قد يدعى قيام السيرة على العكس أنها قائمة على تكليف الكفار بالفروع.

هذا تمام الكلام في مناقشة الوجه الثاني لأدلة النافية.

وأما الوجه الثالث للنافين فقد ناقشه المحقق النراقي صاحب مستند الشيعة في كتابه عوائد الأيام صفحة مئتين وتسعة وثمانين إلى صفحة مئتين وتسعين وقد ناقشهم بوجوه:

المناقشة الأولى عدم حجية شيء من تلك الأخبار التي استدل بها النافون وعلى فرض اعتبارها سنداً ودلالة لا بد من طرحها لمخالفتها لعمل العلماء الأخيار وشهرة القدماء وآيات الكتاب العزيز وعمومات الأخبار المتواترة.

وفيه أنه مع فرض تمامية السند والدلالة قد يدعى أنها مخصصة للآيات وعموم الروايات وأما أنها مخالفة لعمل العلماء وشهرة القدماء فهذا يتوقف عن إحراز الشهرة عند القدماء فإن تم إحرازها يمكن القول بأنها موهنة للرواية وإن لم يتم إحرازها فلا موهنة.

وبعبارة أخرى لابد من تسليم الصغرى والكبرى وهي أن كبرى إعراض المشهور كاسر لصحة الرواية وهذا لا يبني عليه السيد الخوئي بل يبني عليه المشهور ولابد من إحراز تحقق صغر الإعراض إعراض قدماء الأصحاب وفي الصغرى والكبرى تأمل.

وإن كان قول تكليف الكفار بالفروع هو قول المشهور لكن من أين تثبت أن المشهور قد أعرضوا عن هذه الروايات التي قد يدعى دلالتها على عدم تكليف الكفار بالفروع وأن المشهور قد هجروها؟!

نعم لو قيل بوجود المعارضة بين الطائفتين من الآيات والروايات أي بين ظواهر هذه الروايات وظواهر ما دل على تكليف الكفار قدمت الأدلة المثبتة لكثرتها ولكونها موافقة للكتاب.

المناقشة الثانية أن الروايتين الأخيرتين ضعيفتان من حيث السند فلا تصلحان للاستدلال بل إن الرواية الثالثة لا دلالة فيها أصلاً، ما هي هذه الروايات التي استدل بها النافون كالسيد الخوئي ـ قدس الله نفسه الزكية ـ ؟

الرواية الثانية رواية تفسير القمي والرواية الثالثة رواية الطبرسي في الاحتجاج وكلاهما ضعيف السند لكن الرواية الأولى رواية صحيحة أوردها في الكافي عن زرارة.

إذا المناقشة الثانية ناظرة إلى الرواية الثانية والثالثة أنهما ضعيفتان.

المناقشة الثالثة الرواية الأولى صحيحة السنة فهي وإن كانت معتبرة السند إلا أن دلالتها غير تامة لأمرين:

الأمر الأول إن موردها الأصول الاعتقادية فإنها وارده في أمر الولاية ومن المعلوم عدم حجية خبر الواحد في الأصول الاعتقادية.

الأمر الثاني لو غضضن نظر عن ذلك إلا أنه لا دلالة فيها على المطلوب لأن المراد بكون الكفار مكلفين بالفروع هو أن الله سبحانه وتعالى طلب منهم أن يؤمنوا ثم يصلوا فهم حال كفرهم مكلفون بالإتيان بذلك الترتيب أي الإمام ثم الصلاة حتى لو تركوهما معاً يترتب على تركهم الصلاة ما يترتب على ترك المؤمن إياها من العقاب والقضاء لولا الدليل على سقوطه وغير ذلك.

ثم يذكر أمور عرفية لا بأس بها المحقق النراقي صاحب فقاهة ها الشيخ الأنصاري مدة دراسته للبحث الخارج عشر سنوات قطع الأمصار والبلدان قم مشهد بروجرد نيشابور كربلاء النجف عدة أماكن لكن من هذه العشر سنوات خمس سنوات درس في كاشان عند الشيخ أحمد النراقي صاحب مستند الشيعة وهو صاحب نظرية الفقيه المطلقة.

الشيخ أحمد النراقي يأتي بمثال عرفي يقول لو أمر المولى عبده وقال له وهو في البصرة اذهب إلى بغداد فإذا دخلت بغداد أبني لي فيها بيتاً فإذا بنيته افرشه فإذا فرشته اكنس فرشه وإذا وإذا تركت أي واحد من هذه الأوامر اضربك عشرة أسواط.

فهنا إذا العبد أصلاً لم يذهب إلى بغداد يستحق عشرة أصوات فقط أو عشرة أصوات على عدم الذهاب عشرة أصوات على عدم البناء وعشرة أصوات على عدم الفرش وعشرة أسواط على عدم الكنز من الواضح أنه يستحق أربعين صوت على كل واحد عشرة أصوات.

الرواية هكذا تقول أيها الكافر أنت أولا مكلف بالشهادتين ثم بعد الشهادتين الإقرار بالولاية ثم بعد الولاية إقامة الصلاة ثم بعد إقامة الصلاة إيتاء الزكاة وهكذا فهناك ترتيب يقول لاحظ الدقة ومعناه أن هذا التكليف ترتيبي لم يطلب المتأخر إلا بعد المتقدم فالترتيب في المطلوب لا في الطلب الطلب واحد المطلوب متعدد.

فمعنى الرواية أن الله سبحانه وتعالى لم يطلب معرفة الإمام وهو من يعرف الله؟ أي حال عدم معرفته لله ولم يطلب الزكاة حال الشرك بل طلبه بالترتيب ألا ترى أن الله سبحانه طلب الصلاة من المؤمن مطلقاً ومع ذلك يصح أن يقال أن الله سبحانه أمر العباد بعد دخول الوقت بالطهارة ثم الصلاة ثم ندبهم إلى التعقيب.

أو أن يقال من لم يتطهر من الحدث فكيف تجب عليه الصلاة وهو محدث؟ نظير قوله فكيف يجب عليه معرفة الإمام وهو لا يؤمن بالله؟

وهذا بعينه يرد على الرواية الثانية وهم يشركون فإن قوله وهم يشركون صريح في الحالية أي لم يطلب منهم الزكاة في هذا الحال وهذا ظاهر غاية الظهور.

ولكن ما أفاده المحقق النراقي ـ رحمه الله ـ قابل للتأمل منه جهة وقابل للقبول من جهات أما ما هو قابل للتأمل ففيه أن أصل معرفة أن أصل المعرفة وإن كان من الأصول الاعتقادية لكن تفاصيل الأمور الاعتقادية لا مانع من قبول الرواية فيها يا أخي يا أخي لا يجوز التقليد في أصول الدين يعني مطلقاً؟! كلا، لا يجوز التقليد في الأصول الاعتقادية لا تأخذ بالروايات في أصل الإقرار بأصول الدين أما في تفاصيل العقيدة يصح أن تأخذ بالرواية.

فمثلا الرجعة رجعت الأئمة ـ عليهم السلام ـ إلى الدنيا قبل قيام الساعة هذا يمكن أن تؤمن به من خلال الرواية قرابة خمسين رواية في الرجاء هذا ليس بأمر عقلي فمن قال أن أي أمر عقائدي حتى في التفاصيل لا يصح أن تأخذ فيه بالرواية؟!

الأصول الاعتقادية يعني أصل توحيد الله أصل عدل الله أصل الايمان ببعثة الأنبياء هذا لابد أن يثبت من ناحية عقلية أصل المعاد أما تفاصيل المعاد أنه في الحساب يكون كذا وفي البرزخ يكون كذا وفي الميزان صفته كذا يجوز أن تأخذ بالرواية والرواية الأولى ناظرة إلى تفاصيل الولاية وليس أصل الولاية.

وبالتالي هذا الأمر قابل للتأمل في كلام المحقق النراقي لكن استظهاره إنصافاً استظهار عرفي الرواية تقول يعني هناك ماذا ترتيب في المطلوب لا في الطلب كل هذه الأمور مطلوبة من المسلم والكافر لكن هناك ترتيب هذا بالنسبة إلى الرواية الأولى والطائفة الأولى من الروايات.

وأما الطائفة الثانية من الروايات التي استدل بها النافون وهي الروايات الدالة على أنه (طلب العلم فريضة على كل مسلم)[11] .

ففيه أنه لا يستفاد منها الحصر بحيث نفهم أنه لا يجب طلب العلم على غير المسلم هذا فهم غير صحيح بل عندنا روايات وردت وهي مطلقة من دون التقييد بالمسلم راجع وسائل الشيعة جزء سبعة وعشرين صفحة أربعة وعشرين إلى ثمانية وعشرين الباب الرابع من أبواب صفات القاضي الحديث اثنا عشر وخمسة عشر وسبعة عشر وأربعة وعشرين وخمسة وعشرين.

ولعل تخصيص المسلم بالذكر في بعض هذه الروايات لكون المسلم هو الذي يستفاد من علمه وينتفع المجتمع الإسلامي من علمه دون غيره أو أشرفية المسلم على غيره وغير ذلك هذا تمام الكلام في مناقشة الوجه الثالث.

الوجه الرابع الذي استدل به النافون الدليل العقلي وقد اتضح الجواب عنه حينما أثبتنا أن الدليل العقلي بالنسبة إلى المثبتين تام فالمقتضي موجود والمانع مفقود.

النتيجة النهائية عدم تمامية جميع أدلة النافين وقد اتضح أن بعض أدلة المثبتين تامة فالظاهر بل الأظهر هو قول المشهور وهو ثبوت تكليف الكفار بالفروع والله العالم.

يبقى الكلام فيما يتفرغ على هذه المسألة إذا ثبت تكليف الكفار بالفروع هل يجوز لحاكم الشرعي أن يجبر الكافر على دفع الخمس أو لا؟ يأتي عليه الكلام صلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo