< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: العروة الوثقى/كتاب الخمس/المسألة الخامسة،جواز إجبار الكافر من قبل الحاكم الشرعي على دفع الخمس وعدمه

 

قال السيد محمد كاظم اليزدي في العروة الوثقى ويجوز للحاكم الشرعي إجبار الكافر على دفع الخمس مما أخرجه وإن كان لو اسلم سقط عنه مع عدم بقاء عينه. [1]

البحث في جواز إجبار الكافر على دفع الخمس أو الزكاة.

نسب إلى جماعة منهم العلامة الحلي في المنتهى منتهى المطلب الجزء الثامن صفحة ثلاثمئة وستة[2] وكذلك اختار الشهيد الثاني في مسالك الأفهام الجزء الأول صفحة ثلاثمئة وثلاثة وستين[3] وصاحب الجواهر في جواهر الكلام الجزء الخامس عشر صفحة ثلاثة وستين، المسالك صفحة ثلاثمئة وثلاثة وستين والجواهر صفحة ثلاثة وستين. [4]

وكذلك السيد الماتن وغيره أن للإمام ـ عليه السلام ـ أو نائبه أخذ الزكاة أو الخمس قهراً من الكافر وتبرأ ذمة الكافر تبعاً.

ولا شك ولا ريب أن هذا مبني على تكليف الكفار بالفروع فلو قلنا إن الكفار غير مكلفين بالفروع فحينئذ لا يجب عليهم الزكاة أو الخمس فلا يجوز إجبارهم على ذلك.

الإيرادات للسيد الخوئي على تكليف الكافر بالخمس

والسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ وافق بعض الإخباريين في إنكار قاعدة تكليف الكفار بالفروع فبناء على مبناه لا يجوز للحاكم الشرعي أن يجبر الكافر على إخراج الزكاة أو الخمس.

وأورد السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ ثلاثة إيرادات والتزم بالأخير منها:

طبعا هذه الإيرادات والبحث أورده شيخنا الأستاذ الداوري في كتاب الخمس في فقه أهل البيت الجزء الأول صفحة مئتين وأربعة وستين وما بعدها.

الإيراد الأول إن الخمس والزكاة من العبادات التي تفتقر إلى قصد التقرب إلى الله تعالى وهذا متعذر من الكافر فكيف يسوغ أخذها قهراً ممن لا تصح عبادته.

وأجاب عنه السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ بأن تعذر رعاية العبادية لا تسوغ إهمال حقوق الفقراء وعدم استنقاذها من الممتنع بعد أن كان الحاكم الشرعي ولياً عليهم في استيفاء أموالهم هذا حاله حال المسلم الممتنع فلو امتنع المسلم عن الخمس أو الزكاة جاز للحاكم الشرعي أن يجبره على دفع الخمس والزكاة استنقاذاً لحق الفقراء وإن كان الخمس والزكاة يصح من المسلم إن أداهما باختياره لكن لو امتنع وجب على الحاكم الشرعي أن يستنقذ مال الفقراء والأيتام.

ففي صورة الأخذ قهراً من المسلم لا يتحقق قصد القربى من المسلم وعلى الرغم من ذلك أفتوا بالوجوب فكما يقال باكتفاء أخذ الإمام ـ عليه السلام ـ أو نائبه في امتناع المسلم كذلك يقال في امتناع الكافر.

إذا الإشكال الأول ليس بتام.

الإيراد الثاني إن الزكاة والخمس يتعلقان بالعين إما بنحو الإشاعة أو بنحو الكلي في المعين أو الشركة في المالية وعلى أي تقدير وفرض فاختيار التطبيق والتعيين في المدفوع بيد صاحب المال دون غيره هو الذي يحدد أنه بنحو الإشاعة أو الكلي أو غير ذلك، فكيف يعين الحاكم الشرعي ما يأخذه من الكافر قهراً؟!

وأجاب عنه السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ بأن المقام يندرج تحت كبرى التقاص فالمورد صغرى من كبرى التقاص أدلة التقاص من الممتنع تشمل مورد الكافر الممتنع عن أداء الخمس أو الزكاة إذ لا قصور في شمول أدلة التقاص للمقام الذي هو من صغريات باب التقاص.

فكما أن المالك أو من له الولاية على المال المغصوب كولي الصغير يجوزه استنقاذ المال والتقاص من المال ولو من غير الجنس مما يعادله في المالية وتعيين الحق فيه نافذٌ وممضى بمقتضى أدلة التقاص فكذلك ما نحن فيه لوحدة المناط.

أي أن هذا حق مضيع وأمكن استيفاؤه بالتقاص فيجب وكفى الله المؤمنين القتال.

إذا الإشكال الثاني ليس بتام

الإيراد الثالث الذي سلم به السيد الخوئي إنا وإن سلمنا تكليف الكفار بالفروع إلا أن المفروض سقوط الزكاة والخمس بمجرد الإسلام فبمجرد اختيار الإسلام يسقط الخمس أو الزكاة ولا سيما إذا كانت العين تالفة إذ لا خلاف ولا كلام في السقوط مع الإتلاف.

وعليه فبأي وجه تؤخذ الزكاة خمس من الكافر قهراً بعد أن لم يصح منه الخمس أو الزكاة حال الكفر ويسقط عنه بعد الإسلام فالكافر لا يصح منه أداء الخمس والزكاة حال كفره وبعد إسلامه لم يطلب منه فبأي وجه يجبره الحاكم على أداء الزكاة أو الخمس؟!

ومنه يظهر أن تكليف الكافر بالفروع لو سلم جدلاً لا يستدعي الطلب منه قهراً بأي وجه من الوجوه ولا سيما إذا لاحظنا ما ورد في صحيحه محمد بن مسلم عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ في أهل الجزية يؤخذ من أموالهم ومواشيهم شيء سوى الجزية؟! قال لا. [5]

فروع الكافي الجزء الثالث صفحة خمسمئة وتسعة وخمسين كتاب الزكاة الباب ثلاثمئة وخمسة عشر الحديث سبعة، وسائل الشيعة الحر العاملي الجزء الخامس عشر صفحة مئة وواحد وخمسين الباب ثمانية وستين من أبواب جهاد العدو وما يناسبه الحديث ثلاثة، وغير هذه الصحيحة من الروايات.

وعليه فأخذ شيء من الكافرين قهراً منافٍ لصراحة هذه النصوص في أنه لا شيء عليه سوى الجزية على أن السيرة العملية خلف عن سلف قائمة على عدم مطالبة الكافر بالزكاة إذ لم يعهد في عصر النبي صلى الله عليه وآله ولا عهد الخلفاء جباية الزكاة والأخماس من الكفار ولم ينقل ذلك ولم ينقل ذلك في تاريخ ولا رواية.

ليراجع المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الزكاة السيد الخوئي الجزء الأول من مئة وخمسة وعشرين إلى صفحة مئة وسبعة وعشرين.

وقد ناقشه شيخنا الأستاذ الدوري ـ أيده الله ـ بمناقشات متينة قال شيخنا الاستاذ في كتاب الخمس الجزء الأول صفحة مئتين وستة وستين:

ولا يخفى إمكان دفع هذا الإيراد لأن ملخص ما ذكره ـ قدس سره ـ أن الأخذ منافٍ لمقتضى القاعدة والنصّ والسيرة فهذه المنافيات الثلاث سنردها إن شاء الله.

أما القاعدة التي ذكرها السيد الخوئي وهو أنه الخمس لا يصح من الكافر حال كفره ولا يطلب منه بعد الإسلام فهذه القاعدة وإن كانت صحيحة إلا أن الطلب من الكافر حال الكفر ممكن بلا مانع فالمقتضي موجود والمانع مفقود ومقتضى ذلك فعلية المقتضي فيصح الأخذ من الكافر ولو قهراً بل إن أخذ الزكاة والخمس من الكافر قهراً أحد آثار قاعدة تكليف الكفار بالفروع فمن آثار ثبوت قاعدة تكليف الكفار بالفروع جواز استنقاذ الزكاة والخمس من الكافر قهراً فالطلب والأخذ القهري فرع تكليف الكفار بالفروع.

يقول يناف القاعدة أول شي قال هذا يتنافى مع القاعدة نحن نقول هذا موافق للقاعدة نحن نقول المقتضي موجود والمانع مفقود فيكون المقتضي فعلياً.

شنو مو في الإشكال الأول أجاب أنه استنقاذه نعم ليش هني يأشكال؟

نعم جيد وإشكاله هكذا يقول فبأي موجب تؤخذ الزكاة أو الخمس من الكافر قهراً بعد أن لم يصح من الكافر حال الكفر ولم يطلب منه حال الإسلام هذا لبّ إشكال السيد الخوئي هذه القاعدة أن الكافر لا يصح منه لا تصح منه العبادة حال كفره وبعد إسلامه لا يطالب بها.

الكلام أن مقتضى القاعدة موجود يعني مقتضى تكليف الكفار بالفروع ثابت ولا يوجد مانع من فعليته فيصير المقتضي فعلي.

بعد يا أخي يا أخي ثمرة ثانية الآن إلى الآن يعني صار ثلاث ثمار أخذنا إلى قاعدة تكليف الكفار بالفروع:

الثمرة الأولى أخذناها في الدروس السابقة أن الكافر لو اسلم في أثناء الوقت وجب عليه أداء الفريضة وجوب أداء الفريضة ليس من آثار الإسلام بل من آثار التكليف السابق آثار قاعدة تكليف الكفار بالفروع بناءً على الالتزام بها، نعم من ينكر قاعدة تكلف الكفار بالفروع كالسيد الخوئي يقول أن أداء الفريضة في وقتها من آثار الإسلام.

الثمرة الثانية لقاعدة تكليف الكفار بالفروع يجوز للحاكم بل يجب عليه أخذ الزكاة والخمس منه قهراً.

الثمرة الثالثة يجوز لوكيل الكافر المسلم أن يدفع عن الكافر الخمس أو الزكاة ويكون دفعه صحيح وتبرأ ذمة الكافر لأنه كافر ومكلف وعنده وكيل وهذا الوكيل مسلم يصح للوكيل المسلم أن يدفع الخمس أو الزكاة عن الكافر.

هذا تمام الكلام في مناقشة المنافي الأول أن الأخذ قهراً من الكافر ينافي القاعدة واتضح أنه موافق للقاعدة.

المناقشة الثانية المنافاة مع النصّ.

وأما النصّ فقد تقدم ما يعارضه وهي صحيحة البزنطي ولابد من الجمع بينهما تقدمت صحيفة البزنطي صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر قال ذكرت لأبي الحسن الرضا ـ عليه السلام ـ الخراج وما سار به أهل بيته، فقال: العشر ونصف العشر على من اسلم طوعاً تركت أرضه بيده وأخذ منه العشر ونصف العشر فيما عمر منها. [6]

هذه تعارض هذي الرواية هذه الرواية تقول (لا شيء يؤخذ منه سوى الجيزية) [7] وصحيحة البزنطي تقول (يؤخذ منه العشر أو نصف العشر) فهنا لابد من الجمع بينهما إما أن نحمل مثلاً العشر أو نصف العشر على الاشتراط كما حملها السيد الخوئي أو نأتي بوجه آخر فهذه الرواية معارضة.

المناقشة الثالثة المنافاة مع السيرة دعوة أن الأخذ من الكافر قهراً ينافي سيرة النبي والأئمة ـ عليهم السلام ـ .

وهذا ما يدفعه الصحيح المتقدمة فإنها على خلاف هذه السيرة إذ أن الصحيحة صحة البزنطي تدل على كانوا يأخذون العشر أو نصف العشر فالصحيحة على خلاف هذه السيرة إذا سلمنا بثبوت السيرة على أننا أنكر قلنا السيرة بالعكس قائمة على الأخذ.

ولو سلمنا أن السيرة ثابتة على عدم أخذ الزكاة صارت معارضة بصحيحة البزنطي صحيحة البيزنطي دليل لفظي والسيرة دليل لبي فنقتصر فيه على القدر المتيقن وهذا الدليل اللبي يحتمل فيه أن عدم التصدي للأخذ من الكفار لعله لعدم الاحتياج أو لمصالح أخرى فلا تدل على عدم الجواز عدم الأخذ عملاً من الكافر لا يدل على عدم جواز الأخذ بينما الصحيح دليل لفظي يدل على جواز الأخذ.

فيها معارضة.

ما في معارضة مولانا صحيح يعني لما رديتوا الرواية في صحيحة البزنطي نعم تعرض من الطرف يعني الآن كيف استدليتوا بها مع المعارضة؟! فلازم تعالج المعارضة من أساسها.

صحيح لابد من معالجة المعارضة فإذا قلنا أن صحيحة بزنطي مؤيدة بالسيرة القائمة على الأخذ ومعتضة بروايات كما سيأتي إن شاء الله الروايات العامة تدل على ماذا؟ أن السيرة كانت ماذا؟ قائمة على الأخذ إذا لابد من تأويل هذه الرواية صحيحة محمد بن مسلم وهي واردة في مورد خاص في خصوص أهل الجزية ليست ناظرة إلى الكافر مطلقاً ناظرة إلى خصوص أهل الجزية فنأخذ بعموم صحيحة البزنطي وإن كان صحيحة البزنطي أيضاً ناظرة إلى أهل الخراج.

ولا أقل من الإجمال أقل شيء يعني أكثر شيء أكثر شيء؟ يصير إجماع إذا صار إجمال يسقط كلا الدليلان نرجع إلى مقتضى الأصل نرجع لمقتضى الأصل العملي البراءة الشرع هذه البراءة الشرعية محكومة بقاعدة تكليف الكفار بالفروع الثابتة عندنا فيثبت الخمس أو الزكاة على الكافر مقتضى الثبوت وجوب أخذ الحاكم للخمس أو الزكاة من الكافر قهراً استنقاذا للمال، فنرجع إلى مقتضى القاعدة إذا سقط الدليل اللفظي أو الدليل اللبي نرجع إلى مقتضى القاعدة واضح إن شاء الله؟

إذا الظاهر بناء على القول بأن الكفار مكلفون بالفروع جواز الأخذ منهم قهراً بل الوجوب وأما إذا اسلم الكافر بعد وجوب الخمس عليه فهذه المسألة تفرض تارة فيما إذا كانت العين تالفة وأخرى فيما إذا كانت باقية.

أما إذا كانت العين تالفة فلا إشكال ولا خلاف في السقوط نظراً لانتفاء الموضوع سالبة بانتفاء والسيرة القطعية القائمة في عصر النبي صلى الله عليه وآله والوصي ـ عليه السلام ـ قائمة على ذلك إذ لم يعهد من النبي ولا من الوصي مطالبة من اسلم بدفع ما فاته من الخمس أو الزكاة في حال الكفر، ولم يرد في ذلك ولو رواية ضعيفة.

وأما في صورة بقاء العين كافر واسلم والعين باقية التي يجب فيها الخمس أو الزكاة فعلى القول بأن الكفار مكلفين بالفروع فلا إشكال أيضاً في عدم الوجوب، هذا إذا قلنا ماذا إذا قلنا أن الكفار غير مكلفين بالفروع، إذا قلنا أن الكفار غير مكلفين بالفروع لا إشكال في عدم الوجوب.

إنما الكلام والخلاف إذا التزمنا بقاعدة تكليف الكفار بالفروع فثبت وجوب الخمس أو الزكاة في العين وكانت العين باقية فهل يجب عليه التخميس أو لا؟ قولان في المسألة:

ذهب المشهور إلى السقوط استناداً إلى قاعدة الجب وخالفهم السيد الخوئي وذهب إلى عدم السقوط.

فالمشهور هو القول بسقوط وجوب الخمس أو الزكاة في العين الباقية التي بيد الكافر إذا اسلم بل ادعى صاحب الجواهر أنه لم يجد فيه خلافاً ولا توقفاً قبل الأردبيلي والخراساني وسيد المدارك بل ليس في كلام الأول وهو الأردبيلي على ما قيل سوى قوله كان ذلك للإجماع والنصّ مثل الإسلام يجب ما قبله وهو خال عن التوقف فضلاً عن الخلاف فانحصر ذلك فيهما.

يعني الخراساني وسيد المدارك جواهر الكلام جزء خمسة عشر صفحة واحد وستين. [8]

وفي مقابل قول المشهور ذهب هؤلاء الأعلام الأردبيلي والخراساني وسيد المدارك وتبعهم السيد الخوئي المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الزكاة الجزء الأول صفحة مئة وتسعة وعشرين إلى مئة وثلاثين وكذلك تلميذه السيد محمد الروحاني في كتابه المرتقى إلى الفقه الأرقى كتاب الزكاة الجزء الأول صفحة مئتين وتسعة وعشرين إلى مئتين وثلاثين[9] إلى القول بعدم السقوط، وذلك لتضعيفهم مستند المشهور وهو النبوي الإسلام يجب ما قبله[10] من حيث السند والدلالة.

يراجع كتاب عوالي اللئالي لابن أبي جمهور الإحسائي الجزء الثاني صفحة أربعة وخمسين المسلك الرابع الحديث مئة وخمسة وأربعين[11] وأيضاً نفس عوالي اللئالي صفحة مئتين وأربعة وعشرين من باب الصلاة حديث ثمانية وثلاثين. [12]

إذا بحثنا القادم يقع في قاعدة الجب انتهينا من قاعدة تكليف الكفار بالفروع ونبحث قاعدة الإسلام يجب ما قبله هل هذه القاعدة ثابتة أو لا؟ إذا ثبتت يثبت قول المشهور إذا ما ثبتت ما يثبت قول المشهور.

قاعدة الجب يأتي عليها الكلام وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo