< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/05/22

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الخامس والأربعون: الكلام في قيمة العشرين دينار

المسألة الثالثة المعتبر في النصاب عشرون ديناراً فهل يعتبر قيمة العشرين دينار وقت إخراج الخمس من المعدن أو يعتبر قيمة العشرين دينار وقت صدور النص من المعصوم ـ عليه السلام ـ .

وبعبارة أخرى هل المعتبر في النصاب هو بلوغ خصوص العشرين دينار بحيث كل دينار عبارة عن المثقال الشرعي والمثقال الشرعي عبارة عن ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي وهو عبارة عن ثمانية عشر حمصة من الذهب الخالص فيكون المراد بالعشرين دينار عبارة عن ما يعادل قيمة العشرين دينار من الذهب في كل عصر من عصر صدور النصّ إلى زماننا هذا ينظر ما يعادل قيمة العشرين دينار بحيث كل دينار يعادل ثمانية عشر حمصة.

وهذه العشرين دينار قد تساوي مئتين درهم من الفضة وقد تساوي أقل وقد تساوي أكثر فالمدار كل المدار على القيمة للعشرين دينار وقت إخراج الخمس من المعدن هذا الاحتمال الأول.

والاحتمال الثاني المعتبر في النصاب هو المالية الملحوظة وقت صدور الرواية فكل دينار يساوي عشرة دراهم كما هو الحال في الزكاة فإنه في زكاة النقدين أقل النصاب في نقد الذهب عشرين دينار وفي نقد الفضة مئتي درهم، فهل المراد بالدينار أي ما عادل عشرة دراهم فضة أو المراد بالدينار ما قيمته ثمانية عشر حمصة؟ قولان في المسألة:

القول الأول الدينار عشرة دراهم فإذا ضربنا عشرة دراهم في عشرين صار صار مئتين درهم الدينار الواحد عشرة دراهم العشرين دينار اضربها في عشرة يصير مئتي درهم ففي الزكاة يقال هكذا: النصاب في الذهاب عشرين دينار والنصاب في الفضة مئتي درهم هذا في كتاب الزكاة.

أما هنا في الفرق بين القولين هنا في خمس المعدن لو افترضنا أن هذا المعدن المستخرج كمعدن البترول مثلاً أخرجنا ما يعادل عشرين دينار ضرب ثمانية عشر حمصة لكن قيمته أقل من مئتي درهم.

فعلى القول الأول يثبت النصاب لأنه قد بلغ عشرين دينار حالاً بحسب القيمة الفعلية.

وعلى الثاني لم يبلغ النصاب لأن المراد بالعشرين دينار ما يقابل المائتي درهم واضح أن شاء الله؟!

والعكس بالعكس لو افترضنا هذا النفط بلغ ما يعادل خمسة عشر دينار لو افترضنا أن هذا بلغ ما يعادل خمسة عشر دينار حسب القيمة الفعلية ثمانة عشر حمصة لكن بلغ ما يعادل مئتي درهم التي هي تعادل عشرين دينار زمن صدور النصّ على القول الثاني مثل هذه الخمسة عشر دينار عبارة عن عشرين دينار أيام صدور النصّ لأنها تعادل مئتين درهم فيثبت النصاب بناء على الثاني لا على الأول واضح أو لا؟!

قولان في المسألة:

القول الأول اعتبار النصاب بحسب القيمة الفعلية والحالية وقت إخراج الخمس من المعدن فالمراد خصوص عشرين دينار يبلغ كل دينار ثمانية عشر حمصة.

وذهب إلى هذا القول صاحب الجواهر جواهر الكلام الجزء ستة عشر صفحة ثمانية عشر والمحقق آقا رضا الهمداني في مصباح الفقيه الجزء أربعة عشر كتاب الخمس صفحة ثلاثين واحد وثلاثين.

والسيد محسن الحكيم مستمسك العروة الوثقى الجزء التاسع صفحة أربعمئة وثمانية وخمسين والسيد أبو القاسم الخوئي في المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الخمس صفحة خمسة وأربعين.

القول الثاني هو اعتبار المالية وقت صدور النصّ أي عشرين دينار تقابل مئتي درهم وإليه ذهب الشهيد الأول في البيان صفحة ثلاثمئة واثنين وأربعين وتبعه السيد البروجردي ـ رحمه الله ـ .

يراجع زبدة المقال في خمس الرسول والآل صفحة واحد وعشرين.

ومنشأ الخلافة ما ورد في صحيحة البزنطي من قوله ـ عليه السلام ـ (حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا).

فما هو الموضوع؟ هل الموضوع عشرين ديناراً؟ أو الموضوع ما يبلغ ما يكون في مثله الزكاة؟

هل الموضوع عشرين ديناراً؟ فيكون هو القول الأول يعني تمام الموضوعية للعشرين دينار متى ما بلغت في أي زمن من الأزمنة ويحمل الدينار على الدينار الشرعي أي المثقال الشرعي وهو ثمانية عشر حمصة.

وأما إذا قلنا الموضوع هو ما يكون في مثله الزكاة (في مثله الزكاة) الزكاة تكون في ماذا؟ عشرين دينار في الذهب ومئتين درهم في الفضة يعني الدينار الذي يقابل عشرة دراهم.

إذا أن جعلنا الموضوع هو قوله ـ عليه السلام ـ (ما يكون في مثله الزكاة) يكون قوله ـ عليه السلام ـ عشرين ديناراً من باب المثال فيكون هذا القول مطابقاً للقول الثاني أي لحاظ الدينار في زمن النصّ الذي يقابل عشرة دراهم.

وإن جعل الموضوع قوله ـ عليه السلام ـ (عشرين ديناراً) ويكون ما قبله قوله ـ عليه السلام ـ (ما يكون في مثله الزكاة) من باب المقدمة والتوطئة والتمهيد فيكون مطابقاً للقول الأول إذ لفظت عشرين دينار تكون مفسرة ومبينة لجملة ما يكون (في مثله الزكاة).

وقد استدل للقول الأول المدار على عشرين دينار لا على ما يكون في مثله الزكاة بوجهين:

الوجه الأول للسيد الخوئي والوجه الثاني للسيد الحكيم وناقشهما شيخنا الأستاذ آية الله الشيخ مسلم الداوري ـ حفظه الله ـ ووصل إلى نتيجة موافقة لرأي السيد البروجردي وسيتضح أن شاء الله أن الصحيح ما صححه سيد أساتذتنا السيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ .

تفصيل ذلك:

الدليل على القول الأول ما ذكره سيد أساتذتنا السيد الخوئي في المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الخمس صفحة خمسة وأربعين تبعاً للشيخ آقا رضا الهمداني في مصباح الفقيه.

وحاصله أن المتبادر من النصّ إنما هو قيمة عشرين ديناراً وقت الإخراج فإن ظاهر الدليل أن لهذا العنوان أي عنوان عشرين ديناراً خصوصية وموضوعية في تشخيص النصاب.

وناقشه شيخنا الأستاذ تلميذه الوفي الشيخ مسلم الداوري قائلاً:

إنا إذا لاحظنا حال الراوي وهو أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي الذي هو من أجل الرواة واعلمهم ومن العارفين بكلماته ـ عليهم السلام ـ فإذا سأل الإمام ـ عليه السلام ـ عن النصاب وأجابه فهل يقال أن المتبادر إلى ذهنه؟ هو خصوص عشرين ديناراً ؟! أو أن المتبادر إلى ذهنه هو مفهوم الجملة الأولى أي قوله ـ عليه السلام ـ (حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة) بل نقول إنه لو لم يتبادر إلى ذهنه الجملة الأولى لما صح تبادر خصوص العشرين ديناراً لأن لفظة عشرين ديناراً تاليه لتلك الجملة ولذا لم نفهم معنى لتبادر خصوص عشرين ديناراً وعهدة ذلك على مدعيه.

انتهى كلام شيخنا الأستاذ الداوري كتاب الخمس في فقه أهل البيت الجزء الأول صفحة مئتين وخمسة وتسعين.

وفيه الأصل في العناوين هو الموضوعية لا الطريقة فإذا ورد عنوان في الرواية وشككنا هل أخذ هذا العنوان على نحو الموضوعية أو أخذ على نحو الطريق؟ فإن الأصل هو حمل العنوان على الموضوعية لا الطريقية والقول بالطريقية يحتاج إلى دليل وقرينة.

وإذا رجعنا إلى صحيحة البزنطي فإنه قد ورد فيها عبارتان:

الجملة الأولى (ما يكون في مثله الزكاة).

الجملة الثانية (عشرين ديناراً).

فهنا هل نحمل لفظة عشرين دينارين على الموضوعية أو الطريقية ؟

فإذا شككنا فإن مقتضى الأصل هو حمل العشرين دينار على الموضوعية لا الطريقية ولهذا قال سيد أساتذتنا السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ ما نصّه:

فإن ظاهر هذا الدليل أن لهذا العنوان أي عشرين ديناراً خصوصية وموضوعية في تشخيص النصاب.

المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الخمس صفحة خمسة وأربعين.

وقد ينتصر لشيخنا الأستاذ الداوري ـ أيده الله ـ إننا نلتزم بأن الأصل في العناوين هو الموضوعية لكن إذا لم تقم قرينة على الخلاف وقد تقدمت القرينة الدالة على الخلاف وهي الجملة الأولى (ما يكون في مثله الزكاة) فهذا العنوان له تمام الموضوعية (ما يكون في مثله الزكاة) هو الموضوع.

وتكون الجملة الثانية (عشرين ديناراً) تطبيقاً لهذا العنوان.

وفيه هذا خلاف المتبادر العرفي فنحن ندرك بالوجدان الذي لا يحتاج إلى برهان أن الإمام ـ عليه السلام ـ في مقام بيان تحديد مقدار النصاب وقد حدد وعين مقدار النصاب وهو عشرين ديناراً وأما الجملة السابقة فهي في مقام بيان الشيء الذي يمكن أن يخمس، فما هو الشيء القابل للتخميس؟ هو ما يكون في مثله الزكاة.

إذا الجملة الأولى ما يكون في مثله الزكاة ليست في مقام بيان تحديد النصاب بل في مقام بيان قابلية الشيء للتخميس فالإمام ـ عليه السلام ـ يقول الشيء القابل للتخميس هو الشيء الذي يكون في مثله الزكاة وإذا تحقق العنصر الأول وهو القابلية للتخميس والزكاة ينبغي أن يلحظ النصاب الذي هو مقدار عشرين ديناراً.

إذا الدليل للسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ تامٌ لا غبار عليه وليست عهدته على مدعيه كما يكون شيخنا الأستاذ الداوري بل هو مطابقٌ لمقتضى الأصل والقاعدة.

هذا تمام الكلام في الدليل الأول على الرأي الأول.

الدليل الثاني ما ذكره السيد محسن الحكيم في المستمسك يراجع العروة الوثقى مستمسك العروة الوثقى الجزء التاسع صفحة أربعمئة وثمانية وخمسين.

وحاصله إن قوله ـ عليه السلام ـ (حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة) مجمل لاختلاف النصاب الملحوظ وأنه نصاب الذهب أو الفضة أو أقلهما أو أكثرهما ولا قرينة على تعيين أحدهما إلا أن قوله ـ عليه السلام ـ بعده (عشرين ديناراً) رافع لهذا الإجمال فيتعين التقويم به لا غير فلا يكفي في معدن الفضة بلوغ مئتي درهم إذا لم تكن قيمتها عشرين ديناراً.

وبعبارة مختصرة:

الجملة الأولى مجملة تحتمل عدة وجوه والجملة الثانية معينة فنلتزم بالتعيين بعد الإجمال.

وناقشه شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ قائلاً إن دعوى الإجمال غير تامة لأن الإمام ـ عليه السلام ـ قد أراد من الجملة معنى معيناً قطعاً وإلا لكانت لغواً وليس هذا المعنى إلا كون هذه الجملة هي الموضوع ويكون قوله ـ عليه السلام ـ بعد ذلك (عشرين ديناراً) من باب المثال.

ويؤيد ذلك ما ورد في الكنز حيث عبر ـ عليه السلام ـ بنفس المعنى (ما يكون في مثله الزكاة) من دون تعقيبه بعشرين ديناراً.

وعليه فلا إجمال.

الرواية من لا يحضره الفقيه واردة في الكنز الجزء الثاني صفحة أربعين الحديث ألف وستمئة وتسعة وأربعين ويراجع وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة أربعمئة وخمسة وتسعين الباب الخامس من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث الثاني.

وما أفاده شيخنا الأستاذ الداوري ـ أيده الله ـ فيه شقان:

الشق الأول دعوى السيد الحكيم الإجمال في العبارة وأنها مجملة.

الشق الثاني دعوة أن الجملة الأولى هي الموضوع ونفي الأمر الأول وهو دعوى الإجمال في العبارة الأولى لا يثبت الثاني ولا يعين أن الموضوع هو نفس الجملة الأولى ما يكون في مثله الزكاة.

أما الشق الأول وهي دعوى الإجمال فإما أن نلتزم بوجود إجمال في الرواية وأن ما استشهد به شيخنا الأستاذ الداوري في رواية الكنز والتي يرويها البزنطي وورد فيها (ما يكون في مثله الزكاة) من دون قيد عشرين دينار فقد ذكر بعضهم أن هذه الرواية فيها سقطٌ وأن هذه الرواية ذكر فيها (ما يكون في مثله الزكاة) لكن سقط مقدار عشرين دينار وأن للبزنطي ثلاث روايات يعضد بعضها بعضاً على الأقل روايتين في المعدن ورواية في الكنز وأنها من باب واحد ومحل فارد.

ويراجع تقرير سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي كتاب الخمس الجزء الأول في هذا المبحث فقد صال وجال وأطال في بيان الجمع بين الصحاح الثلاث للبزنطي.

وعليه إما أن نلتزم فعلاً بوجود إجمال في هذه الرواية كما يقول السيد محسن الحكيم وإما أن لا نلتزم بالإجمال ونقول إن عبارة (ما يكون في مثله الزكاة) ليست في مقام بيان مقدار النصاب وإنما هي في مقام بيان قابلية الشيء لتعلق الخمس أو الزكاة.

وعليه يتضح الكلام في الشق الثاني إذ قال شيخنا الأستاذ الداوري وليس هذا المعنى إلا كون هذه الجملة هي الموضوع وفيه لا معين لذلك ولا يوجد دليل على أن الجملة الأولى (ما يكون في مثله الزكاة) هي الموضوع.

ثم قال شيخنا الأستاذ والحاصل أن الأقوى هو لحاظ المالية في النصاب يعني ذهب إلى قول السيد البروجردي ـ رحمه الله ـ إلا أن الاحتياط يقتضي مراعاة أقل الأمرين يعني إذا ثبت أقل الأمرين من عشرين دينار بحسب الوقت الحالي والفعلي وقت الإخراج وبين العشرين دينار وقت صدور النصّ أقل الأمرين هذا يكون موجب لتحقق النصاب وثبوت الخمس.

وما أفاده شيخنا الأستاذ من احتياط في محله هذا هو مقتضى الاحتياط.

ولكن بما أن الأصل في العناوين هو الموضوعية ومن الواضح أن تمام الموضوعية لعنوان عشرين ديناراً نلتزم بما ذهب إليه الفقيه الهمداني والسيد الخوئي ـ رحمه الله ـ فيكون هذا الاحتياط احتياط استحبابه وليس احتياطاً وجوبياً.

ويمكن للفقيه أن يفتي بوجوب الخمس إذا بلغ عشرين ديناراً وقت الإخراج.

هذا تمام الكلام في المسألة الثالثة وبها مسك الختام في بحث استخراج الخمس بعد استثناء المؤونة والتصفية وبلوغ النصاب.

يبقى الكلام هل يعتبر في الإخراج أن يكون دفعة أو دفعات يأتي عليه الكلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo