< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس السادس والأربعون: حكم الدفعة أو الدفعات في خمس المعدن

قال صاحب العروة ـ قدس الله نفسه الزكية ـ ولا يعتبر في الإخراج أن يكون دفعةً فلو أخرج دفعات وكان المجموع نصاباً وجب إخراج خمس المجموع وإن أخرج أقل من النصاب فأعرض ثم عاد وبلغ المجموع نصاباً فكذلك على الأحوط.

هل يعتبر في النصاب الوحدات الخمس أو لا؟ والوحدات الخمس كما يلي:

الأولى وحدة الدفعة أو يكفي الدفعات.

الثانية وحدة الإخراج عرفاً أو عدم اعتبار وحدة الإخراج عرفان.

الثالثة وحدة المخرج للمعدن أو تعدده.

الرابعة وحدة جنس ما يخرج من المعدن الواحد أو تعدده.

الخامسة لو كان المخرَج معدناً أو معادن متعددة، فهل ينضم أحدهما إلى الآخر في الاعتبار أو لا؟

هذه وحدات خمسة ولنشرع بالوحدة الأولى فهل يعتبر أن يخرج المعدن دفعة واحدة فإن بلغت النصاب ثبت الخمس في المعدن وإلا فلا أم لا؟ يعتبر الدفع الدقية بل يكفي الدفعة العرفية كما لو أخرج الدلو الأول من النفط ثم الدلو الثاني ثم الدلو الثالث ثم الدلو الرابع وهكذا.

فإنه بحسب الدقة يوجد تعدد في الدفعات ولكن حكماً هذه الدفعات بحكم الدفعة الواحدة.

إذا من الواضح في الأمر الأول أنه لا تعتبر الدفعة الواحدة بحسب الدقة وإنما الكلام كل الكلام في الأمر الثاني هل تعتبر الوحدة العرفية أو لا؟

كما لو أخرج في اليوم الأول ثم أخرج في اليوم العاشر ثم في اليوم العشرين وكان كل دفعة لا تصل إلى حدّ النصاب عشرين ديناراً ولكن مجموع الدفعتين أو الثلاث يبلغ النصاب، فهل تشترط الدفعة ولو حكماً أو لا يشترط ذلك؟

الأقوال في ذلك أربعة:

القول الأول قول المشهور وهو عدم اعتبار الوحدة العرفية للإخراج لإطلاق صحيحة البزنطي وعدم تقييدها بالوحدة العرفية، والسيد المتان ـ قدس الله نفسه الزكية ـ يرى القول الأول لذلك قال:

ولا يعتبر في الإخراج أن يكون دفعة فلو أخرج دفعات وكان المجموع نصاباً وجب إخراج خمس المجموع.

وقد ذهب مشهور القدماء والأكثر إلى هذا القول.

ومنهم الشيخ الطوسي في المبسوط الجزء الأول ثلاثمئة وثمانية وعشرين وابن حمزة في الوسيلة صفحة مئة وثمانية وثلاثين والفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع الجزء الأول صفحة ثلاثمئة وثلاثة وعشرين، والعلامة الحلي في تحرير الأحكام الجزء الأول صفحة أربعمئة وأربعة وثلاثين، والشيخ أحمد النراقي في مستند الشيعة الجزء العاشر صفحة ستين، والمحقق الكركي في فوائد الشرائع يراجع سلسلة آثار المحقق الكركي الجزء العاشر صفحة مئتين وثلاثة وثمانين، وصاحب الجواهر في جواهر الكلام الجزء ستة عشر صفحة تسعة عشر.

وكذلك الشهيد الأول في الدروس الجزء الأول صفحة مئتين وستين، والشهيد الثاني في مسالك الأفهام للجزء الأول صفحة أربعمئة وتسعة وخمسين، والسيد محمد صاحب المدارك مدارك الأحكام الجزء الخامس صفحة مئة وسبعة وستين، والمحقق السبزواري في ذخيرة المعاد صفحة أربعمئة وثمانية وسبعين.

فهؤلاء الأعلام قالوا بعدم اعتبار الدفعة الواحدة بل إذا بلغت الدفعات مقدار النصاب ثبت خمس المعدن.

القول الثاني اعتبار الوحدة العرفية بحيث يرى العرف أنها دفعة واحدة أما صدق الوحدة الحقيقية كما إذا أخرج مقدار النصاب دفعة واحدة وبلغت عشرين ديناراً أو صدق الوحدة الحكمية كما إذا أخرج المعدن على دفعات متتالية ومتوالية بحيث لا يضر تعدد الدفعات بصدق الوحدة العرفية كالإخراج بالدلاء بصور متوالية من دون فصل كثير بينهم.

وقد ذهب إلى اشتراط الوحدة العرفية السيد محسن الحكيم في مستمسك العروة الوثقى الجزء التاسع صفحة أربعمئة وستين، والسيد أبو القاسم الخوئي في المستند في شرح العروة الوثقى جزء خمسة وعشرين من موسوعة الإمام الخوئي كتاب الخمس الصفحة خمسة وأربعين.

القول الثالث التفصيل بين الإعراض عما أخرجه أولاً وعدمه فإن لم يعرض عن ضمّ اللاحق إلى السابق فإن بلغ مجموع النصاب وجب الخمس وأما لو أعرض عن السابق فلا يجب.

وممن قال بهذا الرأي العلامة الحلي في منتهى المطلب الجزء الثامن صفحة خمسمئة وخمسين، والشيخ مرتضى الأنصاري في كتاب الخمس صفحة مئة وسبعة وعشرين.

القول الرابع التفصيل بين البقاء والتلف فإن كان المخرج أولاً موجودة وباقياً ضم إليه اللاحق ولوحظ مقدار النصاب وأما إذا اتلف بحيث لم يبقى منه شيء فلا يجب وهو الظاهر من المحقق الشيخ آقا رضا الهمداني.

يراجع مصباح الفقيه الجزء الرابع عشر صفحة ثلاثة وثلاثة.

ويمكن مراجعة هذه الأقوال وأدلتها ومناقشتها في بحث شيخنا الاستاذ آية الله الشيخ مسلم الداوري الخمس في فقه أهل البيت الجزء الأول صفحة مئتين وسبعة وتسعين وما بعدها.

أما القول الأول وهو عدم اشتراط الدفعة وكفاية الدفعات فقد استدل له بإطلاقات الأدلة فأدلة وجوب تخميس المعدن مطلقاً ولم تقيد بدفعة أو دفعات وانما ورد أنه متى ما بلغ المعدن حدّ النصاب وجب إخراج الخمس منه بلا فرق بين الدفعة والدفعات.

واستدل للقول الثاني الذي ذهب إليه السيد الحكيم والسيد الخوئي بأن الروايات الشريف وإن كانت مطلقة إلا أن التقييد يمكن أن يستفاد من صحيحة البزنطي فإن ظاهرها يدل على بلوغ المعدن عشرين ديناراً دفعة واحدة أو ما في حكم الدفعة الواحدة لا في دفعات متغايرة.

وأوضح سيد أساتذتنا المحقق الخوئي ـ رحمه الله ـ وجه ظهور صحيحة البزنطي بقوله:

إن المنسبق من النصّ بحسب الفهم العرفي في أمثال المقام كون الحكم انحلالياً ومجعولاً على سبيل القضية الحقيقية.

فيلاحظ كل إخراج بانفراده واستقلاله بعد انعزاله عن الإخراج الآخر كما هو المفروض فهو بنفسه موضوع مستقل بالإضافة إلى ملاحظة النصاب في مقابل الفرد الآخر من الإخراج.

نظير ما لو علق حكم على الشراء مثلاً فقيل أنه متى اشتريت مناً من الحنطة فتصدق بكذا فاشترى نصف فاشترى نصف (من) ثم اشترى نصف (من) آخر فإن شيئاً من الشرائين غير مشمول للدليل لعدم صدق المن وإن صدق على المجموع وليس ذلك إلا لأجل لزوم ملاحظة كل فرد بحياله واستقلاله نظراً إلى الانحلال والتعدد وعدم الانضمام.

والذي يكشف عن ذلك بوضوح أنه لو أخرج ما دون النصاب بانياً الاكتفاء به فصرفه وأتلفه من غير تخميسه لعدم وجوبه حينئذ على الفرض ثم بدا له فأخرج الباقي فإن هذا الإخراج الثاني لا يحدث وجوباً بالإضافة إلى السابق التالف بلا إشكال لظهور النصّ في عروض الوجوب مقارناً الإخراج لا في أونة أخرى بعد ذلك كما لا يخفى.

فإذا تم ذلك في صورة التلف تم في صورة وجوده أيضاً لوحدة المناط وهو ظهور النصّ في المقارنة.

انتهى كلامه زيد في علوه مقامه يراجع المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الخمس للسيد الخوئي من صفحة ستة وأربعين إلى صفحة تسعة وأربعين.

وقد أثرنا قراءة ما لخصه شيخنا الأستاذ الداوري من نصّ السيد الخوئي لأن هذا النصّ سيكون موضع النقد والمناقشة.

إذا دليل المشهور على عدم اعتبار الدفعة هو التمسك بإطلاقات أدلة وجوب تخميس المعدن، ودليل السيد الخوئي ـ قدس الله نفسه الزكية ـ هو التمسك بالظهور صحيحة البزنطي الظاهرة في كون الحكم انحلالياً ومجعولاً على نحو القضية حقيقية فإذا رجعنا إلى صحيح البزنطي استظهرنا اشتراط الوحدة العرفية للإخراج لأن موضوع وجوب تخميس المعدن هو إخراج المعدن.

فالموضوع هو إخراج المعدن، ومن هنا نسأل هل نشترط وحدة دفعة الإخراج أو يكفي تعدد الإخراج ولو على نحو دفعات؟

وناقشه شيخنا الأستاذ الداوري ـ أيده الله ـ تعالى قائلاً:

نحن نسلم الكبرى سيدنا الخوئي ولا نسلم الصغرى فما ذكره السيد الخوئي وإن كان تاماً كبروياً لما تقرر في علم الأصول من أن الأحكام انحلالية وأن لكل موضوع حكماً مستقلاً بحياله إلا أن ما ذكره السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ من جهة الصغرى في خصوص المقام وموطن بحثنا غير تام إذ لا ينطبق على ما نحن فيه.

وذلك لأنه لو كان الوارد في الروايات أن وجوب الخمس مترتب على الإخراج لو كان ما ذكره السيد الخوئي تاماً ولكن لم يرد في الروايات ذلك فإن أكثر ما ورد في الروايات هو وجوب الخمس على المعدن من دون ذكر للإخراج وإنما ورد الإخراج في كلام السائل لا في كلام الإمام ـ عليه السلام ـ فليس للإخراج موضوعية وخصوصية ليكون هو المناط في الحكم.

هكذا يقول شيخنا الأستاذ الداوري في كتاب الجزء الأول صفحة مئتين وتسعة وتسعين.

ثم يقول:

ومما يؤيد ذلك أن الوجوب ثابت للمعدن لا الإخراج ما ورد في صحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ عن الملاحة.

قال وما الملاحة؟ فقال وفي نسخة فقلت أرض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحاً.

فقال هذا المعدن فيه الخمس.

فقلت والكبريت والنفط يخرج من الأرض.

فقال هذا وأشباهه فيه الخمس.

ووجه التأييد أن الملح لا يحتاج إلى إخراج فإنه يتكون على ظاهر الأرض ومع ذلك عده الإمام ـ عليه السلام ـ من المعدن فيعلم أن الإخراج لا خصوصية له وإنما المناط هو تحصيل المعدن على أي كيفية كانت.

نعم ورد الإخراج في كلام الإمام ـ عليه السلام ـ في رواية واحدة فقط وهي ما رواه عمار بن مروان قال سمعت ابا عبدالله ـ عليه السلام ـ يقول (فيما يخرج من المعدن والبحر والغنيمة والحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه والكنوز الخمس).

وسائل الشيعة الجزء التاسع صفحة أربعمئة وأربعة وتسعين بعد ثلاثة من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث السادس.

يبقى الكلام في التصرف برواية عمار بن مروان أولاً هل هي تامة سندا أو لا؟ قد يناقش في اعتبارها وسيتضح إن شاء الله أنها تامة سنداً.

ثانياً على فرض التسليم تماميتها سنداً فهل هي تامة دلالة على ما أفاده السيد الخوئي أو لا؟

وسيتضح إن شاء الله أنها لا تدل على ما أفاده السيد الخوئي ـ قدس الله نفسه الزكية ـ وستكون النتيجة إن شاء الله موافقة للقول الأول والرابع.

الدرس القادم إن شاء الله تراجعون جميع روايات المعدن هكذا آدبنا شيخنا الأستاذ الحبيب الشيخ آية الله مسلم الداوري لما درسنا عنده الوسائل.

في البداية يقرأ روايات الباب بالكامل يقول حتى تكون تصور إجمالي ثم يشرع فيها بالتفصيل لأنك إذا تشرع في درس الفقه وتأخذ رواية وروايتين وما تلحظ الباقي ما تستطيع أن تجمع بينهم وأن تكون تصور إجمالي.

الدرس القادم إن شاء الله تعالى أنا آثرت أن ما أكمل المسألة الدرس القادم تراجعون الوسائل تراجعون الروايات وجوب تخميس المعدن وتلحظون هل الموضوع هو المعدن أو إخراج المعدن؟

وأن مفردة الإخراج هل وردت على لسان السائل أو على لسان الإمام المعصوم ـ عليه السلام ـ؟ والمدار على كلام المعصوم ـ عليه السلام ـ .

فإذا وردت على لسان الإمام في رواية واحدة مثل في رواية عمار بن مروان، هل هذه تدل على ما أفاده السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ من أن الحكم انحلالي؟ أو تدل على ما أفاده شيخنا الداوري ـ أيده الله ـ .

تراجعون الروايات تتأملون في موضوع وجوب الخمس وأنه هل وجوب التخميس علق على الإخراج أو علق على نفس المعدن؟ وتتأملون في الروايات وإن شاء الله نكمل هذه المسألة في الدرس القادم لأنها تحتاج إلى تأمل وقوة استظهار ونريد مناقشات ما أريد ألقي وبس تتسمعون الملا والخطيب أريد أيضاً تناقشوا إن شاء الله الدرس القادم تقرؤون روايات الباب ونناقشها ونأتي إلى معالجة رواية عمار بن مروان.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo