< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/06/22

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس الواحد والستون: استئجار الغير لاستخراج المعدن

المسألة العاشرة قال السيد محمد كاظم اليزدي في العروة الوثقى يجوز استئجار الغير لإخراج المعدن فيملكه المستأجر وإن قصد الأجير تملكه لم يملكه.

هذه المسألة لها عدة صور فقد يكون المعدن في الملك الشخصي للمستأجر وقد يكون المعدن في الأرض الموات وعقد الإيجار إما أن يكون شخصياً خارجياً كما لو قال له (أستأجرتك على أن تحوز في هذه الأرض الشخصية الجزئية من هذه المنطقة إلى هذه المنطقة) وتارة يكون العقد كلياً في الذمة كما لو قال له (استأجرتك على أن تذهب إلى البراري والفلوات وتحوز لي ما وجدته من المعدن).

وتوجد حيثية ثالثة وهي أن الأجير إما أن يقصد الحيازة لنفسه وإما أن يقصد الحيازة للمستأجر الذي أجره.

إذاً هذه الحيثيات الثلاث تولد عدة صور:

الحيثية الأولى إما أن تكون الأرض ملك شخصي أم لا.

الحيثية الثانية عقد الإيجار إما أن يكون على شيءٍ شخصي خارجي أو كلي في الذمة.

الحيثية الثالثة الأجير إما أن يحوز ويقصد التملك لنفسه وإما أن يحوز ويقصد التملك للمستأجر الذي أستأجره.

إذاً هذه المسألة لها عدة صور تختلف باختلاف الحيثيات، ومن هنا ذكر شيخنا الأستاذ آية الله الشيخ مسلم الداوري أربع صور في كتابه الخمس في فقه أهل البيت الجزء الأول صفحة ثلاثمئة وثلاثة وستين وثلاثمئة وأربعة وستين، وذكر أربع حالات ويثبت المعدن للمستأجر في الحالات الثلاث الأول دون الحالة الرابعة فإن المعدن يثبت للأجير فيها.

وأما تفصيل الحالات الأربع أو الصور الأربع:

الصورة الأولى إذا كانت الإجارة على الحيازة الشخصية وقصد الأجير تملك المستأجر فإنه لا شكّ ولا ريب يثبت المعدن للمستأجر بل حتى لو قصد الأجير من حيازته التملك لنفسه فإن قصده لا يؤثر فيثبت ما حازه للمستأجر الذي استأجره في ملكه الشخصي.

طبعاً الملك الشخصي هذا واضح خارج عن .. يعني الأرض الشخصية هذا واضح وإنما موطن بحثنا في ماذا؟

موطن بحثنا ما لو استأجره على أن يحوز في الأرض الموات وأما استخراج المعدن من أرضه الشخصية وملكه الشخصي هذا خارج تخصصاً وهذا واضح يكون المعدن تابع لمالك رقبة الأرض.

إذاً نذكر أربع حالات في استئجار لحيازة المعدن في الأرض الموات:

الحالة الأولى إذا كانت الإجارة على الحيازة الشخصية يعني كانت جزئية شخصية خارجية وقصد الأجير التملك للمستأجر ولم يقصد التملك لنفسه فإن المعدن يثبت للمستأجر لا للأجير.

الحالة الثانية إذا كانت الإجارة شخصية وقصد الأجير التملك لنفسه فإن المعدن يثبت للمستأجر لا للأجير لأنه بمثابة الآلة ولا اعتبار بقصده لأنه قد خالف عقد الإيجار فيكون قصده لغواً لا أثر له.

الحالة الثالثة لو كان الاستئجار على الحيازة في الذمة أي كانت على أمرٍ كلي وقصد الأجير تملك المستأجر فحينئذٍ يثبت المعدن للمستأجر وفاءً بعقد الإجارة فيكون المعدن ملكاً للمستأجر لا الأجير لأنه قصد أن يتملك المستأجر فهو تملك نيابة عن مستأجرة.

الصورة الرابعة والأخيرة إذا كانت الإجارة على أمرٍ كلي أي كانت الإجارة في الذمة وقال له (اذهب وحم في البيداء والصحراء فإن حزت شيئاً فأتني به) لكن الأجير لم يقصد الحيازة عن المستأجر بل قصد الحيازة لنفسه عن نفسه فلم يقصد التملك للمستأجر بل قصد التملك لنفسه فحينئذٍ تثبت الملكية لنفسه، نعم تبقى ذمته مشغولة للمستأجر بمقتضى عقد الإيجار.

ولو رجعنا إلى متن العروة الوثقى لوجدنا أن المحقق المدقق السيد محمد كاظم اليزدي قد أطلق في عبارته ولم يفصل وهذا ما جعل البعض يستظهر أن السيد اليزدي ناظرٌ إلى الإجارة الشخصية الجزئية الخارجية لا الإجارة الكلية بما في الذمة ولذا استظهر شيخنا الأستاذ الداوري بحق أن السيد اليزدي ناظر إلى الإجارة الشخصية لا الإجارة الكلية.

قال ـ حفظه الله ـ في كتاب الخمس في فقه أهل البيت الجزء الأول صفحة ثلاثمئة وأربعة وستين:

ثم إنه لا يبعد أن يكون المراد في المتن هو ما كانت الإجارة فيه شخصية فلا يدخل المستخرج في ملك الأجير.

إلا أننا لو رجعنا إلى ما كتبه سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي ـ رحمه الله ـ لو جدنا أن ظاهر كلامه مخالف لصاحب العروة فصاحب العروة يقول:

الأجير لا يملك.

فعلق السيد محمود الهاشمي قائلاً:

بل يملك.

ثم قال:

بل يملك إلا إذا كانت الإجارة شخصية.

ومنه يظهر أنه لا خلاف سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي حينما قال بل يملك كان ناظراً إلى الإجارة الكلية لما في الذمة فحينئذٍ الأجير يملك لا المستأجر فيما لو قصد الأجير أن يتملك بحيازته.

ولو استظهرنا من عبارة العروة الوثقى الحيازة الشخصية والاستئجار على الحيازة الشخصية لثبت ما ذهب إليه صاحب العروة الوثقى أن الذي يملك هو المستأجر لا الأجير.

فلنقرأ نصّ عبارة سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي فإنها لا تخلوا من نكات علمية، قال ـ قدس سره ـ في كتاب الخمس في بحوث في الفقه الجزء الأول صفحة مئة وتسعة وتسعين معلقاً على قول صاحب العروة في المسألة العاشرة:

وإن قصد الأجير تملكه لم يملكه.

قال في حاشيته:

بل ملكه لأن الحيازة والإحياء وإن قصد الأجير تملكه لم يملكه.

قال في حاشيته:

بل ملكه لأن الحيازة والإحياء ونحوهما يوجب التملك للمحاز له والمحيا له وليس تملك العمل بالإجارة مستلزماً لتملك المال المحوز أو المحيا على ما هو المحقق في بحث الإجارة.

عبارة دقيقة يقول المستأجر يملك عمل الأجير ولا يملك مال الأجير والقاعدة تقول (من حاز ملك) (من أحيا أرضاً فهي له) والأجير حينما قصد الحيازة لنفسه أو قصد الإحياء لنفسه لا للمستأجر يكون قد ملك المال قد ملك رقبة الأرض الموات التي أحياها وملكية المستأجر لعمل الأجير لا يستلزم ملكية المستأجر لمال الأجير.

ثم يعقب السيد الشاهرودي، قال:

والمصنف قد توقف في ذلك في باب الإجارة توقف أنه هل ملكية عمل الأجير تستلزم ملكية مال الأجير توقف.

كما أن من يقول بذلك يعني من يقول أن ملكية العمل تستلزم ملكية المال لا بدّ وأن يخصصه بما إذا كانت الإجارة على الحيازة الشخصية الخارجية لا الحيازة الكلية في الذمة.

كلام متين وعميق.

ولعل السيد الخوئي ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ قد استظهر الحيازة الشخصية كما استظهر الشيخ الداوري الحيازة الشخصية لذلك لم يفصل في المستند في شرح العروة الوثقى وكذلك في كتاب الخمس للسيد مجتبى الرودباري لم يفصل السيد الخوئي بل وافق السيد الماتن صاحب العروة ولعله قد استظهر الحيازة الشخصية الجزئية الخارجية لا حيازة الإجارة في الكلي التي تقع في الذمة.

هذا تمام الكلام في المسألة العاشرة.

المسألة الحادية عشر: إخراج العبد للمعدن وحكمها حكم ما تقدم في المسألة العاشرة في الأجير.

المسألة الحادية عشر: قال صاحب العروة إذا كان المخرج عبداً كان ما أخرجه لمولاه وعليه الخمس.

عندنا قاعدة تقول (العبد وما يملك لمولاه) وهناك مسألة فيها خلاف بين الفقهاء هل العبد يملك أو العبد لا يملك؟

فمن قال بأن العبد يملك لا بدّ وأن يلتزم بأن ملكية العبد في طول ملكية المولى وليست ملكية عرضية إذا هذا الخلاف بين الفقهاء في أن العبد يملك أو لا يملك لا يؤثر في مسألتنا فما يحوزه العبد يكون ملكاً لمولاه سواء قصد العبد الملكية لنفسه أو قصد العبد الملكية لمولاه.

مداخلة.. الخلاف يأتي في الصورة الرابعة المفروض.

أحسنت الصورة الرابعة والخامسة.. وهنا خمس صور.. لما قلنا المسألة إحدى عشر مثل مسألة عشرة في خصوص الحيازة الشخصية وحملنا كلام صاحب العروة على الحيازة الشخصية لا الحيازة الكلية وإلا في الحيازة الكلية يصير اختلاف بين المسألة إحدى عشر ما يحوزه العبد يكون لمولاه بينما في العاشرة ما يحوزه الأجير إذا قصد التملك لنفسه يكون له لا يرجع إلى مولاه.

وهنا نذكر صورة خامسة هو أن لا يقصد الأجير التملك لا لنفسه ولا للمولى والمولى أيضاً ما يقصد من هنا تكون الصور خمس وهذا من إبداعات شيخنا الأستاذ الداوري ـ حفظه الله ـ هذه التشقية.

صور خمسة:

الصورة الأولى أن يقصد العبد أن يكون المعدن الذي أخرجه لمولاه.

الصورة الثانية أن يقصد العبد أن يكون المعدن الذي أخرجه لنفسه.

الصورة الثالثة أن يقصد العبد أن يكون المعدن الذي استخرجه للغير لا لنفسه ولا لمولاه.

الصورة الرابعة أن لا يقصد العبد الحيازة والتملك حينما وضع يده على المعدن لكن المولى قصد التملك والحيازة فحينئذٍ يثبت المعدن للمولى في الصورة الرابعة وجميع الصور الثلاث المتقدمة.

إنما الكلام في الصورة الخامسة لأن العبد في الصور الأربع بمنزلة الآلة فهو وما يملك لمولاه سواء قصد لنفسه أم لغيره أم لمولاه أو لم يقصد فلا أثر لقصده لأنه بمثابة الآلة.

يبقى الكلام في الصورة الخامسة والأخيرة أن لا يقصد كل منهما التملك فلم يقصد المولى الحيازة وتملك المعدن كما لم يقصد العبد الحيازة والتملك كما لو أمر المولى عبده أن يحفر بئراً لشرب الماء فبان الذهب والفضة ولم يقصد المولى التملك والحيازة واستخراج الذهب والفضة كما لم يقصد العبد ذلك فهنا يوجد مبنيان ومسلكان:

المسلك الأول اعتبار القصد في تحقق الملكية فلو بنينا على أن قصد الحيازة وقصد الإحياء له مدخلية في تحقق ملكية المعدن فحينئذٍ لا يملك المولى المعدن فضلاً عن العبد لأنهما لم يقصدا حيازة وتملك الذهب والفضة أو المعدن الذي استخرجاه.

المسلك الثاني عدم اعتبار قصد التملك وعدم اعتبار قصد حيازة الشيء بخصوصه فبناءً على عدم اعتبار قصد التملك يكون المعدن المستخرج ملكاً للمولى لأن العبد آلةٌ وأداةٌ للمولى.

إذاً في الصور الخمس بأجمعها يثبت المعدن للمولى.

نعم في الصورة الخامسة لو قلنا يشترط قصد التملك في ثبوت الملكية للمعدن فحينئذٍ لا تثبت ملكية المولى للمعدن لأنه لم يقصد التملك.

هذا تمام الكلام في المسألة الحادية عشر.

المسألة الثانية عشر يأتي عليها الكلام.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo