< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

44/07/01

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الدرس السابع والستون: وجوب تخميس الكنز مطلقاً

حتى لو لم يكن من الذهب والفضة المسكوكين إذا كانت له قيمة يعتد بها.

كان الكلام في الجهة الثالثة وهي أنه هل يختص تخميس الكنز بخصوص النقدين الذهب والفضة أو يعم جميع أصناف المال؟ وإذا عمّ جميع أصناف المال فهل يختص بخصوص الجواهر الثمينة أم لا يختص بالجواهر بل يشمل سائر ما له مالية يعتد بها عند العقلاء بحيث يصدق عليه أنه مالٌ نفيس وإن لم يكن من الجواهر، وإذا قلنا باختصاص تخميس الكنز بخصوص الذهب والفضة هل يختص ذلك بخصوص الذهب والفضة المسكوكين بسكة المعاملة أو يشمل مطلق الذهب والفضة سواء كانا مسكوكين بسكة المعاملة أم لا؟

نسب سيدنا الأستاذ آية الله السيد محمود الهاشمي الشاهرودي ـ رحمه الله ـ في كتاب بحوث في الفقه كتاب الخمس الجزء الأول صفحة مئتين وسبعة عشر القول إلى اشتراط أن يكون الذهب والفضة مسكوكين إلى مشهور القدماء، ونسب إلى مشهور المتأخرين عدم اشتراط أن يكونا مسكوكين، فقد قال ـ قدس سره ـ ما نصّه صفحة مئتين وسبعة عشر:

فإن مشهور القدماء ذهبوا إلى الاختصاص بالنقدين وهما الذهب والفضة المسكوكين ومشهور المتأخرين ذهبوا إلى الثالث كالسيد الماتن والمراد عدم اشتراط أن يكون الذهب والفضة مسكوكين بسكة المعاملة.

نعم ذهب السيد الماتن ـ رحمه الله ـ السيد كاظم اليزدي إلى اشتراط أن يكون الكنز من الجواهر فقد قال ـ قدس الله نفسه الزكية ـ ما نصّه:

والمدار الصدق العرفي سواء كان من الذهب أو من الفضة المسكوكين أو غير المسكوكين أو غيرهما من الجواهر.

وسيتضح من خلال البحث إن شاء الله تعالى أن الأحوط بل الأظهر بل الأقوى وجوب تخميس الكنز إذا كانت له قيمة مالية يعتد بها عند العقلاء حتى لو لم يكن من الجواهر فضلاً عما إذا كان من الذهب والفضة غير المسكوكين بسكة المعاملة.

تفصيل بيان الأقوال ونبدأ بكلمات المتقدمين كالشيخ الطوسي ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ فما يظهر من الشيخ الطوسي في المبسوط والنهاية هو الاختصاص بالنقدين، قال في النهاية صفحة مئة وثمانية وتسعين:

والكنوز إذا كانت دارهم أو دنانير يجب فيها الخمس فيما وجد منها إذا بلغ الحدّ الذي قدمنا ذكره.

وقال الشيخ الطوسي أيضاً في المبسوط، الجزء الأول، صفحة مئتين وستة وثلاثين:

ويجب أيضاً في الكنوز التي توجد في دار الحرب من الذهب والفضة والدراهم والدنانير.

واختار الشيخ جعفر كاشف الغطاء اشتراط أن يكون الذهب والفضة مسكوكين بسكة المعاملة في كتابه كشف الغطاء الجزء الرابع صفحة مئتين وواحد، هذا بالنسبة إلى المتقدمين وأبرزهم الشيخ الطوسي، ومجرد ذكر كلمات الشيخ الطوسي لا يثبت أن هذا هو رأي المشهور عند القدماء.

وأما المتأخرون فأكثرهم على عدم اشتراط السكة، وقال النراقي ـ قدس سره ـ في مستند الشيعة الجزء العاشر صفحة ثمانية وعشرين وننقل نصّه مع تخريج المصادر، قال:

ظاهر إطلاق جماعةٍ وصريح المحكي عن الاقتصاد صفحة مئتين وثلاثة وثمانين والوسيلة مئة وستة وثلاثين والتحرير الجزء الأول صفحة ثلاثة وسبعين والمنتهى الجزء الثاني صفحة خمسمئة وثلاثين والتذكرة الجزء الخامسة صفحة أربعمئة وسبعة عشر والبيان صفحة مئتين وأربعة وأربعين والدروس الجزء الأول صفحة مئتين وستين عدم الفرق في وجوب الخمس بين أنواع الكنز من ذهبٍ وفضة وجوهرٍ وصفر ونحاس وغيرها لعموم الأخبار.

وظاهر الشيخ ـ قدس سره ـ في النهاية صفحة مئة وثمانية وتسعين والمبسوط الجزء الأول صفحة مئتين وستة وثلاثين والجمل كتاب الجمل والعقود ضمن الرسائل العشر ضمن صفحة مئتين وسبعة والحلي ـ قدس سره ـ في السرائر الجزء الأول صفحة أربعمئة وستة وثمانين، وابن سعيد ـ قدس سره ـ في الجامع جامع الشرائع صفحة مئة وثمانية وأربعين الاختصاص بكنوز الذهب والفضة.

ونسبه بعض من تأخر إلى ظاهر الأكثر وهو الأظهر لمفهوم صحيحة البزنطي المتقدمة وحمل مثله فيها على الأعم من العين والقيمة تجوزٌ لا دليل عليه، وبه يخصص عموم الأخبار مع أنه قد يتأمل في إطلاق الكنز على غير الذهب والفضة.

يراجع مستند الشيعة للشيخ أحمد النراقي الجزء العاشر صفحة ثمانية وعشرين.

واتضح أن من يشترط أن يكون الكنز من الذهب والفضة هو الشيخ الطوسي وحفيده ابن إدريس الحلي ويحيى بن سعيد الحلي فهؤلاء الثلاثة ذهبوا إلى اشتراط أن يكون من الذهب والفضة وأما القائلون بالإطلاق فهم كثرٌ وأكثرهم من المتأخرين بل بعضهم من القدماء كـ ابن حمزة في الوسيلة وبعضهم من المتأخرين كـ العلامة الحلي في التحرير والمنتهى والتذكرة، والشهيد الأول في البيان والدروس.

واتضح أيضاً من عبارة المحقق النراقي أن مستند القائلين بالإطلاق هو عموم الأخبار كما أن مستند القائلين بالإختصاص بالفضة والذهب المسكوكين هو التمسك بمفهوم صحيحة البزنطي فلا بدّ من التطرق إلى صحيحة البزنطي لنرى ما هو الصحيح إذ ذهب الفقيه الهمداني آقا رضا والسيد محسن الحكيم ـ رضوان الله عليه ـ في المستمسك والسيد أبو القاسم الخوئي ـ رحمه الله ـ في المستند العروة الوثقى إلى اشتراط سكة المعاملة وأن يكون الذهب والفضة مسكوكين تبعاً لما ذهب إليه المحقق النراقي في المستند وآقا رضا الهمداني في مصباح الفقيه فلا بدّ من بيان الحقّ في المسألة.

أما مستند مشهور المتأخرين فواضحٌ وهو التمسك بعموم الأخبار وأما مستند القائلين بالتخصيص كالمحقق النراقي والهمداني والحكيم والخوئي فهو التمسك بصحيح البزنطي أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا ـ عليه السلام ـ قال سألته عما يجب فيه الخمس من الكنز.

فقال (ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس).

وسائل الشيعة، الجزء التاسع، صفحة أربعمئة وخمسة وتسعين، الباب الخامس من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث الثاني.

فإن الظاهر من السؤال في قوله (عما يجب فيه الخمس) هو السؤال عن الماهية والجنس لا عن المقدار والكمية والمعنى أي شيءٍ يجب فيه الخمس وجواب الإمام ـ عليه السلام ـ في قوله (ما يجب الزكاة في مثله) معناه في شيء يجب فيه الزكاة.

ومن المعلوم أن النقدين المسكوكين الذهب والفضة هما الشيء المماثل في الزكاة فيختص وجوب الكنز في خصوص الذهب والفضة المسكوكين بسكة المعاملة دون غيرهما وبصحيحة البزنطي تقيد الروايات المطلقة الدالة على وجوب تخميس الكنز مطلقاً.

فمقتضى الصناعة العلمية هي حمل العام على الخاص والمطلق على المقيد فيكون الأقوى بنظر هؤلاء الأعلام هو اختصاص وجوب تخميس الكنز في خصوص الذهب والفضة المسكوكين وأما غير المسكوكين بل سائر الجواهر فإنها تخمس من باب مطلق الفائدة لا من باب المورد الخاص في الكنز.

لكن صاحب الرياض ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ أسند إلى الأصحاب أنهم فهموا في الصحيحة المماثلة في المقدار لا النوع فهي نظير صحيحة البزنطي الأخرى الواردة في المعدن، قال: سألت أبا الحسن ـ عليه السلام ـ عما أخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شيءٌ؟

قال ـ عليه السلام (ليس فيه شيء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين ديناراً).

وسائل الشيعة، الجزء التاسع، صفحة أربعمئة وأربعة وتسعين، الباب الرابع من أبواب ما يجب فيه الخمس، الحديث الأول.

فإن الجواب فيهما واحد وهو اعتبار النصاب عشرين ديناراً فمقدار النصاب عشرين ديناراً ورد في صحيحة البزنطي الأخرى الواردة في خصوص المعدن وحيث لم يقدر في صحيحته الأخرى الواردة في الكنز فتحمل على أنه كان ذهباً بمقدار عشرين ديناراً وبالتالي تكون الرواية ناظرة إلى المقدار.

يراجع رياض المسائل، الجزء الخامس، صفحة مئتين وتسعة وأربعين.

وأجاب السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ عما أفاده صاحب الرياض، يراجع المستند في شرح العروة الوثقى كتاب الخمس صفحة ثمانية وسبعين.

وقال بالفرق بين الصحيحتين فإن ظاهر الصحيحة الأولى الواردة في الكنز هو السؤال عن الجنس لا المقدار والكم، وظاهر الصحيحة الثانية للبزنطي التي هي في المعدن هو السؤال عن المقدار لأن البزنطي ـ رحمه الله ـ سأل الإمام الرضا عن القليل والكثير هكذا ورد فيها:

(من قليل أو كثير) فالبزنطي في رواية المعدن كان ناظراً إلى الكم والمقدار ولم يكن ناظراً إلى تحديد الجنس جنس المعدن، وقول الإمام ـ عليه السلام (حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين ديناراً) كان في مقام الجواب عن السؤال عن الكم من قليل أو كثير.

فهاتان الجملتان تجعلان هذه الصحيحة كالصريحة في تعلق السؤال بالكم والمقدار بخلاف صحيحة البزنطي الأولى الواردة في الكنز ليس فيها من قليل أو كثير فهي ناظرة إلى الجنس فالمثلية تحمل على السؤال عن جنس الكنز ولا وجه لقياس أحدهما بالآخر، هذا الجواب الأول للسيد الخوئي.

الجواب الثاني للسيد الخوئي يقول السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ :

لو حملنا الرواية الواردة في المعدن التي فيها من قليل أو كثير هو يستظهر أنها في الكم لا الجنس لو حملناها على إرادة جنس الذهب أو الفضة للزم الحمل على الفرد النادر لأن استخراج معدن الذهب والفضة من معدنهما الأصلي ومن الأرض صعبٌ مستصعب لا يمكن عادة أن يقوم به إلا جماعة كثيرون وفي الأغلب يكون المتصدي لها أعضاء الدول والحكومات.

يراجع المستند في شرح العروة الوثقى، كتاب الخمس، صفحة ثمانية وسبعين.

تحقيق المطلب في مناقشة ما أفادة السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ :

أما فيما أفادة ثانياً من أن حمل صحيحة البزنطي الواردة في المعدن على الجنس يلزم منه حملها على الفرد النادر لأن الغالب في استخراج الذهب والفضة من الأرض إنما يكون عن طريق جماعة أو دول ولا يكون أفراد بخلاف سائر الجواهر كالفيروزج والعقيق فإنه يمكن بعض الأفراد يستخرجوا هذه المعادن من الجبال.

ففيه إن استخراج الذهب والفضة عن طريق الدول والجماعات إنما هو في يومنا هذا وإلا ففي الزمن القديم كان يستخرج الذهب والفضة كأفراد بل حتى في يومنا هذا أذهب إلى السودان وفي الصحراء كثير من الأفراد يعملون على استخراج الذهب والفضة كأفراد لا جماعات.

فلا يلزم من حمل صحيحة البزنطي الواردة في الذهب والفضة على إرادة الجنس لا يلزم من ذلك حملها على الفرد النادر بل يوجد فرد شائع بعض الأفراد يستخرجون الذهب والفضة من الصحراء.

وأجاب شيخنا الأستاذ آية الله الشيخ مسلم الداوري ـ حفظه الله ـ عما أفادة السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ بثلاثة أمور، قال ـ حفظه الله ـ في كتاب الخمس في فقه أهل البيت ـ عليهم السلام ـ الجزء الأول صفحة ثلاثمئة وأربعة وثمانين، قال:

ولكن يمكن أن يعلق على ما أجاب السيد ـ قدس سره ـ بأن قوله ـ عليه السلام ـ بأنه يجب في مثله الزكاة ظاهرٌ في مقدار إرادة الكم وعلى فرض التنزل وتساوي الاحتمالين فيوجب إجمال المخصص المنفصل ولا بدّ من الأخذ بالعمومات.

ويؤيد ما ذكرناه ثلاثة أمور:

أولاً فهم الأصحاب بل إدعي عدم الخلاف بينهم وأدعى ذلك السيد علي الطباطبائي في رياض المسائل، الجزء الخامس، صفحة مئتين وأربعين.

وثانياً بما رواه المفيد ـ رحمه الله ـ في المقنعة، قال: وسئل الرضا عن مقدار الكنز الذي يجب فيه الخمس، فقال: (ما يجب فيه الزكاة من ذلك ففيه الخمس).

وهي واضحة الدلالة في المقدار هكذا نقلها الشيخ المفيد وهكذا فهم.

وثالثاً ما ورد في الآية الشريفة من وجوب الخمس في الغنيمة والكنز على إطلاقه تشمله الغنيمة فيجب الإخراج فوراً من دون حاجة إلى مرور سنة عليه، فالأحوط إن لم يكن أظهر ما ذكره الماتن وهو وجوب تخميس الكنز من الذهب والفضة حتى ولو لم يكونا مسكوكين.

وناقش شيخنا الأستاذ الداوري تلميذه مقرر بحثه المرحوم الشيخ محمد علي صالح المعلم في الحاشية ثلاثة، الجزء الأول من كتاب الخمس في فقه أهل البيت، صفحة ثلاثمئة وأربعة وثمانين، وناقش ما ذهب إليه الشيخ الداوري وانتصر للسيد الخوئي.

الشيخ المعلم ـ رحمه الله ـ يقول:

قوله ـ عليه السلام ـ (في مثله) لا يظهر منه إرادة المثلية في المقدار إن لم يكن العكس أي المثلية في الجنس إذ المتبادر من المثلية هو الجنس والذات لا الكم الذي هو عارضٌ على الذات كما هو واضح، وعليه فلا تصل النوبة إلى تساوي الاحتمالين الذي يلزم منه الإجمال في المخصص المنفصل ويتعين الأخذ بالإطلاقات.

وأما المؤيدات الثلاثة التي ذكرها الشيخ الداوري فهي غير ناهضة فإن فهم الأصحاب ليس بحجة علينا، ورواية المفيد مرسلة بل قد يقال إن رواية المفيد ليس غير رواية صحيحة البزنطي وإنما هي فهم المفيد لصحيحة البزنطي، كما أن المؤيد الثالث وهو التمسك بالآية الكريمة فإنما هي تفيد في وجوب تخميس الغنيمة بالمعنى الأعم بمعنى مطلق الفائدة لا بمعنى خصوص الكنز وكلامنا في تخميس الكنز كعنوان خاص لا من باب مطلق الفائدة فالتمسك بالآية إنما هو تمسك بأمر مشترك في الجميع كما أن وجوب إخراج الخمس فوراً أو مرور السنة والحول لكي يجب الخمس هذان أمران خارجان ثابتان بدليل خاص.

فالظاهر أن ما ذكره السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ هو الأقوى.

هذا كلام الحاشية للشيخ محمد علي المعلم ـ رحمه الله ـ على ما يرى.

والصحيح وجوب تخميس الكنز مطلقاً سواءً كان من الذهب والفضة المسكوكين بسكة المعاملة أم لا وسواء كان من الجواهر أم لا، المدار على الصدق العرفي أن يصدق عليه أنه مالٌ له قيمة وثمن معتد به عند العقلاء.

وإذا رجعنا إلى جميع الروايات الشريفة الواردة في تخميس الكنز فإنها مطلقة ولم تشر أي واحدة منها إلى اشتراط سكة المعاملة، إذاً يقع الكلام في صحيحتي البزنطي ويقع الكلام في الاسم الموصول (ما في مثله) يعني الذي في مثله.

وهنا يوجد احتمالان بل ثلاثة:

الاحتمال الأول ما فهمه المحقق آقا رضا الهمداني وهو المراد مطلق المثلية، أي المثلية من جهة الجنس كالذهب والفضة والمثلية من جهة الكم أي بلوغ النصاب عشرين ديناراً والمثلية من جهة سكة المعاملة.

ومن الواضح أن حمل المثلية على مطلق المثلية يحتاج إلى ضرس قاطع ففي الغالب في التمثيل تلحظ الجهة ومن هنا قيل أن المثل يقرب ويبعد لأنك لم تدرك وجه الشبه ووجه التمثيل.

وقد ناقش سيدنا الأستاذ السيد محمود الهاشمي الشاهرودي المحقق آقا رضا همداني بعدة مناقشات طويلة لا داعي لذكرها هنا يمكن مراجعتها في كتابه بحوث في الفقه كتاب الخمس، الجزء الأول، صفحة مئتين وثمانية عشر إلى مئتين وواحد وعشرين هذا الاحتمال الأول مطلق المثلية.

والسيد الحكيم مال إلى قول المحقق رضا الهمداني مطلق المثلية أو إرادة خصوص التماثل في الجنس، يراجع مستمسك العروة الوثقى الجزء التاسع، صفحة أربعمئة وثمانية وستين.

النحو الثاني ما ذكره السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ من أن ظاهر إضافته إلى ما يكون فيه الزكاة إرادة المقدار والكم المضاف إلى نفس ما فيه الزكاة لا ماليته وهو عشرون مثقالاً من الذهب والفضة.

هنا ذكر السيد الهاشمي ـ رحمه الله ـ مناقشتين دقيقتين:

المناقشة الأولى لو سلمنا أن صحيحة البزنطي تختص بخصوص الذهب والفضة المسكوكين بسكة المعاملة فهذا إنما يثبت عدم وجوب تخميس الكنز من الذهب والفضة إذا لم يكونا مسكوكين ولا يثبت عدم وجوب تخميس الكنز إذا لم يكن من الذهب والفضة إذ أن الرواية ناظرة إلى خصوص الذهب والفضة المسكوكين فتكون النتيجة عدم وجوب تخميس الكنز من الذهب والفضة غير المسكوكين وأما الكنز من غير الذهب والفضة كالأحجار الكريمة والجواهر فالرواية ساكتةٌ عنه.

إذا الرواية في مقام تحديد خصوص الذهب والفضة ولا تنفي الحكم عن غير الذهب والفضة إلا إذا التزمنا بثبوت مفهوم اللقب وهو واضح البطلان.

المناقشة الثانية ظاهر إضافة المثل والمقدار إلى ما فيه الزكاة هو لحاظ مقدار المالية لا مقدار العين أي مقدار مالية عشرين دينار من الذهب التي تساوي مالية مئتين درهم من الفضة.

إذاً المراد من المماثلة في المقدار المماثلة في مقدار المالية لا المماثلة في خصوص سكة المعاملة، خصوصاً إذا لحظنا صحيح زرارة الوارد في الركاز وقلنا بوحدة العنوان بين المعدن وبين الكنز فإنه في المعدن قلنا باشتراط النصاب وهو بلوغ عشرين ديناراً تساوي مئتين درهم فضة ففي الركاز الذي هو معدن لاحظنا المالية والتي هي بلوغ النصاب يعني بلوغ قيمة ومالية عشرين دينار من الذهب تساوي مئتين درهم من الفضة ولم نلحظ سكة المعاملة في المعدن بل لحظنا بلوغ النصاب وعنوان الركاز كما ورد في روايات المعدن أيضاً ورد في روايات تخميس الكنز.

فإذا تمسكنا بروايات الركاز ففي روايات الركاز ذكرت المالية يعني القيمة المالية بلوغ مقدار النصاب ولم تلحظ سكة المعاملة في خصوص الذهب والفضة وبالتالي ما ذهب إليه الماتن وفاقاً لمشهور المتأخرين هو الصحيح.

بل إن الماتن خصها بالجواهر وبناءً على ما ذهبنا إليه من التمسك بالإطلاق والفهم العرفي فإنها لا تختص بالجواهر بل كل ما له قيمة مالية.

وإذا رجعنا إلى تعليقات العروة الوثقى نجد أن أكثر المحشين قد وافقوا صاحب العروة، يراجع حاشية العروة الوثقى تعليقة واحد وأربعين مرجع الجزء اثنا عشر، صفحة أربعة وأربعين، لم يخالف من الواحد والأربعين الذين طبعاً وصلوا وعلقوا على كتاب الخمس لأنه بعضهم لم يعلقوا على كتاب الخمس لم يخالف إلا السيد الحكيم والسيد الخوئي والسيد حسن القمي والسيد فاضل اللنكراني والسيد محمد الروحاني خمسة والأدق تعليقة السيد محمد رضا الگلبايگاني ـ رحمه الله ـ قال:

اختصاصه بالجواهر غير معلوم بل كل مالٍ مدفونٍ معتد به على الأقوى.

وخلاصة المطلب حتى لا يتشوش في الأذهان لبّ الكلام في تنقيح المراد من (ما) الموصولة في صحيحة البزنطي (ما في مثله) يعني الذي في مثله هذا لفظ الذي (ما) الموصولة هل هو ناظر إلى مطلق المثلية أم إلى خصوص المثلية في الجنس أو إلى خصوص المثلية في المالية؟ وإذا خصوص المثلية في المالية هل ناظر إلى خصوص مقدار المالية أم إلى المالية من دون النظر إلى سكة المعاملة؟

فإذا شخصنا المراد بـ (ما) الموصولة يحصل الإفتاء وفقاً لها، إن لم نرجع إلى محصل حصل الإجمال في هذا الدليل المنفصل، إجمال الدليل المنفصل وهو صحيحة البزنطي لا يوجب تقييد مطلقات وجوب تخميس الكنز.

فبعضهم يستظهر مطلق المثلية كالفقيه الهمداني فيلزم بالتخصيص وبعضهم يستظهر خصوص المقدار والكم وبعضهم يستظهر الجنس، فوفقاً لاستظهاره يلتزم بالتخصيص أو لا يلتزم بالتخصيص.

ومن الواضح أننا إذا رجعنا إلى الروايات المطلقة سنجد أنها عامة ومطلقة لا ذكر فيها لخصوص اشتراط سكة المعاملة وحمل صحيحة البزنطي والاسم الموصول على ما يوجب الاختصاص فيه تكلفٌ لذلك أكثرهم لم يقبل هذا الكلام.

يراجع ما ذكره شيخنا الأستاذ الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في كتابه أنوار الفقاهة كتاب الخمس صفحة مئة وستة وأربعين، قال:

وقد ذكر بعض المحققين ما فيه شيء من التكلف.

ولم يقبل كلام السيد الخوئي.

وهكذا الشيخ جعفر السبحاني ـ حفظه الله ـ اليوم طبعاً ـ توفت زوجته واليوم تشيعها ـ في كتابه الخمس في الشريعة الغراء صفحة مئة وستة وأربعين.

وهكذا الشيخ علي المنتظري ـ رحمه الله ـ في كتابه الخمس، صفحة اثنين وثمانين.

وهكذا أيضاً السيد اليثربي في المدارج الفقهية، صفحة ستة وثمانين خلافاً لأستاذه السيد محمد الروحاني ـ رحمه الله ـ .

إذاً الصحيح أنه أن يصدق عرفاً على هذا المال أنه كنزٌ حتى ولو لم يكن مسكوكاً بسكة المعاملة بل حتى إن لم يكن من الذهب أو الفضة أو الجواهر، المهم أن يعد عند العرف مالٌ ثمين، هذا تمام الكلام في الجهة الثالثة.

الجهة الرابعة يأتي عليها الكلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo